أقلام حرة

أقلام حرة

"مراجعنا بأفرادٍ تماهت.. فهل حقا بما نظرت أصابت"

البشرية في عصر الطوفان المعلوماتي، والفوران المعرفي، وما يتراكم في أرشيفها المتنوع الينابيع، يفوق القدرات الفردية، فلا شخص يمكنه الإلمام بكل ما يتصل بميدان إختصاصه من العلوم كافة .

وبخصوص العلوم الدينية فالمتراكم فيها هائل جدا، لتفاعل الأجيال وتواصل عطاءاتها.

ولو دخلنا أي مكتبة مهتمة بالتراث الديني للإسلام لأصابنا الذهول من كثرة الموسوعات، التي بذل أصحابها بتأليفها معظم أعمارهم، فلكي تستوعب علوم الأولين والآخرين، تحتاج إلى ضعف عمرك  مئات المرات، وإلى دماغ قادر على التفاعل النبيه.

فهل يستطيع شخص لوحده أن يكون مرجعا؟!!

علينا أن نواجه الحقيقة المعاصرة بجرأة، ففي زمن قلة المعلومات كان الشخص قادرا على الإلمام بعلوم عصره، ويصبح مرجعا في بضعة سنوات، ولهذا وجدنا مراجعا في أعمار مبكرة.

أما في حسابات القرن الحادي والعشرين فمن التجني على أي علم، أن ندّعي بأن شخصا فردا هو المرجع فيه.

فالمرجع بتعبيرات القرن الحادي والعشرين، جمهرة من العقول المتبحرة في شأن ما إختصت به، ومع هذا فلا تصل للجواب الصائب وإنما تقترب منه.

وفي الإسلام من العدوان على الدين أن نحسب شخصا ما مرجعا، بل لا بد من مجلس علماء وفقهاء يؤلفون بتفاعلاتهم العقلية والفكرية والمعرفية الموّسعة، ما يمكن تسميته مصدرا فيه أرجحية من الموثوقية والإقتراب من جوهر الحالة المتداولة.

وهذا السلوك قائم في معظم الدول، فلكل حالة جمهرة من المستشارين العارفين بتفاصيل ومعطيات ما يتصدون له.

فالدول لا يحكمها أفراد كما نتوهم، وإنما مجالس عقول متنوعة الإختصاصات والإستشارات، تنطلق من مكامنها بجماعية ومنهجية وقدرات تحليلية رصينة ذات أدلة وبيانات واضحة.

فإلى متى نبقى في وهم الفرد المرجع، والفرد الأعرف ونهر العلوم يتدفق من حولنا، ونحن على ربوة بعيدين عن الأمواج وندّعي الدراية والجهل المروّع قائدنا؟!!

***

د. صادق السامرائي

منذ يوم أمس والصحافة البريطانية مشغولة البال بجريمة وزيرة الداخلية "سويلا بريفرمان" التي يقال إنها، تواجه مشكلة بعد أن غرمتها الشرطة مبلغاً من المال لأنها تجاوزت السرعة المسموحة، ولم تنته الفضية عند هذا الحد فقد طلبت الوزيرة ومن باب "الميانة" من مستشاريها تعليمها قواعد السير،

وكان المطلوب منها أن تدخل دورة مع مجموعة من السائقين، هذه الجريمة ستبدو حتما مضحكة في بلاد الرافدين، حيث من حق الوزير أن يدهس المواطنين بسهولة، ويمارس حمايته هواية إطلاق الرصاص لفتح السير.. لم تنته القضية عند اعتذار الوزيرة التي اعترفت بأنها أخطأت، فقد لاحقت "الفضيحة" رئيس الوزراء البريطاني وهو يشارك في قمة السبعة في طوكيو بعد ان حاصرته الصحافة لتسأله عن الإجراء الذي سيتخذه بحق الوزيرة المخالفة. في الوقت نفسه طالبت المعارضة العمالية بفتح تحقيق في القضية قائلة إن الوزيرة خالفت قواعد القانون الوزاري ما قد يؤدى إلى مغادرتها الحكومة.

هل ستعتبرني كاتباً بطراناً وأنا أنقل لجنابك ما يجري في بلدان تحترم القانون وتعامل الوزير باعتباره مواطناً لا يضع "ريشة على رأسه"؟..

ما يعتقده الإعلام البريطاني أنه كارثة وجريمة، لا يستحق عندنا حتى عناء المناقشة بعد ان قام النائب يوسف الكلابي بإشعال أجواء البرلمان لأن دورية من الأجهزة الأمنية قالت لموكبه "الكريم" إن تظليل السيارات ممنوع حسب تعليمات وزارة الداخلية التي يفترض انها تطبق على الجميع ، وظهر النائب الكلابي من على شاشات الفضائيات يصرخ من داخل قبة البرلمان معلنا ان النائب اعلى سلطة في العراق، وصرخ محمد الحلبوسي مطالباً بمعاقبة الدورية التي اعترضت سيارات السيد النائب. فما دمنا نعيش أجواء الديمقراطية العظيمة، ماذا يعني أن يكون النائب مواطناً عادياً، فهذه جريمة لا تغتفر، كيف يمكن أن يعامل النائب يوسف الكلابي مثلما يعامل ملايين المواطنين؟.

لا تسأل عن الخراب وغياب الخدمات والفقر وانتشار البطالة في مدن العراق ، يرفض ساستنا الكرام حديث الخيبة والفشل، فهم مصرّون على أن يملأوا الشاشات بخُطب ومعارك ناريّة من اجل مصالحهم الشخصية .في صبيحة كل يوم مطلوب منك أيها العراقي "المسكين" أن تضحك على حالك، وتردد مع أبي العلاء: ضَحِكنا، وكان الضّحكُ منّا سفاهةً.

تاريخ الضحك مليء بالطرائف والأكاذيب، لكن أغلظها ستظل بالتأكيد تصريحات ساسة ومسؤولين يتصرفون مع أخبار الخراب، وكأنها تجري في كوكب آخر.

وأذكر جيداً عندما هبّت رياح الإصلاح على برلماننا "العتيد"، وما تبعها من خطابات وأهازيج انتهت إلى اتفاقات، توهم خلالها المواطن البسيط بأن الأمور قد حسمت لصالحه، غير أنه ثبت للجميع أن "المتغطي بالبرلمان عريان" كما يقول المثل المصري.

***

علي حسين

من وحي عيادة صديق مريض.

بقدر ما أحزنني خبر خضوع أحد الزملاء الصحفي المقتدر الفاضل الأستاذ "با محمد حفري" لعملية جراحية تكللت بفضل الله بالنجاح، بقدر ما سرني اهتمام ثلة من الأصدقاء الحريصين على أداء الواجبات وإكمال المهمات والوصول بها إلى مراتب الرقي والتطور، الذين هبوا عن بكرة أبيهم للاطمئنان على  الحالة الصحية لصديقهم الطيب والخفيف الروح وزميلهم وابن حيهم الشعبي فاس الجديد الذي تغني معرفته عن ملئ الأرض أصحابًا.، والتخفيف عنه آلام ملازمة الفراش، في عيادة جماعية يتمناها كل مريض من أهله وأحبابه والجيران، عيادة رجعت بي لما عاشه آباؤنا من عادات جميلة متوارثة عن الأجداد العارفين بقيمة زيارة الأهل، وحق تفقّد أحوال الجيرة في المحيط الضيق والواسع، والحرصين على البر وصلة الأرحام، وصدق الإخلاص للصديق، وإغاثة الملهوف، والشوق إلى أنس اللّمة وتجمع العائلة، وما تتركه من طيب الأثر في النفوس، وإصلاح ذات البين وتعديل المزاج، ورفع المناعة وتقوّية الروابط، وتمتين العلاقات، وتصفيتها من الكراهية والبغضاء، وغيرها من السلوكيات الفطرية العفوية الخالية من التكلف والرياء، التي تصدر عن القلوب المحبة، والتي ينتظرها المرضى من الأهل والأصدقاء والجيران، كدليل على الود وعنوان للمحبة التي غابت -مع الأسف- في زحمة عالمنا المنشغل بقضايا لا يتشبه مشاغل عالم الأجداد المشبع بإنسانية التواصل الحقيقي وتبادل الود، ومشاركة الأهل والأصدقاء الأفراح والأتراح، عالم تباعدت فيه الزيارات العائلية والجيرانية، وغاب عنها التعاطف والتواد،وامحت منها لحظات السعد والهناء التي عرفها الإنسان في الأزمان الجميلة، والتي حلت مكانهما الرسائل النصية والصوتية لنقرات الحواسب ورنات الهواتف الباردة، وعوضتها التوترات والميساجات الجافة، وباقي وسائل الاتصال الرقمية التي لم تكن يوماً بديلاً عن تلك الأحاسيس النبيلة التي كان يحسها  السلف عند لقاء من حولهم وجها لوجه، ولا تعوض ما كان يغمرهم من فيض السعادة ودفء الفرح وسكينة الرضاً، وهم يشدّون على يد بعضهم في الأيام العاديات، فما بالك في اللحظات العصيبة التي ينتظر فيها  كل مهموم زيارة ترسم الابتسامة على وجوهه وتطمئنه أنه ليس وحده في محنته، وأن له أهل وأصدقاء وجيران، جاؤوا من حيه المحافظ للاطمئنان عليه وجها لوجه، ولم يكتفوا بالاتصال الهاتفي أو الرسائل الإلكترونية، كما فعلت  مرغما، وكلي أسف وحزن، على عدم الحضور الذاتي الذي حال بيني وبينه، تواجدي بالديار المصرية، التي اكتفي بالدعاء له منها من كل قلبي،وأسأل الله أن يشفي صديقي ويعافيه، وأترجاه ألا يؤذينا في من نحب، ويحفظهم من كل سوء أو وجع.

***

حميد طولست 

حكم البلاد لما يقرب من العقدين، احدث بها إنجازات في مختلف المجالات، ازدهر اقتصاد البلاد، وتحسن الوضع المعيشي للشعب، عضو بحلف الناتو وشارك بكافة الاعمال العدائية ضمن الحلف التي قام بها الحلف ضد كل من العراق وليبيا، عمل جاهدا على الانضمام الى الاتحاد الاوروبي، لكنه كان يُرفض بسبب تاريخ بلاده سيء الصيت في حقوق الانسان وبالأخص ضد الاقلية الكردية، والجارة اليونان.

وحينما لم يفلح في الانضمام الى الاتحاد الاوروبي، حاول التوجه جنوبا الى حيث مستعمراته السابقة، ليس من خلال التعاون المشترك بل من باب الاستفزاز كما الحال مع كل من العراق وسوريا حيث بنى العديد من السدود على نهر الفرات غير مكترث بحصص كل منهما في مياه النهر وفق الاتفاقيات الدولية، وذلك لضعف الدولتين المعنيتين عقب حرب الخليج الثانية وسقوط بغداد في ايدي امريكا، اما عن سوريا فانه ساهم وبشكل فاعل في جلب والسماح للمرتزقة بالعبور الى الاراضي السورية عبر الحدود المشتركة.

قام بتغيير الدستور ومنح صلاحيات اقوى للرئيس ليكون الحاكم المطلق

تبنى نهج ما يسمى بالمعارضة السورية ومحاولة ايصالها الى الحكم لكنه جوبه بالتدخل الروسي والايراني في الشأن السوري، وكنوع من رد الفعل حول سياسات ترامب، الذي شدد من اجراءات دخول البضائع التركية الى امريكا والتي ادت وبشكل ملموس الى انهيار العملة التركية، فاتجه شرقا نحو روسيا لغرض التسليح بسبب رفض الكونغرس تزويده ببعض الاسلحة المتطورة، لم يقف اردوغان عند هذا الحد في التمرد على امريكا بل انه لم يفرض على عقوبات على روسيا بسبب حربها على اكرانيا وان وجد في الحرب الفرصة لتسويق طائراته المسيرة فأمد اكرانيا بها لاختبار قدراتها القتالية وقد اثبتت نجاحها. 

اما عن تدخله في ليبيا فقد اعلن وفي محاولة منه لشق الصف الليبي وزرع الفتن بين ابنائه بان ما يقرب من المليون ليبي من اصول تركية ما يبيح له حرية التدخل واعتبارهم اقلية مضطهدة، وقف الى جانب الاخوان المسيطرين على غرب البلاد والذين يستحوذون على مقدرات البلاد من خلال البنك المركزي بالعاصمة هم بمختلف انواع الاسلحة وبالأخص الطائرات المسيرة التي قلبت موازين القوى في ليبيا واجبرت الجيش الوطني على التراجع وترك غرب البلاد في عهدة الاخوان او ما يعرف بإقليم طرابلس، وحدث تناغم بين اردوغان والادارة الامريكية بشان اضعاف الدور الروسي في ليبيا ومحاولة تحجيمه.

الوضع الاقتصادي الذي اصبح هشا، اجبره على الرضوخ للسعودية والامارات من اجل مساعدته ماليا وكان له ذلك، كذلك تسوية خلافاته مع مصر والمتمثلة في مؤازرته لتنظيم الاخوان الذين يمثلون العدو الرئيس للنظام الحاكم في مصر، فتم اغلاق بعض قنواتهم الفضائية التي تبث من تركيا والتضييق عليهم فغادر بعضهم تركيا .

يبقى اخوان ليبيا الذين يتواجدون وبصفة مستمرة على الاراضي التركية وقد نقلوا كل ما نهبوه من اموال الدولة الليبية واستثمارها في تركيا، علها تساعد السلطان في تخفيف العبأ على الميزانية العامة، إخوان ليبيا من مسؤولين و"رجال" اعمال، اعلنوا وعلى الاشهاد بانهم يساندون اردوغان في معركته الانتخابية بل نجدهم يقومون بالدعاية والاعلان لحملته الانتخابية لأنهم يرون فيه الاب الروحي لهم وحبل النجاة وسبب بقائهم في السلطة، ولولا مساعدته لهم لأصبحوا في الشتات، ومطالبين بإرجاع ما نهبوه من اموال الشعب الليبي، واجزم ان ذلك سيحدث يوما عندما تتحرر الارادة الليبية من التبعية للغير وتقوم الدولة الوطنية.

الانتخابات اظهرت تناقصا ملموسا في شعبية اردوغان، لم يحسم الامر في الجولة الاولى  كالمعتاد، بسبب توحد المعارضة وتردي الاوضاع الاقتصادية، لكنه يبقى الاوفر حظا بالفوز بولاية ثانية، المعارضة التركية متخوفة من التدخل الروسي في الانتخابات على غرار ما اشيع بتدخلها في الانتخابية الامريكية لصالح ترامب، بينما لا تخفي امريكا سعيها التخلص من اردوغان ومساعدتها لخصمه.

الشيء العجيب في تصريحات اردوغان بعدما رفض الرئيس السوري مقابلته الا اذا كان هناك انسحاب للقوات التركية من بلاده او وعدا بذلك، انه لن يسحب قواته من سوريا خوفا من تسلل الإرهابيين اليه من سوريا!.

قبل نهاية الشهر الحالي سنعرف ما اذا تم التجديد لاردوغان ام لا، وعلى ضوء ذلك يكون مصير اخوان ليبيا، فإما الاستمرار في السيطرة على مقدرات البلاد واما السقوط المدوي وبذلك يختفون من المشهد السياسي ويلحقون برفاقهم في مصر وتونس.

***

ميلاد عمر المزوغي

   

الكثيرون يدّعون الدفاع عن اللغة العربية ويطعنونها من الخلف، وكأنهم يتوهمون بأنها ضعيفة ويحسبون ما يقدمونه عمل جليل للحفاظ عليها.

ولا توجد هكذا نشاطات في مجتمعات الدنيا، فلا الياباني يعيش وهم الدفاع عن لغته، ولا أصحاب لغات أخرى، بينما العربي يتمرغ بوهم الدفاع عن لغته، وبعضهم يلقي بمسؤولية ذلك على رب العالمين المتعهد بحفظها.

اللغة تعني الحياة، وتمثل البشر الناطق بها، وتعكس قيمته ودوره في المكان والزمان ، وهي كما يكون أهلها، فإن هانوا هانت لغتهم، وتعز بعزهم، وتتقدم بتقدمهم، فهي هم وهم هي.

الذائدون عن اللغة العربية متجهمون، ويبحثون عن معاذير بهتانية تعينهم على مزيد من الهذربة، فيلقون باللائمة على النحو، ويتناسون أن بعض قيادات الأمة لا تجيد العربية، وأكثرهم يتباهى بأنه يتكلم لغة أجنبية مع غيره من قادة الدنيا، وهو لا يفهم ما يقول ولا يعرف ما يقولون.

قادة الدول يتكلمون لغاتهم وإن عرفوا لغة غيرها، فذلك من متطلبات السيادة والإعتزاز بالوطن والأمة والهوية، ولهذا تجد المترجمين حاضرين في اللقاءات، أما بعض قادة دولنا فلا يخجلون عندما يتكلمون لغة أجنبية لا يدركون منها شيئا.

كم أبهرني الياباني الذي غضب عندما شكوت له عدم وجود مَن يتكلم الإنكليزية في مدينته، وكم أزعجني أن لا أجد مَن يتكلم العربية في دولنا الخليجية، فالخدمات يديرها أجانب وعليك أن تخاطبهم بالإنكليزية، أما العربية فينكرونها ويغضبون عندما تسألهم لماذا لا يتعلمونها.

أيها السادة الكرام، العيب فينا لا بلغة الضاد، ولا توجد لغة معيوبة، بل أن أصحابها بؤرة العيوب والذنوب.

العربية لغة راقية وجميلة، وذات قدرات تفاعلية وطاقات معاصرة، وأهلها يرزخون تحت سنابك الدونية والعدوانية على ذاتهم وموضوعهم، ويميلون للتبعية ويصدِّقون ما يصفهم به الآخرون، الساعون لإفتراسهم والإستحواذ على ثرواتهم.

فهل لكم أن تجيدوا التعامل بلغة الضاد، وتبتعدوا عن كيل التهم وإطلاق التبريرات والتحليلات السقيمة النكراء؟

وكم عز قوم بعز لغاتِ!!

