أقلام حرة

أقلام حرة

إن اختراع تقنيات الذكاء الاصطناعي قد فتح الباب أمام تحسين عملية تقييم أعمال التلاميذ والطلبة، ولذلك وجب إعادة النظر في المعايير التقليدية ومواكبة التطور التكنولوجي الراهن مما يتيح فرصة لتوفير تقييم أفضل لأداء الطلاب والتلاميذ.

من بين الطرق التي يمكن من خلالها استثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي في تقييم التحصيل الدراسي إنشاء نماذج تعلم آلي متقدمة تستخدم بيانات سابقة لتساهم في تقدم الطالب في الدروس اللاحقة. ويمكن أيضًا استخدام الذكاء الاصطناعي لتقييم مهارات الطلاب في مختلف المجالات، مثل اللغة والرياضيات والعلوم والتاريخ، مما يوفر فرصا لتحسين تقييم الطلاب وتحليل أوجه القصور في مكتسباتهم.

لكن، يجب الانتباه إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يحل محل التقييم البشري بشكل كامل، بل يمكن استخدامه فقط كأداة لتعزيز وتحسين العملية البيداغوجية التقييمية. ويجب أن تكون هذه التقنيات شفافة ومنصفة، ولا ينبغي أن تتضمن أي تمييز أو تحيز بحق أي فئة من الطلاب على حساب فئة أخرى".

يتطلب استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل ناجع وإيجابي اتباع بعض المبادئ العامة ، مثل ضرورة ضمان الشفافية والعدالة بين جميع الفئات الطلابية ، وتحديد المسؤولية والحفاظ على الخصوصية والأمان، كما يجب أن يتم استخدامه في إطار الأخلاقيات والقوانين المعمول بها.

لا يجب منع استثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي على التلاميذ والطلبة الجامعيين بشكل عام، ولكن يجب الاهتمام بتوجيه استخدامهم لهذه التقنيات بشكل صحيح وناجع وفقاً للأهداف البيداغوجية المرجوة والاحتياجات الفردية.

كما يمكن استخدامها كذلك لتحليل البيانات واستنتاج التوقعات في مجالات مختلفة. ولكن، قد يكون هناك خطر في استخدامها لإيجاد الحلول السهلة والسريعة والتي لا تعتمد على المهارات والمعرفة الأساسية.

علاوة على ذلك، يجب الانتباه الشديد لأن بعض التطبيقات التي تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي قد تشتمل على محتوى غير مناسب للتلاميذ، لذلك يجب مراقبة استخدامها وتوجيهها للاستخدام الآمن.

من جهة أخرى يجب على الآباء ووأولياء التلاميذ استغلال فوائد الذكاء الاصطناعي في تجويد العملية التعليمية، وذلك من خلال استخدام التطبيقات التعليمية والمنصات الرقمية وغيرها من الأدوات التي تساعد على تعزيز المعرفة والمهارات.

حماية خصوصية البيانات والمعلومات الشخصية للطلاب، وذلك من خلال استخدام منصات تعليمية آمنة وموثوقة والتركيز على تعلم المهارات الأساسية المطلوبة في سوق العمل، مثل التفكير النقدي والإبداع والتعلم الذاتي، بجانب المهارات التقنية الأساسية.

ومن الجدير بالذكر أنه يجب أن تكون تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم مدروسة جيدًا ومخططة بعناية حتى لا تؤدي إلى تفاقم الفجوة الرقمية بين الطلاب وتقلل من اعتماد التلاميذ على قدراتهم وكفاءاتهم المعرفية وعلى المعلمين وتفقد الجانب الإنساني في العلاقة بينهما.

باختصار هل نتفاءل أو نتشاءم بخصوص استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال التحصيل الدراسي والتعليمي في المستقبل؟.

يقينا لا يمكن الإجابة على هذا السؤال بشكل قاطع بل يتوقف ذلك على الظروف المحيطة بالتطبيق الفعلي لتقنيات الذكاء الاصطناعي في التعليم في مختلف أسلاكه . فعلى الرغم من أن هذه التقنيات توفر فرصًا كبيرة لتحسين جودة التعليم وزيادة فعاليته، إلا أنه يجب التأكد من أن النتائج النهائية لا تؤثر بشكل سلبي على الطلاب أو المعلمين أو المجتمع بشكل عام.

من أجل ثقافة مغربية رقمية تواكب العصر

***

عبده حقي - كاتب وإعلامي مغربي

 

هل أنت مستغرب من الدعوى التي أقامها المحامي "نبيه الوحش"، أعتذر أقصد المحامي أحمد شهيد الشمري ضد الفنان أحمد وحيد؟، أنا من جانبي لم استغرب حيث شاهدنا كيف تكاتفت العشائر مع الأحزاب ضد مسلسل يقدم شيخ عشيرة يدير عصابة،

وشاهدنا كيف تصرخ نقابة المعلمين إذا ما تم تقديم نقد للمعلم ومثلها تولول نقابة الأطباء والمحامين،. هذه المسلسلات اعتبرها البعض إساءة لمجتمعنا، فنحن مجتمع يخلو من الأخطاء ومحصن ضد الفساد والقتل والسرقة، فمن شاهد منكم موظفاً عراقياً يرتشي؟، أو مسؤولاً يسرق او يحرض على القتل؟، أو حتى شيخ عشيرة يستولي على أملاك الدولة ويثير النزاعات القبلية؟ . هذه مشاهد لا توجد سوى في مخيلة كتاب الدراما "العملاء" . وأنا أقرأ ردود الأفعال على الدعوى التي أقامها السيد المحامي تذكرت ما جرى في مصر قبل أشهر حين اعترض نائب في البرلمان على تقديم مسرحية "المومس الفاضلة" لسارتر لأنها حسب رأيه تنشر الرذيلة ولان اسمها المومس الفاضلة .

طبعا لا أحد يستطيع أن يصادر حرية البعض في الدفاع عن قيم المجتمع، كما يسمونها، كما لا يحق لأحد أن يطلب منهم أن يكفكفوا دموعهم الصناعية وهم يرون المسلسلات العراقية تقدم واقعاً مغايراً للواقع الوردي الذي يعيشه المواطن العراقي، فالدراما العراقية العميلة تريد أن تسيء للتجربة الديمقراطية العراقية التي يشهد لها العالم، ولا نلوم البعض الذي يعتقد أن الدراما تقف حجر عثرة في طريق حل مشاكل العراق، وأنها في الفتنة الطائفية وأنها تعمل على انتشار المخدرات والبطالة وأنها تسببت بمقتل شباب تشرين، وأن الحياة كان يمكن أن يكون لونها "بمبي" لولا إصرار أحمد وحيد على الظهور في شهر رمضان وتقديمه مسلسل "قط أحمر".

يدرك المعترضون على الدراما العراقية بأن العراقيين لا يعيشون عصور الرفاهية وأن ما تقدمه الدراما لا يعادل واحد بالمئة من المأساة التي عاشها المواطن العراقي. ولهذا فان المواطن ربما يختنق من الضحك وهو يستمع لاحاديث عن الأخطار المحدقة بالعراقيين لو شاهدوا هذه المسلسلات على نحو يجعلك تتخيل أننا نعيش في جزيرة معزولة، وأن جيوش الرذيلة وعصابات الضلال تقف على الحدود فى حالة تأهب لافتراسنا وتدميرنا.

للاسف صار الحديث بشأن الدفاع عن القيم والفضيلة في هذه البلاد الغريبة والعجيبة نوعاً من العبث للتغطية على الفشل ، مثله مثل الحديث عن الإصلاح والنزاهة ، وهكذا اكتشفنا أن المسلسلات العراقية لا تريد لنا الاستقرار وتبث أكاذيب تنشرها البلدان الإمبريالية التي دائماً ما تقف في وجه التجربة السياسية الرائدة في العراق . للاسف يعتقد البعض ان تصوير الاخطاء اشبه بارتكاب المعاصي

فليعترض البعض على الدراما وهذا حقهم ، لكن دون أن يشكلوا محاكم تفتيش تنزع عن الفنانيين وطنيتهم وانتماءهم لهذا البلد.

***

علي حسين

 

اكثر من عقد والبلد يشهد انقساما سياسيا حادا ادى الى تدهور الاوضاع الامنية والاحتراب الداخلي مدعوما بأجندات خارجية، تتواجد على الساحة اجهزة استخباراتية تعمل على اطالة الازمة، المتدخلين في الشأن الليبي زودوا اطراف الصراع بمختلف انواع الاسلحة، واخرون رسموا خطوطا حمراء بدماء الشباب العاطل عن العمل لحماية مصالحهم وامنهم القومي، ليبيأ واقعيا اصبحت دولتان على غرار قبرص، الجزء الشرقي لمصر اما الغربي فيتبع تركيا ويعتبرونه ايالة عثمانية.

يبدو ان القوى الدولية تسعى الى انهاء الازمة الليبية التي طال امدها والتفرغ لمهام اخرى خاصة في ظل الحرب في اكرانيا وتعاظم النفوذ الصيني في المنطقة، تشهد البلاد نوع من الانفراجات بسبب توصل الدول الاقليمية ونعني بذلك تركيا ومصر الى تفاهمات بينهما خدمة لمصالحهما المشتركة، وبالتالي اوعزتا الى ممثليهم بالداخل بضرورة السير في ركب التسوية.

المسار العسكري والامني يشهد تطورا بناء من اجل توحيد المؤسستين العسكرية والامنية، والتي بالتأكيد ستكون نواة للم الشمل والعمل على تهيئة الظروف لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية قبل موفى العام الحالي، والتي تأخرت لعامين كاملين وكان احد اسبابها هو تيار الاسلام السياسي المتشدد (اتحاد ثوار ليبيا) الذي يعرف محليا بتيار المفتي الذي ما انفك يدعو الى سفك الدماء واحداث فتنة بين المناطق.

التيار عقد السبت 11 فبراير 2023 مؤتمرا له بمدينة الزنتان، اعرب من خلاله انه ضد التوافقات التي تحدث وانه الوصي الشرعي على الثورة ومن ثم تقع عليه مسؤولية حمايتها.

بالأمس خرج علينا التيار بانه يعترض على التعديل الــ13 الذي اصدره البرلمان واجازه مجلس الدولة، ربما هناك بعض النقاط العالقة ومنها ترشح مزدوجي الجنسية والعسكريون، وقد تم تشكيل لجنة (6+6)مناصفة بين مجلسي النواب والدولة لحلحلة الامور وانهاء المراحل الانتقالية، التي نراها انتقامية من الشعب، حيث عانى ولا يزال شتى اصناف الذل والقهر وشظف العيش، كما ان من توالوا على السلطة اهدروا الاموال العامة، وقدموا وعود زائفة للشعب وبالأخص فئة الشباب الذي يتوق الى بناء نفسه وتامين مستقبله عبر القروض من الدولة والتي تنكر لها رئيس الحكومة الدبية بجرة قلم.

الاجتماعات الامنية والعسكرية والكتائب غير المؤدلجة للفرقاء، والتي عقدت بكل من طرابلس وبنغازي، وروح الانسجام والمحبة التي رافقت الاجتماعات، والرغبة الملحة في طي صفحة الماضي، والوصول بالبلاد الى بر الامان، لم ترق لهذا التيار الراديكالي المتشدد الذي يستمد بقاءه من الخلاف بين مكونات المجتمع، وبالتالي نراه يسعى وبكل جهده ان يعرقل المسيرة .

نجزم ان تيار المفتي يغرد خارج السرب، وانه لن يستطيع فعل شيء في ظل التوافق الاقليمي والدولي، وتيقن الاطراف الداخلية انه كفى عبثا بمقدرات الدولة والضحك على الشعب المغلوب على امره وان الاماني التي كانت تراوده، تبخرت بفعل اعمال من يتشدقون بانهم ثوار ليبيا، الذين ينهلون من معين تورا بورا، الفكر الارهابي الذي يكفر كل من لا يتوافق معه، وعلى اعضاء هذا التيار المتشدد الذين يرغبون في استمرار الازمة ان يرحلوا الى اماكن اخرى يجدون فيها مبتغاهم.

نتمنى ان يتوصل الفرقاء الى تفاهمات، تفضي الى انتاج حلول تؤدي الى استتباب الامن والاستقرار وابعاد شبح الحرب والتهجير.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

الخليل بن أحمد الفراهيدي عاش سبعة عقود (100-170) هجرية في البصرة، مؤسس علم العروض، وواضع أول معجم للعربية، وتتلمذ على يده سيبويه والأصمعي، وغيرهم من جهابذة لغة الضاد، يتهمه الحداثيون (النسّاخون لإبداع الآخرين) بأنه إخترع بحور الشعر.

وما فعله أنه درس شعر العرب بمنظار موسيقي، وأظهر إيقاعات النظم وصنفها وأسماها بحورا، فهو لم يخترع وإنما إكتشف وصنف وحسب، أما إتهامه بأنه وضع الشعر في قوالب فلا رصيد له من الواقع.

البحور التي وضعها الفراهيدي هي إيقاعات النفس، ونبضات الأعماق الإنسانية، فكينونتنا الداخلية ذات إيقاعات متنوعة، ولكل عضو في البدن إيقاعه من القلب إلى الدماغ والجهاز الهضمي والتنفسي وغيرها.

وحتى الطيور المغردة أصواتها ذات إيقاعات يمكن تصنيفها وفقا لبحور الشعر.

فلماذا الإتهام الجائر؟

يبدو أن الحداثيين يريدون تسويغ ما فعلوه، أو ذهبوا إليه، فصاروا يسمون أي كلام شعرا، ويرون الحرية وكأنها سراب يطاردونه بالكلمات، وما جاؤوا به سبقهم إليه العرب قبل الإسلام، عندما أظهروا جمال اللغة في الإبداع والتعبير، ويزخر تراث الأمة بأروع النصوص الأدبية ذات الجمال الأخاذ، وما أطلقوا عليها شعرا، فالشعر في عرفهم له ضوابطه، وسارت الأمة على نغماته قرونا تلو قرون.

فلا جديد إن لم يكن مولودا من رحم أصله الإنساني التراثي، أما إستنساخ ما عند الغير وتقليدهم، فتأكيد للتبعية ونضوب الإبداع والخواء المعرفي.

فالتجديد أو التحديث عليه أن ينبع من روائع ما تكنزه الأمة .

فالنصوص المنتشرة، تحليقات في فراغات المجهول، وإبتعاد عن وجع الواقع ومعاناة الجماهير، وفيها هروب واضح وخوف، وعدم القدرة على المواجهة والتحدي، فتتقنع بالغموض والرمز والإبهام، لتأمين آليات الإيهام بأنها الإبداع الجديد.

ولا يجوز نكران مَن أسهموا بإبداعات أصيلة نابعة من صلب جوهر الأمة، لكن السائد نصوص بلا طعم، مكتوبة لبضعة أشخاص يحسبون أنفسهم صفوة المعارف والإبداع، وهم من الغافلين!!

فأين الحداثة يا أمة يتفكرون؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

عاد "المدني" سليم الجبوري إلى هواية إطلاق النكات، ففي المرّة الأولى حقق حلم العراقيين بإقامة دولة العدالة الاجتماعية، وفي المرّة الثانية يوقظ في هذه البلاد "المدنية"، وفي المرات الأخيرة خرج علينا ليقول إن الأحزاب الدينية لم تعط الفرصة لتقديم تجربتها الصائبة في الحكم وضرب لنا مثلاً بالغنوشي في تونس ومرسي وأخوانه في مصر.

ولأن سليم الجبوري شخصية ظريفة ولطيفة فقد تنقل بنا وهو يحاور أحمد الملا طلال بين إدانة الأحزاب الدينية التي تولت السلطة منذ عام 2003 وتحكيلها مسؤولية ما جرى، وبين الحديث عن المؤامرات التي تعرض لها الإسلاميون وعن الدولة التي يحلم بها " الحزب الاسلامي العراقي " .. ماذا يخطر ببالك وأنت تستمع إلى السيد سليم الجبوري؟، ستتذكر حتماً ما قاله السيد نوري المالكي قبل أيام من "إن في 2003 لم يكن هناك عراق وتولينا السلطة عندما كانت الخضراء مطوقة". ولا أعرف من كان يطوق الخضراء في ذلك الوقت الذي تسلمت فيه أحزاب المعارضة السلطة في العراق واستلمت المنطقة الخضراء .. ولم يتركنا السيد المالكي حتى يذكرنا بأن "ميزانية العراق كانت 25 ملياراً وارتفعت لـ100 مليار عندما فرضنا الاستقرار".. لكن الغريب لم يخبرنا السيد المالكي كم "100" مليار نهبت وأهدرت خلال العشرين سنة الماضية؟ . وماذا حصد المواطن العراقي من هذه المليارات، ما حجم الصناعة والزراعة والصحة والتعليم؟.

يدفعنا حديث السيد سليم الجبوري إلى الأسى، ليس لأن ما ورد فيه من معلومات وتحليلات يؤشر على الأزمة التي وصل إليها عقل السياسي العراقي، وإنما، لأن ظهور مثل هكذا "خزعبلات" في هذا الوقت بالذات، يجعلنا نؤمن بأننا نعيش عصر الخراب. في كل يوم نسمع حكايات من الشعوب التي لا يحكمها ساسة " دراويش"، ولكننا نمر عليها على عجل. لأننا مشغولين بحكايات الإصلاح التي لا تريد أن تنتهي وبتفسير " أحاجي " سليم الجبوري، ولهذا لا نتوقف على خبر مثير يقول إن القضاء الأمريكي لا يزال يطارد الرئيس الأمريكي السابق ترامب، لأنه دفع رشوة لامرأة، خبر مضحك بالنسبة للمواطن العراقي، الذي لا يعرف كم مسؤول وسياسي عراقي غير مؤهل، وما هي مؤهلات معظم المسؤولين العراقيين الذين لايزال البعض منهم على كرسي السلطة، وأين ذهبت دعوات الإصلاح التي هتفت بها عالية نصيف ”لامحاصصة بعد اليوم”؟

طوال العشرين سنة الماضية، كان رجال السلطة، يزيدون ويعيدون حكاية أن الانتخابات القادمة، ستكون فتحاً جديداً في الديمقراطية .

إذن، نحن أمام تصريحات وخطابات تدعونا لأن نعيش أبد الدهر مع " الرموز التاريخية" التي رافقت الخراب، منذ أن اخترع إبراهيم الجعفري "معجون المحبة".

***

علي حسين

رغم ما كنت أصبه من نقد هادر على رأس المنظومة الدرامية المغربية بأكملها، فقد شدني شيء مختلف في دراما الأعمال الرمضانية لهذا العام، ودفع بي لتخصيص قسط من وقتي، وتوجيه الكثير من تركيزي وشغفي لمشاهدة أحد مسلسلاتها بعد الإفطار، لما تميز به من ملامح تخرج عما اعتدنا عليه في المسلسلات الرمضانية السابقة، والملمح المتمثل في طغيان الحضور الأنثوي على المسلسلات التلفزية لهذا العام، وسيطرة تاء التأنيث على مجرياتها حاملة أحلام نون النسوة -موضوعات وبطلات - إلى مساحات من التميز في تسليط الضوء على الآثار النفسية والجسدية التي تعاني منها المرأة، والجدة في كسر حاجز صمت المسكوت عنه في عدد ضخم من قضاياها الشائكة المستعصية التي صارت واقعاً ملموساً بحّت الأصوات المنادية بمعالجته، وعييت الجهود العاملة على تخليصها من نحس أعرافه وعاداته وتقاليده المجحفة التي أصبحت قوانين مسلطة تجيز القهروالظلم والحرمان عليها كنصف المجتمع، الذي لم تفلت منه أي إمرأة، فقيرة أو غنية، عزباء أو متزوجة، أم أو جدة، معززا بقسوة الظروف وجبروت التسلط الذكوري، الذي عالجه مخرج مسلسل "كاين ظروف"وجسدته ثلة من الممثلات المغربيات المقتدرات، عبر حبكات درامية رمضانية، أعتقد أنها كانت سلاحاً جديداً في معركة الوعي بالقضايا الحقيقية للمرأة، وملمحاً مهماً في "انتشال الوعي من غفوته ومده بمفاهيم جديدة تقوض البنى الفكرية التقليدية القائمة على العبودية والطاعة المطلقة" – كما قال التنويري ماجد الغرباوي. وستكون تيمة من تيمات تصحيح مسارها و كسر حواجزها، وتحطيم تابوهات الأسئلة العتيقة حول حكم كونها نصف المجتمع، وحجر الزاوية الأكثر تأثيرا وردودها الأكثر عتاقة في التمييز و الإقصاء الممنهج، الذي يفرض على النساء الحضور المكثف، من خلال التشبّه بالرجال على مستوى اللغة والسلوك العدواني وممارسة العنف وإظهار مشاعر الغضب...، كالذي رأيناه في مسلسل "كاين ظروف"والذي دفع الذكور،ممثّلي الرجولة التقليدية، إلى التضامن لمقاومة ذاك «الغزو» النسائي حفاظا على رأس المال الاجتماعي والهوياتي المتمثل في "الذكورة" التي أسسوه على العنف والاحتيال ويكرسها الخطاب الديني

***

حميد طولست

"تتراكم الزبالة بجوار المحلات والبيوت صباح كل يوم في شهر رمضان دوائر البلدية أو أمانة العاصمة غير قادرين على تصريفها ونقلها، نتيجة زيادة النفايات في الشهر الكريم، وقال أحد أصحاب المطاعم: "الزبالة تزيد في رمضان بشكل مبالغ فيه، وتتهافت القطط والكلاب على بقايا الطعام، والناس ترمي مخلفات الطعام في كل مكان ولا تهتم".

ورغم أن الحالة الاقتصادية غير مرضية للكثير من العراقيين، لكنهم لا يتخلون عن عاداتهم الشرائية في شهر رمضان، فيزيد إهدار الطعام وتتكاثر النفايات العضوية والبلاستيكية في الشوارع.. رمضان شهر في السنة كلها، لا غنى عن الإكثار من تناول اللحوم والدجاج والأسماك، إلى جانب البقوليات والعصائر.

وتشكل أزمة إهدار الطعام في بلدانا العربية مشكلة كبيرة، إذ ذكرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة أن المواطن في منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا يهدر سنوياً ما يقرب من 250 كيلوغراماً من الغذاء أي ما يعادل حوالى 60 مليار دولار سنوياً، وأشارت المنظمة إلى أن متوسط هدر المواطن المصري العادي يبلغ 91 كيلوغراماً سنوياً، ويتم في المناسبات التخلص من 60% من الأطعمة الصالحة للأكل، كما أن 50% من الخضار والفاكهة و40% من الأسماك و30% من الحليب والقمح تُهدر كل عام في مصر .

إحصائيات وأرقام:

ويقول أحد المختصين أن العراقيين ينفقون 70% من دخلهم سنوياً على الطعام بمعدل 300 مليار سنوياً، وبذلك يصل إنفاقهم شهرياً إلى 25 مليار دينار، ويرتفع في شهر رمضان إلى 40 ملياراً، أي بزيادة 15ملياراً عن الشهر العادي.. وتتغير العادات الاستهلاكية في شهر رمضان عن باقي شهور السنة، وهو أمر أكده كثيرون رغم أنهم يعترفون بأن ما يقرب من نصف الطعام يرمى في القمامة.

