أقلام حرة

أقلام حرة

هل استعجلت امريكا انهاء الحرب في اكرانيا؟

سعت امريكا منذ تفكك المنظومة الاشتراكية وحلف وارسو الى التمدد شرقا ومحاصرة روسيا لأنها ترى فيها الوريث الشرعي لتلك المنظومة ومن ثم منافستها على زعامة العالم.

ما كان للحرب في أكرانيا ان تستمر هذه المدة لولا الدعم الامريكي والغربي المنقطع النظير والذي كلفهم أموالا طائلة، والخاسر الاكبر في هذه الحرب هي اوروبا الغربية التي تنفذ اوامر امريكا بدءا من حظر استيراد الغاز الروسي، وضرب أنبوب  نقل الغاز، فأوروبا استفادت كثيرا من الغاز الروسي. واستيراده من امريكا بأضعاف ثمنه من روسيا، وكذلك توجيه امكانياتها نحو التصنيع الحربي وترك بقية المجالات الأخرى التي تعود بالنفع على رعاياها، للأسف الشديد ان غالبية  حكام الغرب لم يدركوا حجم المأساة التي وضعتهم فيها امريكا من خلال  زجهم في حرب لا ناقة  لهم  فيها ولا جمل.

لا شك ان الحرب قذرة ولا تعرف رحمة ولا إنسانية، الروس خلال عام من الحرب، لم يستهدفوا التجمعات السكانية، كما فعلت امريكا ومن معها بالعراق وفيتنام وكل البلدان التي  دنستها، بل طال القصف المواقع التي تغذي الحرب وتساهم في استمرارها.

امريكا  وفي عديد المرات ، تقول بانها لا تشجع الجانب الأكراني  بضرب العمق الروسي خوفا من  امتداد الحرب الى بقع أخرى، وقد تطالها هي.

محاولة ضرب مقر السلطة في موسكو بالمسيرات ليس بالأمر الهيّن، ان دل على شيء  فإنما يدل على مدى انزعاج امريكا من عدم تحقيق أي تقدم يذكر للقوات الاكرانية التي تدعمها، وهجوم الربيع المنتظر، وتخوفها من انشقاق بعض الزعماء الغربيين مثل فرنسا وتركها وحدها، قد يكون مشروع مارشال لإعادة اعمار اوروبا حقق بعض المكاسب للقارة، لكنها وللأسف ظلت تخضع للإرادة الامريكية وتنفذ اجنداتها على مدى عقود.

الذي لا شك فيه ان الأوكرانيين  لم يقدموا على مثل هذا الفعل إلا بعد استشارة أمريكا وحلفائها، والسؤال  المطروح هل استعجلت امريكا أنهاء الحرب في أكرانيا؟ ولكن أي ثمن سيتم دفعه؟ ومن سيدفع الثمن؟ .فأمريكا تشاهد وبأم عينها ان العالم بدأ  يتشكل من جديد، وان عهد القطبية  الاحادية ولّى الى غير رجعة، وان نفوذها آخذ في  الانحصار، هناك تكتل اقتصادي يضم دول كبرى (البريكس)، يسعى جاهزا الى فك الارتباط بالدولار الامريكي والتعامل  بالعملات المحلية للدول المعنية، كما ان دول إقليمية اخرى لها وزنها الاقتصادي، تريد الخروج من العباءة الامريكية والانضمام الى البريكس. كذلك نجد ان الصين وروسيا تتوغلان في  القارة الأفريقية للاستثمار فيها وبعض الدول الافريقية تعلنها صراحة انها لم تعد في حاجة الى المساعدات الاوروبية البسيطة والمذلة، ولا ننسى ان الاتحاد السوفييتي كان يناصر حركات التحرر الأفريقية، كما ان روسيا اخذت في بناء علاقات اقتصادية مع دول أمريكا اللاتينية والجنوبية التي يعتبرها الامريكان حديقتهم الخلفية .

المؤكد ان الكرملين لن يقف مكتوف الايدي امام المحاولة القذرة التي تطال راس النظام، وسوف يرد وبأقصى إمكانياته على ذلك، وان لم تجنح امريكا ومن معها  للسلم وحل النزاع بالطرق السلمية، وتطورت أساليب الحرب واستخدمت كافة الأسلحة المتوفرة غير النووية، فلا شك ان اوروبا بمجملها ستكون ساحة صراع  رئيسية لقوى عظمى، ولن يكون هناك مشروع مارشال جديد لإعادة اعمارها،بل ستصبح قارة اشباح .

***

ميلاد عمر المزوغي

أمضينا أكثر من قرن ونصف في مستنقع النظريات المعتقة في ظلمات الرفوف، والبعيدة عن الواقع والمستعبدة للرؤوس.

فهل وجدتم نظرية تمكنت من الحياة في واقعنا المنهوك؟

هل إستطاع مفكر أو حركة أو حزب تطبيق نظريته؟

نظرياتنا أقوال فارغة، ومن معطيات خيال وهْمي مألوس.

فكيف تفسرون فشل النظريات في بناء القوة والحياة؟

يتضح وجود خلل حضاري صارخ في آليات تفكيرنا، فالعلاقة بين التفكير والعمل تناقضية بحتة، فالسائد أن الأقوال تناهض الأفعال، وتمكنا من التعبير عن ذلك بتواصل فظيع، فالأحزاب أنجزت ما يتقاطع وشعاراتها ورسالاتها، والمعتقدات تنكر جوهرها، والمشكلة أن فينا عاهة مدمرة خلاصتها، أقوالنا أفعالنا، وتنعدم في وعينا مفردات ومهارات الربط بين الكلمة والفعل، فالفكرة قول وحسب، أما تمثلها وتحويلها إلى منجز فاعل في الحياة، فلا يخطر على بالنا.

المجتمعات تقدمت بقدرتها على تصنيع أفكارها، وتدهورنا لعجزنا عن ذلك، والذين أسهموا في بناء الحضارة عند مبتدئها العربي، كانوا يجيدون مهارات تصنيع الأفكار، ونحن الذين خسرناها أو تجاهلناها، وأصبحنا من القانطين.

فالأمة فيها العديد من المفكرين والمهتمين بنهضتها ومعاصرتها، وما قدموه نظريات ومشاريع مطمورة في صفحات الكتب، وما وجدنا آلية لترجمة المشروع إلى فعل يومي مفيد، بل أن معظمهم يدّعون التفكير، وهم يؤازرون قوائم الكراسي الآثمة، ويزيدون من غفلتها وإمعانها بالجهل والعماء السياسي.

نظريات وما أدراك ما هي، ما أمّنت من خوف ولا أطعمت من جوع، بل إستهلكت وقتا وورقا وحبرا، وخمدت أنفاسها فوق السطور، فلا تيار معرفي يهدف للتغيير، ولا قوة ثقافية ذات قيمة تنويرية، بل نظريات، ترضعنا حليب سراب.

فكيف لا نخور، وصراطنا أعوج وملبد بالغيوم؟!!

***

د. صادق السامرائي

لم أكن من متابعي الدراما المغربية بصورةٍ كبيرة، سواء في عموم منتوجاتها عامة، أو في ما يخصص لموسم رمضان، الشهر الذي يتسابق المنتجون لاستغلاله لطرح أعمالهم الدرامية حتى الخالية منها من أي مضمون أو هدف، غير التواجد في السباق، أياً كان مستوى ذاك التواجد وقيمته، ولو كان مجرد تكرار لقديم الأعمال الرمضانية السالفة، والتي لم تكن يوماً عملا مصورا لحقيقة مجتمعنا،أو معبرا عن قيمه الإيجابية،أو معززا لها، وكان في مجمله مجرد إعادة لتهريج الثقافات الخرافية، ما يطرح العديد من الأسئلة حول الحدود الفاصلة بين حق صناع العمل الفني في الإبداع وواجب بث المعلومات الصحية الموثوقة المسهمة في رفع الوعي بمخاطر القضايا المؤثرة سلباً على المجتمع،والمساندة لمجهودات الجهات المعنية بحل قضاياه الاجتماعية  المستعصية، كما هو الشأن بالنسبة لقضية "التبرع بالأعضاء"  التي أثارها المسلسل التلفزيوني "كاينة ظروف" والذي وجهت له أصابع الاتهام بإحباط المجهودات الكبيرة التي بذلها المغرب في مجال تشريع التبرع بالأعضاء، الذي كان المغرب فيه من الدول العربية السباقة لتقنينه، ليصبح بعيدا من حيث الترتيب وراء السعودية ومصر وتونس، بما ينشر من سخف المعلومات المغلوطة المفسدة لعقول المتابعين واهتماماتهم، التي تزرع التخوف في قلوب المتبرعين، وتبث اليأس في نفوس مرضى الفشل الكلوي الذين ينتظرون الأمل في الحياة، الأمر الذي لم تتمكن  المؤسسات الدينية بأساليبها التقليدية من علاجه،-أو أنها لا تريد ذلك أبدا - وربما أسهمت  في تفاقمه، بصمتها المطبق عن ما يرد في الكثير من الأعمال الدرامية -التي يتناسب انتشارُها تناسبًا طرديًا مع تفشي الجهل وانحطاطِ الوعي- من معلومات خاطئة وأفكار رديئة وأكاذيب وأوهام وخرافات، لا تُفقر العقلَ فقط بل تُنوّمه، وتجعله عاجزًا عن التفكير العقلاني بأيّ شيء يوقظ العقل ويجعله يفكّر منطقيًا.

صحيح أنه لا تغوي فتنة تلك التوصيات والوصفات المتلاعبة بالمشاعر والمنافية للتفكير العقلاني العميق، الحكماء اليقظون الذين يعتمدون العقل لحماية أنفسهم من الانزلاق في متاهات الخرافات والأوهام والجهالات، ولا يقع في شراكها إلا المغفلون، الذين لا يفكّرون بتأملٍ ورويةٍ وتدقيق، في مضامينها ومفاهيمها وعباراتها وشعاراتها التي - مع الأسف - يسكن إليها الكثير منهم، لظنِّهم بأنها تروي ظمأهم الروحي، وتستجيب للاحتياجات المعنوية التي يبحثون عنها، فتؤثر بذلك في بناء عقولهم وأرواحهم وقلوبهم وسلوكياتهم ، وتقوض قناعاتهم و وثوقياتهم، لأن الجهل بيئة خصبة لتفشي هذا النوع من الإنتاجات، التي يتذوق الجهلة نكهة حواراتها ومضامينها المبلِّدة للعقل والمشيعة للغباء، كما تتذوق الأشياء العذبة، وكما يقال: "النقود الرديئة تطرد النقود الجيدة من السوق".

في الختام أطرح نفس التساؤل الذي أطرحه كل مرة :متى سنرتفع بمستوى مضامين أعمالنا الدرامية المحلية إلى صورة التي تليق بها وببلادنا وبمواطنينا ؟ التطبيق الذي سيبقى ناقصاً ومنقوصاً، خاصة فيما يخص التأليف والسيناريو والحوار، أما التمثيل فقد أثبت الممثلين والممثلات مقدراتهم الإبداعية في الكثير من المسلسلات وعلى رأسها مسلسل"كاينة ظروف" رغم ما يعرفه من وانتقادات عبر وسائل التواصل المختلفة .  

*** 

حميد طولست

هذه المقولة البعض ينسبها للأصمعي وآخرون لإبن المقفع، وتدل على النضوب وتجمد قدرات العقل، وعجزها عن إستحضار الأفكار وتأجيج لذة الإبداع، فيتوقف المبدع عن العطاء.

والحالة يمر بها المبدعون كافة، فلا بد من قترة إستجماع وإعادة تكرير وتخليق متوافقة مع ما بلغه المبدع من مستويات إدراكية، إتسعت فيها بصيرته وتنامت معارفه وخبراته ومهاراته التعبيرية.

وتجد العديد من المبدعين مروا بفترات توقفوا فيها عن العطاء، وقائمتهم طويلة، وهم من الكواكب الساطعة؟

والعبارة جواب على سؤال : لماذا توقفتَ عن الكتابة؟

فالإبداع يحتاج إلى محفزات، وعندما تتراكم الإحباطات وتتعاظم التحديات يجد المبدع نفسه في محنة التواصل، لأن خيبة الأمل تتملكه، فتخرسه وتدفعه إلى الصمت والغياب، ولتوهم المبدع بعطائه سيغير الأحوال ويبني ما يريده في دنيا التراب دور في ذلك، بينما الأحداث ترسم خارطة المسيرة المجتمعية للناس.

والتأريخ يقدم الأدلة الكثيرة على أن الأحداث بتفاعلاتها تصنع الحالات القائمة وتمازجها وتوالدها، فتيار الوجود يجري بعنفوان وفقا لإرادة الدوران، فيصنع ما يشاء من التبدلات اليومية اللازمة للديمومة والبقاء.

ومَن يتوهم أنه رقم صعب وقوة مؤثرة عليه أن يرعوي، ويستعيد رشده ويتبصر بموسوعية وموضوعية، فالمبدع الحقيقي الذي يأنس بما يُبدع، لا أن يقيس قيمة إبداعه بما يؤثر في الآخرين، فذلك أمر آخر مرهون بالنفس ونوازعها ومعطياتها الكامنة، فلا تكونن من المتوهمين بما لا يعين.

إصنع رائعتك الإبداعية، ودعها تتدحرج كموجة في التيار الجاري إلى الأبد، فقد تطفو وتبين، أو تغطس في قاع أمين.

***

د. صادق السامرائي

بعد متابعة دقيقة وقراءة متمحصة لنية وسلوك رئيس الوزراء العراقي والقرارات التي صدرت والتوجهات العامة له في رئاسة الوزراء وادارة دولة العراق، وبعد تاكد اي من المتابعين لما يعانيه العراق من المشاكل العويصة المزمنة ومنها تجذرت واصبحت امراضا سياسية واجتماعية وتوريث  التعقيدات التي فرضت نفسها منذ سقوط الدكتاتورية، ومن خلال التحليل المحايد والعادل لمسيرة السوداني خلال هذه الفترة، يتبين لدى الجميع انه نجح نجاحا كبيرا مقارنة لما سبقوه وما بدر منهم خلال نفس الفترة لحكمهم وتعاملاتهم مع القضايا الانية والدائمية، فهذا يفرض على المتتبع سؤالا على نفسه لبيان سبب النجاح، هل هو ذاتي نابع عن فكر وتوحهات واخلاق وفلسفة وسياسة السوداني ذاته ام انه نابع عن الاسباب الموضوعية والتي فرضت نفسها على ان تواكب مع المرحلة وتلصق بها، واستفاد السوداني شخصيا من هذه العوامل المساعدة في نجاح مهامه اولا، ومن ثم اتعض هو بنفسه مما حدث لمن سبقوه وادى الى فشلهم وسار هو بدقة متناهية لحد الساعة وتسبب نجاحه المتميز، ومن ثم هناك امور يمكن ان يعتقد الجميع بانها حاءت مع تسنم السوداني لزمام الامور، من التوازنات السياسية والتغييرات التي حدثت في المنطقة موازيا لما افادته داخليا من التغييرات المضوعية سياسيا، وخارجيا بالاخص تقارب ايران والسعودية وتاثيرات هذا التقارب على ما يجري في جميع المنطقة بما فيها العراق، هذا ان لم نحسب ما هو عليه البلد من الوفرة المالية والاريحية في وجود السيولة وانتعاش الاقتصاد العراقي بشل ملحوظ في هذه المرحلة بالذات لو قورنت مع بعض الفترات البائسة لما كان عليه العراق في بعض الفترات من قبل من نصل الى ما نحن عليه.

مهما كانت الاسباب، الا انه يحسب للسيد السوداني كل خطواته الجريئة التي اتخذها لحد الساعة وتاتي داعما لنفسه اولا  ودافعا كبيرا  لنجاح مهامه الصعبة.

الخطوات البارزة لحركة السوداني تبرز لنا نياته السليمة في عمله في كل خطواته وما يعمل عليه وهدوءه المشجع وتعامله الناجح مع ادق القضايا التي  يعتبر الخوض فيها مفتاح النجاح في مسيرته السياسية. من الملاحظ ان المرحلة الاحالية فرضت حتى التباطؤ في التدخلات الدولية للعراق مما اتاح للسوداني فرصة مشجعة على ان يركز على العمل الداخلي. ولابد ان نذكرمدى وضوح الطريق التي يتبعها في الحكم في جو يبرز فيه التصالح المفروض داخليا بشكل تلقائي او طبيعي وان اعتقد البعض بانه مؤقت، نتيجة انسحاب الصدر ومؤيديه من العملية السياسية، مما اتاح فرصة ذهبية للسوداني دون غيره من اجل التركيز على مهامه الخدمي قبل اي عمل سياسي يمكن ان تبعده عنة المسار الصحيح له.

ولابد ان نذكر ان السيد السوداني لايزال على طريق تنفيذ ما يمكن ان نمسيه بعملية تصريف الاعمال لما وصلت اليه مما كانت السلطة عليه سابقا دون الخوض في الامور الستراتيجية التي تفرض الاستقرار النهائي للعراق، ومنها امور تاجلت او فرضت المستجدات السياسية على تاجيلها، ولا يمكن التاكيد على بقاءها منكمشة ومؤجلة للنهاية ومنها الاتفاقات النهائية مع اقليم كوردستان والقوانين المهمة الضرورية التي لم تصدر من قبل البرلمان لحد الساعة والمشاكل الكبيرة للاقليم التي يمكن ان تنعكس على العراق لو لم يشارك في حلها واستغلها القومجية كنا يفعلون ازاء كل قضية تهم العراق قبل اقليم كوردستان ايضا، نتيجة تربيتهم الايديولوجية التي اعتادوا عليها ولم يدخلوا مرحلة ما تفرضه الانسانية والليبرالية والعولمة لحد اليوم.

ما يجب ان يحذر منه السيد السوداني هو الحذر ممن يلعب على مجموعة من القضايا العالقة بين الاقليم والمركز لصالح القوى التي لا يهمها  ما يقع فيه العراق مستقبلا وما يمكن ان يستفاد منه بعض القوى البعيدة عن ما يهم مصلحة العراق، ولابد ان يستغل السوداني المرحلة الجيدة المناسبة من كل الزوايا لانهاء المشاكل والقضايا التي لا يمكن ان يجد مرحلة مناسبة اخرى اكثر مما هو عليه اليوم وربما تتعقد الامور اكثر في وقت لا يمكن ان يجد الحل المناسب له اكثر من ملائمة الظرف الراهن. وعليه نعتقد بان  حكم السوداني بدات بداية موفقة لحد اللحظة ولابد ان ننتظر لما ياتي وما يحل، واننا نعتقد فان النية السليمة للسيد السوداني تساعده  من ثم تدعمه في تحقيق مهامه اكثر من اي شيء اخرلان ما ينتظره هو تحقيق الاهداف العظيمة جدا.

***

عماد علي

"اكذب اكذب حتى يصدقك الآخرون ثم اكذب أكثر حتى تصدق نفسك".. جوزيف غوبلز وزير الدعاية الألمانية إبان حكم هتلر.

(الأمثال تضرب ولاتقاس) مثل يمر دوما على مسامعنا في محافل عدة، ونردده بدورنا ونستشهد به في محافل عدة أيضا، غير أنني لا أظنه يصح في كل الأحوال، ولا ينطبق على كل المواقف، فكما أن هناك أمثالا تضرب وتقاس، وأخرى تضرب ولاتقاس، هناك ثالثة لاتضرب ولاتقاس البتة. ومن الصنف الأخير الأمر الذي ينطبق على الألعوبة أو الأضحوكة التي مافتئت رئاستا المجلسين التشريعي والتنفيذي، تمارسانها كل عام على العراقيين الطيبين حد السذاجة، تلك هي ألعوبة الموازنة العامة، فجسدت مثلنا القائل: (يومية هزي رطب يانخلة).

فقد ذهبت موازنات أعوام ماضية هباءً منثورا، ولم تثمر كل الصيحات والمطالبات والتظاهرات التي نادت من خلالها شرائح الشعب كافة، بسرعة قراءتها وإقرارها لينعم بها المواطن، وقد تداعت بسبب تأخير إقرارها كثير من مصالح الناس، وها نحن على مشارف منتصف السنة، ومازالت الموازنة في مخاض عسير، لاتلوح أية بارقة أمل بقرب موعد ولادتها.

