أقلام حرة

أقلام حرة

لا أعرف على وجه الدقة ما هو العمر السياسي للنائب ورئيس مجلس النواب الأسبق محمود المشهداني، ربما عشق السياسة منذ ريعان الشباب، أو أنه تعلق بها على كبر ! لكنه حتماً استطاع وبشطارة تُحسب له أن يحول سنوات السياسة إلى بنك متنقل يحصد من وراءه مئات الملايين سنوياً،

ورغم أن الرجل يعترف بأنه "لا يعرف ما هي الدولة"، لكنه مشكوراً يخرج علينا بين الحين والآخر ليبث همومه ومصاعبه في خدمة الوطن والتي تتطلب منه جهداً يأخذ من وقته الثمين الكثير.. السيد المشهداني كشف لنا عن سر خطير، فقد اتضح أن مشاكل العراق لا تتعلق بنقص الخدمات وارتفاع الدولار والسرقات التي لا تنتهي، والانتهازية السياسية، وإنما بأشخاص يريدون أن يسيئوا للعراق، فنجده يصرخ وهو يتهجد "عمي هذا العراق"، وحين يقول له مقدم البرنامج: ألا تعتقد أن هذا تكميم للأفواه؟ يجيب بحماسته المعهودة "لو بيدي أخيط الأفواه".

للأسف هناك من يعتقد أن الظهور الإعلامي، يكفي لكي يحول أي شخص إلى سياسي، وهذا ما وقع به الكثير من النواب الذين تصوروا أن الفشل في الحياة يمكن أن يفتح لهم أبواباً في مجالات أخرى ولتكن السياسية.. ولعل الذاكرة لا تزال تحتفظ بالعبارة الشهيرة لرئيس مجلس النواب السابق محمود المشهداني الذي خرج علينا ذات يوم منتقداً الدستور لأنه يضم مواد تحترم الحريات، فقال بالحرف الواحد "نحن عندنا تبويب للدستور، لأن هذه الفقرات تخرب المجتمع وتؤدي إلى نشوء جيل (دايح)" على حد تعبيره.

يردد المشهداني في كل حوار معه اننا دولة اسلامية ، وكأن الشعب العراقي كان يعيش عصور الجاهلية قبل ظهور محمود المشهداني ، والآن دعوني أتساءل هل من الاسلام أن أكثر من ربع العراقيين تحت خط الفقر؟ فيما يحصل الرجل " الزاهد " محمود المشهداي على راتب تقاعدي يصل إلى الأربعين مليون دينار في الوقت الذي تحرم الأرامل والأيتام من الفتات؟

للأسف ينسى البعض أن التصدي للسياسة يعني أن تكون قادراً على صنع موقف والدفاع عنه، يعني أن تؤمن بأنه قد تأتيك ثقة الناس في لحظة لكي تقوم بدور حقيقي.

ليس لديَّ موقف شخصي من الدكتور محمود المشهداني الذي اشتهر بتعليقاته الغريبة، وكان ابرزها حين قال بالحرف الواحد :" نحن لايهمنا من يصبح رئيساً للوزراء، .. اللي ما ينطينا ما لاتنا نزعل عليه، واللي ينطينا نرضى عليه، ومراح نفكر بأن هذا رئيس وزراء مهني لو مو مهني، يشتغل زين لو ما يشتغل زين، هاي مسألة ما تهمنا، المهم ينطينا المالات ".

السيد محمود المشهداني ببساطة الناس تعرف وتدرك انك ترفع شعارات عفا عليها الزمن.

***

علي حسين

 

 

نحاة: جمع نحوي :علماء النحو: علم يُعرف به أحوال أواخر الكلام إعرابا وبناءً، والنحوي: العالم بالنحو.

المناظرة المشهورة التي حصلت  بمجلس هارون الرشيد (170 - 193) هجرية، بين سيبويه والكسائي واختلفا فيها خلاصتها : أن بعض الأعراب تقول "قد كنت أظن أن العقرب أشد لسعا من الزنبور، فإذا هو هي"، ورأى ذلك سيبويه، فقال الكسائي: وقالوا...فإذا هو إياها" بالنصب، وإنحاز أكثر الحاضرين إلى الكسائي، فهزم سيبويه، وخرج مهموما مكمودا، فمات بعد أيام، في حضن أخيه.

هذه المناظرة تشير إلى عظيم الإهتمام الدقيق التفصيلي باللغة العربية، وقد حظيت لغتنا بهذا المقام دون غيرها، وبرز نحاتها الذين أرسوا دعائم مجدها الخالد.

وما أعظمهم وأكثرهم إبتداءً بأبو الأسود الدؤلي والفراهيدي وتلامذتهم الذين أصبحوا أفذاذا وأساطينا في علوم لغة الضاد.

ولا تزال العربية تلد علماء أصفياء يجيدون سبر أغوارها النحوية، ويقدمون للأجيال نفائس مفرداتها وتراكيبها وعباراتها البلاغية، ولا يمكن لفرد أن يلم بالعربية بمشاربها ومضاربها، ولا بد من عقول متخصصة متفاعلة تساهم في المحافظة على وضوح الطريق اللغوي للأجيال.

فالعربية ترسخت وتطورت وتفاعلت مع العصور بفضل أفذاذٍ نذروا أعمارهم للتبحر فيها، والغوص في أعماقها ليأتونا بجمان ما تحتويه من النفائس والخرائد البديعية.

ومن حقنا أن نفخر بلغتنا الثرية بمفرداتها ومطاوعتها وقدرتها على إستيعاب المستجدات، والتآلف مع اللغات الأخرى، وتستضيف مفردات من غيرها، كما فعلت وتواصلت على مدى القرون، ومنها إكتسبت العديد من اللغات مفردات وعبارات.

ترى هل أن الغيرة اللغوية لا تزال متوقدة في أذهان الأجيال؟

والجواب أن الأمة تصنع في أجيالها رموزا من النحاة المجاهدين لرفع لواء اللغة، وإدامة أنوارها المعرفية وتطويعها لكل زمان ومكان.

وتبقى رسالة العرب الأولى نشر لغة الضاد في أرجاء الدنيا، فهناك جوع معرفي إنساني لتعلم اللغة العربية!!

فهل سنلبي نداءات لغتنا؟

***

د. صادق السامرائي

 

 

كان أول لقاء لنا بالخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، على صفحات كتاب السنة الخامسة ابتدائي إذ لم تخني ذاكرتي، في نص أدبي حول تلك المرأة أم لصبيان جياع، وقد وضعت حجارة في القدر على أنه طعام حتى يناموا.. تلهيهم حتى يرقدوا.. فلما اقترب منها الخليفة دون أن تعرفه عبرت له عن سخطها من الخليفة فما كان منه الى أن أسرع واحضر لها الدقيق وطبخه لهم بنفسه.. ولم يغادرهم حتى أكلوا وشبعوا وترك الأطفال يضحكون بعد أن كانوا يبكون جوعاً...

هذا أول موقف من مواقفه العظيمة رضي الله عنه رسخت في وجداني وعقلي رغم ما قرأته فيما بعد من كتب السير عن عمر الفاروق، لأني أدركتُ في ذلك السن المبكر أن التدين ليس صلاة وصوم وإنما رحمة وإنسانية وتحمل للمسؤولية ...

وثاني لقاء به أيضا كان بسبب امرأة، وربما في أحد خطب الجمعة، ولا أتذكر الزمن، لكن الموضوع هو مكانة المرأة في الإسلام، إذ كيف يمكن لامرأة أن تقول لأمير المؤمنين لا ...لا .. ويعترف الخليفة الورع والعالم والمصاحب للرسول صلى الله عليه وسلم لسنوات، ويقولقولته المشهورة أصابت امرأة وأخطأ عمر.. والقضية كانت قضية تحديد للمهور رأفة بالشباب وتشجيعا للزواج...

وثالث لقاء، أيضا امرأة، وهو لقاء مؤثر، قرأته في أحد الكتب،، وهو من المواقف العظيمة يعكس قوة القرآن الكريم حينما يغزوا القلوب فيحولها من شأن إلى شأن أخر، بل ومعاكس تماما، وتلك المرأة لم تكن إلا أخته فاطمة لما تحدته وقالت له بأنها أسلمت هي وزجها وليفعل ما يشاء وإنها لا تخافه ...وأخذ منها الصحيفة التي كانت في يدها وقرأها ....

قرأها وتأثر وتحرك قلبه وقال ما أحسن هذا الكلام وأكرمه.

***

بقلم عبدالقادر رالة

 

يقدم آلاف الأشخاص على الإنتحار في الدول الأوروبية لسببين ضعف الإيمان والإدمان على المخدرات وشفافية المشاعر، لأن الإنسان خاضع لمشاعره ورغباته أكثر من أي شيء آخر، لذا تتزايد حالات الموت وجرائم القتل، أما هنا في المدة الأخيرة أصبحت تتزايد حالات التعنيف والإغتصاب و الإنتحار وصار الموت يقترب أكثر، لأن الأسباب تعددت مابين الفاقة والبطالة والخذلان العاطفي والمخدرات. والأهم من كل ذلك الإكتئاب الجاثوم الخطر الذي يسحبنا إلى قتل أنفسنا، لكوننا لم نعد نشعر بطعم الحياة ونفقد اللذة بكل شيء ولم يعد لنا رغبة بالإستمرار بسبب الحزن الشديد .

قبل أيام شاهدت في التلفاز شاباً من إحدى المحافظات الجنوبية رمى بنفسه من أعلى الجسر وكان متعاطياً للمخدرات، لأنه عاطل عن العمل وربما كان قراره ليس صحيحاً، لكنني شعرت بالأسى لهذا الوضع المساوي الذي يحيط بشبابنا ويقتلهم وتبادر لذهني أن هنالك من يُقتل بطلقة أو لغم أو مفخخة وهنالك من يُقتل بالحزن والمخدرات وكلاهما سُم قاتل، والأتعس أن هؤلاء الشباب يتعرضون للإنتقاد في حياتهم ومماتهم من الناس دون أن يفكر أحدهم في ظروفهم القاسية ومعاناتهم وآلامهم لاننا دأبنا على أن ننتقد دون أن ينتقدنا أحد، لذا أود القول أن العديد من حالات انتحار الشباب وتعاطيهم للمخدرات ليس عبثاً أو إنحلال بقدر ما هو ضعف وحزن .. إن المتعاطي أو المدمن ليس إلا انساناً تعيساً متهالكاً ومهموماً ومتعباً غارقاً في الحزن، يستعين بالمخدرات وتصبح ملجأه الوحيد للهروب مما هو فيه من التعاسة أو الكبت أوالندم أو الحرمان أو النقص أو عدم الثقة بالنفس أو عدم الإهتمام أو عدم الإرتباط أو العمل، و ربما نراه يأكل ويشرب وينام ويعيش، لكن هو في الحقيقة إنسان غير طبيعي لأنه يحمل بداخله ثقلاً كبيراً.

من الصعب أن نمنع الشبكات المستفيدة من ترويج وتجارة المخدرات لأن أبوابنا مفتوحة لها ومن الصعب أن نمنع الفساد لأنه في الأنفس قبل أن يكون في المؤسسات، لذا ليس لنا إلا الإيمان والنظر إلى النصف المملوء والأشياء التي نملكها ولو كانت قليلة ونحافظ على خيط رفيع من الأمل عسى أن نتنفس بلا حزن، فعندما تستبد فينا لحظات الحزن واليأس نغرق في الكآبة ونموت .

***

ابتهال العربي

 

ماهي الوسائل والسياسات التي يجب اتباعها لتحويل العراق كل العراق الى واحة خضراء اعتماداً على الفائض النفطي وقلة الحاجة العالمية للنفط؟

ماذا نفعل ان بدأ انخفاض تصدير النفط من عام 2025 وسيزداد الانخفاض حتى تبلغ حاجة العالم الى حوالي الثلث عام 2030؟ ماذا سنفعل بالثلثين؟ استطيع ان أقول وبكل ثقة اننا بما تبقى من الثلثين نستطيع ان نحول العراق الى واحة خضراء، نستطيع ان نحقق مشروع (العراق الأخضر) فيكتفي العراق من كل حاجاته للمنتجات الزراعية من حنطة وشعير ورز ومختلف الفواكه والخضروات فضلاً عن النخيل، ونحول الصحارى الى غابات ونعيد الاهوار الى سابق عهدها ونقضي على التصحر، فالأرض العراقية هي ارض رسوبية وهي خصبة من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب ولكن مشكلتنا هي المياه؛ ابتداء يجب احتساب النقص في المياه، والنقص يمكن ان يعوض من وحدات تحلية مياه البحر، والطاقة المستخدمة لوحدات التحلية يجب ان تكون غير ملوثة للبيئة واقتصادية وذلك اما عن طريق الطاقة الشمسية او من الهيدروجين الناتج من تصفية النفط في المصافي الخضراء، أي بمعنى آخر نستخدم ثلثي النفط لتحلية المياه من دون احداث أي تلوث للبيئة؛

مثل هذا الطرح يحتاج الى دراسات متعددة فضلاً عن كلفة (مشروع العراق الأخضر)، الدراسات يمكن ان تكون مجانية بشكل كامل اما مشروع العراق الأخضر فيمكننا ان نحصل على منح تغطي 50٪ من كلفة المشروع من خلال صندوق المناخ الأخضر

(Green Climate Fund) GCF

حيث تم تخصيص 100 مليار دولار سنوياً ضمن مؤتمر التغير المناخي / وهناك عتب على مجموعة من الدول ومن ضمنهم العراق بسبب قلة استخدامهم لهذه المنح، فللأسف العراق لم يستفد من هذا الصندوق خلال خمس سنوات غير حوالي 4 مليون دولار دفعت الى وزارة البيئة عن مشاريع بسيطة، اما دولة مثل مصر فقد حصلت على منح تجاوزت المليار ومئتي مليون دولار مع تبرعات أخرى دفعت لمصر تبلغ نصف مليار دولار في مؤتمر شرم الشيخ للتغير المناخي لهذا العام، الهند استفادت حوالي 4 مليار دولار وبنغلادش استفادت بحدود 2 مليار دولار !!!!!

للأسف بسبب الحكومات المتعاقبة التي يفتقر معظم وزراءها الى الكفاءة والنزاهة والمهنية بسبب المحاصصة فالبلد بعيد عن مثل هذه المشاريع والمؤتمرات بل متجه الى الانهيار.

ومن هذا المنبر ادعو فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد اللطيف رشيد لدعوة الأمم المتحدة لعقد مؤتمر التغير المناخي لعام 2024 في العراق مع تهيئة كافة الدراسات اللازمة لتحقيق اكبر فائدة في هذا المضمار للعراق.

***

محمد توفيق علاوي

 

 

تُخْتَزَلُ الثقافة بمكناس بنوع من أنشطة فئة المريدين والأتباع والمصفقين بالعادة. تُخْتَزَلُ في توقيع منشور أو كتاب أو قراءات شعرية. تُكَرِسُ الثقافة بمكناس منطوق التكريمات من النوع الورقي السميك، مَرَّة أَنْتَ من مكرمي منصة الخطابة، ومرة أُخرى يصبح المتلقي القديم خطيب المنصة، وبختم صور للتكريم.

هي ثقافة (أّمُولاَ نُوبَة) بمكناس. ثقافة تتحرك فقط بمعيار الائتلافات والفصائل، ولما لا حتى تكتل نيل حصص الدعم والمحاباة. ثقافة حبيسة بقاعة باردة من (ولي الله) بالقبة الخضراء، وتستنسخ البرنامج السنوي بتغيير التواريخ والألقاب والصفات والمهمات. في مكناس الفريد من نوعه بامتياز سؤال: من قتل الثقافة؟ حين الجواب تختلط الثقافة بالموسيقى وبالدقة العيساوية وبالرقص الحضري... تختلط بمعايير التنقيط والتصنيف والمصاحبة والولاء، ولما لا حتى التبضيع والاستغلال بتلميع الصورة. هي الثقافة (الوسائطية) وسنة بعد سنة ينال الإنهاك من ثقافة مدينة مُبْتكرة عن بعد، ويسأم الجميع من تلك الموائد الثقافية الرخوة.

الفراغات في الحقل الثقافي بالمدينة تزيد بياضا، وكانت سببا مِعْوليا في نسف البناء الثقافي النظيف، والذي كان يشهد له الجميع بالقيمة التفاعلية مع قضايا الوطن والمدينة والمجتمع. الفراغ الإبداعي أنشأ شبكة من متحكمي الفعل الثقافي باستنساخ الوجوه والأنشطة المتراكمة بلا أثر مندمج. الفراغ زكى علماء فقه الثقافة واللغة بالتفرد بالمدينة، وباتوا من منظري زمن عطايا الدعم (المنح)، وفي وجود المثقف النفعي.4897 مكناس

قد تكون أزمة مكناس تنموية في غياب المثقف الجذري والمفكر المبدع. هنا غير ما مرة نبهنا بالفضل لا بالتشديد في غياب رؤية واضحة لمديرية الثقافة بمكناس، حول الفعل الثقافي بالمدينة . فالمثقف (الطبقات الشعبية) ضربت عليه العنكبوت بنسجها، وبات يلازم ندوات تسويغ التدجين، وقد يفرح بتكريم ورقي، ويتناول الشاي وقوفا، ويوزع الابتسامات المطيعة، ويأخذ صور تحط مباشرة في المواقع الاجتماعية.

 المثقف بمكناس ولن أعمم القول، أصبح من مستهلكي الحفلات والمهرجانات ذات الفائدة الربحية، أو ينتج مهرجانا لتوظيف الفرصة الثانية. المثقف تخلى عن الوعي الرزين، وقد يبيت يمارس (الهذرة) في الندوات الرخوة التي لا أثر لها، أولا على الفعل الثقافي والثقافة، ولا على مستوى إنشاء الوعي الحضاري بالمدينة.

أقول ولن أسحب القول: مدينة مكناس مدينة الفراغات الثقافية، مدينة الفعل الثقافي الرخو، مدينة الأنشطة الموازية ونسميها حتما الفعل الثقافي. لن نكذب، فالمدينة لا تحمل مشروعا ثقافيا مهيكلا بمراحل ووقفات رمزية ، وبدراسة الجدوى. المدينة تخبط خبط عشواء في المنصات الثقافية، وتخطط للفعل الثقافي وفق العوائد النفعية منذ البدء. نعم، مكناس تنتج الثقافة اللاوعي، تنتج ثقافة الاحتفاليات والمواسم، وتغيب ثقافة القيم والعلم والوجود الإنساني التفاعلي مع المحيط والعالم، من تم لن أسمي مكناس حتما بمدينة الثقافة !!

حين نتكلم عن المثقف، لا نتكلم عن المبدع/المفكر الذي يمتلك التجديد لا الاجترار والدوران في حلقة مسدودة  داخل القبة الخضراء. فالمدينة تحتاج إلى بنيات تحتية توزع الفعل الثقافي التجديدي بالعدالة على مجموع الأحياء القصية. تحتاج إلى مجلس ثقافي (يخلو من المحاباة). مجلس يدرس الحاجيات الثقافية بالمدينة بالتنوع، ومن جهة الالتقائية مع رؤية الدولة في أدوار الفعل والفاعل الثقافي المكون للإنسان (المندمج مع قضايا الوطن والوسط الاجتماعي والتنمية). مدينة تحتاج إلى مبدعين لا لمستهلكي ثقافة الفرصة الثانية، ومُتصيدي الريع (حلال/ الدعم/المنح). مدينة تُنتج الفعل الثقافي النظيف، وتتخلص من مهرجانات (الفرصة الثانية). مدينة تنفتح على مواطنيها بالتأكيد الثقافي البنائي. مدينة تستنشق الثقافة الوجودية والكونية، لا الثقافة النفعية واستغلال الجفاف في الوجوه الثقافية.

***

محسن الأكرمين

 

 

الشبهة الثالثة هي نقل صورة مشوهة وغير دقيقة عن المسلمين في مكة المكرمة على أنهم مضطهدون معذبون. والمهاجرون مع رسول الله محمدا إلى المدينة المنورة أذلاء فقراء خُمص البطون لكن إذا تتبعنا الصحابة الكرام ففيهم الأسماء والشخصيات  الميسورة الحال والتجارية وذات النفوذ الاجتماعي والمالي منهم الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وأبو بكر الصديق وجعفر بن أبي طالب وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهم وأرضاهم حيث أعتمد عليهم النبي محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين في إدامة زخم دعوته الجديدة ماديا ومعنويا بعدما بعثهم بأموالهم إلى الحبشة للتجارة فيها ونشر دعوته خارج الجزيرة العربية وهذا ما اتضحت آثاره في المدينة المنورة بعد الهجرة الشريفة حتى واقعة خيبر .

فقد كان لرسول الله نظامه المالي المنظم وفق سياسة مدروسة يديرها بحنكة أدارية حكيمة واعية كنظام دولة إسلامية فتية بأسلوب مالي بديع تجبى له الموارد المالية من خلال ما يسمى بيت المال بمثابة وزارة المالية أو البنك الاقتصادي في نظامنا الحالي من مصادر عديدة شرعها الله تعالى له تارة أو بعقليته الإدارية وهي

(الزكاة – الخراج – الجزية – الغنائم – الفيء – الأوقاف – الخُمس) .