تقول أم حسين (48 سنة) موظفة: "رمضان شهر في السنة كلها، لا غنى عن الإكثار من تناول اللحوم والدجاج والأسماك فيه، إلى جانب تحضير الكثير من البقوليات والعصائر للإفطار والسحور بشكل يومي، لذلك هو يحتاج ميزانية خاصة ونستعد له قبل بضعة أسابيع، فأشترك في جمعية مع صديقات لي لأشتري متطلبات رمضان لي ولعائلتي".

الحاج نوري (70سنة) متقاعد: يعترف أن كمية النفايات التي تخرج من منزله بصورة يومية في شهر رمضان تزيد على نفايات الأيام العادية: "أطلب من زوجتي ألا تبالغ في أصناف الطعام، لكون راتبي التقاعدي قليل، ولكن يكون عندنا ضيوف تطبخ أربعة أصناف، وأنا لا آكل البائت فنرمي الطعام في النهاية".

بدورها تتحدث أم علي (45 سنة) ربة بيت عن شهر رمضان: " المواد الغذائية التي تجهزها الدولة لنا عن طريق البطاقة التموينية لا تكفي لمدة أسبوع واحد، فلا أعتقد هناك طريقة أخرى للاستمتاع بالشهر، وهو أمر متوارث، و أكثر مشترياتي من زيت الطعام والسكر والألبان والكريمات والمكسرات التي أستخدمها لصنع الحلويات كل يوم، رغم أن سعرها مرتفع جداً، هذا إلى جانب الأغذية الأخرى التي نحتاجها للإفطار والسحور، رمضان يختلف، ففي الأيام العادية لا نأكل حلويات بهذا الشكل ولا نعد العصائر والمشويات وغيرها".

هدر الطعام عادة مذمومة:

لذلك يعتبر هدر الطعام من أكبر التحديات التي تواجه تحقيق الأمن الغذائي، خاصة في ظل الأزمات المتتالية وآخرها الحرب المستعرة بين روسيا وأوكرانيا، والتي أثرت على طرق الإمداد الغذائية على مستوى العالم. ووفقاً لتقارير منظمة الفاو فإن حجم الطعام المهدر عالمياً يقدر بنحو 1.3 مليار طن من الغذاء سنوياً بنسبة 30% من إنتاج الغذاء، ويقدر حجم إهدار الغذاء في العراق نحو تسعة ملايين طن، مع نسبة هدر في الخضر والفاكهة تقترب من 55%، في حين أن تخفيف هذا الهدر يمكن أن يوفر الطعام لنحو مليار نسمة من فقراء العالم.

ونتيجة هذا الإسراف ينتج عن الفرد في اليوم العادي ربع كيلوغرام من المخلفات، وفي أيام المناسبات تصل الكمية لنصف كيلوغرام، ولكن في رمضان تصل إلى كيلوغرام إلا ربعاً، وأحياناً إلى كيلوغرام في اليوم، تضم البلاستيك والأوراق وبقايا الطعام. بالطبع تختلف هذه الكميات حسب المناطق، ففي المناطق الريفية قد لا يتجاوز الفرد يومياً 250 غراماً من المخلفات في حين يزيد الرقم في المناطق الحضرية والغنية ومراكز التسوق ليصل إلى كيلوغرام، مع نسبة بلاستيك كبيرة جداً".

يتم التعامل مع هذه المخلفات بزيادة أعداد السيارات الناقلة لها،وأعداد الأفراد العاملين في التنظيف للوصول إلى كل الشوارع والأزقة، إلى جانب السيارة الأم الكبيرة التي تستوعب 12 طناً في اليوم وتتحرك مرتين أو ثلاث مرات في اليوم، وترسل النفايات إلى المدفن الصحي .

أن قضية هدر الطعام من المسببات التي تؤدي لتفاقم أزمة تغير المناخ، خاصة في ظل الاشتعال الذاتي لنفايات الطعام داخل مقالب الزبالة، مما ينتج غاز الميثان الذي يسبب زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري، هذا إلى جانب بعض المشكلات البيئية المتعلقة بالحاجة المتزايدة لإنتاج الغذاء، مثل انخفاض خصوبة التربة، واستخدام المياه بشكل غير مستدام، والصيد الجائر وتدهور الحياة المعيشية، كما تعد أنماط الاستهلاك والإنتاج غير المستدامة سبباً رئيسياً لتغيير المناخ وتدهور الأراضي ونضوب الموارد.

إجراءات تنظيمية:

يمكننا ببضع خطوات لا تكلفنا الكثير، أن نخفف من استهلاك الطعام ونقلل الهدر خلال الشهر الكريم، وأهمها:

1- التفكير كل يوم بعدم الإفراط في الشراء وإعداد موائد بسيطة قدر الإمكان. وأثناء التسوق من الجيد الانتباه للعروض التسويقية التي يمكن أن تدفعنا لشراء المزيد من الكميات التي لن نحتاجها بالضرورة.

2- التحكم في أحجام الأطباق التي نطبخها، فليس بالضرورة أن تكون الكميات كبيرة جداً وزائدة عن حاجتنا.

3- التأكد من حفظ الطعام بطريقة جيدة وآمنة كي نتمكن من استهلاكه في اليوم التالي ربما مع بعض الإضافات. يمكن استهلاك بقايا طعام الإفطار في السحور أو في إفطار اليوم التالي.

4- استخدام الخضر الطازجة لإعداد الطعام كي تبقى أطول فترة ممكنة، وليس من الضرورة أن تتضمن كل الوجبات لحوماً.

5- التبرع بأي طعام لا نرغب بتناوله وما يزال بحالة جيدة، فهناك كثيرون ممن قد يحتاجونه، كما أن التبرع أفضل من الرمي في القمامة. (1)

***

شاكر عبد موسى / العراق

كاتب وأعلامي

....................

(1) هويدا أبو سمك/ استهلاك مضاعف للطعام والشراب.. كيف نخفف الإهدار والنفايات خلال شهر رمضان؟/ موقع رصيف22 في 2 نيسان 2023.

https://raseef22.net/article/1092638-

البيروقراطية.. يشكو معظم الناس من الرتابة في يوميات حياتهم، فيبدون سأمهم من نمطية عيشهم الديناميكي، وسلسلة الأعمال والاهتمامات التي عليهم تأديتها على مدار الساعة، وقطعا نحن العراقيون أول هؤلاء الناس، إذ يتفاقم الشعور بالملل عندنا اضعافا مضاعفة، بل إن أغلبنا يتمنى بقاء نمطية حياته على ماهي عليه، خشية انزلاقها الى الأردأ والأسوأ مما لاتحمد عقباه.

ولم يتولد هذا الشعور في الفرد لولا احتكاكه المباشر والدائم بالأحداث السيئة المحيطة به، فعلى سبيل المثال مايسمعه في نشرات الأخبار اليومية المحلية، إذ تنقل له كما هائلا من صولات الاجتماعات، وعددا مهولا من جولات المؤتمرات التي تعقد هنا وهناك في محافظات بلده، الأمر الذي كان من المفترض أن يفرحه ويدخل البهجة في نفسه، لكن الصدمة تكون في جدوى تلكم الاجتماعات والمؤتمرات، إذ يكتشف المواطن بعد لهفته وتشوقه للنتائج أنها هواء في شبك، او كنافخ في قربة مثقوبة، الأمر الذي فتح ثغرات في نفسيته، تسرب من خلالها اليأس حتى أغلقت أمامه منافذ الأمل، وبذا أعود الى ما ابتدأت به سطوري هذه وهو الرتابة والملل مما يحيط بنا.

ويبدو أن تدخلات الساسة في ديمومة هذه الرتابة مدروسة نتائجها، وهم ليسوا (غشمه) فواضح جدا أن أحداث اليوم هي ذاتها أحداث الأمس، وليس بمستبعد بل هو مؤكد أن أحداث الغد هي ذاتها أيضا أحداث اليوم، وهكذا ستستمر خطى العراقيين بشرائحهم كافة على نسق ونمط ثابت، كما رسمه الساسة والقادة، والصورة التي يعيشها المواطن تتكرر ذاتها يوميا وتفصيليا، وعليه تحمل تكرارها وأقلمة عيشه على اجترار يومه من أمسه، وغده من يومه. ومن جملة الصور التي يعيشها العراقي أنه؛ يناضل.. يضحي.. ينتخب والنتيجة: يجوع، يُحرَم، يُسرَق ويَكظِم غيظه، وكأن العمل مازال ساريا بشعار البعث: "البعثي أول من يضحي وآخر من يستفيد". وكل مافي الأمر أن مفردة البعثي استبدلت وحل محلها مفردة الشعب.

أما الكاتب والناقد والباحث -ولاسيما السياسي منهم- فهو الآخر يعاني من ذات الحال مع سياسيي (هذا الوكت) فهو يتألم لما يراه في مجتمعه، ويعكس كل ما يمس المواطن من حيف وضيم وظلم، باحثا عن حلٍ لمشكلة، أو طريق خلاصٍ لمعضلة، فينتقي الحروف الهجائية، ويستخرج عصارة ثقافته وأفكاره ليصنع صورة تعكس الواقع، فيكتب شكوى او مقالا يصف فيه حال بلده، وبعد ان تصل أنظار المسؤول، تـُعامل كأنها موضوع إنشائي كتبه تلميذ، والسيد المسؤول قد يتعب أنامله بتصحيحه. وبذا يكون الفرق بين صاحب الشكوى والمسؤول كقول نزار قباني:

الحرف عندي نزيف دائم

والحرف عندك ما تعدى الإصبعا

صورة أخرى عادة مانشاهدها في عراقنا الجديد أبطالها الشعراء، فالشاعر يعيش ألم وطنه وأهله وناسه ويتحسس همومهم.. يسمو بحسه.. ينظم قصيدة تنزف من جراح العراقيين.. يضمنها أحلامهم وآمالهم.. يلقيها في محفل ما أمام سلاطين عراقه الجديد.. يصفقون له بحرارة.. يفرح شاعرنا ظانا ان شكواه وصلت آذانا صاغية، لكنه في حقيقة الأمر لم يكن تصفيقا، بل كانوا ينفضون أيديهم ان لاشيء مما في القصيدة سيتحقق. ومن صورة الى صورة.. وسلطان الى سلطان.. يتنقل العراقيون وسط الرتابة، يتطلعون الى تغيير، وما في الأفق من بشائر، وينادون وما من سامع، فعليهم ينطبق المثل: "تيتي تيتي مثل رحتي اجيتي" ولسان حالهم يقول:

ألقاك كي أشكو فأسكت هيبة

وأقول إن عدنا فسوف أقول

دليلي من زغر يسمر وهابك

وگضيت العمر هاحسرة وهابك

كلما الگاك اريد احچي وهابك

واگول يعود وابديله الشچيه

***

علي علي

في مجتمعات أمتنا لا وجود لأننا ونحن، والمفكرون بأنواعهم منهمكون بالحديث عنهما منذ بداية القرن التاسع عشر، وها هي الحالة واضحة أمام الجميع، فهل نستطيع أن نقول "إننا" أو "نحن"؟!!

الشعوب يصنعها قادتها، ولن تصنع نفسها، فانظروا دول الدنيا وستجدون صناع نحن وإننا فيها، فالصين المعاصرة من صنع "ماو"، والهند من صنع "غاندي"، وتركيا من صنع "أتاتورك"، وحتى أمريكا من صنع "جورج واسنطن"، وقس على ذلك.

القائد المثقف الوطني الواعي هو الذي يصنع إننا ونحن، وفي واقع الأمة، الذي أوجدها قائد الدين الذي تحدى الواقع المكي، وإنطلق برسالته الإنسانية للعالمين فأسس عوالم نحن الكبرى.

ومفكرونا متمترسون في التفاعل مع إننا ونحن المتخيلتان، ولهذا فما أسهموا بإطلاق قدرات الأجيال وتأسيس معالم النهضة الحضارية المتوافقة مع طاقاتها، فكبت وأخذت أحلامها وطموحاتها معها إلى حفر ظلماء.

ومن الأمثلة أن كتاب "طبائع الإستبداد ومصارع الإستعباد" لعبد الرحمن الكواكبي (1855 - 1902) ميلادية، صدر في بداية القرن العشرين، وأجزم أن معظم القادة في دول الأمة، لم يقتربوا منه، ومعظمهم حفظ كتاب الأمير لميكافيلي (1469 - 1527) ميلادية، ولهذا توطنت أنظمة الحكم خنادق الإستبداد الفظيع.

فقادة دولنا لا يقرأون، وينصاعون لإرادة الكرسي، وتعزلهم بروتوكولات المناصب عن الواقع، فيعيشون في قطيعة تامة عن الشعب فلا يفهمون ما يعانيه، وما هي الحاجات الأساسية للحياة، لأنهم في عالم مغاير تماما.

فالعلة الحقيقية في كراسي المسؤولية، والذين يستولون عليها ويحسبونها غنيمة، فالمنصب كالفريسة التي يتشبث بها الضاري ببراثنه وأنيابه، وإياك أن تقترب منه.

فالأمة تحتاج لقادة مهرة يجيدون صناعة إننا ونحن، لكي تستقيم الأمور، أما إغفال دور القادة، وهم نوعان، سياسيون وفقهاء، وهذا الثنائي أزرى بأحوال الأمة، وأصابها بإنكسارات وإنهيارات وخسائر مروعة، حتى لتجد أبناء الدول الغنية في فقر مدقع وعوز مهين، وأصحاب الكراسي والفقهاء في نعيم باذخ وإستحواذ مطلق على الثروات.

فهل للمفكرين أن يواجهوا الواقع بجرأة وتحدي، ويزعزعون ثنائية التدمير الشامل لوجود إننا ونحن؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

 

كلما أمتد بنا العمر، علينا ان نشكر الله خالق النعَم.. فعلينا ان نتمسك بقوانينه التي لا تنحاز الا للعدل والقيم " أعدلوا ولو كان ذا قربى" ان نعمة الله كاملة على الجميع في قرآنه الكريم.من امتيازات لنا ان نعلنها بكل قوة فرحين بها لانها هي ضمانة للعدل والاصلاح والقيم.

ابتداءً نقول: لقد أخطأت الادارة الامريكية بأسقاط الحكم السابق انتقاماً من رئيسه واستبدلته بنظام يجهل ادارة الحكم برمتها، ولا يؤمن بالانتخابات الديمقراطية المتعارف عليها دوليا وحقوق الشعوب في الحرية والعدل.. ولا ينتمي الى المعارضة الوطنية الحقيقية، بل كان جملة معارضين وهميين، ينتمون لنظام عاش وما زال عدوا للعراق.. همه الوحيد تحطيمه وافقاره وأضعافه أمنيا وادخاله في تيارات الفتنة الدينية المتعارضة أيديولوجياً.. فوجد بالقادمين الجدد مبتغاه.. هذا التغيير لم يكن نقمة على العراقيين حسب بل على العالم وامريكا بالذات وكل من يقف الى جانبه.. مداننين تاريخيا امام العراقيين في الوطن.

.. نقول للسيد مقتدى.. ان من يدعي قيادة وطن، عليه ان يكون صادقا لا خاذلا لأبناء الوطن.. لانه يستمد السلطة من قوة ابناء الوطن.. نعم كن صادقا يا مقتدى مع العراقيين الذين يقرأون الممحي في الخبر.. كن مثل الامام موسى بن جعفر(ع) مع العباسيين من مغتصبي سلطة وطن.. وخلفك رجال اقوياء اثبتوا في الانتخابات انهم من مخلصي وطن.. لم يفضلوا المكاسب المادية على الوطن.. ما كنا ننتظر منكم الانسحاب من معركة الوطن وانت الفائز بجهودهم في الوطن.. "وهذا ليس من حقك" حتى مكنت الخاسرين مرة اخرى العودة للوطن، يحملون سيف الطائفية والمحاصصية التي مكنت المتخلفين من تدمير الوطن. ما كان عليك ابدا ان تنهزم وتسلمها للفاسدين من اصحاب اللامبادىء في الوطن، الذين سلموا جرف الصخر والكثير من مناطق الوطن لايران لادارة الدولة بالنيابة عن حكومة الاشباح في الوطن.. ومن المعترفين على أنفسهم بالفشل (أنظر مقابلة المالكي مع الصحافة حين قال:كلنا فشلنا في ادرة الدولة وانا واحدا منهم).. حتى ظن بعضنا أنك يا صدر لربما تكون واحد اً منهم في الوطن.

نقول لمن يتزعم الحركة الوطنية للتغيير في العراق اليوم ونقصد الصدريين والتشرينيين والمستقلين وكل من يرفع علم العراق التقدمي في التحديث: لن يحدث التغيير الا بتحديث وتجديد الخطاب الثقافي بعد ان اصيب العقل العربي والعراقي بالأفول وطغيان التوجه الديني القدسي المنغلق وتحويله الى واقع مقبول، وبعد ان رأينا ان المدرسة في العراق اخذت تدرس اللطم والزنجيل كمتطلبات دراسية للطلبة الصغار بدلا من التوجه الثقافي الصحيح.. والهدف هنا واضح لاسقاط العقل والمنطق والمنهج المدرسي الرصين.. لاحلال دور الفقيه في تنظيم المجتمع لاعادة النظر في القناعات الدينية القديمة التي نسبوها للأئتمانية المقدسة التي لا تقبل التغيير.والا هل يعقل تبديل دراسة علم الفلسفة الرصين بعلم العقيدة في الدين.. الى اين نتجه اليوم.. ومن يحكم التعليم ؟

أما جماعة الاطار فلا عتب عليهم، فهم وخذلان الوطن في طريق واحد منذ التغيير عام 2003 لانهم غرباء عليه.. حين وقعوا على وثيقة قتل الوطن "بتكوين البيت الشيعي "ليفرقوا بين المواطنين في الوطن خدمة لاعدائه التقليديين.

ايها الاحرار المطالبين بالتغيير عليكم اليوم الاستجابة لطبيعة التطور، فلا جهاد بلا مواطنة.. ولا مواطنة بلا حقوق المرأة كاملة دون تفريق "انا خلقناكم من نفسٍ واحدة"، ولادين تمثله مذاهب التفريق.. لابل علينا ان نضع الدين وفق مقاييس العلم والتكنلوجيا لنكسب التطور العام لنبعد اتهامات المتنورين من اتهامهم بالتكفيريين والزنادقة ومحاربة العقيدة في الدين.. املا بالحد من الثقافة الدينية المغلوطة التي يتزعمها الفقيه البليد.نقول للسيد الصدر ومن يتبعه من الوطنيين.. ما كان الحسين (ع) مترددا لما يعتقد ويقول لابل كان يؤمن ان الموقف الحازم الصحيح هو طريق الحل للتصحيح.. فلا تغرنا بالعمامة وانت كل يوم في موقف مغاير للاخرين حتى اصبحنا لا نثق لا بك ولا بالعمامة ولا باهدافها المعلنة بعد ان خيبتنا في الرجاء الصحيح.. فالعمامة للمخلصين للدين والوطن فأين انت منهم.. اليوم ؟.

.. المخلص الوطني عليه ان يكون قائدا شعبيا ووطنيا حقيقيا لا من قادةالشيعة من ذوي المبادىء الموازية لمبادىء القيم لقيادة وطن العراقيين.. لم تعد الكصكوصة والتغريدة بنافعة لك وللوطن.. بل نافعة لمن يؤمن بوطن فعليك مراجعة الحساب قبل السقوط النهائي.. في الوطن.

اهل البيت ليسوا عمامة وتعازي ورواديد وادعية ونذور.. وزيارات لمراقد مخترعة من اصحاب العلل.. لا بل هم ثوابت الحق في الارض عبر الزمن.فقادة شيعة سلطة العراق اليوم لا يمثلون الا الاعتداء والخيانة والفساد في الوطن.. مع الاسف لا تكون مثلهم بعد ان طأطأت الرؤوس لاعداء الوطن.. هذا عراق الحضارات وليس غابة لفقهاء الزيف المقدس في الوطن.

لا ما كنا نظنك هكذا فقد مات شباب تشرين 19 من اجل رفع رايتكم، حين صدقكم في الوطن، واليوم انتم ونحن نحصد خيانة الوطن.. ودماء الشباب الشهداء في الوطن.. لو كنا شجعاناً لقلبنا الدنيا لنعرف لنا من قتل شباب تشرين الوطن، مرة يدعون بالطرف الثالث ومرة بالطرف الغاطس في المياه الآسنة في الوطن.. والى اليوم الامهات ثكالى ولا احد يلبي نداء الوطن.. دعهم في عليين يشكوكم ومن قصر من رجال القضاء والقضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية التي مارست الخيانة على عهد رئيسها "النكرة مدحت المحمود" عند رب الحق والعدل لحفظ المبادىء في الوطن.

قال الخليفة العباسي هارون الرشيد للأمام موسى بن جعفر(ع): يا ابن عمي قم وارتقي المنبروقل اني امير المؤمنين في شرعية الدين للوطن.. "ولك الكرخ كله ماله وما فيه للوطن.. "فرد عليه الامام الكاظم.. يا رشيد ولم يقل له يا الرشيد تصغيرا واحتقارا له ولمن قدم له من رشوة في الوطن.. انت لست اهلا لها يا ظالم الوطن.. ماذا سأقول لرب العالمين غدا.. لكن اقولها لك:انت غداً في جهنم وانا في عليين الوطن.. هذه هي العمامة الصادقة التي لم تستسلم للاعداء في الوطن.. وليست العمامة التي أنكبت على الحاكم المحتل تقبله من فمه متحدية اخلاق الوطن.. فليشيدوا للخيانة مقابر الذهب..

كم هو الفرق بين الشجاعة والجبن.. بين الاخلاص والخيانة.. بين الاستقامة والأعوجاج.. بين الايمان والكفر بالمبادىء.. بين محبة الدنيا والمال وبين القيم.. ونحن نقول للصدرالمتردد من حقوق الشعب والوطن وعصابة الحاكمين عار الزمن.. من يستدعي الغريب ليفض النزاعات بينكم في الوطن.. فالعراق المستقل لا يقبل الغريب ليحل نزاعات الوطن وهو المساهم فيها والداعي لتدمير الوطن.. كلما حل نزاع بينكم استدعيتم هذا النكرة ليقضي بينكم في الوطن.. وكأن لا رشيد بينكم في الوطن.. ان الندم لا ينفع غدا على فراش الموت النادمين في الخيانة وتدمير الوطن.

أنظر الى وطن العراقيين اليوم كيف اصبح نهبا للاخرين دون حسيب او رقيب.. تتحكم به مليشيات الغدر والخيانة.. والا من قتل العلماء والمفكرين وثوار تشرين في الوطن.. ونهب المال والمنصب وحرمان أهل الوطن من حياة حرة سعيدة.. وهناك من قاتل العراقيين البارحة يتمتعون بامتيازات الرواتب التقاعدية والابناء في عسر وضيق في الوطن.. هؤلاء الذين والله ما صدقوا في قول ولا في عمل في الوطن.هؤلاء الذين حكموا ويحكمون اليوم لا يستحقون الا مزبلة التاريخ في الوطن.