*الهذربة: كثرة الكلام وبسرعة

***

د. صادق السامرائي

بعد ان اختتم مؤتمر القمة العربية في جدة اعماله، والذي عقد في 19 من مايو الحالي، وانتهى في مساء ذات اليوم؛ صدر بيان عن اعمال او عن مناقشات الرؤساء والملوك العرب الذين جمعهم هذا المؤتمر، والذي اعتبر مؤتمر للم الشمل العربي. ان المقصود هنا بلم الشمل العربي هو تحديدا عودة سوريا الى الجامعة العربية، او الى مقعدها في الجامعة العربية، ومشاركة الرئيس السوري، بشار الاسد في المؤتمر. هذا من جانب اما من الجانب الثاني فقد روج لهذا المؤتمر على اساس كونه مؤتمرا؛ يخط بداية جديدة للدول العربية، أو انه البداية لحل مشاكل العرب او ما تعاني منه اغلب الدول العربية، او تحديدا لبنان واليمن وسوريا والعراق وليبيا؛ من قبل النظام الرسمي العربي من دون تدخل من الدول الاخرى، سواء الدول الاقليمية او الدول العظمى والكبرى في المجال الدولي، او الدول الفاعلة في السياسة الاقليمية والدولية. تناول البيان أو استعرض البيان الختامي للمؤتمر العربي الثاني والثلاثين؛ الاوضاع في اليمن وضرورة حلها او ايجاد الحل لها عربيا، بالإضافة الى سوريا وليبيا ولبنان. اما لجهة فلسطين فقد نوه البيان بأهمية حل الدولتين على هدي المبادرة العربية، وشجب او تصدي لجرائم اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني. هذا البيان هو كما غيره من بيانات ختامية صدرت عن جميع مؤتمرات العرب، ولم يحمل اي تغيرا او شيئا جديدا. البيان عندما تحدث عن ايجاد حلول لما تعاني من دول العربية سابقة الاشارة لها في هذه السطور المتواضعة، لم يتحدث عن ماهية الحلول والكيفية التي بها يتم حلها او التصدي لها حلحلة وتفكيكا، ولم يذكر ألية او ادوات واقعية ومنتجة لهذه الحلول، بعبارة اخرى؛ انها اصوات سردية لمعضلات الدول العربية التي لم تزل ترزح تحت ثقل وضغط المشاكل التي تنخر في جسدها او حربا تفتت وتدمر كيانها كما هو حاصل في السودان الآن وفي سوريا واليمن وليبيا. في سوريا لم يزل الوضع على ما هو عليه؛ اي ان هناك احتلال امريكي وتركي للأرض السورية، والبلد مدمر ويخضع للعقوبات الامريكية التي تحتل قواتها الارض السورية وبالذات التي فيها النفط والغاز. لم يحدد البيان الوسائل او الادوات التي بها يساعد الشعب السوري على التخلص من الاحتلال التركي او الامريكي، وماهي الآلية لمواجهة امريكا وتركيا وماهي وسائل الضغط على الدولتين؛ لمساعدة سوريا في تحرير ارضها. وماهي السياسة التي يتبعها العرب او قل الانظمة العربية في مساعدة الشعب السوري، في بناء نظام ديمقراطي حقيقي؛ يلتف حوله الشعب السوري؛ تمهيدا لأعمار سوريا. البيان خلى بالكامل من اي ألية او منهاج عمل في هذا الاتجاه. أم ان النظام السوري سيظل كما هو من دون ادنى تغير؛ ويجري تفكيك المعضلات من خلال المقايضات وهي اذا كان هذا هو المسار، فهو هنا محفوظ في الحقائب السرية. نفس الوضع ينطبق تماما على اليمن وليبيا ولبنان، ولو بطريق ومسار واتجاه مختلف عن سوريا، ولكنه ايضا في ذات الخانة، وحركته في عين الاطار السياسي والاقتصادي. ان اي بيان ولأي قمة او مؤتمر اذا ما كان فارغا من خطة عمل ومنهاج عمل محدد ومعروف ومتفق عليه من قبل الجميع او قل من اغلب المجتمعون؛ يعتبر مؤتمرا الغرض منه هو الترويج والاشهار والاظهار لناحية التوافق والاتفاق من دون ان يكون له وجود على ارض الواقع اي انها للأعلام فقط، حتى وان كانت النية عند البعض للخروج بشيء ما يغير الاوضاع نحو الاحسن او ايجاد طريق للتضامن العربي. الأمر اللافت في هذا المؤتمر؛ هو دعوة الرئيس الاوكراني لحضور جلسات المؤتمر، وهنا يتبادر الى ذهن المتابع؛ ما هو مسوغ او الاسباب التي دعت ولي العهد السعودي في توجيه هذه الدعوة؟ هل هي لمغازلة الولايات المتحدة؟ أو هل هي تسويق للمملكة العربية السعودية، كلاعب اقليمي ودولي؟ بعد ان نجحت وساطتها في تبادل الاسرى بين روسيا واوكرانيا في وقت سابق من هذا العام. المحلل الاقتصادي والسياسي الروسي، الإكسندر نازاروف، في تحليل هذه الدعوة، قال عنها؛ هو انها دعوة رمزية ليس اكثر او اقل لناحية سعي ولي العهد السعودي على ابراز دور المملكة العربية السعودية في المجالات العربية والاقليمية والدولية. الرئيس الاوكراني طرح في خطابه امام مؤتمر العرب؛ خطة اوكرانيا للسلام والتي تتكون من عشرة بنود، طالبا من الملوك والرؤساء العرب التعامل معها كحل وحيد للسلام مع روسيا او لأنهاء الحرب مع روسيا؛ على اعتبار ان السعودية بالإنابة عن العرب، سوف تقوم بدور الوساطة بين اوكرانيا وروسيا، يأتي هذا في الوقت الذي عجز العرب او الانظمة العربية وفي اولها المملكة العربية السعودية من وضع الحلول لمشاكل وحروب العرب، دخل كل دولة على حده، بمعونة ومساعدة الفاعل السعودي او غيره، الحرب في اليمن مثلا. نعود الى بيان المؤتمر، ونسأل؛ كيف يصبح التضامن العربي واقعا يتحرك على الارض بوضوح للشعوب العربية من دون تحديد مسارات تقود او تؤدي الى رص الصفوف وانتاج الحلول؟. ان هذا يعني ان المؤتمر ما هو الا ميدان للتباري  والمنافسة في الخطب، وليس لتخليق واقع عربي جديد ينهي هذا التمزق والضياع في عالم يتحول او يتغير بسرعة رهيبة ومخيفة في الوقت عينه. اكبر مثال على هذا؛ هو ان المؤتمر لم يستغرق سوى ساعات هي ساعات الخطابات والولائم. أما من ناحية القضية الفلسطينية يقول فيها بيان المؤتمر؛ يجب وضع حل للقضية الفلسطينية على اساس المبادرة العربية التي مضى على طرحها اكثر من ثلاث عقود وفي كل مؤتمر قبل هذا المؤتمر؛ يطرح ذات الرؤية الا وهي حل الدولتين على وفق ما جاء في بنود المبادرة العربية، لكن اي من هذا لم يحدث ولم يقم العرب بما يُجبر الدول العظمى والكبرى الفاعلة في السياسة الدولية وبالذات امريكا والغرب وحتى روسيا والصين؛ بالضغط على اسرائيل كي تأخذ هذه المبادرة على محمل الجد اي ان تتعامل معها بجدية او بطريق اكثر وضوحا في التعامل مع الانظمة العربية صاحبة المبادرة باهتمام وجدية، إنما لجهة الواقع ان الانظمة العربية لم تمارس هذا الدور او انه لم يخطر على بالها او اهتمامها ان تمارس الضغط على الفاعلين في السياسة الكونية والداعمين لإسرائيل، واستخدام اوراق الضغط التي هي في حوزتها وما اكثرها ان ارادت فعل او تفعيل هذا الدور باستخدام هذه الاوراق. ان مخرجات هذا المؤتمر لا تختلف عن المؤتمرات التي سبقته، الا من جانب واحد؛ هو تسوية الاوضاع او الخلافات مع دول الجوار الاسلامي، ايران وتركيا؛ علما ان الدولتين لمصالحهما تبذلان جهودهما في هذا المسار، وهذا هو الامر الصحيح والسليم، إنما يجب ان لا يكون على حساب مصالح الشعوب العربية. ان هذا لا يعني باي حال من الاحوال ان المرحلة المقبلة سوف لن تشهد نشاطا باتجاه التفكيك والحلحلة، بل ان العكس هو الصحيح، لكن ليس كما ورد في البيان من دعم للتضامن العربي، وحل الدولتين، وتسوية الاوضاع في اليمن وليبيا بما يحفظ وحدة الاراضي لتلك الدول العربية، او بما يحفظ للشعب السوري حقه في الحرية والديمقراطية. ان الانظمة العربية سواء في الخليج العربي او الدول العربية الأخرى؛ سوف تتعامل مع الاوضاع ومتغيراتها، كل دولة عربية على حده، حسب ما يفرضه عليها الواقع الاقليمي والدولي وحسب علاقتها الاقليمية والدولية وارتباطاتها في هذين الفضاءين؛ بصرف النظر عن مصالح شعوبها التي يفترض بهذه الانظمة انها تمثل مصالح  الشعوب العربية.

***

مزهر جبر الساعدي

قمة جدة سبقها اعداد جيد لانجاحها، المؤكد ان بعض الزعماء العرب استشعروا الخطر الذي يحدق بشعوبهم، التحولات الاقليمية واندحار القطبية الاحادية ربما سرعت في ذلك، محاولة تفهم مصالح الاخرين وخاصة دول الجوار، كانت خطوة بارزة نحو الالتفات للداخل العربي، ولم الشمل، فمعظم دولنا العربية شهدت خلال العشرية الماضية، تدخلا خارجيا سافرا بحجة حقوق الانسان وانهاء الحكم الفردي الديكتاتوري، فسالت دماء، وشردت الملايين، أما الضحايا فقد جاوزوا المليون، ناهيك عن الدمار الشامل بحجة امتلاك شعوبنا لأسلحة الدمار الشامل التي كانت احدى الذرائع للتدخل في شؤوننا.

اعرب المجتمعون عن رغبتهم في انهاء الصراع المسلح في السودان واليمن وليبيا كما تمنوا على اللبنانيين بان ينتخبوا رئيسهم في اقرب وقت ممكن، وجددوا "الارض مقابل السلام".

غالبية الزعماء العرب رحبوا بعودة سوريا الى الجامعة العربية، وطالبوا بعدم التدخل الاجنبي في شانها الداخلي كما دعوا القوى الاجنبية المتواجدة على ارضائها دون طلب من حكومة سوريا بمغادرتها وهذه اشارة الى تركيا وامريكا وكذا مساعدة الدولة السورية على تحرير كامل اراضيها من المرتزقة الذين استجلبوا وللأسف من قبل بعض حكامنا لزعزعة الأمن والاستقرار بسوريا، إنها ولا شك امور ليست بالهينة، ولكنها صرخة في وجوه الدول المعنية، بترك سوريا وشانها، ومن ثم العمل على تامين عودة اللاجئين السوريين بدول الجوار من خلال المساهمة في توفير سبل العيش الكريم لهم وتسوية اوضاعهم. 

نعتقد أن قادة السعودية والقائمون على الاعداد للقمة استضافوا الرئيس اﻷوكراني ، تطمينا للرئيس بايدن لإطفاء غضبه، واكدت للرئيس الاكراني ان حل ازمة بلاده يأتي بالطرق السلمية .ومعلوم ان دول الخليج النفطية عملت ضمن مجموعة الاوبك+ على ضبط اسعار النفط من خلال العرض والطلب الامر الذي اغضب امريكا واعتبرته خروجا عن طوعها، وهو ما لم تألفه من قبل، ربما يريد بايدن ان يجر دولنا الغنية إلى المساهمة في إعادة إعمار أوكرانيا، حيث قام بايدن بجر اوروبا الى تدميرها من خلال مساهمتها بالأموال والسلاح في حربها ضد روسيا واصبحت الخاسر الأكبر وان الرئيس الفعلي لأوروبا هو زيلينسكي الذي يملي شروطه عليها من خلال طلبه لهم بمساعدته، فقادة أمريكا والغرب يدفعون ثمن التدمير و ورؤساؤنا يدفعون ثمن الإعمار .

الرئيس السوري ورغم حجم المآسي التي ارتكبها بعض الحكام العرب بحق شعبه، إلا انه رأى في انفتاح بعض الدول العربية الفاعلة على سوريا، طي صفحة الماضي، وتحدث على ان العروبة انتماء ومصير، أما الاحتضان فانه سلوك عابر، تعبيرا عن وقفات جدية في عشرية القتل والتشريد والتدمير، قد تكون تلك الوقفات لأجل مصالح، فلا شيء يقدم مجانا، فيأتي الاحتضان كنوع من الاعتراف بالجميل.

المؤكد ان امريكا وبعض الدول الغربية ليست راضية على استرجاع سوريا لمقعدها بجامعة الدول العربية وستسعى بكل جهدا الى عرقلة العودة الكاملة، لأنها لا تريد لهذه الامة الخير، فالغرب هم من قاموا بتقسيم العرب الى دويلات وفق اتفاقية سايكس- بيكون، وهنا يقع العبأ الاكبر على زعمائنا الذي استشعروا خطر الانفراد بدولنا، واعتقد ان لهم من الحنكة وحسن التدبير ما يجعلهم يحققون اهدافهم في لم الشمل، وتجنب ردة فعل امريكا ومن معها، للأسف الشديد ان معظم مدخراتنا موجودة بأمريكا، فقد تلجأ الى تجميدها وهذه سياسة من لا يعترف بحق الاخرين في انتهاج سياسة مخالفة (من ليس معي فهو ضدي).

***

ميلاد عمر المزوغي

"لا تقل أصلي وفصلي أبدا

إنما أصل الفتى ما قد حصل"

مجتمعات إبن مَن تدمر البلاد والعباد، فلا تثبت مسيرتك في الدنيا، ولا تحقق وجودك بما فيك من الطاقات والقدرات، بل تشبث بمولدك ومنبتك، فأنت سيد ومن الأشراف وعلية القوم، والجميع ينحني عندك، فأنت عالة على الآخرين الذين عليهم إشباع رغباتك المقهورة.

أنا إبن فلان!!

أنا من نسل كذا وكذا!!

خلفي شجرة نسب عريقة!!

لا تتقدم فأنا أنا وحسبي مَن أنا!!

وعندما تسأله ماذا قدمت لحياتك، وهل أسهمت في بناء بلادك وسعادة أصحابك، سيتسمر بوجهك، ولا يملك سوى أنه كذا وإبن كذا، ونسبه يمتد إلى كذا وكذا!!

عجائب متداولة في واقع منهوك، وآليات تخنيع وتركيع إنطلقت منذ عقود وعقود، وكأن الفبض على مصير الناس بتحويلهم إلى زمر مرهونة بشخص يدّعي ما يدّعيه، وتُضفى عليه التوصيفات الكاذبة التي تسوّقه وتمجده، وتجعل الآخرين من حوله أقزام.

وهو يقبل أيادي أولياء نعمته، ويصلي في محاريب القامعين للشعب، والممرَّغين بوحل الفساد والعدوان على الوطن.

وبهذا تكاثرت مجالس السادة والمشايخ والأشراف، وما بقيت قيمة للدولة والقانون، بل على الناس أن تحتكم لهذا السيد أو ذاك، وكلها أفك وعدوان على حقوق الإنسان.

فليس غريبا أن يكون في كل مدينة عشرات الدواوين والشيوخ، الممولين بالمخصصات والحمايات والرواتب الخيالية، فهم الذين يحمون الحكم القائم، ولا يعنيهم سوى ما يقبضونه من أولياء نعمتهم الأشاوس، وليعاني الشعب ويمضي في مسيرة القهر والحرمان من أبسط الحاجات.

وبموجب ذلك تأسن الفساد وتطور، وتردت الأخلاق، وضاعت قيمة الإنسان!!

***

د. صادق السامرائي

ضمن الهجمة الامبريالية الصهيونية ضد العروبة والاسلام قامت امريكا ومن معها بإعداد الخطط التي من شانها تشتيت الامة العربية ونهب خيراتها بدأت بما اسمته دول محور الشر واضيفت اليها مصر لانهم يدركون انها زعيمة العرب وبقائها على حالها سيفشل مشروعهم، لقد وجدوا في اتباعهم الذين لديهم المال الوفير من ينفذون اجندتهم،وكانت العشرية السوداء المؤلمة والتي ستظل وصمة عار لكل من ساهم ممن يدعون الانتساب الى العروبة عرقا وثقافة.

نجزم ان المتغيرات الدولية هي من جعلت من بعض الحكام العرب يراجعون حساباتهم بعلاقاتهم الدولية والعربية، المؤكد انهم ادركوا حجم الماسي التي تسببوا بها لبني جلدتهم في دول الربيع العربي، فأرادوا التكفير عما ارتكبوه ،تقاطروا الى دمشق رغبة منهم في عودتها الى حضنهم والعمل على اعادة اعمار البلاد، التي ساهموا وللأسف في تدميرها.

هناك بعض الاصوات النشاز التي لم ولن تعترف بما قامت به بحق الشعب السوري، يعربون عن خيبة املهم في عودة سوريا الى الجامعة العربية ونظامها الذي سعوا بكل ما اوتوا من قوة في اسقاطه يجلس على المقعد الذي ظل شاغرا لعقد من الزمن ،فالمعارضة السورية التي وهبت المقعد لم تكن معارضة بل كانت مجموعة من العملاء للدول التي دمرت سوريا، ولم يعد لها أي صدى اعلامي بعد ان كانت تعج بها قضائيات الفتنة. 

وزير الخارجية القطري: (لا نريد الخروج عن الإجماع العربي بعودة سوريا للجامعة العربية والحل الوحيد يكمن بإيجاد حل عادل وشامل للمسألة السورية يُرضي الشعب السوري التوّاق إلى الاستقرار)، وهل الشعب السوري طلب منكم التدخل لتحريره من العبودية؟ ام انكم تنفذون اجندات خارجية؟؟ جميع الدول التي تدخلتم بها تعيش حالة مزرية اكثر مما كانت عليه، اليوم سواء رفضتم ام وافقتكم على عودة سوريا الى الجامعة العربية، فذاك لا يعني شيئا، سوريا من مؤسسي الجامعة العربية وما انتم الا تبع، يوما ما ستجدون من يحاسبكم عن المليارات  وهي مقدرات الشعب القطري التي انفقتموها لتدمير سوريا وقتل شعبها وتهجيره ليعيش فقيرا  ذليلا بعد ان كان امنا مطمئنا في بلاده وكنتم تذهبون اليها للراحة والاستجمام.

تحية الى كل من ادرك انه سار في الدرب الخطأ فالاعتراف بالخطأ فضيلة، وتحية لكل من ساهم في لم شمل العرب والمسلمين عبر الاجتماعات السرية والمعلنة بين دول المنطقة التي كانت متباينة سياسيا، ونخص بالذكر العراق وسلطنة عمان ودولة الصين.

قمة جدة  ستشهد لم شمل العرب، ستكون سوريا حاضرة، التغييرات الاخيرة بالمنطقة ،التقارب السعودي الايراني والسعودي السوري، سيسهم حتما في ايجاد حلول لمشاكل المنطقة المفتعلة من قبل اعداء الامة،ومنها مشكلة لبنان لقد كانت سوريا والسعودية (س& س) تضبطان الايقاع في لبنان وهما اليوم قادرتان على حله وكذا الحال في اليمن. ولا عزاء لمن اراد بالأمة الفتنة والتشتت والقتل والتدمير، كلنا امل ان يعودوا الى رشدهم، وقد ادركوا فداحة ما قاموا به .

سورية متعددة الاعراق والاديان لم ولا يمكن ان تؤذي احدا

***

ميلاد عمر المزوغي

قد تقر الموازنة بعد عدة ايام وقد لا تقر الى نهاية العام حديث الساعة في العراق، لذا يجب الإقرار بان هذا الموضوع من اكثر الامور الخلافية بعد عقدة الطائفية، الا وهو مناقشة الموازنة داخل البرلمان في نهاية كل عام والذي يستمر ومع الاسف الى اشهر عدة مثل حالة العام الحالي، وفي بعض الاحيان لا تقر موازنة اصلا مثلما حدث عام ٢٠١٤.

والأسئلة التي تطرح في هذا الصدد: هل البرلمان هو الجهة صاحبة الاهلية في تغيير بنود الموازنة ام هو عليه مناقشتها فقط بعد ان تأتي جاهزة من ذوي الحاجة والاختصاص؟ وهل هو الذي يحدد ويغير بنودها وتفرعاتها؟ وهل كل نواب اللجنة المالية في البرلمان من ذوي الخبرة في هذا المجال؟ وما علاقة الكتل السياسية ببنود الموازنة؟ ولماذا تتقاسمها الجهات والأطراف مناطقيا اذا كان جميع النواب يمثلون اطياف الشعب؟.

من المتعارف عليه ان الموازنة وإقرارها في العراق بعد عام ٢٠٠٣ من المسائل التي تمس جانبين على درجة كبيرة من الأهمية، هما: 

الاول - تسيير شؤون الحكومة.

الثاني - تسيير قضايا تمس المواطن بشكل مباشر مثل الخدمات والرواتب.

وبالتالي هي تشكل ركنا أساسيا في منظومة الدولة واستقرارها، وليس على البرلمان الا مراجعة المسودة التي يرسلها مجلس الوزراء ومناقشة الثغرات بمساعدة مستشارين من ذوي الاختصاص واقرارها لأهميتها بعيدا عن المصالح الفرعية الضيقة مثل: الحزبية والمناطقية او الاهواء الشخصية.

ان كل ما حدث في السابق هو إقحام الموازنة بالخلافات السياسية والمغامرة بالاستقرار الاقتصادي وسير عمل المؤسسات الحكومية ومستوى الخدمات المقدمة للمواطن بشكل اثر سلبا على مجمل العملية السياسية.

واليوم وبعد ان قدمت الحكومة حلا لهذه المسألة الخلافية الشائكة بموازنة ثلاثية للاعوام القادمة تنهي حالة الجدل الازلي مستقبلا في هذا الموضوع وتمنع الاتفاقات والصفقات بين الكتل التي كانت تسبق قراءة الموازنات السابقة، تعرقلت هذه الخطوة مرة اخرى ونحن نقترب من نصف العام والبلاد بلا موازنة في قضية تعودنا عليها واصبحت جزءا من نشاط كل دورة برلمانية.

وحلا لهذا الأشكال، يجب ان يخرج الساسة من شباك الموازنة ويفتحوا الباب على مصراعيه لذوي الاختصاص لمناقشة موازنة تخدم الجميع لا طرف على حساب اخر، مثلما يجب على الكتل البرلمانية الإقرار بفشلها في انتاج موازنة نافعة قبل نهاية العام، ولولا فقرة ١/ ١٢ من قانون الإدارة المالية والدين العام  التي تسير امور الحكومة حاليا والتي تقر الصرف على اساس شهري مطابق لموازنة سابقة ولحين إقرار الموازنة العامة الاتحادية.. لكان الجميع في خبر كان.

***

جواد العطار

السرقة كلمة عامة غير محددة، نستعملها كما نستخدم العديد من المصطلحات، وهي مبهمة المعنى والدلالة في وعينا الجمعي.

وتوارثنا أن السرقة محددة بالأشياء المادية أيا كان نوعها وقيمتها.

والحقيقة المغيبة أن أفظع السرقات يقوم بها الذين يسرقون أعظم ما عند الإنسان وهو عقله.

وتجدنا في معترك تكاثر سرّاق العقول، وتعطيلها، ليصبح الآلاف والملايين يستعملون عقلا واحدا، ألغى عقولهم وأمات وجودهم ، وصبّهم كالشمع في قوالب السمع والطاعة والتبعية والخنوع والإذلال، ونكران الحياة الدنيا والتغني بالموت، وما سيجلبه من نعيم وسعادة وحياة أبدية رائعة.

الكثيرون يجتهدون بحشو الرؤوس بالأضاليل والأكاذيب، ويبترون الناس عن حاضرهم ويخنقونهم في متاريس الأزمان الخالية، وكأن الأرض لا تدور، والعصور قبور.