فإن صح التعبير، فإن الـ (طبخة) ترسل من قبل المجلس التشريعي إلى لدن مجلس النواب، لتمر بطور القراءة -وما أطوله من طور- وقطعا ستكون قراءة تفصيلية وتمحيصية وتحليلية وتصحيحية، وهنا يصح ويقاس ويضرب المثل القائل: (لگمة الشبعان على الجوعان بطيّة)، إذ ستأخذ القراءة الأولى ردحا من الزمن، يدفع ثمن التأخير والمماطلة فيها المواطن وحده، وإذا كُتب لها -الموازنة- الوصول الى دفة القراءة الثانية، فهذا يعني (جيب ليل واخذ عتابه)، وبالتالي يدفع المواطن نفسه ثمن العتابة، وكذلك يتأمل آناء الليل وأطراف النهار إقرارها، والحديث يطول إذا كانت هناك قراءة ثالثة ورابعة وعاشرة.

وهذا يذكرنا بالماضي القريب، إذ بنظرة سريعة على اجتماعات مجلس النواب في "صولاته" السابقة، نرى ان إرجاء المناقشات وتأجيل القراءات هو "سُنة" متبعة لدى رئيس المجلس وأعضائه، وأهم ما يسوفون بمواعيد قراءته ويماطلون بإقراره هو قانون الموازنة، غير آبهين بالمطالبات والتظاهرات الشعبية الواسعة التي تخرج بين الحين والآخر، من اجل الضغط على البرلمان والكتل السياسية لإقرار الموازنة. كما يذكر المواطن جيدا كيف أهملت حملات جمع التواقيع أكثر من مرة، من اجل حث الكتل المتنافرة والمتناحرة، على إدراج الموازنة في جدول أعمال جلسات مجلس النواب ولكن، كان كل هذا نفخا في رماد. والأدهى من هذا تنحى بعض الكتل إلى الابتعاد عن كل ما من شأنه الإسراع بقراءة الموازنة، كمقاطعة جلسات البرلمان، أو المطالب التعجيزية بغية تأخير إقرارها، ولم تنفع فقرات النظام الداخلي لمجلس النواب، والتي تنص على محاسبة المتخلفين عن حضور الجلسات بعقوبات شتى، وكالمعتاد.. كان النفخ في رماد أيضا، ورحم الله الشاعر عمرو بن معد يكرب حين أنشد:

ولو نارا نفخت بها أضاءت

ولكن أنت تنفخ في رماد

الصورة اليوم في رئاسة مجلس النواب الحالي -علاوة على رئاسة مجلس الوزراء- هي الصورة ذاتها، والرماد هو الرماد ذاته، ولن ينفع النفخ فيه، مادام النصاب لايكمله إلا الأشخاص الذين كانوا سببا في عدم إكتماله بالأمس، ومادام المال العام والثروات التي تدعم الموازنة، نزلت في جيوب الفاسدين من المسؤولين عن إكمالها وإخراجها للتطبيق، ومادامت الأعذار والتبريرات جاهزة تسوغ التلكؤ فيها، كتدني سعر الدينار العراقي، وتذبذب سعر النفط وغير هذا وذاك كثير، تكون الموازنة وفق المعطيات هذه، أشبه بحليب العصفور، لانراه حتى في الأحلام.

***

علي علي

الكتابة مهنة في مجتمعات الدنيا قاطبة، إلا في مجتمعات لغة الضاد، حيث يبدو الكاتب وكأنه العدو والمارق الذي على المجتمع أن ينال منه.

فلا يوجد كاتب في بلداننا يعيش بكرامة بقلمه، بل يدفع ثمنا باهضا، وكأنه المجرم الذي عليه أن يثبت براءته.

ومعظم الكتاب يزاولون الكتابة كعمل ثانوي، وقد قال ذات يوم أحد الروائيين المعروفين: "لو كنت طبيبا لما إستطعت أن أكون كاتبا"، وكان موظفا في دائرة ويكتب بعد الدوام.

فالكتابة تحتاج لجهد وإجتهاد ومثابرة وبحث ووقت، وما نقرأه لمعظم الكتاب لا ينفعهم ماديا، بل يتسبب لهم بأضرار جسيمة في أكثر الأحيان.

في بعض المجتمعات حصل إضراب للكتّاب بسبب تدني أجورهم، وثارت ثائرة الدوائر الإعلامية بنشاطاتها المتنوعة، لأن إحجام الأقلام عن الكتابة سيتسبب بتداعيات إقتصادية وإنتاجية كبيرة.

أما في مجتمعاتنا فليصمت الكتّاب، لأنهم بلا دور ولا تأثير في الواقع المعرفي والثقافي والإعلامي، وغيابهم أفضل من وجودهم في عرف أنظمة الحكم، التي تبحث عن أبواقها الراقصة على إيقاعات مظالمها وآثامها النكراء.

فكتّابنا لايمتلكون الحوافز المغرية التي عند كتاب المجتمعات الأخرى، ومع ذلك يتواصلون في كتاباتهم، وكأنهم في جهاد ونضال محتدم لإستنهاض مجتمعاتهم، وتنوير الأجيال وتوعيتها بآليات وضرورات تقرير المصير بحرية وإرادة سيادية صادقة.

وتجد في مواقعنا وصحفنا مقالات تتساءل عن أسباب إستمرار الأقلام بالكتابة، وهذه العناوين لا وجود لها في المجتمعات الأخرى، لأن الكتابة مهنة وحرفة وصنعة لها مردوداتها المادية.

وعليه فمعظم كتابنا يستحقون التقدير والإحترام والفخر والإعتزاز، لأنهم يقدمون جهودا تنويرية وتثقيفية مجانية وبدوافع ذاتية بحتة، وما منهم حصل على حافز مادي عما يكتبه وينشره، بل العكس، فالمحبطات تتفوق على المحفزات.

فعندما يعيش الكاتب الحر حياة رغيدة بجهد قلمه، حينها سندرك أننا مجتمعات معاصرة، ذات قيمة معرفية ودور حضاري، فمجتمعاتنا تهين مبدعيها في حياتهم، وتبجلهم بعد رحيلهم، بينما كانت أقلام كتاب الأمة تقطر ذهبا في عصور سطوعها الإبداعي المنير.

وتبقى الأقلام تكتب وتحطم المصدات، وتقتلع أسوار الصمت الرهيب!!

***

د. صادق السامرائي

منهم قراء الفيسبوك؟

بعيدا عن النخبة والكتاب وأصحاب الأغراض والنوايا الواضحة والمعلنين أدون هنا ملاحظاتي عن عموم قراء الفيسبوك الذين لاغاية لهم من القراءة إلا مايصرحون به في تعليقاتهم ..

يقسم قراء الفيس إلى أقسام متعددة لكن اهمهم الذكور أو ما اصطلح على تسميتهم بـ(الزواحف) وهؤلاء ما أن يشموا رائحة أنثى أو يلوح لهم في الأفق اسما انثويا إلا وحجوا له قبل الحجيج بعام وعلى ما اذكر أن احداهن كتبت على صفحتها ما اعتبره هؤلاء نصا شعريا قالت فيه:

(أن طلاء الأظافر الأخضر

لا يناسب رؤوس اناملي

ولايهمس لها بالحب لذا جافيته)

وخلال أكثر من ساعة وصلت التعليقات إلى رقم مدهش (٧٣٦) كلها تتحدث عن جمال النص الذي عجز الفحول عن الإتيان بمثله وكم هو طافح بالموسيقى والبلاغة المدهشة ويجب أن يغنى إضافة إلى جمال اناملها واظافرها وقوامها وبسمتها وحتى (زنود الست) عندها واستعداد الجميع لمحاربة هذا اللون البغيض الذي لايهمس لاظافرها بالحب، والنوع الثاني من قراء الفيسبوك هم المتملقون والذين أطلق عليهم صفة (اللواحيك) وهؤلاء أكثر شر من أولئك وفيهم الكثير ممن يدعون احتراف الأدب وهؤلاء يلاحقون بقراءتهم وتعليقاته (المسؤولين) في كل المجالات السياسية والأدبية وأذكر قبل عام كتب مسؤول ما يسمى مؤسسة أدبية ما معناه: (عندما اكل الطعام واشبع لا أشعر بالجوع ) وخلال ساعة واحدة تعدت تعليقات أعضاء تلك المؤسسة وأصدقاء الرئيس (١٥٠) تعليقا كلها تشيد بادبه وتمدح فلسفته وتعترف بحكمته ويطالبونه بالمزيد من هذا السرد الأخاذ والنوع الثالث من القراء هم الراكضون خلف (الصورة) وهؤلاء لا هم لهم غير مشاهدة الصور والتعليق عليها حسب ما يجيش في صدورهم هم لا يعنيهم مقال ولا يتوقفون عند اسم كاتب ولا حتى لماذا وضعت هنا الصورة ولايهمه من هو صاحب الصورة وفيهم من يحدد عمر صاحبة الصورة وصفتها (أربعينية صاكه) حتى أن أحدهم علق على صورة تبع موضوع ادبي عن القرن التاسع عشر بما يلي.. (الله هاي الثلاثينية الجادة هم عدها صفحة ع الفيس) .

وهناك أقسام كثيرة لا يسع المجال لذكرها لكنها في العموم لا تخرج عن هذا السياق.

***

راضي المترفي

إبتذال: إحتقار، إنحطاط، تفاهة، وضاعة.

ظاهرة سائدة في العديد من الحالات مما يتسبب بإنتشار الوضيع والتافه وتمكنه من وعي الناس، وعلى شتى المستويات والتفاعلات والعطاءات، ومنها عالم الإبداع بأنواعه.

فالمبتذل ينتشر كالنار في الهشيم، والرصين المتين ينحسر في زوايا حادة، وأقبية مظلمة، فالناس تعشق الإبتذال وتنكر الرزانة والعفة والصون والأدب والإحتشام في القول والتعبير.

فعندما تتناول موضوعا تافها فأنه يصل إلى أكبر عدد من القراء، كالنكتة الفارغة الوقحة والتصريحات الفجة المستقبحة، وهذا أكثر المتداول في وسائل التواصل المتعارف عليها.

يقول أحدهم أن شعبية أي قلم تتناسب طرديا مع كثرة المفردات المبتذلة التي يوظفها فيما يكتبه، أيا كان نوع ما يطرحه، من الشعر إلى المقالة والتعليق، فالمبتذل سريع الهضم ويغذي حاجة في نفس البشر، ليجد ضالته بالتماهي معها بتبني ما يلوح أمامه ويرده من حالات الإبتذال المثيرة للجدل.

عندما يتناول القلم شخصا ما وينهال عليه بمفردات الإبتذال، فالقارئ يحسبه عملا بطوليا، ويساهم في رقعة إنتشاره والتلذذ بقراءته والتفاعل به مع الآخرين، وكثيرا ما يأخذك العجب مما يردك من رسائل ونصوص، تفوح منها رائحة الإبتذال، وتحتار في دوافع ترويجها.

فهل النفس البشرية ميالة للإبتذال؟

ذات مرة قال لي أحدهم ونحن نتحاور حول شخص يُعرف بالعفة والمثالية الدينية، وقد فعل ما فعل من أمر لا يخطر على بال، قال: البشر لا يُظهر حقيقة ما فيه، ويرتدي قناعا يواريه، وفي سره ليس كما في علانيته، وما يقوله يناقض ما يقوم به، فالنفس صندوق أظلم.

الجواب ليس سهلا، غير أن الدلائل تشير إلى أن البشر يضع على رأسه تاج الباء ليحميه مما فيه، ومن الواضح أن الكتب الوعظية والإصلاحية والحركات المسمات دينية بأنواعها، هدفها تهذيب النفوس الأمارة بالمساوئ والعدوان على وجود الإنسان، فهي التي تعتاش على معطيات الإبتذال والإنشغال بما يحقق الكراهية والإذلال، وتتشفى بسقوط كل نجم ساطع، وتتمنى للناجحين الفشل والخسران.

فهل أن الإبتذال قانون في مجتمعات تحتقر القانون؟!!

***

د. صادق السامرائي

ظهرت كثيرا من الدراسات والبحوث والندوات النقاشية والكتب ورجالا تولوا المسئولية بإعادة دراسة الموروث التراثي والفكر الإسلامي والعربي العقائدي ودراسة تفسير الآيات التي لها ارتباط بالعقيدة والعبادات والآيات التي ترتبط بحياة الإنسان أولا والمسلم بالرغم من الظروف الصعبة التي يواجهها هذا التيار المتنور العصري أمام التيار الديني السلفي المتعصب والمتطرف للتراث والتأريخ التي تقوده المؤسسات الدينية القديمة بطراز عقلية القرون الماضية والتي جعلت شخوص التأريخ ورجالها بموضع القداسة وتعتبر تجاوز تراثهم هو عملية انقلاب على الفكر الإسلامي وتشويه الدين وأنه تيار مادي أجنبي دخيل يعمل ضد الإسلام وعقيدته وهذه التهمة ألصقت لكثير ممن تناولوا هذا المسار الجديد بحداثة وتنور في البحث والتنقيب والتشذيب للموروث الديني والتاريخي الذي بات ضعيف أمام التغيرات الاجتماعية والفكرية التي حدثت للعالم الجديد ولعقول الأجيال الحاضرة علما أن الاختلاف في الآراء ووجهات النظر المتعددة للمثقفين وأصحاب الاختصاص تحت مظلة  الالتزام بالثوابت وشروط البحث والتقصي والمراجعة لما سبق من الآراء ضمن المنهج والمضمون وعدم خروج عن السياق العام للمادة المراد بحثها تعتبر حالة صحيحة وصحية في عصرنا الحالي وعلى مثل ذلك استطاعت الأمم الأخرى من التقدم الفكري والتقني والسير نحو الأمام بأفكارها وعقلياتها بتجاوز كثير من الماضي على العكس من مجتمعنا الإسلامي والعربي الجامد والمتزمت بأفكاره وتأريخه الذي بنا عليه الدهر ما بنا من تخلفات وغبار الماضي السحيق في هذه المرحلة علينا لملمت شتات أفكارنا وعقولنا وخزين معرفتنا ونوحدها في بودقة علمية فكرية واضحة المعالم صالحة للأجيال القادمة والحالية ومتقبلة لديهم لنزرع للجيل الجديد الوعي الصحيح وإذكاء الشعور المعرفي والفخر والاعتزاز بالفكر العربي الصحيح الذي حمله الكثير من رواد المعرفة الفكرية على مر الزمن من خلال الالتقاء مع الفكر المتنور مطابقا للاكتشافات الجديدة التي ظهرت في الآونة الأخيرة وخصوصا في العالم العربي آثارا تناولت العقائد وقسم من تراث بعض الأديان وكتاباتهم التي تؤكد التقارب الكبير بين هذه الأديان والملل والشرائع كونها مشرّعة من مصدر واحد هو الله تعالى الواحد الأحد تشمل القيم والمبادئ والأخلاق السامية والتعايش السلمي بين البشر والحضارات وتوضح العلاقة الصحيحة بين الخالق والمخلوق التي توصل إلى الثواب والعقاب بسبل واضحة لكن مع الأسف نرى الغموض والتعتيم وعدم الشفافية في أظهار هذه الاكتشافات مثلا لفائف قمران ومصحف صنعاء بخط اليد والمعاصر للرسول محمد صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه والنُسخ الثلاث للقرآن الكريم الذي عُثر عليه في الشام والمخطوط بعد حوالي الثلاثين سنة بعد الرسول الأعظم وأكتشف مخطوطات بالخط الكوفي والحجازي بلغت 4500 في جامع صنعاء الكبير سنة 1972ميلادية ويُعتقد أنها بخط الأمام علي بن أبي طالب عليه السلام والعثور على مخطوطة من القرآن الكريم حوالي 35 ألف ومخطوطة لكتاب النبي داوود عليه السلام الزبور الذي يعود لأكثر من 8 آلاف سنة مضت .فإذا أردنا أعادت أمجادنا وجهود علمائنا ومفكرينا الذي ساهموا في النهضة العربية وإثرائها يجب أن تتكامل وتتضافر جهود الحكومة والمؤسسات الدينية والإعلامية والفكرية والعلمية جميعا باستخدام التكنولوجيا الحديثة من الأجهزة الإلكترونية (السونار) للكشف عن المعادن النفيسة والكنوز في باطن الأرض واستثمارها في أراضينا العربية التي شهدت النهضة والحضارة التي ساهمت في تقدم الأمم الأخرى والوقوف على ما خفية وأندثر من معلومات وآثار كانت حاضرة وشاهدة والتي تثير الجدل الآن بين المسلمين لتساعد المفكرين والباحثين في فك رموز الحقيقة وأعادت تأريخنا وموروثنا الأدبي والديني من جديد لحلته الأصلية بواسطة هذه التقنيات الحديثة ليكون لنا المتسع من الوقت في تقويم ودراسة عقيدتنا وإظهارها كما هي لأبعاد التشوه والمغالطات والمغالاة والتطرف بالرأي من طرف واحد حتى وصل إلى حد التقديس لرجالا أصبحت أفكارهم وتراثهم الأدبي من الماضي البعيد عن المنهج الحقيقي ولا يستسيغه عقل الجيل الجديد.

***

ضياء محسن الاسدي

للسودان من بين كل الدول والشعوب العربية وضع خاص في الوجدان الشعبي المصري، تجلى حتى في ابداع سيد درويش الذي غنى قبل ثورة 19 أغنيته الشهيرة " دنجي دنجي" وجاء في كلماتها: " ما في حاجة اسمه مصري، ولا حاجة اسمه سوداني.. نهر النيل رأسه في ناحية.. ورجليه في الناحية التاني". وعام 1948 غنت أم كلثوم من كلمات أحمد شوقي: " فمصر الرياض وسودانها.. عيون الرياض وخلجانها"، وتغنى المطرب السوداني المعروف عبد الكريم الكابلي منشدا: " مصر يا أخت بلادى.. يا شقيقة.. يا رياضا عذبة النبت وريقة." وهي علاقات تعود إلى عصر الدولة الفرعونية والحكم الروماني، وفي ذلك يقول الرحالة الفرنسي " بران روليه " الذي قام برحلات طويلة في السودان (1840-1852): " يعلمنا التاريخ أنه طالما كانت هاتان الأمتان مصر والسودان متحدتين عن طريق المصالح المشتركة والدين والأخلاق والعادات والتقاليد استطاعت مصر أن تشغل مكان الصدارة بين الأمم وأمسى من العسير على أعدائها غزوها". ولعل الملح الأكثر أهمية في كل هذا هو ذلك الوجدان التاريخي المشترك بين الشعبين والذي يتميز بالسماحة وكراهة العنف، وهو الانطباع الذي يتركه الانسان السوداني في الآخرين، محملا بالدماثة والمحبة. لذلك فتح أهالي أسوان بيوتهم للأخوة السودانيين وتسابقوا على استضافتهم، وبلغ عدد الأخوة السودانيين الذين دخلوا مصر عبر معبر أرقين نحو 17 ألف مواطن، علاوة على أربعة ملايين سوداني يعيشون في مصر من دون أي تمييز. ويذكر كل ذلك بما قاله العالم الفرنسي لويس باستور مكتشف البسترة: " في المحنة لا يسأل أحدنا الآخر: ما هو بلدك.. ما هي ديانتك؟ كل ما يقوله له: إنك تتألم، يكفيني أن أعرف هذا". وإذا نحينا جانبا تاريخ العلاقة الانسانية العريق فسنجد أن ما يجرى في السودان حلقة من حلقات تدمير الدول العربية وهو المخطط الذي بدأ بالعراق ثم ليبيا وسوريا واليمن، والذي يؤدي إلى تطويق مصر بدويلات صغيرة تمزقها إما حروب أهلية أو نزاعات عسكرية وعرقية فتجد مصر في كل ذلك ما يستنزف أمنها وسلامتها وقدرتها على التقدم. من ناحية أخرى فإن تلك الحلقة من المخطط تهدف إلى هدم الدولة السودانية التي يشكل وجودها الشعبي والرسمي حائط صد أمام مشروع سد النهضة الرامي لتعطيش مصر. ولكل ذلك فإن ما يجري في السودان سوف تنعكس نتائجه سلبا أو إيجابا علينا، والاقتتال الدائر يدمر في ما يدمر حتى المصالح الاقتصادية المشتركة، ففي السودان يوجد أكثر من مئة مشروع صناعي مصري، وتتحرك فيه استثمارات مصرية تبلغ أكثر من عشرة مليارات دولار، كما أن الاقتتال، واحتمالات هدم الدولة، ستغلق الطريق أمام أي فرصة للتكامل الذي يسارع بتأكيد قوة البلدين، إذ أن المساحة القابلة للزراعة في السودان الشقيق تشكل 48 % من الأراضى الزراعية في العالم العربي، مما يطرح مختلف مشاريع التكامل لمصلحة الشعبين. وتبقى السودان أخت بلادي، وراية الأساطير التي وصف محبتها الشاعر الكبير محمد الفيتوري بقوله:" هذه الأرض التي أحملها ملء دمائي.. والتي أعبدها في كبرياء.. هذه الأسطورة الكبرى.. بلادي". السلامة للشعب السوداني، والتكامل، والتحرر، والتقدم.