أسمع يا صدر يا وشوشة القدر:هذه المكانة التي حصلتم عليها في الوطن من مال ومناصب وطائرات خاصة ماكانت على قدر المواهب والاخلاص والجهد المبذول في العلم والخبرة في العمل.. بل كان على قدرايمان الناس بالمقدس فيكم بالوطن.. ان الذين يدعون الوطنية ويلبسون عمة رسول الله (ص) يجب ان يكونوا صادقين في حرية التصرف الممنوحة لهم في دستور الشعب والوطن.. فقد كان ابو لهب عماً للنبي لكنه كان خائن وطن.. من يدعي الحق في الوطن عليه ان يكون مجاهدا صلبا للحق في الامانةعلى المال والنفس في الوطن.لانكم أقسمتم القسم واليمين والعرف الاخلاقي للوطن المكفولين بنص القانون الآلهي الذي لا يخرق في الوطن.. لا تكن معتمداً.. على الحسب والنسب والحق الموروث كما اوحىي الى الذين زرعوا فيهم كذب حقيقة الزمن.. فلا عتب على من يؤمنون ان الوطن لهم دون الاخرين حسب مفهوم فقههم الناقص والميت في دين الزمن.

لا تكن انت من الفئة الغالبة اقصائيا فترى انها الوحيدة التي هي على حق في قيادة وطن، فانك ليس مركزا للكون في الوطن وليس وحدك الذي تمتلك الحقيقة.. فتفعل ما تريد في الوطن.. يوما تدعو الجماهير للاحتجاج ويوما تسحبهم دون دراية الوطن، اعمل مجلسا وطنيا من المستشارين ليضعوا لك خطة عمل.. فالوطن ليس ملكا لك ولكل الاخرين الذين لم يفقهوا ادارة دولة الوطن.. لا ما هكذا هومن يتمثل بزعامة وطن.

ان تطبيق القيم لا تقوم الا على اكتاف من يؤمنون بها ويدعون اليها بحق المقدس في القيم.. أنها أعظم أسرار الدهورالتي جعلت الانسان المخلص قويا حكيما في خدمة الناس والوطن.مثل محمدالنبي(ص) ويوسف النبي الذي أعتمده الفرعون لعدله في مهامه في الوطن.. ومثل جورج واشنطن وغاندي وهو شي مَنهَ وجياب هؤلاء المكرمون الذين صنعوا لبلادهم وطن.. ولوكنتم كذلك جميعا ما وافقتم المحتل على تدمير وطن.. اما آن الاوان لتطبيق فلسفة التقدم في الوطن.. لتكون اساسا جديدة بعد عهد الدكتاتورية في الوطن.. التي عبثت ولولاها لما وصلتم أنتم بمساعدة الباطلين لقيادة وطن..

ساعتها كان لابد ان تكونوا انتم والمجتمع العراقي المتطلع لكم من القوة بحيث تستطيعون وقف الظلم ورد السلطة الغاشمة عن هواها في الوطن.. وبذلك تحل الحرية والديمقراطية لكل المواطنين من يحملون جنسية الوطن.. لادين الخائبين في الوطن، لتكونوا مثل الخليجيين في الوطن والشعب العراقي أغنى منهم في المال والعلم في الوطن.. فعمر الدين ما صنع دولة لكنه كان عاملا قويا قي نجاح من يريد اعمار الوطن.. فهم جمعوا الأثنين معا.. وانتم كذبتم على الوطن وجعلتم الابناءمشردين خارج الوطن، وعيونكم تنظر ولا تستحي من العيب لانكم انتم العيب كله في الوطن.. فلو عملتم بشفافية النجاح والاخلاص لله والوطن.. لكسبتم احترام انفسكم وتقدير المواطن والشعوب لكم في الوطن.. لا ان اصبحتم اليوم عار الزمن في الوطن.منزوين في منطقتكم السوداء بفجورها ومواخيرها.. خوفا من شعب الوطن.

لو كنتم عدولاً لترفعتم عن الدنايا.. وتشبثتم بالوعي الخلقي القائم على العمل الصالح وحقوق الناس كما في قيادات الاوطان في المجن.. (قائد أوكرانيا اليوم مثالاً) وعلى اساسه ينشا منكم قانون جديد مخالف للقانون الظالم القديم في الوطن.. وبمرور الزمن يعم التقدم في الدولة ويصبح التفكير في التحسن المستمرعندكم اساس الوعي الخلقي الذي يصنع فيكم عقيدة وطن.لكن العقيدة دوما تحتاج لرجال مؤمنين بها في وطن.

كفاية تهريجا في الدين والوطن.. والحرية والديمقراطية في الوطن.. بعد ان حرقتم الأخضر واليابس وأهنتم الوطن دون ان ترتجف لكم شعرة في شواربكم الغبراء في الوطن.. فكيف سيكون اللقاءغدا مع الله والمواطن في الوطن.

نعم اقولها.. وبملأ الفم ان النظام السابق كان دكتاتورا مقيتا لا يسمع الكَلم قاتلا لا يرحم المظلوم في الوطن، رأيه هو القانون الا ما ندر، فهو والمساواة على طرفي نقيض في عدالة الناس في الوطن.. "هو وأنتم أكلتم حقوقنا في الوطن "، ولو كان عدلاً لصنع دولة تضاهي دول الغرب.. وفيه هذه الكريزما الرفيعة والمقدامية الشجاعة في مواجهة احداث الوطن.. رجاله اشداء قهروا المعتدي وجرعوه السُم في الوطن.. وبنفس الوقت لم يكن خائن وطن.. بل كان مخلص وطن ؟ كلمة الحق يجب ان تقال لا تقربا ولا تباعدا بل من اجل تحقيق ارادة وطن.. فنحن الذين نؤمن حقاً وصدقاً بما قاله الامام موسى بن جعفر(ع) لا خائني اليمين والقسم.. اما انتم فقد جمعتم الدكتاتورية المقيتة والمحاصصية اللعينة ومثلتم الفساد العام وخيانة الوطن.. لذا فهو احسن منكم قياسا لوطنية الوطن..

وختاماً نقول:

لمن يحكمون الوطن من المنافقين اليوم.. ان المنافق الحقيقي هو الذي لا يدرك خداعهُ.. لأنه يكذب بصدق..

***

د.عبد الجبار العبيدي

يرى باحثون ان أول ديمقراطية طُبِقَتْ، كانت في عهد الإمام علي بن أبي طالب (ع) وبقت طوال فترة خلافتهِ، وإنتهت بعد تضرر بني أمية، التي لاقت من سيفه وشجاعته بأس القتال، والتي قضت على رؤوس الكفر في عهد الرسالة المحمدية، وذكر لنا التاريخ أساطيرا من الشجعان يتقدمهم بن ابي طالب .

العراق بعد عام الفين وثلاثة شهد أول تطبيق، للديمقراطية المستوردة بقيادة أمريكا، لكنها بدأت عرجاء صمّاء خرساء عمياء، لان أول الغيث كانت الطائفية المستوردة من دول الخليج، التي تخشى العراق كثيرا، لأنها إن نجحت ستطيح بكل دول الخليج الملكية، كما أن العراقيين يتمتعون بعقليات وروحية تختلف عن باقي دول المنطقة العربية، ولهذا شمرت عن سواعدها كلها لتتدخل بشكل وآخر، وبالطبع كل ذلك كان بأوامر أمريكية لتطبق سياسة فرق تسد، فهي تحاول بشكل وآخر، إستدامة وجودها للسيطرة على مقدرات المنطقة .

شاب العملية السياسية كثير من الأخطاء والمخالفات، التي إنعكستْ سلباً على الواقع العراقي، ومنها المحاصصة التي كانت لبنتها الأولى، ليس لإستدامتها بل لتطبيقها بمشاركة الجميع، لكنها أصبحت "سنينة" جَبِلَ عليها السياسيون، ولا يمكن مغادرتها كونها تدر الأموال، وأصبح التمثيل تحت قبة البرلمان، مكسباً تتقاتل عليه الأحزاب والتكتلات، وبه ضاعت أموال كان من شأنها بناء العراق، وبه يمكنه تجاوز دول عديدة، لكن التدخل الأمريكي كان الفاعل الرئيسي في التخريب .

لا يخلوا مفصل من مفاصل الدولة، الا وللأمريكيين بصمة، والسفارة تكاد تكون كمشرف على سير تلك الوتيرة، التي لا نستطيع مغادرتها، ما لم يكن هنالك إتفاق وطني فعلي، دون التدخل ليس فقط من أمريكا، بل تركيا والسعودية ومصر والأردن والإمارات.

هذه الدول سعت بكل ما تملك من أدوات، لتخريب العملية السياسية، ناهيك عن صاحب القرار، الذي بقي مكانه شاغراً لحد يومنا هذا، وما عمله عبد المهدي كان سياقاً مختلفاً، وبعيد جداً عن المخططات، التي كادت تفشل، لولا التظاهرات التي مولتها كل تلك الدول، لنبدأ من نقطة الصفر .

التظاهر حق كفله الدستور، والمطالب تكتب بورقة بواسطة ممثل عن المتظاهرين، وكانت تجري بصورة سلسة حتى رئاسة العبادي، لكن دون نتيجة مما أوصل المتظاهرين لحالة اليأس، وهذا معتمد في كل الدول التي تعمل بالنظام الديمقراطي، لكن هنالك حالة أن النائب بعد صعوده بواسطة ناخبيه، ينسى أن لهُ جمهور يُطالبهُ بحقوقٍ، أغلبها بسيطة ومن الممكن تلبيتها، وهذا من صميم عمله، إضافة لمهامه المكلف بها برلمانياً..

وهذا الغياب في المتابعة جعلها حالة عادية .

اليوم وبعد تشكيل الحكومة الفتية التي أنتجت السيد السوداني، بعد كل التعثرات التي شابت الحكومات السابقة، من أغلاط لا يمكن إغفالها وتجاوزها، نرى بارقة أمل في هذه الحكومة، التي أظهرت كل من شأنه بناء حقيقي، بوعود متحققة فعلياً وعلى الأرض، ومع المتابعة هذا سيقود لبناء رصين، مع تصريح رئيس الحكومة بالتقييم لأداء المفاصل الفاعلة في العملية السياسية، ولو بقي هذا المنوال سينتج لنا ليس فقط البناء والخدمات، بل سيتعدى للبطالة التي تجاوزت الأعداد المقبولة، ولا توجد وظائف سوى العسكرة في الداخلية والدفاع، لكن التعيينات الأخيرة أفرجت الأسارير، وأحتوتْ وإن كانت بسيطة لكن الأعداد هائلة .

التدخل الأمريكي مازال فاعلاً، بلحاظ التحرك التي تقوم بها سفيرة الشيطان الأكبر، كان واضحاً ومؤثراً فقد تراها اليوم في الوزارة الفلانية، وغدا تزور أحد قيادات الأحزاب، وهكذا دواليك الى مالا نهاية، والمطلوب إيقاف هذا التدخل كونها ليست وصية، على دولة عمرها أكبر من أن تعدها السنين، والحضارات شاهدة على ذلك .

السيد السوداني لا يملك عصا موسى، وهنا نؤشر على القيادات الفاعلة، في إتخاذ قرارات مصيرية لكبح جماح السفارة، وايقافها عند حد عملها الصميمي، وليس التدخل في شؤون داخلية.. واما مسألة التعاون بين أمريكا والدولة العراقية، فيجب حصره في زاوية معينة، ونؤشر على مجلس النواب تغافله عن تفعيل إخراج القوات الأمريكية، والحث على إخراجها على ضوء قرارات سابقة .

***

رحيم الخالدي

إنجازات أمتنا كبيرة في ميادين الحياة، فمنذ فجر الإنطلاق ومعطياتها الإبداعية شملت ما أدركته العقول ووعته الأفهام، وإستحضرته من فضاءات الخيال.

فالكتابات التي وردتنا متنوعة وفي موسوعات، والأحداث ذات تراكم هائل، والقيل والقال تطغى في الآفاق، وكل يرى ما يرى ويقرأ بمنظار ما فيه، ومن النادر أن تجد ما هو موضوعي ومعقول، ويبحث بصدق وإخلاص عن الحقائق والمعارف الأصيلة.

فالذين كتبوا خلطوا بين مداد ما فيهم والحدث الذي يتفاعلون معه، فلا يوجد ما هو نزيه تماما.

والأجيال غرقت في دوامات قال فلان وذكر فلان وروي عن فلان، وتبقى الحقائق الوهاجة ساطعة بين الركام.

وتبقى الإنجازات الكبرى التي أرست دعائم خلود الأمة فوق التراب، وسأتناولها بإقتضاب وتكثيف لأنها بحاجة إلى دراسات مطولة، وهي:

أولا: جمع القرآن

أول من جمعه أبو بكر الصديق (11 - 13) هجرية، ومن ثم عثمان بن عفان (23 - 35 ) هجرية، الذي حرره ووضعه في كتاب إستسخه ووحده ووزعه على الأمصار.

ثانيا: تعريب الدواوين

قام بهذه المهمة عبد الملك بن مروان (65 - 86) هجرية، فنشر العربية، وأمّن التفاعل الواعي مع القرآن

ثالثا: تنقيط وتشكيل القرآن

وقام بذلك الحجاج بن يوسف الثقفي (41 - 95) هجرية، فكلف نصر بن عاصم الليثي و يحيى بن يغمر كما يُذكر.

رابعا: التدوين

الذي أطلق شرارته الجادة أبو جعفر المنصور (136 - 158) هجرية، وبلغ ذروته في زمن حفيده المأمون (198 - 218) هجرية.

هذه الإنجازات الأربعة الخالدة حفظت الإسلام، وصانته من الضياع والإتقراض، ولولاها ما دام في ربوعنا إسلام كما عليه الآن.

أما الأحداث والصراعات بأنواعها فأنها سياسية سلطوية بحتة، ويحاول الكثيرون إضفاء سمة دينية عليها، إنها صراعات غابية على الكراسي لا تعرف دينا.

***

د. صادق السامرائي

 

آدم سميث ( 1723- 1790)‏ فيلسوف أخلاقي وعالم اقتصاد اسكتلندي. يُعدّ مؤسس علم الاقتصاد الكلاسيكي ومن رواد الاقتصاد السياسي. اشتهر بكتابيه الكلاسيكيين: «نظرية المشاعر الأخلاقية»، وكتاب «بحث في طبيعة ثروة الأمم وأسبابها». وهو من أهم آثاره، وأول عمل يتناول الاقتصاد الحديث وقد اشتهر اختصارًا، باسم «ثروة الأمم».

جاءته دعوة من أحد أصدقائه المسلمين لزيارة إحدى العواصم العربية الكبرى في شهر رمضان الكريم، فاغتنم آدم الفرصة ولبّى الدعوة، وحجز أول تذكرة سفر متاحة من مطار غلاسكو، وفي أثناء تحليق الطائرة، تبادر إلى ذهنه هذا التساؤل: "لمَ لا أغتنم الفرصة لملاحظة سلوك الأفراد في هذا المجتمع الغريب عني؟ ربما سيساعدني ذلك على إثراء نظريّتي ببعض الرؤى الجديدة".

بمجرد وصوله إلى المطار، اكتشف أنّ حقيبة سفره قد تعرضت للخدش وبعض التلف، فذهب لإيداع شكوى لدى المصلحة المختصة في المطار من أجل الحصول على تعويض، فوجد نفسه يتنقل من مكتب إلى آخر والكل يجيبه: "ليس هنا، اذهب إلى المكتب الفلاني"، فينصاع لأمرهم متسائلاً في قرارة نفسه: "أليس من المفترَض أن العمل يُقسم حسب التخصص؟"، إلى أن وصل إلى المسؤول وأجابه بعبارة لم يسمعها قط في حياته: "ننظُر في طلبك بعد العيد إن شاء الله"!

كانت الساعة تشير إلى العاشرة صباحاً عندما كان في الطريق من المطار إلى بيت صديقه، فلاحظ شيئاً بدى له جيداً سألَ عنه سائقَ التاكسي والتفاؤل يعلو مُحيّاه :

"ما هذا الهدوء الذي يعمّ الشوارع؟ يبدو أنّ الكل مختبئ يعمل داخل المصانع أو في الإدارات"، فتبسّم السائق ضاحكاً وأجابه بأن الناس نيام، فاستغرب آدم.

وقال: "لكن هذا سيؤدي إلى اختلال في التنمية الاقتصادية ما دام عنصر المُنتجين لا يؤدي وظيفته".

ليلاحظ بعد فترة وجيزة طابوراً طويلاً عريضاً أمام المخبز، ويشرح له السائق أنّ الأفراد هنا ينتظرون ساعات طويلة من أجل شراء منتجات غذائية سيهدرونها في الغالب؛ كأن يشتري ربّ عائلة مكوّنة من 5 أفراد خبزاً يكفي لإطعام سكان قرية اسكتلندية كاملة.

وقال: "هذا مستحيل لأنه يتنافى مع نظريّتي التي تنص على أنّ قرارات الأفراد تُتخذ بناء على اعتبارات منطقية لتقييم الفوائد المحتملة دون التأثُر بالدوافع غير الواعية أو بالتقاليد أو بتأثيرات البيئة المحيطة، يعني أنّه لتنفيذ أي عمل يجب أن تتفوق المكافأة على التكلفة".

لكنه سرعان ما أعاد النظر في "الاختيار العقلاني" بمجرد رؤية مائدة الإفطار التي أعدّها له مستضيفه، وأيقن أنّ نظريته غير مجدية، وتخلى عنها وراح يستمتع بما لذ وطاب من ألوان الطعام. (1)                

***

شاكر عبد موسى

..............

(1) أمين قطوش / هارفارد بزنس ريفيو:

d19.csa.acemsb1.com

تقض مضجع الكيان الصهيوني

حكومة نتنياهو وهروبا من المأزق الذي وضعت نفسها فيه بشان التعديلات القضائية التي الّبت العام المحلي عليها، عمدت الى تدنيس المسجد الاقصى واستعمال العنف بحق جمهور المصلين والمعتكفين في شهر رمضان المبارك، ونجم عن ذلك عشرات الجرحى واعتقال المئات، الموقف الدولي لم يتعد الشجب والاستنكار والدعوة الى ضبط النفس مساويا بين الضحية والجلاد.

الحكام العرب وكعادتهم، البيانات جاهزة ومكررة ككل مرة تدين وتشجب وتستنكر ،ويتفرجون من خلال فضائياتهم التي تبث مباشرة من المسجد الاقصى ومحيطه على ما يلاقيه المعتكفون من اعمال عنف وتنكيل .

قطاع غزة المحاصر منذ اكثر من عقدين ،ابى الا ان يمطر مستوطنات الجوار بوابل من صواريخ المقاومة، ربما لم تصب اهدافها بدقة، ولكنها بالمقابل لم تكن عبثية كما وصفها المتخاذلون من الحكام العرب ،بل اجبرت المستعمرين على اللجوء الى الملاجئ ،ليتأكدوا بان فلسطين لن تكون ارض الميعاد، ولن يكونوا في مأمن من ردود الفعل لأساليبهم الوحشية في التعامل مع سكان الارض الاصليين، وعليهم العودة من حيث اتوا.التنظيمات الجهادية بمختلف مدن وقرى الضفة، وهي تدرك صعوبة الموقف، تقوم بعملياتها البطولية بما يتوفر لديها من امكانيات، وتقدم الضحايا قربانا على مذبح الحرية ليوم النصر الموعود.

المقاومون بجنوب لبنان، ونجزم انهم من ابناء فلسطين المبعدين عن وطنهم منذ عام النكبة من الجيل الثاني او الثالث، الا انهم يحملون في قلوبهم شغف العودة الى الاراضي التي هجروا منها عنوة لم يفرطوا في اسلحتهم لانهم يدركون جيدا ان ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة.

ربما اعتقد العدو انه بالتطبيع مع بعض الحكام العرب الخانعين، سيطفئ جذوة المقاومة الملتهبة في صدور الشرفاء من ابناء الامة، ويجبرهم على الخنوع والركوع، تظل جذوة النار تحت الرماد خافتة، لكنها ستحرق كل من (يعفس عليها) يطأها.

الانتهاكات المستمرة للأقصى، وحدت المقاومين المؤمنين بعودة الحقوق الى اصحابها وان طال الزمن وكثرت الدسائس وتساقط العملاء في احضان المستعمر، الشعوب المغلوبة على امرها ستتحرر يوما بفعل ابنائها الشرفاء.

لقد شكل المقاومون في كل من غزة والضفة وجنوب لبنان ثلاثة اثافي تحمل بوتقة يتربع بها الكيان المغتصب لفلسطين، والنتيجة بالطبع ستقض مضجعه، فيعمد الى التصرف الهمجي بحق الامنين معتمدا على مساعدة الغرب الاستعماري وزعيمته امريكا الذين يكيلون بمكيالين، وأن حقوق الانسان وتقرير المصير التي يتبجحون بها لا تشمل العرب والفلسطينيون، بل اصحاب البشرة (السحنة) البيضاء (بنو جلدتهم) فقط، والنتيجة الحتمية للتصعيد من قبل الكيان هي: اما القبول بالعيش المشترك بين مكونات الداخل والعودة الطوعية لمن تم تهجيرهم بعيد النكبة والمساواة في الحقوق والواجبات ضمن دولة ديمقراطية، واما ترك فلسطين لشعبها الاصلي تحت ضربات المقاومين، وبذلك تنتهي ازمة شعب ظل يقاوم المستعمر الصهيوني ومموليه الغربيين. فما ضاع حق وراءه مطالب.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

 

النخبة: المختارون من المجتمع الذين لهم مؤهلات معينة، وهم المثقفون والمفكرون والمبدعون بأنواعهم، وسيقول القارئ ما أكثرهم، والسؤال مَن يقرأهم؟

فالأمة لا تقرأ ما يكتبون، لأنهم يحلقون في عوالمهم الآيديولوجية، وتصوراتهم المنسوخة من بلاد الآخرين.

فالمفكر لا يفكر، بل يتمسك بنظرية أجنبية ويمضي على هديها، لتسويغ ما يدور في الواقع أو يبحث في المجتمع عما يؤكدها.

ولهذا لا تجد في كتابات ومشاريع المفكرين ما ينفع عمليا لبناء الأجيال، وإطلاق ما فيها من القدرات الحضارية.

ولهذا أيضا تعددت المشاريع والنتيجة واحدة، فما حققت الأحزاب شعاراتها وأهدافها، ولا المنطلقات النظرية بأنواعها ما دعت إليه، بل إنتهت إلى عكس ما أرادت، فالدعوات الوحدوية والقومية والإشتراكية وصلت إلى ما هو واضح للعيان.

إن سبب إهمال الأجيال لنخبها يكمن في إمعانها بعزلتها عن نهر الحياة، وتحليقها في آفاق التصورات والرؤى الخيالية، المجردة من قدرات الفعل المتواصل مع إيقاع إرادة الأجيال.

فما قيمة ما كتبه المفكرون والمثقفون العرب على مدى القرن العشرين؟

ما هي حصيلة جهودهم ومناظراتهم وطروحاتهم؟

كل ما أنجزوه كتب بالعشرات والمئات مركونة في ظلمات الرفوف والمخازن، وما عادت ذات صلة بالحياة.

وتعيد الأمة ذات الكرّة في القرن الحادي والعشرين، وكأنها لا تريد الخروج من مستنقع الويلات والأنين، ولا تزال في إستسلامية مروعة ومنشغلة بالغابرات، ومتمترسة بما تسميه دينا بعد أن أضاعت جوهر الدين، وبه تقتل آلاف المنتمين للدين، بدم بارد وبلا إحساس بالإثم والإجرام، وكأن الجريمة دين!!