أما أمواله الشخصية العائدة له شخصيا والتي ورثها من أجداده ووالداه وزوجته فهي كالآتي

- ميراثه من والديه حيث ورث من أبيه الجارية أم أيمن رضي الله عنها وخمسة من الإبل ومولاه شقران وأبنه صالح

- ورث من أمه رضي الله عنها دارا في مكة المكرمة في شعب أبي طالب

-ورث من زوجته خديجة بنت خويلد عليها السلام دارا بمكة المكرمة بين الصفا والمروة وأموالا وفيرة من تجارتها قبل وبعد البعثة النبوية الشريفة

- خُمس الأنفال من غزواته ومواقعه الحربية في المدينة المنورة وسبعة ضياع وبساتين أكبرها بستان فدك ومزارع يهود خيبر وبني النظير.

وهذا يدلل على أن النبي الكريم لم يكن فقيرا حسب ما نقله لنا كتاب سيرته بل على العكس كان ذا مال وجاه ومكانة اجتماعية معروفة لدى أهل مكة وأنه امتداد لعائلة متنفذة ذات نفوذ سياسي واجتماعي ومالي من جده عبد المطلب وعمه أبو طالب سيدا قريش لم يتزعموا قومهم بدون مال وبنين وخصوصا في مجتمع عربي ذكوري قبلي سلطوي أما الحديث عن المسلمين الذين هاجروا معه ومن بعده فقد استفادوا من ظروفهم الجديدة وتحسنت أوضاعهم المعيشية ومكانتهم المجتمعية في المدينة المنورة حيث استطاع النبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه في إرجاع أموال الأنصار التي في ذمة المهاجرين حين أخاهم مع بعضهم وأصبحت لديهم الكثير من الأموال والأملاك ومن هذه الشخصيات على سبيل الحصر .

1- الزبير بن العوام: بلغت ثروته (40) ألف درهم إلى جانب الأراضي الزراعية والماشية والدور في الكوفة والبصرة والمدينة المنورة ومصر .

2- عثمان بن عفان رضي الله عنه: بلغت ثروته بعد مماته (150) ألف من الدراهم وأملاك في وادي القرى وحُنين .

3- عبد الرحمن بن عوف: ترك أموال على شكل سبائك من الذهب وأراضي شاسعة زراعية وترك (1000) من الإبل) و(3000) رأس غنم و(100)حصان

4- طلحة بن عبيد الله: ترك ثروة بقيمة (2,200) ألف من الدراهم و(600)ألف دينار ودورا في العراق .

5-علي بن أبي طالب عليه السلام: كانت لهم أراضي يزرعونها في المدينة وأموالا من ميراث جدهم وضيعات من الخُمس والفيء في المدينة المنورة .

6-سعد بن أبي وقاص: ترك ثروة قدرت ب(250)ألف درهم .

7-عبد الله بن مسعود: حوالي(90)ألف درهم .

8- خباب بن الأرت: ترك (40)ألف درهم .

حيث أن الفقر والزهد والفاقة ليس من سنن الله تعالى على عباده وهي نقص في الإنسان وهذا لا يليق بالأنبياء كذلك كما قال العزيز الحكيم في حث الناس على العمل والكسب المشروع الحلال والغنى الحلال من الدنيا كما قال الله تعالى (ولا تنسى نصيبك من الدنيا) و(قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده و الطيبات من الرزق.. ......) وخاطب نبيه (ووجدك عائلا فأغنى) وقال (وهو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) و(ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهم حسبه أن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا).

***

ضياء محسن الاسدي

 

بعد مرور أكثر من عاماً على اجتياح الولايات المتحدة الأمريكية للعراق، وإسقاط نظام صدام، والذي يُعد من أكثر الأنظمة الديكتاتورية فتكاً وهتكاً للحرمات وسفكاً لدماء شعبه، هناك إجماع على إن الحرب كانت خطأً فادحاً، وعلى الرغم من الإجماع والدعم الدولي، إلا إن عملية إسقاط النظام شابها الكثير من الأخطاء والمعوقات التي حالت دون بقاء النظام السياسي والدولة.

ما يعزز هذه القناعة هو حالة الفوضى التي سادت عملية إعادة بناء العملية السياسية في البلاد، وما شاب من عمليات الفساد الكبيرة التي رافقت عمليات الأعمار سواءً تلك التي كانت تحت رعاية الحاكم المدني"بول بريمر" أو التي كانت سبباً في بقاء عمليات الفساد المنظمة التي رافقت تشكيل الحكومات المتعاقبة، وما رافقها من قوانين واجتهادات لبريمر، والتي كانت من أهم أسباب بقاء عمليات السرقة المنظمة وهب المال العام من كبار الساسة الذين تربعوا على قيادة العراق، حتى وصل الحال إلى إن أغلب البنوك الإقليمية والدولية تعمل بالأموال العراقية المهربة إليها.

في عام 2003 قدّر البنك الدولي الناتج المحلي للعراق بحوالي 21.9 مليار دولار، في حين وصل الناتج المحلي في عام 2021 ما يقرب من 208 مليار دولار، وبذلك ارتفعت المقاييس للحياة في العراق وتنوعت، وعلى الرغم من الضربات التي وجهت للنظام السياسي بعد عام 2003، وما شابه من عمليات الفساد التي ضربت مؤسسات الدولة كافة، إلا إن هناك تحول ديمقراطي جيد وانتخابات تنافسية وليست كما يروج لها قبل عام 2003 والنتيجة تكون فيها محسومة.

الأمر الأكثر دهشة وعلى الرغم من قناعة واشنطن إن العراق أصبح تابعاً لطهران، ويعمل تحت رايتها وقراراتها، وخصوصاً بعد انسحاب القوت الأمريكية عام 2011 بأمر من الرئيس الأمريكي"باراك أوباما"، ولكن في نفس الوقت لم نرى أو نلمس هذا النفوذ في مراحل تشكيل أي حكومة، بل أن هناك دعماً ملموساً في أي حكومة تتشكل وموقفاً سياسياً رافضاً لأي أنقسامات في الداخل العراقي تتسبب في التدهور الأمني وعدم الاستقرار في الشارع الداخلي .

لقد أثبت السيد السوداني انه ليس يد إيران في العراق، وله موقفاً سياسياً وقرار مستقل من أي موقف إقليمي أو دولي، وينبغي للعراق أن يكون بلداً مستقلاً بعيداً من التدخلات التي تضر بمكوناته أكثر ما تقوي عنصر الثقة بينها، وعلى الرغم من ترشيحه من ق الإطار التنسيقي القريب من طهران، إلا انه يبدي حالة التوازن بين ما يخدم مصلحة العراق وشعبه ، وبين ما يكون سبباً في التهدئة في المنطقة عموماً من خلال رعاية العراق لطاولة الحوار بين الأطراف سواءً طهران ودول الخلي حاو طهران والولايات المتحدة .

حالة التوازن التي أعتمدها السيد السوداني في سياسته تجاه القضايا الخارجية أثمرت كثيراً في حالة الاستقرار السياسي في البلاد، على الرغم من ما ساد من فوضى قبيل تشكيل حكومته، إلا أنها تشكيل هذه الحكومة كان الأسرع منذ 2003 وخرجت هذه الحكومة بمخاض يسير جداً وبوقت قياسي، وان له موقفاً من بقاء القوات الأمريكية في البلاد، والذي ينبغي أن يكون للبرلمان الموقف الأساسي والرئيسي بعيداً عن أي ضغوط سياسية تمارس هنا أو هناك.

يبقى الخطر الأكبر والأبرز الذي يهدد الدولة العراقية هو الفساد المستشري الذي بدأ يضرب أركان الدولة المهمة ويصل إلى القيادات السياسية، والذي يعد احد الموروثات السلبية للتدخل الأمريكي في العراق، وساعد في تكوين طبقة من المليادريرية فيه، حيث تصل شهرياً ما بين مليار إلى ملياري دولار أموال من البنك الفيدرالي الأمريكي لدعمه في رواتب موظفيه، وتوفير رأس المال للمشاريع والاتفاقيات التجارية الخارجية، فتوفرت بيئة للفاسدين من سرقة المال والتلاعب به حتى وصل الحال إلى اختلاس مليارين ونصف المليار في صفقة وصفت بأنها الأقوى والأكثر فساداً في القرن الحالي.

يبقى شي مهم هي الخطوات التي تقوم بها حكومة السيد السوداني في أصلاح المنظومة السياسية والحكومية، وطرد الفاسدين، وإعادة الأموال المهربة إلى الخارج، وتقوية الاقتصاد، وغيرها من برنامج عمل تعهد به خلال فترة رئاسته للوزراء، ومدى قدرته على هذه التعهدات وسيبقى السؤال الأكثر جرأة في إمكانية حكومة السيد السوداني من الإطاحة بالرؤوس الكبيرة للفساد في وقت قياسي بعيداً عن الضغوط السياسية وأن الشعب العراقي ينتظر هذه الخطوات ليكمل طريقة وخلاصه معه.

***

محمد حسن الساعدي

وعاء الروح بدن ترابي الطباع هبائي المحتوى ناري المنطوى، لا يساوي شيئا في مسيرة الوجود، وكأنه عصف مأكول، مرهون بزمان معلوم، ولا يمكنه أن ينتصر على نوازع الإتلاف الكامنة فيه.

هذا الوعاء تتوطنه روح، والعلاقة بينهما ذات تفاعلات وتداعيات وتنافرات وتجاذبات وربما تنتقم الروح من البدن!!

بدن يتعفن يتآكل تدوسه سنابك الزمن وتسحقه، والأرض بدورانها تطحنه وتعيده إلى أصله الترابي الفاعل في الوجود.

الأرض تعيد تصنيع الأبدان، والأرواح طاقات خفاقة محلقة في الأكوان، تبحث عن مأوى بدني تمتطيه في رحلة إدراك سفلية!!

الأبدان واحدة والأرواح واحدة، لكن آليات التفاعل متنوعة وممهورة بمكنونات النفوس الفاعلة في التراب، فالنفس ترابية الطباع وتمثل كنه وإرادة التراب، ولهذا فنفوس الخلق تتوافق مع كينونات التراب، وما فيه من طاقات حياة وتجدد وإنطلاق.

تراب يتفاعل مع الماء فيلد ما لا يخطر على بال من الموجودات في زمن لا يعرف الثبات.

والروح تدور في دائرة مفرغة من التساؤلات والتطلعات، والتراب كينونة كنّازة لمهماز وجود، متأهب للظهور على أكتاف مصير مستدير.

هكذا تبدو العلاقة ما بين الحي والتراب، ولا قيمة لبدن بلا روح، ولا معنى لروح لا تباري نفسا، ولا بدن يكون من غير إرادة روحية ذات عزيمة تؤون!!

فقل روحي ولا تقل بدني، فالتراب سلطان الوجود!!

***

د. صادق السامرائي

دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في زيارته الى بغداد يوم الاربعاء المصادف ٢٠٢٣/٣/١  الى “كسر دائرة عدم الاستقرار ومواصلة العمل على طريق تحقيق الازدهار والحرية"، وقائلا: "نحن فخورون بما يمر به العراق من أمن واستقرار وهو عراق يختلف عما كان". وأضاف: "نحن نرحب بجهود العراق بالسماح بإعادة العراقيين المقيمين في الخارج لتحقيق الأمن والازدهار". ورحب غوتيريش بجهود رئيس الوزراء في محاربة الفساد وتحسين الخدمات العامة والتنويع الاقتصادي من أجل خفض البطالة وإيجاد فرص للشباب". ودعم “حقوق الإنسان في العراق” إنتهى.

إن مسألة العلاقة بين السياسة والمجتمع واضحة لدينا، فأننا نعتقد أن التوجهات السائدة في المجتمع واخلاقياتهُ هي إنعكاس لتوجهات وأخلاقيات أفراد السلطة الحاكمة، لذا “العراقيين” لا يمكن لهم أجراء أي تغييرات وإصلاح من داخل هذه العملية “السياسية” ويمكن الاختصار بدليل واحد هو حتمية نتائج الانتخابات وتزويرها المعلن ولا إرادة للمجتمع في تحديد الخيار النهائي للسلطة التنفيذية وهيمنة السلاح والمال السياسي عليها في وضح النهار.

عدة نقاط أطلقها أنطونيو غوتيريش لابد من توضيحها:

⁃ الأمان وعدم الإستقرار: إن هذا الأمان في العراق مشروط وليس مطلق، أي أنه يخضع لتفاهمات واختلافات افراد السلطة الحاكمة، فالاسلام السياسي الحاكم بشقيه الشيعي والسني والقومي "الكردي" مدجج بالسلاح وأي خلاف ما بينهم أو خلاف داخل الشق الواحد ينهار الأمان. لذا عن أي أعادة لعراقيين الخارج وعن أي أمان واستقرار تتحدث.

⁃ محاربة الفساد: الفساد الاداري والمالي في العراق مقنن ورسمي وهو منهاج “نظام” حاكم جاءت به امريكا وأسسه برايمر بدستوره وقوانينه ومنهجه وافراده الحاكمة وليس مسألة فردية شخصية هنا أو هناك، في حين كل رئيس وزراء يأتي يعلن عن “محاربة الفساد” اما يترك الأمر اعلاميا فقط أو يصفي بعض الخصوم السياسيين تحت يافطته المتهرئة.

⁃ تحسين الخدمات: إن مليارات الدولارات التي تُصرف على الخدمات يمكن بها بناء اليابان مرتين، وندعو أنطونيو غوتيريش الى جولات ميدانية في الأحياء السكنية ليرى الخدمات وتفاهات الرتوش التي تسميها الحكومة ومسؤوليها “انجازات”.

⁃ التنوع الاقتصادي والقضاء على البطالة: لا يخفى على أحد أن الايراد المالي الوحيد للعراق هو النفط لا غير. وان اعداد العاطلين عن العمل ما يقارب ١٢-١٣ مليون عاطل حسب احصائية وزارة التخطيط وليس هناك أي خطة للعملية السياسية لحل هذه المسألة.

⁃ حقوق الانسان في العراق: أن الاسلام السياسي الحاكم لا يعترف في الانسان داخل العراق وانما يستخدمه في الاعلام فقط هذا من جانب ومن جانب آخر: لا يوجد ادنى درجات الحقوق السياسية والاعلامية والمجتمعية للانسان في العراق.

نُذكر أنطونيو غوتيريش والأمم المتحدة بأنكم شركاء بما يحدث لنا من مأساة داخل العراق. حيث نذكركم بدعمكم للحصار الاقتصادي علينا وموت مليون طفل من الجوع، وسكوتكم عن جرائم صدام في الانفال وحلبجة والمقابر الجماعية والاعدامات والتعذيب داخل السجون، ودعمكم لاحتلال العراق في ٢٠٠٣ للمنافسة الدولية وتوازن القوى العالمي الرأسمالي وما جرى من طائفية وجريمة منظمة وفساد مالي واداري وتنظيم القاعدة وداعش والجماعات المسلحة وانعدام الحريات والخدمات.

لذا هذه الزيارة هي من اجل دعم العملية السياسية واستمرارها والتي تجني لكم الارباح وليس من اجل "العراقيين" الذين جعلتوهم على مر التاريخ فريسة تتاجرون بها.

***

حسام التميمي

الداخل هو المنظومة التي لليوم لم نستغلها جيدا وحتى لا نعرف كيف نُشَّغِلْ أجهزتها الكثيرة.. او المُشَّكِلة لها.. المعقدة منها والبسيطة.. يدير تلك المنظومة ويتحكم بها بدقة عالية ويشرف عليها جهاز كومبيوتر متطور جداً لا يضاهيه اي جهاز تم انتاجه.. صغير بحجمه ووزنه لكنه كبير بتقنيته التي لم تقترب منه كل اجهزة الكومبيوتر التي اُنتجتْ.. لأنه ببساطة متجدد.. و يديم نفسه بنفسه وهو من يصنع الطاقة اللازمة لتشغيله والمحافظة عليه وادامته ذاتياً.

و فيها ساعة اكثر دقه من بك بن ومن اي ساعة اُنتجت لليوم .. ساعة لم يشاهدها احد ولا يعرف عنها الكثير ولا تحتاج الى بطارية او جهاز شحن ميكانيكي.. تتحرك عقاربها دون ان يراها احد وتُنَبِهْ على الوقت دون صوت .. لا يستطيع احد ضبطها او تحريك عقاربها الا صاحبها

و فيها منظومة انارة متميزة.. بطاقة متجدده لا يظهر نورها للغير

وفيها واسطة نقل من احسن ما تم انتاجه.. يمكن السير بها بإضافات او بدونها.. بإطارات او واقيات متنوعة الاشكال والاحجام والمواد الداخلة في تصنيعها.. او بدونها.. هي من تنتج الوقود اللازم لحركتها ولا تلوث البيئة..

وفيها منظومة تكييف ممتازة ودقيقة.. لا تتعطل.. استعارها العالم في كل انتاجه من اجهزة التكييف الصغيرة والكبيرة .. تعتمد على نفسها في تأدية واجبها دون تدخل من احد خارج ذلك الكومبيوتر.

و فيها كاميرا دقيقة لا تخطيْ وتُنظم نفسها حسب شدة الضوء وفي كل الاوقات.. لا يستطيع احد استنساخ تصاويرها.. تنقل الحركات والالوان والابعاد والمسافات بدقه كبيرة ولا تحتاج الى تنظيم او تحديد زوايا .. وفيها مضخة سحب ودفع تعمل بانتظام ودقة لعشرات السنين دون ان تحتاج الى ادامة او صيانه او تبديل قطع غيار

فيها اجهزة استشعار عن بعد حسية وغير حسية.. تستطيع ان تُميز الصور والاصوات والروائح والابعاد والالوان

فيها اجهزة تنصت واستلام وتوزيع وخزن وتفسير وتحليل لكل الاشياء سواء كانت الوان او اصوات او روائح او ابعاد او وقت

فيها ثنائيات متماثلة حد التكامل لن تجد بينهما من فوارق لو قضيت عمرك تدقق بها.. كل تلك الاجهزة مُنتجة من مادة لا تصدأ ولا تتغير مكوناتها وهي تعمل لعدة عقود.. تقوم بكل تلك الواجبات وبتلك الدقة والحساسية وهي من الرقة والدقة والتنوع تفوق كل ما اُنتج من مواد.

تلك المنظومة تستخدمنا ونستخدمها او نستعملها او نشَّغلها دون طاقتها التصميمية او لا نستفيد من كل امكاناتها وهي متاحة وبيسر وسهولة ولا نعرف مقدار كفاءتها.. من شَّكلها وصممها وجَّمعها واطلقها وشغلها اول مرة لم يترك معها دليل بالاستخدام او مواصفات تلك الاجهزة او اي معلومات عنها.. تركها لصاحبها طالباً منه ان يدرسها قبل ان يدرس المحيط بها من غيرها.. و لليوم ومنذ مليارات السنين لم يتوصل احد لتحديد مواصفاتها ودقتها.. احد هذه الاجهزة بحجم حبة الفاصوليا.. حاول الانسان صناعة جهاز يؤدي نفس وظائفها فكان بحجم سيارة حمل كبيرة.. فيها مضخة تم انتاج شبيهتها لكنها تحتاج كل فترة لأمدادها بالوقود.

نتصرف مع هذا الداخل المنتج للضياء.. هذا الداخل الرقيق والدقيق والحساس كما يتصرف شخص مع هاتف نقال حديث لا يعرف منه سوى الاتصال الهاتفي

اعتقد نحتاج الى مراكز تدريب لنتعلم تشغيل تلك المنظومة من الأجهزة

ونحتاج من يضيف لما تقدم حول فعاليات تلك الاجهزة وتوافقها ونتائج تلك الفعاليات والتوافقات..

من يريد ان يضيف فليتفضل فالموضوع فيه من الممكن الكثير بهذا الاتجاه.

***

عبد الرضا حمد جاسم

 

كتب أحدهم: " للحظة ما خلال تلك الهزة ستتخيل أن القيامة قامت وليس هناك أي فرصة للنجاة، نعم، ساكنًا مكانك لا تستطيع فعل أي شيء سوى الخوف والدهشة، فتخيل من شدتها كيف انتقلت في ثوان معدودة من تركيا إلى بلاد الشام ومصر واستمرت زمنا لا يتجاوز الدقيقة حسبناه من شدته يوما كاملاً .. فكيف لو ضربت مثلُها الأرض واستمرت لدقائق لرأينا الأرض كلها ركاماً، فما أضعفك أيها الإنسان وما أصغرك ! في ثوانٍ معدودة يصبح كل شيء عمّرته خرابا ودماراً " .

من دون شك أن الزلازل حدث مخيف ومقلق ومهول يستدعينا إلى توقع الهلاك في أي لحظة والتفكير بأن الموت قريب وهذا ماتخبرنا وتعظنا به الآيات الربّانية لكن دون جدوى، إننا مهووسين وغافلين بالدنيا وغرورها الساحر، دون أن ندرك ماقد يصيبنا فجأة، ولو وقع ألف زلزال وتوفت عشرة آلاف نفس لن تخشع قلوب الفاسدين ولن تتحرك عقول الجاهلين ولن تحيا ضمائر السماسرة وتُجّار السياسة والدين .. هذا الزلزال لا يختلف عن الزلازل والصاعقات والعذابات التي وقعت قبل آلاف السنين من السماء إلى الأرض بسبب فساد وشح الأنفس والقلوب لكي تقول للبشر أن الإنسان مهما زادت عظمته فهو من تراب ومهما بلغت قوته فهو كائن ضعيف يرتكب السيئات أكثر من الحسنات ويتذكر السوء قبل الخير وينسى النعمة ويتذكر النقمة، ذهبت مئات الضحايا لكي نلتفت إلى العِبرة وننتبه إلى عيون الله التي تراقب كل شيء دون أن يغيب عنها شيء .