***

د. أحمد الخميسي. قاص وكاتب صحفي مصري

كتبت يوم أمس عن ظواهر موجودة على الفضاء الأزرق يدينها البعض ويسعى البعض الآخر لتكريسها بقوة مما يولد صراعا خفيا لا يتيح لمدينها الرد رغم رفضه الواضح لها لذا يلجأ لسلوك آخر يعتبر ردا عليها حتى لو كان غير مباشر، ومعلوم أن في الفيس شخصيات فاعلة كثيرة في الجانب الإيجابي تركت بصمتها على صفحاته وحظيت بمتابعات وقراءات وحوارات بين القراء لكن كثرة المرفوض من قبل هذه الشخصيات الفاعلة خصوصا من أصحاب الجنس الأدبي الذي يعملون عليه دفعهم إلى تغير مساراتهم على صفحات الفيس ولو إلى حين عل الأمور تتغيير نحو إلاحسن ومن هذه الشخصيات ..

(١) ابراهيم البهرزي:

شاعر متفرد من شعراء هذه المرحلة ذا بصمة خاصة وذوق جميل في اختيار مفرداته وقدرة تامة على تناول المواضيع المهمة في شعره مع خط شعري واضح يميزه عن غيره لكنه بدأ في الفترة الأخيرة بالتحول من كتابة الشعر على صفحات الفيس إلى الصحافة الفنية التي نجح فيها خصوصا وانه يتناول في كتاباته زمن ما اصطلح على تسميته بالفن الجميل بعد ما رأى أن الشعر تحول من سوق عكاظ إلى سوق (الهرج) .

(٢) نصيف الناصري:

شاعر لا يقل جمالية عن البهرزي حفظا ودراية لكن الفرق بينه وبين البهرزي أن البهرزي وضع لنفسه اطرا مهنية قد تكون أخلاقية ولم يحيد عنها في حين مارس الناصري ضياعا على طريقة (الحصيري) مصحوبا برفيقة أطلق عليها اسم (الشفيعة) تشاركه البعد عن الشعر والضياع والانغماس في بنت الحان واستذكار شعراء المجون وليذهب الشعر إلى الجحيم مادام اختلط الحابل بالنابل على صفحات الفيس .

(٣) تحسين كرمياني:

روائي مرموق ذا بصمة ورأي وسعة اطلاع اذهلته تلال الروايات التي تتعالى كل يوم على رفوف الفيسبوك من دون أن يجد في بعضها بارقة أمل تسمو بالرواية العراقية خصوصا والأدب عموما نحو مسارات تليق به فاغلق شبابيك الرواية في بيته ومارس هذيان الفلاسفة على شكل ومضات ونصائح وانتقادات ربما لا يطلع على أغلبها من سخموا الصفحات الكثيرة بما يطلقون عليه اسم (رواية) .

(٤) أنمار رحمة الله:

قاص مقتدر جميل يميل للغرائبية في كتابة قصصه ويمزجها بالاحلام احيانا اذهله نزف الأحبار وجبال الورق المستهلك في تسطير ما يطلق عليه جزافا (قصص قصيرة) فاشاد لنفسه صومعة في بيته بعيدا عن القص والقصاصين واراح أنامله ووهب قلمه استراحة مقاتل وفتح سمعه على مصراعيه فازدحمت فيه الاغاني الرومانسية وخصوصا الأجنبية منها املأ بأن يشغل صخب ما يسمع عينه وروحه عن النظر إلى ما يكتب تحت مسمى (القصة القصيرة) ولو إلى حين .

***

يتبع

راضي المترفي

ليست الطبقة العاملة كما تعرفها الطبقات الحاكمة (الرأسمالية) باعلامها الممول بانها فئة محددة في نوع من العمل أو شكل معين من أشكاله، وانما تشمل الطبقة العاملة أولئك الذين يعملون مقابل راتب أو بأجر، (كل الموظفين الحكوميّن (دائمي، عقد، اجير يومي) بكافة مسؤولياتهم ومراتبهم العلمية والعملية- وكافة العاملين في القطاع الخاص - وطلاب الجامعات (مشروع عامل)- والعاطلين عن العمل (عامل مُعطل).. الخ) وبمعنى آخر/ كل إنسان يرتبط بعلاقة مع وسائل الإنتاج فهو عامل.

يردد الوعي المعرفي للعمال بالأول من أيار: نحن نعرف حق المعرفة أن الأغنياء لا يخاطبوننا بأي خطاب إلا ليستغلونا.

إن هذه المناسبة ليست عيداً للأحتفال بل يوم تضامن العمال العالمي والإحتجاج ضد بشاعة وأستغلال وظلم وعدم مساواة من قبل البرجوازية الرأسمالية وليست عطلة في أغلب الدول التي تعد قواتها الأمنية لقمع تظاهرات العمال في هذا اليوم مثل فرنسا وتركيا وكوريا الجنوبية ودول امريكا الجنوبية والفيلبين وغيرها.

وهو يوم تذكير البرجوازية بجرائهما ومعتقلاتها وإعلامها المأجور وكتابها ومثقفيها وإقتصادييها ضد الطبقة العاملة الدارة لهم الأرباح والتي تمكنت الطبقة العاملة عبر تأريخها وتضحياتها من فضح سياسات اللامساواة والعنصرية والتحرش الجنسي.

اما العراق؛ يتمتع العمال في هذا اليوم بعطلة رسمية فرضت نفسها نتيجة لنضالاتهم منذ أول إضراب قاده عمال "مسفن دوكياد" في البصرة عام 1918 وأضراب عمال الزيوت النباتية عام 1968 وتم فتح النار عليهم وتلفيق تهم الدعارة ضد العاملات بعد أربع أشهر من سيطرة البعث المقبور على السلطة؛ هنا كانت الحركة الأولى في العراق لتفتيت الطبقة العاملة وكل حركة لكسب حقوقهم فأنها ستواجه بالقتل والإتهام، وحول صدام كل مصانع ومعامل وزارة الصناعة الى التصنيع العسكري لفرض القوانين العسكرية على العمال.

بعد عام ٢٠٠٣ والاحتلال الامريكي للعراق قرر "برايمر" منع مختلف أشكال التنظيم العمالي وسلب حق الإضراب والتظاهر في القطاع العام حتى صرح "ديك تشيني" نائب الرئيس الأمريكي آنذاك (بوش الابن) بخشيته من وصول مسودة "قرار برايمر" للإتحادات والمنظمات العمالية في العراق، لكن سارع البرلمان بسن قوانين التقشف والخدمة المدنية والحريات النقابية وخصخصة المصانع والتعليم والصحة كي لا يكون دور للإتحادات والمنظمات العمالية لتنظيم الطبقة العاملة وأخذ حقوقهم وحمايتهم.

ما قامت به البرجوازية الرأسمالية العالمية على مر التأريخ وليومنا هذا حيث بابسط ازمة اقتصادية للطبقات الحاكمة ترمي كرة الازمة على رقاب العمال، لذا على المجتمع أن يضغط بكل الأشكال على الدولة بأخذ مسؤوليتها في توفير الأمان الإجتماعي والسياسي والإقتصادي للجميع وإيجاد فرص عمل أو ضمان بطالة للعاطلين، وإطلاق كافة الحريات وصيانتها وتنظيمها بقانون، وإتاحة حرية التنظيم والإضراب والتظاهر وحرية الإعلام والتعبير عن الرأي، وتفعيل قانون العنف الأسري ضد النساء والأطفال.

يثبت الأول من أيار ان الطبقة العاملة قوة هائلة واغلبية على الصعيد الاقتصادي والعددي والمجتمعي وبامكانها أن تطيح بعالم اللا مساواة، عالم من جزئه الصغير الى الكبير يسير بالمقلوب.

***

حسام عبد الحسين 

نحن في حاجة إلى نخبة واعية متشبِّعة بقيم العقيدة الوطنية، تقول الحق ولو كان مرّا، دون الخوف من لومة لائم، وتقف سدّا منيعا أمام كل محاولات التمييع التي تطال القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية في هذا الوطن الذي ابتلي بالعديد من الأمراض، ما ولّد حالة من اللامسؤولية تجاه الوطن؛ فالنخبة بغيابها تركت في مناسبات عدّة المجال للغوغائيون، الذين ركبُوا الموجة وأضحوا يحلّلون ويناقشون قضايا الأمة ويحاكمون حتى النوايا، حيث تحوَّل “الإنسان الرقمي” الذي يُحسن التعامل مع تكنولوجيا الإنترنت، إلى فاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، ينشر الأخبار ويبث الصور والفيديوهات ويبدي آراءه حول مسائل جوهرية، تهمُّ الوطن والمواطن، في ظل اختفاء العقل النخبوي، الذي اغتال نفسه منذ زمن لان النخب هي التي تقود قاطرة النهضة والتنمية في بلدان، وهي العقل الذي تفكر به المجتمعات الراقية، عبر تسيّدها المشهد في كل الميادين، وانخراطها في مجمل النقاشات العامة حول القضايا التي تشكل الصالح العام، فإنّ حالها في بلادنا على النقيض من ذلك تماما؛ فهي منزوية ومنطوية على نفسها، ومستقيلة من دورها في التخطيط لمستقبل البلاد ة وفي زرع الاخلاق الواعية بين ساكنته،وعليها ان تشارك في إيجاد الحلول لكافة الآفات التي تنخر المجتمع، وهي غائبة للأسف عن المشاركة في صناعة القرارات المصيرية. البعض يقول: “إنّ هناك تجنيا مع سبق الإصرار والترصد في حق النخبة الوطنية، التي تعاني الإقصاء والتهميش بلا سبب”، في حين يرميها البعض الآخر بسهام النقد، وستظهر محطات مهمة كانت النخبة خارج مجال التغطية فيها، فهل فعلا صفوة المجتمع المشتغلون بالثقافة والعلم، مغيّبون أم غيَّبوا أنفسهم؟ لماذا لا نجد لهم أثرا في النقاشات العامة. اليوم أكثر من أيّ وقتٍ مضى مطلوب من العقول النيرة والتي تشعر بالوطن ومعانته من الخروج من هذه القوقعة سواء فُرضت عليها أم فرضتها على نفسها، وأن تكون في الطليعة، وتنخرط في كل المسائل الحياتية، بالدراسة والتحليل والتخطيط والاستشراف، لا أن تترك المجال للعابثين والمصطادين في المياه العكرة. كما عليها أيضا الفكاك من المنزع النرجسي وعقدة التعالي، التي تجعل من العالِم حبيس برجه العالي، ويرفض أن يتزحزح منه، ليُحاكي واقعه.

إن دور النخب في البناء الحضاري هو فهم واجب القيادة والمقصد منه، ويتمثل في مواكبة التطور بالجديد والمفيد في ميادين التكنولوجيا، والتقدم الصناعي والعلمي، وتشجيع المفكرين والمبدعين، وفسح المجال للعلماء وأرباب الفكر في صناعة التقدم والحضارة، وبذلك تنمو الحياة بشكل متكامل ومتنامي من جميع الجوانب، وعلى كافة الأصعدة والاتجاهات، ومقدرته على مواجهة الأزمات والتحديات المعاصرة.ومن منظور آخر كيف قامت الأمم السابقة بواجب الاستخلاف، ومن ثم الفهم الشامل والصحيح للحضارة المعاصـرة بالانفتاح عليها انفتاحاً منضبطاً بضوابط الوحي، لأن الانفتاح المنضبط نحوها أمر ضروري للتبادل الحضاري الصحيح، لكون هذا الفهم هو الذي يمكن من الانتقاء والاستفادة العلمية والفنية الصحيحة، دون مساس بالقيم والعقائد والهوية

***

عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

كان في الماضي الاعتياد أن تقرأ في الصباح جريدة ما وانت تحتسي قهوتك أو تشرب الشاي هذا إذا كنت من (الفايخين) ولك مكتب خاص بك وربما سكرتيرة بظفائر وتنورة قصيرة وسيقان من مرمر وابتسامة كابتسامة  (بروك شيلدز) أو دلع وضحكة (معالي زايد) أما إذا كنت من الذين وضعتهم اقدارهم في رهط (مكتوب عليهم قلة الراحة) فأنت أيضا تقرأ الجريدة صباحا حتى إذا كنت (لبّاخ) أو (تجبن جص) لكن الاختلاف في القراءة حيث تصلك (لفة الريوك) ملفوفة بجريدة مع علمهم انك تهتم للقراءة وليس لتاريخ الاصدار وبما أن زمن الجرائد ولى وسقطت دول المرابطين والموحدين والخرفان وأصبح (ابن العميد) قهوة مستوردة وعبد الحميد حكاية لا يذكرها إلا (نصيف الناصري) بعد عبور (النص) بصحبة كما يسميها (الشفيعة) لم يبق لنا جريدة تقرأ صباحا إلا (الفيس بوك) خصوصا وأن هذا المخلوق لا يشبه الجرائد من حيث تقسيم الصفحات والإخراج مع التأكيد بأننا كنا في الأزمنة الغابرة نقرأ تلك الجرائد من (وره) اي نبدأ من الصفحة الاخيرة حيث أخبار الفن وصور الحسان مفضلينها على الصفحة الأولى التي تحمل صورا مكفهرة وأخبار مستفزة ووعود كاذبة وافتتاحيات تنظر لحياة (السعالى) و(الطناطل) لكن الفيس هذه الأيام استولت عليه أربعة جهات لم تراعي فينا نحن قرائه الله وتوزعت هذه الجهات مساحات الفيس المسماة بالزرقاء فأخذت المنشطات الذكورية حيزها فارضة شعارها المؤدب الخجول (طول.. ضخامة.. تأخير) مع تزاحم اغلظ الإيمان بالله والكتاب المقدس والأئمة أن هذا المنشط هو الغاية والمبتغى وانه خالي من المواد الكيميائية وتحريض فاضح على أذية النصف الآخر (خليك كدها ولاتخليها تنام للصبح) أما الجهة الأخرى فهي صفحات الأدعية التي ربما عجز عن الإتيان بمثلها (مفاتيح الجنان) ومن لايحضره الفقيه والبخاري ومسلم ودعاء للرزق واخر لجلب الحبيب وثالث للغنى ورابع للسلطة وكلما كان المطلب نفيسا كان الدعاء طويلا مع عبارة (ارسله إلى كل من في صفحتك) وعندما تقرأ هذه النصيحة تجد أن كل أصحاب الأدعية ذا قلوب محبة خالية من الأنانية تريد الخير للجميع ومع كثرة المنشطات والإصرار  على قوة مفعولها وطول الأدعية وضمان الاستجابة لم نسمع شكوى حتى إذا خارج المحكمة عن طلب احداهن الطلاق بسبب فحولة المتعاطي كما لم نر الملايين في غير جيوب اللصوص الفاسدين .

يتبع

راضي المترفي

‏أصبح العراقيون مدركين تماماً، أن المشاكل التي يمر بها بلدهم وحلولها باتت بأيديهم، وهم من يمتلكون أدوات التغيير، حتى مع وجود واشنطن، التي مازالت تمتلك خيوط لها كشريك وليست مسيطرة على القرار السياسي الوطني..

يبدوا ان العراقيين باتوا يتطلعون إلى سياسيهم، بأن يكونوا على قدر المسؤولية في تنفيذ مطالبهم وحقوقهم، بالإضافة إلى إيجاد الحلول الناجعة لمشاكل الفساد، التي أخذت تتجذر أكثر فأكثر في مؤسسات الدولة، ‏وغيرها من المشاكل التي بدأت تؤثر على المشهد الاقتصادي، وآخرها التأثير المناخي التي بدأت تلقي بظلالها على الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وزاد من مخاوف المجتمع العراقي ككل، في قدراتهم على تحسين وضعهم المعاشي، بما فيها العثور على وظائف، أمام تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد وزيادة الأسعار، وما رافقها من أزمات أثرت على الوضع العام كأزمة المياه، و تسارع سياسة تركيا في زيادة إعداد السدود على نهري دجلة والفرات، ما سرّع كثيرا في زيادة نسبة التصحر، وهذا ما أكده تقرير البنك الدولي لعام 2020.

‏الشعب العراقي أصبح على يقين، أن المشاكل التي تمر بها البلاد، لا يمكن حلها من الخارج، وأن معالجتها ينبغي أن تكون داخليا، وليس هناك أي إرادة خارجية لإجراء أي تعديلات أو تغيرات، على البناء الاقتصادي والسياسي للبلاد، لأن الأزمة ليست سياسية أو مالية اقتصادية، بقدر ما هي أزمة إدارة..

‏الولايات المتحدة كشريك أيضا، لها أدوات عقابية تجاه العراق، ويمكن لها أن تستغل القوانين لمعاقبته كقانون "ماغنسي"الذي يمكن استخدامه في عمليات تهريب الأموال إلى الخارج، وتقديم الدعم اللازم لمجموعة مراقبة مكافحة الفساد في العراق، حيث تساعد واشنطن في إعادة الأموال وتجميد المهرب منها، و التي ترى بأن الدولار عملتها الرسمية، ومن حقها متابعة عمليات تهريبه وملاحقاتها، ومنعها من الفاسدين، وإيقاف أموالهم في البنوك الغربية .

‏يعتقد بأنه بات ممكنا للعراق، أن يجد حلاً لمشاكله من خلال نظام "الحوكمة" الذي سيسهل عملية مواجهة تحديات الإصلاحات الاقتصادية، وجذب الاستثمارات في مختلف المشاريع، وأهمها المجال النفطي، واستثمار عمليات الغاز المصاحب في توليد الطاقة، و استخدام المياه العذبة التي بدأت تشح في بلاد الرافدين!

‏هناك من يرى أن على واشنطن، أن تكون جادة ومهتمة باستقرار العراق، وتطوره وازدهاره وتطوير قدراته الإدارية والاقتصادية، وان تنفذ ما عليها من التزامات، وأن تكون صادقة في ذلك.. وإلا فإن العراق بقدراته البشرية والمالية، يمكن أن يكون متقدما في المجال الاقتصادي، وسط الانفتاح على الوضع الإقليمي والدولي، الذي بالتأكيد سيؤثر بالإيجاب، على اتساع رقعة الاستثمار في البلاد .

‏العراق بداء يصبح أكثر قدرة على حماية نفسه، ويعمل على تثبيت دعائم أمنه واستقراره وسيادته، ويمكنه الدفاع ضد أي خطر يهدد آمنة واستقراره، وآخره تنظيم داعش الإرهابي، حين استطاع بقدرة أبنائه، أن يكون أن يقود حربا بالنيابة عن العالم، ضد هذا التنظيم الإرهابي، ومنع المخطط الدولي في تقسيمه.

يبقى الخطر الأكبر والأبرز الذي يهدد الدولة العراقية، هو الفساد المستشري الذي بدأ يضرب أركانه، ويصل إلى القيادات السياسية، والذي يعد احد الموروثات السلبية للتدخل الأمريكي، وساعد في تكوين طبقة من الأثرياء، حيث تصل شهرياً ما بين مليار إلى ملياري دولار أمواله، من البنك الفيدرالي الأمريكي، لدعم رواتب موظفيه، وتوفير رأس المال للمشاريع والاتفاقيات التجارية الخارجية، فتوفرت بيئة للفاسدين من سرقة المال والتلاعب، به حتى وصل الحال إلى اختلاس مليارين ونصف المليار، في صفقة وصفت بأنها الأقوى والأكثر فساداً في القرن الحالي.

***

محمد حسن الساعدي 

الكتاب لا يتصل بحياتنا، وفي أحسن الأحوال ينتهي سجيرا للتنور، الذي يطعمنا خبزا ثمنه باهض وأليم.

ستقولون ما هذا الطرح المتحامل على الكتاب؟!!

فالواقع المتواصل على مدى العصور، أسس للقطيعة بيننا والكتاب، ولا تزال متنامية ومتفاعلة في مجتمعاتنا.

فهل وجدتم مكتبا لمسؤول فوقه كتاب يقرأه ويسترشد به؟

هل رأيتم في غرف إستقبال بيوتنا كتبا على المناضد؟

وهل شاهدتم مكتبة في دواوين المشايخ التي تكاثرت بسرعة عجيبة؟

ولن تجدوا في أسواقنا رفوفا للكتب!!