وإن قتلَ الأجنبي شخصا من أهل الدين، غضبت وتذكرت بأنها أمة دين!!

فهل إستطاعت النخب أن ترسم خارطة طريق مبين؟

وما دام الجهل متربعا في الكراسي، فلا تحدثونا عن نخب الأمة!!

***

د. صادق السامرائي

مرت علي الأيام العالمية للتوحد كثيرة، كنت في كل واحدة منها أتحاشى الكتابة عن أطفال التوحد، وأوقف عجلة الأفكار المتسارعة في ذهني حول طيفه وإضراباته،التي يعاني منها حفيدي وسيم، خوفا من استشعار أمه، ابنتى حبيبتي، لكلمة شفقة ينكسر بها قلبها، أو عبارة مواساة ينهار لها صمودها وعزيمتها، لكنني قررت هذا العام، أن أطلق العنان لقلمي ليحتفل بحفيدي وكل المصابين بطيف التوحد وأُسرهم المتضررة من تكاليف العلاج والتحاليل والفحوص وجلسات التخاطب فى المراكز الخاصة المرتفعة الكلفة، والمعانية مع ندرة المراكز الحكومية غير كفاية عددها لأطفال التوحد المتزايدين،وقلة التي تقدم منها الخدمة المؤهلة، ومع شح وتضارب المعلومات المتاحة عن التوحد ، ومع انعدام الثقافة العامة حوله، و تنمر الغالبية العظمى من الناس وعلى كافة المستويات –إلا من رحم ربي لأن غير المتنمرين في مجتمعنا هم نُدرة-

الخلاصة هي ان التوحد قضية مقلقة بشكل خطير لا يستشعر معاناتها إلا من لديه طفل مصاب باضطراباته، وخاصة منهم الأمهات المعانيات شديد المعاناة مع تربية أبنائهن المصابين بالتوحد، ورعايتهم في كل مرحل حياتهم العمرية، إنها والله لمهمة صعبة لا يقوى عليها أشد الرجال، وتؤديها الأم بعون ما منحها الله من الإرادة وقوة التحمل الخارقة.

وبهذه المناسبة، فخور بتقديم أسمى تعبيرات الشكر والامتنان لابنتي العزيزة على ما قدمته في صبر وتقدمه في جلد من دعم ورعاية لابنها،حفيدي الحبيب، وتحية إكبار لكل أم لديها طفل يعاني من اضطرابات التوحد.فما أصعب الكتابة عن أطفال التوحد، وأن لا تشعر بالاضطرابات التي يكابدها المصابون بالتوحد، ويعيشون مصاعب التعبير عنها، ويصعب عليهم الإفصاح عنها هم أنفسهم، كما تبين ذلك هذه الخواطر على لسان طفل توحدي:

لا أعرف شيئا عني.. سوى أنني توحدي.. هكذا يطلقون علي.. إنسان آلي.. غربي في كل شيء.. لا أعي من هم حولي.. باردة مشاعري.. فاترة عواطفي.. لا أبالي بشيء.. حتى بأمي وأبي.. فكل ما يهمني هو عالمي.. أجيد لغة الصمت.. أهوى لغة التأمل.. أتحدث لغة غريبة.. لا يفهم طلاسمها.. حتى أبناء جنسي.. هكذا يقولون عني.. طفل توحدي..

وفي الختام: اللهم مرضى التوحد في رعايتك فأكشف عنهم السوء وداويهم بدوائك، ومتع أمهاتهم بنعمة الصحة والمعافاة واعنهن على تحمل أعباء تربية أطفالهم، ولتسمحن لي بتقديم نصيحة لا تكلفكن إلا الهناء وتتلخص في التظاهر بالسعادة أمام النفس والأبناء والوالدين لأنه يولد صدق الإحساس بها، ويجلب الرضا ويستحث التفكير السليم للتعامل مع ضغوط الحياة ومآزقها ويجنب الأهل والأبناء الآثار السلبية، لأن الهموم تمر لكن أثرها على الصغار قد يبقى ويترك في نفوسهم أثرًا قاتمًا!! فجنبوا أنفسكم وقلوب أحبتكم من المتوحدين مالا يحتمل ودربوا أنفسكم أن تكونوا سعداء رغم أنف الإحباط فالحياة تستحق

وكل عام واطفال التوحد وأهليهم بألف خير.  

***

حميد طولست

يبدو أن "إسرائيل" تتحاشى الرد ضد مصادر الصواريخ جنوب لبنان خوفاُ من اتساع دائرة المواجهة.. فيما القيادة الإسرائيلية تلاحقها الأزمات في الداخل والخارج.

لا بأس فهذا ديدن الاحتلال الذي لا يشعر بالأمان حينما يتعرض لقصف كثيف من جنوب لبنان فيوجه الرد إلى غزة جنوب فلسطين، بمعنى أن كماشة المقاومة اكتملت في العقل الإسرائيلي وباتت ذات فاعلية؛ ليربط الإسرائيليون تلقائياً بين المقاومة في أرجاء فلسطين وجنوب لبنان في إطار وحدة الساحات وفق رؤية المقاومة الفلسطينية الموحدة وحزب الله.

بداية جاء الهجوم المباغت صباح يوم أمس الخميس بصواريخ غراد وكاتيوشا انطلاقاً من جنوب صيدا في لبنان باتجاه مدن الشمال الفلسطيني ما استرعى دخول الإسرائيليين إلى الملاجئ في صفد وكريات شمونة وغيرهما والاكتفاء بمشاغلة مصادر الصواريخ بالرد المدفعي بدون تصعيد خلافاً لما هو معهود بالإسرائيليين.. مع أن القبة الحديدية تصدت وفق الرواية الإسرائيلية لغالبية الصواريخ التي تعتبر أقل كفاءة مما لدى حزب الله، فاتهم الفلسطينيون بإطلاقها.

من جهتها اكتفت اللجنة الوزارية السياسية الأمنية المصغرة التي شكلها رئيس الحكومة اليمينية نتنياهو بمناقشة الرد على الهجوم الصادر من لبنان والذهاب به إلى غزة.. وفي تقديري أنه ردٌ منقوص ناجم عن اضطراب العقل الإسرائيلي الذي يعاني من قلق وجودي.

ومن الطبيعي أن لعبة الحكومة الإسرائيلية كانت تتجلى بتفريغ الأزمة الإسرائيلية الداخلية بين اليمين المتطرف والعلمانيين من خلال اقتحام الأقصى واعتقال أكثر من 500 فلسطيني كانوا متواجدين في رحاب المسجد الذي دنسته بساطير جنود الاحتلال، ربما في نية مبيتة لفرض التقسيم الديني على الأقصى بين المسلمين واليهود تأسياُ بما جرى في الحرم الإبراهيمي قبل عقود.

ولكن ما لم يكن بالحسبان أن الرد جاء من جنوب لبنان في إطار عدة رسائل موجهة للكيان الإسرائيلي وذلك وفق ما فهم من بيان حزب الله الصادر يوم أمس الخميس، الذي أدان فيه الحزب الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأسير وتأييد أي إجراء يتخذه الفلسطينيون إزاء العدوان الإسرائيلي المتكرر على الشعب الفلسطيني، فكانت الأولى من أجل أن يفهم الإسرائيليون بأن المسجد الأقصى خط أحمر لا يجب الاستفراد به وأن على المسلمين في العالم التحرك لحماية مقدساتهم في فلسطين.

والثانية أن الشعب الفلسطيني ليس وحيداً في معركة الوجود مع جيش الاحتلال الإسرائيلي المصاب بفوبيا المقاومة بل أن الاستراتيجية القادمة تقوم على مبدأ وحدة الساحات التي قد تشمل كل محور المقاومة.

والثالثة أنه رغم اتهام الإسرائيليون للفصائل الفلسطينية بهذا الهجوم إلا أن ذلك ما كان له أن يتم بدون ضوء أخضر من حزب الله، أي أن الحرب القادمة ستكون إقليمية شاملة وهذا إنذار حقيقي حيث أن ظروف "إسرائيل" غير مهيأة لذلك.

وبما أن الرد الذي من المفروض أن يوجه إلى مصدر إطلاق الصواريخ جنوب لبنان، إلا أنه تم تحاشي ذلك خوفاً من رد حزب الله المفترض، الذي يمتلك أكبر ترسانة صواريخ بعيدة المدى ودقيقة إلى جانب الطائرات المسيرة الإيرانية مع احتمالية توسيع دائرة المواجهة لتضم في اتونها إيران.. ولحتمية الرد الإسرائيلي فقد وجه جيش الاحتلال رده نحو غزة التي تعرضت للقصف فجر اليوم فيما ردت المقاومة بالمثل بقصف غلاف غزة بثمانية صواريخ.

فقد أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه بدأ في مهاجمة قطاع غزة مع منتصف ليل الخميس، وذلك بعد اعتراضه عشرات الصواريخ التي أُطلقت من لبنان في أعقاب يومين شهدا قيام قوات الاحتلال باقتحام المسجد الأقصى المبارك والتنكيل بالمصلين واعتقال المئات منهم دون أن يحرك العالم ساكناً..

في المقابل، قالت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس إن دفاعاتها الجوية تصدت للطيران الحربي الإسرائيلي فوق قطاع غزة.

هذه تطورات موضوعية فيما يتعلق بالعلاقة الطبيعية بين الاحتلال الجاني والضحية التي تقاوم لاسترداد حقوقها وحماية نفسها من الإبادة في سياق التطهير العرقي الذي تمارسه ما يسمى ب"إسرائيل" والقادم لا شك أسوأ بالنسبة للاحتلال الغاشم الذي بات قلقاً وجودياً كونه يتفكك ويواجه أصحاب الحق بشراسة دون أن يظفر بمآربه الخائبة..

***

بقلم بكر السباتين

7 إبريل 2023

الإقتراب من الواقع الحضاري والتفاعل مع الأمة منقسم إلى حالتين، فتقول تخلف وتقدم، علم ودين، تراث ومعاصرة، وغيرها.

الثنائية المزعومة غاشمة لا تؤدي إلى نتيجة ذات قيمة حضارسة، فالأمة ليست متأخرة أو متخلفة، فالعلة الأساسية بقياداتها الضعيفة المرهونة بإرادة الآخرين الطامعين في دولها.

ومضى المستشرقون والمفكرون والمثقفون على هذه السكة المتصورة البعيدة عن الواقع الإنساني لمجتمعات الأمة، فأهمِلَ العامل الإقتصادي وإنتفت قيمة الإنسان، وما عادت تعني الحكومات حاجاته الضرورية وحقوقه الطبيعية.

دول الأمة ما فازت بقادة بحجمها منذ تأسيسها، والحكومات تعينها القوى المستحوذة على البلاد بما فيها وما عليها، فتقوم بدور تنفيذ الأجندات والمحافظة على المصالح والمشاريع المطلوبة.

ووفقا لهذه الدوامة الإنكسارية، تربّت الأجيال على التبعية والخنوع وإستلطاف الإمتهان، والخضوع للكراسي الفاعلة في المجتمع.

فالمنطلق الإمتهاني الذي إستثمرت فيه القوى المتأسدة، خلاصته، أن الدين أوجد الأمة وبه يكمن مقتلها، فانطلق العمل على تحويله من نور إلى نار، وهذا ما يحصل في ربوعها منذ عدة عقود، حتى صار أبناؤها يتحركون كالمغفلين المنومين، المتوهمين بأن دينهم هو الدين، ولكل فئة دين لا غيره بدين.

ونشبت الحروب الأهلية الفئوية التحزبية التضليلية لتقتل منهم الآلاف تلو الآلاف، ولايزال ناعور القتل البيني في ذروته، وتقوم به دول تدّعي الإسلام، وما قدمت نافعا للمسلمين.

الأحزاب المؤدينة تقتل!!

الأحزاب القومية تقتل!!

وما وجدنا في دول الأمة أحزابا وطنية حقيقية!!

فالعلة في الرؤوس المرهونة بأسيادها، وبالكراسي المملوكة للأجانب، والجالسون عليها يأخذون وكالات منهم لتمرير أجنداتهم.

فلا تقل، أنه التأخر، والخرافة والجهل والأمية وغيرها، إنه طاعون الكراسي المبيد!!

***

د. صادق السامرائي

منذ أكثر من شهرين وأنا أشاهد صورته في كل مكان أنه "فرانك عاد هوغربيتس" أو كما بتنا نطلق عليه تسمية "العالم الهولندي" لأنه من هولندا.

أنا احترم العلم والعلماء وأقدر الأبحاث والدراسات، لكن الرجل كل يوم يظهر علينا يتنبأ بشيء أغرب من الآخر، كما أنني بحثت كثيرا عن سيرته الذاتية باللغة العربية والانكليزية حتى أعرف عن شهاداته الجامعية وخبرته من أين اكتسبها لكني لم أجد أي شيء يذكر سوف مقاطع له متناثرة وقصيرة، وتعليقات منه على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي يتنبأ بالدمار والخراب ..!!

المضحك أيضا بالأمر أن أحد أصدقائي في الأردن وقع ضحية لتنبأته حيث أشترى شموع وبطانيات ومعلبات ووضعها في صندوق سيارته، وطلب من زوجته وأطفاله أن يكونوا مستعدين بأي وقت لحدوث الزلزال الفتاك الذي سوف يدمر البلاد و يشرد العباد، والذي سوف يأتي في اليوم الذي حدده العالم الهولندي والحمد الله مر هذا اليوم بهدوء وسلام دون حدوث أي شيء يذكر.

الآن سوف يأتيني سؤال مفاده أن الرجل صادق ولقد تنبأ بحدوث زلزال تركيا المرعب وهذا يكفي، وجوابي ببساطة أن تركيا معروفة منذ وقت طويل أنها تعاني من كثرة الزلازل وذلك لأسباب كثيرة يطول شرحها، وهذا ليس معناه أن كلمته لا تصبح أثنتين ولا خلاف عليها .

وما علينا فعله الآن هو أن يجتمع علمائنا المختصين ويتواصلون مع الجمهور بشأن الزلزال، وأن تتوقف وسائل الإعلام المختلفة من تداول تنبؤاته وجعله العالم الذي لا مثيل له في هذا الكون .

***

بروفسور حسين علي غالب بابان

أكاديمي وكاتب مقيم في بريطانيا

في تحد واضح نجح الغرب في الوصول إلى حدود روسيا وتهديد الأمن القومي الروسي في حدود مشتركة تقدر بحوالي/ 1300 كم مع فنلندا التي انضمت اليوم الثلاثاء الموافق 4/4/2023.. لتصبح الدولة رقم 31 في حلف الناتو. لقد أصبحت الحدود الشفافة للجغرافيا السياسية حقيقة وواقعا من مرمى أكبر دولة أوروبية في سلاح المدفعية وقوة عسكرية تقدر ب/ 280 ألف جندي وقوة تساعد على الحفاظ على دول البلطيق المتاخمة لها في الحدود الجغرافية... جاءت الموافقة للانضمام في مضاعفة المناطق المتحالفة مع الولايات المتحدة، على الحدود الروسية. إن المحاولات الروسية في أوكرانيا لمنعها للانضمام لحلف الناتو ودخولها في حرب شرسة مع أوكرانيا فتحت طريقا آخر من تخوف جيران روسيا من الهجوم عليها كما فعلت في أوكرانيا في التفكير ومحاولات الانضمام فكانت روسيا تريد تقليص توسع الناتو شرقا جاءت النتيجة عكسية بطلب فنلندا الانضمام وكذلك من السويد رغم معارضة كل من؛- بلغاريا وتركيا للانضمام ولكن نجحت اليوم فنلندا في قبول عضويتها وفي خلال أيام سوف يشهد مقر الحلف حفل الانضمام برفع علم فنلندا وتنتظر السويد هي الأخرى الموافقة بعد محاولات أمريكا بالضغط على تركيا بالموافقة على قبول السويد للحلف إن النتيجة العكسية من الكرملين بإبعاد الناتو فشلت تماما بعد عقود من فنلندا والسويد بالوقوف على الحياد فترة الحرب الباردة وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي. وكانت الحرب الدائرة شرق أوروبا قلبت الموازين وإعادة ذاكرة الهجوم السوفيتي على فنلندا عام 1939 من القرن المنقضي وحسب المادة الخامسة لحلف الناتو تصبح فنلندا محمية من أي اعتداء أو هجوم عليها كذلك تعتبر تحت مظلة الحماية النووية لحلف شمال الأطلسي وتشير هذه المادة أن أي هجوم على عضو واحد بالناتو، يعتبر هجوما ضد جميع أعضاء الناتو... كان الرد الروسي على الانضمام بالتصعيد من تصعيد في النبرة الدبلوماسية وقال الرئيس الروسي بوتين إن بلاده ستنشر أسلحة نووية تكتيكية في روسيا البيضاء، وذلك في واحدة من أكثر الإشارات وضوحا بشأن إمكانية استخدام الأسلحة النووية منذ بدء الحرب الأوكرانية قبل عام... وكان المتحدث باسم الكرملين قد صرح عقب إعلان عضوية فنلندا في الناتو بأنها هجوم على أمننا القومي وقال إنها ستتخذ إجراءات مضادة بتعزيز قواتها على الحدود الغربية واصفة فنلندا والسويد قبل يوم واحد من انضمام فنلندا بأنهما "هدف مشروع" إذا انضمتا إلى الناتو وجاء تصريح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، اليوم الثلاثاء، إن انضمام فنلندا إلى حلف شمال الأطلسي وتحرك الحلف العسكري لزيادة الاستعدادات جديد القتالية يزيد من مخاطر نشوب صراع بتوسيع الحرب... وأضاف شويغو أن بعض الطائرات العسكرية التابعة لروسيا البيضاء أصبحت الآن قادرة على حمل رؤوس حربية نووية، وأنه جرى نقل أنظمة صواريخ إسكندر إليها، مشيرا إلى أن تلك الأنظمة يمكن ااستخدامها لحمل صواريخ تقليدية أو نووية. وقال... شويغو: "بدأ بالفعل تدريب الأطقم لروسيا البيضاء لتدخل الحرب الأوكرانية الروسية في نفق آخر من توسيع ساحة الصراع في مناطق جغرافية أخرى بحجة تهديد الأمن القومي الروسي والمساس بالمصالح الوطنية... الذي قلل منها البعض في بداية الحرب منذ عام ففي جريدة الأهرام المصرية كتب سعادة السفير/ محمد إبراهيم العرابي وزير خارجية مصر مقالا... قال فيها إن تداعيات روسيا بالنسبة للامنها القومي ليس له أهمية مع تطور الأسلحة الحديثة وهذا الرأي مخالف مع انضمام فنلندا ووصول الحلف للحدود الروسية... هل يعيد التاريخ نفسه في أزمة نصب الصواريخ السوفييتية في جزيرة كوبا في ستينيات القرن الماضي... ويعيش العالم مرحلة تصعيد بالتلويح بحرب نووية...!!"

***

محمد سعد عبد اللطيف

كاتب مصري وباحث متخصص في علم الجغرافيا السياسية

طاعون عمواس الذي أصاب بلاد الشام في زمن عمر بن الخطاب (13 - 23) هجرية، وكان يزيد بن أبي سفيان أميرا على الشام بعد معركة أجنادين التي كان أحد قوادها الأربعة، ومات في طاعون عمواس سنة (18) هجرية، مع عدد من الصحابة الأفذاذ، ونجا معاوية منه وكان برفقته، فأخلفه مكانه، وأقره عمر إحتراما ليزيد وبني سفيان.

فالطاعون هو الذي أتى بمعاوية إلى مراكز القيادة، فخبرها وأتقنها وأسس دولة بني أمية، وتيمنا بأخيه سمى إبنه يزيد.

ويزيد بن أبي سفيان عاش (34) سنة، أسلم بعد فتح مكة، وإستعمله النبي على صدقات بني فراس من قبيلة كنانة وكانوا أخواله، وهو أحد القادة الذين أرسلهم أبو بكر لفتح الشام، ويلقب بيزيد الخير، وكان من العقلاء الألباء والشجعان المذكورين، وشهد حنين وأعطاه النبي من غنائمها الكثير، وهو شقيق أم حبيبة إحدى زوجات النبي.

و"أسلم يوم فتح مكة وحسن إسلامه وكان جليل القدرة سيدا فاضلا"، "..وهو أحد الأمراء الأربعة الذين ندبهم أبو بكر لغزو الروم، ومشى معه تحت ركابه يسايره، ويودعه، ويوصيه، وما ذلك إلا لشرفه وكمال دينه"، و"كان أول الأمراء الذين خرجوا إلى الشام"، ولما فتحت دمشق (13) هجرية، أمّره عمر بن الخطاب على بلاد الشام.

ويبدو أن معاوية عنده قدرة مناعية قوية أنجته من موت أكيد، قضى على العديد من الصحابة في حينه (ومنهم: أبو عبيدة بن الجراح، معاذ بن جبلة، الحارث إبن هشام، سهيل بن عمرو، عتبة بن سهيل)، حتى أن عمر بن الخطاب، عدل عن الوصول إلى الشام وقال قولته المشهورة: "نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله".

فما جرى في تلك الفترة عصي على الإدراك والتفسير القويم، وتختلط فيه الآراء والتصورات، غير أن الحقيقة الدامغة، أن معاوية نجا من طاعون عمواس وأصبح واليا على بلاد الشام، وانطلق صانعا للتاريخ ومؤثرا في مسيرة الأجيال من بعده. فلولا طاعون عمواس ربما لسار التاريخ بإتجاهات أخرى، لكنهم يقولون إنها إرادة الله، وهو فعّالٌ لما يريد!!

الكثير من المؤرخين لم يتفاعلوا مع الأحداث بعلمية وموضوعية، فالسائد كتابات صوت العاطفة والإنفعال والتخاطب بلغات عيون الرضا والكراهية.

فما أحوج الأمة لوقفات عقلانية ودراسات علمية جريئة، بعيدا عن الأحكام المسبقة، والأغراض المخبّأة، والآليات القاضية بصناعة أجيال القطيع.

فهل من قراءة بعين العصر المنير؟!!

***

د. صادق السامرائي

ظلَّ القراء العرب منقسمين بين الأدب الألماني وغريمه الفرنسي، صفٌّ طويلٌ منهم تأثروا بسارتر وكامو ورامبو، فيما قلّة قليلة كانت تقترب من أعمال توماس مان وهاينريش بول.

منذ أن قرأت رواية الألماني أريش ماريا ريمارك "ليلة لشبونة" وأنا أتوقف عند محنة الإنسان في مجتمعات يسودها الخوف والانتهازية وأتوقف عند الدرس الذي أراد منا الروائي الشهير أن ندركه، وهو العمل على أن لا يصبح للجهل والخوف قوانين تتحكم في مصائر الناس، فنحن إزاء كاتب ظل يؤمن للحظة الاخيرة بأن الأمم لا يصيبها الخراب إلا عندما يستبيح الجهل الناس، في مدن الجهل والانتهازية نعيش مع ساسة يحوّلون الحق إلى ضلالة والحياة إلى جحيم يكتوي بنارها معظم العراقيين، في مدن الخراب تغيب العدالة وتصبح الديمقراطية مجرد واجهة لسرقة أحلام الناس ومستقبلهم، لتتحول إلى شعارات وخطب يلقيها علينا صباح كل يوم مجموعة من الانتهازيين واللصوص والمزوّرين.