أغرب ماحدث هو خروج أطفال أحياء كانوا تحت أطنان من الصخور! خمسة أيام وأكثر تحت الأنقاض مايعادل مئة وأكثر من عشرين ساعة بلا طعام ولا شراب ولا هواء، لم يصابوا بكسر واحد! أليست هذه رسالة مغزاها العَظمة والقدرة؟ أليس في هذه الحادثة إرادة ومشيئة بالإحتفاظ في جسد وإفناء جسد آخر؟ ربما يتوفى الله نفساً لتعيش نفساً أخرى وتهتدي نفساً أخرى، ولاشك أن زلزال تركيا وسوريا رسالة فتحها الكثيرون وقرأوا سطورها وفهموا كلماتها ومغزاها لأن المقصود ليس الأموات بل الأحياء.

***

ابتهال العربي

الاحتلال الإسرائيلي يعجل من صنع عوامل فنائه بيده الملطخة بدماء الإبرياء الفلسطينيين؛ وذلك من خلال سيطرة اليمين المتطرف من المتدينين على الحكومة الإسرائيلية، ما أدّى إلى احتجاجات إسرائيلية ضمت كل التيارات اليسارية ضد نتنياهو وحكومته المتطرفة التي تحاول السيطرة على القضاء الإسرائيلي (الجائر بحق الفلسطينيين) الذي لم يعد مستقلاً كما ينبغي، فأخذت تتخبط في قراراتها حتى لا تحشر في الزاوية .

ناهيك عن ممارسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بكل أطيافها من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين والتي تبدّت أكثر في سياسة حكومة نتنياهو الراهنة القمعية وممارسة التطهير العرقي الممنهج ضد الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم وبناء المستعمرات في الضفة الغربية والانتهاكات التي تتعرض لها المقدسات في القدس المحتلة وخاصة المسجد الأقصى؛ الأمر الذي أجج مواقد المقاومة الفلسطينية الشعبية بمبادرات فردية، على نحو جماعة عرين الأسود في نابلس وجنين وذلك في سياق المقاومة الفلسطينية الجماهيرية الموحدة مع المقاومة الفصائلية المسلحة، التي بلغت ذروة قوتها في غزة حيث تمتلك الصواريخ الرادعة للاحتلال والتي يُصَنَّعُ معظمُها محلياً إلى جانب ما تحصل عليه من محور المقاومة، واستحواذها على قواعد الاشتباك ما أدّى إلى شعور الإسرائيليين برهاب المقاومة.

وتجدر اإشارة إلى أن المقاومة الفردية وضعت سلطات الاحتلال في مأزق أمني كبير.. كونها تثنَفَّذُ خارج سياق العمل المنظم الذي تنتهجه الفصائل الفلسطينية.

إذْ تنمو مثل هذه العمليات الفاعلة كفكرة في رأس المقاوم بفعل ما يتعرض له من انتهاكات لحقوقه المشروعة، ثم تتطور كخطة لا يطلع على تفاصيلها أحد وتكون محفوفة بالسرية، وصولاً إلى مرحلة التنفيذ والاشتباك مع العدو فتؤدي غرضها المعنوي من خلال المباغتة وموت الدليل مع المنفذ؛ الذي يرتقي شهيداً دون أن يترك اثراً لتنظيمات يسهل استهدافها بالرد عسكرياً وإعلامياً، سوى القيام بهدم منزل عائلة الشهيد وربما اعتقال المقربين منه.. وهذا لم يردع الشباب من إعادة الكرة من جديد في ثبات يدب الرعب في قلوب الصهاينة، وكأن على كل باب يقف مقاوم يتربص بمن يحتلون أرضه.

العملية الفلسطينية الأخيرة في نابلس خير مثال على نهج المقاومة الفردية. فقد هاجم فلسطيني مسلح مستوطنيْن في حوارة جنوب نابلس فأردياهما قتيلين.

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، الأحد الماضي، بأن القتيليْن أصيبا بعدد كبير من طلقات بندقية "أم – 16" وهو نوع من السلاح الذي يحصل عليه الفلسطينون من عملائهم في مخازن السلاح لدى جيش الاحتلال الإسرائيلي.. وهذا يشكل اختراقاً خطيراً له.

وقالت "القناة 12" إنّ سيارة منفذ العملية صدمت سيارة الإسرائيليين، قبل أن يترجل منها ويطلق النار عليهما ثم يلوذ بالفرار. ولم تشر القناة إلى ثبات المنفذ وثقته بنفسه وإيمانه بقضيته العادلة.

وجاءت العملية رداً على الجريمة النكراء التي اقترفها جيش الاحتلال الإسرائيلي-كدأبه- في نابلس بالتنسيق مع الشاباك واسفرت عن ارتقاء 12 شهيداً و"102 إصابة، بينها 6 إصابات خطيرة على الأقل" و"82 إصابة بالرصاص الحي" تتلقى جميعها العلاج في مستشفيات المدينة وفق بيانات وزارة الصحة الفلسطينية.

ووصف رئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة العملية التي وقعت في حوارة بـ "الصعبة". وهذا اعتراف بجدوى المقاومة الفردية وخطورتها.

وقال رئيس المجلس الإقليمي، يوسي دغان، من موقع الحادثة: "أطالب الحكومة بقلب الطاولة على السلطة الفلسطينية، وإعادة الوفد من الأردن الذي يشارك في مؤتمر العقبة، وشنّ عملية عسكرية".

قال ذلك دون أن يعلم داغان بأن ما يدعو إليه إنما يمثل إحدى مطالب المقاومة التي لا تؤمن إلا بالمقاومة المسلحة بعد موت المشروع السياسي "أوسلو".

من جهته قال الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حازم قاسم إن العملية هي رد فعل طبيعي على جرائم الاحتلال، مشدداً على أن المقاومة في الضفة ستبقى حاضرة ومتصاعدة، ولن تستطيع أي خطة أو قمة أن توقفها. بدورها، باركت حركة الجهاد الإسلامي العملية التي وصفتها بالبطولية، مؤكدة أنها جاءت وفاء لوعد المقاومة بالثأر لدماء قادة سرايا القدس محمد الجنيدي وحسام اسليم ورداً طبيعياً ومشروعاً على جرائم الاحتلال (برمتها منذ احتلال فلسطين عام ثمانية وأربعين).

من جانبها، أشادت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعملية إطلاق النار، مؤكدة أنها تشكل رداً حقيقيا على قمة العقبة التي جاءت لمحاولة إخماد انتفاضة الشعب الفلسطيني.

وبمقتل هذين المستوطنيْن يرتفع عدد الإسرائيليين من الجنود والمستوطنين الذين قتلوا في هجمات فلسطينية منذ مطلع العام إلى 13 قتيلاً، فيما وصل عدد الفلسطينيين الذين ارتقوا شهداء على يد قوات الاحتلال والمستوطنين خلال هذه المدة إلى 64 شهيداً.

وإمعاناً في الغطرسة واستعجالاً لعوامل زوال الكيان الإسرائيلي كما قلنا في المقدمة، فقد طالب كل من وزيرة الإسكان الإسرائيلي ورئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة الغربية المحتلة يوسي ديغان بتبني استراتيجية الهجوم بدلاً من الدفاع ضد الفلسطينيين.

ومقابل ذلك فإن واقع الاحتلال الذي يضطهد الفلسطينيين يسترعي من المقاومة استمرار مهاجمة كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي يمارس سياسة التطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني، بكافة الأسلحة حتى الصاروخية منها وإلا فما مبرر وجودها!

لنقتدي بالجزائر التي قدمت مليون شهيد لتحرير البلاد التي ضرب أهلها مثلاً في الكرامة والشرف. وتستمر المقاومة حتى النصر المبينز

***

بقلم: بكر السباتين

1 مارس 2023

الإدارة الناجحة غالبًا ما يتم إثرائها بالتعليم والتدريب والخبرة، وقد يسأل البعض هل الادارة علم ام فن ام مهنة، للحقيقة هي تجمع الاثنين معاً ولذلك نجد أن الصين تحارب بالإنتاج والإبداع، والإنتاج نشأ من تربية المجتمع على قيم العمل لا قيم الرفاهية، ونشأ الإنتاج أيضاً من الحاجة. ونشأ الإبداع من احترام والاهتمام بالتعليم. وعندما سئل «تيم كوم» رئيس شركة أبل «لماذا تصنعون هواتفكم الآيفون في الصين؟» قال «إن الاعتقاد أن اختيار الصين بسبب رخص الأسعار هو اعتقاد خاطئ، 'اذ لا يوجد أي مكان في العالم به عدد المبرمجين (حوالى مليونين) الذين يعملون في نظام IOS مثل الصين بالإضافة إلى عدد كبير من العمالة الماهرة في نقطة التقاء العمالة الفنية والمبرمجين وعلماء 'و يجب ألا يمتلك المدير القدرات اللازمة للقيادة في الإدارة الناجحة فقط، بل يجب أن يمتلك أيضًا مجموعة من المهارات الأساسية المكتسبة من خلال الوقت والخبرة والممارسة، وينطوي فن الإدارة على تصور رؤية لكل منظم تم إنشاؤه من أجزاء فوضوية والتواصل وتحقيق هذه الرؤية و، الادارة علم وفن لأنها تنظم المواهب البشرية وتستخدمها هي حجر الأساس لتقدم مختلف القطاعات وذلك لأنها تعين المجموعة على إنجاز أهدافها بالشكل الذي يحقق النتائج المرجوة ويضمن لها التقدم على غيرها، تعدّ مهارة إدارة الوقت من المهارات التي يجب إتقانها في الإدارة الناجحة، ولتتقن هذه المهارة يجبن الالتزام بجدولة المهام المراد إنجازها من قبل الفريق وتحديد الزمن المناسب لها، ووضع خطة يومية، والبدء بإنجاز المهام بحسب أولويتها، والأخذ بعين الاعتبار أهمية توفير وقت كافٍ لحل المشكلات التي يواجهها العاملين وتقديم التوجيه المهني لهم بما يساعدهم في النمو الوظيفي لهم، كما يمكنك التعاون مع الموظفين في وضع إستراتيجية مناسبة لإكمال أيّ مشروع ضمن الوقت المخصص له، وممّا يساهم في تنمية هذه المهارة لديك: تجنّب تعدد المهام سواءً لك أو لموظفيك، وعدم تأجيل أي مهمة مُجدولة أو المماطلة بأدائها.

ومن اول العلامات الوفاء للعمل وهو واحد من تلك الصفات التي بدونها سيكون العالم مكانا غير مستساغ إلى حد كبير، والمثابرة على الاستمرار في أن نكون أوفياء ومخلصين، هي تأكيد بأن لحياتنا معنى في النهاية، وهي الصفة التي تحدد ما يجب أن نفعله أو لا نفعله، ولأننا كائنات أخلاقية فإن الوفاء بآدميتنا وفي سبيل ذلك تتحمل الرئاسة الإدارية الكثير من المسؤوليات اذا ما كانت وفية لعملها والوفاء بمعانيه من حفظ للعهود والوعود، وأداء للأمانات، واعتراف بالجميل، وصيانة للمودة والمحبة، هو الإخلاص أو الولاء، ومعناه الأصلي هو الواجب المتصل بالولاء والإخلاص، وفي أسواق المال في مدينة لندن تم استخدامها تقليديا بالمعنى المشمول في الشعار ” كلمتي هي ميثاقنا “، فالوفاء بالكلمة ووعود المرء، وعهده إلى الله أمرا في غاية الأهمية، وهذا يجب أن يكون واضحا، لأننا نعيش في زمن الخيانة الجماعية، والذي يتم فيه نقض العقود، فلا يتم ممارسة الخيانة الزوجية في الزواج فحسب، بل في مختلف العلاقات الأخرى بين الناس، ولهذا نجد أن الطلاق يزداد يوما بعد يوم، فلقد تخلى العديد من الرجال والنساء المتدينين عن التزامهم الدائم ووفائهم .

هناك العديد من الخطوات التي تسير ورائها االقيادة الناجحة لتحقيق أهداف المشاريع ومن اهمها، استغلال الوقت بشكل صحيح، وذلك بالإعتراف بأهمية الوقت وضرورة المحافظة عليه فلا يمكن ألأي مجموعة عمل ان تنجح دون أن تكون مدركة جيداً لأهمية الوقت وتعرف جيداً كيف تستغله في انجاز أهداف المؤسسة، واي مجموعة في اي مؤسسات اذا عرفت كيف يمكن إنجاز الوظائف والمهام قبل الوقت المحدد تنجح في الادارة، وهذا يعتبر أحد أهم أسرار تقدمها على غيرها، يجب الإبتعاد عن التعسف في تنفيذ قواعد، وقوانين المشروع كما يحدث في بعض المؤسسات لأن الأسلوب التعسفي والتقييد باللوائح البيروقراطية يقضي على روح الإبداع والإبتكار، ولكن من الأفضل ان تعد القوانين وتتغير بين حين وآخر لتواكب التطور والتقدم بجانب ذلك من الضروري فتح باب الحوار البناء مع العاملين بالمؤسسة، تقبل الفشل دون تعقيد لان المؤسسات التي نجحت في التقدم على غيرها عانت في الفشل في بداية الطريق، ولكنها عرفت كيف تحول فشلها إلى نجاح وذلك بفضل المدراء الذين وقفوا لدعمها، وإدارة الأزمات والمواقف الصعبة التي تعرضت لها المؤسسة أو المنشأة بشكل صحيح، والمسؤول الاول عليه أن يجعل كل فرد يعمل بالتخصص في المجال المناسب لمؤهلاته، ومهاراته ويمكن أن يقوم المدراء بتشكيل فرق عمل، ويخصص لكل فريق مهام محدد، ويحفز كل فريق على انجاز ما هو مطلوب في الوقت المحدد له ولا مانع من مكأفأة الفريق الموهوب

***

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

 

في طريقي إلى لبنان جلست بقرب شخص عائد وعائلته لزيارة الاهل وحتى يلتقي أطفاله باجدادهم وهو ما يقوم به كل المهجرين المعروفين " بالمغتربين.

العائلة عائلة عاملة ويتعب الزوج والزوجة كما أخبرتني ليل ونهار حتى كون نفسه في المغترب، وكما معظم الذين كتب عليهم التهجير يلعن الساعة ومن أوصل لبنان الى ما وصل أليه من فوضى وفقر وتشرد واستضعاف وظلم وتهجير ...وكما نقول بالدارج من "تعثير" التعبير الذي يختصر ضروب وصنوف المعاناة…

هبطت الطائرة في مطار بيروت فإذا بصاحبنا يفتح جهاز التلفون ويستبق مكالمته بقوله بدنا نتصل بالشخص الذي اعطونا أسمه حتى يسهل خروجنا، ولكن ما لفتني تعليق الزوجة وبمرارة وصراحة فعلاً "رجع لأصله واردفت هيك اللبناني ما بيتغير".

رغم "الواسطة" خرجنا سوياً وخرجنا لأخذ الحقائب وبقي الشخص الوسيط بجانب المغترب ونصحه بنقد عامل المطار بعض المال " اعطيه شي" حتى ينقل لك الحقائب فنقده المسكين مبلغ كبير جداً حتى ان الوسيط امتعض قائلاً: "ليك بعدو مادد إيدو"

وكان المغترب الذي يعاني الأمرين و"يحترق سلافه" بعمله ينوي زيادة المبلغ لولا كلمة الوسيط نفسه، والذي وأمثاله يخالفون القانون لاسباب تافهة، وهنا مربط الفرس لو ان هناك نظام لا يوجد فيه ابن ست وابن جارية حتى لانهاء معاملة الخروج من المطار او غيرها من المعاملات التي تتم بطرق ملتوية او ما يسميه اللبناني الحربوق " الخط العسكري".

وبانتظار استلام الحقائب دار حديث لبعض الوقت بين " المغترب " والوسيط الذي كان يتبجح بكلامه عن شطارة اللبناني وكأنه اول من انزل اول مركبة فضائية على سطح القمر اي والله اللبناني "حربوق".

في هذه الاثناء أحسست ان ضغط الدم عندي ارتفع الى درجة قياسية كادت ان تفقدني صوابي، ولكني كظمت على غيظي وتمالكت اعصابي، وبدأت أحدث نفسي اللبناني حربوق "بشو يا ربنا".

رئيس ما في، حكومة يبعث الله، مجلس نيابي نوابه في واد والشعب في واد، قضاء قضي عليه تحت قوس المحكمة وادارات إن فتحت أبوابها لا تعمل الا بالفساد والرشوة.

اما الخدمات ما شاء الله كهرباء 24 على 24، الدولار عاقد قرانه بالسر وبالعلن على أكثر من 10 أسعار ويضرب عرض الحائط شرف الليرة وحسبها ونسبها، أما المصارف فإنها تصرف وتتصرف بكل شيء كأنه ملك أصحابها الشخصي ومبدأها أجلكم الله" من بعد حماري ما ينبت حشيش".

وحدث ولا حرج عن وضع الطرقات المفتوحة على جهنم هذا إذا وجد البنزين والذي تحدد أسعاره حسب رغبات ألمستوردين وأصحاب المحطات ، أسعار المواد الغذائية تحلق فوق أسعار الدولار حتى الفاسدة منها والتي تؤمن لك بطاقة دخول مجانية الى المستشفى وهناك الطامة الكبرى حيث يجب الدخول إلى الصندوق اولاً وإلا الله يرحمك وإذا احتجت إلى دواء فهذه معاناة إضافية هل هو موجود ام غير موجود وقس على ذلك ولا نريد التحدث عن الوضع النفسي والاجتماعي للبناني الحربوق.

اذا كان وضع البلد بهذا القرف كيفما نظرت ولا يسر "العدوين" وما زلنا نصدق أنفسنا أننا حرابيق فقلت عندها على لبنان ألسلام أكثر وأكثر لان هذه الذهنية لا تبني اوطان.

***

عباس علي مراد

بالأمس القريب ذكرى انشاء اول وحدة بين قطرين عربيين (مصر وسوريا) في العصر الحديث كان يعول عليها ان تكون نواة لوحدة الامة، استمرت 3 سنوات ما لبث ان وئدت في المهد بسبب اعداء الامة والعملاء من ابنائها، كانت هناك العديد من المحاولات لكنها باءت جميعها بالفشل، لن يترك العرب وشانهم، فإن توحدوا سيقودون العالم نحو التقدم ويعم الرخاء، يشهد لهم التاريخ بذلك.

ضرب زلزال مدمر شرق المتوسط فأودى بحياة الالاف ونزوح اكثر من مليوني موطن من كل من تركيا وسوريا اضافة الى هدم المباني والبنى التحتية بالمنطقة، المساعدات الانسانية تتواصل من كافة دول العالم.

حكامنا العرب المغاوير جرت في عروقهم النخوة فهبوا لمساعدة إخوانهم السوريين المنكوبين ولكن على استحياء، ليلا يغضب ذلك العم سام، ما يعد انتهاكا لقانون قيصر ضد الشعب السوري بعدم التعامل مع الشعب السوري الى ان يرحل رئيسه.

تقول المصادر بان بعض الحكام العرب كانوا يتواصلون سرا مع النظام بعد ان ادركوا استحالة سقوطه رغم الكم الهائل من الاسلحة المختلفة والمرتزقة من مختلف بقاع الارض،والسؤال لماذا يهرع الحكام العرب الى تقديم المساعدات الغذائية لضحايا زلزال رباني محدود الضرر؟ ا لم يساهموا في احداث زلازل شديدة تحت اقدام الشعب السوري على مدى 12 عاما ادت الى مقتل مئات الالاف وتشريد الملايين وهدم المعالم التاريخية؟ أ لم يطردوا النظام السوري من الجامعة العربية وجعل مكانها شاغرا؟ أ لم يقوموا بتحويل الملف السوري الى الامم المتحدة ومجلس الامن لطرده من المنظمة الاممية وسحب عضويته ومنحها للـ(معارضة) التي اثبتت مع مرور الوقت انها مجرد كيانات تنفذ الاجندات الخارجية لإضعاف الدولة وتمزيقها وتشريد شعبها؟.

من يصدق ان هؤلاء وجدوا في الكارثة الطبيعية مدخلا يريدون من خلاله الخير للشعب السوري (دبلوماسية الزلزال)؟ هل رجع اليهم رشدهم؟ هل يمتلكون الشجاعة الكافية التي تجعلهم يكفرون عن الجرائم التي ارتكبوها في حق الشعب السوري؟ هل يملكون الجرأة على قول الحقيقة في وجه من اوكلوا اليهم مهمة تنفيذ مخطط افراغ سوريا من شعبها؟.

هل تمد مصر التي كنا نراهن على دورها القيادي يد العون والمساعدة لسوريا؟ ومحاولة ارجاعها الى حضن الجامعة العربية التي اصابها الترهل بسبب سيطرة اصحاب المال على القرار السياسي للجامعة فأصبحت وكرا للعمالة وسوسا ينخر جسد الامة.