المجتمعات المتقدمة ترعرعت على الكتب، فالبيوت محشوة بالكتب، والأسواق بأنواعها فيها أقسام للكتب، حتى الصيدليات، وأماكن الإنتظار في أي دائرة أو مؤسسة.

وما تنتجه دور النشر في دولة من المجتمعات المتقدمة يفوق ما تنتجه  دور النشر في دول أمتنا.

ومع قلة إنتاج الكتب عندنا، فأسواقها بائرة، والعلاقة بينها والمواطن مقطوعة، وما سمعت أو رأيت من يتكلم عن كتاب قرأه.

والسبب يعود إلى أن الكل تعرف، وتعلم، وتستند على شجرة تلهمها كل شيئ، فما دام من نسل كذا وكذا فهو العارف بكل شيئ.

أما تربيتنا المتوارثة فهي التي تحتقر الكتاب، وفي القليل من بيوتنا تجد القرآن في مكان مهجور، ولا يعرف مَن في الدار قراءته.

وفي ذات الوقت يتباهى العديد من ذوي الأقلام بأنهم أصدروا عددا من الكتب، وجميعها طبعت ببضعة مئات وتكدست في أقبية ظلماء، ويُهدى منها للمعارف والأصدقاء، أما بيعها فمن المعجزات.

فالناس المولعة بزيارة شوارع عرض الكتب والمكتبات تكتفي بقراءة العنوان، ولا تجود بالمال على كتاب.

ترى لماذا نؤلف الكتب وثقافة العدوان على الكتاب تسود؟!!

هل أنها العبثية والخداعية والنرجسية المهيمنة على وعينا الجمعي؟!!

***

د. صادق السامرائي 

1 - منذ الزمن البعثي، الى زمن الأستبعاث الأسلامي، انا وانت وهي، مهاجرون او مهجرين، والوعيد المرفق بالشتائم والتسقيط يطاردنا، خياراتنا محاصرة، بين قطع الأرزاق او الأعناق، او الهرب من جحيم منفانا، في وطن مهجر في ذاته، انا مثلاً  تطالني البذاءات، مع اني قد تجاوزت عمري، كما انها لم توفر كرامة لأمي، التي توفيت في الجنوب العراقي ــ العمارة ــ ولم ترى شكل السيارة، فقط لأني اخبرتهم، على انهم حثالات، لا يليق في العراق، أن يكونوا داخل مجتمعه النبيل.

2 - البعث لا يملك من القومية، سوى جلدها، ليخفي تحته ماضيه القمعي، اما المتأسلمين الجدد، فيتخذون من اسماء الله والأولياء، واجهات للخداع، ومن المذهب رتوش لتحسين صورتهم، حتى اصبح معاقاً بهم، ملثماً بالقناص والسياف، ومراجع الصمت الشيطاني، جاءت بهم أمريكا لتسقطهم، كالذي سبقهم بعد نفاذ ضرورتهم، لكن الأمر قد تغير، وحال امريكا لا يسعفها الآن، وهي مختنقة بنفسها الأخير، والخوف يعتريها، من آخرِ سيسقطها، ليكشف عن مخالب ديمقراطيتها، كما ان المتشيعين قد تعفنوا، ولم يصلحوا حتى ذيولا لأيران، وسيتعرون عن تاريخهم المنافق بلا مستقبل.

3 - العراقيون ومنهم بنات وأبناء الجنوب والوسط، بشكل خاص، لا يعنيهم من التشيع، سوى حبهم لعلي والحسين والعباس (ع)، مثلما يحبون الزعيم عبد الكريم قاسم، من دون النظر لدينه او مذهبه، سوى انه كان، وطني نزيه كريم عادل وشجاع، ان التساقهم كرقعة فساد ولصوصية وانحطاط، في الثوب النظيف، لعلي واولاده واحفاده (ع)، أمر لا يقبله عراقي منصف، ومثلما كنا ولازلنا مهجرين ومهاجرين، بأنتظار العراق، ان يخرج من تحت، ثقل انتكاساته المريرة، ليرتدي تاريخ حقيقته، ومنها يبدأ التغيير والأصلاح.

4 - المهجر يبقى مهجر، وكذلك المهاجر، ما داما "يريدان وطناً" الولائي سيبقى مطارداً، ما دام يخون وطناً، العراق يبحث عن نفسه، في واقع التطورات الكونية، هناك شعوب تغير العالم، ذو القطب الواحد المتمرد، وأنظمة تختنق بنفسها الأخير، سيعود المهجر والمهاجر الى ارضه، ليسقيها بدموع محبته، وسيحمل الولائي اكياس خياناته، ويرحل الى حيث كان، فهناك فقط لديه ما يفعله كقاطع طريق، ولم يتبقى لهم في الذاكرة العراقية، سوا اثار خياناتم، على بنات وأبناء العراق، ان يفكروا بقوة الوعي الجديد، وبأرادة شابة واعدة، ان ينجزوا ادوارهم، في اعادة اصلاح وتغيير وبناء وطنهم، وأجتثاث الأيديولوجيات والعقائد النافقة، للولائيين في العراق، كمرتزقة لأمريكا او لأيران، حينها سيستحق العراقيون وطنهم، كما يستحقهم.

*** 

حسن حاتم المذكور 

28 / 04 / 2023

حتى لا نمارس بذخ النقد "المهلك" ونكون مثل جرير والفرزدق في شعر الهجاء، لا بد من تملك عمليات النقد ضد الذات وتصويبها باتجاه الآخر. ففي ظل رؤية التوافق والاحتكام للعقل الجمعي لم يبق لدينا حاكما ولا معارضا شرسا، بل بتنا نتحدث لغة واحدة وهي الخروج من الجائحة بأقل الخسائر. اليوم يجب أن نعترف أن تطوير المجتمع لا بد أن تكون سكته متواصلة بسرعة"تجيفيTGV"، وهي التحولات التي لا مفر منها وقد تصبح مثل كرة الثلج القادمة من الجبل أكثر حدة ومتسعا بالمطالب والأولويات. من اليوم لا بد أن نستوقف التفكير في بناء تحول نوعي من نفس نبع ذات ما بعد الاستقلال. من اليوم يجب أن نبحث عن تأسيس مخفضات حصينة لسرعة التغيير الجارفة، و حتى التغيرات السريعة غير المراقبة بـ (رادار Radar) القيم الاجتماعية السليمة. من اليوم لا بد من مواجهة كمون التغيير غير النافض للغة المطالب، لا بد من مواجهة عمليات التيئيس من التجديد والتحديث، لا بد من مناصرة الثقة في المستقبل وبناء مسارات التغيير المرتكزة على السلم الاجتماعي والعدالة والكرامة.

الثورة على الإحباط، ورؤى سوداوية المستقبل، لا بد أن تكون لغة يمتلكها الشعب بالعامية نحو ترييش أجنحة الفساد، وضبط عقارب التنمية بالتسريع المندمج، نحو بناء رافعات ركيزة تضع المراقبة والمتابعة في يد المجتمع المدني والفاعل السياسي والمؤسسات الدستورية. فالثورة على الإقصاء والتهميش يجب أن يكون حلا جوهريا (تجربة زمن (كوفيد) ثلاث أرباع من الشعب تقريبا يحتاج إلى الدعم) ، يجب نسف كل الفوارق الاجتماعية العمودية بشكل هرم"خوفو" والتي تجعل من القاعدة متسعا لشعب الحاجة والفاقة، يجب أن تكون طريق التطور(النموذج التنموي الجديد) حلما جماعيا لا نخبويا.

صدق التغيير ينبعث من بناء روح الذات والجماعة والوطن بالايجابية التفاعلية، صدق البناء يكون بضبط عقارب ساعة تتحرك من الذات وفق الصدق والثقة في المستقبل وردم فجوات الماضي(الانتكاسات السياسية)، وفق العناية بتميم ممرات مأسسة مفهوم الوطنية والتي لا تختزل في رفع الشعارات بمفرقعات دوائر (رغوة تيد TIDE)، بل في الوفاء للثوابت والمقدسات وللمؤسسات الدستورية، وكذا من خلال العناية بالوحدة الوطنية والاعتراف بها كفاعل محرك للتغيير. إنها أصعب المسارات التي تتناول الانتقال من أنانية الهوية (الفردية) إلى نقيضها (المشترك) المنفتح على القيم والمعتقدات والثوابت اللازمة للعيش المشترك.

حق القول بالختم، حين تنكسر رغبات الذات (الفئوية) يسود الإحباط وانعدام الثقة، وينمو الحقد الاجتماعي ومفهوم (المقهور) و(الحكرة)، وتظهر الآثار السلبية وتصبح الهزيمة متمكنة من السيطرة على الذات والآخر بالتوسع . لنختم بأننا بالإفراد والجمع في حاجة ماسة إلى خلوة مع الذات، خلوة غير صوفية بالتمام، لكنها تفتح الحوار مع (أنا)، وتساءل المحيط .

***

محسن الأكرمين

بعد أن قضى ثلاثة عقود في إحدى الدول العربية، انتهى عقد عمله في أحد الدوائر الحكومية وتم إلغاء إقامة عمله وباع سيارته وأثاثه وانهى عقد إيجار شقته الصغيرة وعاد لوطنه مع عائلته الصغيرة وهو يحمل ذكريات كثيرة، ولقد كان يشعر بالخوف فوطنه الأم لا يعرفه فلقد تركه في بداية شبابه وذكرياته بحلوها ومرها في الدولة العربية التي عاش فيها، وطبعا المعاناة مضاعفة لأبنائه الصغار فهم لا يعرفون عادات ولا لهجة وطنهم الحقيقي ويحتاجون لاحتضان الكل حتى يتم إدماجهم للحياة الجديدة التي سوف يعيشونها، وكم كنت أتمنى أن تعطى الجنسية لهذا الرجل الشهم لأنه كان مخلص لعمله ونموذج للإنسان الصالح المحترم .

في أوطاننا نجد الحديث عن تجنيس من يأتي إلينا للعمل أو الإقامة أو ينصهر معنا بالنسب يعتبر من المحرمات والكبائر و أذكر أنني شاهدت جلسة حوارية مع نخبة من أبناء المجتمع الكويتي وما أن فتح موضوع التجنيس حتى بدأت الشتائم والاتهامات تنهال للكل دون استثناء للرافض والمؤيد ..!!

في أغلب دول العالم الأمر سهل وميسر وبسيط بل أن بعض الحكومات تقدم جنسيتها لأي إنسان تجد أنها سوف تستفاد منه في الوقت الحاضر أو في المستقبل، ودول عظمى وثرية تعطي جنسيتها مقابل مبلغ مادي و تعلن ترحيبها به وإن خالف أو أخطى فالقانون له ولغيره بالمرصاد، وجميعنا يذكر عبر وسائل الإعلام كيف أن أوروبا جاءتها موجة هجرة جماعية غير شرعية وعلى الأخص من السوريين والعراقيين وحينها أعلنت ألمانيا عن قرارات كثيرة لاحتواء العدد الأكبر منهم وهم الآن مندمجين ويعملون وشريحة الشباب منهم لهم مكانة متميزة بالجامعات الألمانية .

***

بروفسور حسين علي غالب بابان

أكاديمي وكاتب مقيم في بريطانيا

لا يتجاوز عدد سكانها السبعة ملايين نسمة، ويتواجد بالبلاد ما يقرب من هذا العدد من الاجانب (عربا وافارقة) أي ان كل مواطن هناك اجنبي يخدمه، يشاركه في قوته والخدمات التي تقدمها الدولة رغم ضآلتها، يشغل هؤلاء حوالي 300 الف مسكن مما ساهم في ارتفاع قيمة الايجار.

في جميع دول العالم هناك ضوابط بشان الوافدين ومدى احتياج البلد لهم، أما في ليبيا فيستطيع أي انسان دخول البلاد سواء بتأشيرة وثمنها رمزي جدا لا يكاد يذكر والسلطات الليبية لا تتعامل بالمثل مع بلدان هؤلاء، حيث تفرض تلك الدول مبالغ طائلة في سبيل الحصول على تأشيرة دخولها، اضافة الى الاعداد الهائلة من دول الجوار التي تدخل عبر الحدود البرية دون تأشيرة.

في سبعينيات القرن الماضي كانت هناك ضوابط بشان الوافدين فكان الوافد يسجل باسم من يعمل لديه وتعطى له اقامة مؤقته، وعند انتهاء عمله اما ان يجيّره(يتنازل عنه) لأخر يمعرفة السلطات المحلية، او يتم تسفيره الى بلاده.

للأسف الشديد اصبح معظم الوافدين لا يعملون في الانتاج وبالأخص الزراعة، بل يعملون في التجارة بمختلف انواعها،والمقاهي والمخابز، اصبحوا اصحاب رؤوس اموال يملكون مغازات السلع بمختلف انواعها يسيطرون على السوق، يعملون لحسابهم وليسوا لحساب ليبيين ما جعلهم يتحكمون في اسعار السلع من خلال التحكم في عرضها، كما انهم يعملون كمقاولين في اعمال البناء والتشييد، إي انهم اصبحوا دولة داخل دولة، ولم تفرض عليهم الحكومة أية ضرائب او رسوم عن إيراداتهم.

نتمنى على الدولة، ان تقوم بوضع ضوابط بشان العمالة الوافدة، أي ان لا يعملوا لحساب انفسهم بل تحت امرة ليبيين في المواقع الانتاجية، وان يستبعدوا من العمل في المخابز والمقاهي والمطاعم وما في حكمها، وربطهم بمنظومة محلية بأماكن تواجدهم، يسهل من خلالها تتبع حركتهم ،وفرض ضرائب ورسوم نتيجة مزاولتهم المهن المختلفة.

أما العمالة الزائدة عن الحاجة، فيجب استحداث اماكن لإيوائهم تليق بهم كبشر والعمل على عدم وقوعهم فريسة في ايادي تجار البشر الذين يكسبون من وراء ترحيلهم الى اوروبا الاموال الطائلة حيث يفقد الكثير من المهاجرين ارواحهم في البحر، والعمل على اعادتهم الى بلدانهم بإشراف الامم المتحدة.

ان بقاءهم دون عمل سيجعلهم يعملون أي شيء في سبيل الحصول على لقمة العيش، فيقومون بأعمال السرقة والنهب والسلب وتجارة المخدرات، والعمل لصالح بعض الليبيين لتنفيذ اعمال اجرامية انتقامية، وكذلك سرقة الممتلكات العامة وبالأخص اسلاك التيار الكهربائي والاعمدة المعدنية، وبالتأكيد لصالح مجرمين ليبيين، من اجل الكسب غير المشروع وغياب الدولة.

في الاساس ان تقوم الدولة بتسيير دوريات على طول الحدود واعادة المتسللين الى بلدانهم  نعلم انها مهمة شاقة ولكن علينا البدء بذلك وفق الامكانيات المتاحة.

لقد لاحظنا وللأسف وعبر وسائط التواصل الاجتماعي المختلفة بالصوت والصورة، وفي اكثر من مكان، قيام بعض الاجانب بتعذيب وقتل الليبيين لأجل الكسب غير المشروع او تنفيذا لأوامر بعض الليبيين الفاقدين للإنسانية. إن مثل هذه الاعمال تؤجج روح العداء للأجانب غير المنضبطين، فتحدث اعمال عنف قد تطال بعض الابرياء، وتظل الدولة هي المسؤول عن ارواح الجميع المتواجدين على اراضيها.

***

ميلاد عمر المزوغي

قل مُضعّف ولا تقل مثقف، فكلمة مثقف بلا أثر ودور في مجتمعات الأمة، فالمثقف إسم مجهول، ومستتر مبني على السكون، وتلتف حول عنقه حروف الجر والنصب، ومفعول به ولا يجوز له أن يكون فاعلا في الوسط الذي هو فيه.

المثقف مَهيض الجناح مكسور الخاطر ممنوع من الصرف، ومحكوم عليه بالقهر والحصار وقطع لقمة العيش، فعليه أن يصلي في محراب الكراسي، ويكبّر بإسم الجالسين فيها، الذين تحركهم قوى وقدرات مهيمنة على البلاد والعباد.

فالكراسي مملوكة والجالسون فيها وكلاء لا غير.

والمثقف يتوهم الحرية والسيادة الوطنية والقوة والكرامة، ويغفل أنه تحت مشيئة القابضين على مصير ما فوق التراب.

فالتفاعلات في جوهرها إقتصادية إستحواذية، إستئثارية تتفتح في ربوعها الأنانية والإمتهان.

فعندما يتحرك المثقف وفقا لأوهامه، يحترق في تنور الجور والعدوان على وجوده.

وعليه أن يكتب بمداد الطامعين والمستحوذين على كل شيئ، ليناله بعض شيئ من الغنيمة.

ولهذا من الصعب التكلم عن المثقف، ولا بد من الإقرار بوجود المثقف المُستلب، والمجتمع المأسور المُستعبد بإرادة الأقوياء الخارجين عن سلطة كل شيئ، فهم فوق الدستور والقانون والأعراف والتقاليد، وأساطين أمّارات السوء التي فيهم.

فدور المثقف بلا قيمة، ولا يمكن للمثقفين تكوين تيار معرفي وقوة نوعية تسعى للتغيير، والتعبير عن الإرادة الوطنية الحرة، وبموجب ذلك، فدول الأمة عبارة عن بيادق تحركها أيادي اللاعبين الحالمين بصيد سمين.

فهل نفع مثقفوا الأمة الأجيال المتعاقبة، إنهم يسطرون ولا يؤثرون، ويدّعون ولا يفعلون، وما أكثر مشاريعهم ونظرياتهم ومجتمعاتنا تنخرها آفات الوجيع والحرمان من أبسط حقوق الإنسان، ويترعرع الأثرياء والفقراء في ديارنا الغناء.

فأين المثقف المقدام؟!!

***

د. صادق السامرائي

ما يدور في السودان من اقتتال لا يصب إلا في مصلحة الشيطان الذي يعربد في التفاصيل؛ وليتها مجرد كوابيس تباغتنا بينما السودان بخير وسلام! لكنها الحقيقة الصادمة التي يأنفها المنطق.. فالقتال هو الخيار الذي لم تصمد أمامه هدنةُ الثلاثة أيام العجاف، التي أغلقت في ظلها الكئيب الأبوابُ على كل الحلول المتاحة المرتجاه.. فاعقبها حمام دم سخي دون انقطاع.

وكان ينبغي على العقلاء إدراك بأن أيّ هدنة مؤقتة بين طرفين متنازعين دون مفاوضات إنما هي استثمار للوقت من أجل تقيم الوضع العسكري لكل جانب، وإعادة الانتشار بغية التصعيد كما حدث في السودان.. فبعد هدنة الثلاثة أيام احتدمت المعارك وتضاعف عدد الضحايا.

واللافت أن قوات التدخل السريع تستحكم بالأحياء السكنية في كافة المدن لتحييد القوة الضاربة للجيش السوداني واتخاذ المواطنين كرهائن في حرب ضروس لا تبقي ولا تذر.

هؤلاء هم تجار الموت الذين حولوا ثروات السودان بدلاً من معطيات للتنمية إلى نقمة على العباد.

ولا استبعد أن ينبت للأفعى قرون أخرى تنافس الخصمين في الأزمة السودانية على كعكة الوطن.. فيما يدفع الشعب السوداني فاتورة الدم دون أن يكون له ذنب في الكارثة التي يشهدها السودان.

فقط! يحتاج السودان بمكوناته المتشرذمة، إلى عقل سخي بعطائه لصالح وحدة السودان ومصالحه العليا، بعيداً عن أنانية القادة وشبقهم الشهواني لملذات الثأر البيني.. ولو أدّى الأمر إلى تدمير السودان وتبديد ما سيتبقى من ثرواته.

كيف يختار عاقل الأرضَ اليبابَ والحديقةُ مشرعةُ الأبواب في وجهه الذي غطته الحيرة بالاكتئاب!

ألا يعقب اقتتال الإخوة حصاد الشر الذي لا يثمر سوى الحنظل إن لم تأت نيران الحقد على الهشيم!

ومن قال حينها بأن الطامعين الملطخة أياديهم بدماء الأبرياء (كالصهيونية) سوف يخمدون النار دون أن يستوطنوا في قلب الحكاية ويستملكوا حصاد ما اقترفت أيادي الضّالين من خيبات! فخيبة السودانيين حينها بالنسبة لأعدائهم كروم مثقلة العناقيد.