استعدتُ أحداث رواية ريماك "ليلة لشبونة" وأنا أقرأ تقريراً نشرته صحيفة العربي الجديد بعنوان "دبلوماسيو المحاصصة في العراق: فضائح متكررة"، وفيه تقدم الصحيفة جردة بالأعمال الصبيانية وغير المسؤولة التي قام بها عدد من السفراء وكان آخرها ما قام به القائم بالأعمال العراقي في البحرين "مؤيد عمر عبد الرحمن" الذي لا نعرف كيف أصبح سفيرا وما هي مؤهلاته؟.. كنا من قبل قد قرأنا عن فضيحة أولاد السفير العراقي لدى البرتغال سعد محمد رضا الذين قاموا باعتداء وحشي على صبي برتغالي، وشاهدنا كيف تحول أعضاء في حزب الإصلاح الذي أسسه إبراهيم الجعفري إلى سفراء بغمضة عين، والآن يحتلون مواقع في عدد من دول العالم، وقرأنا في الصحف خبر القاء السلطات السويسرية القبض على "اثنين من موظفي البعثة الدبلوماسية العراقية في جنيف تورطا في عملية تهريب سكائر مستغلين صفتهما الدبلوماسية، وبلغت قيمة السكائر ما يقارب المليونين دولار".

أعقبت ذلك حكاية القنصل العراقي في مدينة مشهد الإيرانية الذي حول القنصلية إلى شركة تجارية عام 2018. وشاهدنا السيد حامد البياتي الذي تحول من ممثل للعراق في الأمم المتحدة إلى سمسار عقارات بملايين الدولارات.

في كل مرة نقرأ القائمة التي تضعها الحكومة بالاتفاق مع البرلمان وفيها أسماء السفراء، فهذا ابن النائب فلان، وذاك شقيق النائب علان، وهذه ابنة السياسي المعروف وهؤلاء من عشيرة المسؤول الكبير وهناك الأصدقاء والأحباب، كل هذه "الكفاءات" حولت سفاراتنا إلى ملتقيات تجارية وإلى أماكن وضعت العراق على خارطة الدول الأكثر فشلاً.

منذ أن ترك ساستنا "المعارضة" وجلسوا على كراسي السلطة، كان واضحاً للمواطن أنهم لن يتخلوا عن مقاعدهم، وأنهم يعدون أبناءهم وأقاربهم وأصحابهم لمناصب جديدة، لذلك تراهم يتبادلون الشتائم واللعنات، لكنهم يجلسون تحت قبة البرلمان لكي يفصلوا ثوباً جديداً لسفارات بلاد الرافدين .

***

علي حسين

خلال الأيام الماضية أُثيرت مناوشات "فيسبوكية" حادة بين خبير التغذية الدكتور محمد الفايد - لست بصدد الدفاع عنه هنا -وبين عدد من مستخدمي "الفايس" الباحثين عن "الترند" الصاعد المحقق للشهرة والدولار، الذين يضحون من أجله بالكرامة والمبادئ، الأمر العادي والمألوف لدى الذين يحبون أن تأتي الأمور على هواهم، ولا يريدون لأي شيء أن يتعارض مع مصالحهم، لكن الغريب حقا في هذه المناوشات، هو اتخاذ الفقهاء والشيوخ والدعاة، والكثير من أتباعهم المغيبين "اللي تابعين جيلالة بالنافخ"، طرح "الفايد" بشكل شخصي، وكأنه مسّ شيئاً بدواخلهم، فدفع بهم إلى رفع سقف المناوشات إلى حد التنمر والتجريح وتوجيه الأحكام والصفات والتعليقات الساخرة من "الفايد" وطرحه، الذي لا يعدو غير فكرة أو رأي في موضوع عادي جدا، ومتداولة كثيرا في النقاشات اليومية لعوام الناس قبل مثقفيهم، و ليس إلا مجرد وجهة نظر لا تثير حفيظة أي جهة من الجهات، ولا تستحق كل ما بُني عليها من مناوشات أُلبست ظلما رداء الدفاع عن الدين.

لست ضد المناقشات حول أي موضوع، ولا ضد الاختلاف فيها، وأحبذ أن يكون النقاش حاضراً في سلوكياتنا وفي كل الأمور وجميع المواضيع التي تخص حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية، ويتمكن الجميع، بما فيهم الفقهاء والشيوخ والدعاة، المشاركة فيها بالرد والتعليق عليها، ، لكن بالطريقة التي أمر الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم إتباعها في مجادلة الأغيار، بقوله سبحانه وتعالى: "ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ" النحل 125، الطريقة المثلى في تناول المواضيع بالنقاش المثمر الذي يصل به إلى فكرة شاملة عن أي الطروح التي تخدم أوضاع وأحوال المجتمع، دون تعدٍ لحدود اللباقة في تصنيف الأشخاص وعلى طروحاتهم، و الحكم عليها وعليهم، بالخطاب الموزونة، والأسلوب المناسب المتسم بالحكمة واللباقة وحسن الكلام والبعد عن التحريض على الكراهية والتكفير، السلوك الذي ليس بغريبة على مرتزقة وسائل التواصل الاجتماعي، والذي لا يليق بهيئة أو رابطة الشيوخ والفقهاء والدعاة التي يفترض فيها أن تكون قدوة ونبراسا يستنار به، بما تقيمه من مناظرات وجدالات فيما يخفى على الناس من دينهم، بالرفق واللين وحسن خطاب، والوجه الحسن –إن وجد- امتثالا لقوله سبحانه وتعالى: "وجادلهم بالتي هي أحسن" بدل إصدار البيانات المجيشة للأنصار من المنخرطين والأتباع وكل الذين يدعون جزافأ بأنهم دائما على حق، وأنهم وجه الحق و الحقيقة دون غيرهم من خلق الله، للرد على الدكتور الفايد- الذي لا اتفق مع الكثير من آرائه - بدعوى أنه خالف الشريعة الإسلامية والعقيدة بالتصريح الذي قال فيه: "أن الجنة لغير المؤمن تحت ذريعة كونه مخترعا"، القول الذي اعتبروه الشيوخ والفقهاء والدعاة الذين يمكون مفاتيح الجنة، ملزم للتوبة والعودة إلى الحق والتوقف عن التمادي في الباطل، وغيرها من الاتهامات التكفيرية التي تؤسس لسفاهة مجتمعية تهيئ لجيل متشدد وغير متسامح، لا يتوانى في نهش لحم غيره بمجرد إثارته لموضوع يخالف معتقده، فلا يبقي له لحياته وأصله وفصله ستراً مغطى، ما قد يكون له مضار كبيرة على حياة الناس ومجتمعاتهم.

لذلك من الواجب الانتباه من الجري خلف أولئك الذين يتقمصون أدواراً غير أدوارهم، ويعطون لأنفسهم حقوقاً ليست من حقوقهم،، ، باستعراض عضلاتهم وبطولاتهم في كمصادرة آراء غيرهم، وتجريمها والتشهير بها والتقليل من قيمتها، والحكم على أصحابها بما ليس فيهم ووصفهم بما لا يليق بهم، الأمر الذي لا شك يجر للتأثيم والعقوبات المشددة في الدنيا والآخرة .

***

حميد طولست

 

يبدو أن اللاعب الصيني دخل إلى عمق الخلاف في الشرق الأوسط، ليدخل يديه ويحل الخلافات بين أطرافها، لان رغبة الصين تعدت السيطرة على مكامن النفط الرئيسية في الشرق الأوسط، إلى الحصول على أسعار تنافسية مفيدة على المنتج المحلي منها، خصوصاً وإنها اخترقت الأسواق العالمية بسرعة عالية في شتى المجالات.

تطبيع العلاقات السعودية الإيرانية، كان أبرز بصمة للصين في دخولها إلى الشرق الأوسط بقوة، وتحديداً إلى السوق النفطية العراقية، عبر تأثيرها الحاسم على صناعة النفط العراقية، خصوصاً وأن إمكانات النفط العراقية أكبر بكثير من إنتاجه الحالي الذي يبلغ 4.5 مليون برميل في اليوم.

العناصر الأساسية اللازمة لزيادة إنتاج النفط العراقي إلى المستوى المرتفع تكمن في الصفقة الرباعية المحاور البالغة 27 مليار دولار والمتفق عليها مع شركة "توتال"، ولكن تبقى هواجس وشكوك في قدرة الشركة على تنفيذ هذه الصفقة أو ربما جزء منها.

الآن وبعد الاتفاق (الإيراني-السعودي) والذي تم برعاية الصين وروسيا بصورة غير مباشرة سيتم الضغط على الجانب العراقي بضرورة إنهاء العمل مع الشركات الأوربية العاملة في مجال النفط في العراق والتي منها شركة توتال، حيث أكد مصدر في الاتحاد الأوربي أن مسؤول رفيع المستوى من الكرملين اخبر إيران أن إبقاء الغرب بعيداً عن صفقات شراء النفط العراقي سيتيح الفرصة في نهاية الهيمنة الغربية على الشرق الأوسط وسيكون آخر فصل في زوال التأثير الغربي على العالم.

الهدف الأول الذي تعمل عليه الصين وروسيا هو تمكين العراق من الوصول الى أهدافه على المدى الطويل في إنتاج النفط الخام والبالغة 7 مليون برميل يومياً والذي سيصل بالتدريج إلى 12 مليون برميل يومياً، حيث من المقرر الانتهاء من مشروع إمدادات مياه البحر المشتركة الذي سيشهد استثمارا أوليا بقيمة 3 مليار دولار في مرحلته الأولى من خلال سحب مياه البحر ومعالجتها من الخليج، ثم نقلها عبر خطوط الأنابيب إلى منشآت إنتاج النفط ، حيث تمثل هذه الخطة التي طال تأجيلها في دعم برنامج الأمن الاجتماعي من مياه الخليج في توفير حوالي 6 ملايين برميل من المياه في البداية لما يقل عن خمسة حقول في جنوب البصرة وواحد في ميسان، ومن ثم توسيعها إلى حقول أخرى.

المشروع الأهم من ذلك هو معالجة جمع وتكرير الغاز الطبيعي المصاحب والذي يتم حرقه حالياً في الحقول الخمسة في جنوب العراق، حيث من المقرر أن تقدم شركة توتال 2 مليار دولار في المرحلة الأولى من مشروع بناء المعالجة للقيام بذلك، حيث صرح الوزير السابق للنفط أن هذا المشروع سيساعد العراق على قطع وارداته من الغاز من إيران.

الصين تسعى إلى السيطرة على مكامن (النفط والغاز) في الشرق الأوسط، حيث آمنت الصين سيطرتها على منابع الغاز في إيران على ما يزيد من 25 عام، ما يعطيها فرصة اكبر في السيطرة على منافذ النفط والغاز في العراق، واثبات ذلك من خلال الخزانات الكبيرة التي يتم بناءها في إيران من قبل الشركات الصينية والتي نفس هذه الخزانات تم بناءها في السعودية، ما يدل على ان هناك الكثير من النفط والغاز الذي يمكن إنتاجه.

الصين تتمتع بالسيطرة على أثنين من أصل ثلاث دول مصدرة للنفط الخام في العالم وهي روسيا والسعودية، بالمقابل الولايات المتحدة التي تسيطر على بعض منابع النفط في المنطقة، كما أنها لاترغب بالسيطرة على جميع مكامن النفط الرئيسية في الشرق الأوسط، ولكن الحصول على أسعار تفضيلية للغاية على كل شيء يتم إنتاجه منها، وهي قادرة على استخدام هذا كأساس للصفقات في العراق حالها كحال سيطرة هذه الشركات على مكامن النفط في إيران .

***

محمد حسن الساعدي

وهْمُ المقروئية يهيمن على سلوك الكتاب بأنواعهم، فيحسبون أقلامهم تبيض ذهبا، وخربشاتها ستجذب الأنظار، والمسطور مكتوب بأحرف من نور، وهي تتقيأ ما بجعبة أصحابها على السطور .

والدليل على ذلك أن المكتوب يتجاوز بصفحاته عدد أصابع اليد الواحدة في أكثر المنشور، وبأساليب غثيثة غير قادرة على شد المتلقي وترغيبه بالقراءة.

وهذه الإندفاعات الكتابية الفيضانية تصيب القارئ بالغرق والإختناق، فيغادرها بعد أول فقرة أو عبارة.

والذين يكتبونها من أجيال القرن العشرين، وما إستطاعوا مغادرة معتقلاته والتواكب مع قرن متسارع دفاق المعطيات، مكثف الإبداعات.

فالواقع المعاصر ينسف ما أنتجه الإنسان في القرن العشرين، ويتحول بسرعة نحو التأقلم مع إيقاعات القرن الحادي والعشرين.

ويبدو أن المجتمعات الأخرى إستوعبت نبضات العصر، فصارت كتاباتها ذات أساليب جديرة بالقدرة على تأمين التفاعل بين الكلمة والقارئ بطاقاته الإدراكية، وفي واقعنا العربي لا نزال نتخندق في كينونات القرن العشرين، وكأن الذي يكتب عليه أن يملأ السطور وحسب.

وهذا الفهم للكتابة عقيم وسلبي، وسيساهم بالتنفير والتدمير الإبداعي، وستشهد الفترة القادمة تغيرات حادة ومؤثرة بالواقع المعرفي المسطور بالعربية، وهذه الإنتقالة متأخرة ومتباطئة بخطواتها، لتحافظ على إبتعادها عن اللحاق بالركب الإنساني السبّاق.

فعلى الأقلام الساعية لطرح الأفكار والتعبير بصدق وعفاف عن رسالتها الإبداعية، أن لا تتقيد بما كانت عليه أو تعلمته في القرن الماضي، وتستوعب مؤثرات ومفردات القرن الجديد، فالبشرية تنتقل إلى عوالم ما بعد الخيال بإنجازات وإبتكارات أصيلة، ومتوالدة بتعجيل لا يُضاهى.

فليس من المقبول أن نكتب بمداد ما مضى، والدنيا تسير على سكة الآتيات المتوافدات كالسيل العرمرم، وندّعي بأننا نكتب، ونتساءل أين القراء، ولماذا الكتب تنام في الرفوف، والمحظوظ من أصحابها مَن يستطيع إهداء بعضا منها لمعارفه.

فهل سنكتب للناس، أم سنبقى نتعاطي الكتابات الذاتية والنخبوية؟

***

د-صادق السامرائي

 

 

كلُ إنسانِ لهُ حلمٌ وما أكثرَ الأحلامِ في حياةِ الإنسان، ِ التي لنْ تتحققَ فتظلّ الأحلامُ مختلفةً منْ شخصٍ للآخرِ؛. بعضُ الحالمينَ بالسلطةِ والمستعدينَ لعملِ أيِ شيءِ مهما كانَ والوصولِ للسلطةِ والتنازلِ عنْ كلِ المبادئِ حتى الأخلاقيةِ، واستغلالِ أيِ ورقةٍ لكيْ يشاركوا في المشهدِ السياسيِ والاجتماعيِ والتطوعيِ والحزبيِ، مهما كانتْ قذرةً يحتاجونَ دائما أنْ تذكرهمْ بحجمهمْ الطبيعيِ وانْ الزمنِ تجاوزهمْ إلى غيرِ رجعةٍ، نشرُ الأستاذِ / أحمدْ طنطاويّ عضوَ مجلسِ النوابِ السابقِ على صفحتهِ الخاصةِ في الفيسبوكْ عنْ موعدِ عودتهِ لمصر في منتصفِ شهرِ مايو " أيارَ " القادمِ قادماٍ منْ بيروت وأعتقدُ أنهُ اقتبسَ شخصيةً عودت"ْ أيةَ اللهَ خوميني" منْ منفاهُ في باريس وعودتهِ لطهران للمشاركةِ في انتخاباتِ الرئاسةِ في مصرَ عامَ 2024. والسيدُ / جمالْ مباركْ ما زالَ الحلمُ يراودهُ في الجلوسِ على كرسيِ الحكمِ، والآخرُ مازالَ لمْ يكشفْ عنْ شخصيتهِ كما صرحَ السيدُ / محمدْ أنورْ الساداتْ عنْ المفاجأةِ عنْ شخصيةِ المرشحِ ؟!.

في تصرحُ خاص لنا.. قالَ الدكتورُ "مدحتْ خفاجيّ" المرشحِ السابقِ للرئاسةِ عامَ 2012.. قالَ؛ - منْ حقِ جمالْ مباركْ الترشحِ ولكنْ منْ حقِ الشعبِ أنْ يعرفَ.. أولاً؛ - منْ أينَ حصلَ جمالْ مباركْ على الأرضِ التي بنيَ عليها فيلتهُ منذُ عامينِ عندَ تقاطعِ شارعِ (صلاحِ سالمْ معَ شارعِ الميرغني) كانَ يوجدُ في هذا المكانِ محطةَ بنزينِ وعندما عينَ "مباركٌ" رئيسا للجمهوريةِ، انتقلتْ ملكيةَ الأرضِ إلى الدولةِ، بإعطاءِ صاحبِ الأرضِ قطعةَ أرضٍ أخرى في التجمعِ الخامسِ. وقدْ قامَ جمالْ مباركْ ببناءِ فيلا على الأرضِ التي تصلُ مساحتها لأكثرَ منْ فدانِ منذُ عامينِ. ويريدَ جمالْ مباركْ أنْ يترشحَ لرئاسةِ الجمهوريةِ العامُ القادمُ. وحتى يمكنَ أنْ يكونَ مرشحا شعبيا، يجبَ أنْ ينظفَ سيرتهُ وسيرةَ أسرتهِ، بإرجاعِ كلِ ما تمَ أخذهُ منْ الشعبِ المصريِ، وتصلَ إلى / 130 مليارِ دولارٍ، كما قالَ؛ - "جونْ كيري وزيرُ خارجيةِ أمريكا"، بعدٌ ثورةِ الشعبِ المصريِ في 25 يناير. وتتكونَ تلكَ الأموالِ منْ أسهمِ وسنداتِ في أسواقِ المالِ العالميةِ، وقصور في معظمِ العواصمِ الغربيةِ وقصورٍ على بحيرةِ "ليمانْ في سويسرا وناقلاتِ بترولٍ ممنوعٍ على البحارةِ المصريينَ العملَ بها ونقود سائلةٍ في البنوكِ ". ويمكنَ بتلكَ الأموالِ، سدادُ ديونِ مصرِ الخارجيةِ تقريبا كلها. ورجوعَ تلكَ الأموالِ للشعبِ المصريِ هيَ عربونُ موافقةِ الأخيرِ لترشحِ جمالٍ لرئاسةِ الجمهوريةِ، وأيضا لدخولهِ الجنةَ يومَ القيامةِ.؟!

الحالمينَ بالسلطةِ المحليةِ.. بعدُ ثورةِ ينايرَ ظهرتْ طبقةُ عريضةٍ في المجتمعِ على اختلافِ ألوانهمْ الحالمينَ إلى الظهورِ في المشاركةِ في الحياةِ البرلمانيةِ؛ وللأسفِ الكثيرُ منهمْ كانوا غيرَ مؤهلينَ فكريا بطبيعةِ المرحلةِ بعدَ أيِ ثورةٍ لذلكَ اختفوا منْ المشهدِ بسرعةِ ووجدوا أحلامهمْ في الطريقِ إلى اللعبِ على ورقةِ المجتمعِ المدنيِ، والعملِ في المجالِ العامِ عنْ طريقِ قانونِ وزارةِ التضامنِ الاجتماعيِ في إنشاءِ مراكزَ وجمعياتِ خيريةٍ. بأسماءٍ مختلفةٍ منْ حقوقِ الإنسانِ إلى جمعياتٍ خيريةٍ هؤلاءِ يطلقُ عليهمْ الحالمينَ بالمحلياتِ. والآخرينَ بحثوا عنْ أدوارِ لهمْ في أحزابٍ كرتونيةٍ تعدتْ الْ 100 حزبٍ في شققٍ مغلقةٍ يديرها مجموعةً منْ أصحابِ العاهاتِ منْ الأمراضِ السيكوباتيةِ وأصحابُ رؤوسِ الأموالِ القذرةِ والبحثِ عنْ عنصرِ النساءِ ومعظمهمْ منْ ساقطاتٍ منْ داخلِ المجتمعِ والأسرةِ وليسَ لديهمْ أيُ فكرٍ عنْ العملِ التطوعيِ أوْ الحزبيِ والورقةِ التي يلعبُ بها المشاركةُ في الانتخاباتِ المحليةِ علما أنَ مصرَ منذُ ثورةِ ينايرَ لا يوجدُ بها تمثيلٌ للمحلياتِ.. الكاتبُ والأديبُ العالميُ / نجيبْ محفوظْ والمخرجِ صلاحْ أبو سيفْ جسدِ هذا في فيلمِ القاهرةِ 30 تدورُ أحداثَ الفيلمِ في ثلاثينياتِ القرنِ العشرينَ حيثُ يعيشُ الشابُ محجوبْ عبدِ الدايمْ (حمدي أحمدْ) الوافدِ منْ الصعيدِ حياةً فقيرةً في القاهرةِ، ويتعرفَ على ابنِ قريتهِ (سالمْ الإخشيديِ) الذي يطلبُ منهُ أنْ يساعدهُ على الحصولِ على وظيفةٍ، فيعرض عليهِ وظيفةٌ مقابلَ أنْ يتزوجَ منْ إحسانْ (سعادْ حسني)، عشيقةُ قاسمْ بكَ (أحمدْ مظهرْ)، على أنْ يزورها قاسمْ بكَ مرةُ كلِ أسبوعٍ. ويوافقَ محجوبْ عبدِ الدايمْ علي ذلكَ والتنازلُ عنْ كلِ القيمِ والأخلاقِ مجردِ وظيفةٍ.. ففي عصرنا الحاليِ الكثيرَ منْ الحالمينَ بالسلطةِ المحليةِ ليسَ بعيدينَ عنْ شخصيةِ" محجوبْ عبدِ الدايم" ْ تجدهمْ يلعبونَ أدوارُ كومبارسٍ في المجتمعِ المدنيِ وعلى شبكاتِ التواصلِ الاجتماعيِ لتلميعِ شخصيتهمْ والتقربِ والتصويرِ معَ أيِ مسئولِ طمعا أنْ يصبحوا نواب في المجالسِ النيابيةِ أوْ المحليةِ، ولكنَ مصرَ تعيشُ فترةً صعبةً منْ أزمةٍ اقتصاديةٍ تحتاجُ لعقولٍ تخرجنا منْ عنقِ الزجاجةِ وكفيِ بهلواناتْ في السيركِ فمصرُ للأسفِ اختفى منها الزعاماتُ التي تستطيعُ أنْ تجمعَ شخصيةً توافقيةً ولها طبقةِ عريضةٍ يجتمعُ عليها الجميعَ.. ! !