هل يتحرر الحكام العرب من التبعية للغرب ويسعون جاهدين بأموالهم المكدسة في بنوك الغرب (المعرضة للتجميد في أي لحظة) لإعادة اعمار سوريا؟ والتعويض عما لحقها من دمار؟. 

 العالم اصبح يتشكل من جديد في ظل الهيمنة الامريكية الغربية على مقدرات الشعوب، نتائج الحرب في اكرانيا ستفضي الى عالم متنوع الاقطاب ويكفي ان الشعوب الافريقية لم تجاري الغرب بل اعلنت حيادها في الخرب الاطلسية الروسية، بل تدعوا الى الاعتماد على جيوشها الوطنية في محاربة الارهابيين وفك الارتباط مع المستعمرين وبالأخص فرنسا التي انحصر دورها في وجه المد الروسي الصيني بالقارة السمراء التي تحررت من مستعمريها بفعل المساعدات السوفييتية. هل العرب اقل شانا من الافارقة؟ ذلك ما يثبته المستقبل القريب . 

***

ميلاد عمر المزوغي

 

الظلم سلوك متعلم بالتكرار عبر الأجيال، وواقعنا الإجتماعي ظالم في طبعه وجوهره، ولكي نقضي على الظلم لا بد من العودة إلى النفس والسلوك الذاتي، وإعادة ترتيب مفردات وعناصر الخير فينا، بدلا من تعزيز منطلقات الظلم.

فالظلم سلوك قائم وفاعل بحياتنا في البيت والمدرسة والمجتمع والدولة بدوائرها المتنوعة، أما إذا إقتربت من الكراسي فالظَلمة  يتربعون عليها ويديمون الظلم وإنتشار المظالم، لأنها تخدمهم وتعزز مكانتهم وسلطتهم.

فالظلم يدوم في الكرسي إلى حين، حتى يتولى الأمر مَن هو أشد ظلما، فمتوالية الظلم هندسية المواصفات شديدة التأثيرات.

ووفقا لمفرداتها مجتمعاتنا تستبدل ظالما بظالم، وتأتي بمَن يديم المظالم ويرعاها، ولهذا لن يحصل تغيير واضح، ولن تأتي الثورات بأنواعها بما هو نافع ومفيد للمواطنين، فالمجتمع يرتع في مستنقعات الظلم والظالم سيد مطاع، والمظلوم يستلطف الظلم، وينحني أمام الظالم وفيه مشاعر عدوانية تجاهه، وتجده يعبّر عنها بالنيل مما يمت بصلة للدولة أو ما نسميه بالممتلكات العامة.

فالظالم حر في التعبير عن ظلمه للآخرين، ليؤكد قوته وسلطته، وبأنه الحاكم المطاع والدستور والقانون، والمظلوم خانع مكسور إذا طالب بحقه إفترسه الظالم، وألقى به في غياهب السجون وأقبية التعذيب المجهولة، ليتولى أمره مظلوم يفرغ  مظالمه فيه.

فواقعنا مظلم والظالم يتحرك بحرية فيه، ويحسب سلوكه الحق والإنصاف، لأنه يتوافق والوسط الذي يتحقق فيه، ولا يشير إلى حالة متعارضة معه، وبهذا يكون العدل غريبا، وإحترام الدستور والقانون ضعفا، والشعور بالمسؤولية كذبا، فالسائد ظالم يقسو ويفتك، ومظلوم يصرخ والمظلومون من حوله يتفرجون، ويلومنه لأنه مزق رداء ظلمه وطالب ببعض حقه.

وفي هذا الواقع السلوكي لا يمكن لثورة أن تتحقق لأن المجتمع لا يمكنه أن يكون معها، فالخروح من قوقعة المظلومية تحتاج إلى شجاعة وقوة ومجابهة وتضحيات كبيرة.

وبهذا تجد خسائر الثورات الجماهيرية كبيرة وإنجازاتها قليلة، وتعطي من الضحايا ما لا يوازي ما تحققه، بل معظمها تنتهي إلى الخيبة والإنكسار، لأن الظالم يؤجج في نفوس المظلومين نزعة الظلم فيطلقونها بوجه المظلومين الثائرين ضد الظلم.

وهكذا تمضي المجتمعات في دائرة مفرغة بين الظالم والمظلوم!!

***

د. صادق السامرائي

23\12\2020

 

منذ أن ارتقى قطاع الحالة المدنية بعمالة سيدي سليمان إلى مصلحة إقليمية رسمية في هيكلها التنظيمي، والجهود تتراكم بحكمة وتبصر إلى أن تم الإعلان الرسمي من طرف وزارة الداخلية لتعميم التدبير الرقمي على كافة رسوم السجلات الممسوكة من طرف مختلف المكاتب الجماعية الأصلية والفرعية. لقد تمكنت هذه العمالة أن تكون من ضمن الأقاليم الثلاث الأولى التي شملها هذا التعميم: سيدي سليملن، الرباط وسلا.

من أجل الوصول إلى هذه المرتبة المشرفة التي لا يمكن أن ينكرها إلا جاحد، وبدعم من أغلب العاملين في هذا القطاع الحيوي إقليميا تحت إشراف الضباط الأصليين، لم يدخر الطاقم القيادي للمشروع بالعمالة جهدا في كل المجالات الحيوية وعلى رأسها التكوين وتخليق أنشطة المكاتب والرفع من شفافية خدماتها واستباق الخطوات لتيسير تنفيذ المخطط الاستراتيجي للدولة في هذا المجال والذي سيتوج قريبا بتحويل قاعدة معطيات الحالة المدنية الهوياتية إلى مرجع أساسي لإخراج السجل الاجتماعي الوطني إلى الوجود.

على مستوى التكوين، خضع العاملون في القطاع لأكثر من 20 تكوينا في مجالات الحالة المدنية ومقومات المهنة، والتحرير الإداري، ومدونة الأسرة والجنسية، وقانون المسطرة المدنية، والمعلوميات، وأنماط التدبير العصرية (التواصل، التفاوض، الاستقبال، تدبير الموارد البشرية، تدبير النزاعات، .....). كما قامت بجولات ميدانية كثيرة لترسيخ التكوين النظري في العمل التطبيقي اليومي. كما عملت على توضيح المساطر وإعداد العشرات من نماذج الجدادات والطلبات والمقالات القضائية وتمكين المرتفقين منها مجانا.

برنامج 2023

- تسريع إقرار رسوم الحالة المدنية واعتماد المنظومة الوطنية كأساس لتمكين المرتفقين من مستخرجاتها من النسخ الكاملة والموجزة الإلكترونية.

- عقلنة تدبير فتح الملفات العائلية والدفاتر العائلية بضمان وحدة أرقامها واحترام الأرقام التسلسلية للدفاتر (لكل زوج دفتر واحد ورقم ملف واحد). إضافة إلى التمييز بين الدفتر العائلي للزوج ونسخه المسلمة لأصحاب المصلحة القانونيين. وهذا الورش صعب للغاية ويتطلب الصبر. لمسنا تعاونا ودعما كبيرا من أغلب رؤساء الجماعات في هذا المجال، وسيتوج المجهود بإذن الله بحصيلة مرضية.....

- تحيين الرسوم الإلكترونية ببياناتها الهامشية.

- تنظيم دورات تكوينية في مجال الأرشيف الورقي والإلكتروني وترتيب المستندات التوثيقية.

في الأخير، نرفع القبعة عاليا للسلطة الإقليمية لدعمها المتواصل لجهود المصلحة. كما نشد بقوة على أيدي غالبية رؤساء المجالس الجماعية على تعاونهم المستمر وتفاعلهم الإيجابي جدا. والأمل كل الأمل أن يلتحق كل العاملين بهذا القطاع للدفاع بصدق على هذا المشروع لنشكل جميعا فريقا إقليميا سيحسب له تاريخيا أن كان وراء بناء صرح المشروع الإلكتروني في هذا القطاع.

تتبعوا مقالا مفصلا احتفاء بهذا التتويج....

***

الحسين بوخرطة    

 

يجلس المحلل السياسي "عادل المانع" وبالمناسبة الرجل برز لنا قبل عام، وتحول بقدرة قادر إلى خبير ستراتيجي، يجلس أمام مقدم البرنامج ليعلن بكل وضوح "إننا -ويقصد هو ومقدم البرنامج والضيوف- مسلمين" ثم يستكمل سيادته ليشرح للمشاهدين نظريته السياسية، فهو يرى أن وجود القوى المدنية داخل البرلمان ومؤسسات الدولة خطر على المجتمع،

وأنها يجب أن لا تتسلم أية مسؤولية، ويعود بعدها وبطريقة روزخونية ليعلن أن الذين خرجوا في احتجاجات تشرين، ومعهم القوى المدنية عملاء لأمريكا تحركهم متى تشاء.. ولأنني كاتب متهم بالعمالة، كنت أتمنى على السيد "المحلل" أن يعرض لنا صور لقاءات السفيرة الأمريكية مع قادة كبار الساسة والمسؤولين خلال الايام الماضية، وأن يخبرنا ماذا قال السيد المالكي قبل أيام لإحدى الصحف، عن مديح رئيس الولايات المتحدة له؟، وأعتقد أن السيد نوري المالكي رئيس لائتلاف دولة القانون وليس رئيسا لائتلاف القوى المدنية، بعدها يبدأ عادل المانع يصول ويجول معلنا أن العودة إلى قانون سانت ليغو واجب (مقدس)، بعدها يخرج المانع ليقدم لنا نظريته في العقد الاجتماعي، فالمسلمون في العراق يحق لهم أن يفعلوا كل شيء، يختارون القوانين التي تتلاءم معهم، ويحددون نوع الحياة التي يجب أن يعيشها جميع العراقيين، أما الباقي فهم أقليات فقط لاغير .

عادل المانع نموذج لتفكير الكثير من اعضاء ائتلاف دولة القانون، كارهون لمبدأ المواطنة، مصرون على إشاعة مبدأ الطائفية باعتبارها نموذجاً يحصدون من ورائه المكاسب والمغانم والمناصب، وهو النموذج الذي لم يحصد من وراءه العراقيون سوى القتل والتشريد،

لا أريد أن أدخل في جدل مع الفيلسوف عادل روسو، حول موضوعات تخصّصَ بها المفكرون من أمثاله، لكن أريد أن أسأل سؤالاً: هل تعتقد أن المواطن العراقي بلا ذاكرة؟، وأن ما جرى خلال السنوات التي استلم بها ائتلاف دولة القانون للدولة مقادير الدولة، وكيف ضاعت مئات المليارات من الدولارات في مشاريع وهمية؟! ياسيدي وأنت تخوض معركتك مع شباب الاحتجاجات والقوى المدنية، أتمنى عليك لو أخرجت من الأرشيف ملفات الكهرباء والصحة والنفط والتعليم والخدمات خلال السنوات منذ عام 2006 وحتى لحظة ظهورك على آخر فضائية

هل حقاً نعيش عصر التغيير؟، وتحققت أهداف العراقيين بالديمقراطية والعيش في ظل نظام يؤمّن عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية؟ وهل تشكلت مؤسسات دولة محترمة تضمن حقوق جميع العراقيين؟ أو تجاوزنا كل المصاعب ليخصص البرلمان جزءاً من وقته ليعيد الشعب العراقي الى الطريق المستقيم .

عندما يصبح كل شيء سيئاً وفاسداً وعاجزاً، فإن الناس سوف تكره البرلمان الذي اوجد سياسيين يستغلون القانون ليغطوا به سرقتهم لاحلام واستقرار الناس.

***

علي حسين

بما يشبه روايات الخيال العلمي، وجدت نفسي فجأة على متن مركبة آلة الزمن كالتي جاءت في رواية هربرت جورج ويلز، الّا أنّ المركبة هذه وعلى خلاف المنطق العلمي كانت مجهزّة للسفر نحو الماضي. وما أن جلست فيها حتى بادرني الربابنة العاملين عليها بسؤال عن وجهتي، نحو الماضي طبعا. فقلت للعاملين وبهدوء كامل ونحن نعيش صراع شيعي بفيلم شجاعة ابو لؤلؤة، وسنّي بمسلسل معاوية في شهر رمضان القادم وكأننا في مباراة كلاسيكو بين فريقي كرة قدم، من أننّي أريد السفر الى العام 652 للميلاد والى منطقة الربذة شرق المدينة المنورّة تحديدا.

ما أن خرجت من المركبة التي هبطت هناك، حتّى رأيتني أمام رجل وأمرأة ومعهما غلام فعرفت من أنّه ابو ذر وأمرأته وغلامه الذي بانت على وجوهم علامات الخوف والتعجب من شكل المركبة وطريقة هبوطها.

أنا: السلام عليكم يا ابا ذر.

ابا ذر: وعليكم السلام ورحمة من الله وبركاته، هل معك لي سابق معرفة، قالها متعجبا؟

أنا: لا، ولكنك وفي مكانك هذا وسبب وجودك فيه، أصبحت أشهر من نار على علم. فمن ذا الذي لا يعرف ابو ذر، ومن ذا الذي لا يعرف الربذة.

ابا ذر: أنّ قدومك اليّ هنا على ما يبدو هو لأمر جلل، فما هو؟

أنا: أريد أن تسافر معي على هذه المركبة الى النجف حيث قبر صاحبك الأمام عليّ ومنها الى كربلاء حيث قبر أبنه الحسين.

ابا ذر وعيناه غارقتان بالدموع: هل سأشهد موته!

أنا: بل مقتله وأبنه، ولنسافر على نفس المركبة بعدها الى الخضراء.

ابا ذر بعصبية ظاهرة: الخضراء هذه التي بناها سارق أموال الفقراء والأرامل والأيتام معاوية بن أبي سفيان في الشام.

أنا: لا أنها ليست ت......

ابا ذر مقاطعا: أتعرف من أنني منفي هنا لأنني وأنا في الشام وبمواجهة معاوية كنت آخذ بظاهر القرآن وأتلو آية ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)، وكنت أقفّ على دكّة في سوق دمشق وأقول محرضّا الفقراء على الأغنياء صارخا (يا معشر الأغنياء واسوا الفقراء، بشّر الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله بمكاوٍ من نار تُكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم، فما زال حتى ولع الفقراء بمثل ذلك وأوجبوه على الأغنياء، فلما رأى معاوية أن فعلي يصدق قولي كتب إلى عثمان: إن أبا ذر قد ضيق علي، وقد كان كذا وكذا..).

أنا: نعم لقد قرأنا في كتب التاريخ عن مواقفك هذه، وهذا ما دفعني للقدوم أليك، كون الحرب لا زالت مستعرة بين سراة شيعة علي وسراة شيعة معاوية.

أبا ذر: الحرب بينهما قائمة لليوم، وماذا عن فقراء الناس عند الطرفين!؟

أنا: نعم الحرب قائمة لليوم، أمّا فقراء الطرفين فهم كما فقراء العالم يعانون من الفقر والجوع والظلم والأضطهاد.

ابا ذر: هلّا تأخذني بمركبتك هذه عند معاوية في قصره الخضراء بالشام، لأحرّض الفقراء عليه من جديد.

أنا: نعم، سآخذك اليه لكنني أودّ أن تأتي معي أولّا الى النجف وكربلاء حيث قبرعلي وأبنه الحسين ومن ثمّ الى الخضراء في بغداد حيث سراة شيعة عليّ.

ابا ذر: أسراة الشيعة يعيشون في الخضراء!؟

أنا: بلى يا أبا ذر، ووالله لخضرائهم أغنى من خضراء معاويّة.

كانت المركبة في طريقها للهبوط في مدينة النجف الأشرف، وإذا بأبا ذرّ يسألني عن قبّة مذهبّة ينعكس نورها نحو السماء، فقلت له وأنا أنظر الى وجهه لأتعرف على ردّة فعله: أّنه قبر إمام الفقراء والأيتام والأرامل والمساكين، أنّه قبر الأمام عليّ بن أبي طالب. فلطم أبا ذرّ وجهه وصاح، يا صاحبي يا أمير المؤمنين أرك تئنّ من ثقل الذهب على قبرك. وما أن نزلنا الى الأرض وسط المدينة حيث الفقر ينشر أجنحته على الأطفال الفقراء والعراة حتّى صرخ بيّ أبا ذر، أن أعدني من حيث أتيت فقد سرق سراة الشيعة ومعمّميهم أمامهم وفقراء وأرامل وأيتام شيعته.

في كربلاء تكرّر نفس المشهد، الّا أن ابا ذر وقف مبهوتا وهو يرى معمّم شيعي يجمّل الفقر في عيون الفقراء، وهو في أبهى حلّة. فنظر اليّ ابا ذر بنظرة فهمت منها أنّ آية (﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)، تنطبق على هذا المعمّم وأمثاله وسراة الشيعة الذين أذاقوا الناس الذلّ والفقر.

أنطلقت بنا المركبة من كربلاء الى بغداد المسبيّة، وإذا بالفقر يسير جنبا الى جنب الناس كما الموت، وإذا بسراة شيعة عليّ يستقلّون سيّارات رباعية الدفع مصفحّة ضد الرصاص خوفا من غضب الناس، وهم الذين يتاجرون بالتشيع بقولهم (يا ليتنا كنّا معكم فنفوز فوزا عظيما). لم يتحمّل ابا ذر منظر البؤس في بغداد ولا رخاء ورفاهيّة سكّان الخضراء، فطلب منّي أن أطير به الى دمشق ليتحدث الى معاوية في قصره. وما هي الّا لحظات وأذا نحن بقصر الخضراء في دمشق، وما أن رأى الحرس ابا ذر في باحته حتى أمتشقوا سيوفهم صارخين: أنّه أبا ذر وجاء ليقتل الخليفة معاوية بن أبي سفيان. فصرخ بهم ابا ذر صرخة سمعها معاوية قائلا: خذوني أليه فأنا لا أحمل حتى العصا التي اتكأ عليها.

أمر معاوية الحرس بأدخال ابا ذر الى بلاطه وعدم الشدّة في معاملته كونه كان شيخا منهكا ومجردّا من أي سلاح يهدد حياته، ليستقبله سائلا إياه: ماذا اتى بك الى الشام من جديد يا ابا ذر؟

أبا ذر: جئت أليك وأنا أرى فقر شيعة علي الذي سُبّ من على منبرك والحسين الذي قُتل من قبل أبنك يزيد على أياد سراتهم، وغنى شيعتك في الشام وغيرها من الأصقاع لأقول: يا معاوية يا من تركت سنّة النبي والخلفاء وجعلت الحكم وراثة، والغدر سنّة وأنت تغدر بأيتام قتلى صفّين بعد أتفاقك مع الحسن بن علي وتقطع أعطياتهم، أنّك لأشرف وأطهر من ساسة الخضراء وسراة الشيعة في العراق، كونهم يسرقون حتى أموال فقراء شيعتهم ولم ينصفونهم كما أنصفت أنت أهل الشام...

على باب قصر في المنطقة الخضراء وقف أبا ذرّ صارخا: هل ادلكّم على تجارة تربحون بها مالا لا يُعدّ ولا يُحصى، بلى قال القوم: دلّنا يا صاحب أمامنا ابا الحسن.. حينها صرخ ابا ذر أن لا تتوقفوا عن المتاجرة بعليّ

وأبناءه أيها الظَلمة، وحينها نشر سراة الشيعة سيوفهم ليجزّوا بها رؤوس فقراء العراق في ساحة التحرير والمطعم التركي وكراج السنك وساحة العشرين في النجف وساحة الحبوبي في الناصريّة وساحات وشوارع باقي مدن العراق.

يروى أنّ النبي محمّد قال: رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويُبعث وحده، ويبدو أن شيعة العراق وفقراءه ونتيجة ظلم ساسته ومعمّميه سيكونون كما أبا ذر، يمشون وحدهم ويموتون وحدهم ويُبعثون وحدهم..