فهل من عاقل يوقف الحرب، ويقطع دابر كل من تسوله نفسه العربدة في تفاصيل الشأن الداخلي كالاحتلال الإسرائيلي ومن يدور في فلكه من المطبعين.. ومن ثم بناء السودان المزدهر، واستغلال مُقَدَّراتِه لأجل مستقبل الأجيال القادمة!

اللهم أنصر السودان على من يعاديه ويسخر له العقلاء المخلصين.

***

بقلم بكر السباتين

27 أبريل 2023

اعترض بعض الاخوة على مقولتي (عصر النفط قريب من الانتهاء على غرار الفحم الحجري) ومن اعتراضاتهم: (ان هذا الكلام اعلامي اكثر مما هو واقعي)، (الوقود الاحفوري كما قال بعضهم سيبقى إلى قيام الساعة) وآخرين قالوا (الى خمسين سنة على الأقل سيبقى هو المصدر الاساسي للطاقة)، وقالوا ايضاً: (ان النفط استخدامه الأقل هو كوقود للسيارات واستخدامه الأكبر هو كوقود للطائرات)؛ وقالوا (هناك دراسات تقول ان أسعار النفط ستشتعل وتصبح 200 دولار خلال العشرين سنة القادمة)، ثم اعترضوا علي قائلين (لماذا تثير هذه الأمور المزعجة الآن خلينا نايمين، اليوم اكو اكل وباجر الله كريم)، ومن مقولاتهم ايضاً (سوف لن يهتموا لما تقول لأن الخزينة بيها مليارات ولهذا السبب عينوا نصف مليون موظف خلال ثلاثة اشهر)، وقالوا ايضاً: (الحكومات تفكر لأربع سنوات فقط ومن يجي يوم ما عده الحكومة تدفع معاشات راح ينتبهون لطروحاتك)، ثم قالوا: (منو يقرأ ومنو يسمع الكل طرشان) .

فكانت اجابتي لهم: اني اتمنى ان يكون بعض كلامهم صحيحاً، وان تستمر الحاجة الى النفط الى قيام الساعة، وأتمنى ان يصبح سعر برميل النفط 200 دولار، اما بالنسبة لانهيار سوق النفط فتكثر الآراء في هذا المجال فهناك من يقول ان انهيار سوق وأسعار النفط ستكون في العقد القادم، وآخرون يقولون بعد عقدين او ثلاثة بل حتى خمسة عقود، طبعاً شركات النفط تعطي أطول الفترات لسبب واضح، فإن اقروا ان السوق والأسعار ستنهار خلال عقد او عقدين فمعناه ستنهار قيمة اسهم شركاتهم قبل ذلك، واني لا اريد ان اتبنى وجهة نظر أي من الفرقاء وأقول نعم لا توجد لدينا توقيتات يقينية ولكن يوجد واقع على الارض، لذلك من المهم ان نعرف هذا الواقع ونبني عليه السياسات المستقبلية للبلد. فالنروج على سبيل المثال في يومنا الحالي 80٪ من سياراتها تعمل على الكهرباء ووضعوا حداً عام 2025 لا يجوز بيع اي سيارة جديدة لا تعمل على الكهرباء، اما الدول الكبرى كاليابان والصين والبرازيل وبعض الدول الاوربية وضعوا حداً نهائياً عام 2030، بريطانيا وضعت قانون مشابه ولكن بين عامي 2030 و 2035، الاتحاد الاوربي وضع حداً عام 2035 وكذلك الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وجنوب افريقيا، اما الهند فاتخذت سياسة خاصة حيث أصدرت قانون عام 2023 وضع حداً اعلى لاستخدام السيارات التي تعمل على الوقود لفترة لا تتجاوز ال 15 سنة في المدن الكبيرة وانشأت الهند الكثير من المصانع الكبيرة لتحويل مكائن السيارات القديمة التي تعمل على الوقود الى مكائن تعمل على الكهرباء؛ نأمل ان يستمر استخدام الوقود لأطول فترة ولكن في نفس الوقت يجب ان نتهيأ للسيناريو الآخر، لقد انهت السعودية اقتصادها الريعي وطورت قطاعها الصناعي والزراعي والخدمي بحيث أصبحت الموارد غير النفطية تشكل 54٪ من الناتج الإجمالي المحلي (GDP) لعام 2023 حتى الآن، اما بالنسبة للنفط فضمنت هي واكثر الدول النفطية أسواق النفط المستقبلية، فقد اشترت وانشأت السعودية والامارات وقطر والكويت والجزائر عشرات المصافي في العالم، احداها اكبر مصفاة امريكية اشترتها السعودية وهي مصفاة بورت آرثر وستحولها الى اكبر مصفاة في العالم (1.5 مليون برميل يومياً) اعتماداً على تقنيات جديدة تتلاءم مع السوق المستقبلي للنفط فلا تنتج وقود السيارات إلا بنسبة ضئيلة، وللعلم فهذه المصفاة ستشتري النفط السعودي فقط ولا يمكن ان نبيع لها النفط العراقي في المستقبل، وكذلك كل المصافي التي اشترتها وستشتريها الدول النفطية ستكون سوقاً لهذه الدول وليس للعراق، الكويت أصبحت اكبر مجهز لوقود الطائرات في العالم حيث سيطروا على اكثر من 40 مطار دولي في العالم سيستوردوا وقود الطائرات من الكويت وبالتأكيد ليس من العراق؛ الدول النفطية عملت وتستعد لهذا اليوم وجلبوا الشركات الاستشارية التي وضعت لهم هذه السياسات الاقتصادية لمواجهة الأيام والسنين القادمة حين تقل الحاجة الى الوقود، ونحن للإسف غافلون، وفي التقرير الاخير للبنك الدولي الذي صدر في كانون الاول الماضي بشأن التنمية والمناخ في العراق ذكر الفقرة التالية [بينما يتخلى العالم عن الوقود الاحفوري سيضعف الطلب على صادرات النفط العراقية… هذا يؤدي الى تقليص القطاع العام ويؤدي الى خلق تحديات كبيرة في أي بلد، وهذه التحديات ستكون شديدة في العراق، وهذا لن يؤدي الى تسريح عمال القطاع العام وقطع المصدر الرئيسي لدخل الاسرة فحسب بل الى الغاء وصول الاسر الى أنظمة الحماية الاجتماعية ايضاً]، للأسف هذا واقعنا بسبب الكثير من افراد الطبقة السياسية التي حكمت البلد خلال العشرين سنة الماضية.

ترى متى سنتخلص من الاقتصاد الريعي للنفط، متى سنوفر الخدمات لتنهض الصناعة في بلدنا، متى سنوفر الماء من الوفرة النفطية لتنهض الزراعة في العراق، متى سيعمل القطاع الخاص بكل حرية بعيداً عن الفساد والرشاوي وانعدام الامن فنوفر مجالات العمل لملايين العراقيين في القطاع الخاص بعيداً عن التعيين في الدولة، متى سيلتحق بلدنا بالركب العالمي لإنقاذ البلد من انهيار حتمي خلال فترة لا تتجاوز العقدين من الزمن!

***

محمد توفيق علاوي

من المسؤول عن محاولة قتل الخطوط الجوية العراقية؟

سيادة الدكتور محمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي المحترم

اولا احييكم واعلن لكم انك اول رئيس عراقي يحظى بثقة معظم الشعب العراقي بعد القائد المغدور عبد الكريم قاسم وهذه الثقة جاءت بعد ما حققتم من انجازات مفرحة نرجو لكم التوفيق في اتمامها وبفرض القانون على الجميع وفي كل ماتقومون به من اجل الشعب العراقي.

اود ان اعرض عليكم كمواطنة عراقية مشكلة البحث عن الطيران العراقي اي الخطوط الجوية العراقية.

بعد معاناتي والالاف من العراقيين المغتربين في اضطرارهم استخدام الخطوط التركية وغيرها من اجل زيارة اهلهم في العراق، بعد سقوط صدام. اقسمت ان لا اسافر الى بغداد الا على متن طائرة عراقية.. وقد تحققت امنيتي في السنوات التالية وحظيت برحلة جميلة على متن طائرة عراقية صغيرة استوفت كل الشروط، التي يدعي البعض ان الطيران العراقي لم يلتزم بها! وتكررت والحمد لله في سنة اخرى، بالرغم من صعوبة الوضع الامني في العراق في ذلك الحين وعدم استقرار الوضع السياسي والاقتصادي، خاصة في السنوات 2006-2009. فتأملنا خيرا بعد ان تحقق الامن وبفضل النشامى العراقيين قضيتم على عصابات الارهاب بكل اشكالها فحلمنا بأن الطيران العراقي سيصبح افضل بطائرات اكبر تسع الزوار من مختلف الجنسيات من سواح ومستثمرين، بل ولن تخضع للتفتيش كما حصل مع كل طائرة عراقية تخرج من العراق! بالرغم من ان العراق كان هو ضحية الارهاب الذي تسابقت الدول في تصديره لهم! والغريب ان التفتيش في كل مرة يتم في بلد اوربي مختلف كما لو ان كل دولة لابد ان يكون لها حصة من الكيكة العراقية!!

لكن العكس هو الذي حصل! فالطائرة العراقية اختفت تماما وحين عادت بشكل مؤقت لفترة وجيزة فوجئنا ان الطائرة لاتمت للعراق بصلة سوى شعار الطيران العراقي المعروف.. فقد كانت من مخلفات الطيران التركي والطاقم كله اتراك حتى المضيفون والمضيفات! والذين كانوا ابعد مايكون عن مهنة الضيافة بعدم معرفتهم بلغة البلد الذي منحهم فرصة العمل تلك ولا حتى الانكليزية اللغة العالمية التي لايقبل احد في هذه المهنة اذا لم يتحدث تلك اللغة وبطلاقة.. اضافة الى جفاف تعاملهم وقلة تهذيبهم مما جعلني اجزم انهم كانوا يتعمدون ذلك لتشويه الطيران العراقي، وبالتالي يعود الناس مضطرين لاستخدام الطيران التركي وغيره بالرغم من متاعب الانتظار خاصة في مطار تركي لساعات طوال تصل الى اكثر من عشر ساعات على مقاعد غير مريحة والفوضى المتعبة طول تلك الساعات.

فتركيا والاردن -مع احرامي وتحيتي لطاقم الطيران الاردني-كانتا اكثر الدول استغلالا لمحنة العراق وحاجة العراقيين لزيارة بلدهم.. بل ان اقتصادهم ازدهر على حساب المواطن العراقي هذا بالرغم من التسهيلات التي تمنحها لهم الحكومة العراقية في استيراد النفط العراقي بارخص الاثمان اذا لم يكن مجانا!! الى جعل العراق سوق للبضائع التركية بشكل خاص! مع هذا لم يفكر اي مسؤول عراقي بمطالبة تلك الدول بمنح العراقي الاولوية أو على الاقل بتخفيض اثمان تذاكر السفر للعراقيين مقابل الخدمات التي تقدمها الدولة العراقية..او على الاقل مطالبتهم بعدم تشويه الطيران العراقي.

ولا ادري اذا فكر مسؤول الطيران العراقي بزيارة منظمة الطيران العالمي؟ هل فكر بتفنيد ادعاءات الحاقدين على العراق واثبات ان الطيران العراقي افضل من التركي بل افضل حتى من بعض الخطوط الجوية الاوربية مثل ايزيجت وراينير ..؟

ما الصعوبة بتوفير طائرة صغيرة لتسهيل رحلة العراقيين الى بلدهم لزيارة اهلهم او لانجاز بعض اعمالهم؟ مادامت العودة بشكل نهائي باتت شبه مستحيلة!؟

ما الصعوبة بفتح حوار صريح مع الدولة التي تستغل هذا الامر، لتعزيز مؤسساتهم وزيادة ارباحهم على حسباب سمعة العراق واقتصاده؟

أين وزير المواصلات ومسؤول الطيران العراقي ؟ أين وزير التجارة ووزير الخارجية ووزير السياحة والاثار، ووزير النفط من واجبهم الوطني؟ الذي يحتم عليهم ان يؤدوا عملهم على اكمل وجه ليثبتوا للشعب الذي منحهم تلك المناصب، انهم اهل لتلك الثقة.. من اجل العمل على ازدهار الاقتصاد وتوفير الخدمات للشعب العراقي )ليحللوا خبزتهم( علبى الاقل، كما يقول المثل.

بانتظار النظر في تلك المشكلة التي ليست سهلة كما يتوهم البعض. ارجو ان نسمع عن عودة الطيران العراقي متحديا كل العراقيل والصعوبات

بالرغم من حاجتي الماسة لزيارة اهلي واحبتي في العراق، لا اريد ان استخدم الطيران التركي ليس لاني لا اريد ان ارجع بحلفاني، ولا لاني لا اريد الاتراك ان يستفيدون من خلال استغلالهم حاجتي تلك.. ولكني حرصا على العراق وعلى كل مؤسساته، ورفضي لأي استغلال لمحنة الشعب، الذي انتمي اليه مهما باعدنا الزمن.

وفقكم الله وسدد خطاكم .. ولكم كل الشكر والاماني بالتوفيق في كل مايخدم الشعب العراقي.

***

كاتبة عراقية

لندن 2023

قيمة الإنسان ليست مفردة خيالية يترنم بها أدعيا السياسة، ويتوهمون بأنها كلمات فاقعة، وخطابات رنانة، ومواعظ فتانة، إنها مفردات بسيطة متعارف عليها في البلدان التي تحترم مواطنيها، وتعزهم ولا تبخس قيمتهم، ومن مفرداتها:

أولا: المستشفى المعاصرة

لا وجود لقيمة الإنسان إذا الخدمات الصحية متردية، فلا يجد مستشفى متطور يقدم له ما يحتاجه من الرعاية الصحية اللازمة، فالخدمات الصحية من أولويات التعبير عن أهمية قيمة الإنسان.

ثانيا: المدرسة الإبتدائية الحديثة

الدول التي لا توفر مدارس إبتدائية معاصرة لأبنائها، تحتقر المواطن، وتدمر المستقبل، لأن المستقبل ببساطة ينمو في دنيا الأطفال، ولهذا توفر المجتمعات المتقدمة أفضل الرعاية للأطفال لأنها تبني المستقبل بهم.

والعديد من دولنا تدمر المستقبل بإهمالها للمدارس الإبتدائية، وتدفع بالأطفال إلى أماكن لا تصلح زرائب للحيوانات وتسميها مدارس لفلذات أكباد وطن، وبهذا تقضي على المستقبل الأفضل.

ثالثا: البنى التحتية الراقية

البنى التحتية ركيزة الحياة في البلاد، وإذا لم تكن ذات قوام سليم فالمواطن سيعاني، وسيجد نفسه في محنة يومية قاسية تستنزف جهده وعمره، وينتابه شعور بالذل والهوان والإنكسار.

ومنها طرق المواصلات ووسائلها، وشبكات التصريف الصحي، والجسور والأنفاق، والمرافق الترفيهية، والثقافية والأسواق وغيرها الكثير من متطلبات العيش الرغيد.

رابعا: الماء الصالح للشرب

لا توجد حكومة في دول الدنيا تهتم بمواطنيها ولا توفر لهم الماء الصالح للشرب، فذلك من أولويات مسؤولياتها وواجباتها الخدمية، وهو من ضرورات الحياة السليمة القويمة، لأنه إن لم يكن صالحا للشرب فسيتسبب بأمراض وعلل تكلف الدولة الكثير من الإجراءات الخسرانية.

خامسا: الكهرباء

الكهرباء عصب الحياة، وشريانها الأبهر، ولا تستغني عنها الشعوب ولو لساعات، لأن جميع الأدوات في المنزل ستتعطل، وتنعدم الإضاءة التي تحارب الظلام وتطرد الإجرام.

فأية قيمة لإنسان محروم من الكهرباء على مدى أعوام؟!!

فلا تحدثونا عن أي شيئ قبل أن تستوفي المجتمعات حقوقها الإنسانية، فكل كلام قبل ذلك هراء وبهتان!!

***

د. صادق السامرائي

 

الكثيرون بالتأكيد كانوا ولايزالون مغرمين بكتب من نوعيّة "كيف تصبح مليونيراً؟ "، ورغم قراءتي للكتاب، إلا أنني ما أزال أنتمي الى طائفة الذين ينتظرون هلال الراتب كل نهاية شهر. يضع أهل المال أحياناً كتباً عن تجربتهم المهنية.

ويقدمون لنا ما يعتقدون أنها أفضل النماذج لتعليم الناس كيف يعيشون حياتهم بجدّ واجتهاد، وقبل سنوات كنت حدثتكم عن السيد بيل غيتس، وهو يروي في سيرته الذاتية كيف واجه تضخم ثروته، عندما قال لزوجته ذات يوم لابدّ من عمل يخلّصنا من عبء هذه الثروة، فقّرر تخصيص جزء كبير من ثروته لمساعدة المحتاجين حول العالم، لا لون ولا طائفة ولا هوية دينية للذين يتلقون المساعدات .

ستقولون، عدت ثانية للتنظير وحديث الكتب، ونحن نعيش مرحلة معركة المصير بين حيدر الملا ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، فقد استثكر الملا على المسكين الحلبوسي ان يشتري طائرة خاصة، ويبني قصراً يذكّر الناس بتاج محل، وسخر الحلبوسي من ليالي الانس التي يقيمها حيدر الملا في عمان، فيما المواطن العراقي لا يزال يسخر من الاخبار كلما سمع ان الدولار هبط في بورصة الكفاح . ماذا أفعل ياسادة وأنا أقرأ تقريراً يحدد عدد السنوات التي يمكن أن تجمع بها مليون دولار؟، لأكتشف أن المواطن العراقي الذي يتقاضى راتباً مثل جنابي يحتاج إلى أكثر من 154 عاماً من العمل المتواصل، وعدم الإنفاق، ليجمع المليون الأول. ويبدو أن أصحاب التقرير لم يتعرفوا على نور زهير وأشقاءه الذين أصبحوا مليارديرية وجمعوا آلاف الملايين من الدولارات في زمن قياسي لم يتجاوز العام الواحد. ولم يقرأوا  في الاخبار ان "المناضل" أيهم السامرائي هرب ومعه مليار دولار عدا ونقدا من اموال الكهرباء، وان "التقي" فلاح السوداني ينعم في بريطانيا باموال الحصة التموينية .

ولكن شتان ما بيننا وبين تجارب الشعوب، بين ثروات بيل غيتس وجماعته الذين يهبونها لفقراء العالم وبين ثروات أغنيائنا الذين ينمون بها اقتصاد دول الجوار من خلال حسابات سرية لا يعرفها إلا الراسخون في العلم. ثروات أغنيائنا فقد جاءت من خطب رنانة ومناورة وانتهازية وتوازن طائفي.. فنحن برد علمت الناس القراءة والكتابة وأيضا كيف ينهب مال الدولة في سبعة أيام وفي وضح النهار، وفوق هذا كله فان مسؤولينا قادرون على أن يدخلوا أيديهم في جيوب الناس ويأخذوا مابها. نحن نعيش زمن مليارديرات المال العام، ثروات لمسؤولين استغلوا وظائفهم لمنافعهم الشخصية؟! للاسف فات اصحاب القرير ان يدركوا ان اسهل مهنة في العراق ان تصبح مليونيرا بعد ان تجلس على كرسي البرلمان اربع سنوات لاغيرها .

***

علي حسين

 

متربع على كرسي دار الافتاء لأكثر من عقد من الزمن، كافة تصريحاته تظهر وبما لا يدع مجالا للشك بان (جلالته) يتعاطى السياسة بغطاء ديني، أولى جرائمه البشعة في حق جزء كبير من الشعب الليبي من خلال تصريحه (من لم يشكر قطر فهة كلب) وكان يجب ان يكون هذا التصريح بمثابة اخبار لذوي الاختصاص ومنهم النائب العام واخذ الاجراءات المناسبة بالخصوص، تمادى سيادته في احداث الفرقة بين مكونات الشعب الليبي بدل ان يكون معول بناء ومحاولة لم الشمل في بلد تعمه الفوضى وينخر جسده السوس وتهدر امواله وتستباح ارضه من قبل مخابرات كافة دول العالم كبيرها وصغيرها فأصبحت البلاد ساحة صرع للقوى الاقليمية والدولية.