***

محمدْ سعدْ عبدِ اللطيفْ

كاتبٌ مصريٌ وباحثٌ متخصصٌ في علمِ الجغرافيا السياسيةِ

في يوم الشهيد كل عام نجتمع حيث تتلاقى فيه تضحيات أبناء الوطن مع مفاخر مجدهم واعطاء الامل رغم وجع فقدانهم الصعب الذي أوجع كل شريف لأنهم ظلموا دون وجه حق في فقدانهم بيد الطغمة الفاسد التي جثمت على صدور العراقيين ثلاثة عقود ونيف من الظلم والقتل والسجن والتعذيب الروحي والجسدي، وإن أرواحهم الطاهرة شريكة في مسيرة رفعة المجتمع والاحتفال بالاستذكار بهم يعكس اعتزاز الكوردي الفيلي بأبنائه ليتجدد العزم والإصرار فيه ونرسل لهم باقة حب ولمسة وفاء وسيرهم العطرة ستظل حية أبد الدهر ونموذج يحتذى به وأن هذا العطاء لن ولم ينتهي ويعد يوم من أعظم الأيام خلودًا في تاريخ شعبنا، وهو اليوم الذي قدم الشهيد حياته وروحه للدفاع عن كرامة وعزة وطنه لانه عشق الموت كي يهب الحياة لوطنه،نستذكر في كل عام معًا ما قدمه هؤلاء الأبطال بأنفسهم وبأرواحهم، في يوم الشهيد ليظل يوم مشهودا في ذاكرة العراقيين عامة والكورد الفيلية خاصة اعترافا وتقديرا منهم لكل لحظات عصيبة مرت على شعبنا وتصدى لها هؤلاء الشهداء بشجاعة وبسالة حتى اعطو أرواحهم من أجل الوطن، ولولا تضحيات هؤلاء الابطال لما بقيت الهوية الوطنية الفيلية اليوم

و ليكتبوا صفحات مضيئة تهتدي بها أجيال تأتي من بعدهم تسير على خطاهم وتقتدي رحلـة شهادتهم وتدرك أن الحفاظ على الكرامة ليس بالأمر الهين، وإنما الحفاظ عليها يتطلب الجهد والتضحية، وما حققه أبناء الكورد الفيلية الى جانب اخوانهم من الشهداء من الاطياف الاخرى التي تمثل الوطن العراقي على امتداد تاريخه لوطنيهم إنما يؤكد أن أرض المقدسات لا يمكن أن تنضب أبدًا من الأبطال، ويوم شهادتهم هو امتداد للماضي زاخرًا بأمجاد الأجداد فإن الحاضر أيضًا يأتي مصحوبًا بإنجازات الأحفاد، فما يسطره أبناءنا من الشهداء الأبرار من تضحيات سيتوقف التاريخ أمامه إجلالًا واحترامًا وستأتي الأجيال اللاحقة تتفاخر وتتحاكى ببطولاتهم.

تحية إعزاز وتقدير لمن ضحوا بأرواحهم ودمائهم الذكية للحفاظ على أمن وسلامة الوطن.. وقصصهم ستظل نبراسا يُضىء لنا طريق المستقبل ومصدر إلهام للأجيال الجديدة،وفي نهاية كلمتي ونحن نجتمع من اجل احياء أرواح شهدائنا بيومهم الخالد يجب هنا ان نشير إلى تضحيات أسر شهدائنا الأبرار إلى من فقدوا الابن، أو الأب، أو الزوج، أو الأخ اليهم جميعًا، نهدي احر التحيات ويقدر شعب العراق على صبرهم وتحملهم واحتسابهم بفقدهم عند الله "سبحانه وتعالى" ورضاه لفقد فلذات اكبادهم وقربهم الى الله سبحانه وتعالى

***

عبد الخالق ياره الفلاح – كاتب واعلامي فيلي

أين هو الخطأ عندما يكتب العديد من مثقفي النجف مطالبين بالحفاظ على إرث المدينة التاريخي، أو بالأحرى في دعم هذا الإرث لأنه يمثل ذاكرة المدينة؟.

دع ما يقوله البعض من أن "سوق الحويش" في النجف تحول الى مكان مظلم، وأن تجارة الكتب أصبحت اليوم من الماضي في زمن الكتاب الرقمي، لكن ياسادة معظم مدن العالم تعتز بأسواق الكتب القديمة التي تضيف للمدينة نكهة خاصة، فلا تزال القاهرة تحتفظ بسوق الأزبكية رغم قدمه، والذي يذهب إلى باريس سيجد أكشاك الكتب على ضفة نهر السين، ومكتبات لندن القديمة وشارع المتنبي رغم أن البعض في هذه البلاد ممن يمارسون مهنة السياسية يعتبرونه شارعا لنشر أفكار الرذيلة.

للأسف أصبحت كلمة تراث وثقافة تخدش مسامع الكثيرين، فما معنى أن تكون هذه البلاد متحفاً تاريخياً؟، لسنا في حاجة إلى تراث ولا ذكريات، ولا أحجار تخبرنا أن هناك إنساناً عاش على هذه الأرض وعَمرها منذ آلاف السنين، ألم يخبرنا ”فيلسوف الجنّ والإنس” كاظم الحمامي أننا أحفاد كائنات فضائية؟.

منذ ايام تدور نقاشات حول تهديم سوق الحويش ، والغريب وجدت الكثير من المتحمسين لازالة السوق ، حيث كتب احدهم أن إرث البلاد لا يرتبط بمجموعة مكتبات (تباع) فيها الكتب، ولا أعرف ما هو الإرث الثقافي في نظر صاحب التعليق، فيما سخر عدد من المعلقين على الذين يطالبون بعدم هدم "تكاكين الكتب" كما أسموها.فلماذا ياسادة تتعجبون على من الذين كتبوا من قبل في مواقع التواصل الاجتماعي أن منارة الحدباء مجرد حجارة؟،.

سيقول البعض إن الشيء المهم اليوم، في بلاد وادي الرافدين أن ينجو المواطن العراقي من مصير العوز ، وأن يعود إلى بيته وهو مطمئن على مستقبل عائلته ، المسألة الأهم هي حياة الناس، لا ترف الحديث عن الآثار والحضارة، قد يكون الأمر صحيحاً، ولهذا صمتنا مثل صمت القبور على أبشع جريمة سرقة للتاريخ مرت على البشرية، حين نهبت المتاحف والمعارض والآثار والمخطوطات الثمينة ونحن نتفرج .

أقرأ ما يكتب في الفيسبوك من سخرية حول سوق الحويش وآثار العراق، واتحسر على شباب أصبحوا يؤمنون أن التاريخ بالنسبة لهم ما تحدده طائفتهم، لا ما خطته أصابع التاريخ ذات يوم.

لكي ننتمي إلى العالم المتقدم يجب أن يكون لدينا عشرات من الأماكن التي تحكي تاريخ هذه البلاد، وإلى جانبها مصانع ومكتبات ومدارس حديثة ومستشفيات لا تعيش على إفقار المرضى، نحتاج إلى دورة نهوض حضاري لا تتوقف.

اتمنى على العتبة العلوية ان تساهم في اعادة احياء سوق الحويش دعما للفكر الذي كان الامام علي "ع" يطالبنا بأن نعلي من شأنه أليس هو القائل: "لم يمت من نشر حكمةً".

***

علي حسين

ما إن بدأت ملامح فصل الصيف تلوح في الأفق خلال عام/ 2023، حتى بدأ جرس أزمة المياه يدق في العراق، أذ بثت مقاطع فيديوية تم توثيقها لأجزاء من نهري دجلة والفرات، مشاعر الخوف والقلق بين العراقيين، لما يظهر فيها من جفاف مساحات شاسعة، وصل في بعض المناطق إلى حد ظهور قاع النهرين بشكل مجرد، تحديدا في محافظتي ميسان وذي قار جنوبي البلاد.

الأمر الذي أثار الفزع من تفاقم الأزمة خلال فصل الصيف باعتبار أن الأزمة المتكررة بدأت مبكرا خلال عام / 2023، في حين اعتبر مراقبون أن ما يحدث بمثابة جرس إنذار من خطر مقبل قد يكبّد البلاد خسائر فادحة في أراضيه الزراعية، وقد يولّد مشكلات اقتصادية ومناخية وبيئية خطيرة مستقبلا، لاسيما وأن أزمة شح المياه خلال السنوات الثلاث الأخيرة، قد أَجبرت بعض سكان المناطق الوسطى والجنوبية على اللحاق بركب “هجرة المناخ”، حيث دفعت بعشرات القرى التي تقطنها شريحة واسعة من الفلاحين على النزوح إلى مناطق أخرى، أملا في مستقبل أكثر أمان.

صور متداولة أظهرت عبور مجموعة من المواطنين لنهر دجلة في محافظة ميسان (365كم جنوب شرق بغداد) سيرا على الأقدام وممارسة ألعاب رياضية في قاع النهر الذي ظهر بسبب موجة الجفاف، فيما رصد مواطنون تراجع منسوب مياه النهر إلى حدّ غير مسبوق، مع ترسب الأملاح والأتربة في قاعه. الأمر الذي دفع بوزارة الموارد المائية لتصدر تحذير من أن وضع البلاد بات على المحك، وأن الخزين المائي وصل إلى مراحل حرجة، حتى قبل بداية موسم الصيف.

أما في محافظة ذي قار (375كم جنوب بغداد)، فقد أظهر فيديو جفاف نهر دجلة وتحديدا من الجهة التي تربط قضاءين زراعيين ببعضهما، أذ وثّق المقطع ظهور دعامات الجسر الرابط بينهما.

ما يجدر ذكره، إن العراق يعتمد على مياه الأنهر الآتية من دول الجوار وهي تركيا وإيران، لا سيما دجلة والفرات بنسبة 70 بالمئة، بينما تشكل مياه الأمطار حوالى 30 بالمئة من ثروته المائية، لكن منذ سنوات يعاني العراق من عدم تأمين حصصه المائية، فيما بدأت الأزمة تتفاقم أخيرا نتيجة ما باتت تُعرف بالـ “الحرب المائية” من قبل تلك الدول التي تبرر سلوكها بأن الجانب العراقي لم يشرّع في بناء السدود وتحديث طرق الري لضمان احتياجاته من المياه.

بحسب وزير الموارد المائية العراقي، أن مياه دجلة والفرات كانت تأتي جميعها الى العراق ولكن بعد عام /1979 بدأت تركيا بإنشاء السدود وآخرها سد “اليسو” على نهر دجلة ما أدى الى انخفاض مياه النهرين، و بعد ثلاث مواسم من الجفاف قد أصبح العراق على شفا كارثة إنسانية، مبيّنا أن دول الجوار استمرت في فرض الأمر الواقع بإكمالها مشاريع السدود والأنفاق ونقل الماء إلى خارج أحواض الأنهر، فأصبح موقف العراق رهنا بقرارات هذه الدول، فمستقبلا ستكون هناك مقايضة رسمية للماء مقابل النفط.

إلى جانب كون العراق خامس أكثر دول العالم تضرراً من تبعات التغير المناخي بما فيها الجفاف، وأصبح في المرتبة الخامسة على مؤشر الجفاف العالمي، ومنذ العام 2019، فقد العراق قرابة 53 مليار متر مكعب من مخزونه المائي، وأصبحت كمية احتياطه المائي 7.5مليار متر مكعب فقط.

ويخلف هذا التراجع مشاكل بيئية عدة، منها:

- تراجع المساحات المزروعة.

- فقدان الثروة الحيوانية.

- انتشار الأمراض.

- تدهور وضع التربة وزيادة وتيرة العواصف الترابية.

وتشير الأرقام إلى أن التصحر أصاب قرابة 40 بالمائة من أراضي العراق الصالحة للزراعة، ما يهدد الأمن الغذائي والصحي والبيئي، ويدفع الآلاف لترك مدنهم وقراهم نحو مناطق أقل عطشاً.

يتطلب حل هذه المعضلة التي يعيشها العراق تنفيذ توصيات عدة ذات علاقة بترشيد استهلاك المياه، واتباع نظم زراعة وري حديثة والتوجه نحو محاصيل بديلة أقل استهلاكاً للماء، وتحديث قنوات نقل المياه ووقف التعديات عليها.

حضارة الماء في بلاد الرافدين تلفظ انفاسها الاخيرة

يبكي كلكامش جاسم الأسدي بعد اختطافه

مكانة العراق تتلاشى في عهده الجديد

سيترك السومريون الزقورة، وحروفهم المسمارية ويهاجروا

لن يجد (جاسم) صديقه الوفي .. مجبل بعد الان

و لن يجد (جافن يونغ) (مضيف سيد سروط بين شباب القصب العالي).

سيحرف الريل طريقه بعيدا .. تاركا انين حمد

ستغير الطيور مسارها وتهجر العراق.

***

شاكر عبد موسى/ العراق

الحديث الأول: نعمة الأمن في استقرار الفرد والمجتمع

فقد روى الإمام الترمذي في سننه من حديث عبيدالله بن محصن الخطمي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"«من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا»

وفي رواية بحذافيرها..

يقول مولاي البرجاوي في بحث له " الهدي النبوي في التنمية ": "لقد سطر حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم -وحيًا من ربه- أروع المؤشرات والمعايير لتحقيق تنمية متكاملة من خلال حديث نبوي شريف جامع ومانع: "مَن أصبح منكم آمنًا في سِرْبِه، مُعافًى في جسده، عنده قوتُ يومه، فكأنما حِيزَتْ له الدُّنيا بحذَافِيرها"؛ إذ يشمل ما يلي:

1- نعمة الأمن:

الأمن لغة: مصدره (أمن)، الأمان والأمانة بمعنى، وقد أَمِنْتُ فأنا آمن، وآمنت غيري من الأمن والأمان ضد الخوف

واصطلاحًا: هو اطمئنان النفس وزوال الخوف، ومنه قوله تعالى: {وَآمَنَهُم مِنْ خَوْفٍ} [قريش: ٤]، ومنه الإيمان والأمانة، وضده الخوف. ووقع من أسمائه الحسنى المؤمن في قوله تعالى: {هو اللَّهُ الَّذِي لا إلَهَ إلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} [الحشر: 23]. ومعناه أنه هو المعطي الأمان لعباده المؤمنين حين يؤمنهم من العذاب في الدنيا والآخرة. وينقسم الأمن إلى قسمين:

أمن في الدنيا: وهو يتحقق على الصعيد الفردي والاجتماعي بمختلف الأشكال الحياتية (سياسية، وعسكرية، واقتصادية، وتعليمية، واجتماعية).

وأمن في الآخرة: وهو الاطمئنان بعدم عذاب الله في جهنم، وهو خاص بالمؤمنين الذين عملوا الصالحات: {الَذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82].

2- الأمن الغذائي: ويعرف بعض الباحثين الأمن الغذائي المطلق يعني إنتاج الغذاء داخل الدولة الواحدة بما يعادل أو يفوق الطلب المحلي. أما الأمن الغذائي النسبي فيعني قدرة دولة ما أو مجموعة من الدول على توفير السلع والمواد الغذائية كليا أو جزئيا.... وبالتالي فإن المفهوم النسبي للأمن الغذائي يعني تأمين الغذاء بالتعاون مع الآخرين..

3- الأمن الصحي:

وحسب وكيبيديا " يعَد الأمن الصحي مصطلحًا أو إطارًا لقضايا الصحة العامة التي تتضمن حماية السكان على الصعيد الوطني من التهديدات الصحية الخارجية كما في الجوائح.

هناك أربعة أنواع للأمن تؤخذ بعين الاعتبار في هذا السياق: الأمن البيولوجي، وأمن الصحة العالمية، والأمن البشري، والأمن القومي..".

فما أعظم هذا الحديث النبوي الشريف كلمات موجزة ومعان كثيرة لا تسعها المجلدات..

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية:

شدري معمر علي

 

اَلْيَوْمُ اَلذِّكْرَى اَلزَّمَانَ وَالْمَكَانَ " 30 / مِنْ مَارِسَ 1976 م " يَوْمِ اَلِاسْتِيلَاءِ عَلَى اَلْآلَافِ اَلدُّونَمَاتِ مِنْ اَلْأَرَاضِي اَلْفِلَسْطِينِيَّةِ اَلْمُحْتَلَّةِ، تَأْتِي اَلذِّكْرَى فِي غِيَابٍ تَامٍّ مِنْ اَلْجِهَاتِ اَلرَّسْمِيَّةِ وَالْإِعْلَامِ اَلْعَرَبِيِّ. هَلْ أَصْبَحَتْ هَذِهِ اَلذَّاكِرَةِ فِي طَيِّ اَلنِّسْيَانِ مِنْ مُشَارَكَةٍ عَرَبِيَّةٍ حَتَّى وَلَوْ بِبَيَانِ عَنْ يَوْمِ اَلْأَرْضِ لَقَدْ أَصْبَحَتْ بِلَادُ يِسْجِيهَا اَلْخَوْفُ حَيْثُ اَلْعُرُوبَةُ تَغْدُو عِقَابًا. وَالْهَزِيمَةُ وَالِاسْتِسْلَامُ وَالتَّطْبِيعُ اِنْتِصَارًا.، وَلِأَنَّ شَعْبَنَا اَلْعَرَبِيَّ لَيْسَ لَهُ لِسَانٌ وَمَا قِيمَةُ اَلشَّعْبِ اَلَّذِي لَيْسَ لَهُ لِسَانٌ... أَنَا مَاكْتِبْتْ كَيْ أَكُون كَاتِبًا فَبِلَادِي أَضَاعَهَا كِتَابُهَا وَخَطْباَئْهَا. وَلَكِنِّي رَافِضٍ زَمَانِي وَعَصْرِي.. حَيْثُ نَمُوتُ مُصَادَفَةُ كَكِلَاب اَلطَّرِيق وَنَجْهَلُ أَسْمَاءً مِنْ يَصْنَعُونَ اَلْقَرَارُ.، وَلَسْنَا نُنَاقِشُ كَيْفَ نَمُوتُ وَايِنْ نَمُوتُ وَنَحْتَاجُ لِقَرَارِ حَتِي نَدْفِنُ فَيَوْمَا نَمُوت نَمُوتُ مِنْ اَلْهُرُوبِ مِنْ جَحِيمِ اَلْحَرْبِ وَيَوْمٍ نَمُوتُ فِي اَلْهِجْرَةِ فِي اَلْبَحْرِ، وَيَوْم نَمُوتُ حِينُ نَعْتَرِضُ عَلَى قَرَارِ اَلسُّلْطَانِ أَيْ سُلْطَانْ وَيَوْمٍ نَمُوتُ بِالسِّلْمِ وَالْحَرْبِ مَرَّةً بِالْيَمِينِ، وَمَرَّةُ بِالْيَسَارِ، وَمَرَّةُ بِاسْمِ اَلْإِسْلَامِ. وَلَا نَتَذَكَّرُ مِنْ شَيَّعُونَا وَلَا نَتَذَكَّرُ مِنْ قَتَلُونَا فَلَا فِرَق فِي لَحْظَةِ اَلْمَوْتِ بَيْنَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَلَا أَمِيرَ اَلْمَجُوسِ وَلَا اَلْإِسْرَائِيلِيِّ،

بِلَادٌ أَصْبَحَتْ كُلُّ مَدَائِنِهَا كَرْبَلَاء... بِلَادٌ تُعَدُّ اَلْآنُ حَقَائِبَهَا رُوَيْداَ رُوَيْدا َ لِلرَّحِيلِ أَصْبَحَتْ بِلَا رَصِيفٍ وَلَا هُنَاكَ قِطَارٌ، فَقِطَارُ اَلتَّارِيخِ كَتَبَ نِهَايَتَهُ " اَلْمُؤَامَرَاتِ وَالتَّطْبِيعَ وَشَرْقِ أَوْسَط جَدِيدٍ تَقُودُهُ إِسْرَائِيلُ "، مُؤْتَمَرُ اَلنَّقَبَ وَالِاحْتِفَالِ بِذِكْرَى " بْنْ غُورِينْ " سَلِسَةً مِنْ اَلْعِهْرِ اَلسِّيَاسِيِّ وَالْخِيَانَةِ اَلَّتِي أَصْبَحَتْ مَشْرُوعَةً مُنْذُ عَامٍ حَضَرَهُ رُؤَسَاءُ عَرَبٌ وَعَلِمَ إِسْرَائِيلَ يُرَفْرِفُ فِي سَمَاءِ اَلدُّوَلِ اَلْعَرَبِيَّةِ. بِلَا حَيَاءِ ماتْ اَلزَّعِيمِ نَاصِرْ وَمَعَ إِعْلَانِ وَفَاتِهِ مَاتَتْ فِلَسْطِينُ كُلَّ فِلَسْطِينَ....! !

يَا شُيُوخٌ وَيَا سَلَاطِينَ اَلْأُمَّةِ قُمْ مِنْ قُصُورِكُمْ اِفْتَحُوا شَبَابِيكَ قُصُورِكُمْ، لِلشَّمْسِ وَالْعَدْلِ وَالْحُرِّيَّةِ فَمًا رَآَكَ اَلشَّعْبُ مُنْذُ آخِرٍ عُصُورِ بَنِي أُمَيَّة. اُخْرُجُوا إِلَى اَلشَّوَارِعِ. وَاقَرَاءُوا صَحِيفَةً يَوْمِيَّةً مِنْ اَلنِّيلِ إِلَى اَلْفُرَاتِ إِلَى اَلشَّامِ إِلَى تُونِسَ اَلْخَضْرَاءِ إِلَى اَلْيَمَنِ اَلسَّعِيدْ إِلَى فِلَسْطِينَ إِلَى غَزَّةِ اَلْعِزَّةِ وَالصُّمُودِ إِلَى لِيبْيَا. هَلْ وَصَلَتْ أَسْمَاعَكُمْ عَنْ اَلْحِلْفُ اَلسُّنِّيُّ اَلْإِسْرَائيَلِي وَالدِّيَانَةُ اَلْإِبْرَاهِيمِيَّةُ وَالتَّطْبِيعُ ؛ لَيْسَ غَرِيبٌ فِي زَمَنِ اَلْعِهْرِ اَلسِّيَاسِيِّ، أَنْ تُصْبِحَ اَلْخِيَانَةُ وُجْهَةَ نَظَرٍ فِي ظِلِّ بَوَادِرِ أَزْمَةٍ اِقْتِصَادِيَّةٍ وَحُرُوبٍ أَهْلِيَّةٍ وَتَدَاعِيَاتِ اَلْحَرْبِ اَلْأُوكْرَانِيَّةِ اَلرُّوسِيَّةِ عَلَى اَلْأَمْنِ اَلْغِذَائِيِّ ؛- وَحَدِيثٍ مَاكِرُونَ. عَنْ حُدُوثِ مَجَاعَاتٍ فِي دُوَلٍ عَرَبِيَّةٍ. شَعْوِب عَرَبِيَّةً تَعِيشُ تَحْتَ خَطِّ اَلْفَقْرِ وَشُعُوبٍ تَعِيشُ (مَثَّلَتْ اَلْخَوْفَ اَلْجُوعَ وَالْفَقْرَ) وَالْأَسْوَأِ لَمٌّ يَأْتِي بَعْد. تَرْكُنَا شَعْب يَنَامُ فِي مُخَيَّمَاتٍ عَلَى اَلْحَصِيرِ وَطِفْل يَبْحَثُ فِي يَوْمِ اَلْأَرْضِ عَنْ أَشْجَارِ اَلتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطِفْلٍ يَبْحَثُ فِي وَسَطٍ ركأَمْ اَلْمَعَارِكِ عَنْ دَفَاتِرِهِ كتَبَّ عَلَيْهَا هُنَا فِلَسْطِينَ... ! !

