تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

أقلام حرة

انا اعرف.. ان ما يجري في البصرة هو لقاء احبة بعد قطيعة قسرية فرضتها ظروف شاذة وليس صراعا كرويا من أجل فوز هذا الفريق أو ذلك لان خليجنا واحد وشعبنا واحد وهدفنا أن نلتقي سواء رغب الزمن والآخرون أو رفضوا وليس مهما من يفوز المهم أن يلعب العراق مع السعودية والكويت مع العراق والبحرين وقطر والإمارات وعمان يعانق بعضهم بعضا يبتسم العماني للعراقي ويفرح البحريني بوجود الكويتي بعيدا عن حسابات الفوز والخسارة التي يجب أن تكون في أجندات المدربين فقط .

(٢)

افرحني كثيرا ..

وجود الدولي السابق حمود سلطان الذي كان امس بجولة مع صحفي خليجي في الصباح الباكر يتجول في مركز المدينة بظرف وطرافة لم نعهدها فيه يوم كان يصول ويجول على المستطيل الأخضر .. نعم كان هاشا باشا ودودا محبا ومندهشا يوم عرض عليه الصحفي المرافق له الزميل أحمد وجبة فطور صباحي عراقية (كاهي وكيمر) وأخبره بتحدي انك لا تجد هذا (الريوك) إلا في العراق فقط وكان فرح حمود كبيرا ليس بالكاهي والقيمر إنما كان فرحا باللقاء والتواجد في البصرة وزيارة الأشقاء في العراق والعيش معهم في موسم فرح ..

طوبى لكل قلب محب

(٣)

يعجبني كثيرا ..

الإنصاف والمهنية والحيادية التي يتمتع بها الإعلامي الرياضي القطري (خالد الجاسم) ومجلسه الجميل وهو يلتئم على المحبة قبل وبعد كل مباراة في خليجي ٢٥ ومن لا يعرف جنسية خالد الجاسم عند تحليل المباراة لا يحسبه على اي بلد من بلدان الخليج بسبب حبه للجميع وحياديته حتى على حساب بلده قطر إذ كان عراقيا مع العراق وسعوديا مع المملكة وعمانيا مع السلطنة وكويتيا واماراتيا وبحرينيا وقطريا بالموقف واللعبة الحلوة والأداء الجميل وقول الحق وبصراويا عاشقا ..

تحية لكل رجال المجلس الذي لا يمكن تمييز انحيازهم لغير اللعبة الحلوة واللعب النظيف وقبلة على جبين اللاعب السابق والاماراتي الجميل خالد سلمان وهو يترك تلك الدمعة الغالية تنساب على خده يوم قرأ أطفال البصرة نشيد (موطني)

(٤)

يحز في نفسي أن نكون قساة حتى لو كان لنا حق في ذلك ..

كان يكفينا في مباراتنا مع اليمن فوز بهدف واحد وهذا الهدف كان كافيا لوضعنا في الصدارة وفي مقابل ذلك كان فريق اليمن الشقيق فريقا مجتهدا يزخر باللاعبين الأكفاء لكن بلدهم يمر بمحنة مما أثر على سبل الإعداد والإمكانيات للفريق ونحن اشقائهم المستضيفين لهم في بلدهم الثاني والذي يحتم علينا الوقوف معهم ورفع روحهم المعنوية وتشجيعهم إلى أقصى قدر ممكن فلماذا هذه القسوة بهذا العدد من الأهداف؟ وحتى لو كانت هذه رغبة المدرب فالرجل معذور فهو غير عراقي اولا ولا غاية له غير الفوز لكن الحق عليكم انتم اللاعبين العراقيين الذي كان يمكنكم التوقف عند هدف أو اثنين محبة لاخوانكم اليمنيين الذين وقف معهم الكثير من الجمهور العراقي .

(٥)

خليجنا واحد وشعبنا واحد

***

راضي المترفي

1 - للخيانات الوطنية في العراق مواسم، كما هي الأوبئة والجفاف والقحط والحروب والحصارات، وكانت الخيانات يومها محدودة، وقد تكون فردية او مجموعة صغيرة، سرية وحذرة وخجولة، وتعد كأبشع الفضائح، مرتكبها اما ان ينتحر او يُعدم، بعد عام الأحتلال في 2003، اصبحت الخيانات ظاهرة مجتمعية، لها موسمها وقواها الناشطة والعلنية، تشترك فيها احزاب وتيارات، قومية واسلامية، لها مراجعها ومنظريها ومشرعيها، ولها ارتباطاتها الخارجية، بعد الأحتلال مباشرة، اتسعت رقعتها على كامل جغرافية العراق، وقد نجح رجل الأحتلال الأول (بول بريمر) في تشخيصها وجمعها، في ماخور الفساد الأول "مجلس الحكم الموقت" وعلى اساس مكوناتي، قسمها وقسم العراق معها، فكانت الطلائع الرائدة للخيانة الوطية هي، البيت الشيعي والبيت السني والبيت الكردي¸ كان مثلثاً للفساد والأرهاب، والفأس الذي استقر في رأس العراق.