تصريحاته المتعاقبة ساهمت في ارسال قوارب الموت المنطلقة من المنطقة الغربية المحملة بمختلف انواع الاسلحة والتكفيريين الى بنغازي حيث سيطرت عليها ولفترات مجموعة تكفيرية عاثت فيها فسادا ومقتل المئات من العسكريين والامنيين الذين عملوا وبحرفية من اجل تامين البلاد من خطر الخارجين عن ملة الاسلام، لم يكتفي المفتي بذلك بل طالب من ارادوا تخليص مدينة سرت من الدواعش الذين نصبوا المشانق وقاموا بطلب مواطنيها على اعمدة الكهرباء بالمدينة على مرأى ومسمع العالم بان يذهبوا الى بنغازي وتحريرها من الجيش (او ما تبقى منه بفعل ضربات الناتو) الذي هب لنصرة سكان المدينة وتخليصها منهم ليعم الامن والاستقرار بها ولتكون البداية لتحرير كامل تراب الوطن من العصابات الاجرامية سواء الدينية منها والعلمانية والجهوية والعرقية.

بالأمس القريب ولدى اقامة شعائر صلاة عيد الفطر بساحة الشهداء بمدينة طرابلس، وبغض النظر عن ان رمضان هذا العام 1444 هجرية، كان ناقصا او مكتملا (دول غرب البلاد وشرقها افطروا يوم الخميس/ رمضان 29 يوما)، فان بعض سكان المنطقة الغربية(حيث دائرة نفوذه) اكملوا صوم رمضان بسبب فتواه، درءا للفتنة او عملا بالحديث الشريف "ان غمّ عليكم"، أو من باب في رقبة الحاكم / المفتي، إلا ان انصاره قاموا برمي الخطيب بالأحذية واجباره على النزول من على المنبر واعتلاه احدهم لاستكمال الشعائر وربما اعادة الصلاة، ترى هل انتقل احد الشياطين الثلاثة من الاراضي المقدسة الى ساحة الشهداء بطرابلس ويتجسد في خطيب العيد، وبالتالي وجب رجمه بالأحذية لتعذر وجود الحجارة لعدم علمهم المسبق بذلك؟ ذهب اليه انصاره للمعايدة وقصوا عليه صنيعهم، فتبسم! ما يعني انه جد راض عما قاموا به. ندرك بان هذا التيار سيقوم بتخليد هذه الموقعة اعلاميا، ولكن نتمنى عليه ان يقوم بتخليدها مكانيا بإقامة نصب تذكاري للموقعة بعين المكان للأحذية التي انهالت على راس الخطيب فهي موقعة عظيمة جرت في شهر رمضان المعظم. 

السيد الدبيبة منح الشعب يوما اضافيا لتصبح عطلة العيد اربعة ايام وقد استند في ذلك على قرار منحه الثقة من مجلس النواب، لكنه تجاهل ان المجلس الذي اعطاه الثقة قد سحبها منه وكلف غيره بتشكيل الحكومة بمعنى ان حكومته غير شرعية وانما حكومة الامر الواقع.       

التيارات الدينية والعلمانية والجهوية والعرقية تعمل في غرب البلاد وتسيطر عليه انطلاقا من مبدا ان لم تكن معي فلا تكن ضدي، إنهم يعيثون في البلاد فسادا يرهبون السكان ويقتلون من يخالهم الراي  ويستولون على اموالهم ويذلونهم .

ان التيارات المتباينة المسيطرة على غرب البلاد لأجل تحقيق مصالحها، فهي لا تعيش الا في بيئة الفوضى، لا تريد انتخابات رئاسية لأنها تدرك ان مجيء رئيس منتخب شعبيا وان بصلاحيات محدودة لن يبقيها على الساحة وسيحيلهم الى العدالة لتأخذ مجراها.

***

ميلاد عمر المزوغي 

الأسطوانة المشروخة التي تدور في الأوساط الثقافية، أن أي دولة في العالم المتقدم، لو بلغ عدد سكانها عشرة ملايين، فأنها تطبع أضعاف ما يطبعه العرب من الكتب، وياخذون ذلك كمعيار للثقافة والتقدم والرقاء؟

وهذه فرية لتعزيز مشاعر الإحباط والدونية، وتأمين إرادة التبعية.

فالمجتمعات لم تتقدم بطباعة المزيد من الكتب، وإنما طباعة الكتب من نتائج تقدمها وإزدهارها في ميادين الحياة المتنوعة، فالكتاب نتيجة وليس سببا.

التقدم يتحقق بإعمال العقل الحر في مواجهة التحديات والعمل على تلبية الحاجات، وبدون نشاطات عقلية أصيلة متميزة في شتى الميادين، لا تقدم ولا ثقافة ولا معرفة.

فما قيمة طباعة آلاف الكتب التي لا تلامس الواقع، ولا تتفاعل مع إرادة المواطن، الذي يمارس حياته يجد ونشاط وإبداع متراكم.

هل أن الكتاب سبق الثورات المعرفية الكبرى في مجتمعات الدنيا؟

هل سنغافورا صنعتها كثرة طباعة الكتب، وكذلك الصين وأندونيسيا والهند والكوريتان، ودول أخرى عديدة؟

بين فينة وأخرى تنطلي علينا لعبا هدفها الخداع والتضليل والتخميد والتقنيط، والمحافظة على أهوال اليأس الجاثمة على الصدور.

فهل ينفع طباعة كتب يباع منها أقل من 10% ويُقرأ أقل من ذلك بكثير، فالعلة في المقرؤية المنخفضة جدا في مجتمعاتنا، والسبب الرئيسي أبواق المنابر المؤدينة، التي لا تريد بشرا يقرأ وإنما يسمع ويطيع.

فمجتمعاتنا سماعية، وكلامية وليست قارئة، فهم على سبيل المثال يستمعون للقرآن ولا يقرؤنه، ويطربون لأنغام تراتيله المتنوعة، فالنسبة العظمى لا يجيدون القراءة، ويفضلون الإستماع والإتباع، فالعقل صدوي والملايين من الناس تتبنى عقل شخص واحد وتبيد عقولها.

فعلينا أن نكون موضوعين ومدركين لمفردات التداعيات والتردي في المجتمع، بدلا من المقاييس المغرضة الهادفة إلى تنمية سلوكيات الوجيع.

فهل سنتعلم القراءة ونجيد مهاراتها وأساليبها ليكون للمكتوب قيمة؟!!

***

د. صادق السامرائي

كالعادة، صباح كل يوم أبحث في الفيسبوك عن الجديد من الأخبار وأتابع الصفحات المتميزة لبعض الأساتذة ومنهم أستاذ الاقتصاد الدكتور عماد عبد اللطيف سالم، ووجدته في اليومين الأخيرين مهموماً بأحوال الموازنة التي يتعارك عليها النواب في برلماننا العتيد الذي يطالب فيه بعض النواب بمنع المواطنين من رؤيتهم بالعين المجردة، فالسيارات المضللة وحدها التي تحمي النائب من عين الحسود.

أعود للأستاذ عماد الذي نشر في صفحته تخصيصات الموازنة للوزارات للعام 2023، فماذا وجدنا ياسادة؟، إن ديوان الوقف السني ومعه شقيقه الوقف الشيعي خصصت لهما موازنات أكثر من موازنة وزارة الزراعة، وأن الدولة أرادت أن تكافئ الوقف السني بعد فضائح الفساد فعينت على ملاكه 14 ألف موظف عام 2023 ، بينما عينت لوزارة  الإعمار والإسكان والبلديات ثلاثة آلاف موظف لاغير .

في هذه الزاوية المتواضعىة ما زلت أُكرر القول إنني لن أتوقف عن تذكير الناس بما يجري حولهم من دمار وأسى باسم الطائفة أحياناً، وباسم الاستحقاق الانتخابي أحياناً أخرى كثيرة، وباسم الانتهازية التي تجعل فريقاً سياسياً ينسى أن المعركة معركة إنقاذ العراق من وباء قاتل، وليست معركة من أحق بالكرسي.

دائماً ما أُكرر عليكم حكاية الكتب، لأنها أفضل وأغنى الحكايات عن الأمم، ففي لحظة فارقة من تاريخ البشرية يكتب البريطاني النحيل "إيزايا برلين" عن نسيج الفساد الذي يحاول البعض أن يلف به الأوطان..ما هو الشعور الذي سيخامرك وأنت تقرأ حكاية عن "القناع الثعلبي"؟ هذا القناع، هو أحد اختراعات القوى السياسية الفاسدة فهي تخلقه ومن ثم تعززه.

يقول برلين: "الفاسد أبعد ما يكون عن روح المواطنة، إنه لا يعرف إلا طريقاً واحداً هو طريقه، يتوهم أنه وحده الذكي، وعلى الآخرين أن يتعلموا منه". ويضيف في مكان آخر من كتابه "نسيج الإنسان الفاسد": "الإنسان الفاسد يرتكب أعظم الآثام، ثم يكررها مرات كثيرة. لأنه في نهاية المطاف لا يريد أن يصنع شيئاً مستقيماً أبداً".

في كل مناسبة يُطل فيها أحد المسؤولين على العراقيين، سواء عبر خطاب أو بيان، نجده حريصاً على أن يعد الناس وعوداً لبناء مجتمع سليم ومتطور، ولكنه في الخفاء ينسج لمجتمع الفساد، ففي خبر جديد يعد بمثابة "معجزة" نعرف ان التخصيصات التي وضعت في الميزانية للوقف الشيعي ومعه الوقف السني تتجاوز تخصيصات وزارة الصناعة . اما وزارة الثقافة فهي خارج الحسابات ، فمن يحتاج للثقافة في بلد الخطب والشعارات .

هل تريدون خبراً آخر؟، تفضلوا: العراق في ذيل قائمة الرفاه الاجتماعي حيث ياتي العراق في الترتيب 115 بحصّة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي .

هذا خبر مدهش حقاً، يضاف الى خبر الاوقاف التي بدلا من أن تصرف أموالها في مساعدة العراقيين، نجد الشيوخ الأفاضل يصرفونها على مقاولات وهمية!

***

علي حسين 

شركات احتكارية عالمية عابرة للحدود باتت أقوى من الدول وهي تتربع ومنذ أمد ليس بالقصير على عرش اقتصادات العالم لتتحكم بخيراته، وتسرق ثرواته، وتلوث تربته ومياهه وأجوائه وقلما يعرف الكثيرون منا دور هذه الشركات العملاقة في احتلال دول، وإفقار أمم، وإمراض شعوب بأسرها.

قبل أيام ساقتني الأقدار لأتابع عن كثب برفقة قريب مصاب بالمرض الخبيث (السرطان) في مرحلته الرابعة، عافانا الله تعالى وإياكم، وأطلع على أحوال المرضى، وتداعيات المرض الفتاك إضافة الى آلامه المبرحة، وتكاليفه الباهظة في العيادات الخاصة، والمستشفيات الاهلية والحكومية، زيادة على الصيدليات والمختبرات، وأجهزة الرنين المغناطيسي والمفراس الحلزوني والسونار، ومعاناتهم من جرعات الكيماوي والاشعاع والحق أقول لكم لقد صدمت، بل قل صعقت وأسقط في يدي، ولم أنبس ببنت شفة وأنا أرقب بأم عيني أعداد المرضى الهائل، ولكل الاعمار، ومن كلا الجنسين، ومن جميع المحافظات العراقية ممن أصيبوا بالمرض الخبيث، ولاسيما من أبناء البصرة والانبار العزيزتين، أعداد غفيرة، وطوابير طويلة تسد عين الشمس بوجود نقص حاد في الأدوية و العقاقير والحقن، وبكلف عالية جدا في حال العثور عليها وبفوارق مخيفة في الأسعار بين مذخر وآخر، وبين صيدلية وأخرى،وكثير منها مستورد من مناشيء تكنى بـ " العالمية " مشكوك في جدواها وجدارتها وكفاءتها اضافة الى صحتها لأن سوء التخزين هاهنا وبخلاف الضوابط والشروط الدولية صار عرفا فاسدا حيث تبيت البضائع أياما طويلة قبل اكمال اجراءاتها وأوراقها - ودفع المقسوم - ولأن تزوير العلب والماركات والملصقات وتواريخ الصنع والنفاد - ولاسيما بمطابع البتاويين - داخلة في سياق الجريمة المنظمة في بلاد ما بين - الجفافين،والحربين،والتلوثين، والجوعين، والظلامين، والظلمين - فهذا البلد المظلوم لا يكاد ومنذ عقود طويلة يغادر حربا حتى يدخل في أخرى، ولا يكاد يغادر ظالما جائرا، و ظلاما دامسا حتى يحشر في نفق أحلك ظلمة وأشد ظلما وعلى قول المتنبي :

مات في البرية كلبٌ... فاسترحنا من عواه

خلف الملعون جرواً... فاق بالنبح أباه

والكل بات يسأل ويتساءل (ترى لماذا ينتشر مرض السرطان بأنواعه في العراق بهذا الشكل المخيف، وبتلك الصورة المرعبة ؟) لتأتيك الاجابة تارة على لسان بعض أصحاب الشركات الاحتكارية الكبرى أنفسهم، وأخرى على لسان من صحت على حين غرة ضمائرهم الميتة والكل يردد بلسان الحال لا المقال ما نظمه طرفة بن العبد يوما :

ستُبْدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهلاً... ويأتيكَ بالأخبارِ من لم تزوِّدِ

ولعل البداية المتسلسلة تنطلق من "القتلة الاقتصاديون " إنهم رجال محترفون يتقاضون أجراً عالياً لخداع دول العالم بابتزاز ترليونات الدولارات وتحويل الاموال لتصبَّ في خزائن الشركات الضخمة وذلك من خلال تقاريرُ مالية محتالة وانتخاباتٌ مُزوَّرة ورشاوى وابتزاز وغواية جنسية وجرائم اغتيال فبهذه العبارات لخص الخبير الاقتصادي الأمريكي (جون بيركنز) عمل الشركات الاحتكارية الكبرى العابرة للحدود والتي تمثل دولا عميقة داخل الدول وحكومات ظل دولية مستترة تقبع خلف الحكومات المحلية الظاهرة لتتلاعب بالعملات والاقتصادات وتنهب الثروات وتدير الانقلابات وتؤجج الثورات وتحيك المؤامرات وذلك في كتابه (اعترافات قاتل اقتصادي) المنشور عام 2004، وقد أتى بيركنز على ذكر آل بوش وأل روكفيلر، وجورج شولتز، والاخوين تشارلز وديفد كوك، واصفا إياهم جميعا بأنهم أسوأ من المافيا فالشركات العابرة للقارات تتمتع بنفوذ هائل تشكل لوبيات للضغط على صنّاع القرار مع تقديم الرشاوى والتهرب الضريبي واستغلال العمال وتشغيل الأطفال وفقا لدويتشه فيله الالمانية.

فشركة (بيكتل) والتي كان (جورج شولتز) قد شغل منصب المدير التنفيذي لها ودورها في غزو بنما لا يخفى على المراقبين والمحللين وقبلها اغتيال الرئيس البنمي (عمر توريخوس)

بعد رفضه شق بكتل الامريكية لقناة جديدة في بنما ليمنح عقدها إلى شركات يابانية بدلا منها أعقبها غزو بنما وقتل 2000 شخص وتدمير مركز الاستخبارات البنمية لما يضمه من وثائق وصور وملفات وفضائح تدين بوش الابن، وشولتز وغيرهم من الساسة الاميركان

ومن ثم اعتقال الرئيس البنمي مانويل نورييغا، لحيازته صورا التقطت لهم خلسة بتوجيهات منه في جزيرة كونتادورا البنمية بحسب وكالة (روسيا اليوم).

أما عن الحرب على العراق 2003 فهذه قد وصفت بأنها (حرب هاليبرتون) وكان (ديك تشيني) مديرا تنفيذيا لهاليبرتون بين 1995 - 2000 قبل أن يصبح نائبا للرئيس الاميركي

والذي يحلو لي تسميته بـ جورج WC بوش بين 2001 / 2009 وسبق له أن شغل منصب وزير الدفاع بين 1989 - 1993 وأدار الغزو الأمريكي لپنما عام 1989 وعملية عاصفة الصحراء عام 1991 وقد انخرطت الشركة مع الجيش الامريكي بعد أن فازت بمناقصة إطفاء 320 بئرا نفطيا في الكويت عام 1991 لتحصل بعد غزو العراق 2003 على عقد تجهيز القوات الأميركية بـ 42 ألف وجبة غذاء يومية وعقد الاستيلاء على صناعة النفط العراقية أما فرع الشركة "كيلوغ براون آند روت" فقامت عام 2003 ببيع الجيش الأميركي وقودا مستقدما من الكويت بأسعار تفوق أسعار السوق وفقا لمكتب المحاسبة في البنتاغون

اما شركة شيفرون الامريكية العاملة في مجال الطاقة ولها فروع في 180 دولة فهذه متورطة بفضـائح النفط مقابل الغذاء والإسهام بتلويث بيئة الإكوادور وإلقاء مخلفات سامة و تلويث البيئة ولاسيما في الامازون اضافة الى دفع رشاوى لمسؤولين في غينيا الإستوائية وبورما ودعمها لضربات عسكرية في النيجر وقتل المتظاهرين في نيجيريا.

كذلك الحال مع شركة مونسانتو احدى الشركات المساهمة بصناعة القنبلة الذرية والتي تحولت إلى انتاج البذور الزراعية عقيمة الثمار والمعدلة وراثيا - المسرطنة - كذلك المبيدات الحشرية الملوثة للبيئة وقد تورطت الشركة بإنتاج (العامل البرتقالي)الذي استخدمته الولايات المتحدة لتدمير الغابات والمحاصيل الزراعية في فيتنام ما اسفر عن اصابة 3 ملايين شخص بمادة الديوكسين السامة اضافة الى تشوّهات خلقيةأصابت 500 ألف طفل حتى الان والحبل على الجرار، كما أن هذه الشركة اللعينة التي جمعت منظمة آفاز غير الربحية والتي تضم 70 مليون عضو في 194 دولة، ملايين التواقيع حول العالم لتقديمها الى المحاكمة، لأن (شركة مونسانتو) هي من تقف وراء ظهور مرض جنون البقر وأنواع السرطانات حول العالم حتى لقبت بـ شيطان الزراعة "فهل ستحد الدول من إحتكار وتحكم الشركات العابرة للقارات في زمن الركود والانكماش الاقتصادي العالمي ؟) الجواب وبالعامية (موعيب ؟!)، والسبب بالفصحى وعلى قول الشاعر المصري (احمد محرم) :

أَرى فَساداً وَشَرّاً ضاعَ بَينَهُما...أَمرُ العِبادِ فَلا دينٌ وَلا خُلُقُ

أما بصدد ارتفاع معدلات الاصابة بالامراض السرطانية ولاسيما بين الاطفال في محافظة البصرة فقد اثارت مخاوف كثيرة بوجود عدة عوامل يتصدرها دخان المصافي، والمشاعل النفطية وبما يمكننا تسميته بـ (الذهب القاتل)، صحيح أن أسبابا عديدة تلك التي تتسبب

بانتشار مرض السرطان بمحافظة البصرة بمعدل 9 آلاف إصابة سنويا وقد سجلت أكثر من 27 الف اصابة بالسرطان خلال الاعوام 2018 / 2019 / 2020/وفقا لقناة الحرة الامريكية، إلا أن المتهم الأول هو مخلفات اليورانيوم الأمريكي المنضب، وانبعاث المركبات الكيميائية، زيادة على الحقول النفطية المستثمرة من الشركات الأجنبية حيث يحرق الغاز في الهواء الطلق لينتج عن غاز الشعلة ذاك مزيج قوي من ثاني اكسيد الكربون والميثان والهباب الأسود الذي يعمل على تلويث الهواء ويزيد من خطر الإصابة بسرطان الدم ولاسيما تلك الحقول القديمة التي تعمل فيها شركة بريتيش بتروليوم، وشركة إيني الإيطاليّة، وفقا للبي بي سي، وتشير إحصاءات وزارة الصحة لعام 2021 إلى تسجيل 2000 حالة اصابة بالسرطان سنويا بسبب مشاعل النفط التي تطلق غازات سامة في الهواء نتيجة عمليات الاستخراج من الحقول مع تجاهل المعايير والضوابط البيئية والصحية المعتمدة

وفقا لموقع "المونيتور" الأميركي والنتيجة هي أن البصرة تتصدر قائمة المدن العراقية بمعدلات الاصابة بالسرطان وقد تم تسجيل ما بين 600 الى 700 شهريا خلال العام 2020 وفقا لمفوضية حقوق الانسان في البصرة فيما اظهرت بيانات الأقمار الصناعية (حقل الرميلة) وهو واحد من أكبر حقول النفط وكيف يتسبب بحرق الغاز بكميات أكبر من أي موقع آخر في العالم ما دفع السكان المحليين لتسميته بـ (المقبرة) أو مناطق القرابين (البشرية) بحسب البي بي سي.