***

مُحَمَّدْ سَعْدْ عَبْدِ اَللَّطْبُفْ.

كَاتِبٌ مِصْرِيٌّ وَبَاحِثٌ فِي اَلْجُغْرَافْيَا اَلسِّيَاسِيَّةِ

مقدمة لا بد منها: السنة النبوية والارتقاء بالإنسان

عندما نتأمل في أحاديث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم نجدها قد تجاوزت ما وصلت إليه التنمية البشرية المعاصرة ولكننا للأسف لا نقرأ هذه الأحاديث قراءة متبصرة على ضوء الواقع المعاصر فنحاول في هذا العمود اليومي الرمضاني أن نبحر في عوالم هذه الأحاديث و نستخرج منها ما توصلت إليه علوم التنمية ..

و التنمية البشرية من منظور مؤسس مؤشر التنمية البشرية التابع للأمم المتحدة محبوب الحق، هي المساعدة في توسيع خيارات البشر وقدراتهم على العيش الكريم وتوسيع المشاركة الديموقراطية والتنمية الاقتصادية والإجتماعية. حيث يعد التطوير والتنمية الذاتية جزء منها.

يقول الدكتور سعد الله المحمدي :" يدرك الناظرُ في سُنَّة المصطفى صلى الله عليه وسلم - وقد أوتي جوامعَ الكلم - وفي سيرته العطرة المباركة: أنَّها حافلة بكلِّ ما مِن شأنه الارتقاء بالإنسان والمجتمع البشريِّ، والعناية به روحيًّا وفكريًّا، وعقليًّا وبدنيًّا؛ مما يعنى أنَّ نصوص السنة النبويَّة لا تهتمُّ بجانبٍ واحدٍ فقط للتنمية، بل تهتمُّ بالتنمية الشاملة للإنسان؛ مِن تنظيمِ شؤونِ حياته وأعمالِه بالمبادرات النافعة، ورَسْمِ الخطط الناجحة لتعامله مع الآخرين، ودورِه في إعمار الأرضِ والارتقاء بالمجتمع.

وبذلك سَبَقَت السنة النبوية النظرياتِ الحديثةَ كافَّةً في مجال التنمية البشريَّة؛ لعنايتها الخاصَّة بالاستثمار في العنصر البشريِّ، وتطوير قدراته في مختلف الجوانب، والنهوض بالمجتمع؛ ليصل إلى أعلى درجات الكمال والرُّقِيِّ، والازدهار والتنمية، ولا عجب في ذلك؛ فالسُّنةُ النبوية شعلةٌ مِن مشكاة النبوة، ووحي أوحاه الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم: (ألا إنِّي أوتيت الكتابَ ومثلَه معه) "صحيح الجامع: 2643.

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية

شدري معمر علي

 

من أكبر أسباب الفشل، فقد الثقة بالنفس، وعدم الإيمان بالقدرات الذاتية على النجاح، والاعتقاد الخاطئ بعدم امتلك مقوماته، التي تجعل من الفشل أشد الأمراض الاجتماعية، وأخبث الآفات الروحية، وأشرس الأدواء الفتاكة التي إذا تسلطت على الأفراد أو الجماعات إلا وحالت دون مواجهتهما لأيّ تحدٍّ يتعرّضان له، خوفاً من الفشل واللوم والانتقاد، ما يساهم في إيجاده وانتشاره وتطويره في النفوس الضعيفة التي تستكين له وتستطيب إسقاطه على غيرها، وتتفنن في البحث عن شماعات واهية تعلقه عليها، أو على أسباب غيبية سماوية، بعيدة عن أدائها على الأرض، تهربا من المسؤولية الذاتية التي يُحاسب عليها الإنسان كمخلوق مسؤول عن أفعاله، بدليل قوله تعالى :"كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِين" "وَكُلَ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ" والذي يُحمل الأفراد والشعوب مسئوليات أفعالهم، التي يفترض التعامل معها بعيدا عن منطق :" أن النجاح له ألف أب، وأن الفشل يتيم يبحث له عن نسب من خارج مجال الأداء الذي أدى إليه" الأمر الذي تعززه المقولة الشهيرة : "الفاشل ليس من يقع في الفشل، وإنما الفاشل هو من يقع في الفشل ويرتضيه و يستطيبه "إلى أن يصبح من صميم طبعه وسلوكه، فيصعب عليه الانتقال من تأثير احباطاته و خيباته وانهياراته، إلى مربع النجاح، الذي يسعى إليه المبدعون كأسمى طموح في مختلف ميادين العطاء الإنساني الفكرية أو الثقافية أو الأدبية أو الفنية أو الرياضية ؛ والذي غير خاف على أحد حاجة الناس الأسوياء للشعور بمذاق النجاح والنصر، وأنه ليس هناك من شك في أنه لا وجود لعاقل يبحث عن الفشل أو يريده، ولا يكافح لتفاديه، كل حسب تنشئته وتربيته وطريقته وقدرته على التخطيط والإعداد لتقوية ثقته بنفسه واحترامه لذاته، وتحفيزها على العمل المحقق ليس للفوز والانتصار فقط، بل والعمل على الوصول للتألق والتميز في عوالم الفوز والنجاح، الذي لا ينتظر إلا المبادرات الحميدة والنوايا السليمة للجادين الذين يؤمنون بقدراتهم، ولا يكتفون بشكر الله على تقديراته وعطاءاته فقط، ويحاسبون أنفسهم ويفتشون في خباياها عن الأسباب الذاتية التي أدت بهم إلى ذلك النجاح أو الفشل، خلافا لما كان سائدا في خضم الخريطة الرياضية وعلى رأسها كرة القدم المفتقرة للحب والعدالة والانسانية، المكتظة بالتشابه والعزلة والسآمة، المعطرة بالمؤامرات التي قصرت أمور تسيير شؤونها لزمن طويل على استصدار أحلام وطموحات كل الموهوبين الذين يودون بشوق للفرص المتكافئة التي تكون لهم فيها مواقف مؤثرة في تغير القوالب المعلبة للعبة، ويثبتون من خلال حضورهم الفاعل في حمأة الصراع المحموم الذي لا يتهم أصحابه إلا بمصالحهم الخاصة على حساب مصلحة كرة القدم الوطنية ومتطلباتها الضرورية كتوفير الإمكانات المتميزة ورصد المواهب ودعمها وتحفيزها، وشحذ همم أصحابها والدفع بهم نحو الإبداع والتفوق والرقي باللعبة، الأمر الذي تفنن في إدارته الناخب الوطني وليد الركراكي، بالشكل التميز الذي مكن الكرة المغربية، وفي ظرف وجيز، ليس من استعادة مكانتها المتميزة فقط، بل وجعلها تحتل المراتب العليا، والدرجات القصوى و الأخطر شأوا والأكبر شأنا، و تنال كل ما تستحقه من أوشحة الفخر وأوسمة التميز، تمكنت من بز أقرانها من الفرق العالمية العظيمة بمونديال قطر، وفوزها العظيم مؤخرا على البرازيل، الذي لم يكن صدفة ولا ضربة حظ، بقدر ما كان نتيجة لحكمة مدرب معلم مدفوع عشق بعمق كرة القدم، فتمكنت منه وتمكن منها حتى صارها بكل جوارحه، ونتيجة أفضل القرارات وأنجع الحلول، المبنية على التخطيط الجيد والفعل المضبوط المؤدي للفوز، الذي ليس حليف المتكاسلين المتواكلين، ولا يناله إلا أصحاب الرؤى المستقبلية السليمة، الذين تملؤهم الرغبة العارمة في اقتحام النجاحات، والغرف من مناهلها الصافية الذين يريدون فعلا أن يحضوا باحترام ومحبة وتقدير جميع عشاق كرة القدم الذين يقدسون انتماءهم إليها رغم اختلاف المواقف وتباينت الآراء.

***

حميد طولست

الجرائم البشعة المتكررة وبفظائع مروعة، يتم إغفالها كجرائم خطيرة ضد القيم والمعايير الإنسانية، فهي تحصد الأبرياء ولا تميز بين طفل أو كهل وتقتل بعشوائية مرعبة، ويركز الإعلام وأصحاب القرار والمسؤولية على الدافع، فالمهم الدافع وليس الجريمة.

وفي هذا خطورة فائقة، لأن الجرائم تفقد أهميتها ومعناها الإجرامي وفقا للدافع الذي يكمن وراءها، فمهما كانت الجريمة بشعة، تجد وسائل الإعلام والمحقيقين يبحثون عن الدافع، وعندما يجدون ما يبرر تسييس الجريمة، وتأجيج المشاعر ضد آخرين، وتحشيدهم لإرتكاب جرائم أبشع، فأن المسيرة الإجرامية تتواصل والفظائع تتراكم.

شخص يقتل العشرات من الأبرياء، وعندما ينكشف الدافع حسب التحليلات القاصرة بأنه فعل ذلك لأنه خسر الملايين في المقامرة يتم التقليل من حجم الجريمة، والذي يقتل العشرات في كنيسة ويتبين أنه قتلهم لأنه على خلاف مع أم زوجته، يتم النظر للجريمة بعين أخرى ويُدعى له بالغفران، أما عندما يكون الدافع له علاقة بشخص ينتمي إلى دين ما أو ينطق بعبارة ما، فالجريمة يتم تسييسها وتضخيمها وإشغال وسائل الإعلام بها لأيام، وتطلق الخطب والتصريحات لأنها تخدم وتؤكد أجندات سياسية وعدوانية محسوبة ومعدة مسبقا.

هذا الإقتراب جريمة بحق الإنسانية وتعزيز للجريمة وتسويغها، فالجرائم كبيرة والتبريرات خطيرة، وبسبب ذلك فأن الجرائم البشعة بحق الأبرياء تتواصل وتتعاظم بشدتها وعدد ضحاياها، وما ستتسبب به من تداعيات سلوكية وتفاعلات إجتماعية حاضنة للجريمة ومشجعة عليها، لأنها ستشيع مشاعر الخوف والرعب والترقب وفقدان الأمان، وبتنامي القلق يزداد السلوك الإنعكاسي الإرتعابي الذي يؤدي إلى ما لا يصدق من الجرائم الفتاكة.

وعليه فأن البشرية لا يمكنها أن تحاصر الجريمة وتقضي على ما تجلبه من دمارات وخرابات نفسية وفكرية، إذا بقيت مأسورة بنمطياتها البالية في الإقتراب منها، وإذا إستمرت بتسييس الجرائم، وعدم النظر إليها بعين العدل والتحقيق النزيه الذي يتعامل معها على أنها جريمة بعيدا عن الدافع، وما تمليه التحليلات المنحرفة والتصورات المقرفة، فالجريمة مهما كان نوعها ودوافعها وآلياتها، هي جريمة ويجب أن تُرى وتُحاصر وفقا لكونها جريمة، والمجرم يجب أن ينال جزاءه كمجرم وحسب.

إن الخلط ما بين الجريمة والدافع، تسبب بما يدور في عالمنا المعاصر من التزايد الخطير للجرائم الكبيرة، في مجتمعات تحسب أنها متقدمة، وذات قدرات تقنية وأمنية عالية، وفي الواقع أن علة فشلها في السيطرة المعقولة على السلوك الإجرامي، يتأتى من هذا الربط الخطير ما بين الدافع والجريمة، ومحاولة تبرير الجريمة وتسويغها بأسباب خارجة عن جوهرها السلوكي وطبيعتها النفسية، التي تساهم بإستقطاب القدرات الإجرامية المتوفرة في الواقع بتقنياته وتواصلاته الفتاكة.

فهل من إعادة نظر بأساليب الإقتراب من الجريمة، وإلا فأن المجتمع البشري قادم على جريمة عالمية شنعاء، كمحصلة لتفاعلات الجرائم الرعناء!!

***

د. صادق السامرائي

7\11\2017

أنا مواطن مغربي، أعتز بهويتي المتفردة والمشتركة. أنا مواطن أُمَارس كل حقوق المواطنة بدء من التصويت، إلى أداء ما علي من واجبات تجاه الدولة العلية. أنا مواطن مغربي، قد لا ترعاني دولة الرعية بالمسؤوليات الدستورية الكاملة، وبضمان حقوقي القانونية في عيش الكرامة، ولكني أخطو بثبات نحو حلم المستقبل. أنا مواطن مغربي، أعيش كفاف اليد وتدبير حيلة القفة، وبات الغلاء يَقْهرنِي يوما عن يوم، ويصنع من زواياه الحادة (الحكرة) المروعة إبرا. أنا مواطن مغربي، أستمع إلى وزير ناطق من أبناء متحور شعب السياسة (بايتاس) وهو يَلْحَنُ (الأسعار بدأت تأخذ منحى تنازليا، والحكومة ستستمر بالعمل بهذا النفس الجماعي إلى حين عودة الأسعار إلى مستواها الطبيعي)، إلى متى سيظل الشعب هكذا؟ إنها الانتظارية القاتلة بالهلاك الجماعي !!

أنا مواطن مغربي، ألتزم بحدود الصبر كقيمة من قيم هذا الوطن الفذ. ألتزم بالسر والعلن ألا دولة أَحَبُّ إلى قلبي غير المملكة المغربية. أنا مواطن، قد أصمت عن البغي والطغيان مرات عديدة، وأعيش في انتظار مداومة الإصلاحات بمقابل بقاء السلم الاجتماعي، والنموذج التنموي (الغالي التكلفة). أنا مواطن مغربي، من جذور أجدادي أرفض الاستقواء، والظلم على الضعفاء. أرفض سياسة الحيف، وتقسيم الشعب بين أغنياء قلاقل وجحافل من فقراء همِّ حياة محموم.

أنا مواطن مغربي، أرفض (شناقة) روح كرامة، وقتل العيش الرغيد المستديم. أكره كبار السياسيين الذين يربطون الغلاء بحرب الروس والأوكرانيين. أنا مواطن طيب متسامح، مطالبي لا تزيد طوباوية في سلم الحياة العليا. أنا مواطن، تعترف بي الدولة في دستورها المتكامل، تعترف بي الدولة ضمنيا في بياضات الدستور المتطور، وفي فراغاته المتلازمة بقوانين الحكامة. أنا مواطن، من طينة أجداد الفلاحين الصغار، لا من إقطاعيي الفساد والنهب وصناعة قوانين الريع (حلال)، وكابوس نهايات المغرب الأخضر التصديري.

أنا مواطن من مدينتي مكناس البئيسة التعيسة، والتي تُدارُ سياساتها في البيوت العامرة، وتبقى المؤسسات الدستورية تَخُصُّ فقط في صناعة (البلوكاج) ولَيِّ الأيدي. أنا مواطن طيع، أسير بجوار ارتفاعات الأسوار الإسماعيلية، لا أمارس الإساءة لأحد، ولا أبحث عن تجريح الدولة العلية.

أنا مواطن من دولة، تضمن الحقوق وتلتزم العدل والمساواة بين مواطنيها، وتُغَيب المساءلة والمحاسبة. أنا مواطن، لست من انتكاسة مغرب الجيل الأخضر، ولكني من جيل المحراث والقرية والقبيلة. أنا مواطن من الدرجة التي لا تُرَتَّبُ قيمة كمية في السجل الإجتماعي. أنا مواطن، تضيع كرامته بلا مناجاة، ويتم حرمانه من حقوقه الدستورية النوعية، وتجريحه بالغلاء، وقتل معيشته بالقفة السخية. أنا مواطن، أرفض اليأس والتيئيس، ومن جيل الكلمة والرصاص، أرفض أن تُغَيِّبَ الحكومة احترامها لي ولكم بالإفراد والجمع.  

أنا مواطن، أعيش انتعاشة المواطنة الفياضة بالأمل والحلم، والإخلاص لرموز الدولة، والوفاء للمقدسات. أنا مواطن، أحترم قوانين الدولة الكلية، فهل تحترم الدولة حقوقي في عيش الرفاه!! أنا مواطن أصدق نفسي و أسرتي ومجتمعي، ولا أمارس نفاق السياسيين الكبار في نهب رزق الشعب.

أنا مواطن، أرفض التعصب وأكره التمايز الاجتماعي، والاستكبار والاستئثار بخيرات الدولة العلية. أن مواطن، أبحث عن العدل والكرامة وأؤمن بحقوق شراكة الأرض والوطن والحياة وهواء المملكة. أنا مواطن، حين أكتب لا أتأبطُ المظلومية، ولن أكون ما حَيِيتُ ظالما لغيري. أنا مواطن، من مكناس المدينة، لن أقول: بأني صالح ولا طالح، ولكن قد أَصْدُقْ نخوة بأن رغيفي حلال طاهر آت من عرق جبيني.

***

محسن الأكرمين

طبيعي أن يخطأ المرء هنا أو هناك، لكنّ غير الطبيعي هو عدم الإستفادة من أخطائه. وما ينطبق على الفرد ينطبق على الأحزاب والمنظمّات بل وحتّى الشعوب، فأخطاء حزب أو منظمّة أو حتّى شعب ستستمر وتؤدي الى نتائج كارثيّة ما لم يستعيد ذلك الحزب أو تلك المنظمّة أو ذلك الشعب وعيه، ليس بنقد تلك الأخطاء فقط، بل العمل على تشخيصها وبحثه المستمر لتجاوزها في المراحل التالية من نشاطه ونضاله.

لقد كانت أنتفاضة تشرين/ أكتوبر العراقيّة حدثا كبيرا في تاريخ نضالات شعبنا، وعلى الرغم من عدم نجاحها في تغيير شكل اللوحة السياسية بالبلاد، الّا أنّها تبقى خزينا ثوريا علينا تطويره وتغذيته بمزيد من طاقات الجماهير المتضرّرة للإسراع بإنقاذ البلاد من شرور المحاصصة الطائفية القومية، التي تكرّس هيمنتها وتمسك بيد من فولاذ على مقاليد السلطة يوما بعد آخر بل ساعة بعد ساعة.

حينما كانت الإنتفاضة في عزّ عنفوانها، وحينما كانت الآمال معقودة على شابّات وشبّان رسموا خارطة وطنهم عاليا في السماء، وحينما كان "الطرف الثالث" يقتل ويغتال ويجرح ويطارد ويغتصب هؤلاء الشابّات والشبّان، ظهر إستنتاج سياسي لدى العديد من القوى السياسية والكثير من المتابعين لما كان يجري وقتها، على أنّ عراق ما قبل الأنتفاضة هو ليس كما عراق ما بعد الأنتفاضة، فهل تحققت تلك الأمنية!؟

أثناء الإنتفاضة وبعدها رُفعت العديد من الشعارات المركزية، منها تقديم قتلة المتظاهرين للعدالة، تغيير القوانين الأنتخابية لتكون عادلة، مكافحة الفساد، تحقيق العدالة الأجتماعية، نريد وطن وغيرها. فهل تحقّق شعار واحد من تلك الشعارات التي ذهب ضحيتها المئات بين شهيد وجريح ومعاق ومختطف، لنقول من أنّ عراق ما قبل الأنتفاضة هو ليس عراق ما بعد الأنتفاضة!؟

لم يتم لليوم تقديم القتلة وهم ميليشياويين على صلة بعواصم محليّة للقضاء، بل على العكس فقد تمّ تكريم القتلة. أمّا القوانين الأنتخابية التي طالب المنتفضون ومعهم أحزاب ديموقراطية ومنظمات مجتمع مدني بتعديلها لتكون أكثر عدلا، فقد ترجمته القوى التي قمعت الأنتفاضة بقوانين فُصّلت على مقاساتها ومقاس ميليشياتها لتكون لها الأغلبية المريحة جدا في البرلمان، كونها تمتلك الأغلبية أساسا بعد تبادل أدوارها لتكون أغلبية سياسية في برلمان يحتله فاسدون. أمّا محاربة الفساد، فقد ترجمته قوى القمع الى أستمراره ليلْتَهم خزينة البلاد، وما سرقة القرن الّا أحدى دلالات هذه القوى على أستهتارها بدماء شهداء تشرين وشعبنا بشكل عام، والعدالة ألاجتماعية عند أقطاب السلطة تعني توزيع الكعكة بين أحزابها وليس بين المواطنين الذين يعيش ثلثهم تحت مستوى خط الفقر وفق أحصاءات رسمية. ويبقى شعار نريد وطن، هو الشعار العصي على التنفيذ في ظل سلطات لا تعرف كتابة أسم وطن على سبورة في صف مدرسي بمدرسة خربة آيلة للسقوط.

أوضاع ما بعد الأنتفاضة أسوأ من أوضاع ما قبل الأنتفاضة، وهذه حقيقة يعرفها المنتفضون والشارع العراقي الذي يعيش أزمات مختلفة، وقولنا هذا ليس حالة من اليأس على الرغم من أنّ اليأس مبرر لتوفّر كل عناصره في الحياة العراقية على مختلف الصعد. أنّ ضرب وطرد نوّاب منتخبين من قبل ميليشيات السلطة وتحت قبّة البرلمان، كي لا يصوّتوا ضدّ قانون سانت ليغو المعدّل والذي سيعدّل في كل دورة أنتخابية ما يتيح لهيمنة قوى الفساد على السلطة، لا يعني أستهتار وقمع أحزاب السلطة وميليشياتها فقط، ولا ضعف قوى التغيير الديموقراطيّة فقط، ولا صمت جينين بلاسخارت التي يطلق عليها العراقيون تهكما كنية (أم فدك) ومؤسستها الأممية عن تجاوز السلطة على أبسط الحقوق الديموقراطية التي تعتقد المؤسسة الأممية من أنها قائمة بالعراق، بل تعني أستمرار حالة اليأس عند المواطنين وعزوفهم عن نضال عليهم خوضه من أجل تحقيق أهداف أنتفاضة تشرين. على القوى السياسية المؤمنة بالتغيير أن تتقدم هذه الجماهير اليائسة والباحثة عن حياة كريمة في وطن يتسّع للجميع، بأصطفافها ووحدة برامجها وتجاوز خلافاتها ومناكفاتها وأنانيتها. فالوقت ليس بصالح جماهير شعبنا وقوى الفساد ترسّخ مواقعها في السلطة. وهذه القوى أي الديموقراطية عليها دراسة الشارع العراقي دون عقد آمال أكبر حجما من أمكانياتها، فخسارة الأنتخابات هذه المرّة أو الحصول على نسب صغيرة غير مؤثرّة في أتّخاذ القرارات وتغيير ولو بسيط في شكل السلطة، سيرسّخان الأحباط واليأس من أي تغيير عند جماهير هذه الأحزاب وعموم جماهير شعبنا. ويبقى أمام هذه القوى هدف اكبر وهو، تنظيم الصفوف ووحدة الخطاب السياسي والعمل اليومي بين الجماهير، لحشدها وتهيئتها للمعركة الفاصلة، أي إنتفاضة اكثر قوّة وأتّساعا من انتفاضة تشرين، وفي الحقيقة فأنّ الأنتفاضة المنظمّة هي طريق خلاص شعبنا من الحكم الفاسد وليس الأنتخابات، التي وضعت قوانينها لتدوير نفس الطبقة السياسية لتكون مالكة القرار من جديد.