يريدون قطع يد السارق، ولا يعرفون ماذا يفعلون مع سرّاق العقول، ومُحّاق المصير، والمغيبين لحقوق البشر وقيمته ومعناه، فالناس في عرفهم أرقام مكبوسة في سوح التماهي القطيعي والتواصي بعدم السؤال، فالعقل موؤد وتفعيله كفر وشذوذ وخروج عن طاعة المهيمن والسلطان، فهما يمثلان إرادة الخالق العظيم أو ينوبان عنه، فإياك أن تتكلم بغير لغتهما، وتنظر إلى غير ما ينظران، وترى خلافهما، فالسمع والطاعة من الإيمان.

إن المجتمعات المسروقة العقول، والمتخمة بالضلال والدجل والخذلان والهوان، عليها أن تخرج من قمقم البهتان وترى بعيون العقل، لتبصر مواضع خطواتها، وتدرك سكة مسيرتها، وتنتقل إلى ضفاف العزة والقدرة على بناء الحياة والإنسان.

ومن الواضح تواصل سرقة عقول الأمة على مدى قرون، فهي تجارة مربحة، وآلية سلوكية توفر الجهد وترتّع الناس وتجعلهم يتبعون ويخضعون، وبالكراسي يتبركون، وعلى هذا المنوال مضت الأجيال وعقولها ليست ملكها، وكأنها تمشي على رؤوسها.

فهل من قدرة على ردع سرّاق العقول؟!!

***

د. صادق السامرائي

كان ظهور المغول في القرون الوسطى مفاجئاً، مروعاً ومدمراً ليصنعوا تاريخا ملطخاً بالدماء والدموع والجماجم والرعب، إذ اجتاحت جحافلهم الصين وأسيا الصغرى وجنوب روسيا وفارس والعراق والشام وشمال الهند، وتمكن هؤلاء القوم الهمج، المتوحشون سريعو الحركة والانقضاض من القضاء على كل الحواضر ومراكز الحضارة في المناطق الي وطأتها سنابك خيولهم ورؤوس سيوفهم فدمروا دور العبادة والعلم وشتتوا العلماء وطلبتهم وأحرقوا الكتب النفيسة والمراجع الملهمة ...

غير أن كل هذه الحوادث المرعبة لم تثر المؤرخين مثلما أثارهم دخول هؤلاء القوم الهمج الإسلام واعتناقه بعدما نكلوا بأهله وعذّبوا أئمته وأحرقوا مدنه الزاهرة العامرة من سمرقند وبخارى الى مرو وبغداد...

  لم يكد يمر اقل من نصف قرن على تدمير بغداد حتى بدأ المغول يدخلون في دين الإسلام بالمئات والألاف، بل قبائل بأكملها اعتنقت الإسلام، وكثير هم الأمراء الذين  كانوا يسلمون فيتبعهم أهليهم ورعاياهم ..

وبحث المؤرخون والمستشرقون عن أسباب ذلك التحول المفاجئ باعتناق المغول للإسلام  في أسيا الوسطى وغرب وجنوب الصين وفي فارس وجنوب روسيا وشمال الهند، وبعد البحث والدراسة اكتشفوا أن ذلك التحول تم بفضل شيوخ من متصوفة المسلمين استطاعوا أن ينفذوا الى قلوب أولئك البرابرة الأجلاف بالقدوة والسلوك الحسن، والمدهش أن التاريخ لا يكاد يعرف عنهم شيئا سوى أنهم رجال بسطاء أفلحوا في إقناع أمراء المغول ورعاياهم وقادتهم العسكريين في اعتناق الإسلام   فاعتنقوه عن قناعة وحب فتحمسوا في نشره ونافحوا عنه وساهموا في نشره وتوطيد أركانه في الصين والهند وجنوب روسيا وشرق أوروبا...

***

بقلم: عبد القادر رالة

ثلاث مراتب قد لا تكون واضحة أو أن فيها التباس على فهم الفارق بينها:

الخلق

فالخلق يعني التخليق وهي مرتبة تتحدث عن الفعل والفاعل والأدوات والموارد ما يعني أنها تقع في حيز الواقع وهي متاحة للجميع إذا امتلك الموارد والأدوات مع الاخذ بالاعتبار الفوارق النسبية في إمكانية استخدام هذه الأدوات والموارد المتاحة، مما يؤدي إلى خلق متباين من حيث الجودة والكمال

بسم الله الرحمن الرحيم

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) صدق الله العلي العظيم.. لاحظ هنا أن الله تعالى يُثَّبت قاعدة عامة مفادها أن الإنسان يمتلك إمكانية الخلق ولكن تلك الإمكانية محدودة بادواتها بمعنى أنه لن يستطيع أن يخلق ذبابة وذلك يعني بالضرورة أنه قادر على مادون ذلك مما هو متاح له من أدوات وموارد وذلك قول الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم

(ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَعِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ). صدق الله العلي العظيم وهذا تأكيد اخر على أن إمكانية الخلق في مرتبة ما بعد الانشاء متاحة تماما ولكنها مُحددة بالقدرة وقد جعل الله تعالى هذه القدرة مادون خلق ذبابة حيث لافرق بين ذبابة أو اكبر منها أو أصغر مما قد أودعه الله روحا، فالمثال هنا لايتعلق بالذبابة كونها معقدة في تصميمها وانما لأن عملية خلق الحياة في جسد متعذرة بسبب أن الإنسان لايمتلك ادوات الفعل المتعلق بالروح حيث أنه لايعرف عنها إلا ماقال الله عنها

بسم الله الرحمن الرحيم

(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) صدق الله العلي العظيم

لذلك وفي الواقع العملي تجد أن الإنسان استطاع وهو مستمر في خلق مستويات مذهلة من صناعة المعدات والأجهزة والمجسمات التي تضاهي في (شكلها) كثير مما خلق الله، طيرٌ يطير بالطاقة الكهربائية ونحلة وبعوضة تٌستخدم في الحروب وهي تطير لساعات لتنفيذ واجبات استخبارية بل وذبابة إذا اقتضى الأمر إذا كان الأمر يتعلق بالشكل والطيران ولكنها في مرتبة مادون مرتبة الوعي وهي بحاجة إلى من يشغلها ويتحكم بها ويدعمها فضلا عن الفارق في الجودة..

الانشاء

أنها مرتبة عالم الإمكان التي تجري فيها الإرادة الإلهية بحسب القوانين التي جعلها الله تعالى مُتاحة. اذن فأن مرتبة الانشاء تمثل ساحة الخلق ففي مرتبة الخلق يتحدث الحق سبحانه عن الكيفية بشروطها المتعلق بالقدرة على الخلق، حيث يحدد آلية التخليق ( الصناعة).. ماء.. طين

مضغة.... علقة.... عظام.... لحم

(ثم انشأناه خلقا آخر) وهذا دال على أن مرحلتي الانشاء والتخليق هما في عالم الإمكان وليس قبل ذلك

بسم الله الرحمن الرحيم

(هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ) اذن فأن الانشاء يتعلق بوصف الهيأة فهو انشأكم من الأرض وليس من العدم فالارض هنا وجود واقعي والـ من هنا لاتقع بين مرحلتين وانما بين شكلين للوجود المادي فالارض هنا تمثل ساحة الانشاء حيث من الماء والطين انشأناه خلقا آخر..

الايجاد

وهي أعلى مراتب القدرة التي تفصل بين الوجود والعدم فالوجود يعني تحقق الظاهر والظاهر ماظهر للعيان وماظهر للعيان هو مااصبح بالإمكان معاينته بعد ما لم يكن ممكنا لأنه لم يكن ظاهرا فأصبح شيئا بعد أن لم يكن من قبل شيئا

بسم الله الرحمن الرحيم

(قَالَ كَذَٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا)

صدق الله العلي العظيم

(بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَإِذَاقَضَى أَمراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ)

والبديع هنا يعني (الموجد)

عن الرضا عليه السلام في خطبة له: (الحمد لله فاطر الأشياء إنشاءً، ومبتدعها ابتداعاً بقدرته وحكمته، لا من شيء)

من هنا نفهم أن سلسلة الخلق ترتكز على إيجاد الهيئة التي تتضمن المواردوالأدوات والقوانين الحاكمة التي تجعل ساحة الانشاء مناسبة للخلق..

***

فاضل الجاروش

هناك تضخيم وتهويل من طرف الاسرائيليين والفلسطينيين لمسيرة الأعلام اليهودية يوم غدا الخميس وهو تهويل مقصود من طرف الصهاينة لتشتيت الإنتباه  وارباك الفلسطينيين، وفي اعتقادنا  ان المسيرة لن تغير كثيرا في الواقع؛ فاسرائيل أعلنت عن ضمها للقدس بداية الثمانينات ثم أعلنتها عاصمة لها بموافقة ودعم الإدارة الأمريكية وتم نقل سفارة أمريكا للقدس كما أن اقتحامات المسجد الأقصى من المستوطنين المتطرفين واعضاء حكومة نتنياهو لم تتوقف، والعالم شاهد الصهاينة وهم يصلون ويرقصون داخل المسجد ويفرضون التقسيم المكاني والزماني للمسجد؛ حدث كل ذلك على مرأى العالم والأمم المتحدة والعالم العربي، بل في ظل ذلك طبعت عديد الدول  العربية مع اسرائيل وكانها تبارك أجراءاتها وسياساتها، بل أيضا هذه الممارسات لم تدفع الاحزاب والطبقة السياسية الفلسطينية لتوحيد جهودها بل زادت انقساما كما لاحظنا في الحربين الأخيرتين على غزة ....

فلماذا هذا التهويل وكأن المسيرة هي العدوان الاول على المقدسات وكأنها المسيرة الأولى؟

نؤيد كل عمل من أهلنا في القدس والضفة وأراضي ٤٨ لمواجهة المسيرة ومحاولة اعاقتها، ولكنها للأسف ستمر كما هو مخطط لها لأنها ليست مسيرة المستوطنين فقط بل مسيرة الحكومة والدولة الصهيونية....

***

ابراهيم ابراش

1 - هم من شربوا الدم العراقي، واستنزفوا الثروات، وهم من تقاسموا العراق وانقسموا من حوله، هم وليس غيرهم من خذلوه وباعوه بالجملة والمفرد، ككل اللصوص وقطاع الطرق، تركوه منهكاً شاحباً مثقلاً بالعاهات، الأجتماعية والثقافية والأخلاقية والمعنوية،، ينزف قيح ادميته الصفراء، تفترس بقاياه، ثعابين المذاهب والقوميات الملوثة بالتاريخ الخياني، أثداء الأرض افرغها التهريب الجهادي، ومن حول العراق المستنزف، كل شيء صامت، خدعة الديمقراطية الأمريكية صامتة، ايران ومذهبها ذو الأكثر من حد، وبكامل شرائعه وعقائده العمياء صامت، إلا من نوبات الأحتيال والتضليل، الملثمة بالمظاهر والألقاب الزائفة، الهويات الفرعية، للمذاهب والقوميات، لم تترك من هوية المشتركات الوطنية، ما يستر حالها، سوى ثوب الحقيقة المرقع باللامعقول.

2 - تصالح الولائيون وتوافقوا، على اكمال شرب الدم العراقي، مافيات من الطبقات المنغلقة العميقة، عشائرية طائفية قومية ومذاهبية، جاءت مباشرة مع الأحتلال الأمريكي، او تسللت كظل للأجتياح الأيراني، كالجراد المتمرد، تدفعهم عواصف الأطماع السوداء، للأحتلال والأجتياح، وحمى الولاءات الخيانية، ليتركوا الوطن والناس، كمحميات لملايين الثكالى والأرامل والأيتام والمعاقين، عزل امام قسوة الجوع والأذلال، وعلى سكينة العراقيين وأمنهم، تبرعمت اشواك القتلة المجهولين، من زاخو حد الخليج العراقي، مليشيات وحشود شعبية وبيشمركة، لا وظيفة لها سوى، سحق ارادة وحقوق الملايين من بنات وأبناء العراق، لمجرد انهم "أرادوا وطن".

3 - الطاعة العمياء لزعيم الحزب او لمرجع، حتى الأضرحة وفي كل زيارة مليونية، تنبعث حية في الجسد العراقي الميت، لتجعل من الولائي، او الملشيات الحشدية، بهائم لا تعي ما يطلبه منها الممول، وتعمل بأشارته، لهذا اصبحت الشوارع والساحات والأزقة، وكذلك المؤسسات الحكومية، مفخخات جاهزة التفجير بوجه المواطن، تجمع داخلها القناص والخطاف والسياف، وكل صنوف القتلة المجهولين، جميعهم ضحايا العدوى، التي انتقلت لهم بالأيحاء، من وكلاء الله على الأرض، او من الهوا انفسهم، نيابة عن الرب، الا ان الوعي العراقي، عرى تلك الأكاذيب التاريخية، وأثبت انهم، من أعلى مرجع فيهم حتى اسفل قناص، ليسوا الا قتلة مجهولين وقطاع طرق.

4 - تلك البهائم المتمردة، على الوطن والأنسان، لا تفهم من حياتها وحياة الأخرين، سوى وظيفتها الجهادية، في القتل والتدمير المشرعن، لتوفر لنفسها ما يشبع ساديتها في ا لأخرة المفترضة، هكذا عقول محشوة بالهراء، الذي تفبركه لهم، مراجع واحزاب الفتنة واللصوصية، لا يستحقون التواجد داخل المجتمع العراقي، وأغلبهم غرباء لا ولاء لهم للأرض، تركتهم صراعات الأطماع التاريخية، الصفوية العثمانية، كـ (علاسين) ومخربين، في قلب الأمة العراقية، ومحاولة تجفيف العراق، من أهله وعراقة مكوناته، الضامن الوحيد لوحدته، وأمن وسلامة وأزدهار مجتمعه.

***

حسن حاتم المذكور

18 / 05 / 2023

ليس واضحا وجود تراكم معرفي في مجتمعاتنا، بمعنى أن يتحقق تفاعل منتج بين العقول المفكرة، وهو دليل على أن الأجيال لا تتواصل، بل مسيراتها مشحونة بالتفاطعات، وكأنها تمضي على سكة " كل أمة تلعن أختها".

وواقع مفكرينا يعكس ذلك ويقدم أدلة دامغة عليه، فلكل منهم مشروعه الذي يرى أن لا سواه مشروع، أي أن التطرف والغلو فاعل في آليات تفكيرنا.

ولهذا تجد عشرات أو مئات المشاريع الخالية من التأثير،  قابعة في ظلمات الرفوف والخزانات، ولا مَن يعيرها إهتماما، لأنها تنظيرات فارغة، لا تمت لواقع الحياة المعاصرة بصلة مهمة.

لكل منهم مشروعه، والنتيجة خاوية الوفاض، فما قيمة التنظير المحلق في فضاءات السراب.

ولا يزال مفكرونا منغمسون بموضوعات لا تنفع، ومصفودون بالنصوص القرآنية، وكأنها السبب الحقيقي لما آلت إليه أوضاع الأمة.

فالشائع مأولون ومفسرون وشارحون، بأدوات لغوية وإعرابية ومفرداتية وغيرها من الأساليب، وكل يدّعي بأنه قد أمسك بالحقيقة المعرفية، وما أضافوا شيئا ولا قدموا خيرا فقط تبديد وقت وإلهاء الناس بما لا ينفع.

الدين بسيط ويريدون تعسيره، وتحويله إلى مستحيل معرفي، وفقا لتصوراتهم وأوهامهم، المسماة تأويلية.

ولكي تكون تحت الأضواء عليك أن تقترب من النصوص القرآنية بآليات غير مسبوقة لتثير ضجة، وتكون مصحوبا بزوبعة إنتقادات وردود أفعال، وجمهرة من الثائرين ضدك، الذين يستنزفون طاقاتهم لتفنيد ما ذهبت إليه ويحسبون ذلك جهادا في سبيل الدين.

وهذه الدوامة التفاعلية تتكرر في مسيرة الأمة، وكأنها مرسومة لأخذ الأجيال إلى متاهات وإنحرافات سلوكية، تبدد قدراتهم وتدثرهم بالأوهام والهذيانات، وتستهلك أعمارهم بما يضرهم، فما قيمة النشاطات المتكررة، التي بموجبها وجدت مئات الموسوعات والتفسيرات والكتب المسمات دينية.

والعلة في ما يُطرح أنه تناسفي أو تماحقي، ولا يوجد مسار تواصل وتفاعل إيجابي بين عقول الأجيال، فلكي تأتي بشيئ عليك أن تقتلع ما هو كائن، ولا يخطر على بالك أن تنطلق منه وتبني عليه، فالقائم إثم وخطيئة وما ستأتي به هو الحق المبين.

وما دامت تفاعلاتنا تقاطعية وبوضوح أكثر عدوانية، فلا خير يُرتجى، ولا أمل يفوز، وتلك محنة أجيال بأجيال!!

***

د. صادق السامرائي

"شيء ضئيل من الواقع الصحي المتردي في العراق"

لنعترف بملء أفواهنا ونقرّ بما في أنفسنا إننا في بلاد النهرين – والان هي بلاد القهرين – قد أصبحنا في الصفوف الخلفية بين الدول التي فتكت بها الأمراض وعمّ فيها الواقع الصحي السيئ للغاية لاسباب كثيرة يطول شرحها منها تأثيرات الحروب الطويلة واستخدام الأسلحة المحرّمة دوليا يعرفها القاصي والداني وزاد الامر سوءاً فقدان التأمين الصحي السليم والخدمات الطبية المتردية الى حد كبير، فالمبتلي بمرض ما - وأنا أحدهم - نراه اليوم يهيم هنا وهناك ليتصيده الطبيب القليل الخبرة وضعيف الدربة والمران ثم يدفعه الى المختبرات لإجراء التحاليل والإشعاعات اللازمة ليقع اخيرا في نقمة الصيدلي ليفرغ اخر مداد المال مما في حيازته ويعود الى بيته خالي الوفاض الا من جيبه الفارغ وينهل من الأدوية التي غالبا ما تكون غير فعّالة بسبب الغش العائم فيها وتصنيعها من المناشئ غير الرصينة وهكذا تستمر دورة المراجعات بين العيادات ودكاكين باعة الأدوية وغرف التحاليل ولا من بارقة امل في الشفاء الا ما ندر جدا بحنوّ الله تعالى لا برعاية الجهات الصحية .

بعدها يضطر العليل المصاب الى حزم حقائبه ليسافر الى بلدان الجوار وغير الجوار مستدينا من اهل الخير والمعارف والأصدقاء لعله يجد بلسما شافيا وأيادي سخية حانية تلئم جراحه النفسية والجسدية .

هنا اريد ان انبّه الى حالة خطيرة وكارثة اخرى ربما تفوق في ويلاتها ما يصيب الانسان من اسقام عضال تدمر ابناء شعبي المغلوب على امره نتيجة شيوع مرض نقص المناعة المكتسبة وما يسمى " الايدز " في بلادي بشكل يكاد يثير الفزع بسبب انتشاره .

وبعيدا عن الفوضى الجنسية التي سببت تفشّي وانتشار هذا المرض القاتل وعمليات نقل الدم العشوائية غير المنضبطة وارتياد بيوت الدعارة غير المؤمنة وعديمة المراقبة صحياً ومراكز المساج المشبوهة التي بدأت تكثر بشكل مخيف خصوصا في العاصمة بغداد، لكن هناك بؤرٌ اخرى قد لا يلتفت اليها غير العارف والمبصر بعواقب الامور ؛ الا وهي صالونات التجميل وخصوصا مزوّقي الوشم وصنّاع ما يسمى بالتاتو ودكاكين وعيادات الحجامة التي أخذت بالشيوع والانتشار الى حد غير معقول وما تستخدمه من أدوات حادة لا يتمّ استبدالها او حتى تعقيمها بين مريدي هذا الصنف ممن يهوى إشاعة الوشم في جسده ويستسيغ نقشات التاتو فيفاجأ – بعد تحليل دمه عندما تقتضي الحاجة – انه مصاب بالايدز دون ان يدري فهذا المرض القاتل الغادر يسري في الجسد بصمت في أول دخوله اليه دون ان يُظهر أوجاعا وأعراضا بائنة الاّ بعد ان يتفاقم ويتّسع ليهدّ الانسان المبتلي به ويودي به الى عالم الأموات حتما .

ايّة كارثة مدمرة وايّ هول مرعب حينما يتعرض شاب عشريني يافع لعارض صحي بسيط فيلجأ الى فحص دمه ليكشف مرضه ويفاجأ على حين غرّة انه مصاب بنقص المناعة وقد بدأ الآيدز يفعل فعله ويجول جولته الاولى لتحطيم ميعة الصبا وتمزيق ريعان الشباب والفتوة وهذا ما شاهدته قبلاً في فيلم فيديو أصابني بالهلع والفزع .

لست ضد ان يمارس الشباب هذه التقليعات والمظاهر التي قد تؤدي الى مسحة من الجمال والتميّز في الشكل لكننا نقف بحزم في مواجهة هذه العيادات ومراكز التقتيل لا التجميل التي تستهتر بحياة الانسان وهي جلّها غير مرخّصة من اجل المال وترخيص الحياة الانسانية والدفع بها الى التهلكة وجعلها بخسة لا قيمة لها .

ما الضير من قيام الجهات الصحية المسؤولة وخصوصا المركز الوطني لمكافحة الآيدز عندنا بمراقبة وفحص هذه الامكنة والصالونات ودكاكين العيادات التي لا تراعي الجانب الصحي وغلقها ومحاسبة القائمين عليها ولو اقتضى الامر التنسيق مع الجهات الامنية، فحياة الانسان أثمن بكثير من ثروة ولدت من هذه العيادات والصالونات الموبوءة وترعرعت على مآسي الغير وعذاباتهم .