***

زكي رضا - الدنمارك

27/2/2023

لقد أحصيت وحتى كتابة السطور التي أضعها بين أيديكم هاهنا في هذا المقال الطويل والذي أرجو أن لا يكون مخلا و لا مملا ولاسيما لعشاق المعلومة السطحية والسريعة فقط في ما يتعلق بالقضايا الثقافية والتوعوية والتربوية والانسانية، أما الجلوس - عطال على بطال - لـ 3 ساعات متواصلة وتضييعها هباء منثورا بمتابعة هراء (التيك توك) الذي حُظر امريكيا وكنديا وأوربيا على كافة موظفي الدولة - وحسنا فعلوا - فهذه لا تحتاج الى أية سرعة، بل على العكس من ذلك تماما وعلى قول شادية (سوق على مهلك سوق ..بكره الدنيا تروق)، أقول لحضراتكم لقد أحصيت عناوين ما لايقل عن (45) مسلسلا "مصريا وخليجيا و سوريا" بخلاف 12 مسلسلا عراقيا، وتسعة مسلسلات جزائرية وأقل منها تونسية،اضافة وبطبيعة الحال الى برنامج المقالب المفبرك والمتفق عليه سلفا مع ضيوفه لـ - رامز جلال - ومسلسل باب الحارة بجزئه الـ 13، هذا المسلسل الذي يأبى منتجوه أن ينهوه حتى أخذ الكثير منا يردد تندرا وسخرية وتفكها عبارة " فلان أقدم من مسلسل باب الحارة "، وبإستناء مسلسلي " الامام الشافعي "الذي يقع في (15) حلقة فقط لاغير، اضافة الى مسلسل " معاوية " الذي بلغت تكلفته 100 مليون دولار، والذي يناقش أحداثا وفتنا لطالما آثر الكثيرون السكوت عنها امتثالا لقوله تعالى " تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ"، ومن هذه الآية الكريمة استلهم عمر بن عبد العزيز مقولته التي ذهبت حكمة بين الناس " تلك دماء قد طهر الله منها يدي، فلا أحب أن أخضب بها لساني"، أقول وبإستثناء المسلسلين التاريخيين وكلاهما سيثير جدلا كبيرا على منصات ومواقع التواصل فور انتهاء عرض أية حلقة من حلقاتها ولا أشك في ذلك مطلقا، الأول مسلسل " معاوية "لما سبق ذكره آنفا، والثاني مسلسل الامام الشافعي ...لماذا ؟ لأن هذا المسلسل الذي تغير عنوانه في اللحظات الأخيرة وصار "رسالة الامام " بدلا من " الإمام الشافعي" سيتطرق وبحسب مؤلفه وكاتبه " الى ايش حبيبي الغالي ؟ الى الصراع القائم يومذاك بين مدرسة الرأي، و مدرسة الحديث، فيما سيمر المسلسل على صراع المعتزلة والاشاعرة والصوفية وغيرها من الفرق والمدارس الكلامية اضافة الى مروره على الأحداث السياسية والصراع على (كرسي الحكم) آنذاك والتي سيتم تناولها ومعالجتها وتوظيفها من وجهة نظر - سياسية معاصرة أحادية الجانب - لا من منطلقات ولا من مقاربات أو زوايا تاريخية وموضوعية تناسب الحقبة الزمنية التي نشأت في ظلها بكل تأكيد، بمعنى أن المسلسل ليس غايته عرض علم وفقه وسيرة الامام الشافعي رحمه الله تعالى، بقدر حرص المسلسل ومن يقف خلفه على استعراض الصراع القائم آنذاك - سياسيا ومذهبيا وفكريا - لإسقاطه على الواقع السياسي - الكسيف جدا - المعاش حاليا بهدف اذكاء الخلافات وإثارة الفتن كذلك !

وفي حال وأرجو الانتباه الى هذه النقطة جيدا ووضع مليار خط أحمر تحتها، نجاح المسلسلين التاريخيين في إثارة الفتن المطلوبة - سوشيال ميديويا - فترقبوا سلسلة طويلة من المسلسلات  التاريخية وعلى ذات المنوال وكلها لاعلاقة لها بعناوينها البراقة و الأخاذة البتة، فالعنوان - جذاب وأخاذ وبراق- إلا أن المضمون - مرتاب وصخاب وحراق -ولا أدل على ذلك - وما زلنا في بداية المشوار وطريق الألف ميل، هو إعلان واحدة من القنوات الفضائية عن البدء بإنتاج فيلم ضخم بعنوان “شجاعة أبو لؤلؤة فيروز النهاوندي ”وذلك ردا على مسلسل " معاوية " وسيعرض الفيلم في شهر رمضان تحديدا، والحبل على الجرار أغاتي .

بقي أن تعلم بأن  مخرج مسلسل "معاوية "هو طارق العريان، وهو طليق أصالة نصري، وقد طلقا بسبب ضغط زوجته الأولى التي أهملها وأولادها، وعلى خلفية قضايا تتعلق ببيع ألبوم أصالة الغنائي، اضافة الى علاقته بعارضة الأزياء السورية - الارمنية نيكول سعفان، 

أما عن كاتب نص مسلسل " معاوية " فهو خالد صلاح، وقد سبق تنحيته من رئاسة تحرير صحيفة "اليوم السابع "بعد مطالبات شعبية كبيرة بذلك على خلفية فيديو  استضاف خلاله ممثلة شهيرة وهي تتحدث وتصف وبالتفصيل الممل طبيعة قبلاتها الحارة مع كل من احمد زكي، ومحمود حميدة، كما أن لصلاح هذا آراء مستفزة للغاية، ولك أن تتخيل كيف كتب المسلسل وكيف عالج قضاياه الشائكة، فهل أمثال هؤلاء يؤتمنون على تأليف وإخراج مسلسلات تاريخية مهمة تناقش أحداثا تاريخية حساسة من شأنها إثارة الجدل والخلاف  والشقاق بشأنها؟!

أما ما تبقى من مسلسلات فيتراوح بين - الحبيات - والرومانسيات وعروض اللحم الابيض المتوسط ونظيره الأحمر المتوقد، وبين - الكوميديات - و- الدراميات - و- الميلو دراميات - المفعمة بالاكشن، كل هذا الغثاء سيعرض دفعة واحدة في شهر رمضان 1444هـ/ 2023 م ليلا ليعاد عرضها طوال نهار اليوم التالي وهكذا دواليك حتى نهاية الشهر ..وبما أن شهر رمضان الكريم (30) يوما في حال إكمال العدة، فمعنى ذلك بأننا أمام عرض - كومي ..حبي ..فتنوي ..تراجيدي - سيغطي رمضان كله مضافا له ستة أيام من شوال ...وزيادة !

ومن الجدير ذكره بأن أول من استحدث فكرة عرض سلسلة متلفزة في شهر رمضان هي فرقة ثلاثي أضواء المسرح لعميدها سمير غانم،ورفيقيه كل من جورج سيدهم،والضيف احمد، والتي كانت قد بدأتها " بفوازير رمضان " عام 1963 بعد سنة واحدة فقط على بث التلفزيون المصري لأول مرة عام 1961،لتستمر الفوازير أعواما طويلة مشجعة بذلك على عرض المزيد والمزيد والمزيد من المسلسلات والفوازير والمقالب والكاميرا الخفية والتي صارت تسمى عرفا بـ" مسلسلات رمضان" أو دورة رمضان البرامجية، وباتت الشركات تتسابق على إنتاجها وجلها ما عدا القليل النادر منها من المسلسلات التاريخية المعتبرة وبعض المسلسلات الاجتماعية والانسانية الهادفة، تدور في فلك ومضمون أغنية " أهو جا ياولاد " لفرقة الثلاثي المرح والتي يفتتح رمضان بها سنويا - اذاعيا وتلفزيونيا - على مدار عقود طويلة، فكلمات هذه الاغنية المعروفة والتي من المفترض أنها تحتفي بشهر رمضان ..شهر الصدقات والطاعة والغفران ..شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، تدور كلها حول " عصير قمر الدين، و البلح والتين، ومدفع الافطار، وفوانيس رمضان،والبندق و الزبيب، والكعك، وملابس العيد، والشموع ..مع التركيز على عبارة " وحوي يا وحوي ..إياحا " وهذه عبارة مغرقة في القدم يرددها الكبار والصغار من دون أن يفهموا ولا أن يسألوا عن أصولها ولا عن معناها وتعني بالهيروغليفية " وتعني " افرحي يا ايوحة " التي تحولت في الأغنية الى " اياحا " و"أيوحة" هذه هي أم "أحمس الأول " وقد اشتق اسمه من " الهة القمر" في زمن الأسرة الفرعونية الـ 18، يومها فرح الناس بطرد الهكسوس وتغنوا بأسم أمه - أيوحة - لما كان لها من دور في تشجيع ابنها على طردهم " وفقا للباحثة المصرية فاطمة صقر، وقد تساءل العديد من الباحثين عن علاقة - ايوحة - بأناشيد رؤية هلال رمضان كما في التراث الشعبي المصري والجواب على ذلك هو " لعلاقة ابن ايوحة - احمس - وقد اشتق اسمه ورمزه من القمر ايضا !أما فانوس رمضان فيعود الى الفاطميين، وأما عن القمر الدين فهذا يرجع الى أول من صنعه في رمضان وهو صاحب بستان للمشمش في دمشق اسمه " قمر الدين "، وتأسيسا على ما تقدم يتبين لنا بأن الاغنية الرمضانية الأشهر والتي تتسابق القنوات والاذاعات لبثها منذ عقد الستينات والى يومنا هذا احتفاءا برمضان - بخلاف أغنية (رمضان جانا) بصوت عبد المطلب، و (أهلا رمضان) لمحمد فوزي، وقد تضمنتا احتفاءا بعبادات وسنن وشعائر رمضان أكثر من احتفائها بطعامه وشرابه وحلوياته وفوانيسه وشموعه - فأنشودة الثلاثي المرح لم تتطرق الى أي من العبادات والطاعات والدعوات في رمضان على الاطلاق، بقدر استعراضها لأكلات وعصائر وحلويات وفوانيس رمضان ومدفع الافطار الذي يعود بحسب روايات الى السلطان المملوكى (خشقدم) وفي بعضها الى (محمد علي)  لتنتقل - البدعة - سريعا الى كل أرجاء العالم العربي والاسلامي تباعا وصار الناس يترقبون - مدفع الافطار - بدلا من - آذان المساجد - وما ظهرت بدعة عبر التاريخ الا وأماتت سنة بدلا منها بقانون الازاحة والابدال والاحلال وتحت شعار " التخلية قبل التحلية "، وهذا ما تفعله ما يسمى بـ مسلسلات رمضان بالناس على مدار سنين، والأصل وإن كان لابد من الترفيه الرمضاني هو انتاج البرامج والمسلسلات على أن تكون كلها ولا أقول جلها هادفة وتربوية وتاريخية وإنسانية وثقافية ووثائقية وبما يتناسب مع الشهر الفضيل، إذ هل يعقل أن تصوم نصف يوم كامل عن الطعام والشراب والشهوات لتفطر نصفه الثاني كاملا على الارجيلة والمكسرات والحلويات والمحشيات والمشويات الى حد البطنة والتخمة التي تفقدك الحكمة والفطنة وأنت تتابع بشغف منفردا أو بمعية الاصدقاء وأفراد الأسرة الكريمة أجساد الممثلات العاريات المشفوعة بالرقص والاحضان والايحاءات والقبلات ؟!

***

احمد الحاج

يتهمني البعض من القراء الأعزاء بأنني مصرّ على أن أجعل من كلماتي مدخلاً للتأكيد على أن السياسيين والحكومة هما سبب غياب السعادة والبهجة من حياتنا، وأنني أترصد حركات وغمزات بعض الذين دخلوا عالم السياسة "بالخطأ" لأسخر منهم..

ولأن السخرية من اللامعقول حالة غريزية كما علّمنا عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر، وهو بالمناسبة لا علاقة له بالأجندات الخارجية ولم يسع لمنافسة أبو مازن على كرسي بيع المناصب الحكومية.. ولم يتآمر مع منظمة الشفافية العالمية التي تصر على أن العراق سيظل يحصد المراكز الأولى على قائمة الدول الأكثر فشلاً.. المهم أن الفيلسوف الألماني ظل يطالبنا بأن نتخذ من الضحك وسيلة لمواجهة اللامعقول الذي يحكم حياتنا التي تحفل بمضحكات عديدة، والتي كان آخرها اللقاء التلفزيوني مع النائب السابق محمود الحسن، وقبل أن أتحدث عن تصريح الحسن الـ"هزلي" اسمحوا لي بأن أشكر مقدم البرامج أحمد الملا طلال الذي أعاد إلينا ملك الفكاهة البرلمانية ، بعد أن غاب عن الشاشة وتفرغ لوضع موسوعته عن الأنظمة الديمقراطية في العالم.

فالسيد محمود الحسن فسر لنا الديمقراطية بأن لاعلاقة لها بالحريات، وإنما غايتها تنظيم الانتخابات، وأن قانون منع استيراد وتداول المشروبات الكحولية لا يعارض الحريات التي كفلها الدستور، جميل جداً، لكن الأجمل أننا اكتشفنا أن هذا القانون كان محمود الحسن أحد الذين وضعوا بنوده.. قد ألتمس العذر للسيد محمود الحسن.. فالرجل قادم من عصر قديم، يفكر بنفس العقل ، لكن ياسادة هل يعقل ان شخص مثل محمود الحسن يضع قوانين تنظم حياة العراقيين؟! .

وحتى تكتمل فصول المسرحية الهزلية تعالوا نقلّب دفتر الفكاهة السياسية الخاص بالسيد محمود الحسن، وهذه المرة علينا أن نأخذ بنصيحة "خالنا" الجاحظ حيث يوصينا بأن المرء حين يتندر بنفسه فإنما لينفس عن غيظ مكتوم، فجميل أن نضحك وأجمل منه أن نضحك على أنفسنا، وإلا متنا من الغيظ والقهر ونحن نتذمر مما كانت تجود به قريحة الحسني أيام ما كان يوزع سندات تمليك أراضي لمواطنين بسطاء اكتشفوا فيما بعد أنها وهمية، وعندما خرج علينا، وهو القاضي، ليقول بسم الله الرحمن الرحيم: "العدل أساس الملك" معتقداً أن هذه آية قرآنية، وسجل الحسني لا يخلو من "الفلتات" الكوميدية.

وأنا أستمع لحديث محمود الحسن عن الديمقراطية، تبيّن لجنابي أن الديمقراطية ليست كما بشّر بها أفلاطون، وصاغ مفاهيمها وأسسها أرسطو، فنحن حتى لحظة ظهور محمود الحسن لا نعرف أي نوع من الديمقراطية نبغي وأي ديمقراطية سنصدِّر للبشرية، ففي الديمقراطيات الحقيقية السياسي الفاشل، يعترف بفشله ويذهب الى بيته معتزلاً السياسة، بينما في ديمقراطيتنا فإن صوت محمود الحسن نذير بساعات النحس.

***

علي حسين

 

يحاولون إطفاء أنوار أمة سطعت على مر العصور، وأشرقت بلغتها المتكاملة المتنامية المتطورة،  المتواكبة مع الزمان وما تأتي به العقول.

ويستهدفون من أجل ذلك الوعاء الحاوي لتراثها وعطاء رموزها، وهو اللغة العربية، ولهذا تجد الحملات الجائرة شرسة ضد اللغة لخلق أجيال تتوهم بأنها بلا جذور، وخالية من قدرات التفاعل والقيام بدورها الحضاري الكامن فيها.

يريدون أجيالا ذات أمية عالية بتراثها وجهل مروع بأصلها، فتتبع وتقبع وتخنع لمن يضللها ويوهمها بأن عليها أن تحارب هويتها، وتنكر ذاتها وتعادي أمتها.

والغريب في الأمر أن القوى الطامعة بإفناء الأمة تمكنت من تجنيد العديد من أبناء أمة العرب، وأهلتهم للتعبير عن أجنداتها المعادية لوجودها، ولكي يُنجز البرنامج اللازم لقطع الأجيال عن معينها الحضاري وثقافتها الإنسانية الثرية بالقيم والأفكار والمعاني المعرفية السامية.

ولهذا تجد أبناء الأمة الأحرار يخوضون حربا متواصلة ضد هذه الآفات العدوانية المتوالدة والمتنامية كالعفن في الواقع العربي، والساعية للحط من قيمة العروبة والشعر الأصيل واللغة والدين، والتعبير العدواني عما يمت بضلة لأمة العرب.

فتجدهم ينكرون الوطنية والأخوة العروبية ومفهوم الأمة، ويتفاخرون بالفرقة والمذهبيات والطائفيات والعشائريات والقبليات، وما يتصل بها من توصيفات وتسميات تفريقية تدميرية، لا تحث على الإعتصام بجبل الوطن والأمة والدين.

وتعجب من أمر أبناء العديد من مجتمعاتنا الذين ينكرون ذاتهم ويعادون هويتهم، ويتبجخون بما يمليه عليهم  الطامعون بوجودهم أجمعين.

فأين " حب الوطن من الإيمان"

وأين " إعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا"؟

إنها أضحت مجرد عبارات بلا معنى، ولا أثر سلوكي في حياة البشر المرهون بإرادة أعدائه!!

***

د. صادق السامرائي

29\12\2020

إذا كان مصطلحا وسائل التواصل الاجتماعي والشبكات الاجتماعية قابلين للتداول في المشهد الإعلامي بنفس المعنى، إلا أن هذا في الحقيقة يخفي عديدا من المفارقات الواضحة بينهما.

تعد وسائل التواصل الاجتماعي بشكل أساسي، منصات رقمية لنشر وبث المعلومات، في حين أن الشبكات الاجتماعية هي منصات للتواصل بين الأفراد والمجتمعات بعضها ببعض. إن وسائل التواصل الاجتماعي هي قنوات للاتصال، في حين أن الاتصال في الشبكات الاجتماعية يقوم أساسا على طبيعة ثنائية الاتجاه بين طرفين .

أين يكمن إذن الفرق بين وسائل التواصل الاجتماعي والشبكات الاجتماعية.

عندما نفكر في مفهوم وسائل الإعلام، فإن ذلك يذكرنا عادة بالوسائل التقليدية، مثل الصحف الورقية والإذاعات والتلفزيون والسينما . ومع ذلك، عندما نضيف كلمة "اجتماعيً" في المقدمة، فإن المصطلح يأخذ مفهوما مختلفًا تمامًا. إن وسائل التواصل الاجتماعي تضفي عنصرًا تقنيًا عندما يتعلق الأمر بكيفية استهلاك الشخص لما يتم تقديمه ومشاركته . وبالتالي، يمكن وصف وسائل التواصل الاجتماعي على أفضل تفسير بأنها وسيلة تقوم على شبكة الإنترنت لنشر أو بث محتوى رقمي يمكن للقراء التفاعل معه بشكل تام وفعال.

يمكن لأي شخص النشر في وسائل التواصل الاجتماعي بينما تنشر وسائل الإعلام الإخبارية التقليدية، محتوياتها الخاصة للاستهلاك الرقمي. فالشركات والمؤسسات الإعلامية تنجز ذلك أيضًا. بل حتى نوادي الرياضة يمكنها إنشاء وسائط اجتماعية لأعضائها لقراءتها ومشاهدتها والتفاعل معها.

عموما يجب أن نضع في اعتبارنا الشبكات الاجتماعية في سياق تلقى المحتويات حيث، تتطلب وجود منصة رقمية . تشمل الأمثلة الشائعة لمواقع أو منصات التواصل الاجتماعي فيسبوك وأنستغرام.

وتويتر..إلخ  .إن مستخدمين هذه المنصات ينضمون إلى نظام أساسي للشبكات الاجتماعية ويشرعون في الاتصال والتواصل مع مستخدمين آخرين . وفي بعض الحالات، يكون الاتصال في اتجاه واحد، بينما يكون في حالات أخرى ثنائي الاتجاه أو متعدد الاتجاهات.

هناك فروقا دقيقة يجب مراعاتها. يعد فيسبوك كموقع للتواصل الاجتماعي مثالاً على كيفية اختلاف المصطلحات والمفاهيم ومع ذلك فهي قد تتداخل إلى حد ما. إننا نقوم بالتسجيل ونشر ملف التعريف الخاص بنا، ونتواصل مع الأصدقاء ونعلق على الموضوعات بطريقة تفاعلية بشكل عام. من جهة أخرى على موقع الشبكات الاجتماعية نفسها،استخدمت الشركات فيسبوك كوسيلة لإيصال علامتها التجارية والحصول على ملايين المتابعين.

ومع ذلك، هناك فرق واضح بين الاثنين حيث تتطلب وسائل التواصل الاجتماعي وجود شبكة اجتماعية لنشر المحتوى لمن يرغبون في استهلاكه والتفاعل معه. وبالتالي، فإن شبكة وسائل التواصل الاجتماعي هي التكنولوجيا الأساسية والروابط البشرية، بينما تركز وسائل التواصل الاجتماعي بشكل صارم على ما يتم نشره واستهلاكه داخل منصة الشبكات الاجتماعية.

***

عبده حقي

مترجم بتصرف

 

تأمّل العراقيون أن يكون التغيير بوابتهم لتأسيس دولة القانون والمواطنة، غير أنهم اكتشفوا بعد سنوات من سقوط تمثال صدام أن الأمور تمضي وكأن الذين يحكموننا يكرهون القانون ويحتقرون الحرية، وقصة العودة إلى قانون الانتخابات القديم والتنصل عن شعارات الإصلاح السياسي دليل على ما أقول وقد أكدها السيد نوري المالكي في حوار نشرته الصحافة قبل أيام قليلة قائلاً: "معظم القوى السياسية متفقة على تمرير تعديل قانون الانتخابات على وفق نظام سانت ليغو".

خُـذ مثلاً تلك الفصول التمثيلية التي قدمتها لنا أجهزة الحكومة لترطيب الأجواء، مرة معركة سعر الدولار، فبعد أن كانت بعض الأحزاب السياسية تهدد بزلزلة الأرض إذا لم ينزل لدولارعن برجه العالي ، نجدها الآن صامتة . ولكي تكتمل الحكاية كان لابد من اختراع صولة "المحتوى الهابط"، ولم تنته حتى خرجوا علينا بقانون البلديات وفيه تم الإعلان عن تحويل العراق إلى أفغانستان جديدة، والمواطن المغلوب على أمره ينتظر قوانين وقرارت جديدة تحبس عليه أنفاسه، هذه الوقائع تدور أحداثها في بلاد يذكّرنا فيها رئيس الجمهورية ومعه رئيس الوزراء ومعهما رئيس البرلمان، وقادة الكتل السياسية ليــل نهـار بأننا دولة ديمقراطية، تحترم الحريات، لكننا في زمن يصرُّ فيه البعض على اللعب بأكثر من ورقة لتمرير قوانين تصب في مصلحة السياسيين حصراً.