وتأسيسا على ذلك فإن الشركات المشرفة على مصافي وحقول النفط مطالبة بتدوير الغازات المنبعثة واستثمارها بدلا من الكوارث الهائلة التي تسببها اضافة الى وجوب العمل بعيدا عن المناطق السكنية ولابد من بناء عشرات المستشفيات الخاصة بعلاج مرضى السرطان وبكامل تجهيزاتها ومعداتها وطواقمها الطبية لعلاج المرضى - مجانا - وتوفير الادوية اللازمة لهم - مجانا - بالتزامن مع انشاء منظومة متكاملة لـ - تدوير النفايات - والطمر الصحي الآمن، ومعالجة مياه الصرف الصحي قبل القائها في الانهر والمصبات، ومعالجة المخلفات وبالاخص البلاستيكية منها ومخلفات المصانع التي تلوث المياه وتسرطنها، اضافة الى رفع النفايات، والتوقف عن إهدار الغاز المصاحب، والتوقف عن بناء المصافي والمصانع بالقرب من المجمعات السكنية، زيادة على اعادة نظام التقييس والسيطرة النوعية لمتابعة وفحص - المواد الغذائية التالفة والمسرطنة - التي تدخل الى العراق بملايين الأطنان، وابعاد ابراج الاتصالات عن المناطق المأهولة بالسكان، علاوة على منع استخدام واستيراد البنزين الممزوج بـ (رباعي إيثيل الرصاص) والمستخدم حتى يومنا في العراق واليمن والجزائر، والمحظور عالميا بتوجيهات من الامم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية في عشرات الدول لما يسببه من أضرار هائلة، ولما ينجم عنه من مخاطر صحية وبيئية لاتحصى، ليس أولها أمراض القلب والسكتات الدماغية والسرطان، ولا آخرها نقص نمو الدماغ البشري وتراجع ذكاء الاطفال، فهل من مجيب..أم وعلى قول الشاعر :

تغافلت حتى صرت من فرط غفلتي...كأني لا أدري بتلك المراهب

***

احمد الحاج

كيف يسمح لكيان الفصل العنصري الإسرائيلي الذي يحتل فلسطين وينكل بشعبها بقيامه بدور الوسيط بين طرفي النزاع السوداني!

فالشعب السوداني الأبي سيترفع عن ذلك إذْ أن خطايا الاحتلال لا تؤهله لهذه المهمة الإنسانية الخالصة.

وتاكيداً على ذلك فقد ابدى المستشار القانوني لقوات الدعم السريع محمد مختار النور عدم ممانعة قوات التدخل السريع لقبول وساطة إسرائيلية بشأن القتال الدائر بين قوات الجيش السوداني والدعم السريع.

جاء ذلك خلال مداخلة له على الجزيرة مباشر، الخميس الماضي، قائلاً:

“لم نتلق أي طلب وساطة من إسرائيل، ولكن لا نمانع في ذلك”.

مع أن طرفي النزاع على علاقة جيدة مع "إسرائيل".. فهل تمهد تل أبيب لهذه الفرصة الذهبية بالسر حتى تتبلور الفكرة بغية حل النزاع والحصول على مكافأة تطبيعية مجزية فيما لو نجحت في رأب الصدع والتمهيد لتحقيق الحلم السوداني في حكومة مدنية بدعم وضمانات أمريكية!

وهنا تكمن الكارثة التي ستكون على حساب مستقبل السودان الذي سيرتهن لمصالح وأطماع الوسيط في ثروات السودان وبالتالي تجيير سياسته لصالح التمدد الإسرائيلي في أفريقيا.

ونشرت عدة مصادر ما قاله وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين مع بدء الاقتتال في السودان بأن "إسرائيل" على اتصال بطرفي الصراع (الجيش السوداني بقيادة البرهان الذي هو بمثابة رئيس الدولة المؤقت وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بقيادة حميدتي)، منوهاً إلى أن "إسرائيل" تحاول أن تفعل كل ما يمكنها لتهدئة الأوضاع. متناسياً أن الاحتلال غير مؤهل للقيام بوساطة في أي نزاع على وجه الأرض. هذه إماطة للّثم.

وكان موقع “أكسيوس” الأمريكي نقل عن مسؤولين إسرائيليين وجود وساطة إسرائيلية بدافع من واشنطن، وأن مسؤولي وزارة الخارجية الإسرائيلية تحدثوا مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، في حين تواصلت الاستخبارات الإسرائيلية “الموساد” مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) من أجل وقف الاقتتال.. ويأتي ذلك بمساعدة الإمارات التي ترتبط مع كيان الاحتلال بعلاقة وطيدة.

ومن المأمول أن لا يسمح السوادانيون بهذا التدخل من قبل أكبر جهة طامعة بثروات السودان (الذهب والطاقة) ولها باع طويل في إثارة الفوضى داخل البلاد؛ وتحتل فلسطين وتنتهك مقدساتها، وتنكل بشعبها القابض على الجمر.

فلو ساهمت تل أبيب في ترتيب البيت السوداني فسوف تتحول إلى مرجعية قضائية لأي خلاف سوداني داخلي.. من باب ضمانة الأمن مقابل الأبواب المفتوحة للكيان على فرص الاستثمار في السودان،؛ وذلك سيكون على حساب مصلحة الشعب السوداني والقضية الفلسطينية التي خسرت الكثير من جرّاء التطبيع العربي المجاني مع آخر أنظمة الفصل العنصري المتمثل بالاحتلال الإسرائيلي الغاشم. وإنشاء الله تخيب مساعيه.

***

بقلم: بكر السباتين

24 أبريل 2023

أجدادنا أجرأ منا في التحدي والمواجهة، والغيرة على الحق مهما كان الثمن.

ولإغفال الدور الإنساني الحضاري لأجدادنا، تحقق نشر "أن الأمة تقتل أعلامها"، وهي فرية يُراد يها الحط من دور الأجيال وتأثيرهم في صناعة الحياة.

فأجدادنا واجهوا أنظمة الحكم الطاغية، برغم معرفتهم بمآلات مواقفهم، لكنهم ترجموا مبادءهم وأعلنوا ثباتهم ومجابهتهم للباطل، ولو إمتلك ذروة الجبروت.

والأمثلة في التأريخ كثيرة لكنها تُقرأ بعيون أخرى!!

إبن مسرة، إبن رشد، السهروردي، إبن السكيت، الرازي، إبن سينا، والأفذاذ الذين تصدوا لمحنة خلق القرآن بإيمان وثبات، وما أكثرهم، وهذا غيض من فيض عرمرم.

أجدادنا يتحدون ونحن نطأطأ الرؤوس ولا نقول شيئا، وندين بالسمع والطاعة!!

فقهاء، علماء، أدباء، شعراء، واجهوا السلطات وقدموا حياتهم في سبيل مواقفهم، وما نعرفه أن الأمة تقتل أعلامها، بينما أعلام الأمة قاتلوا وناضلوا وجاهدوا في سبيل إعلاء كلمة الحق.

إنه التحدي وليس الخنوع!!

الأمة تجسدت بالتحدي، وأول من تحدى وإستنهضها، نبيها الذي تحدى الكفر والطغيان والأوثان، وزعزع أركان مجتمع تسوده قيم يرفضها وتصورات ينكرها.

فالإسلام دين تحدي، وثورة ضد الظلم والفقر والجوع والتمييز بين الناس، إنه دين العدالة والرحمة والأخوة الإنسانية، ولا بد للعارفين بالدين أن يرفعوا رايات التحدي ضد العدوان السافر على جوهر الدين بإسم الدين.

ويمكن القول أن أسلوب النيل من إرادة الأمة بهذه الطريقة، غايته أن تعيش الأجيال في مآزق إنكسارية وتفاعلات إنهزامية، تؤهلها لإستلطاف الإفتراس والإستلاب للحقوق، وإعتبار القهر حالة عادية، والمقاساة من الإيمان، وهذا أفك مبين.

فهل لنا أن نتحدى ونسجل مواقف حضارية تلهم الأجيال؟!!

***

د. صادق السامرائي 

الكتابات النظرية فارغة، أي لا تتفاعل مع الواقع بموضوعية وكيفية قادرة على التأثير والتعبير.

الكتابات الشائعة في الصحافة العربية هروبية، أي أنها تخشى المواجهة مع الواقع، ومعظم الأقلام مرعوبة من قول الحقيقة، ومواجهة الفساد والباطل، ويمكن القول أن أقل من 10% من الكتابات المنشورة ذات بعض الفائدة، والباقي حشو سطور وزوابع في فناجين البهتان.

والفرق واضح بين ما تخطه أقلامنا وما تكتبه أقلام المجتمعات المتطورة تقنيا ومعرفيا، فكتاباتنا غامضة، مبهمة، بلا معنى واضح، وكتاباتهم تميل للتبسيط والإيضاح وتقريب الأفكار من الأفهام.

وما جرى في واقعنا الثقافي إجتهاد خادع هدفه زيادة مساحة التجهيل وتأكيد سلوكيات التركيع والترتيع، والإندماج في قطيع الكراسي والعمائم، والفئات المتربعة على صدر الجاهلين.

والدليل على أننا نساهم في تجهيل الناس كثرة المنشورات والأقلام وزيادة مساحة الجهل، أي أن العلاقة طردية بين زيادة النشر ومساحة الجهل في المجتمع.

وهذا يدعونا إلى مراجعة نشاطتنا الكتابية والتعرف على مواطن الخلل فيها، فالكاتب لا يكتب لنفسه أو لبضعة أشخاص، إنه يكتب للناس الذين عليه أن يساهم في تحبيب القراءة إليهم، وتبسيط ما يذهب إليه ويريد طرحه.

والمشكلة الصعبة التي تخنق مجتمعاتنا في كل عصر، هناك أبواق كراسي وأقلام خداع السلاطين، الذين يمررون المآسي والمآثم ولا يعنيهم سوى ما يكسبون.

وهؤلاء أعداء الكلمة والوطن والإنسان، وينضم إليهم مَن يسمّون أنفسهم بالفقهاء الذين يتاجرون بالدين، وعلى أشلاء المواطنين يتربعون ومنهم يغنمون، وليعاني المواطن سوء المصير.

فالمطلوب أن نكتب بصدق وإخلاص وجرأة، وقدرة على الوضوح والتبسيط وطرح الأفكار الطيبة الصالحة لحياة فاضلة، فهل سنكتب بمداد الحق المبين؟!!

***

د. صادق السامرائي

اليكم ملخص المشهد في السودان!!

لو طلب مني أن أقدم ملخصا مسجوعا وإن كنت لا أحبذ، ولا أجيد سجع الكهان، عن مجمل ما يجري في السودان، لقلت بأن الحرب بين حميدتي والبرهان، ما هي إلا حرب بالوكالة، وامتداد طبيعي لحرب الروس والاوكران، وهزات ارتدادية للتحريض المتواصل والتحريش والاستفزاز الدائم بين واشنطن وبكين بشأن تايوان، وتعبير عن غضب اميركا من الاتفاق المفاجئ بين السعودية وإيران، ومن التحرك السريع والصادم للفرنسيين والالمان للخروج من عباءة الاميركان، فضلا على التحركات الجديدة ولأول مرة لدول (منظمة شنغهاي )، واتفاقية (بريكست) وبقية خصوم الكاوبوي الذي يقوده الحمار الديمقراطي حاليا برئاسة بايدن الزهايمري التعبان، لاستبدال الدولار في الصفقات التجارية الكبرى، إما بالعملات المحلية، أو باليورو الاوربي، أو بالروبل والريال واليوان !

فما يجري في السودان حاليا لاعلاقة له بحميدتي والبرهان كـ قره قوزين سياسيين، وكبيدقي شطرنج متنافسين على السلطة وكرسي الحكم والنفوذ والسلطان بزعم ارسائهم لمرحلة انتقالية عسكرية تمهد لدولة مدنية لاحقة - بالمشمش - وما صعودهما ولا نزولهما من - طق طق الى سلام عليكم - الا بيد قوى خارجية اقليمية ودولية كبرى، وإنما هي حرب دولية بالوكالة كما أن الصراع في السودان حاليا قد يطول، ويطول كثيرا وقد يتمدد أكثر لأنه صراع عالمي وإن بدا محليا للناظرين وبواجهات ووجوه سودانية، وهو جزء من الصراع الدولي المحتدم اضافة الى التحرك بين الفرقاء لبسط النفوذ على كل أفريقيا والشرق الأوسط .

فهذا الـ "حميدتي " الذي أشعل فتيل الحرب الدائرة هناك هو الرجل الذي تنطبق عليه كل مواصفات (الميليشياوي ) وبإمتياز ...أما البرهان فيمثل دور الجندي المطيع وذراع اميركا وبقية أذنابها في شمال وشرق أفريقيا، وعندما أقول افريقيا فأعني بها أغنى قارة على سطح الكوكب في كل شيء بينما تعيش في أرجائها أفقر شعوب الأرض قاطبة، وعلى ما يبدو فإن روسيا قد تريثت قليلا قبل تحريك بيدقها (حميدتي) على رقعة الشطرنج السودانية لحين الانتهاء من الملف السوري واليمني قبلها وقد أغلقا وأعتقد مؤقتا !

واذا أردت أن تفهم يوما من هو الشخص الميليشياوي وما هي صفاته فحسبك الاطلاع على سيرة - حميدتي - فهذا الرجل لم يخدم يوما في صفوف القوات المسلحة السودانية على الاطلاق وانما كان راعي ابل في دارفور ليتطور به الحال فصار حامي قوافل تجارية " وربما مبتز لها وهذا ما أرجحه" على رأس ميليشيات مسلحة صحراوية قبل أن يقربه " البشير " ويمنحه - رتبة عسكرية - خارج نطاق الأعراف والتقاليد العسكرية، بل وخارج اطار صلاحيات الرئيس ايضا - فصار حميدتي - وكما كان عليه الحال سابقا في العراق مع عبد حمود، وحسين كامل، وعلي كيماوي، لتصبح سنة سيئة من بعدهم والى يومنا هذا - يرتقي بالرتب على أساس الرتبة - اللزك والكلك - الأولى حتى وصل الى رتبة فريق أول وهو لم يخدم في الجيش يوما = ضابط دمج !

وعندما طلب البشير دعم حميدتي وقواته " الدعم السريع " واسمها الحقيقي ما قبل التلميع الإعلامي هو " ميليشيا الجنجويد " لمواجهة الثورة ضده وإجهاضها دخل - محمد حمدان دقلو - وهذا هو اسمه الحقيقي - اما حميدتي - فهذا إسم الدلع - الى الخرطوم ليبسط نفوذه فيها ولأول مرة، فيما غدر بولي نعمته - البشير - ولم يقدم له يد المساعدة بل وشارك في الانقلاب ضده لأن المصالح الشخصية والتوجيهات الخارجية تقتضي ذلك وهذه هي طبيعة الانتهازيين في كل زمان ومكان وكلهم يتبع أجندات وتوجيهات أسياده الخارجية ولا علاقة لهم بتطلعات شعوبهم ولا بالبرامج الوطنية إلا اذا اتفقت مع الخارجية منها، ومع معايير الجواز والجنسية والتبعية والولاء المزدوج وسارت معها بسلاسة وعلى طول الخط !

فضلا على ذلك فإن "دقلو" هذا ملياردير يسيطر على مناجم الذهب في السودان وهو ثالث أكبر بلد باحتياطي الذهب في العالم، كما يتقاضى حميدتي ملايين الدولارات من الاتحاد الاوربي مقابل الحد من الهجرة غير الشرعية الأفريقية تجاه اوروبا، اضافة الى سيطرته على طرق القوافل التجارية .

- دقلو - أو حميدتي هو جزء من مشروع سابق أجهضته ثورة السودان - ياجماعة إن ثورة السودان ضد البشير قامت بعد أشهر على توقيع البشير اتفاقية مع الروس تسمح للكرملين ولأول مرة باقامة قاعدة بحرية على البحر الاحمر اضافة الى اتفاقية لاستثمار الذهب والتعدين في السودان، ولهذا السبب فأنا لا أثق بكثير من الثورات الشعبية التي تندلع بعيد ابرام وتوقيع اتفاق اقتصادي وعسكري كبير مع دولة كبرى، بما يغيض دول منافسة كبرى أخرى فالثورة ضد القذافي اندلعت بعد قراره سك الدينار الافريقي الذهبي الموحد والتخلص من ربقة الدولار، زيادة على منح الرّوس قاعدة عسكرية في بنغازي، و منح شركة " غازبروم"، الروسية رخصة إقامة خط أنابيب جديد لنقل الغاز الليبي إلى أوروبا، وقس على ذلك العديد من الثورات الشعبية في العراق والعالم، ومازال حميدتي يعد جزءا من اتفاقية اقامة قاعدة روسية حربية على البحر الأحمر، وله ارتباط بمنظمة فاغنر الروسية ما يؤشر إلى أن الصراع في السودان ليس بين - دقلو والبرهان - بحسب المعلن بقدر ما هو بين روسيا الزاحفة على افريقيا كلها وبقوة، وبين بقايا نفوذ اميركا وأوربا المتراجع فيها، وتأسيسا على ذلك فلن تنتهي الحرب الا بالقضاء على أحدهما، أما البرهان وأما حميدتي ولايفوتنك بأن اميركا تتحين الفرصة للتدخل عسكريا في السودان بذريعة حماية مصالحها ومواطنيها العالقين في السفارة هناك وللحد من الامتداد والتغول الروسي في السودان !

- حميدتي - له ارتباط بالرئيس الاثيوبي - آبي احمد - ما يفسر حركته على أنها جزء من لعبة السيطرة على منابع النيل ومشروع سد النهضة، كما أنه شخص قبلي وبذهنية عشائرية بحتة أكثر منه شخص عسكري أو وطني ولطالما رفض حميدتي وماطل بدمج قوات الدعم السريع بالجيش السوداني، مطالبا وفي حال دمجها بأن تكون قيادتها منفصلة عن قيادة الجيش وأن تكون إدارة القوات الموحدة والمدمجة بإمرته فقط !

أما عن القوة المصرية التي تم احتجازها في مطار مروي فهذه وبحسب الرواية " البرهانية " موجودة لاجراء مناورات عسكرية مشتركة بين الجيشين السوداني والمصري، أما بحسب الرواية المصرية فهي لمراقبة تحركات بناء سد النهضة ..وأما وفق الرواية "الحميدتية " فهذه قوات منتشرة للمشاركة مع الجيش السوداني للقضاء على "قوات الدعم السريع " الجنجويد سابقا متى ما صدرت الأوامر لها بذلك لأنهاء وقطع (اصابع فاغنر الروسية ) وذراع الكرملين في السودان !!

ولكي نفهم ما يدور في السودان، ونستوعب بعضا من جوانب وخلفيات الصراع وخفاياه لابد لنا من أن نلج من أبواب موصدة أو أنها لا تبدو مشرعة إلا لمن يطرقها ثلاثا و بإلحاح، أولهما الصراع القبلي في السودان، وثانيهما وثالثهما على التوالي التغول الصيني أسوة بالامتداد الروسي في القارة السمراء .

فخطورة استمرار القتال بين "أنصار البرهان " واتباع " حميدتي " وبينهما " بقايا اتباع وفلول نظام عمر البشير وحزبه المنحل، تارة مع هذا الطرف، وأخرى مع ذاك إنما يكمن بدخول القبائل السودانية طرفا في النزاع الدامي حيث أن السودان الذي يحتضن (570) قبيلة تنتمي الى (57) مجموعة عرقية يعاني من صراعات قبلية دامية لم تتوقف قط بوجود ترسانات من الاسلحة وقد شهد السودان (25) صراعاً قبليا دموياً بين عامي 2000 و 2010 فضلا على (30) صراعا قبليا دمويا بين 2010 و2014 علاوة على الأحداث الدامية التي تشهدها دارفور والنيل الازرق على مر عقود ..

وكلما طال أمد النزاع بالتزامن مع فشل الوساطات ومن دون توقف، كلما أغرى القبائل للتدخل طرفا في القتال الدامي ولاسيما مع دعوة كل من البرهان وحميدتي وبقايا فلول نظام (البشير) لقبائلهم للتدخل وتقديم الدعم والاسناد، اضافة الى تشجيع القبائل ذات النزعات الانفصالية بتجديد دعوات الانفصال عن السودان ليتحقق بذلك مشروع الباحث البريطاني - الأمريكي بشؤون الشرق الاوسط، الصهيوني “برنارد لويس”والذي وافق على مشروعه التقسيمي وخارطته الانشطارية الكونغرس الأمريكي وبالإجماع عام 1983م والقاضي من جملة خططه الجهنمية بتقسيم السودان الى (دويلة النوبة ) وعاصمتها أسوان، ودويلة شمال السودان وعاصمتها الخرطوم، اضافة الى (دويلة دارفور) وعاصمتها الفاشر، زيادة على دويلة جنوب السودان المسيحية وهذه قد انفصلت واقعا عام 2011 بعد عقود من المعارك الدامية والحروب الاهلية .