لا أخفي انني قد أحرث في ماء أو أنفخ في قِربة مخرومة فلا احد يسمع او يصغي او يقرأ كلماتنا من مسؤولينا وربما يروّج أحد المتنفذين للعلاج والمعاينة لأحد المراكز الصحية خارج بلادنا مثلما روّج قبلاً القنصل العراقي في مدينة مشهد لأحد المشافي في هذه المدينة التي يقيم فيها ويمارس نشاطه السياسي او الدعائي لا أدري، ولله في ساستنا شؤون وشجون لا تريد ان تنتهي الا بالكوارث والبلايا الجمّة .

***

جواد غلوم

ان عزوف الناس عن السياسة، او كرههم لأخبارها ما هي الا ردة فعل للخيبات التي واجهها الجمهور جراء التغيير، فلم تلبي الديمقراطية العراقية طموح الناس، لذلك استمر التناقص في نسب المشاركة في الأنتخابات، حتى وصلت نسبة المقاطعة اكثر من ٥٩% حسب الارقام التي اعلنتها المفوضية العليا للانتخابات النيابية الاخيرة.

المقدمة البسيطة هذه ماهي الا مقارنة بسيطة، مع ما تعيشه اليوم تركيا من ممارسة ديمقراطية، عبر الانتخابات الرئاسية المحمومة والتي شهدت ولأول مرة بتاريخ تركيا اجراء جولة ثانية، لشدة التنافس بين الخصوم، ولضئالة الفارق بينهم، وهذا يدل على المشاركة الواسعة من جمهوري المتنافسين على الرئاسة.

اذ خلقت التجربة الديمقراطية التركية وعي جمعي، وان ما يعيشه المجتمع من تقدم وتطور هو بفضلها، واحدى ثمارها،

تنقل لنا (السيدة ضبية) عبر وسائل التواصل، وهي سيدة عراقية مقيمة في تركيا منذ تسعينيات القرن الماضي، التحول الذي اصاب المدينة التي تسكنها، فهي شاهد عيان على التطور العمراني، والعمل الحكومي على ارض الواقع.

فالسيدة كأغلب النسوة لا شأن لها بالسياسة، الا انها تروي قصة التغيير من خلال مشاهداتها الحية، لعملية البناء للبنى التحتية التي تقوم عليها تركيا اليوم كدولة معاصرة، وما تتمتع به من بيئة نظيفة وصحية وشوارع وطرق جميلة، وسواحل سياحية تستقطب السياح من كل بلدان العالم، فالحال لم يكن كذلك، اذ تقول السيدة ان اغلب المدن التركية التي زارتها انذاك كانت تعاني من انتشار الروائح الكريهة، لافتقارها للانظمة الصرف الصحي، كذلك انتشار الحشرات، وهذا بدوره ادى الى انتقال الامراض بين السكان، كذلك انتشار الجريمة في الشوارع من اللصوص والمحتالين.

تؤكد السيدة ان كل شيء بدأ بالتغير عندما تسنم اردوغان رئاسة بلدية اسطنبول العام ١٩٩٤، اذ عمل الرجل على تحويل المدينة من شكل الى شكل اخر، جعلها نقطة البداية للتحول الكبير الذي تشهده تركيا اليوم، كونها من الدول المتقدمة، واحدى وجهات السياح المفضلة في جميع انحاء العالم، اذ تعد المطارات التركية من اكثر الامطارات نشاطاً سياحياً.

هذا بدوه اكسب اردوغان شعبية واسعة لدى الاتراك وجعل له رصيد من الافعال اسند شعاراته التي ينادي بها، لذلك اصبح رئيسا للوزراء وتبعها رئيساً للجمهورية، مما جعله يتمتع بصلاحيات اكثر للعمل لمصلحة تركيا ومد جسور التعاون بينه وبين دول العالم، وهذا ما شهدته السنوات الاولى لرئاسته، اذ شهدت المفاوضات بانضام تركيا للاتحاد الاوربي تقدما كبيراً في عهده، وهذا بدوره ادى الى انتعاشاً في البنى التحتية بما فيها قطاع الطرق والمطارات وشبكات القطارات فائقة السرعة، مثل ثورة عمرانية ونهضة حقيقة، كان له الاثر الكبير في تقدم تركيا أقليميا ودوليا، جعل منها لاعباً اساسياً في رسم سياسات المنطقة.

حتى لا يفهم القارئ مما تقدم اننا بصدد الترويج لاردوغان او عمل دعاية انتخابية لحزبه خصوصا وهو يخوض غمار الانتخابات الرئاسية غير الميسرة، بسبب التنافس الشديد ، مما يؤكد ان مسيرتة في اعمار اسطنبول، لم يكن كافيا بالنسبة للاتراك، للتصويت له بشكل جماعي، مما يدل ان الناس تتطلع بأستمرار الى المزيد من الانجازات وتطمح الى من يقدم لها الخدمات، وهي ترى في الانتخابات فرصة للانتقاء بين البرامج الانتخابية واختيار من يلبي طموحها وما تصبو اليه.

هكذا يكون توظيف الديمقراطية على ارض الواقع، وكيف يختار الجمهور مرشحهم عبر البرنامج الذي يقول به اولاً، ويعمل به وهذا الاهم ثانياً.

ان العراق يشهد بعض الخطوات الملموسة في الاعمار في الاونة الاخيرة، الا ان العمل الحكومي لابد من يعضد بالعمل التشريعي، خصوصا ونحن مقبلون على انتخابات مجالس المحافظات، وهي الانتخابات الاهم بالنسبة للمواطن كونها ستمثل الادوات التشريعية لاعادة اعمار المحافظات، وتكون فرصة للتنافس للمرشحين عبر برامج يقدمونها تكون اكثر واقعية وفائدة للناس، بعيدا عن الشعارات الفارغة التي اسهمت بنفور الناس من التجربة الديمقراطية، واعراضهم عن الانتخابات.

***

رسل جمال

بالتأكيد لا أحد من قراء العمود الثامن مستعد هذه الأيام لأن يقرأ تنظيراً عن تجارب الشعوب وصحوات الأمم، فلا شيء يعلو على صوت المصالح والامتيازات وتقاسم الكعكة. في اليومين الماضيين كنت مثل معظم العراقيين الذين ارتبطت أحوالهم بدول الجوار، أتابع الانتخابات التركية،

وكنت أمنّي النفس بأن أشاهد أحد المتنافسين من جارتنا تركيا يخرج إلى عشيرته وطائفته يطالبهم بانتخابه ، او يصرخ في الفضائيات بعد ظهور النتائج " ما ننطيها "، ولهذا ضحكت على حالنا حين عرفت أن الكثير من الناخبين الأتراك انتخبوا كمال كليجدار أوغلو رغم أنه لا ينتمي إلى طائفتهم، فالحديث عن الطائفة والمذهب والعشيرة أمر معيب في انتخابات خرج إليها الملايين ليقرروا مصير بلادهم.

في هذه البلاد قدمنا نموذجاً جديداً للديمقراطية يصر فيه المواطن على أن ينتخب "جماعته"، ولا يهم أن هذه الجماعة سرقت مستقبله وقبله سرقت أمواله ووضعته على قائمة الدول الفاشلة.. المهم أن البرلماني من طائفتي.

ثار غضب معظم ساستنا من لافتات رُفعت في تظاهرات تشرين تطالب بإرساء أسس دولة مدنية، وتتهم الأحزاب الحاكمة بأنها تقف وراء خراب العراق ونشر الطائفية وتشجيع المحاصصة، وإرساء مبدأ انتخاب جماعتنا. لا زلت اتذكر تعليق كتبه قارئ عزيز على أحد مقالاتي يقول فيه: "سألت جاري قبل الانتخابات هل بعد كل هذا الخراب والموت ننتخب نفس الوجوه؟ فأجابني بإصرار نعم ننتخبهم، سألته: لماذا قال إنهم من طائفتنا، فأيقنت أننا نستحقهم وهم يستحقوننا". .

على الصفحة الأولى من معظم صحف تركيا ظهر المتنافسان الرئيس رجب طيب أردوغان وزعيم المعارضة كمال كليجدار، الأول قال إنه "سيحترم قرار الشعب لان أهم شيء هو أن لا نقسم تركيا"، والثاني خاطب ناخبيه بأن " قرار الشعب على أعيننا ورؤوسنا".

أتمنى عليك عزيزي القارئ أن لا تذهب بك الظنون بعيداً وتعتقد أنّني أعتقد مقارنة بما يجري في بلاد الرافدين، وكيف أن كتلة سياسية رفضت الخسارة عام 2010 وأصرت على أن تستحوذ على كل شيء، وكيف أننا في عام 2014 انتظرنا الفرج من إيران لكي تشكل الحكومة، وتكرر الأمر عام 2018، وعشنا مهزلة "الثلث المعطل" عام 2022.

تقوم تجارب الحكومات الناجحة على الصدق والمشاعر الإنسانية. فيما يعيش نظامنا السياسي على الانتهازية واحتقار المواطنة .

أُنظروا إلى الانتخابات التركية، وتمعّنوا في تصريح العضو السابق في مفوضية الانتخابات العراقية صفاء الموسوي وهو يقول بكل أريحية في برنامج أحمد الملا طلال: "نحن تفوقنا على المفوضية التركية في الانتخابات"، واسألوا أين نحن بعد عشرين عاماً من الكلام عن الرفاهيّة والسيادة والمستقبل المشرق، وحكومات الشراكة، والمحاصصة اللطيفة، وسيادة القانون؟.

***

علي حسين

لا يخفى على أحد أن الخلاف والاختلاف هما ديدن بني آدم منذ نشأة أول خلق، فنشأ معه التكتل والتجمع والتحزب لينشر كلٌ فكره، ويتضح نهجه المنشود. والأمر حتى اللحظة سليم ويسير بالاتجاه الصحيح ولاغبار على من يتبعه ولكن، أن ينشأ التحزب على فكرة مخالفة الآخر لغرض مخالفته ليس إلا، فهذا ما يعود بالفرد والجماعة والمجتمع القهقرى، وينقلب النهوض الى نكوص، والانتصار الى انكسار، والتقدم الى تأخر وتدهور وتدنٍ.

وبذا يكون من الطبيعي أن تتضاعف الحاجة الى عملية التنظيم، وتبدأ سبل التنظيم الصحيح بالاتفاق والوئام والتلاحم بين الأفراد، لتأتي العملية أكلها وتعم جدواها على المجتمعات بعد ذلك، لذا نظم الإنسان السوي نفسه في مراحل حياته، بتزامن مطرد مع تحضره وتكوينه مجتمعات، كما نراها اليوم على سطح المعمورة.

ومع إنشاء الدولة العراقية الحديثة في بداية عشرينيات القرن الماضي، ظهرت الحاجة الماسة الى إقرار قانون الأحزاب السياسية، وقد نظمت الحياة الحزبية في العراق بموجب قوانين صدرت مع بداية تأسيسها، وكانت أحكامها تتفق مع النظرة السياسية والقانونية السائدة في البلاد لكل مرحلة. فكان تنظيم الأحزاب في الفترة الملكية وفق قانون الجمعيات لسنة 1922، وبعد 14 تموز 1958 ومع استمرار تقديم طلبات تأسيس أحزاب سياسية، صدر قانون الجمعيات رقم 1 لسنة 1960.

ولكن، بعد انقلاب 17تموز سنة 1968، وكأول إجراء اتخذه جلادو تنظيم البعث، تم حظر نشاط الأحزاب السياسية في البلاد، وصار الشيوعي والقومي والإسلامي إما في دهايز السجون، أو معدوما، أو في عداد المحكومين بالاعدام مع وقف التنفيذ، أو يكون قد ذاب في أحواض التيزاب، حيث صدر قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 حاملا في بنوده أحكاما خاصة وقاسية، نص أغلبها على تطبيق حكم الإعدام بحق كل من يمارس نشاطا حزبيا غير حزب البعث. حتى جاء عام 1991 ونتيجة ضغط الرأي العام الدولي، فقد اضطرت سلطة النظام آنذاك إلى إصدار قانون الأحزاب السياسية رقم 30 لسنة 1991 حيث جاء ضمن الأسباب الموجبة لصدور القانون مانصه:

"واستجابة لمتطلبات المرحلة التاريخية الجديدة من حياة العراق العظيم في إتاحة المجال على نطاق أوسع لكل المواطنين الراغبين في خدمة البلاد وتعزيز سيادتها واستقلالها ووحدتها الوطنية…. شرع هذا القانون".

وبعد إسقاط النظام في نيسان 2003 أمطرت سماء الحرية على العراقيين ما لذ لهم وطاب من القوانين، فانفتح مجال العمل السياسي أمامهم، حيث تم إصدار قانون إدارة الدولة العراقية المؤقت الذي صور للمواطن أن حاله سيكون بظله (گمره وربيع). فقد صدر أمر سلطة الائتلاف المؤقتة المرقم 97 لسنة 2004 الذي ظن العراقيون أنه بذرة قانون الأحزاب السياسية، فيما هو في حقيقة الأمر لم يكن إلا لأغراض تنظيم مشاركة الأحزاب والكيانات السياسية في الانتخابات التي جرت سنة 2005 فقط.

وكما يقول مثلنا: “بعيد اللبن عن وجه مرزوگ” فقد كانت التوافقات والوفاق السياسي والتآلف الاجتماعي والمصالحة الوطنية، بعيدة عن القوى الفاعلة في البلد أبعد من كوكب زحل عن ساحة الخلاني، فضل هذا القانون يتيما تتناقله رفوف مجلس نوابنا، فتارة يقرأه أعضاء المجلس قراءة أولى، وتارة يرجئونه الى ثانية فثالثة فعاشرة، لانشغالهم بمشادة كلامية بين زيد وعبيد، وتارة تبعدهم عن قراءته (طلابه) بين أحدهم وأحدهم، فقد استخدم أحدهم مداسا قياس/ 37 وصفع به أحدهم، وعلى هذا المنوال.. وبين أحدهم وأحدهم.. تطول الجلسات وتتعدد المداسات بأحجام وقياسات عدة، ويصاغ قانون الأحزاب لصالح الأحزاب نفسها وخدمة مصالحها، ويضيع المواطن بين هذا وذاك كما ضاع الخيط والعصفور.

***

علي علي

(خطابٌ خاص الى أزلامِ حكوماتِ ما بعد 2003 كافَّة بلا تحية)...

يُشاعُ في العراق ويُذاعُ أنَّ التغييرَ لا محالةَ قادمُ، وبغضِ النظرِ عمَّا ستؤولُ إليهِ الأيامُ من نبأٍ صادم، فلا بدَّ ههُنا من كلماتٍ جزاءً وفاقاً لمَن يظنُّ منكمُ أنَّ أباهُ آدمُ، ويرنُّ قفاهُ بذا نبأٍ آتٍ وحاسم، أو لعلَّهُ فزعٌ وعمَّا مضى نادم، وأنَّهُ تذكَّرَ أنَّ ثُلتَهُ قد جمعَت في ديارِ العراق كلَّ جراحاتِ الزمن، رُغمَ أنَّ الوطنَ كان لهُ الثديَّ والهَديَ المؤتَمن، وكان يمكنُ أن يكونَ له السَّعدَ والمَجدَ المُختزن.

عقدانِ من زمنٍ بالضرِّ قد مرَّا، وكانَ فيهما شعاركم "بِئسَ الوطنُ العراق، وطنُ العنفوانِ والمَنبتُ لكلِّ جذرٍ للمِحن"! فحَكَمتُموهُ بغوغاءَ وبأغلالٍ من جهلٍ، وبضوضاءَ وبإعلالٍ من جوعٍ وحَزَن، وكانَ الملأُ منكُمُ يتَغامزُ: "إزرعُوا في ذا الوطن كلَّ أسىً، فإنَّ الأسى هو عمادُ حُكْمِكُمُ وسِرُّهُ وهو الرَهن". فصنعتُمُ تحتَ جفنيِّ الوطن دَمعاً من آهاتٍ ومن وَاهاتٍ مُحتَقَن.

وهل لدمعٍ في عينيّ الوطنِ من فديةٍ؟ هل للدّمعِ ثمنٌ؟

لقد إرتَضَت ذواتُكمُ أن تكونَ قَيحاً من نتنٍ وفيحاً من عَفَن، ولاريبَ أنَّ عَصفَ الغَيْبِ وقَصفَ العَيبِ وريحَ الشَّيبِ أتَتكُمُ وستَرميكُمُ بسَخطٍ ولَعَن، فقد كنتم ثُلَّةً تَختنقُ من بُرعمٍ في فلاتِنا يَزهرُ أو رَضيعٍ في حياتِنا يُختَتَن. وكانَ الزَّعيمُ منكُمُ مُجرِماً نحنُ لهُ عَرشٌ مُؤجَرٌ مُرتَهن. وَوزيرُهُ مُغرِماً نحنُ له مَغنَمٌ لسُويعاتِ زمن.

وكانَ دأبُكُم أن... تُدَمِّروا جَيشاً وتُشَيِّدوهُ مُجَندَلاً مِدادُهُ سُباتٌ وسرابٌ، وعِتادُهُ فتاتٌ وخراب وَوَهَن.

وتُخَمِّروا أمنَاً وتُجَسِّدُوهُ مُعَندَلاً برهَبٍ ما بين لَدغٍ وكَفَن.

وتُأمِّروا فَقيهاً وتُسَيِّدوه مُحَنجِلاً لا يُجيدُ فُتيا إلا بشَهواتِ البَدن.

وتُذَمِّروا قاضياً وتُفنِدُوه مُقَندِلاً يَقلِبُ الحَقَّ باطلاً والطُّهرَ دَرَن.

وتُنَمِّروا طبيَباً وتُؤيِّدُهُ مُتَصَندِلاً بدينارٍ وبِحَرفٍ أعوَجٍ بلَحَن.

وتُعَمِّروا مُهندسَاً مُهَندِلاً يَغللُ الطوبَ لواذاً بليلٍ حالكٍ أجَن.

وتُخَمِّروا زُرّاعاً، نَجّاراً، حَدّاداً، كلّاً مُتَأفِّف وكلّاً مُستَضعَف وكلّاً يَغفو في قُنٍّ ودَجَن، يُغْذَوْنَ النوم خُبزاً ويُحْسَوْنَ الهواء بصَحَن.

لا أسَىً على الوطن، وعسى أن يكونَ قريباً..

يومَ أن ينخَلَعَ زعيمُ النتن ومَلأٌ لزعيمٍ عفن، لا يَمِيزُونَ حَلْقَ عِزَّتِهِم مِن حَلْقِ عانَتِهم وليس الذَقَن. ويومَ أن يَنقَلِعَ القاطِنَ فيهِ عنِ غداءِ النومِ، وداءِ الهواءِ بصَحن.

نِعمَ الوطنُ العراق، نِعمَ والِدُ الفَضائِلِ، خالِدُ الطَوائِلِ وخَليلُ الشّمسِ وصَهيلُ اللحىً:

وهي الأمور كما شاهدتها دولٌ

من سرَّهُ زمنٌ ساءته أزمانُ

*

وهذه الدار لا تبقي على أحد

ولا يدوم على حال لها شانُ

*

وطفلةٍ مثل حسنِ الشمسِ

إذ طلعت كأنما ياقوتٌ ومرجانُ

*

يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً

والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ

*

لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ

إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ

(أبو البقاء الرندي).

***

علي الجنابي

......................

(معاني كلمات: مُجَندَلاً: مصروعاً. مُهَندَلاً: الهندول: الضخم مثل به سيبويه. مُحَنجِلاً: راقصاً. مُعَندِلاً: من العندل هو البعير صلب الرأس. مُتَصَندِلاً: متعطراً. مُقَندِلاً: كلمة تقال في معرض السخرية لمَن يأتي أمراً منكراً).