في كل يوم يصر ممن تسلموا أمور البلاد والعباد أن يعيدوا عجلة الزمن إلى الوراء، الى زمن الوصاية والتضييق على الحريات الشخصية.

الجميع لا يريد أن يدرك أنّ الحرية ليست خطبة تلقيها عالية نصيف، ولا أُنشودة يرددها مثنى السامرائي، إنها شجاعة في المقام الأول، وهي فرض وليست منة، بل من قوانين وتشريعات تؤسس لدولة مدنية .

لقد أضعنا ما يقارب العشرين عاماً في خطابات مقززة عن حقوق المواطن، وسلمنا قيادة البلاد إلى "الفاشلين" وأصحاب الحظوة، وكان في استطاعتنا أن ننافس دبي وسنغافورة، لكننا قررنا أن نضع العراق في خانة واحدة مع أفغانستان والصومال!

سيقول البعض إن دستور عام 2005 أقرّ في مواد عديدة ضمان حرية الأشخاص ومعتقداتهم وآرائهم، لكن الواقع يقول إن حرية العراقيين مهددة حتى في بيوتهم، لم تعد الناس تصدق شعارات دولة القانون، كيف تتمسك الحكومة بالقانون وشرائعه وفي مؤسساتها قوى سياسية تريد إقامة نظام شمولي ولو بالترهيب؟.

والسؤال الأهم؛ إلى متى سيظلون يتحفوننا بالفواصل المثيرة التي تضفي على حياتنا طابعاً ساخراً، خلاصة الأمر أن هناك من لا يريد لهذه المهزلة أن تتوقف، ومنهم من لا يريد لدولة المواطنة أي أثر، ومنهم من لا يزال مصراً على أن العراقيين لم يبلغوا سن الرشد بعد، وأن أوان فطامنا لم يحل بعد.

***

علي حسين

 

 

يخوض الرئيس التونسي قيس سعيد منذ اعتلائه السلطة بإرادة شعبية، معركة حامية الوطيس ضد التحالف القذر الذي يجمع الاسلام السياسي وأصحاب رؤوس الأموال، فهؤلاء  وعلى مدى 12 عاما، سنوا القوانين التي تتيح لهم حكم البلاد، من خلال اضعاف موقع الرئاسة وجعله شاهدا لا حول له ولا قوة على فعل اي شيء، من شانه وقفهم عند حدودهم التي تجاوزوها بكل صلافة، غير آبهين بمعاناة الشعب الذي يفتقر الى ابسط الإمكانيات للعيش الكريم.

تولت حركة النهضة رئاسة المجلس النيابي بقيادة زعيمها الغنوشي الذي اصبح يتصرف وكانه رئيس دولةمحاولا تمثيلها في المحافل الدولية والتحدث باسمها وقد شهدت جلسات البرلمان في عهده فوضى عارمة واستهتارا بالنظم واللوائح الداخلية المعمول بها، والتعدي اللفظي والجسدي عدد من النواب الذين يعارضون سياسات الحركة.

بالأمس عملت  حركة النهضة منذ مجيئها الى السلطة على  ارسال الشباب التونسي العاطل عن العمل الى سوريا عبر تركيا للمشاركة ضمن محور الاخوان الذي تتزعمه  تركيا وتموله قطر لإسقاط النظام ، لقد تصدرت تونس الدول المصدرة  للإرهابيين الى بلاد  الشام.

كذلك توجه اصابع الاتهام الى حركة النهضة وجهازها السري في اغتيال المناهضين لحركة النهضة شكري بلعيد ومحمد البراهمي، ورغم ذلك فان القضاء المسيّس لا يزال يتلكأ في اظهار الحقيقة في محاولة لإبعاد الشبهات عن الحركة رغم الدلائل التي قدمها محامو الدفاع عن الشهيدين.

اعلن عن النتائج النهائية للبرلمان الجديد الذي تم خفض اعضائه بنظام الترشح الفردي واستبعاد مشاركة الاحزاب السياسية (غياب المال السياسي) التي ساهمت في تردي الاوضاع الامنية والاقتصادية طوال الفترة الماضية.

لقد حاولت النهضة والأحزاب المتحالفة جر تونس الى احلاف اقليمية والاستقواء بالأجنبي من خلال تدخلها في الشأن الداخلي لتونس بشان القوانين الانتخابية والحياة السياسية في البلاد، بل وصل الامر بالاتحاد الاوروبي الى ان تشارك احدى عضواته (إستر لينش، نائبة الأمين العام للاتحاد الأوروبي للنقابات) في تظاهرة نظمتها المعارضة التونسية، ما يعد تدخلا سافرا استوجب طردها من البلاد التونسية.

يبقى القول ان الاتحاد العام التونسي للشغل الذي حاول خلال الأعوام الاخيرة ايجاد حلول للوضع السياسي والاقتصادي في البلاد باءت جميعها بالفشل، لم يعمد يوما الى دعوة اعضائه في الضغط على الحكومات المتعاقبة بسبب الضائقة الاقتصادية التي سببتها تللك الحكومات.

نجد الاتحاد اليوم يدعو الى التظاهر ضد الحكومة وهو يدرك تماما ان الازمة الاقتصادية في البلاد انما هي نتيجة تراكمية للتصرفات المهدرة للأموال العامة من خلال التجار المضاربين بأسعار السلع الضرورية وعدم عرضها في الاسواق ليرتفع ثمنها، إن دعواته بالتظاهر في ظل الظروف الراهنة يجعله طرفا سياسيا مشاركا في الازمة ،ان التوقيفات التي تجري في تونس  تتم وفق اوامر صادرة عن القضاء وسوف يتم تبرئة كل من لم يثبت تورطه واخلاء سبيله.

ان الرئيس التونسي قيس سعيد، يقود معركة ضارية ضد الاخوان ومهدري المال العام من اجل استرجاع تونس لينعم اهلها بالرخاء والامن والطمأنينة.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

لا يتحقق العدل في أي مجتمع ولا يستتب النظام والسلام فيه إلّا من خلال التزام أفراده بمنظومة القواعد والمبادئ المسماة "قوانين" التي توضع لتعزّيز الانضباط ومنع الفوضى وحماية الناس من بعضهم البعض، والتي،مع الأسف، لا يقيم الكثيرون وزناً لها، ويصرون على مخالفتها، على اعتبار أن ذلك سنّة كونية وقدر إلهي، رغم تعرض مرتكبيها - حتى لو كانت عن طريق الخطأ-  للعديد من الجزاءات العقابية المانعة لتنامي الظلم والتعدي بكل أنواعه وفي متنوع الميادين ومختلف المجالات حتى في مجال الرياضة وفي كرة القدم على وجه الخصوص، التي غالبا ما تخالف بعض فرقها ولاعبيها قوانينها التي هم ملزمون بتطبيقها أثناء المباراة أو خارجها، وعدم ارتكاب ما تمنعه من الأخطاء الجزائية ضد الأنداد  - مقصودة كانت أو غير مقصودة -  كلمس الكرة عن عمد، أو تعمد دفع الخصم لعرقلة الخصم ، والذي تكون المعاقبة فيها وعنها بافتعال ضربة حرة مباشرة، أو ضربة جزاء إذا حدث ذلك في منطقة الجزاء، وغيرها من الأخطاء التي تترتب عليها عرقلة تقدم الخصم، أو إضعاف حظه في الفوز، أو إزاحته نهائياً من دائرة المنافسة، رغبة في التربع على منصة التتويج  في أي دوري كان،  وخاصة إذا كان الغريم المنافس ممن أعطته المؤشرات القدرة على تحقيق الفوز على مستوى الأداء والنتائج، قياساً بالممكنات والقدرات والأرقام، كما كان حال مع المنتخب المغربي الذي أعطته التكهنات الأفضلية عطفاً على المستويات التي قدمها خلال مشاركته في بطولة مونديال قطر، كمنتخب وطني، شكل كمنظومة إستراتيجية وفريق عمل لاعبين ومدرب وجمهور، نموذجا في الإصرار على رفع راية الوطن عاليا بين الأمم، بما اعتمده من لعب جماعي وانسجام وتفاهم بين اللاعبين والذي هو مصدر الفوز، حتى في غياب النجوم، الأمر الذي جعل الحكم الذي أدار مباراة "المغرب فرنسا" يتعمد الخطأ الجسيم، الذي ليس للقدر أو الحظ دور أو دخل في حدوثه، والذي كان الطريقة الوحيدة لإنقاذ الفريق الفرنسي وتعزيز موقعه، والقفز به للمركز الذي ما كان ليحلم به أمام الفريق الوطني المغربي الذي حصد النصر تلو النصر، لو لم يلجأ للتواطؤ ضده، كما كشفت عن ذلك تحليلات المهمين وآراء الخبراء الذين فضحوا آليات وسبل إدارة تلك المخالفات التي لم تُسعد الجمهور المغربي، وهيجت كوامن الاحتجاجات ضد المتورطين، وأججت الجدل الذي لم يتوقف قط في الوسط الكروي رغم تقادم الأسابيع، وربما أنه سيستمر طويلا بسبب ما أوجدته "الشمتة"من شرخ واسع في جدار الثقة والعلاقة بين أطراف اللعبة، التي زاد من اتساعها وجود "الفار"الذي لم تعد قراراته تنال ثقة اللاعبين والمدربين والمشجعين، لدعم  حكامه"حكام الفيديو" للقرار الخطأ الذي ارتكبه الحكم، بدلاً من مساعدته على اتخاذ القرار السليم، الذي كانت نتائج المباراة ستتغير لو مُنح الفريق المغربي حقه في ضربتي الجزاء المستحقة التي حرمه  منها التواطؤ، واللتان كان مصير البطولة سيتغير بالكامل..

***

حميد طولست

 

أجيال الأمة يجهلون تراثها العلمي ويعانون من أمية تراثية مزمنة، توارثوها وانغرست في الوعي الجمعي بآليات تكرارية مبرمجة تهدف لإستلاب وجودهم.

فالمغروس في الوعي العام بواسطة الآخرين، أن هولاكو قد رمى ما في بيت الحكمة ببغداد سنة (1258) ميلادية، في نهر دجلة حتى صار فيها جسرا من الكتب تعبر عليه الناس، وبهذا فأن تراثها قد ذهب مع الماء.

وهذه فرية إنطلت على الأجيال، ذلك أن بيت الحكمة ببغداد أنطلقت في زمن هارون الرشيد (170 - 193) وبلغت ذروتها في زمن المأمون (198 - 218)، وخبت في زمن المعتصم (218 - 227) خصوصا بعد أن نقل العاصمة إلى سامراء، ويُقال أن الواثق (227 - 232) قد بعث فيها بعض النشاط وكذلك المتوكل (232 - 247)، وبعدها تحول الخلفاء إلى دمى تحت إمرة القادة والمتنفذين من الأقوام المختلفة، فأهملوها وإنهمكوا بالحفاظ على وجودهم في كرسي الخلافة ولو إلى حين.

ولا يوجد ما يشير إلى أنها ذات نشاط يضاهي عصر المأمون منذ (247) هجرية وحتى (656) هجرية حين سقطت بغداد، فهل بقيت بعد أكثر من أربعة قرون على إنشائها، وبغداد تتعرض للفيضانات  والهجمات التدميرية والحروب الداخلية، والبناء لم يكن من الحجر، بل معظمه من الطين (اللبن) والجص.

ثم أن بيت الحكمة كانت أشبه بدار نشر، تؤلَّف فيها الكتب وتترجم، ويبدأ الوراقون بنسخها وبيعها، وإرسالها إلى حواضر الدولة العباسية.

فما في بيت الحكمة ليس نسخة واحدة وربما نسخ أصلية للنسخ المنتشرة في مشارق الأرض ومغاربها.

ويقال أن هولاكو إستحوذ على الكتب النفيسة وباعها للدول الغربية، والدليل الآخر الذي يدحض الإدعاء فمن السهل أن تحرق بدلا من نقل الكتب إلى النهر، فكيف يعقل أن نهر دجلة العارم التيار آنذاك تصمد فيه الكتب وتبني جسرا!!

وحريق بغداد جاء للوقاية من الأوبئة لكثرة الجثث المتراكمة في أرجائها.

وبإحتراق بغداد إحترق ما تبقى في بيت الحكمة من كتب، وأشك أنها بقيت تحوي كتبا على مدى أربعة قرون، وما إهتم بها الخلفاء الذين مروا عليها وعددهم بعد المتوكل (26).

ويُذكر أن أبو نصر الطوسي قد نقل (400000) مخطوطا من بيت الحكمة إلى مرصد مراغة أثناء حصار بغداد قبل دخولها، وإن صح ذلك فأن المغول لم يجدوا فيها ما يكفي لترويج فرية رميها في نهر دجلة، وكأنهم كانوا يمتلكون ناقلات عملاقة وليس بغالا وحميرا.

ومن المعروف أن معظم كتب التراث محجوبة في ظلمات مخازن المكتبات والمتاحف، ويسمحون بتحقيق ما يرونه مناسبا منها ويمنعون الآخر.

فعلينا أن نتحرر من قبضة التجهيل بالتراث العلمي العربي، وننطلق بمسيرة إحياء معاصرة.

***

د. صادق السامرائي

 

عن دار الحكمة في لندن صدر حديثاً كتاب (خفايا القراءة أسرارها وقوانينها) للأستاذ حسين سعدون، والمؤلف كما عرّف عن نفسه (كتبي في شارع المتنبي)، وهو مفكر وموسوعة معرفية كبيرة كما يراه جمهور واسع من المثقفين والمتابعين داخل العراق وخارجه، فضلاً عن التواضع والبساطة في شخصيته.

تابعت في الأشهر الأخيرة كما تابع غيري مجموعة من محاضراته القيمة، وقد وجدت فيها فكراً متنوراً واطلاعاً واسعاً وحافظة نادرة للنصوص، بالإضافة إلى الفهم العميق والموضوعية والجرأة والصدق في الطرح والمناقشة.

أثارت محاضراته القيمة صدى في الساحة الثقافية، وجاء في كتابة ضافية عنه للأستاذ رياض العلي بعنوان (ظاهرة حسين سعدون) قوله (قبل فترة وجيزة أخذ بائع بسطية صغيرة في شارع المتنبي يشغل الوسط الثقافيّ العراقيّ والعربيّ بطروحات وأفكار لم يعتدها هذا الوسط الغارق بالشكليّة والأميّة المعرفيّة)، وشبّهه وقد أحسن التشبيه (بأنّه يماثل جان جاك روسو)، واعتقد أيضاً (أنّ حسين سعدون هو أفضل شخص حالياً يمكن أن يقدّم برنامجاً تلفزيونيّاً عن القراءة والكتبّ خاصّة وأنّه يحمل ذاكرة نحسده عليها ولباقة في الحديث وأسلوب السهل الممتنع).

كما قرأت في حقه من قال (ثروة وطنية بمستوى معرفي عال)، وهي كلمة حق وصدق وأنا من مؤيديها، وهناك شواهد كثيرة تدل عليها، منها اتساع ساحة المعجبين والمستمعين له اتساعاً كبيراً، واعتبار ندواته الثقافية من الندوات العلمية المفيدة والثرية، وكذلك دعوته مؤخراً للحضور والمشاركة (في القمة العالمية للحكومات) في دبي بدعوة كريمة من أكاديمية الإعلام الجديد وبمشاركة افضل صناع محتوى بالعالم، وقد ذكر سعدون عند نشره لخبر سفره إليها يوم 13 شباط 2023م بأنه (أول سفرة له خارج العراق)، وقد التقى هناك بكبار المفكرين العرب والأجانب، وفيهم من عرف فضله وأعلى مقداره.

في محاضراته المنشورة يدعو للعلمية في التفكير وتحكيم العقل، ويدين (تردي وخلو المكاتب من الثقافة الفكرية وانحصار الفكر العربي بالصراعات السياسية والدينية ..)، وهو يعتمد فهمه العالي لما قرأ من مؤلفات كبار العلماء في الفلسفة والتاريخ والاجتماع والعقائد في الماضي والحاضر، ويستشهد بأقوالهم، ويرشد القراء والمثقفين إلى مؤلفاتهم.

ومما استوقفني من كلماته المنشورة على صفحته، وألمس فيها غيرة واضحة على وطنه قوله: (لو كان العراق بلداً هامشياً بلا تاريخ، ولا ثروات، ولا كفاءات لما شعر القلب بغصَّة، لكننا نمتلك كل مقومات النجاح ومع هذا نواجه كل هذا التراجع!)، وقوله في إدانة الظلم والفساد): اذا كانت الصورة القرآنية لمن يغتاب الناس هي أنه يأكل لحمهم وهم أحياء، فكيف هي صورة من يستولي على أموالهم ويمنعهم حق الحياة؟)، ومن جميل نشره ما استعاره للتعبير عن حبّه لمدينته بغداد قول الشاعر عبد المحسن الكاظمي:

‏أبغداد ابشري وثقي بأني

بحبك سالك سبل التفاني

*

ولو أعطيت ملك الأرض طراً

بغير هواك عيشي ما هناني

ويبقى الحديث عن المفكر حسين سعدون طويلاً ومتواصلاً، ولكني أوجزه بدعوة المثقفين عامة ومحبي القراء والاطلاع إلى زيارة صفحته والاستماع إلى محاضراته وقراءة كتابه بعقل منفتح ورغبة صادقة في معرفة الجديد والمفيد.

***

جواد عبد الكاظم محسن

 

1 ــ سماحة القناص، القادم من جهة اخرى، الباحث بيننا عن مكان، ونحن شعب نحترم الضيف، كنت شاطراً او تتشاطر علينا، تعرف لغتنا ولهجتنا ونقاط ضعفنا، نفذت فينا من ثغرات حبنا لأهل البيت، واتخذت من النجف وكربلاء والأضرحة الأخرى، بداية لنشاطك، لم تثر الشبهات في البداية، اللحية والعمامة ووالمظهر، أمور مألوفة، المثير للجدل كانت، الجماعات التي شكلتها،  والنواة السوداء التي انتميت اليها، الى جانب التواريخ التي فبركتها، والعقائد الأغرب، المثيرة للكراهية والفتن بين الأشقاء، تلك التي جمعت مؤدلجيك حولها، في بيت شيعي غير حميد، والحقت به، حشدك وداعشك الأيرانيتين، واتسعت اللعبة والفوضى، واتسعت معها مساحة فسادك، ونزيف الدماء والثروات الوطنية، واقتنعنا بعد فوات الأوان، انك ضيف شرير، وجب علينا فضحك ورفضك والتخلص منك، فوجدناك تقودنا كأسراب نمل، في مسيرات مليونية عمياء.

2 - سماحة القناص في كامل البيت الشيعي، قاتلاً أو خاطفاً او مرجعاً مختصاً في فبركة الفتن المميتة، لا تخفي وجهك، خلف مزعوم جهاديتك، ولا "تتمكيج" بأسماء الله والأولياء، فأنت أنت الذي، جئت مع الأحتلال الأمريكي، الذي رافقه الأجتياح الأيراني، وأنت الوليد الشرعي لتزاوجهما، بوحشية ودناءة غير مسبوقتين، سيطرت على السلطات والثروات، وعلى كامل مؤسسات الدولة، وفتحت لكم جيوباً في المحافظات الشمالية والغربية، اطلق عليها العراقيون في حينه، "اكراد الشيعة" و"سنة الشيعة" وبطريقة مدروسة بعناية، عملتم على تدمير لعقل العراق، وتشويه الوعي المجتمعي، فسادكم ومجازركم أيقظت العراقيين على حقيقتكم، وهتفت معهم، الساحات والشوارع والجامعات، وضحايا الجوع والأذلال "نريد وطن".

3 -ايها القناص المخادع، رئيس حزب او تيار، او مرجع يؤسس للفتنة، او اي ولائي يتغرغر بالخيانة، العراقيون اصحاب الأرض، وانتم ضيوف غير محترمين، اضرحة الأئمة في النجف وكربلاء وسامراء والكاظمية، وككل اضرحة القديسين، معالم الأديان الأخرى، ارث عراقي، المذهب الذي تتحدثون عنه، وتدعونه بدعة ايرانية، فرضتها علينا اطماعهم القومية والطائفية، العراقيون سيجدون روح الأمام علي (ع)، في نهج البلاغة وفي البعد أنساني لأستشهاد الأمام الحسين، الى جانب ألأرث العلمي والفلسي، لأبنائهم واحفادهم، يكفي العراقيون  ان يعيدوا قراءة تاريخهم، الوطني والأنساني،  واعادة كتابته، ثم القطع التام لذيول الولائيين، وجميع القناصة، القابعون في جوار ألأضرحة.