بالمقابل لايمكن للصين الماضية في استراتيجية (الحزام والطريق) وفتح أسواق جديدة أمام الصادرات الصينية، من خلال إشراك الأسواق والموانيء الافريقية في استراتيجيتها الدولية علاوة على زيادة حجم الاستثمارات هناك، أن تذهل عن السودان أسوة بالقارة السمراء وهي بالنسبة للتنين الصيني بمثابة الدجاجة التي تبيض ماسا وذها، حيث تمتلك إفريقيا ملايين الدونمات من الأراضي الزراعية الخصبة، و10% من مصادر المياه العذبة، و 40% من احتياطي الذهب، و 90% من الكروم والبلاتين فضلا على احتياطات ضخمة من النفط العالمي، والغاز الطبيعي حتى أصبح العدد الإجمالي للبلدان الأفريقية المرتبطة بمبادرة (الحزام والطريق) ما يقرب من (42) دولة افريقية تسيطر الصين حاليا على العشرات من موانئها بحسب المراقبين والخبراء، فيما تستعد الصين لبيع سيارتها الكهربائية ( ولينغ هونغ غوانغ ميني) منخفضة الثمن في الأسواق الافريقية .

بدوره يسعى الدب الروسي للبحث عن أطواق نجاة وعن مخارج آمنة لمأزقه الأوكراني الخانق للنفاذ مع قبضة العقوبات - الاور اميركية - المفروضة عليه وتعويض نقص الإمدادات في أفريقيا التي ترفض معظم دولها التصويت على فرض مزيد من العقوبات على الكرملين، ولايفتأ رئيسه بوتين، وكذلك وزير خارجيته المحنك (لافروف) من تذكير الافارقة في كل شاردة وواردة و لاسيما بالقمم الافريقية - الروسية بحضور 43 رئيس دولة أفريقية بسجل أميركا وفرنسا والدول الأوروبية الاستعماري وتاريخهم الامبريالي الغارق بالدماء والدخان وعلى مدار قرون في القارة السمراء، مقابل الدور الروسي الداعم والمساند للشعوب الافريقية للتحرر من ربقة الاستعمار الذي ساق مئات الالوف من الأفارقة عبيدا الى أوروبا و الأميركيتين .

المفارقة العجيبة بأن افريقيا العذراء الغنية بالموارد الطبيعية والاراضي الخصبة والمعادن النفيسة تعد موطنا لأكثر من 60٪ من فقراء العالم بحسب البنك الدولي بوجود توقعات تكشف عن ارتفاع النسبة عام 2030 لتصل الى 90 %، فيما ارتفعت نسبة الفقر في دولة السودان وحدها إلى أكثر من 60% مصحوبة بإنعدام الأمن الغذائي وحاجة أكثر من 13 مليون من الشعب السوداني إلى مساعدات غذائية عاجلة وفقا للأمم المتحدة .

وحري بالافارقة عامة، وبالسودانيين خاصة والكل يتحرك اليوم وبقوة لإعادة استعمارهم واستعبادهم مجددا، استدعاء أبيات تفيض عزة وكرامة وعذوبة ووطنية لشحذ الهمم، ونبذ الفرقة، وتوحيد الصفوف، بدلا من الاستعداء والتحريش بين الاعراق والقوميات والمذاهب والاديان، نظمها الشاعر السوداني محمد الفيتوري، يوما ويقول فيها:

إن نكن سرنا على الشوك سنينا

ولقينا من أذاه ما لقينا

إن نكن بتنا عراةً جائعينا

أو نكن عشنا حفاةً بائسينا

إن تكن قد أوهت الفأس قوانا

فوقفنا نتحدى الساقطينا

كيف يستعبدُ أرضي أبيضٌ

كيف يستعبدُ أمسي وغدي؟

كيف يخبو عمري في سجنه

وجدارُ السجن من صنع يدي!

الى هنا يمكنني القول وباللهجة الدارجة "كافي حبايبي ..تره تعبت من الكتابة والثرثرة والتصديع، ولاسيما ونحن نعيش أجواء العيد، والجو بديع، قفلي على كل المواضيع على قول السندريلا " على أمل اللقاء بكم في مقال قريب جدا بإذنه تعالى عن آخر التطورات والأحداث على الساحة - الافريقية - ولا أقول السودانية لتتماهى معها بإطراد، وبما يلائمها، لأن الصراع في حال استمراره سيمتد إلى دول أفريقية قريبة ومجاورة بدءا بإثيوبيا وإريتريا، مرورا بمصر وليبيا، وليس انتهاءا بتشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان .

***

احمد الحاج

الى كل تربوي فاضل

ما العلاقة بين التربية الأسرية والتعليم ؟

إن العلاقة بين التربية والتعليم علاقه متكاملة الأهداف والغايات والتي لا يمكن الفصل بينهما إلا لضرورة مهمة فالمحور الأساسي الذي تقوم عليه هو الإنسان وترابطه بجذوره وتفاعله مع مجتمعه الذي يتفاعل معه فإذا تم إهماله فإن النتيجة فساد المجتمع والأسرة بأكملها فالتقدم والرقي لا يتحقّقان بالمال ولا بالسياسة وإنّما بإعداد جيل مثقف وواعٍي بل قادر على فهم كل المشكلات وما حوله من أمور وحلّها بطرق سلمية واعية بعيداً عن المشكلات والتعقيدات. إن التربية هي أداة التغيير الإنسان والتعليم أداة لبنائه فكلاً منهما يسعى لتحقيق مستقبل أفضل فالتعليم يهدف لتحصيل المعرفة والثقافة المجتمعية الواعية الحضارية.

اما التربية فهي مفهوم واسع وشامل.

التربية والتعليم هي المحرك الأساسي في بناء المجتمعات الحضارية وتطورها حضارياً ورقي أفرادها وهي عملية منظمة ومدروسة علمياً وتربوياً تقدم من قبل الأهل في الأساس ثم المدارس، والجامعات، والمؤسسات المجتمعيّة بهدف نقل المهارات والمعارف لأفراد المجتمع والقضاء على الأمية الفكرية والتربوية وتنمية اتجاهات الأفراد الحديثة

فالعلاقة بين التربية والتعليم هي نقل الثقافة من جيل إلى آخر وهي كذلك تقوم على تربية الضمير والوجدان وتنمية الإحساس وتهذيب الشعور لإيماني بالتعليم وتحسين السلوك والأخلاق أما التعليم فالعلم هو إدراك الشيء على الحقيقة وهو إيصال المعلومات والأفكار للأفراد بصورة منظمة وواضحة محددة الأهداف تقدّم من خلال المدارس

هنا يكمن المحور الأساسي في كلماتي

ففي المدارس اليابانية لا يحصل الطلاب على أي إمتحان حتى يصلوا إلى الصف الرابع أي سن 10سنوات لماذا ؟!

لأن الهدف الأساسي هو

بالنسبة للسنوات الثلاث الأولى ليس المعرفة أو التعلم للطفل إنما غرس المفاهيم وبناء الشخصية وإثبات حسن الخلق لديهم وتطوير شخصياتهم التربوية والعلمية.

نعم، هذا ما عرفناه الآداب قبل المعرفة.

أو بمعنى آخر فالتربية الاسرية هي الأساس قبل التعليم.

وأين نحن من هذا في التربية الأسرية والتعليم في مجتمعنا العراقي .

***

ذكرى البياتي

 

لا تنهض الأمم دون عقول منورة ذات شجاعة وجرأة على المواجهة العقلية مع التحديات التغبيرية.

فالمجتمعات المعاصرة إستنهضتها العقول المنورة العزومة المتوثبة المقدامة المؤمنة بالمستقبل الأفضل، والداعية إلى إعمال العقل وإطلاق حرية التفكير والتفاعل مع مفردات الأيام.

ومن الواضح أن المجتمعات التي إنطلقت في رحاب المدنية كانت نتاج تفاعل عقولها التنويرية، حيث أنارت لها دروب الحياة وأطلقت ما فيها من قدرات.

ومعروف أن المواجهة الصعبة كانت في العصور الوسطى ما بين سلطة الدين وسلطة العقل، وبإرادة التنويريين تمكنت سلطة العقل من إقصاء سلطة الدين عن المجتمع، فوفرت البيئة اللازمة لإطلاق العقول وإعمالها في صناعة حاضرها ومستقبلها.

وبتفاعل العقول المحررة من سلطة الدين، تقدمت المجتمعات وتطورت وبلغت أوج إبداعها وإبتكارها بالثورة الإليكترونية والتكنولوجية التي نعيشها اليوم.

وبقيت مجتمعات أخرى، أو أريد لها أن تبقى ممعنة في الغابرات، ومستثمرة في العمل على إستعباد الناس بالدين الذي صار بضاعتها وتجارتها الرابحة.

فأصبحت مجتمعات عديدة رهينة لرمز ديني أضفت عليه القدسية، وبإنه ممثل الله في الأرض، وكلمته هي العليا وإرادته مطاعة وإشارته قانون.

هذه المجتمعات في الزمن الكوكبي المتشابك صارت تتوهم أن بعض البشر لديه تفويض إلهي، وقدرة على رسم مصيرها الغيبي فهو الذي سيقرر إلى أين ستؤول؟

وأمعنت هذه الرموز في تعطيل العقول وإستعباد الناس وتخنيعهم، وأسرهم بالتبعية والجهل والأمية، وإيهامهم بأنهم لا يعرفون وقاصرون، وأن الرمز أو المُسمى هو العالم العليم والقادر القدير.

وهو الذي يوزع عليهم بطاقات الدخول للجنة أو للنار.

ويبدو المثقف في هذه المجتمعات حبيس الخوف والرعب والمداهنة والسباحة مع التيار، ويرفع رايات حشر مع الناس عيد.

ويكون مرغما في أحيان كثيرة، لأن السلطة الدينية قاهرة ومدمرة وتقضي عليه.

وقد أقدمت على إغتيال العقول المنورة مهما كان شأنها، لأن التنوير ضد مصالحها، فالسلطة الدينية مصالحها في التجهيل والتخنيع وإستلاب الإرادة، وإمتلاك مصير الناس بأوهام تضفي عليها صبغة دينية.

لكن الفرصة التي يغفلها المثقفون، أنهم يعيشون في عصر عولمي الملامح والتطلعات، لا يمكن فيه حجب أنوار المعرفة ورؤية واقع الحياة وأوضاع الأمم والشعوب.

فالفيضان المعلوماتي كاسح وسيزيح العثرات ويرميها على جرف هارئ.

ولهذا فعلى المثقف أن يكون جريئا ومتفاعلا مع أنوار العصر، لا مع ظلمات ودهاليز الهذيانات التي تسمى دينية.

فلا بد من تحرير العقل من قبضة الضلال والدجل والبهتان والمتاجرة بالدين.

فهل أن الدين يدعو للخراب والدمار وسفك الدماء؟

والناس ستؤوب إلى عقولها، بعد أن يوقظها من غفلتها ما يحل بها ويجلبه عليها البهتان، فإعمال العقل من الإيمان!!

***

د-صادق السامرائي

5\4\2019

...................

* التغبير: التضليل

 

الحديث الثالث: مهارات الاتصال وتحديد الأولويات

علم رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابته مهاراتِ الاتصال والتواصل، وتحديد الأولويَّات؛ كقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل عندما أرسله إلى اليمن ليدعو أهل الكتاب للإسلام: (إنك تأتي قومًا مِن أهل الكتاب فادعُهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإنْ هُم أطاعوا لذلك فأَعْلِمْهم أنَّ الله افترض عليهم خمسَ صلوات في كلِّ يوم وليلة، فإنْ هم أطاعوا لذلك فأَعلِمهم أنَّ الله افترض عليهم صدقةً تُؤخَذ من أغنيائهم فتردُّ في فقرائهم... الحديث)؛ [صحيح مسلم: 19]، وفي رواية لمسلم أنه قال: (فليكن أول ما تدعوهم إليه)؛ مما يحدِّد له الأولويات وخارطة الطريق.

ولمهارة الاتصال أهمية كبيرة فحسب ويكيبيديا: " يعد الاتصال الإنساني جانباً مهما في الحياة فهو أداة فعالة من أدوات التغيير والتطوير والتفاعل بين الأفراد والجماعات. ويلعب دوراً مهماً في التطور والتغير الاجتماعي والثقافي والاقتصـادي، فكلما اتسعت وتنامت خطـوات التغيير والتطور، اتسعت وازدادت الحاجة إلى المعلومات والأفكار والخبرات، وبالتالي إلى قنوات الاتصال لنقلها وإيصالها إلى الأفراد والجماعات.

ونظرا لأهمية التواصل مع الآخرين وعمل الفريق سواء في المدرسة أم الجامعة أم العمل، فان امتلاك مهارات الاتصال غدا أحد المتطلبات للنمو الشخصي والمؤسسي.

فمن خلال هذا الحديث النبوي الشريف أخبر محمد صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل بطبيعة القوم الذين سيدعوهم بحيث أنهم أهل كتاب يشرح العلامة ابن عثيمين رحمه الله هذا الحديث فيقول :

" وقال له: (إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب)، أخبَرَه بحالهم لكي يكون مستعدًّا لهم؛ لأن الذي يُجادِلُ أهلَ الكتاب لا بد أن يكون عنده من الحُجَّة أكثر وأقوى مما عنده للمشرك؛ لأن المشرك جاهل، والذي أوتي الكتابَ عنده علم، وأيضًا أعْلَمَه بحالِهم، ليُنزِلَهم منزلتهم، فيجادلهم بالتي هي أحسن ". فالمجادلة بالتي هي أحسن و معرفة طبيعة و معتقد من تجادل و انتقاء أساليب التأثير و الإقناع وامتلاك الكاريزما و قوة الشخصية هي التي تجعل صاحب الدعوة ينجح ويوفق في دعوته و أيضا نتعلم من هذا الحديث ترتيب الأولويات في حياتنا فنبدأ بالأهم العاجل لا ننشغل بالغير المهم العاجل ونركز على المهم الغير العاجل ***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية:

شدري معمر علي

ليس الإنتاج الإعلامي مجرد ترفيه أو تسلية أو إثارة فقط، في كل بلاد العالم والمغرب من بينها، بل هو أداة قوية لتشكيل الرأي العام والثقافة الشعبية وتوجيهها نحو المبادئ الإنسانية المتحضرة، وتعزيز القيم المجتمعية الإيجابية المساهمة في نشر الوعي والتوعية بالقضايا المهمة والحساسة، عبر ما تنتجه من أعمال فنية البعيدة عن الرسائل السلبية المغلوطة، كتلك التي تطرق لها مسلسل "كاينة ظروف" -الذي تعرضه القناة المغربية الأولى خلال شهر رمضان- في جانب منه لموضوع التبرع بالأعضاء، الذي لاشك في أنّه من أهم وأنبل القرارات ذات الفضل الكبير والمعاني السامية، التي يُمكن للإنسان أن يتخذها تجاه من يعانون من تلف الأعضاء، السلوك الذي أجمع الشيوخ والفقهاء على أنه صدقة جارية للمتبرعين سواء كانوا على قيد الحياة أو متوفين ؛ الموضوع الذي جانب فيه كل من المخرج "إدريس الروخ" والمؤلفة والسيناريست"بشرى مالك" الصواب حين شيدا عملهما الفني الدرامي على رسالة سلبية مغلوطة، جسداها في مشاهد درامية للشخصية المتبرعة بكليتها لأخيها المصاب بقصور كلوي مزمن، وهي تعاني من مضاعفات صحية نتيجة التبرع الذي أدى لوفاتها، ما أضاع - مع الأسف -على ذلك العمل الفني دوره التحسيسي الإيجابي المساهم في نشر ثقافة التبرع بالأعضاء لدى المغاربة، وقوض جهود الكثير من الجهات الرسمية والتطوعية المبذولة لطمأنة الناس بأن التبرع بالأعضاء عملية آمنة صحياً، وتشجيعهم على القيام بها،وخاصة منها التبرع بالكلى التي تتم بين الأحياء بطرق علمية متقدمة تضمن سلامة المتبرع الذي يستأنف –حسب المختصين- حياته العادية أياما قليلة بعد التبرع، بدل ما مرراه عبر مسلسلهما من معلومات خاطئة ضربت مستقبل التبرع بالأعضاء في الصميم، بما شحنت به عقول المشاهدين من رسائل سلبية مخيفة للمتبرعين والمرضى المصابين بالفشل الكلوي، ممن يأملون العثور على متبرع كريم، والذي لن يكون ممكنا مع ما بثه المسلسل من أفكار لا مسؤولة، خيبت ظنهم وظن العديد من المتابعين الذين أصبحت غالبيتهم تعتقد أن المتبرع لن يستطيع التعايش بعد التبرع بعضو من أعضائه.

***

حميد طوسلت

 

في الليلة الفاصلة بين آخر رمضان وغرة شوال انخت راحلتي عند باب الحلاق ودخلت ضمن طابور الساعين لتجميل أنفسهم ليوم العيد وكانت كل رغبتي أن يرتب الحلاق منظر (كوشتي) على رأي آمنة عبد النبي لا ليطرد منها جيوش الشعر الأبيض التي توافق احتلالها رأسي بظهور مجموعات صغيرة في الفودين واليافوخ مع دخول جيش أبناء العم سام قبل عقدين من الزمن وكان الحلاق رضي الله عنه بكامل اناقته وذا مزاج معتدل ويدندن بأغنية (انستينا ياليلة العيد) ويهتز بشكل خفيف لكن ملحوظ مع حركات المقص ويوزع ابتساماته بالتساوي مع كلمات ترحيب ومعايدات كلما زاد عدد الرؤوس في الدكان وكنت الوحيد الذي لم أجد من يدردش معي فاكتفيت بالمراقبة والترقب وانتظار دوري بالجلوس على كرسي الحلاق وأثناء تصنتي الحذر دار هذا الحديث بين اثنين من الجالسين واظنهما من الحشاشة حسب العرف السائد وليس في زمن الطواسين..

. ليس من بكر ولا تغلب

. كلاهما من ربيعة ؟

. لكنهما احتربا حتى احترق الأخضر واليابس

. كانت حربهما بتأثير خارجي

. أظنها المخابرات الأمريكية ؟

. لا امراة عجوز اسمها البسوس

. وما هدف هذه العجوز هل تسعى لشق الصف العربي؟

. انت اممي ذا ميول يسارية وتحمل حقدا على العروبة

. وماذا فعلتم لعروبتكم الموهومة أيها القوميين غير الانقلابات والحروب والفتن والمؤامرات ؟

. ربما نحن أفضل من أحزاب الإسلام السياسي عندما كنا نستلم مقاليد الحكم

. كلاكما لا يهمه وطن ولا مواطن وتبحثون عند منافعكم وملذاتكم وشهوة الحكم وقهر الناس

. انت حاقد وتحتاج إلى تأديب أيها الوقح

ثم أمسك كل بتلابيب الاخر وتوجيه الصفعات واللكمات لبعضهم وسط استغراب الجالسين وحيرتهم في من يناصرون والقضية بدأت ببكر وتغلب وانتهت بالاشتباك وسيل اللكمات وهنا فقد الحلاق اتزانه ونسى دندنة العيد ورمى المقص جانبا وأمسك بالاثنين وضرب راسيهما ببعض وشتم اليمين واليسار والقوميين والمتاسلمين على ابو بكر وابو تغلب ومعهم قاسم كمبش الذي لم أسمع به سابقا مع ان أحد الجالسين صحح وقال سعد كمبش ثم فتح الباب على مصراعيه كما يقول متحذلقو النحو وطرد الجميع وأغلق الباب وتركنا بحيرة من أمرنا إذ لم نحلق ولم نصل إلى سبب خلاف بكر وتغلب وهل المخابرات الأمريكية لها ضلع في الخلاف؟ وحيرتي انا الكبرى هل هو قاسم كمبش أو سعد كمبش ولماذا شتمه الحلاق وهل له علاقة بالخلاف بين اليسار واليمين والمتاسلمين؟

الله لا يوفقهم ..!

***

راضي المترفي

 

في المثقف اليوم