من الظواهر التي عرفت انتشارا واسعا في الآونة الأخيرة، والتي ليس لإهمالها من مسوغات ظاهرة ديوع حالات مرض تورم المفاصل وأسفل الظهر والتهاب الرقبة والكتف والركبة، وباقي الأنواع الروماتيزمية - التي لم أرى لها أثرا بالغا في مصر خلال زيارتي بعد رمضان لها - التي يشكل عجز السيطرة على آلامها الحادة، تحديا كبيرًا للأطباء، الذين وحتى إذا ما حدث وتمكنت بعض وصفاتهم المتنوعة من إخمادها، فلا يكون ذلك إلا مؤقتا، ما يجعل معاناة المرضى مضاعفا، كما هو الحال الذي اضطرني للخضوع لمختلف العلاجات الطبية مند ثلاثة أشهر، مدة إصابتي المفاجئة، والتي تجرعت خلالها الكثير العقاقير والأدوية المُسكنة التي لم يَنُبني منها، -رغم تنوعها وارتفاع تكلفتها - غير الآثار الجانبية المزعجة التي أرغمتني، كما الكثيرين مثلي، لاعتماد "العكازة" في المشي، ودفعت بي اللبحث عن وسائل غيرها، تكون قادرة على تخليصي من معاناتي مع آلام المفاصل وأسفل الظهر والرقبة والكتف والركبة، ومعالجة كلَّ متاعبي النفسية التي راكمتها، حتى لو كانت من خارج الخياراتِ العلاجية المعتادة، كالعلاجات التكميلية البديلة التي لا تعترف بها الجهات الصحية الرسمية، والمبنية على الشعوذة والخرافة المرتكزة على المعتقدات الدينية الخاطئة ، والتي شرعت في تسقط أخبارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتقاط وصفاتها وتركيباتها العلاجية معلوماتها من الكتب ومواقع التواصل الاجتماعي الزاخرة بمقاطع الفيديوهات المنوهة بفعاليتها وخبرات ممارسيها، وغير ذلك من المعلومات المغرية بتجريبها، ما يخلق لدي الباحثين مثلي عن الصحة والعافية والشفاء، شغف وفضول تجريب تلك الوصفات العلاجية، التي لم تكن في يوم من الأيام مطلباً أكثر إلحاحية من اليوم، والتي من بينها على وجه الخصوص " الرقية الشرعية والحجامة"، والتي زادت الدعاية من عادة ارتياد المغاربة، لمراكز الرقية والحجامة طلبا للشفاء، بدل ارتيادهم الأطباء للغاية نفسها، ما ساهم في تكاثر عدد الحجامين والرقاة في النسيج المجتمعي المغربي بصفة ملفتة ومنفلتة، وانتشار مراكزهم بشكل سرطاني مخيف بجوار المساجد المتواجدة بالأحياء الشعبية لجل المدن المغربية، ما حول الرقية والحجامة المبنية على الشعوذة والخرافة، ليس إلى مهنة دارّة للدخل وحسب، بل إلى اقتصاد قائم بذاته وسوق مزدهرة، فتح الباب مشرعا أمام أعداد العاطلين للانخراط في نشاطاتها التي لا تخضع لشروط معينة، ولا تتطلب شواهد أو خبرات طبية عالية، ويكفي للراغب في امتهانها إلا أن يلبس جبة قصيرة، ويطلق لحية أفغانية، ويحفظ ما تيسر من كتاب الله وبعض أحاديث نبيه صلى الله عليه وسلم، و"هاك يا معالجة "مس الجن وإبطال السحر والحسد وجميع الأمراض الروماتزمية، في مراكز علاجية اجتماعية كانت إلى المس القريب معشبات، أدخلت عليها بعض الترتيبات والتنظيمات الهيكلية الداخلية، باعتماد مساعدين للرقاة وسكرتيرات وتقنيين إعلاميين مؤهلين في تسويق قدرات الحجام أو الراقي الخارقة، والترويج لأسلوبه في العلاج، واستعراض كل ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي أعطت لهذه الحرفة الطابع الاحترافي الذي انتقل بها من النهج البدائي الذي كان يتم فيه علاج المرضى "المسحورين" أو "الممسوسين" في عقر مساكنهم أو في بيوت سرية، إلى وضعية المراكز/المعشبات التي أصبح وضعها الأكثر تنظيما يحتم على الراغبين في العلاج الانتقال إلى فضاءاتها بيافطات اشهارية كبيرة، بدل انتقال الرقاة إليهم، كما كان متعارفا عليه قبل هذا الانتشار السرطاني المهول، ودون تدخل للجهات المعنية بالصحة العامة الرسمية التي اعتادت على النحيب والولولة والصراخ والعويل واللطم والندب بدل مواجهة الواقع كجزء من مهمة تصحيح الأوضاع ومواجهة ما يمكن أن يتسبب فيها هؤلاء المعالجين الذين لا يملكون لا الخبرة ولا التخصص إلا في باب المتاجرة بمآسي المرضى وهشاشة أحوالهم النفسية والجسدية، من أضرار خطيرة التي يتسبب فيها الكثير من المحتالين الذين لا يكتفي العديد منهم فقط بالنصب والاحتيال على أموال الناس، ويتعدون ذلك إلى القيام بسلوكيات مخلة بالقانون والأخلاق، وعلى رأسه الاستغلال جنسي للمرضى. .

***

حميد طولست

ذات مرة قبل أكثر من عقدين، كان صديقي من بلاد العيون الضيقة، يحدثني عما سيحصل في الزمن القادم، ويردد أن القرن الحادي والعشرين سيأتي بما لم تخطر على بال البشر.

ويضيف مازحا: ربما سيصنع بشرا مثلنا!!

في وقتها لم يكن هناك هاتف نقال، ولا وسائل تواصل، والإنترنيت في بداياتها، وكان يسألني مرارا: هل يا ترى سنحتاج لعقولنا؟

وكنت أصمت متسمرا أمام السؤال، لكنه كان يرى بأن البشر سيصنع عقلا أكثر مهارة من عقله!!

تذكرته اليوم ونحن أمام ثورات الذكاء الإصطناعي، وقدرات ما نخترعه على إختراع ما نعجز عن إختراعه، فالذي إخترعناه سيخترع، والذي أوجدناه سيقوم بالعمل بدلا عنا.

وستكون لدينا جنود مُصنعة، وطائرات مسيرة أذكى من الطائرات ذات طيار، وستصبح الآلة سيدة الموقف في كل شيئ.

اليوم العديد من المصانع آلية بحتة، والأيادي العاملة فيها قليلة، بالقياس إلى ما كانت عليه في القرن العشرين.

ونحن في عصر المسيرات وإرسال مركبات إلى المريخ وتحريكها من الأرض، وبدأنا بالتخاطب الإليكتروني، فالحواسيب تتخاطب وتبحث عن حلول للتحديات وترسم الخطط وتخبرنا عن المآلات.

فالعقل إخترع عقلا إليكترونيا يتفوق عليه، وغاصت الدنيا في إبداعات النانو تكنولوجي.

إتصلت بصديقي وسألته إلى أين ستأخذنا عقولنا؟

قال: سنتوطن المريخ، وسنصنع عقولا نزرعها في رؤوسنا!!

إحترت في أمر وجودنا، وأدركت أن العقل مصدر سعادتنا وشقائنا، وما أنتجه من أدوات فناء وإنتهاء، أشد فتكا من أي مخترَع يساهم في تأمين بقائنا، وها نحن على شفا حفرة من النار.

فهل للعقل أن يهدأ؟

وهل من رحمة وشفقة ومنار؟

أم أنها القارعة التي صنعها البشر لنفسه؟!!

***

د. صادق السامرائي

يحلو للكثيرين، من كتاب الحداثة وبعض الكتاب التغريبيين وبعض مؤرخي مدارس التاريخ التي يقولون إنها حديثة وهمها الوحيد النيل من العرب ودورهم الحضاري ــــ أن ينسبوا الخراب الى العرب وأنهم أعداء الحضارة والمدنية، ٍرغم أن العرب كان لهم دور مهم وعظيم في الترقي العالمي والحضارة والمدنية..

والعجيب أن من يكتب ذلك وكأنه أعمى أو جاهل؛ جاهل لأشياء بسيطة واضحة، وهي أن العرب لا دور لهم لا من بعيد ولا من قريب في اندثار المدنيات الكبرى التي كانت سائدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وإنما ظهور العرب التاريخي كان بعد ذلك بقرون وقرون عديدة...

فالحضارة الفرعونية العظيمة كانت نهايتها على يد الرومان سنة 30 سنة قبل الميلاد..

وكذلك الحضارة النوميدية في شمال إفريقيا دمرتْ على يد الرومان أيضا سنة46 قبل الميلاد..

ومن طرف الرومان أيضا اندثرت الحضارة الفينيقية سنة 65 قبل الميلاد..

والتدمرية أيضا قضى عليها الرومان سنة 273 م..

والحضارة الكنعانية انتهت سنة 1116 قبل الميلاد...

وكذلك انتهت  البابلية سنة 539 قبل الميلاد.... والأشورية سنة 934 قبل الميلاد.. والسومرية سنة 1900 قبل الميلاد..

كل هذه الحضارات انتهت مبكرا وأُبيدت من طرف الرومان أو الفرس الذين فشلوا في السيطرة على حضارة العرب البدوية في الحجاز واليمن حتى جاء الإسلام فخرج العرب فاتحين فحرروا تلك المناطق والأقاليم من الاحتلال الروماني أو الفارسي واستفادوا من تراث تلك المناطق العلمي والاقتصادي والفكري في بناء الحضارة الإسلامية عقيدة والعربية لغة التي وصلت الى أوجها في العصر العباسي في بغداد والأموي في الأندلس...

***

بقلم عبدالقادر رالة

في خطبة "ثورية" طالب رئيس حزب بابليون ريان الكلداني بأن تقام مناظرة بينه وبين رجل الدين الكاردينال لويس ساكو، ولأنني متضامن مع الأشقاء المسيحيين، فقد كتبت في هذا المكان عن ما تعرضوا له من تهجير وخطاب إقصائي تزعمه بعض شيوخ الفتاوى من عينة الشيخ مهدي الصميدعي الذي طالب المسلمين بعدم تهنئة المسيحيين العراقيين في أعيادهم، لأنّ هذا "حرام " .

بعد أيام سنجد بوادر الترجمة العملية لعبارة السيد ريان الكلداني، فقد قرر أن يخرج بتظاهرات تسخر من الكاردينال وتشتمه وتطالب بطرده، وتنصيب السيد ريان ولياً على أمور المسيحيين في العراق،وفي منظر معيب شنت مجموعة من رعايا ريان الكلداني هجوما بالالفاظ النابية والشتائم على مجموعة من الراهبات خرجن للتضامن مع الكاردينال. صحيح أن التظاهر حق مشروع لجميع العراقيين، غير أن الاستئساد على رهبان وراهبات يعد أمراً مخالفاً للقانون وإساءة لرمز ديني. للأسف ما جرى في ساحة التحرير يدل على أن البعض يريد لمنطق "الشقاوات" أن يسود في المجتمع العراقي، وأن يتم فرض الأمر الواقع على المكون المسيحي، وأن السيد ريان الكلداني مصمم على المضي قدماً في إهانة رجال الدين المسيحيين.

لم يثبت حتى الآن أن الكاردينال ساكو شكل تهديداً للأمن الوطني حتى تقرر كتلة بابيلون ومواقعهم الإلكترونية وفضائيتهم شن حملة افتراءات ضده، لكن المؤكد بالصورة والصوت أن الفاسدين الذين يتستر عليهم بعض المسؤولين أهلكوا البلد وشكلوا ويشكلون أخطر تهديد ضد الوطن والمواطنين، ففي ظل انهيار تام ضد فايروس الفساد، وصل الحال بنا إلى أن نصبح في طليعة البلاد الأكثر نهباً للمال العام، إلى الحد الذي يعجز معه المرء عن تقديم بيان حقيقي وواقعي بحجم الأموال التي نهبت من خزينة الدولة خلال السنوات القليلة الماضية.

إن ما يجري من استباحة لسمعة الكاردينال ساكو واسترخاص حياة مجموعة كبيرة من المسيحيين وامتهان حقوقهم، ليس له تعريف سوى أنه محاولة لفرض الأمر الواقع بقوة السلاح والمال، ونشر خطب التضليل والتزييف وقلب الحقائق، لينعم البعض بما حققه من مكاسب مالية واستثمارات، في الوقت الذي لم تتوقف فيه هجرة المسيحيين عن ديارهم.

هل حضرتك عزيزي المتفرج متفاجئ مما يعرض أمامك؟ هل السيد ريان الكلداني وهو يصارع الكاردينال لويس ساكو على كرسي الكنيسة، كان يعرف جيداً أن ما يقوله امر خارج حدود القانون؟.

للأسف هناك من يعتقد أن الظهور الإعلامي، يكفي لكي يحول أي شخص إلى سياسي، وهذا ما وقع به الكثير من الذين تصوروا أن الفشل في الحياة يمكن أن يفتح لهم أبواباً في مجالات أخرى ولتكن السياسة. .انها ليست محنة الكاردينال ساكو .. انها محنة وطن بأكمله .

***

علي حسين

فِي ظِلِّ الأوْضاع الرَّاهنة فِي قِطَاع غَزَّة والْأراضي المحْتلَّة مِن نُشُوب قَصْف جَوِّي إِسْرائيليٍّ، اعقَبة قَصْف صَارُوخي مِن قِبل المقاومة الفلسْطينيَّة ومشاهد حالات الذُّعْر والْفرِّ والْهروب دَاخِل الملاجئ.. حِوَار مَفتُوح؛ مع العالم اَلمصْرِي / الدُّكْتور /. مِدحت خَفاجِي أُسْتاذ بِجامِعة القاهرة.. والْموْجود حاليًّا فِي زِيارة لِلْولايات المتَّحدة الأمْريكيَّة.. طَرحُنا على سِيادَته فِي حِوَار مَفتُوح عَبْر تَطبِيق واتْسَاب..

مَا هُو تَأثِير اِسْتمْرار المقاومة الفلسْطينيَّة لِإسْرائيل.؟!

هل فَشلَت إِسْرائيل فِي تَحقِيق الأمْن لِمواطنيهَا مُنْذ قِيَام الدَّوْلة عام 1948..؟!.

لماذا فَشلَت فِي تَطهِير عِرْقِي شَامِل كمَا حدث مع اَلهُنود اَلحُمر فِي أَمرِيكا..؟!

هل تَحققَت نُبُوءَة ” مُوشِي دَيَّان ” وزير الدِّفَاع الإسْرائيليِّ الأسْبق بِأنَّ (المرْأة الفلسْطينيَّة) سَوْف تَكُون السَّبب فِي هَزِيمَة الجيْش الإسْرائيليِّ..؟؟

بدأ الدُّكْتور مِدحَت خَفاجِي حَدِيثَه عن العامل “الدِّيمغْرافيِّ” فِي زَوَال إِسْرائيل وَقَال؛ – زِيادة الإنْجاب وتأْثيره حَيْث قال – الآن يَفُوق عدد الفلسْطينيِّين فِي أَلَّا رَاضِي الفلسْطينيَّة عن الإسْرائيليِّين مِنْهم / 2 مِلْيون نَسمَة فِي قِطَاع غَزَّة، وَهِي أَعلَى كَثافَة سُكَّانِيَّة فِي العالم وَيُوجَد 2,5 مِلْيون / فِي الضَّفَّة الغرْبيَّة وَيُوجَد حواليْ / 1,5 دَاخِل أَراضِي عام 48 المعْروفين “بِعَرب الدَّاخل أو عرب إِسْرائيل”.. ويقدَّر إِجْماليُّ عَددهِم حواليْ 6 / مِلْيون فِلسْطينيٍّ مُقَابِل / 5 مَلايِين إِسْرائيليٍّ مِنْهم حواليْ / 2,5 مِلْيون إِسْرائيليٍّ خَارِج إِسْرائيل مُعظمهِم فِي أَمرِيكا..!!

هل لديك تفاؤل بالمقاومة..؟!

قَال؛ – قَبْل أن يَمُر / 100 عامٍ على قِيَام دَولَة إِسْرائيل سَوْف يَرحَل مُعظَم الإسْرائيليُّون مِن فِلسْطِين.!!

وتعْتَبر تِلْك اَلمُدة أقلَّ مِن نِصْف اَلمُدة اَلتِي اِحْتلَّ فِيهَا الصَّليبيُّون اَلقُدس.، وَبذَلِك يَنتَهِي اَلوُجود اليهوديُّ فِي أَرْض فِلسْطِين،. وَقَال؛ – نَتِيجَة لِلْممارسات الإسْرائيليَّة مع الفلسْطينيِّين المأْخوذة مِن النِّظَام النَّازيِّ سَتفقِد إِسْرائيل تعاطفهَا مِن الدُّول تِباعًا..

هل بَدأَت دُوَل الشَّرْق اَلْأَوسط تتخلِّين عن الهيْمنة الأمْريكيَّة نَتِيجَة مَوقفِها اَلمُؤيد لِإسْرائيل..؟!

قال؛ – نعم تَخلَّت دُوَل الشَّرْق اَلْأَوسط عن الانْضمام لِلْعقوبات الأمْريكيَّة على رُوسْيَا، وَذلِك نَتِيجَة لِلْكيْل بِمكْياليْنِ وَاحِد فِي أُوكْرانْيَا وَآخَر فِي فِلسْطِين. ونطالب إِسْرائيل بِالْإفْصاح عن المهاجرين مِنهَا. وَذلِك لِأنَّ مُعظَم الشَّبَاب الإسْرائيليِّ يَتَمنَّى الهجْرة لِلْخارج لَو حصل على عَقْد عمل فِي أَمرِيكا لِأَنه غَيْر مُرحَّب بِه فِي أُورُوبا. واسْتمْرار المقاومة ضِدَّ الاحْتلال يَشعُر المواطن الإسْرائيليُّ بِأَنه لَا يُوجَد لَه مُسْتقْبَل فِي تِلْك الأراضي المحْتلَّة. وَأنَا أَتحَدى حُكُومَة إِسْرائيل أن تُجرَى اِسْتطْلاع رَأْي بَيْن الشَّبَاب لِمعْرِفة رَغبتِهم فِي الاسْتمْرار فِي إِسْرائيل أو الهجْرة مِنهَا..؟. ويطْرأ اَلحدِيث عن؛ – الحصَار الإسراييلي عَلِي قِطَاع غُوه وتداعياته على القطَاع وَعرَب الدَّاخل.. رَغْم حِصَار قِطَاع غَزَّة بحْرًا أُوبِرا وجوًّا لِأكْثر مِن عَشرَة أَعوَام، لَكِنهَا مَا زَالَت صَامِدة. وَبذَلِك كَسرَت غَزَّة مَوسُوعة جِينيس لِأطْول حِصارًا فِي التَّاريخ وأكْبر سِجْن فِي تَارِيخ البشريَّة. ولوْلَا صُمُود الفلسْطينيِّين فِي قِطَاع غَزَّة لِهاجْروا مِنهَا مُنْذ زمن، وَلكِن التَّاريخ عِلْمهم أنَّ أَكبَر خطأ وَقعُوا فِيه هُو هِجْرتهم فِي عام النَّكْبة عام 1948 وتحوُّلهم لِلَّاجئين. ففضَّلوا الموْتَ على أَرْض أجْدادهم عن تَركِها لِلصَّهاينة. ولم تُفْلِح الحملات الحرْبيَّة مِن إِسْرائيل عَليهِم كُلِّ عام أو اِثْنيْنِ فِي كَسْر الإرادة الفلسْطينيَّة. وقد زاد عدد الفلسْطينيِّين فِي غَزَّة والضَّفَّة وفلسْطين عام 48 عن اليهود فِيهَا. وَذلِك لِاسْتمْرار الهجْرة مِنهَا. وأكْبر دليلا على عدم رَغبَة يَهُود العالم على الهجْرة إِليْهَا، هُو رَفْض اليهود مِن أُوكْرانْيَا الهجْرة إِليْهَا بَعْد الغزْو الرُّوسيِّ، ماعدَا بَعْض كِبَار السِّنِّ لِيازِيد عن مِائَة شَخْص مِن حواليْ / 8 مَلايِين هاجروا مِن أُوكْرانْيَا. وَبذَلِك يَكُون اَلموْقِف الدِّيمغْرافيُّ لَيْس فِي مَصْلَحة إِسْرائيل فَعدَّد اليهود بِهَا يَتَناقَص بِسرْعة مع رَغبَة شَبابِها فِي الهجْرة مِنهَا. وَلأَن أَمرِيكا تُريد اِسْتمْرار إِسْرائيل كَشرطِي لِمصالحهَا ومنْدوب لَهَا لِحماية اَلخلِيج مِن إِيرَان، أَصدَرت قَانُونا مُنْذ عَشرَة أَعوَام يُجرِّم العمل بِهَا دُون تَصرِيح عمل لِمَنع السُّيَّاح مِن الإسْرائيليِّين، مِن الاسْتمْرار فِي الإقامة بِأمْريكَا. وَمِن الصَّعْب أيْضًا أن يَحصُل الإسْرائيليُّون على تَصرِيح عمل فِي دُوَل أُورُوبا الغرْبيَّة. أَمَّا مِن النَّاحية العسْكريَّة فالْموْقف أَسوَأ، لِأنَّ الجبْهة الغرْبيَّة مِصْر لَم تَعُد تَصلُح لِلْحملات الحرْبيَّة اَلتِي كرَّرْتهَا مُنْذ عام 1948، وَذلِك لِتيقُّنهَا مِن أنَّ الشَّعْب اَلمصْرِي لَن يَسمَح لَهَا بِذَلك خُصوصًا بَعْد اِنتِصار الجيْش اَلمصْرِي عليْهَا فِي أُكتُوبَر ” تِشْرين ” عام 1973، وتكبَّدهَا أَكثَر مِن 3 آلاف قتيل فِي عِدَّة أَيَّام. أَمَّا عن الجبْهة السُّوريَّة فَتُوجَد بِهَا اَلقُوات الإيرانيَّة مع اِتِّصال برى مُباشِرًا لِلْعمْق الإيرانيِّ عَبْر العرَاق الموالي لَهَا. وَعلَى أَسوَأ اَلفُروض إِذَا تَطلَّب الأمْر سَتقُوم اَلقُوات الإيرانيَّة مَدعُومة مِن السُّوريَّة والْعراقيَّة بِالزَّحْف على إِسْرائيل وَعبُور اَلحُدود، كمَا فَعلَت قُوَّات كُورْيَا الشَّماليَّة مَدعُومة بِالْقوَّات الصِّينيَّة على كُورْيَا الجنوبيَّة بِحَيث اِحْتلَّتْهَا ولم يظل إِلَّا مِساحة 20 كم حَوْل العاصمة سُيُول عام 1953. ولمَّ تَوَقفهَا إِلَّا بَعْد التَّهْديد الأمْريكيِّ بِضَرب 3 مُدُن صِينيَّة رَئيسِية بِالْقنابل الذَّرِّيَّة، إِذَا لَم تَنسَحِب لِخطِّ عَرْض 22 فِي خِلَال 3 أَشهُر. وِمايْكال عن الجبْهة السُّوريَّة يَنطَبِق على الجبْهة اللُّبْنانيَّة اَلتِي لَم تَجرُؤ اَلقُوات الإسْرائيليَّة فِي شنِّ حَملَة عَسكرِية أو جَويَّة أو بَريَّة عليْهَا بَعْد هزيمتهَا مِن قُوَّات حِزْب اَللَّه فِي أَطوَل حَرْب خاضتْهَا إِسْرائيل مع الدُّول العربيَّة عام / 2006. وأيْضًا لِامْتلاك حِزْب اَللَّه أَكثَر مِن / 100 أَلْف صَارُوخ تُغطِّي كُلَّ إِسْرائيل حَتَّى إِيلَات. وأيْضًا مع اِسْتعْداد عَناصِر حِزْب اَللَّه لِلزَّحْف وَعبُور اَلحُدود وتحمُّل خَسائِر بَشَريَّة هَائِلة مِن اَلعُبور البرِّيِّ دُون حِماية جَويَّة. وَذلِك إِذَا حاولتْ إِسْرائيل عمل تَطهِير عِرْقِي لِلْفلسْطينيِّين فِي الضَّفَّة وقطاع غَزَّة وَقتِل الملايين مِنْهم كمَا حدث فِي رُوَاندَا. أَمَّا عن القنابل الذَّرِّيَّة فَيُوجَد عِنْد إِسْرائيل حواليْ 380 رأْسًا نوويًّا، فَيُوجَد مَا يمْنعهَا مِن اِسْتعْمالهَا، وَذلِك لِأنَّ إِيرَان تَمتَلِك عِدَّة قَنابِل ذَريَّة اِشْترتْهَا مِن الرُّوس مِن السُّوق السَّوْداء عِنْد اِنهِيار الاتِّحاد السُّوفْيتيِّ. ولَا تَتَحمَّل إِسْرائيل إِلَّا قُنْبُلة وَاحِدة تَسقُط على اَلجلِيل الأعْلى. وَيُوجَد أيْضًا عِنْد السُّعوديَّة عِدَّة قَنابِل ذَريَّة اِشْترتْهَا مِن باكسْتان وتحْتَفظ بِهَا فِي أَراضِي اَلأخِير...