4 - سماحات القناصين، اصبحوا واقع عراقي مخيف، استبغلوا الدولة كاملة، وحكومة الأغلبية الشيعية في قبضتهم، يدعون الأمساك بصمام الأمام، ويلوحون بأشعال فتيل الفتنة، يؤلبون العراقي على شقيقه، ونسوا انهم ضيوف اجانب، وعليهم ان يحترموا الشأن العراقي، سيطروا على المنافذ الحدودية، والأماكن الأثرية، وفرضوا سلطتهم العمياء، السؤال النازف، الى متى يبقى العراقي، ضيفاً غريباً ذليلاً في بيته وعلى ارضه، لم يفرق بين، منهج اهل البيت، المثبت في كتب التاريخ، وبين مذهب القناصين، الملوث بقذارات الفساد والأرهاب، قد ياتي الجواب، على اكتاف تموز وتشرين، وعلينا ان  نربي الأمل.

***

حسن حاتم المذكور

26 / 02  / 2023

 

  بعودتنا بالزمن الى الوراء قليلا، نستذكر النداءات الملحة بتغيير النظام البرلماني الى نظام رئاسي، بعد أن طفحت على سطح العراق تبعات وعواقب سياسية واقتصادية واجتماعية، على يد آفات تولدت ونشأت وترعرعت تحت قبة مجلس النواب، ولقد ثبتت سلبيات النظام البرلماني ومساوئه على يد المتحكمين بالقرار العراقي، وغدا الجميع - من الشرفاء حصرا - يلعن لحظة إعلان تشكيل البرلمان، وباتت الدورات التشريعية كل أربع سنوات نذير شؤم، بعد أن أيقن العراقيون أن هؤلاء الـ (328) نفرا، لن تجود سماؤهم إلا بحجارة من سجيل، يقذفون بها على أم رأس المواطن المسكين.

نعم، هذا الذي حدث - ومازال يحدث - وهذا ماجناه العراقيون من إدارة النظام البرلماني، إذ تناسل هذا النظام في العراق الجديد، فوُلد التوأمان الشرعيان له؛ المحاصصة السياسية والطائفية الحزبية، واللذان بدورهما خلفا كل أشكال الفساد بصنفيه المالي والإداري. وليست ببعيدة التظاهرات التي ملأت فترة زمنية لايستهان بها، شوارع المدن والأقضية والنواحي في محافظات العراق كافة، مستنكرة ومستهجنة النظام السياسي المتبع، والذي أثبت بما لايقبل الشك عدم جدواه في النهوض بالبلد، الى حيث يليق به كبلد يطفو على بحر من النفط.

وبصرف النظر عن التغيرات السياسية الشكلية، المراد منها إضفاء مسحة جدية التغيير على العملية السياسية البيروقراطية، وإبرازها بوجه حسن كقناع يخفي وجهها القبيح، فإن وضع بلدنا اليوم لا يسر صديقا ولا يبغض عدوا، حيث أوصله ساسته بنظامهم البرلماني الى بلد حاصل على الدرجات العليا والمواقع المتقدمة بين بلدان العالم، إلا أنها في إحصائيات الفساد والجريمة، علاوة على إفراغهم خزينته من المال، وعزمهم على تعرية أرصدته في البنك الدولي من غطائه الذهبي، ماينذر بعاقبة سيئة بل سيئة جدا في المستقبل القريب والقريب جدا، قد تمتد الى البعيد والبعيد جدا، كما أن قادم الأيام سيكون شد الحزام عن آخره خيارا لا ثاني له أمام العراقيين، والبركة قطعا بالأخطاء المتكررة في المجلس التنفيذي والمجلس التشريعي بدوراتهما المتعاقبة كافة.

والراية البيضاء هنا -بعد أن سوّدوها- بات حتميا رفعها زمانا ومكانا، كون العراق يعيش حربا طاحنة، تهون أمامها الحرب ضد الإرهاب، فالأخيرة كانت تقتصر على تطبيق (الفرضة والشعيرة) و "مد خط وهمي من عين الرامي الى الهدف" وبشيء من الذخيرة الحية، والتحضيرات اللوجستية، وضمان الإمدادات التعبوية، وتهيئة سقف جوي، وإسناد مدفعي وهندسي. وبتوفير هذه المعطيات مجتمعة، أتت المعارك ضد الإرهاب مضمونة النتائج لصالح العراق والعراقيين.

نعم، فمع ويلات الحرب ضد الإرهاب وأهوالها، نحن أمام حرب أكثر ضراوة، تلك هي الحرب ضد الفساد، والتي لن يدخل الزناد كأداة من أدوات القضاء عليه، ولن تجدي الرصاصة كوسيلة ردع ضد عناصر الفساد، كما أن البنادق والخنادق ليست خيارا موفقا لمجابهته والتغلب عليه، أما الوقوف ضده، فلن يقتصر على جيش أو قوات مسلحة أو أمنية فحسب، فبدءًا من المواطن، أبسط مواطن، الى الرؤوس في الحكم، مرورا بشرائح الشعب كافة بمؤسسات البلاد جميعها، تتبلور مسؤولية التصدي لعناوين الفساد، دون محاباة ومواربة وتواطؤ، وبغير هؤلاء جميعهم، ومن دون موقف موحد منهم، ووقفة جادة حازمة، وتدابير صارمة لاتذللها الإخفاقات، لن يوفقوا بالقضاء على الفساد، وسيبقون حينها (محلك راوح) فيما يبقى الفساد تحت إيعاز (إلى الأمام سر).

***

علي علي 

عندما يُطرح أي سؤال عن التأخر العربي، يكون الجواب واحدا، وبمقاربات خامدة وعقيمة، لم يتحرر من قبضتها المفكرون والفلاسفة والمثقفون.

ولا زلنا نقرن التأخر بأحداث مضى عليها قرون، وكأن المجتمعات الاخرى لم تحصل فيها أحداث أبشع وأقسى من التي عندنا.

فعدم التقدم المتوافق مع إرادة العصر، ناجم عن أسباب نفسية ومشاعر سلبية، تفاعلت في الواقع الذي لم تتوفر فيه قيادات إيجابية ذات قدرات معرفية، ووعي تأريخي، وفهم لطبيعة الإنسان وجوهر ما فيه.

وتفاقمت الحالة بعد الحرب العالمية الأولى، عندما أدركت الدول المنتصرة فيها، أن عليها أن تنيخ الشعوب وتستعبدها بآليات مباشرة وغير مباشرة، أو إستعمار ناعم، وآخر خشن، وتقلص الإستعمار الخشن مع الأيام لكلفته الباهضة، وتنامى الإستعمار الناعم لربحيته العالية، وبموجبه يُزرع في الهدف أسباب الضعف والإنكسار وفقدان الإرادة، وإقناع الناس بأنهم عالة وعليهم بالتبعية والخضوع لإرادة الطامع فيهم، فتوجهت الأقلام ووسائل الإعلام للترويج لثقافات الإنكسار والإندحار والدونية، وتحقق تسويق العديد من الأشخاص ليكونوا أبواقا للإنهزام والقبول بالأمر الواقع، وإستلطاف البكاء على الأطلال، وتمجيد الغوابر وتقديم التأريخ بأساليب خيالية وتقديس شخوصه، وإعتبار الماضي مجدا خارقا لا يمكن الوصول إليه، وتم إخراج رموزه من آدميتهم، وإعتبارهم مخلوقات لا تتجسد فوق التراب، وكأنها لا تموت.

وعلى هذا المنوال سارت الأجيال متعثرة بالأجيال، وحتى يومنا المعاصر تجد العديد من الأقلام تكتب ما تبرر به التأخر وتحسبه تحصيل حاصل.

وهكذا تأسن الواقع بتكرار ما هو سلبي تجاه الأمة والإنسان، وغياب القيادات القادرة على إستنهاض الطاقات وبناء الحاضر والمستقبل، وإشتداد الهجمات الإعلامية بأنواعها؟

فالجيل العربي تم خداعه، والنيل منه، والقسوة عليه، وتدمير وجوده، ومصادرة حقوقه، وتعطيل عقله بآليات السمع والطاعة، حتى صارت الخطايا مقدسة.

***

د. صادق السامرائي

 

كنا في بداية ستينات القرن العشرين نحمل راية الأفكار التقدمية، سواء الغربية منها المتعلقة بالحرية والديمقراطية ام الشرقية متمثلة بالفكر الثوري وتحقيق العدالة الاجتماعية عن طريق بناء مجتمع على أسس اشتراكية. وكانت كل لقاءاتنا كأصدقاء تنصب على حوارات ثقافية حول التجارب العالمية، وقراءاتنا للكتّاب المشهورين. هذا يحدثنا عن ثلاثية نجيب محفوظ وذاك عن وجودية جان بول ساتر، والآخر عن كولن ولسن وكتابه "اللامنتمي" الذي أحدث ضجة كبرى بين مثقفي المجتمع الأوربي.

فاجأنا أحد أصدقائنا الذي يكبرنا سناً بحوالي ثلاث او أربع سنوات، من انه سوف يتزوج قريباً. وجه الينا الدعوة باعتبارنا اصدقاءه الشخصيين. وجاء يوم العرس وكانت الجلسة في بيتهم. البيت متواضع وفي محلة شعبية، وطبيعة المجتمع والجوار ريفية عشائرية، وان كانت من ضواحي مدينة بغداد. جهز غرفة الضيوف لتكون لنا فقط، واعد لنا المشروبات الكحولية والمزة المرافقة لها. بدأنا نشرب فرحين مع العريس، والبيت حولنا في حالة من الفوضى والضجيج. المئات من الشباب يدخلون ويغادرون في بيت لا تعدو مساحته أكثر من 100 متر مربع، وهو من البيوت الأولى التي وزعها الزعيم عبد الكريم قاسم في اعوام 1961/1962 على ساكني الصرائف في مدينة بغداد. معظم الحاضرين من نفس المنطقة السكنية او ربما من نفس العشيرة، فيما عدانا نحن سكنة الكرادة الشرقية التي كانت في ذلك الوقت تعتبر من المناطق الأرستقراطية.

جاءت اللحظة الحاسمة بشكل مفاجئ. لحظة زفة العريس لعروسه التي لم تتعدَ خروجه من غرفة الضيوف ونحن معه الى غرفة النوم أو غرفة ليلة الدخلة المجاورة لها. مشينا معه وخلفه، وفعلنا ما هو دارج ومعتادٌ عليه ان يقوم به أصدقاء العريس ونحن نزفه الى القفص الذهبي. دخل الغرفة وسط الهلاهل والهتاف: "شايف خير ومستاهلها". لم نرَ العروس لأنها كانت في الغرفة بانتظار العريس في تلك الليلة المباركة. الليلة التي تحلم بها كل فتاة. الليلة التي ستمارس بها الحب والمحبة لأول مرة، لتبدأ حياة خصبة بالأفراح والعشرة الطيبة.

تصورنا ان الحفلة قد انتهت حينما دخل العريس الغرفة، وعليه كان لزاماً علينا ان نهمّ بمغادرة الدار كي ينعم العروسين بالخصوصية المطلوبة في ليلة العرس. ولكن قبل ان نخرج من باب الدار فاجئنا العريس بالخروج من غرفة الزوجية، ملوحاً بيده منديل ابيض ملطخ بالدماء، رافعاً رأسه عالياً بكل فخر واعتزاز. بدأت الهلاهل والأهازيج تصدح عالياً، وبدأ إطلاق النار في الهواء، وبدأ الاحتفال الحقيقي.

بالنسبة لنا الاحتفال قد انتهى، لذا قررنا توديع العريس والحضور. لاحظنا في هذه الأثناء ان بعض الأشخاص ينظرون الينا بطريقة خاصة، وبنوع من الغضب، ويتشاورون فيما بينهم. لم نعطِ لذلك أهمية ولم ينتبه الجميع لذلك. لم نستطع عدم الحديث عما حصل ونحن في طريق العودة. خمس دقائق لا أكثر ولا اقل. كيف يمكن ذلك! ولماذا الاستعجال! وهل هي التقاليد! وهل هذا ما كان يتوقعه الجميع، عدانا نحن اصدقاءه المقربين!!! هكذا انتهت ليلة الدخلة بوقت زمني قياسي لم يتجاوز الخمس دقائق. لقد اخذنا الموقف على حين غرة. سمعنا بمثل هذا من قبل، ولكن في القرى والأرياف، وممارسات يقوم بها الجهلة غير المثقفين، فما بالك ان قام بها من يدعي الثقافة والتقدمية ويدافع عن حقوق المرأة ليل نهار.

التقينا بصاحبنا بعد حوالي أسبوع او أسبوعين من تلك الليلة. وتدرجنا بالحديث لنصل لما حدث في ليلة الدخلة. كانت اجابته واضحة ومباشرة. قال ان الكل ينتظر نتيجتين في تلك الليلة: من أني رجل، ومن ان زوجتي باكر حينما دخلت عليها. ولكن يا صديقي هذه عادات وتقاليد نحن نستنكرها ونسعى الى ازالتها وندعو الى العلاقات الزوجية الحميمة المبنية على المحبة والتكافؤ والمساواة بين الرجل والمرأة. قال وانا أؤمن بذلك، ولكني لا أستطيع ان اتغير بمفردي. نحن ندعو ان يحصل تغيير اجتماعي شرط ان يكون جمعي وليس فردي، وإلا سيكون مظهرنا شاذاً ومستنكراً من قبل المجتمع.

ثم أردف يقول ان هناك موضوعا آخر حصل تلك الليلة اريد ان اخبركم به. هل تعلمون ان وجودكم بيننا لم يكن مرغوباً به! وحينما تساءلنا عن السبب؟ قال لأنكم لستم من بيئتنا. مظهركم وملبسكم وانطلاقتكم كانت استفزازاً للآخرين. كذلك لاحظ الشباب ان بعض الفتيات كانوا منتبهين لوجودكم أكثر من انتباههم على شباب العشيرة. لذلك لم يتحملوا وجودكم بيننا، لدرجة قرر بعضهم ان يلحقوا بكم ويقتلوكم او على الأقل يعتدوا عليكم ضرباً. ماذا تقول يا صاحبنا! صدقوني لولا توسلي بهم في تلك الليلة لحدث ما حدث.

***

محمد حسين النجفي

 

اه كم هو جميل الإبحار في الماضي والغوص بحثا عن ذكريات غادرت الذاكرة أو اختفت تحت صخوره او بين تلافيفه المتناثرة في بواطن السنين التي فقدت عبقها .. انا الان اجلس على دكة الزمن وارنو بعيون محايدة لما جرى في تلك الأيام التي تحولت إلى جزء من ركام الماضي السحيق فيترائى لي بيتنا يلاصق بيتهم قريبا من النهر وفي الجهة الثانية التي تجاور بيتهم ماكنة الماء الكبيرة والتي تصب ما تأخذه من النهر في ساقية كبيرة تتهادى نحو حقول بعيدة وقرى لا اعرف عنها شيئا ولا حتى مسمياتها .. اولاد عمي حسين هم حمادي وسعيد وبناته وضحه وسعاد وزوجاته زهره ورفعه وانا واخي علي وعبد الكريم واخواتي فاطمة وزينب وكلثوم وامي سلوى وزوجة ابي الأخرى عقيلة هم امتداداتهم تصل حتى منطقة (الكرمه) على مشارف الفلوجه ونحن تبدأ امتداداتنا من حديثة حتى العزيزية وصولا إلى الحويجة . كان حمادي أكبر مني بعام وأخوه سعيد أصغر بعام لكنه أكبر من اخي عبد الكريم أيضا بعام نذهب صباح كل يوم إلى مدرسة (المفيد) القريبة من سكننا ومعمل (الدبس) الواقع على شارع المحيط لم يجمعنا صف إذ تفرقنا حسب أعمارنا وتوزعنا على الصفوف من الأول حتى الرابع وكان بيني وبين حمادي تنافس رهيب فكنا الأوائل على صفوفنا كل عام واكتفي سعيد وكريم بالنجاح .. كنا في أغلب صباحات ايام الدراسة نفطر معا ثم يقودنا حمادي العاقل الهاديء الشاطر نحو المدرسة وننتظر بعضنا عند انتهاء الدوام .. بين بيتينا فوارق ومشتركات كثيرة لم أنتبه لها إلا بعد ثلاث سنوات من عمر المدرسة إذ تختلف لهجة ابي وامي وضرتها عن لهجة عمي حسين وزوجتيه لكن التفاهم بينهم موجود وكوفية ابي مرقطة بالأسود وعقاله سميك وكوفية عمي حسين بيضاء خالصة وعقاله أقل حجما لكنهما لم يتوقفان عند هذا وفي الصلاة يضع عمي حسين ذراعاه أسفل صدره في حين يسبلهما والدي لكنهما لا يتوقفان عند هذا الاختلاف وغالبا مايذهبان إلى زيارة مرقد الإمام الكاظم لكن عمي حسين وعائلته لا يذهبون معنا إلى كربلاء والنجف ويفطر عمي حسين في عيد رمضان قبلنا بيوم كل عام ولا يتزاوران في هذا اليوم بل يكونان معا في اليوم الثاني أما المشتركات فهي كثيرة وكثيرة إذا ما أن تأتيهم حصتهم من تمور بساتين منطقة (الجذول) حتى تكون حصتنا منها معلومة وما يأتينا من شيء إلا ولهم حصة فيه وكم حاولت أن أعرف من ابي مدى قرب عمي حسين له فيردني ردا جميلا ويخبرني انه اخوه وعمي وهكذا حتى حانت الفرصة وكنا انا وحمادي في طريق العودة من المدرسة وسألته..

- حمادي هل نحن أقرباء أو جيران فقط؟

- ابوك عمي وابي عمك

- لكن اسماء الأجداد تختلف؟

- هكذا فهمت من ابي وقد يكون هناك خطأ في السجلات

- لا أعتقد أن هناك خطأ ولو كان لصححه أحدهما

- لماذا لا تسأل عمي؟

- سألته ولم يرد إلا بما ذكرت انت

- طيب وماذا تريد أن تعرف؟

- فقط نوع القرابة بيننا؟

- حاولت قبلك ولم أصل إلى غير هذا

- هناك اختلافات ياحمادي في اللهجة والسلوك والتعبد وقد ينشغل أباك في صلاة التراويح في ليالي رمضان في حين يسميها ابي بدعة؟

- وبعد؟

- كثير .. منها أنكم لاتزورون مراقد الأئمة مثلنا ويصلي ابوك خمسة أوقات وابي ثلاثة

- نفس ما يجول بخاطري لكني مثلك اسال ابي ولا احصل على ردود مقنعة

- والحل؟

- نترك كل شيء للزمن وهو كفيل

ومرت الأيام وشتت بنا السبل واكملنا دراستنا بعيدا عن بعض بعدما ارتحلوا هم إلى الفلوجة وتركنا المنطقة إلى غيرها ولم يزورنا عمي حسين ولم يذهب ابي لزيارتهم وصدفة ذات يوم كنت مدعوا إلى مؤتمر يخص مكون لا انتمي له وجدت حمادي من شخصيات ذلك المكون المهمة وهو يرتقي المنصة ويطالب بحقوق مكونه بحماسة منقطعة النظير تصل إلى حد شتم المكونات الأخرى فعرفت ان الأيام قادرة على تبديل القناعات وأن (الاخوة) مهما طالت لها صلاحية محددة وتاريخ انتهاء.

وهكذا ضاعت الأيام واخذت معها الاخوة

***

راضي المترفي

 

باتت الأوضاع والأحداث في العالم مرتبطة ببعضها بشكل وثيق، فكل هذه الملفات يأثر الواحد بالآخر ويتآثر.. فالحرب في أي مكان ستلقي بتأثيرها على المشهد الاقتصادي للمنطقة وتحديداً العراق، ولا يقتصر هذا على المشهد الاقتصادي فحسب، بل تعداه الى الجانب السياسي، ولنا في تأثيرات الحرب الروسية- الأوكرانية خير دليل.. حيث بات من المهم ان نقرأ المشهد العراقي من زاوية (روسية-أوكرانية).. فما شهده بلدنا من متغيرات أقتصادية، بدأت بالتأثير عليه من خلال الارتفاع اللافت في أسعار النفط في العالم، وما تركه من تفاعل بالإيجاب على الوضع الاقتصادي للبلاد.

العراق من البلدان التي تؤثر وتتأثر بالمشهد ومتغيرات الدول، وبات العالم يستشعر حجم المازق الذي يعيش به بما يخص موارد الطاقة،لذلك ذهب الى ضرورة إيجاد منفذ ثاني لتغطية النقص الحاصل فيها،والعراق هو احد هذه المنافذ التي يُعتمد عليها في تزويد العالم بالنفط..

تبعا لما سبق صار لا بد أن يكون العراق مستقراً سياسياً واقتصادياً، ليصبح مؤهلاً لهذه المهمة.. لذلك عمدت الولايات المتحدة الامريكية لدعم إيجاد الاستقرار السياسي المناسب له، من خلال إيجاد الوسائل الضرورية لهذا الاستقرار، وتوفير البيئة الآمنة له.

البيئة العراقية من جهتها ربما تعد آمنة لدعم الاقتصاد العالمي بالنفط،إذا ما توفرت لها كل الوسائل الضرورية لهذا الاستقرار، عبر توفير القوانيين والتعليمات التي من شانها تذليل العقبات، وإزالة المعرقلات التي توثر على عمل الحكومة وتنفيذ برنامجها الحكومي، وإيجاد الاليات التي من شانها تسهيل عمل الحكومة.. هذا جعل حكومتنا في موضع مريح لكنه يتطلب ضرورة إستثمار هذه الفرصة الثمينة، التي أنتجتها ازمة الطاقة العالمية بعقد الاتفاقيات الاقتصادية مع هذه الدول، وفق مبدأ التوازن، وان تبنى هذه الاتفاقيات على أساس مصالح الشعب العراقي..