أثناء الثورة الفرنسية رفع أونوريه جابرييل ريكويتي المعروف بميرابو شعار "أشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسّيس"، وأثناء أنتفاضة تشرين ومن وحي هذا الشعار رفع أحد المنتفضين وتحت جدارية جواد سليم في ساحة التحرير لافتة تقول"نتمنى أن يُشنق آخر سياسي فاسد بعمامة آخر رجل دين فاسد". ولأننا نعمل كعراقيين لبناء نظام ديموقراطي حقيقي لا مكان للعنف ومصادرة الحريات فيه، فالقضاء هو الذي عليه محاكمة الفاسدين لا الجماهير المحبطة واليائسة والمتذمرة.

***

زكي رضا - الدنمارك

29/3/2023

عانى الشعب العراقي طيلة أربع عقود، من ظلم وسياسة اعتى ديكتاتورية شهدتها الإنسانية على مر العصور، فقد توزع ظلم الحزب الفاشي على جميع مكونات الشعب العراقي ، فلم يسلم من بطشه أحد، ومن يختلف معه كان مصيره الحديد والنار، وزنزات الانفراد وبأبشع أنواع التعذيب..

تميزت فترة الطاغية السابق، أنها كانت تنشر التخلف الفكري والديني والسياسي والاجتماعي، حتى عاش الشعب العراقي في داخل طوق مظلم، يسوده الظلام والقهر وقتل النفس المحترمة، وضياع الكرامات.

لقد عاش المواطن العراقي طيلة تلك العقود في عزلة فريدة من نوعها، لم يشهد لها مثيل في عالم البشرية، ومن جميع الجوانب، حتى أصبح العراق هوالسجن الأكبر لشعبه، وهم يقضون حياتهم بين السجون والمعتقلات، وبين إجبارهم على الذهاب إلى حروب صدام الطائشة، من حرب ضروس مع إيران امتدت لثمان سنوات، ذهب فيها أكثر من مليون ضحية من الجانبين.

بعد عام 2003 تنفس العراقيون الصعداء بزوال هذه الغمة، وانتهاء حكم الديكتاتورية، وشاء القدر أن يبدأ البلد مرحلة جديدة في حياته، مبنية على أساس حرية الفرد والمجتمع عموماً، وأن يعيش العراقيون في بلدهم مكرمين،لا يحكمهم الجهل والتخلف، ولكن ما زاد من ألام العراقيين على الرغم من آمالهم في الحياة الكريمة، الشر الذي كان يتربص به، ليكشر عن أنيابه في عام 2006،والتي كانت من أهم إفرازات ما بعد الاحتلال هي الحرب الطائفية، والتي كانت ساعة الصفر لبدء مرحلة جديدة للعراقيين، بمختلف مكوناتهم وطوائفهم وأثنياتهم، وما تلاها من حرب الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة، التي نالت ما نالت من حياة العراقيين أجمع.

الايجابي في مرحلة ما بعد 2003 أنها استطاعت ترسيخ الديمقراطية، في أنتخاب حكومات متعاقبة، وانتخاب دستور جديد دائمي،بعيداً عن الحكم الشمولي، الذي لم يرعى أي ضوابط لاحترام الإنسان في العراق.

على الرغم من تفشي الفساد في مؤسسات الدولة،إلا إن الجهود الحكومية الرامية إلى ملاحقة الفاسدين، باتت تظهر للعيان من خلال الإجراءات الحكومية المعلنة،وإيجاد حالة الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد،ولكن مع كل هذه الجهود ما زالت الظواهر السلبية، من فساد مجتمعي وسياسي واقتصادي، بدأت تتحول تدريجياً إلى ظاهرة طبيعية، لا يمكن ضربها أو محاربتها بأي صورة كانت..

المحاولات التي تقوم بها الحكومة لمحاربة الفساد ومطاردة الفاسدين، لايمكن أن يكتب لها النجاح ما لم تكن هناك إرادة سياسية لذلك،و على جميع الصعد والمستويات، وأن يكون للبرلمان التخويل الكامل، في إنهاء الحسابات الختامية لكل السنوات الماضية، ومن الضروري إن يكون للمؤسسات الرقابية، الدور الأهم في الكشف عن الملفات النائمة، التي تنتظر أن يظهر النور عليها، لكي تكشف للرأي العام،وإزالة الغطاء السياسي عنها، وأن ينهض الدولة وتكون تحت حماية الشعب العراقي بدل الخوف منها.

***

محمد حسن الساعدي

زيارة رئيس مجلس الوزراء الى تركيا كانت مثمرة وفي وقتها، لعدة اسباب منها: الحاجة الى تعزيز التعاون الثنائي مع دول الجوار اولا؛. التنسيق بشأن الملفات المشتركة الأمنية منها بالخصوص ثانيا؛. والاهم ثالثا؛ مناقشة موضوع المياه والأزمة التي يعانيها العراق بسبب نقص الإمدادات القادمة من تركيا باعتبارها منبع نهري دجلة والفرات والجهة الاكثر الأهمية في تعزيز الواقع المائي ومقاومة الجفاف والتصحر على مستوى الوسط والغرب والجنوب.

لكن هل ادت الزيارة الغاية الاساسية منها؟ وهل كان للعراق اوراق وملفات تغير من الواقع للافضل وتضغط على الجارة لاحترام مباديء حسن الجوار!!!.

للأسف الزيارة لم تناقش مجالات التجارة والأمن والمياه بشكل فني تخصصي ينصف العراق على المدى القريب والبعيد، وهي الملفات المهمة والخطيرة التي يمكن للمفاوض العراقي ان يناقشها مع الجانب التركي باعتبار الاخير المستفيد الاول على عدة مستويات، منها:

- التجارة: فالتبادل التجاري يميل لصالح تركيا وبأرقام كبيرة جداً قاربت العشرين مليار دولار عام ٢٠٢٢، وهذه ورقة كان يمكن الضغط بها لان العراق سوقا مهما للبضائع التركية للقرب الجغرافي اولا؛ ومستوى التبادل الكبير والمجدي للصانع التركي ثانيا.

- الأمن: تركيا تصول وتجول وتنشيء قواعد في شمال العراق دون رادع، وتقوم بعمليات عسكرية كبيرة دون تنسيق مع الجانب العراقي بما يخرق السيادة ويعرض حياة المواطنين العراقيين لخطر جسيم وحدث ان سقط ضحايا اكثر من مرة نتيجة هذه العمليات، وتلك ورقة اخرى للضغط لم تستعمل بشكل مناسب.

- المياه: تركيا تخالف اتفاقية الامم المتحدة للدول المتشاطئة لعام ١٩٩٧ التي تنص المادة السابعة منها على مبدأ مهم وهو " تجنب احداث ضرر ذي شأن لدى دولة جارة عند استخدام او تنفيذ مشاريع تتعلق بالموارد المائية المشتركة "، وهو ما تفعله تركيا تماما دون رادع أيضاً حتى قطعت المياه عن دجلة والفرات وما زالت تنشيء مزيدا من السدود والمشاريع المائية والاروائية على اراضيها بما يضر بالعراق وحياة المواطن واصبح يهدد الحرث والحيوان والنسل.

عندما بدأت تركيا انشاء السدود بما يسمى مشروع الكاب ودخل التنفيذ الكبير نهاية ثمانينيات القرن الماضي، كنا نسمع ان الغاية من المشروع استبدال برميل ماء ببرميل نفط، واليوم مصداق لذلك الكلام عندما يقرر الرئيس التركي على هامش الزيارة بفتح المياه الى نهر دجلة لمدة شهر واحد فقط في مقابل محاربة وطرد تنظيم " ألبي كا كا " من شمال العراق في تدخل يمس السيادة، رغم ان جريان المياه من دول المنبع حق مكفول للعراق دوليا على مدار العام... لكن على ما يبدو اصبح الماء سلعة مهمة للعراق ولمواطنيه مثلما النفط مهم للاقتصاد، لكن ثمنه غالي... أغلى من النفط وأشياء اخرى.

***

جواد العطار

ان يتعلم ويتابع كل شيء بنفسه!

لما كنا بالعراق، كنا نعرف الكثير عن تصليح السيارة، ثم نسيناها لما عشنا في أوروبا. لأننا ببساطة لم نعد نستعملها، فلم يعد هناك داع لها. عندما يصيب السيارة شيء، تأخذها إلى الميكانيكي وتدفع اجوره!

في العراق كانت سياراتنا كثيرة الاعطال وصعب ان تأخذها للفيتر لكل صغيرة وكبيرة فلازم تتعلم. وحتى عند اخذ السيارة إلى المصلح، يجب ان تقف "على راسه" وتفهم ما الذي يفعله، لأن كثير منهم يعيش على ان يغشك.

هنا الناس يغشون أيضا، لكن هناك "مؤسسات" توفر على المواطن الكثير جدا من المتابعة والحاجة للمعرفة. مؤسسات لها نسبة من الثقة (وليس كاملة) يستطيع المواطن بمساعدتها أن يثق ان الغش لا يتعدى غالبا، حدا معينا، وان يعتمد عليها في معظم الامور ويتفرغ لتعلم عمله وصرف الوقت عليه.

رغم ذلك كان في ذلك الوقت في العراق بعض المؤسسات. تقدر مثلا تثق بدرجة ما ان وزارة التخطيط "تخطط" الاقتصاد وغيره من أمور.. واذا صار احصاء سكاني، تقدر تعتمد على الرقم بدرجة دقة معقولة.. إذا أمسك بعميل "يروح جلده للدباغ" خاصة في الجيش.. الوزير عموما يريد يسوي اللي عليه ويخاف... كان عندنا أساتذة ممتازين في الجامعات والغش والرشاوي بالكليات والمدارس بشكل محدود جدا (عدا التسعينات بسبب الفقر الشديد). يعني كانت هناك مؤسسات ولو محدودة.

لما جاء الاحتلال، لم يكتف بإزالة تلك المؤسسات المحدودة، انما بنى مؤسسات مقلوبة، هدفها الأكيد هو تضييع المواطن وتدمير أساس حياته، وأسس سفارة من الاف الموظفين المتفرغين لهذه المهمة! وبنى مؤسسات اعلامية هدفها المحدد هو اصابة المواطن بالجنون، لتسيطر على 90% من الفضاء العراقي وصرف عليها مليارات الدولارات، واخترق 90% من المحطات الباقية.

وعندما نقول "الجنون" فليس هذا للمبالغة. فالتعريف العلمي للجنون هو: الانفصال عن الواقع! أليس من يعتقد أن ايران هي عدوه، "منفصل عن الواقع"؟ أليس من يصدق أن القوات الأمريكية هي قوات تدريب، "منفصل عن الواقع"؟ أليس من يعتبر المعركة طائفية، وأن وما يهدده هو الطوائف الأخرى ومن يسرقه هو الطوائف الأخرى.. اليس هذا "منفصل عن الواقع"؟ إذن الوصف ب "الجنون" وصف علمي وليس مبالغة، وقد صرف احتلال العراق من أجله ما لم يصرفه احتلال قبلا في تاريخ البشرية.

لست هنا بصدد القاء اللوم على أحد او إهانة أحد. إنما أكتب بنية توضيح الصعوبات المستحيلة التي يواجهها العراقي.

لقد لاحظت في البداية، أن الكاتب مطالب أن يفهم كل شيء تقريبا! أن نتعلم الاقتصاد وليس فقط الاقتصاد العام لنميز بين الاشتراكي والرأسمالي وافضليات كل منهما، انما ايضا ان تدخل في تفاصيل النظام الرأسمالي لتفهم تأثير رفع الفائدة وتأثيره على قيمة سندات الخزانة الامريكية مثلا وغيرها كثير. وكذلك ان تدرس ان امكن الاقتصاد الإسلامي ومدى واقعية فرصة الدعوة اليه. أن تدرس الديمقراطية وتاريخها ودروسها وان تفهم أنظمة الانتخابات وافضلية ومخاطر كل منها وكيف ترد على الهجوم على سانت ليغو مثلا.. ان تفهم في الإعلام واساليب الكذب فيه، وهو بحر كبير، بل ان تعرف التأثيرات النفسية في الإعلام والشعوب وكيف استخدمت في الماضي. وعليك ان تقرأ التاريخ. ليس تاريخ بلدك وتاريخ طوائفه لتفهم مشاعرها فقط، بل تاريخ اميركا ايضا، وكذلك تاريخ صراع الشعوب للتحرر من هيمنتها، فهي دروس في غاية الأهمية. عليك ايضا ان تعرف الكثير عن النفط وتفاصيل العقود وتميز بين عقود الخدمة والمشاركة وتأثير تغير سعر النفط عليها، وأن تتعلم كيف ترد على الهجمات المدروسة على عقود التراخيص وشيطنتها مثلا، لأنها كانت جيدة وغير مناسبة للشركات،.. أن تنتبه لكل فقرات القوانين المقرة في برلمان جله من الجهلة والمرشوين، وتكتشف الألغام التي تم حشرها بين السطور.. وغيرها كثير.

إنها قائمة تمتد وتمتد ولا نهاية لها. قائمة ليس فيها شيء واحد "غير ضروري" و يمكن تأجيله. ليس فيها ثغرة تستطيع ان تتركها دون ان تخشى أنها ستكون الجحر الذي ستلدغ منه! وبالطبع عليك ان تتابع ما يجري من أخبار، ومن قال ماذا؟ ما المصدر؟ ومن انقلب على مواقفه السابقة؟ وما هي العبارات المضللة في الأخبار؟... وعليك ان تقنع المواطن أن عليه ان يكون "الحاكم" في الديمقراطية، وعليه باعتباره الحاكم، ان يعرف كيف يميز ويقرر ويكون حازما وحاسما. عليك فوق هذا أن تبذل جهدا كبيرا لتقنع "المقاومة" أن الاحتلال خطر شديد وانه يجب عدم الوثوق به، وعلى العكس من كل البلدان في العالم، حيث تعتبر المقاومة ان هذه هي مهمتها وهي من يسعى لإقناع الناس بها! عليك في العراق أيضا ان تقنع "المقاومة" أن تترك الطائفية وتمنع الطائفيين من قنواتها، وتوجه نفسها نحو الاحتلال، وايضا على العكس من كل "مقاومات" العالم! عليك ان تقنعها ايضا أن "المقاوم" الذي يبني قصرا، هو خائن بالضرورة.. باختصار، عليك ان تقنعها ببديهيات كثيرة!

ولكن هذا ليس كل شيء! الشيء الأكبر من هذا كله، هو كيف توصل كل هذا إلى القارئ؟ إنها كمية هائلة من المعلومات الصعبة البعيدة المنال، وانت محاصر بإمكانياتك وبمحاربة الفيسبوك وغيره. وكيف للقارئ ان يتابعك؟ وكيف يقرر ان يثق بك انت بالذات ويشكك بعشرات يتكلمون بالضد مما تقول؟ وهنا تنتبه الى معاناة القارئ، المواطن نفسه!

هل لنا ان نطالب المواطن، الأقل تفرغا منا، والذي يعيش في ظروف اصعب بكثير، وقلق أشد بكثير، ان يتابع كل هذا؟ وفوق هذا ان نطالبه بأن يتخذ موقفا من كل شيء لأن لا مفر من ذلك في الديمقراطية؟ وأنه ان لم يقم بواجبه البيتي في هذا فلن يمكنه حتى ان ينتخب الشخص المناسب، دع عنك ان يتمكن من مراقبته!

هذا ونحن نتحدث عن مواطن مرهق ويائس، وفوق ذاك، حينما يحصل على أمل بشخص يجعله ينام قليلا، تعود لتطالبه بأن يسارع بالانقلاب على من يحبه ويتبعه لأن هذا تبين انه سافل أو عميل او متخاذل، وان يبحث عن غيره! أن تطالبه بمراجعة "العروة الوثقى" التي عاش حياته مطمئنا اليها، لتقنعه بأنها مخترقة ومحاصرة بمن يحيط بها! إننا نطالبه بالأمانة والصدق في مواجهة الحقائق الصعبة! لكن هذا يعني العيش في قلق، ويتطلب قوة نفسية ليست متوفرة للجميع. وكل هذا في جو تصرف فيه المليارات لبث السموم والمؤامرات وإثارة القلق والهلوسة الفكرية وقلب معاني الكلمات؟

إنه مثل من فقد كل المتخصصين في المهن، بل تم تحويلهم جميعا بخطة مدروسة، الى لصوص عمدا، فتوجب عليه ان اراد تدبير اموره ان يعرف كل شيء عن سيارته وتلفزيونه وثلاجته ويتعلم كل شيء ليعلم اولاده، ليس القراءة والكتابة والحساب فقط بل ايضا الهندسة واللغات والبرمجة واستعمال التلفون.. وكل شيء! الحياة تفرض عليه مطالب مجتمع حديث، والاحتلال نزع منه عمداً وأتلف أدوات المجتمع الحديث، وهي المؤسسات التي يفترض ان تحل التعقيد المتزايد من المتطلبات، فلا يجد أمامه سوى أدوات مجتمع بدائي، تلك التي يستطيع فيها الفرد الاعتماد على نفسه لتأمين حاجاته وحاجات اسرته.

لقد وضع في موقف يطلب منه المستحيل!

ما الحل إذن؟ بصراحة لا أعرف حلا اكيدا!

ليس هناك حل يضمن الوصول الى النتيجة المرجوة، وكل ما نستطيعه هو أن نحاول الصمود لعل ريحا مواتية تأتي، و "تجدنا مستعدون" لها. مستعدون لها بأن لا نسمح للخراب ان يكون شديدا، ان يبقى شيء من الوطن ليعيش إن جاء المطر، ان تبقى جمرة ارادة تحت الرماد، لعلها تشعل النار ثانية إن جاءتها نسمة.

وكيف ذلك؟ لا أعرف طريقا سوى أن علينا أن نكون اقوياء قدر الامكان. ان نقبل العيش في قلق من اجل الحقائق قدر الامكان. أن يكون الشك والبحث صديقنا الأوثق. أن نعتبر الإعلام سموما حتى يثبت العكس، وان القنوات اسست ودفع ثمنها ملايينا من أجل تضييعنا، وأن الإعلامي موظف يستلم راتبه لهذا الغرض وهو عدو حتى يثبت العكس، والسياسي مرتش او مبتز حتى يثبت العكس وأن نراجع مواقنا منهم باستمرار. ان نتذكر الأساسيات، أن نبقى بوعينا، أن نتصرف ونبذل الجهد حتى ونحن متعبون، ان نشارك الحقائق وننشر الوعي ان استطعنا. أن نكتشف كيف نحقق بعض الانتصارات هنا وهناك، وكيف نفلت من بعض الهزائم هنا وهناك، وان نفرح بذلك. أن نستمد بعض الشجاعة والاطمئنان والثقة من فلسطين ومن اليمن ومن مقاومة لبنان وربما من روسيا ومن كوبا وفنزويلا وكل شعب يحاول ان يستعيد انسانيته، حتى لا تقتلنا الوحشة في هذا العالم... وأخيرا وليس آخرا، ان نراقب الفرص!

إنها وصفة "صمود" وليست وصفة "نصر"، وأحيانا "الصمود يصنع النصر" إذا استطاع وقف الإنهيار أو إبطاءه وحفظ الوطن حتى تأتيه رياح مناسبة للنصر. إن وضعنا خطر، ولكي نتعامل مع هذا الخطر، علينا اولا ان ندركه، أن نخجل من التهرب منه. علينا ان نعطيه حقه، ان "نخاف" منه، وان نستمد من الخوف نفسه، العزم على الاستمرار والصمود، لعل القدر يتعب ويرخي قبضته.. ونفلت!

***

صائب خليل

الازمة الليبية من بدايتها، تم تدويلها من خلال الجامعة العربية التي احالت الملف الى الامم المتحدة وذراعها العسكري مجلس الامن الذي اصدر قراريه الشهيرين 1970،و1973 العديد من الدول العربية والأوروبية ساهمت وبفاعلية في الاحداث، من خلال دعمها للمنتفضين وما ان سقط النظام حتى باينت وجهات نظر الدول الداعمة بحسب مصالحها انقسم الداعمون الى فريقين كل له اتباعه على الارض.

حدث الصراع على السلطة في يوليو العام 2014 ما عرف بعملية فجر ليبيا بالغرب الليبي والتي استطاع الفريق الموالي لقطر وتركيا من بسط نفوذه على العاصمة وبالتالي التحكم في المؤسسات السيادية للدولة وبالخاص مؤسسة النفط الوطنية التي تقوم بتصدير النفط والبنك المركزي الذي تتجمع فيه الايرادات والتي تم صرفها وفق اهواء من هم في السلطة والانفاق على المليشيات بغرب البلاد وحدث هناك نوع من تبادل المصالح بينهما.

مع مرور الوقت وكما يقال في عالم السياسة بان لا عدو دائم ،استطاعت الامارات ان تحدث نوعا من التقارب بين الطرفين المتنازعين حيث تم تعيين رئيس جديد لمؤسسة النفط والافراج عن مرتبات العسكر بشرق البلاد.

ربما تشكيل اللجنة العسكرية المعروفة (5+5) المنوط بها ايجاد حل للمجموعات المسلحة وعدم اللجوء الى الصراع المسلح ساهم في ايجاد نوع من الاستقرار الامني رغم المناكفات السياسية بين المتخاصمين.

التقارب الذي حدث بين القاهرة وانقرة مؤخرا انعكس على الساحة الليبية، بحيث خفت حدة التصريحات الدبلوماسية والاعلامية بين الجانبين، والنتيجة بالتأكيد الظفر بعقود اعادة الاعمار التي تقدر بمليارات الدولارات.

دول جنوب اوروبا وبالأخص ايطاليا، يهمها اقامة دولة موحدة، تحد من سفر الافارقة اليها ،خاصة وان ليبيا وفي ظل الفوضى، اصبحت تعج بمئات الالاف من الافارقة الذين يبحثون عن عمل ويتخذون من ليبيا معبرا الى اوروبا.

امريكا من جانبها وفي ظل الحرب الاكرانية ترغب في ابعاد روسيا التي كانت على علاقة جيدة مع النظام السابق وقامت بتوريد معظم احتياجاته من السلاح، وعلى علاقة جيدة مع قائد الجيش في شرق البلاد، لتحجيم الدور الروسي في المنطقة .

بالأمس القريب حط فريق امني وعسكري من شرق البلاد في العاصمة طرابلس لاستكمال المحادثات مع نظرائه من غرب البلاد لإعادة الامن والاستقرار وتوحيد المؤسسة العسكرية والاجهزة الامنية لتكون حجر الاساس لتهيئة الظروف لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في حال التوافق على دستور مؤقت.

ايا تكن الاسباب (خارجية ام صحوة ضمير بعض المحليين) التي ادت الى تقارب اطراف النزاع، فان النتيجة ستكون تشكيل حكومة موحدة تشرف على الانتخابات ومن ثم انهاء اكثر من عقد من الفوضى التي لم تكن خلاقة، بل كانت كارثية على البلد من حيث اصبح ساحة صراع اقليمية ودولية، وجعلت المواطن يعاني شظف العيش رغم مليارات الدولارات التي اهدرتها السلطات القائمة، نتمنى ان تنجح المساعي لإحلال الامن واستتبابه وانتخاب رئيس من الشعب ليكون الحامي للدستور، وابعاد شبح الحرب التي ازهقت ارواح الشباب والمدنيين ودمرت الممتلكات العامة والخاصة.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

 

في المثقف اليوم