وَذلِك لِأنَّ الإسْرائيليِّين لِيتورَّعوا عن المطالبة بِالْمدينة المنوَّرة لَهُم وَلأَن الوقْتَ لَيْس فِي مَصْلَحة إِسْرائيل فَيجِب أن يُدْرِك قَادَة إِسْرائيل أنَّ اِسْتمْرار الصِّرَاع لَيْس فِي مَصْلَحة اليهود بِهَا، وَيجِب أن تُوَافِق على دَولَة مُتَعددَة الأعْراق والدِّيانات ويتساوى الفلسْطينيُّون والْيهود فِيهَا فِي اَلحُقوق والْواجبات. وَمِن الملاحظ تَآكُل وضعْف إِسْرائيل مُنْذ هزيمتهَا مِن قُوَّات حِزْب اَللَّه فِي عامٍ / 2006. وَيجِب أن تَتَوقَّف إِسْرائيل عن مُمَارسَة سِياسة الفصْل العنْصريِّ، ضِد الفلسْطينيِّين حَتَّى يقْبلوا بِوجود اليهود مَعهُم فِي نَفْس الأرْض بدلا مِن اِزدِياد الكراهية لَهُم بِحَيث يُضْطرُّون إِلى الهجْرة الجماعيَّة مِنهَا، كمَا حدث مع الصَّليبيِّين فِي القرْن الثَّاني والثَّالث عشر بَعْد اِحتِلال لِلْقدْس لِمدَّة أَكثَر مِن قرْنيْنِ. وَمِن بَقِي مِنْهم اِسْتوْطن جِبَال طَرطُوس وصيديانَا وبلُّودان فِي سُورْيَا حَتَّى الآن. ولأنَّه لََا يُوجَد مَناطِق جَبَليَّة فِي أَرْض فِلسْطِين تحْميهم بَعْد اِنهِيار دَولتِهم فَيجِب أن يُعاملوا الفلسْطينيِّين بِالْمودَّة بدلا مِن العدَاء الحاليِّ.. وَمِن المعْروف عن الدُّكْتور مِدحَت خَفاجِي مِن التَّيَّار اللِّيبْراليِّ اَلمصْرِي ومرشَّح سَابِق لِلرِّئاسة فِي اِنْتخابات مِصْر عام 2012 وَمِن أَشهَر أطبَّاء الشَّرْق اَلْأَوسط فِي جِراحة الأوْرام.. ! !

***

مُحمَّد سَعْد عَبْد اَللطِيف

كَاتِب وَباحِث مِصْرِي مُتَخصص فِي الجيوسياسيَّة

بين الفينة والاخرى وعلى مدى 12 عاما، يخرج علينا الامير " محمد الحسن الرضا السنوسي" الذي لم يعد (صغيرا)، على وسائل الاعلام المختلفة عارضا نفسه بان يكون ملكا على ليبيا .

يبدو ان حديث المستشار عبد الجليل ذات يوم بشان العودة الى الملكية والتمنى على الامير بالقبول بان يكون ملكا على ليبيا، قد دغدغ مشاعر الامير الصغير، وجه خطابا الى من اسماه الشعب الليبي الكريم، تحدث فيه عن حقبة الملكية واعتقد انه لم يعاصرها، بل ربما نقلها اليه بعض من جلاّسه، تحدث عن الملكية ومآثرها، يخيّل الى السامع الذي لم يعاصر تلك الفترة انها كانت جنة الرب على الارض.

الامير تناسى ان الانسان الوطني وان لم تكن بالبلد موارد طبيعية فانه لن يقدم على جلب مستعمرين من خلال قواعد عسكرية والحجة هي الحصول على بعض الاموال اللازمة لتقديم بعض الخدمات الضرورية للشعب بل عليه السعي لدى العالم سواء بالحصول على معونات ومنح او قروض بشروط ميسرة على غرار ما فعل الرئيس بورقيبة الذي يشهد له التاريخ بأنه من اجل تونس قام بطرق عديد الابواب (تسوّل) ليحفظ لتونس كرامتها وعزتها، بينما جلب تلك القوات وإقامة القواعد هو عرفان بالجميل لمن نصبوه ملكا على برقة بل ليبيا بمجملها، كما انه لم يقدم على ترحيل الايطاليين الذين استولوا على الاراضي الزراعية ويشغّلون الوطنيين على غرار ما حدث في دول جنوب افريقيا حيث استولى البيض على الاراضي الزراعية بينما يعمل ابناء اتلك البلدان كعبيد.

صبّ جام غضبه على انقلابيي سبتمبر، قد نجد له العذر لان الانقلابيين، ازاحوا الملك عن العرش دون اراقة دماء، وقطعوا الطريق على ولي العهد الميمون وخلفه الصالحين لتولي عرش ليبيا، كما انهم قاموا بطرد القواعد الاجنبية وبالأخص الانجليز الذين لهم كل الفضل في تنصيب الامير (الجد) على البلاد وما تبقى من مستعمرين ايطاليين.

في طرابلس العاصمة والى زمن قريب، كانت اماكن العهر وتعاطي الخمور شاهدة على العصر الملكي الذي يدعي اعتزازه بتطبيق تعاليم الاسلام في البلاد.

لسوء حظ الامير ان الانقلابيين تمكنوا من البقاء في السلطة على مدى اربعة عقود، كما ان المحاولات الانقلابية الفاشلة زادت من غضب من اعتقدوا انهم الاحق بحكم ليبيا، ربما وجد هؤلاء العزاء في ثورة فبراير التي انتقمت لهم وأثلجت صدورهم، لكن عدم استتباب الامور عقب التغيير ووجود اصوات نشاز ترى في العودة الى الملكية خلاصا للبلاد، جعل من الامير الصغير يبادر بالإعلان عن رغبته في ان يكون ملكا على ليبيا ان رغب الشعب في ذلك.

نقول للامير ومن يطبل له ويزمر، تأخر صياغة الدستور لأي سبب كان، لا يعني بالضرورة العودة الى دستور 51 او المعدل 63 . تطور الفكر البشري يفرز نظما وقوانين تتناسب وطبيعة المرحلة، تنظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وان عصر الملك الذي يملك الارض (باطنها ثروات طبيعية) وما عليها من بشر وحجر، او انه ظل الله في الارض قد ولّى الى غير رجعة، ونذكره بقول قس بن ساعدة الايادي قبل 14 قرنا، "انّ من مات فات، ..و،،،، الخ".

من حق الامير الصغير ان يحلم كما الاخرين، بان يكون وزيرا او نائبا او رئيس دولة، او قائد ميليشيا او فقيها على مختلف المذاهب لتيسير الامور الدنيوية (!)، او شيخ قبيلة او احد الاعيان، او رجل اعمال يجلب مختلف السلع ويقدم الخدمات لأجل رفاهية المواطن (دولة الرفاهية)، كل شيء جائز في هذا العصر، لكن الذي لاشك فيه ان اللييين او لنقل غالبيتهم، لن يرضوا بان يضعوا شخصا على كرسي العرش اشبه بدمية يتم تحريكها وفق الطلب والشواهد على ذلك كثير، فكافة ملوك وسلاطين وأصحاب الجلالة من عرب ومسلمين هم للغرب تبّع.

نذكّر فان الذكرى تنفع المؤمنين، ولئلا يكون هناك حرج، بأن العودة الى دولة صاحب الجلالة جد مستحيلة، وهناك اناس في كل مكان وزمان لهم القدرة على الاخذ بزمام المبادرة والرسو على شاطئ الامان.

***

ميلاد عمر المزوغي

أصابتني الدهشة والحيرة عندما تابعت الانتخابات التركية في ظل مجتمع متحضر يعيش حياة مفعمة بالتعدد والاختلاف الذي يثري حياة أفراده ومجتمعه ودولته، عرس ديمقراطي، منتهى المصداقية والوضوح، حرية في الدعاية والترشح والتصويت والانتخاب، سرعة في فرز الأصوات وتوظيف التكنولوجيا العصرية دون إخفاء أو مواربة أو تزييف للإرادة الشعبية والمجتمعية ولا عداء لأحد أو إسالة للدماء، دعم حكومي للأحزاب السياسية من قبل الدولة بما يقارب نصف مليار دولار أمريكي سنوياً تعود نسبة كل حزب حسب حجمة وقوته ومقدار تصويت الشعب له حتى يستمر العمل والمنافسة وتسود الحريات بالعطاء والتدفق بغض النظر عن رؤى وأهداف المنافسين ما داموا يخدموا دولتهم ومواطنيهم ويوفروا لهم الحياة وديمومة الرعاية والاهتمام والمواطنة.

حاولت أن أعود بذاكرتي لما يحدث عندنا في بلادنا العربية شعرت بالحزن والأسى من جراء سيطرة وتحكم وإلغاء للآخر وتهميشه وشيطنته وملاحقته ونفيه وسجنه وتدميره. عرفت أن العودة إلى الأعراس التي نراها في الغرب عموماً وما يحدث في تركيا على وجه الخصوص بعيدة المنال ويحتاج منا إلى وعي وبناء الذات والمؤسسات والدولة والإرادة السياسية التي ترقى للوصول إلى هذه المحافل التي تعتبر المسؤول والقائد خادم لشعبه وأمته وأن صعوده للحياة السياسية لا يتأتى إلا من خلال صندوق الاقتراع وإجراء انتخابات صادقة وشفافة ، فمجتمعاتنا تحتاج إلى مرحلة إعادة بناء وتأهيل لكي تصبح قادرة على التغيير ومواكبة تحضر الآخر ونشر ثقافة الحياة الإيجابية واحترام حقوق الإنسان وآدميته وقيمته وخياراته والسعي نحو مصلحته وتحقيق ما ينفعه ويضمن له سبل العيش الكريم التي يمتعه بالانتماء والولاء والنجاح والسعادة والرفاهية ويوفر له بنية تحتية ومرافق حياتية تضمن حقوق المواطنة ورعاية أبنائه والتكافل الحكومي والاهتمام بالبشر التي تشعرهم  بأنهم في عالم يستحق المرء فيه أن يحياه ويشعر بكيانه وصحة جسمية ونفسية ويسخر طاقاته ويظهر إبداعاته في العمل ويوظف كل ما يملكه في سبيل العمران والتشييد والتطور والارتقاء.

***

د. أكرم عثمان

مستشار ومدرب دولي في التنمية البشرية

15/5/2023

دعاني صديقي لحضور حفل عائلي بمناسبة تخرج إبنته البكر "طيبة" من كلية طب الأسنان، فاعتذرت له هاتفياً لكثرة مشاغلي، وأكتفيت بعبارات التبريك له ولها.

ثم سألته مُمازحاً:

- هل ستفي ابنتكَ بوعدها بتقديم معالجة مجانية للفقراء عند تخرجها، أم أن وعدها كان مجرد حماس شباب؟

أجابني مبتهجاً:

- بالتأكيد ستفي بوعدها، وها نحن نستعد لذلك بتأثيث عيادة مجانية للفقراء وذوي الدخل المحدود.

بعد مرور يومين فوجئت برسالة قصيرة من صديقي عبر الموبايل تقول: "رحلت (طيبة) إلى جوار ربها وسيقام مجلس الفاتحة على روحها في مسجد الرسول الأعظم (ص)".

أذهلتني المفاجأة المُفزعة بقدر ما أفجعتني، وتساءلت في سرّي:  كيف تحول الإحتفال إلى مأتم بهذه السرعة القصوى؟

حسبت أول وهلة أن حادثا مرورياً قد أنهى حياتها، ولكن بعد أن التقيت بالصديق المفجوع في مجلس الفاتحة أوضح لي أن "طيبة" أصيبت في صبيحة الجمعة - بعد أقل من 24 ساعة على حفل التخرج-  بحالة إغماء نتيجة انخفاض الضغط الشديد لديها، واضطر إلى الإتصال بمركز الإسعاف لنقلها على وجه السرعة إلى أقرب مستشفى في بغداد. وعند وصول سيارة الإسعاف فوجيء بعدم وجود أي جهاز أو معدات للإسعاف الفوري، أما في المستشفى الذي نُقلت إليه فلم يكن هناك دوام كامل للكادر الطبي كما هي العادة في يوميّ الجمعة والسبت، وتمت معاينة الحالة من قبل طبيبة مُقيمة غير أخصائية لم تتمكن من تشخيص أسباب استمرار هبوط الضغط ومعاودة الإغماء للفتاة "طيبة" حتى بعد أخذها "المُغذّي" والمواد الكفيلة بخفض الضغط.

وعندما توقف قلب "طيبة" فجأة بعد ساعتين من رقودها في المستشفى لم يكن هناك جهاز للإنعاش السريع مما دفع الأب والطبيبة للّجوء مراراً إلى الأسلوب البدائي في تحفيز القلب على النبض ولكن دون جدوى، فقد فارقت طالبتنا الحياة الدنيا لتحلّق روحها إلى جوار مليك مقتدر.

ولكم أن تتصورا حال الأب المفجوع وهو يرى ذبول زهرة عمره وأصبح مثل فلاح يشاهد تحوِّل بيدر حصاده إلى رماد.

ولست في مقام توجيه النقد أو إتهام أي جهة بالتقصير عن تقديم الإسعفات الفورية للمحتاجين إليها، ففي كل دولة مهما كنت متقدمة طبياً تحدث مثل هكذا حالات من موت سريع لا تؤجله الإسعافات المُتاحة. ولكن في ذات السياق أرى من الضروري أن تدفع حالة وفاة "طيبة" كل المعنيين برسم السياسة الطبية في البلد إلى تحديث الأساليب والأدوات المعتمدة في الإسعافات العاجلة، وإلى إعادة النظر في نظام "الخفارة" المعمول به في المؤسسات الصحية خلال يوميّ الجمعة والسبت، حيث بات بالإمكان تمديد ساعات العمل بالمناوبة لكل الكوادر الطبية - بما في ذلك الأخصائيين والإستشاريين- في أيام العطل الرسمية بعد تزايد أعداد الخريجين من الأطباء ومساعديهم.

وبقدر ما تدفع هذه الحالات المؤلمة من موت الفجأة إلى تجديد وتطوير العلاج الطبي، فإنها تجعل كل من يعايشها أو يسمع بها يتأمل في معنى الوجود ومغزى حكم الموت.

لا أحد يجادل في أن الموت حق ومُنتهى حياة كل إنسان طالت أم قصرت، فنحن جميعاً نغذّ السيّر إليه كما لو أن الحياة الدنيا "ماراثون" مستمر نحو الموت الذي لا مفرّ منه. ولكننا رغم هذه الحقيقة الساطعة نتوهم الخلود، وننسى في غمرة مشاغل الحياة أننا مشاريع موت مؤجل قد يباغتنا في أي لحظة.

وقد ورد في الحديث الشريف عن الرسول الأكرم (ص) قوله لأبي ذر الغفاري (رض): يا أبا ذر، إنكم في ممرّ الليل والنهار في آجال منقوصة، وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتةّ، ومن يزرع خيراً يُوشك أن يحصد خيراَ، ومن يزرع شرّاَ يوشك أن يحصد ندامة، ولكل زارع مثل زرع".

وفي ضوء الهديّ النبوي ينبغي أن يكون إدراكنا لحقيقة الموت المؤجل حافزاً لمزيد من العطاء والبذل والعمل لخير الإنسانية في الحياة الدنيا، والأهم من ذلك أن تكون نوايا عمل الخير حاضرة في وجداننا دوماً، فإذا باغتنا الموت ولم نتمكن من تحقيقها كتبها الله تعالى في ميزان الحسنات التي تشفع للمتوفي.

في ذات السياق لا ينبغي أن نستغرق طويلا في أحزاننا على فراق الراحلين كما لو أنهم تحولوا إلى عدم، فالموت في جوهرة أشبه ما يكون بولادة ثانية للإنسان ينتقل فيها من رحم الدنيا إلى رحاب عالم آخر سرمدي، بما يعنيه ذلك خلود الذين نحبهم ونفارقهم إلى حين..فهل من يتعظ؟.

***

طالب الأحمد

في شهر نيسان من هذا العام خرج علينا رئيس ائتلاف دولة القانون السيد نوري المالكي ليعلن أن تحركات السفيرة الأمريكية في العراق مخالفة للعرف الدبلوماسي، وقال المالكي في حوار تلفزيوني إن "تحركات جميع السفراء حول العالم تجري عبر الدولة المستضيفة ولا يمكن تجاوزها والذهاب نحو إقامة علاقات اجتماعية مع العشائر والنساء ومنظمات المجتمع المدني وقوى سياسية".

وأضاف أن "السفيرة الأمريكية تجاوزت من خلال تحركاتها جميع تلك الأعراف الدبلوماسية وشرعت بإقامة علاقات واجتماعات مجتمعية خارج السياق".. سيقول البعض؛ ما الجديد؟ فالسيد نوري المالكي يدافع عن سيادة البلاد التي تحاول السفيرة أن تتجاوز عليها. بعد أسبوع طالب النائب عن دولة القانون محمد الصيهود،الحكومة بأن "يكون لها موقف من هذه التحركات التي تمثل تدخلاً سافراً في العراق"، وسانده زميله في دولة القانون أيضا محمد الشمري الذي اتهم السفيرة الأمريكية بأنها تتحرك وكأنه لا يوجد عرف دبلوماسي، وطرح علينا نحن المواطنين الذين لا ناقة لهم ولا جمل في تحركات السفيرة قائلاً: هل بإمكان السفير العراقي في واشنطن التحرك بهذه الصيغة؟ الجواب طبعاً عند السيد بايدن.!

هل انتهت حكاية السفيرة؟، بالتأكيد هناك فصل جديد، فقبل أيام تفاجأ المواطن العراقي بصورة يظهر فيها السيد نوري المالكي مبتسماً مع السفيرة الأمريكية، والصورة مرفقة ببيان يبشرنا بأن السيد نوري المالكي استقبل سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى العراق،وبحثا مستقبل العلاقات الثنائية بين بغداد وواشنطن، وأخبرنا البيان بأن السيد المالكي أكد على ضرورة التعاون والعمل الجاد من أجل تفعيل الاتفاقيات المبرمة بين البلدين، لاسيما اتفاقية الإطار الستراتيجي وإمكانية مراجعة بنودها وتطويرها بما ينسجم مع أهمية المرحلة الراهنة.

إياك عزيزي القارئ من أن تظنّ أنّ "جنابي" يهدف إلى محاسبة قادة البلاد، فالديمقراطية العراقية تقضي بأن يبقى المواطن العراقي متفرجاً، فيما جميع الساسة شركاء، يضمن كلّ منهم مصالح الآخر، حامياً له، مترفّقاً بزميله الذي يتقاسم معه الكعكة العراقية في السرّاء والضرّاء.. ولهذا كان لا بد من أن يخرج علينا السيد نوري المالكي ينتقد السفيرة، وأن يعود ليطالب بالتعاون مع السفيرة .