نقلت مصاذر ان الوفد الذي وصل الى العاصمة واشنطن برئاسة السيد فؤاد حسين، عازم على مواجهة الازمة الاقتصادية، وفق رؤية الحكومة العراقية ومصالح البلد، وليس على اساس ما تريده واشنطن من العراق، كما يحلول ان ينقل صورة مفادها، أن على واشنطن ان تنظر الى العراق كحليف وليس تابع.. وان له قرارا سياسيا نابعا من مصلحة هذا الشعب..

للعراق دوراً رئيسي ومهم في أن يكون المفاوض البديل، عن واشنطن في حواراته مع طهران، او حتى مع روسيا، وهذا يتيح ان تصبح  بغداد طاولة حوار لهذا الخلاف،وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء.

حكومة السيد السوداني وكما يبدوا لحد الان، جادة في إيجاد الاصلاحات الضرورية لمعالجة الخلل في بنية الدولة،وتنفيذ الإجراءات  الضرورية لتحسين الاداء الحكومي،بالاضافة الى ضرورة ان يكون هناك تفعيل لدور القضاء عبر ملاحقة مافيات الفساد وسراق المال العام..

بعكس ذلك ستبقى حكومة السيد السوداني ومن خلفها البلاد، رهينة الرغبات واجندات دول اخرى، وسياسات ومصالح تلك الدول،وستبقى عرضة للاسقاط بأي لحظة، لان تلك الدول تبحث عن مصالحها فقط.

***

محمد حسن الساعدي

لم تستطع الحكومة العراقية أن تبني سياستها الواضحة المعالم في العلاقة بينها وبين الشعب في كشف سياستها وتوجهاتها الخارجية والقرارات المصيرية المتعلقة بمصير الشعب وحياته اليومية وكيفية تعريف سياستها مع الدول المرتبطة معها بعلاقات استراتيجية تجارية وسياسية تحاول من خلالها توضيح للمواطن ما يدور مع جيرانه من دول العالم وما يجري فيه من متغيرات يومية شائكة وكيفية أدارة ثرواته وأمواله لهذا نرى كل الاتفاقات المبرمة مع دول ذات علاقة بنا نراها تُدار من وراء الكواليس وفي دهاليز السياسة  المظلمة ومطابخها لن يطلع عليها المواطن إلا من خلال النزر اليسير من المعلومات التي تبثها قنوات الإعلامية المتهمة بالطائفية والتظليل والكذب وكثيرا من التهم التي توجه لها بعد ما فقد المواطن المصداقية بالحكومة والإعلام فكل الاتفاقات العلنية منها والسرية يحيطها الغموض تظهر حقائقها بعد زمن من خلال تسريب مضمونها وتبعاتها وتداعياتها التي تلقي بظلالها المظلم على المواطن .

أن كل المفاوضات والاجتماعات الخارجية والداخلية التي تدار في الكواليس بين القوى السياسية غير شفافة لتتستر على مصالحها الشخصية بعيدا عن الرأي العام رأي المواطن وهذا يجرنا إلى التساؤل هل عدم وجود رأي للشعب في تقرير مصيره هو لحساب مصالح القوى السياسية وديمومة وجودها في السلطة أو عدم الرغبة في تعريف المواطن بما يدور من حوله خشية منه ومن ردود أفعاله إزاء التنازلات الخطيرة التي لا تصب في مصلحة المواطن أو فقدان الشجاعة في المصارحة خوفا من استفزاز الشعب والقوى الوطنية حفاظا على معارضة سياسة الحكومة وتوجهاتها التي تصب في مصلحة الغير على حساب مقدرات الشعب بحيث لن تُكلف الحكومة نفسها باطلاع الشعب على قرارات الحكومة وتبيان سياستها الخارجية بوضوح وخصوصا الاتفاقات الدولية مع العراق ومحتواها ونتائجها وعرضها أمام الرأي العام إلا من خلال ما يتسرب من وسائل الإعلام وعلى شاشات التلفاز أو الندوات الحوارية وكأن الشعب ليس معنيا وليس له الحق باطلاعه أو أبداء الرأي كحق من حقوقه الديمقراطية إلا بعد فوات الأوان وتمرير مضامينها المجحفة بحق الشعب وتهديد سياسته فعلى سبيل المثال الاجتماعات والاتفاقات على ترسيم الحدود البرية والبحرية مع الكويت والاتفاقات النفطية مع مصر والأردن ومن قبلها الاتفاقية الصينية مع العراق وآخرها مع الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص ارتفاع سعر الدولار في العراق وتأثيره على الحالة المعيشية للمواطن والقرارات السياسية في أدارة السياسة المالية والمصرفية التي دارت بين الطرفين وعلى ماذا وقع الجانبان وما هي التنازلات التي عودتنا الحكومات العراقية على أعطائها دوما للغير ولهذا نرى عدم الرضا على الحكومات وزيادة الهوة والفجوة والجفاء الذي يتسع يوميا تتجلى صوره في كل انتخابات نيابية تولد عرجاء فاقدة للتأييد الجماهيري والخاسر الطرفين وخصوصا الشعب أما الحكومة فالوضع مؤقت إذا ما تداركته القوى السياسية حاليا ومستقبليا.

***

ضياء محسن الاسدي

 

أمة العرب دستورها الكلمة، لأنها فاعلة في سلوكها منذ ما قبل الإسلام، وجاء القرآن ليؤكد دور الكلمة وقيمتها العملية اللازمة لحياة طيبة صالحة للناس.

فالخطابة والشعر كانا فاعلان في الحياة، وإكتسحهما القرآن ببلاغته وقوته الأسلوبية المتحدية لطاقات الإبداع السائدة، ولذروة ما وصلت إليه قدرات التعبير بالكلمة عن الفكرة والمعنى والمغزى.

ومضت الأمة بعد ذلك قوامها كلمات القرآن وقوة البلاغة الشعرية، فما خلت فترة حكم فيها بعد دولة المدينة من أنوار الشعر وآلياته المهذبة للتفاعلات ما بين الناس، فالشعراء وضعوا القوانين السلوكية في منظومات شعرية تتوارثها الأجيال وتنغرس في ضميرهم ووجدانهم، وتُنحت في ذاكرتهم ولا تغيب عن الحضور.

ويبدو أن للشعر تأثير كبير على مسيرة الأمة، وفي معظم الأحيان يكون للشعراء قدراتهم القيادية والتوجيهية على مختلف المستويات والصيرورات، فكانوا من المقربين لقادة الأمة والمعبرين عن رؤاهم وتطلعاتهم، ومعايير حكمهم، فتجد في قصائدهم ما يوضح ذلك ويؤرخه وينشره بين الناس، فالشاعر كان الصوت الإعلامي لنظام الحكم.

وبزعزعة قوام الشعر، وتناثر كلماته، وخروجها من الواقع إلى الخيال، ومن الوضوح إلى الغموض، ومن ملامسة هموم الناس إلى التحليق في مدارات الآخرين، أصبح السلوك الجمعي يميل للإضطراب ويفتقر للمعايير اللازمة لضبطه وتوجيهه، وبإنهيار قيمة الكلمة ودورها، صارت الكلمات بأنواعها لا تؤثر فتتدحرج ككرات البليارد على سفوح المسامع.

وتجدنا أمام منشور ومذيوع يهاجمك بلا إنقطاع، وما يحصل يمثل إنهيارات وتدهورات، بتداعياتها الفاعلة في الأحداث والمولدة للصراعات والتنافرات ما بين أبناء النوع الواحد، لأن العقول تبلدت مدافعة عن وجودها أمام الضخ العقيم، فتعطلت حركة الكلمة وتصملت في مواطنها، ففقدت التأثير بالسامعين والقارئين.

ولن تنطلق الأمة في مسارات العصر وتستعيد جوهرها ما دامت الكلمة مصادرة ومجردة من التعبير عن فعل!!

فهل سنعيد للكلمة قيمتها الحضارية؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

قد يضطر الإنسان الى الحصول على الجنسية الثانية، بسبب فرص العمل او الهروب من واقع بلده الاصلي السياسي والاقتصادي والعيش في بلد اخر،نلاحظ ان غالبية مزدوجي الجنسية هم من رعايا ما كان يعرف بدول العالم الثالث ومنها دولنا العربية، وهذه الدول بمجملها تعرضت للاحتلال الاجنبي وبالأخص الاوروبي،لم يأتي هؤلاء للإعمار كما يدعون بل جاؤوا لنهب خيرات الدول ومن ثم افقارها وقتل وتشريد المناوئين لهم، وهذه الدول الاستعمارية تعمل على جلب رعايا الدول التي كانت مستعمرة من قبلها من ذوي الكفاءات بمختلف المجالات واخيرا جلب العمالة غير الماهرة لتدني اجرها.

قد يبدو الامر في بدايته انه انتقال للخبرات الى حيث تجد فرصة للإبداع والاختراع وعيش الرفاهية، لكنه في الحقيقة ما هو الا سعي محموم من قبل الدول الاستعمارية للظفر بتلك العقول والاستفادة منها الى اقصى حد ممكن وتقديم الاغراءات، وصل الامر بهذه الدول الى عدم السماح لتلك العقول المهاجرة بالعودة الى اوطانها وان ادى الأمر الى اغتيالها والشواهد على ذلك كثيرة.

نلاحظ عبر وسائل الاعلام المختلفة ان الغرب الاستعماري لا يحترم من يعيشون على اراضيه من رعايا الدول التي كانوا يحتلونها، فرغم حصولهم على الجنسية الا انهم لا يتمتعون كأقرانهم (الاصليين) بالرعاية الاجتماعية التي تكفل لهم العيش الكريم والتوظف في مؤسسات الدولة، بل نجدهم يسكنون في احياء تفتقر الى ابسط الاشياء من مصادر للمياه والصرف الصحي والرعاية الصحية ويعملون في المهن الوضيعة ويعاملون بقسوة من قبل السلطات البوليسية والزج بهم في السجون ولا ينصفهم القضاء، فعن اية حقوق يتشدق هؤلاء؟.    

الانكى من ذلك ان بعض مزدوجي الجنسية يعملون لصالح الدول التي منحتهم الجنسية على حساب دولهم الاصلية وبالأخص في مجال ما يسمى زورا وبهتانا بحقوق الانسان (شعارات براقة هلامية يختطها الغرب كيفما يشاء)حيث ان هؤلاء(مزدوجي الجنسية) يسعون الى اثارة القلاقل في بلدانهم من خلال وسائط التواصل الاجتماعي، بل يذهبون الى بلدانهم الاصلية وقيادة مظاهرات ضد أنظمتها، ليقينهم التام بان من منحوهم الجنسية وشجعوهم على تخريب بلدانهم، سوف يسعون الى استرجاعهم بكل الوسائل خاصة وان دولهم الاصلية لا حول لها ولا قوة، وعندما تعمد دولهم الاصلية التي لازالوا يحملون جنسيتها الى محاكمتهم على ما ارتكبوه من اعمال عنف واثارة للشغب، بل الى تزويد من منحوهم الجنسية بمعلومات تمس بالأمن الوطني تقيم الدول الغربية الدنيا ولا تقعدها وتطالب تلك الدول بترحيلهم لانهم يحملون جنسيتها وهي مطالبة وفق القانون بحمايتهم، ومن هنا يبدأ ما يعرف بتنازع الوطنية.

ترى لماذا لا تسعى الدول الاصلية التي لاحول لها ولا قوة على مجابهة الغرب الى سحب الجنسية من كل من سعى الى الحصول على جنسية اخرى ويعمل لصالحها بل يسعى الى اثارة الفتن ببلده الاصلي فهؤلاء لا فائدة ترجى منهم بل ولاءهم لأسيادهم الذين منحوهم الجنسية وجعلوهم اعينا على بلدانهم، ومن ثم في حالة قدوم هؤلاء الى بلدانهم الاصلية وارتكاب اعمل شغب فانهم يعاملون كأجانب وتطبق عليهم النصوص والأعراف الدولية التي تحكم علاقات الدول.

لقد لاحظنا وبأم اعيننا ان مزدوجي الجنسية الذين عادوا الى (بلدانهم) عقب الاطاحة بأنظمة الحكم ضمن مسلسل الربيع العربي، تولوا مناصب قيادية ونهبوا ثروات شعوبهم وعندما ابعدوا عن السلطة رحلوا الى مانحيهم محملين بتلك الاموال، انهم وبكل بساطة عملاء بمرتيه الخيانة العظمى.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

بعد حملة منصة "بلغ" التي اطلقتها وزارة الداخلية لمواجهة اصحاب المحتوى الهابط، لا يخفى ان لمواقع التواصل الاجتماعي جانبين مهمين في الاستعمال، هما:

الجانب الاول - الايجابي:

ويمثل الهدف من وجودها وتسميتها بالتواصل الاجتماعي وتبادل الأفكار والاخبار وتشخيص مواطن الخلل على كافة الصعد باسلوب مقبول وموضوعي. وهو موجود في مجتمعنا بموضوع التواصل بشكل محدود جدا، لكن مغالى فيه بقضية النقد والتهجم الذي لا يستند الى دليل.

الجانب السلبي: ويقتسمه فريقين:

الفريق الاول: يذهب الى ان وسائل التواصل الاجتماعي صناعة امريكية بامتياز للتجسس على الشعوب الاخرى اولا؛ وتخريب قيمها ومعتقداتها ثانيا؛ وغزوها فكريا ثالثا... وهذا الفريق يعتمد نظرية المؤامرة الخطرة جدا والتي يعتبرها البعض اخطر من الاحتلال، لان الاحتلال ممكن ان تحاربه وتقاومه بالشباب بينما هذا الاحتلال التكنلوجي يخرب عقول الشباب ويسلخهم عن مجتمعاتهم وعن افكارهم وقيمهم وتقاليدهم واهم شيء عن تعاليم دينهم. واصحاب هذا الفريق ناقوس خطر حيث شهدنا الكثير من حالات تقليد محتويات الغرب في العراق من قبل الشباب والتي هي بعيدة كل البعد عن واقعنا وعاداتنا وتقاليدنا.

الفريق الثاني: يذهب الى ان مواقع التواصل الاجتماعي بناءة وتطور مطلوب؛ لكنها تعاني سوء الاستخدام والإفراط والاهتمام الزائد بها في مجتمعاتنا، واعتماد البعض عليها في السب والقذف والكذب والتسقيط وترويج الإشاعة ونشر الصور المخلة والرذيلة احيانا. وهذا الاتجاه لم يجافي الصواب لان البعض ذهب بعيدا في بثه ومحتوياته حتى سقط كل شيء ساسة وسياسات وتجاوز على الذوق العام بنشر كل ما هو فاضح ومخل بالآداب العامة وهنا يندرج اغلب اصحاب " المحتوى الهابط "، سواء كانت فعلتهم عن قصد مسبق او عفوية دون العلم بمخاطرها، وهدف اغلبهم الشهرة المصطنعة او المؤقتة.

ورغم كل ما تقدم، فإننا لن نستطيع التوصل الى الاستفادة من تقنيات الاعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي لعدة اسباب اهمها:

١. انها صناعة خارجية مستوردة جاهزة.

٢. لا يمكننا التدخل في تطويرها او تحويرها.

٣. لا نتوقع تكنلوجيا المورد التي تتطور كل لحظة.

٤. صعوبة مراقبتها لان تغذيتها ممكن ان تكون من اي بقعة في العالم.

٥. ضعف القوانين الداخلية او انعدامها والمتعلقة بمحاسبة المتجاوزين على الشبكة الدولية للمعلومات يشكل جزءا كبيرا من سلبيات هذه المنظومة التي لا ننكر ان لها إيجابيات تفوق السلبيات ان نحسن استعمالها... وهذه مسؤولية البرلمان الذي اغفل هذه القضية في دوراته المتعددة السابقة.

وأخيرا تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي وما سيظهر مستقبلا من تطبيقات الكترونية جديدة... جزءا مهما من حياتنا ولا بد من التكيف معها قانونيا  اولا؛ باصدار تشريعات جديدة تنظم عمل هذه التطبيقات. واجتماعيا ثانيا؛ بتثقيف الشباب على استعمالها والاستفادة من ايجابياتها. وتكنلوجيا ثالثا؛ بتطوير امكانيات التعامل معها محليا وترويضها حتى تنفع مجتمعاتنا.

ان ما جرى خلال الشهرين الماضيين من حملة لمكافحة اصحاب المحتوى الهابط اعتمدت على قانون العقوبات لعام ١٩٦٩ وكانت صحيحة ومؤثرة، لولا انها اعتمدت عنصر المفاجئة في اوامر القبض واصدار الاحكام دون تحذير مسبق او تنبيه في إقرار العقوبة، واغفلت ان الغاية من القانون الردع لا العقوبة.

***

جواد العطار

منذ أيام وانا مربك اعيش زحمة واعياء من دون أن تكون هناك التزامات معينة أو مواعيد وبعض كآبة غير انفعالية طبعا ، انهض مبكرا واحضر عدة قمصان وسروايل لاختار منها ما يناسب هذا الصباح وتمطر سمائي تفاؤلا وحبورا وما أن أقرب كوب الشاي من فمي حتى تتكاثف غيوم الملل وتمطر اسئلة لا معنى لها:

- إلى أين؟

- لا أدري

- مع من ؟

- لا اعرف

- إذا علام العجلة والنهوض المبكر؟

- شعور مبهم لا افهمه يداهمني هذه الأيام

تصدح فيروز ..

(انا عندي حنين ما بعرف لمين)

فتعاف نفسي الشاي واعود إلى فراشي متكاسلا ضجرا

فتتسائل نجاة ..

(لمن صباي لمن؟)

فتاخذني دوامة أخرى أضيع في لجتها ارتدي أقرب السراويل والقمصان من يدي ومعطفا كان مرميا قريبا مني وأشعل سجارتي وأمسك بمفتاح السيارة واهب واقفا ويصرخ من جوفي صوت ..

- إلى أين أيها المشتت المحتار؟

فاخرسه كما يكتم الحكام والقضاة واللصوص والظلمة والسراق والولاة ضمائرهم وأخرج لا الوي على شيء وعند الباب تحاصرني طفلة بظفائر مجدولة وأسنان ناصعة البياض وبسمة تشبه ضحك الملائكة الذي سمعت عنه بسؤال لم أجد له جوابا .. (عمو انت وين رايح) ومن غير شعور رفعتها إلى أعلى وقبلت خديها وشممت رائحة الطفولة فيها فكركرت نشوى وطوقت رقبتي بيديها الغضتين وطبعت قبلة على صدغي وسالتها .. انت ذاهبة الى اين  فردت بصوت تشبه حلاوته أذان الفجر في ليالي الشتاء إلى بيت خالتي فاخبرتها اني مثلها ذاهب الى بيت خالتي فامسكت بيدي وسارت حتى باب خالتها الذي لا يبعد كثيرا عن بيتي وطرقته فاحسست بحرج كبير وانتظرت حتى خرجت خالتها فحييتها وحملت الطفلة وغادرت انا ..

ادرت محرك السيارة واتجهت إلى الشارع العام وضعت بين زحام السيارات المختلفة الاتجاهات حتى وجدت نفسي اركن سيارتي في مأرب قريب من أحد الدوائر المهمة والتي يكثر مراجعوها ودسست نفسي بينهم حتى وجدت حالي واقف بين يدي الحرس وهو يتلمس جسدي وملابسي مفتشا ثم سمح لي بالدخول وهناك على مصاطب الانتظار قضيت أربعة ساعات متنقلا من مكان إلى آخر وأجريت عشرات الحوارات المتقطعة والمبتورة والمملة مع الكثير من المراجعين حتى دعاني أحد الموظفين للجلوس أمامه وخاض معي وزميل آخر له في أحاديث عن هموم الناس ومعاناة الموظفين والدين والسياسة والفن والجمال والحاضر والماضي وبعد مرور قرابة الساعة بدأ الزحام يتلاشى والموظفين يتركون الدائرة سألني:

- هل أكملت ما جئت من أجله؟

- نظرت مرعوبا بعد أن تذكرت أني لم اجيء لهذه الدائرة مراجعا وقبل أن أرد أردف هو .. لا عليك دقائق ويبدأ الدوام المسائي ، ودعته ومشيت بين المغادرين وعند الباب الخارجي استعانت بي امراة للوصول إلى السيارات وبدأت تكلمني عن ماانجزته اليوم في مراجعتها فداخلني خوف من مبادرتها لي بسؤال وعرضت عليها إيصالها إلى بيتها فوافقت فورا وفي الطريق توقفت عند مطعم للاكلات السريعة ودعوتها للنزول لكنها اعترفت أنها جائعة ولارغبة لها في الجلوس داخل المطعم فأتيت بطعام لها ولي وتوقفنا على ناصية الطريق بعد ابتعادنا عن المطعم وتناولنا طعامنا مثل اي عائلة أخرى وسط أحاديث متقطعة لم تسألني عن اسمي أو عملي ولم أسألها وبعدما اوصلتها إلى بيتها نزلت وشكرتني ذاكرة اسمي وضعت في زحام الشارع .. وهكذا تضيع ايامنا

***

راضي المترفي

 

 

في المثقف اليوم