ليس أمامك عزيزي القارئ، سوى أن تصدّق رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، خصوصاً عندما يصرف وقته الثمين هذه الأيام على كتابة توجيهات وخطابات، يوماً لدحر المؤامرة الامريكية، ويوماً من أجل الإسراع بتنفيذ الاتفاقات مع بلاد السيد بايدن .

للأسف يعاني الكثير من ساستنا من مشكلة عميقة مع المواطن العراقي الذي رغم ما يبديه من إخلاص ورغبة في متابعة حوارات الساسة على الفضائيات، لا يبدو أنه يستطيع حلّ ألغاز ما يقولونه، في العلن وما يفعلونه في الخفاء .

***

علي حسين

ميزّات الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) عديدة وتدخل في مختلف المجالات، فمن خلاله تعقد الأجتماعات عن بعد، وتتم من خلاله الدراسة عن بعد، وجميع الرسائل في العالم تقريبا تحولّت الى رسائل الكترونية وهي من تطبيقات الأنترنت. والأنترنت اليوم هو موقع للتواصل الأجتماعي بين الناس وتبادلهم الأفكار. الأنترنت اليوم من أسرع وسائل الدعاية، فمن خلال تطبيقاته على الهاتف الجوّال وهو في العمل أو في الشارع يكون المرء أقرب الى أحداث العالم من جلوسه في البيت لمتابعة نشرات الأخبار، وفي الحقيقة ونتيجة التطور العلمي الهائل في مجال البرمجيات فأن من الخطأ القول من أنّ العالم عبارة عن قرية صغيرة، لأنّ العالم اليوم وبفضل سرعة نقل المعلومات السلبية والإيجابية ومن مختلف الفروع ليس سوى غرفة صغيرة وليس قرية صغيرة.

الشعب العراقي الذي لم يعرف شيء عن الأنترنت والحواسيب حتّى التاسع من نيسان 2003 ، أخذ حقّه في التعرّف على هذا العلم الساحر والواسع بعد أن أصبح الأنترنت في متناول نسبة كبيرة جدا منه. لكنّ ما غاب عن بال المتصدّين للشأن السياسي هو أنّ الأنترنت فضاء أفتراضي لا يعرف أو لنقل لا يمانع من تبادل أو نشر مواضيع تمس أخلاق أو أديان أو مذاهب بلدان ما. وكلمّا حاولت دولة من منع تبادل افكار أو افلام أو خطب سياسية أو دينيّة أو كتب ومجلات ومواقع تتقاطع مع سياسات تلك الدولة بل وحتى مواقع إباحية من خلال حجبها، ينجح روّاد هذه المواقع ومن خلال تطبيقات معيّنة من إختراق الحجب والدخول الى تلك المواقع. وفي مثل هذه الحالات تعود الحكومات لطريقتها المفضلّة في معالجة " المشكلة"، أي القمع والإرهاب الفكري. ومن هذه الحكومات، الحكومة العراقية التي وبضغط من رجال الدين وزعماء الأحزاب والميليشيات المسلّحة وهم يقتلّون حريّة التعبير التي نصّ عليها الدستور. ومن أجل محاربة حريّة الرأي عادت السلطة الى سن ما يسمى بقانون المحتوى الهابط، الذي هدفه الأساسي تكميم أفواه الصحفيين والأعلاميين والكتّاب ومنتقدي السلطة وفسادها. ولكي تأخذ الدولة مكانها الطبيعي في مواجهة حريّة الرأي وتكميم الأفواه أعلنت وزارة الداخليّة العراقيّة عن تنظيم مسابقة المحتوى الإيجابي، على أن " يتلخص المحتوى في تجسيد فكرة عامة لصاحب المحتوى على شكل (فيلم) لا يتجاوز الدقيقتين أو أي محتوى آخر يرونه مناسبا لدعم عمل وزارة الداخلية وسعيها لتعزيز الاستقرار الأمني والسلم المجتمعي". وقد إنتخبت الوزارة لشهر شباط الماضي مثلا موضوعة المخدرّات، على أن يحصل الفائزون الثلاثة الأوائل على جوائز تبدأ من واحد الى ثلاثة ملايين.

لقد أعلن القاضي المختص بقضايا النشر والإعلام عامر حسن أنّ "المحتوى المسيء الذي يتضمن موضوع الجرائم المخلة بالأخلاق، ويتضمن أفعالاً مخلة بالحياء العام وقد يتضمن أيضاً موضوع الجرائم التي تدعو إلى الكراهية أو تحرض على العنف أو تدعو إلى التمييز العنصري أو الطائفي فهذه كلها مجرّمة بموجب نصوص في قانون العقوبات"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنها "تختلف عن النصوص التي تعالج الأخلاق العامة، والنصوص التي وردت في الباب الخاص بالجرائم الماسة بالأمن الداخلي للدولة على من يبث الإشاعات ومن يعمل على الأمور العنصرية، فكل هذه الأفعال هي أفعال مجرّمة وبمجرد أن تحرك الشكاوي أمام المحكمة فالمحكمة ستمضي باتخاذ الإجراءات".

هل الإشارات والإيماءات الجنسية، أو إستخدام الفاظ تفسّر حسب أهواء أو نوايا متلقّيها، أو مقاطع فيديو وأحاديث تنتقد الفساد وسياسيين ورجال دين من خلال تصريحاتهم الغريبة عن العقل والمنطق، تدخل ضمن خانة المحتوى الهابط؟ وكيف سيميّز القانون بين ما ذكرناه اعلاه ليعطي رأيه النهائي فيه؟ لكي نتعرف على المحتوى الهابط الذي تقول به السلطات العراقية دعونا أن نعود للغّة والتي يجب أن تكون متواجدة بتفسيراتها عند إقرار أي قانون، كي لا يكون القانون حمّال أوجه عند تفسيره.

إسم محتوى في معجم المعاني الجامع، والذي يهمنّا هنا هو تعريفه الأنترنيتي إن جاز التعبير هو: محتوى الويب : أو محتوى الشبكة العنكبوتية ؛ ‏ هو كل محتوى مكتوب أو مرئي أو مسموع على أي موقع إلكتروني على الشبكة العنكبوتية يشمل هذا الصور و الفيديو و النصوص والملفات الصوتية. والمصدر نفسه عرّف الهابط قائلا: هابِط: (اسم)، فاعل من هَبَطَ، رَأَيْتُهُ هَابِطاً بِالْمِظَلَّةِ : نَازِلاً، سِعْرُ اللَّحْمِ هَابِطٌ فِي السُّوقِ : رَخِيصٌ، غَيْرُ مُرْتَفِعٍ، هَابِطُ الأَخْلاَقِ : سَاقِطٌ . وعليه فأنّ معنى محتوى هابط وفق المعجم يجب أن يكون ( محتوى ويب رخيص وساقط) وهو ليس كذلك. والساقط هو ما يتعلّق بالأخلاق وهو ما تريد السلطة تطبيقه من خلال قانون، لكن الرخيص حسب اللغة يعني زهيد، أي ذو ثمن غير مرتفع. وليس كلّ رخيص ساقط، وقد جاء في المعجم الوسيط: رخّص الشّخص نفسه: أذلَّها وأهانها ، وقلَّل قيمتها، وفي المثل: " إن أرخصت نَفْسَك أرخصك الناسُ" فهل كل من أرخص نفسه ساقط!؟

قد يتفّق البعض مع قانون المحتوى الهابط إستنادا الى الدين والعرف الإجتماعي على الرغم من مخالفته للدستور كونه يكمّم الأفواه ويقمع حريّة الرأي، لكن السؤال الملّح هو: هل الصور و الفيديو و النصوص والملفات الصوتية، التي تضرب السلم المجتمعي بتعدّيها على رموز طائفة دينية من قبل رادود، يدخل في خانة المحتوى الهابط؟ هل زرع الجهل بين الناس من على المنابر وتناول روايات ما أنزل الله بها من سلطان، كأن يقول شيخ " قال أمير المؤمنين (ع) في مخطوطة قديمة أسمها الجفر: (ولا غالب لأمر الله عند قوم لهم نهر عظيم اسمه أمزون يدعون للحق فيها مغاليس ، والظلم يفتن دهراً ، ينشر في أرضهم فقراً ،ولا يعلو لهم اسم الا في اللعبة السارحة، يمرح رجالها خلف مثل أضعاف بيضة نعامة، كرة من جلود ينصبون لأجلها الرايات ويعزفون المعزف ويرقصون رقص الأحباش..)، أقول هل هذا محتوى هابط أم لا؟ هل حديث معمّم عن عدم جواز السير خلف إمرأة لأنّه سينظر الى عجيزتها بشهوانية محتوى هابط وبذيء أم لا؟ هل علاج عشيرة كاملة بحبة حلوى (جكليت) كما قال معمّم محتوى هابط أم لا خصوصا وأنّ هذا المعمّم لم يتناولها وهو مريض، بل ذهب للعلاج خارج البلاد!؟

قبل أيّام خرج علينا رجل دين يمتهن السياسة بتصريح أقلّ ما يقال عنه من أنّه هابط وهابط ليقول، من أنّ الموساد الإسرائيلي هو من قتل الإمام علي بن أبي طالب!!! ونفس رجل الدين هذا يتّهم شعب كامل بقلّة الغيرة وقساوة القلب حينما يقول من أنّ نهر الفرات له هاتين الصفتين وأنّ مصر تعتمد عليه في (الري والسقاية)!!

فهل سيأخذ القانون مجراه مع أمثال هؤلاء وهم ينشرون الفتنة الطائفية داخليا وخارجيا علاوة على اشاعة الجهل والتخلف. أليست الطائفية والجهل والتخلف والعادات العشائرية المتخلفّة محتوى هابط!؟

يقول القاضي عامر حسن "المحتوى الذي يقدمه بعض السياسيين في حال كونه يتعلق بموضوع إثارة النعرات الطائفية أو العنصرية فهم يقعون تحت طائلة المساءلة القانونية"، مؤكداً أن " لا أحد فوق القانون، والكل يخضع للقانون". فهل يقع من يسبّ ويشتم رموز دينية لطائفة معيّنة تحت طائلة القانون؟ وماذا عمّن يتّهم شعبا عربيا يختلف معه طائفيّا من أنّ لا غيرة لهم، هل هو فوق القانون؟

على المرجعية وإحتراما للمذهب الشيعي، أن تأخذ دورها في منعها أمثال هؤلاء من إطلاق هكذا تصريحات تسيء للشيعة قبل أن تسيء لغيرهم، وأن تمنع رجال الدين والرواديد الطائفيين الذين يهددون السلم المجتمعي من صعود المنابر الحسينية، لأنّ العالم اليوم غرفة صغيرة وسينتقل أليها ترهّات وطائفية هؤلاء صوت وصورة وبسرعة قياسية، وهذا ما سيجعل بل وجعل الدين والمذهب في مرمى النقد اللاذع.

***

زكي رضا - الدنمارك 

 

ما يتكرر في الكتابات والخطابات والتعليقات ورسائل التواصل بأنواعها، هو البكاء على الزمن الذي مضى وإعتباره جميلا، فتشاهد " صور من الزمن الجميل"، "وشواهد من الزمن الجميل"، وكأن الدنيا المعاصرة خُليَّت من كل جميل.

هذه لعبة تدميرية تمر على المغفلين، ويساهمون بتأكيدها والعمل بموجب مقتضياتها الرامية إلى التخميد والترقيد، ونهب الوجود ومصادرة حق تقرير المصير.

وهي إدعاءات فارغة لا تتوافق مع بديهيات الأمور، وما يحتمه دوران الأرض على خلقها.

فاليوم أجمل من البارحة، والغد أفضل من الحاضر، فالعقول منشغلة بالإبداع، والإضافات تتنوع وتزدحم أروقة الحياة بالعطاات التي تجعلها أجمل وأرقى.

فالواحد منا يعيش أفضل مما كان عليه في القرن العشرين، برغم كل الإدّعاءات والمعاناة، ونحن نعيش أفضل مئات المرات من ملوك الدنيا وأباطرتها في العصور الخوالي، الذين كان يعز عليهم شرب ماء نقي، ولا يجدون علاجا لأبسط الأمراض، ويموتون مبكرا لأتفه الأسباب.

فعلى المتشكين والندّابين اليائسين أن يكسروا أقلامهم ويغلقوا أفواههم، ويغمضوا عيونهم، فهم لا يرون ولا يسمعون ولا يعقلون، وتحركهم بوصلة عواطفهم وإنفعالاتهم الدملية، التي تملي عليهم سيادة اللون الأسود، وتحرمهم من رؤية نور الوجود الساطع.

الحياة أفضل من البارحة رغم أنف الحاقدين على الدنيا، والمتوهمين بحياة أخرى، ما جاء أحد ليخبرهم عنها، وإنما غيبيات تحولت إلى يقينيات ومسلمات تقودهم إلى تدمير ما هو كائن للفوز بما سيكون، وهم لا يدركون ويؤمنون بما لا يعرفون.

تبت العقول العاطلة، والرؤوس المتحجرة في جمجمة تصلدت بالأضاليل المسكوبة عليها، فالجماجم الطبيعية ذات فواصل وأخاديد، وجماجمهم كالجلاميد، لا تسمح للأفكار بالتوارد إليها، وما فيها يكفيها، ويعميها ويأخذها إلى ضلال السبيل.

فلماذا التغني بالماضيات والتخندق في الغابرات؟

فهل عشتم ما مضى لترونه أجمل وأرقى؟

إنها سياسات إفناء الهدف بعناصره المبرمجة!!

فهل سنستفيق من عاهة الإنقراض والسأم؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

الإعتداد بالنفس جميل، الثقة بالنفس أجمل لكن بعيدا عن الغرور والتكبر.. كانت تنمو هذه الخصال معنا منذ المرحلة الإعدادية مع أشعار المتنبي وأحبها إلى نفسي:

لا بقَومي شَرفتُ بل شرُفوا بي

وبنفسي فَخَرتُ لا بجدودي

أنا تربُ الندى وربّ القوافي

و سِمامُ العدى وغيظُ الحسودِ

أن تتخذ لنفسك طريق النجاح والحضور اللائق والطموح والسعي باجتهاد وصبر مواجها الصعوبات، مترفعا عن العوائق كالجبل في مواجهة الأعاصير، دون الإنحناء إلآ تواضعاً وأدباً.

السعي لأن تكون كاتبا أو ناقدا أو مفكرا جريئًا حُرّا غير مستعد للمساومة ستجد المعوقات وستتعرض للخيبات و للقناصين.

نرى الخاسر دائما هو كريم النفس والرابح هو البلطجي صاحب الفخامة الذي يمارس ساديته على المستضعف ..

نجد غالبية المجتمعات وبلا مبالغة ينتمون إلى هذه الفئة من الشخصية النرجسية التي تطورت الى حالة أشد فتكاً وهي البارانويا ، يعتقدون بشكل مبالغ بصحة أقوالهم والشك والارتياب بكل من حولهم مع فقد الثقة:

فيلم حضرته يحكي قصة حياة عالم رياضيات مشهور  حاز على جائزة نوبل في الرياضيات 1994#A beautiful Minel#

عانى المرض والهلوسة وتعالج وتغلب على المرض.

كم وكم ممن نعرفهم محتاجين لدخول المصحات وأهمهم جماعة أن الكرة الارضية متآمرة عليهم.. يجيدون الشعارات وإضاعة وتمرير الوقت بلا هدف يهزّ الشِباك ،لِتحسَم النتيجة النهائية.

ما بقي في الذاكرة التي أريدها أن تخونني من دستور الوطن:

المادة 2 / التي تقول السيادة للشعب

المادة12/ الدولة في خدمة الشعب وتعمل مؤسساتها على حماية الحقوق الأساسية للمواطنين وتطوير حياتهم.

المادة 25/ تكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم.

المادة33/ لا يجوز ابعاد المواطن عن أرض الوطن....

تفاقمت الأمراض النفسية وهي أكثر فتكاً وسّميّة وانتشاراً من الأوبئة ،معدية ومؤذية لأنها وراثية وتورث !!

يقول ابن خلدون (الظلم مؤذن بخراب العمران)

وعلى هامش موضوع البارانويا رئيس الصين شي بينغ يشغل ٣ مناصب في الوقت نفسه:

رئيس الصين، زعيم الحزب، قائد الجيش. لا تزال ثقافة عبادة الفرد وتأليهه قائمة.

مثل ياباني يقول:

ان كنت تصدق كل ماتقرأ، فلا تقرأ اعقل ماتقرأه.

***

راغدة السمان - استراليا

التأريخ المدوّن لا يعني أنه يكتسب الصوابية التامة، وينقل الأحداث والوقائع كما حصلت، بل أنها مكتوبة وفقا لآلية النقل المتواترة، وبأسلوب إتخاذ الموقف تجاهها، ولتأثيرات الكراسي الدور الكبير في صناعتها.

ولهذا فالإقتراب منها يستوجب العلمية والموضوعية، والتمحيص الدقيق اللازم لإستخراج ما فيها من حقائق وفقا لمكانها وزمانها.

وقد فطن العلامة إبن خلدون (1332 - 1406) إلى ذلك وذكره في مقدمته المعروفة.

ويمكن مقارنة ما في كتب التأريخ بما يدور في وسائل الإعلام المعاصرة، إذ تجد كل وسيلة تقول ما تريده حول حدث ما أو تطور حصل هنا وهناك، وبسبب تضارب الأقوال والتصريحا يختلط الأمر على المتابع ولا يعرف ما حصل بالفعل.

وتاريخنا المسطور لا يبتعد كثيرا عن هذا الأسلوب، فما تضمه الكتب فيه الكثير مما لا يقبله العقل، ولا يتوافق مع طبائع السلوك، وهو تأريخ أشخاص تم تقديسهم وإخراجهم من بشريتهم، وإعتبار ما فعلوه أشبه بأحلام اليقظة والخيالات العالية.

وبتقدم الزمان وإبتعاد الكاتب عن الحالة التي يتناولها، يأخذ بالكتابة المحلقة في فضاءات لا علاقة لها بالذي يتناوله كواقع ووقائع، فيدوّن تصوراته ورؤاه الساقطة على الموضوع.

فالكاتب لا يصوِّر بصدق ما يرى، بل كما بدى له، فالمكتوب رأي الكاتب، وما إنعكس فيه من الحدث الذي يتصدى له ويقترب منه بعيون الإدراك والمعنى.

والذي يحاول أن يؤرخ الأيام التي يعيشها، يدرك بأنه لا يصور بل يسقط ما أثّر منها فيه، فهو يكتب إنطباعاته عن الأحداث، وإن ذكرها فلم ينقلها على حقيقتها، ولا يمكن للكتابة أن تكون وسيلة لنقل الحقيقة وكذلك الإعلام، وإن إدّعى ذلك ألف مرة ومرة، لأن ما يطلقه يتوافق مع التوجهات والتطلعات.

فالتأريخ بحاجة لتمحيص وإقترابات علمية منهجية ذات قيمة معرفية، وفقا لآليات إبن خلدون في قراءته وتنقيته من الغث، الذي يتنافى مع المنطق والنظر العقلاني السليم.

فهل لنا أن نرى بعيون العقل؟!!

***

د. صادق السامرائي

الجهاد الاسلامي واستشهاد القادة.. والحكام العرب لا يحذفوا لا يجيبوا رشاده.

تكونت من رحم المعاناة، وخذلان الحكام العرب للشعب الفلسطيني الذي اصبح محاصرا بين النهر والبحر، وارتماء السلطة الفلسطينية في احضان المستعمر، بل انخراطها في النهج الاستسلامي، وفق اتفاقيات اوسلو اصبحت السلطة تحمي الكيان الصهيوني عبر اجهزتها الامنية،وسواء بمنع المقاومين من القيام بأعمال فدائية، او بتبليغ سلطات الاحتلال عنهم او الزج بهم في سجونها الاجرامية بحجة حمايتهم من سلطات الاحتلال.

شارك منتسبيها في انتفاضات الشعب الفلسطيني ضد جبروت الاحتلال، أخذت على عاتقها وبقية فصائل المقاومة تقديم الشهداء لرفع الضيم عن الشعب الفلسطيني الذي خذلته السلطة ومن يعتبرون انفسهم بأشقائه.

يحاول الاحتلال الصهيوني الاستفراد بفصائل المقاومة، فصيلا تلو اخر لإنهاكه وضرب اتباعه، لثنيهم عن مؤازرته، وهذا الامر متوقعا، ولكن غير المتوقع ان تظل بقية الفصائل المقاومة تتفرج او لنقل تساعد حركة الجهاد الاسلامي في الخفاء وليس في العلن. ترى لماذا الخوف من الظهور في العلن؟الستم اخوة السلاح والكفاح؟ وان الاستفراد بفصيل معين سوف ينهكه وان الدور سيكون عليكم عاجلا غير، فمن خلال هذه المعركة (ثأر الاحرار) تبين لنا بان قوات الاحتلال الصهيوني تعلم جيدا اين يقيم قادة الحركات المقاومة، بمعنى انها تستطيع ان تستهدفهم في أي وقت، والحديث كيف لها ان تغتال بعض القادة في فترة التهدئة لا يمت الى الواقع، فالتهدئة جعلت لالتقاط الانفاس وتغيير الخطط التي من شانها التقليل من الخسائر والعمل على تكبيد العدو خسائر اكثر.

الحكام العرب لم ينبسوا ببنت شفه، فالتطبيع مع كيان العدو، جعلهم في حل مما تقوم به الفصائل، فاثروا السكوت، واحتفظوا بعبارات الشجب والتنديد والاستنكار التي لا تسمن ولا تغني من جوع، في ادمغتهم الخاوية المهترئة، لقد فقدوا النخوة، ان لم نقل من الاساس انهم ليسوا عربا ولا مكان لها بين اضلعهم،وان حماة الكيان الصهيوني هم من اتوا بهم الى سدة الحكم ويقومون بحمايتهم وعلى راي ترامب (اجرأ رئيس امريكي) عليهم ان يدفعوا ثمن بقائهم والا فانهم لن يستطيعوا البقاء لبضعة ايام في الحكم، أمروا بالتطبيع فلم يتخلفوا، وبإقامة المعابد النصرانية واليهودية في بلدانهم ففعلوا وفي زمن قياسي، جل همهم البقاء في السلطة وارضاء اولياء النعمة، يبدوا انهم لا يعيشون الواقع مغيبون، فالعالم يتغير، والخروج من العباء الامريكية والغربية اصبح امرا ضروريا لكل من يريد ان يعيش بعزة وكرامة، هناك تشكل لقوى اقليمية عسكرية واقتصادية وفقا للمصالح المشتركة التي تحكم علاقات الشعوب، يبدوا ان بعض حكامنا قد افاقوا من سباتهم، ويحاولون الابتعاد وان بعجلة تناقصية بسيطة، عن مراكز الجذب الغربية التي يدورون في فلكها ولعقود.

تحية الى المقاومين المدافعين عن حقوق الشعب الفلسطيني الذين يقدمون قادتهم فداء للوطن، وعلى كل الجبهات ان تنتفض بالضفة والاراضي المحتلة العام 1948، والخزي والعار للحكام العرب الذين يصدق فيهم المثل القائل: (لا يحذفوا لا يجيبوا رشاده).

***

ميلاد عمر المزوغي

من القناعات الخاطئة الشائعة والمتوارثة إجتماعياً عن الثقة والإخلاص هي إذابة الحدود الشخصية بين الزوجين والإنفتاح الكلّي على الآخر وإقحام الشريك في كل صغيرة وكبيرة وأي رفض لذلك الإنكشاف المطلق أو المطالبة بحدود معيّنة يعد إشارة مبطنة إلى خيانة ما محتمله للحياة الزوجية..

أحد أشهر هذه الأمثلة هو:

(عدم وضع رقم سري للهاتف ولحسابات السوشال ميديا)

هذا التصرف شائع جداً. والغرض منه إثبات حسن النيه من كل طرف للآخر أنه لا يوجد لديه ما يخفيه وبهذا فهو يثبت إخلاصه له ومنحه الضوء الأخضر متى اراد بالعبث بهاتفه والإطلاع على الرسائل وقائمة الأصدقاء وحسابات السوشال ميديا حالما شعر بالغيرة أو الشك للإطمئنان أن ليس هناك مايدعوا للقلق.

في تصرف كهذا عدم إحترام ليس فقط للزوجين فيما بينهما بل هو تعدّي وإنتهاك لخصوصية وحياة كل الاشخاص المحيطين بهما من الجانبين وإنهيار للعلاقات الإجتماعية لنفترض أني أخبرت صديقتي المتزوجة بسر خاص بحياتي لايصلح أن يعرفه أي شخص غيرها لثقتي بها وفتح زوجها الرسائل وقرأ كل شيء! أو صديق حكى لصديقه مشاكل بيته أو عمله وعلمت زوجته بالأمر!

قد يقول قائلاً على سبيل المثال: أنا لا أضع رقم سرّي لهاتفي ولكن هناك قانون صارم بيننا بأن لايفتح أحدنا هاتف الاخر بغير علمه. هو ذات المبدأ لأن العبرة من الأمر هو الحاجة لصلاحية التطفل بسبب إنعدام الثقة من الأساس. وإعطاء صورة خارجية مخادعة فتظهر بمفهوم "أنا بريء وصادق ولايوجد لدي ما أخفيه" بينما هي في الحقيقة عبارة عن تصريح مبطّن": "أني لا أثق بك ولست أهلاً للثقه لهذا يجب ان تترك لي الأبواب مشرعه لمراقبة حياتك اي وقت" غير مدركين أن من أراد الخيانة سيجد لها ألف طريق حتى وإن ضيقنا عليه الخناق وأن الوفاء والإخلاص يأتي تباعاً للحب العظيم وأننا لا نستطيع المطالبه به أو حشره قسراً في قلوب من نحب.

المؤسف هو أن معظم الأزواج الحريصون جدا بالظهور بهذه الصورة المثالية المناهضين لفكرة الحدود الشخصية يعيشون بطلاق عاطفي وكذب على الذات وعلى الاخر بحب مختلق لإعتبارات إجتماعية أو إعتبارات نفسيه بعدم الرغبه بالإعتراف بالهزيمه وسوء الإختيار أو إعتبارات أخلاقية أن الفراق سوف يجرح الشريك الأضعف والأكثر هشاشة نفسياًمن الآخر.

لكل إنسان منطقة راحة ومساحة خاصة جداً لاينبغي تجاوزها لأجل سلامته النفسية.

***

لمى ابوالنجا – كاتبة سعودية

صرخةٌ أطلقها النائبُ المصريُ الدكتورُ / فريديْ البياضيّ تحتَ قبةِ البرلمانِ المصريِ..!!

في تعليقهِ على الحسابِ الختاميِ لموازنةِ الحكومةِ / 2021 / 2022 / قالَ النائبُ / فريديْ البياضيّ عضوُ مجلسِ النوابِ، ونائبَ رئيسِ الحزبِ المصريِ الديمقراطيِ الاجتماعيِ: في كلماتٍ مختصرةٍ، أوجهُ كلامي للحكومةِ وأنا أرفضُ التقريرُ وأقولُ باختصارً: كفايةٌ.. كفايةُ.. ديونِ غرقتونا وخنقتونا احنِا والليَ خلفونا والليُ خلفناهمْ والليُ هابخلفوهمْ..).. الوزيرُ يقولُ أرقامَ ونسبَ ويحاولُ يثبتُ أنَ نسبةَ الدينِ في تحسنٍ. يا إما أرقامكَ وهميةً يا وزيرُ وأنا متأكدٌ منْ كدا لأنْ الْ 87 % " / غيرَ مخصومٍ منهمْ "24 %" ديونُ الهيئاتِ الاقتصاديةِ وحاسبِ سعرِ الدولارِ على السعرِ القديمِ / 18 جنيهٍ مصريٍ مقابلاً الواحدَ دولارٌ.. يا أما لوْ أنتَ صحَ يبقى احنِا الليَ وهميينَ..! وللأسفِ المواطنُ المصريُ الليُ بيعاني كلُ يومٍ ويصرخُ دا مواطنٌ ليسَ حقيقيٌ.. أنا أتحدث على إجماليِ ديونٍ تعدتْ "الْ 10" تريليونٍ" وتجاوزتْ إجماليَ الناتجِ المحليِ وفوائدُ ديونِ بتآكلِ نصفِ المصروفاتِ - كفايةُ انتهاكٍ للدستورِ، حرامٌ عليكمْ أنتمْ أقسمتمْ على احترامهِ.. النسبُ الليَ حددها الدستورُ للتعليمِ والصحةِ؛ في عامِ 2014 / والمفروضِ تزيدُ كلَ عامٍ، الحكومةُ لا تصرفَ ربعِ النسبِ المذكورةِ في البيانِ.. وقالَ؛ - الوطنُ لنْ ينصلحَ حالهُ إلا إذا أولاً؛- تصبح الأوليةَ للتعليمِ والصحةِ وثانيا؛ - أنْ الحلَ في الاستثمارِ في البشرِ وليسَ في الحجرِ؛ ويقصدُ المدنَ الجديدةَ.. وختمَ النائبُ كلمتهُ قائلاً: كفايةٌ على الحكومةِ، الشعب ِ أمامَ حكومةٍ لا تحكمُ، ولا تستطيعُ أنْ تحكمَ ٌ.. ولمْ تحققْ أبسطَ أنواعِ العدالةِ الاجتماعيةِ " بلا أفقرتْ كلَ طبقاتِ المجتمعِ المصريِ "، بلا استثناءٍ، وقالَ مخاطبا الحكومةَ والسيدَ اللواءَ / كامل الوزيرِ وزيرَ النقلِ.. سيادةُ الوزيرِ.. الشعبُ والمواطنُ تحتَ خطِ الفقرِ.. محتاج"ُ قوتِ يومهِ" وليسَ قطارُ الكهرباءِ هايأكلة ويطعمهُ. ويعلمُ أولادهُ في المدارسِ ويعالجهُ.. وقالَ النائبُ "فريديْ البياضي"ّ؛ - وزارةُ النقلِ بتصرفِ " تريليوناتٍ "، وهذا يخالفُ الدستورُ في الصرفِ على التعليمِ والصحةِ وأضافَ النائبُ / البياضيّ منذُ (3 سنواتٌ) وتحتَ قبةِ المجلسِ طالبتْ وحدي بإقالةِ الحكومةِ، واليومُ معَ كثيرٍ منْ النوابِ ومعَ جموعِ الشعبِ المصري، نصرخُ وبأعلى صوتٍ.. كفايةُ كفايةِ كفايةٍ.. كفايةٌ كدا على الحكومةِ. لا تحكمُ ولا تستطيعُ أنْ تحكمَ وغيرُ مؤهلةٍ للحكمِ..!!

***

محمدْ سعدْ عبدِ اللطيفْ

كاتبٌ وباحثٌ مصريٌ..

ان سعي بعض الدول للدفاع عن مصالحها الاقتصادية وتطوير تقنيات جديدة لتوظيفها في إنعاش اقتصادها للدول التي تعتمد على النفط الصخري وهي (22) دولة التي تراجعت عوائدها بسبب هذا النمط من الطاقة مما يرجح تأجيج الصراعات العسكرية في الشرق الأوسط المرشح الكبير لهذه الصراعات من خلال تأثيره بالتغيير المناخي الذي تحوم حوله الشبهات والفاعل والمؤثر عليه التي يُشار لها بالبنان لبعض الدول المؤثرة في سياستها الخارجية على العالم ومن أكثر هذه الدول المتأثرة هي الشرق الأوسط وشرق آسيا وأفغانستان وبورما والهند وكوريا الشمالية وخصوصا العراق في الآونة الأخيرة وبهذا تحذر الحكومة الأمريكية من نتائج وآثار هذا التغير المناخي هو نزوح لأعداد كبيرة من سكان هذه الدول المتضررة بعد رفع الغطاء عن التقرير السري للمجلس الإستخباري للأمن القومي الأمريكي وبعد نشر هذا التقرير ودراسة ما بين سطوره حين تطرق على الأضرار التي يحدثها الاحتباس الحراري وتلوث الغلاف الجوي للكرة الأرضية ويتحدث هذا التقرير عن تغيرات مناخية ومشاكل في شحت مياه الأمطار ومياه الأنهار بين الدول المتقاسمة بينها وخصوصا ما بعد ال(18) السنة القادمة أي بعد 2042ميلادية سيتأثر أنتاج النفط والتنقيب عنه في عمق الصخور وسيكلف الدول كثيرا وسيتسبب في انخفاض العائدات النفطية وسيولد خسائر للدول المنتجة للطاقة وهذا سيؤدي إلى الاعتماد على البديل وهي الطاقة النظيفة المتجددة وما يتضمنه التقرير هو التحذير من ذوبان ثلوج القطب الشمالي ليمهد الطريق لسفن الشحن في الدخول إلى هذه المناطق الغنية بالنفط والأسماك واستغلالها اقتصاديا وعلى ضوئها ستتصارع الدول العظمى على السيطرة والهيمنة اقتصاديا وعسكريا لحماية مصالحها حينها سيفجر صراعات بين الدول المستفيدة المتقاسمة بالمصالح كما أن الإشارات المبطنة لهذا التقرير الأمريكي في هذا الوقت الحرج الذي يكشف عن استعمال جديد للتقنيات الهندسية الجيولوجية في مواجهة التغير المناخي من خلال إرسال جزيئات عاكسة إلى طبقات الجو العليا لتبريد الأجواء الناجمة عن ارتفاع حارة المجال الجوي بجزيئات الـ(الآيروسول) العالقة في الهواء لتبريد أماكن معينة بذاتها وقد تكون مختارة بعناية من قبل أصحاب المشروع المتبنى فسيكون مشروع تدميري لدول مخصوصة على طاولة أصحاب المشروع التي تبث سمومه الاستخبارات الأمريكية وما هو إلا جس النبض للعالم وتنبيهه أن القادم سيكون أسوء مما هو الآن والذي يؤدي بدوره على هيمنة اقتصادية وعسكرية وعلى مناطق مهمة في العالم ذات طابع استغلالي من قبل الدول العظمى أن ظهور هذا التقرير وبهذا التوقيت ما هو إلا تهديد واضح للدول التي تحاول الخروج من سكة الدول المتسيدة على النظام العالمي الجديد وبرامجه فأن هذا التقرير المرعب الذي يحوي بين سطوره مشروع رهيب يهدد الدول الفقيرة والنامية التي تتقاطع مصالحها مع الدول العظمى صاحبة المشرع المستقبلي الذي يؤمن الاقتصاد الغربي باستعمال ورقة الضغط الجديدة وهي التغير المناخي للكرة الأرضية . أن هذا المشروع سيُوجد مناطق مرشحة في بلدان معينة للتلاعب في مناخها وأراضيها لتمرير المخطط المرسوم بعناية من قبل أمريكا وحلفائها في المنطقة كبديل للنفط والغاز والكهرباء الذي فقدت السيطرة على منابعها هذا مما يعلل وجود مناطق عالية السرية والغموض في أماكن من العالم فمثلا في العراق منطقة وادي حوران ومنطقة القذف وبعض مناطق شمال العراق ومن قبلها مناطق في أوكرانيا التي تخفي كثيرا من الأسرار لدى الحكومة الأمريكية والعراقية التي تثير حولها الشكوك والشبهات بعيدا عن علم الحكومة المنغمسة بمشاكلها ومصالحها الشخصية والصراع على السلطة وهوس الحكم والمشاكل الداخلية والخارجية للشعوب وهذا ليس ببعيد عن الذاكرة في زمن وباء كورونا وأنفلونزا الطيور والخنازير والعواصف الترابية التي تضرب العراق والمنطق العربية والآن تحذر أمريكا من احتمالية انتشار نوع من البعوض موطنه شرق آسيا تسبب حمى الضنك وهو من المحتمل السيناريو القادم للعالم.

***

ضياء محسن الاسدي

نظرنا لأمر الحاضرين فرابنا

فكيف بأمر الغابرين نصدّق

إنها ظاهرة فاعلة في مسيرة أجيال الأمة، فلا هم لها سوى إجترار ما جرى في سالف الأزمان، وتريده أن يكون حيا، وعنوانا لمستقبلها الخالي من الإنجازات الأصيلة، والممعن بالغوص الإنتحاري في الغابرات.

الأمة ممثلة بنخبها المتنوعة منشغلة بحل مشاكل الأجداث وما حصل قبل عشرات القرون، وكأنها تطوي الزمن لتعود إلى نقطة سوداء في مسيرتهاوتصنع منها أكبر ما تستطيعه من الكرات، حتى لتعجز عن دحرجتها أو رؤيتها بالكامل، لضخامتها وحجبها لبصائرها.

المجتمعات البشرية في تأريخها مواقف مظلمة قاسية جائرة تخجل منها فلا تركز عليها، وتطلق ما هو منير ومساهم في لمّ الشمل وضخ الأجيال بالطاقات الوثابة المتحدية.

ونخبنا يعرفون التركيز على السيئ في التأريخ ويظهرونه على أنه يمثل الأمة، فترى الأجيال أن الأمة عقيمة سقيمة ذات أحداث نكراء، وهذا تشويه لجوهر حقيقتها ولرسالتها الحضارية الإنسانية.

ويبدو أنها نزعة مبرمجة وذات مصادر عدوانية، تريد للأجيال أن تغطس في أوحال اليأس والقنوط، وتتمسك بالدونية وعدم القدرة على المواكبة.

وهذا ما يحصل في ربوع الأمة، فالعديد من الأمم تقدمت عليها، وأجيالها في محنة الإرتهان بما مضى وما إنقضى.

وتصلني العديد من الفديوهات التي يتكلم فيها رموز من مختلف الأصناف، وموضوعهم واحد، هو الإنغماس بالأحداث الغابرات القاسيات، وكأن الأمة شريرة عدوانية، وقادتها من أبغض الخلق.

فهل قرأتم تأريخ أمم الدنيا؟

وهل إطلعتم على ما فعله قادتها؟

لماذا تنكرون ما هو إيجابي وتقدمون ما هو سلبي؟

لماذا لا تتكلمون بلغة الحاضر والمستقبل وتتمترسون في بقع سوداء غابرة؟

***

د. صادق السامرائي

واجهت حكومة السوداني الكثير من العقبات وكان أهمها عبور حالة الصراع التي تولدت في داخل القوى السياسية من جهة ، وحالة اللامقبولية التي أظهرتها بعض القوى السياسية أمام تشكيل الحكومة، ورفضه المشاركة فيها،ما سبب حالة عدم توازن بين القوى السياسية برمتها،ولكن وعلى الرغم من هذا الصراع إلا أن السوداني كان جادا في حل المشاكل وإنهاء حالة الاتكالية والرتابة في تسيير أمور الدولة العراقية .

السوداني بدأ خطواته نحو الفساد بصورة واقعية بعيدا عن الإيهام والشعارات التي تركت مال العراق عبثاً بيد الفاسدين والسراق ، فالمبالغ التي هربت تقدر بأكثر من ٣٠٠ مليار دولار بين تهريب وشراء عقارات واسهم لشركات في داخل العراق وخارجه، بل تعدته إلى سرقة المال العام في وضح النهار وبأساليب شيطانية وتحت غطاء القانون .

السوداني بدا حرباً شاملة على كل أنواع الفساد، وحيّد الأحزاب عن أي تدخل بالشأن الاقتصادي او الأمني،إلى جانب انه استطاع أن يستقل بقراراته المركزية بعيدا عن أي تأثير حزبي من هنا أو هناك معتمدا على وجوده في كافة مفاصل الحكومة،فهو اعتلى أول منصب عندما كان قائمقام واخذ يتسلم المناصب العليا حتى وصل إلى رئاسة الوزراء .

أهم ما يمكن أن يكون حلاً سريعاً لمشكلات العراق هو الملف الاقتصادي، حيث أن المؤشرات تشير وبصورة واضحة إلى أن الأمور كانت متجهة في عام 2020 إلى الانهيار، وكان النظام السياسي والقوى السياسية تعيش خطر حقيقي بفعل هذه الأزمة، وكانت هذه القوى تبحث عن حلول سريعة، ولكن بعد تلاشي خطر الانهيار وارتفاع أسعار النفط أعادت النخبة تبني السياسات المتبعة منذ2003، وتخلت عن كل الأفكار التي تتعلق بتغيير النهج الاقتصادي .

أن الفرص التي أتاحها التدفق النقدي لرؤوس الأموال من الخارج، وتطور سوق الأوراق المالية لم تكن كافية في إصلاح الهيكل الإداري للمال في العراق،بل كان ينبغي العمل على تنوع أبواب الاقتصاد من خلال تنوع الإيرادات وعدم الاعتماد على النفط، بل ينبغي الإسراع في إيجاد أبواب جديدة لرفد الاقتصاد العراقي بإيرادات جديدة من خلال أبواب استثمار في مجالات متعددة أهمها السياحة والتي تعتبر نبض العراق، ومن أهم العناصر الأساسية في إثراء ميزانية الدولة بمليارات الدولارات سنوياً.

الآن وبعد مرور أكثر من ستة أشهر على تشكيل حكومة السيد السوداني ينبغي الوقوف على أهم المعرقلات في إصلاح النظام الاقتصادي، وأهمها ينبغي أن يكون الإصلاح متسقاً تماماً مع الإصلاح السياسي وبشكل لا ينفصل عنه،إذ لايمكن أصلاح ملف بمعزل عن الآخر،كما من المهم جداً إيجاد الثقة الضرورية بين الجمهور وبين هذه الطبقة السياسية وبما يعزز قوتها في إجراء الإصلاحات الضرورية على الهيكل الأساسي للدولة.

لاينبغي الاعتماد كلياً على الارتفاع الطارئ لأسعار النفط العالمية، بل ينبغي الإسراع بوضع إستراتيجية اقتصادية تعتمد على أإيجاد خزين هائل من المال والذهب في البنك المركزي العراقي، لذلك ربما ستعود نفش المشاكل السابقة التي برزت في 2020 إذا ما أداركنا الموقف وعالجت الحكومة الملف الاقتصادي بالتوازي مع الملف السياسي،لذلك فأن الاقتصاد العراقي الحالي غير مستدام،لان الحكومة وفي المستقبل القريب ستكافح من أجل توفير رواتب الموظفين والمتقاعدين، ناهيك عن الحفاظ على المحافظة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي للفرد العراقي وعلى نطاق كافٍ لمنع أي اضطراب اجتماعي محتمل وإعادة شحن للشارع العراقي مستقبلاً.

***

محمد حسن الساعدي

في المثقف اليوم