2 - كانت ظاهرة الحواسم (الفرهود الشامل) ثم اغراق المجتمع العراقي، بالمخدرات والبضائع النافقة، واشاعة بعض العادات والتقاليد والقيم غير الحميدة، عبر اتساع رقعة الفساد في مؤسسات الدولة، الى جانب اعداد هائلة، من مواخير ليلية، يمارس فيها ما يخل بالشرف، تشرف عليها مافيات صغيرة معممة، وفي حالة استغفال وضيعة، توافق المكونين الشيعي والكردي، على تمرير دستور للفتنة والخيانة، وعبر انتخابات خادعة مزورة، هدفها تقسيم العراق، يتم فيها الحاق الجنوب والوسط  بأيران، والشمال العراقي طبخة يتذوقها ألجميع، وبأيحاء ايراني، حضيت الدسيسة بمباركة وتأييد، مراجع واحزاب وتيارات دينية، تأكيداً صارخ، لتبعية وعمالة كامل البيت الشيعي لأيران، مقابل انتزاع الأحزاب الكردية ثروات عراقية اضافية، حيث انهم يفتقرون اصلاً لأي بعد قومي او وطني انساني، وليس مسموح لهم، تجاوز المصالح والمنافع العائلية والحزبية، فالمطامع الخارجية، تريد التجول الأستخباراتي في العراق كاملاً، ولا ينفعها تحجيم  نشاطها التخريبي، في رقعة "كردستانية!!" بائسة.

3 - ثورة الأول من تشريين عام 2019، رفعت القناع تماماً عن وجه التاريخ الملوث للتشيع في العراق، كيانات لا يخجلها التلوث في الخيانات، ولا  يشرفها فضائل الأنتماء للوطن والولاء للعراقيين، تنجذب لمن يشاركها في كراهية العراق، حتى ادعائها التمذهب، جعلها على نقيض حاد، مع الفرق الأسلامية الأخرى، ومن اجل ان تكون لها طائفة، تستعمل كل ما تراكم لديها، من اساليب الشعوذات والتخريف، فهي بحاجة الى طائفة، غارقة في الجهل والفقر والأذلال، والتقية عندها، تبيح لها ارتكاب ابشع جرائم الخيانات، بعض الباحثين، يشيرون الى ان، فرقهم (متحزبيهم)، هم من شاركوا في خذلان الأمام الحسين (ع)، وأهداء رأسه ليزيد، والذين قبلهم فعلوها، مع الأمام علي (ع)، وما فعلوه مع ثوار تشرين، حيث قتلوا وجرحوا، الألاف من الشهداء والجرحى، ولم يتركوا متهماً واحداً خلفهم، انه الأنحطاط في اغرب مستوياته.

4 - السؤال الآخير، الذي تخمر في ذاكرة العراقيين، لماذا تشارك القيادات الكردية، غرمائهم القيادات الشيعية، في كراهية العراق، واذا  كان البيت الشيعي، ولائيون لا قضية لهم، وطنية كانت ام انسانية، فلماذا يشاركهم الأكراد، رقصة الخيانات الوطنية، وهم اصحاب قضية قومية كما يدعون، وهل ان قضايا الشعوب، وطنية كانت ام قومية، لا يمكن لها ان تتحقق، الا عبر مزادات المنطقة الخضراء، كم من الأنتكاسات والنكبات، التي تعرض لها الشعب الكردي، ولا زال راكداً، في واقع العوز والأذلال، وحولهم واقع الأثراء الفاحش، لطبقة عائلتي وحزبي، البرزاني وطالباني، ملامح التغيير القادم، سيعلن عنها غضب الصمت   العراقي عاجلاً، وسيهرب المتهمون، من تحت جلد فضائحهم، بلا شرف ولا قضايا، عراة بلا شعب يصدقهم. 

للموضوع بقية:  

***

حسن حاتم المذكور

                     

قام رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون أمس؛ الثاني عشر من شهر جانفي 2023، بتدشين الملعب الحاضن لكأس أفريقيا للمحليين ببراقي جنوب العاصمة الجزائرية والذي تمت تسميته باسم المناضل الجنوب افريقي الراحل نيلسون مانديلا وذلك بحضور رئيس الفيفا جياني انفانتينو ورئيس الكاف باتريس موتسيبي إلى جانب حفيد الزعيم الجنوب افريقي زويليفليل أين تمت إزاحة الستار عن النصب الذي يحمل اسمه "نيلسون مانديلا" .

اعتبر نيلسون مانديلا الجزائر وطنه الثاني حيث قال أن الثورة الجزائرية صنعت منه رجلا، والأكيد أن الزعيم الجنوب افريقي منذ بدايات حياته رجل بمعنى الكلمة بمواقفه المناهضة للظلم والتمييز بين البشر والاستعمار بكل أشكاله وقد تأثر بالثورة الجزائرية التي ألهمت حركات التحرر في العالم ومنها تلك التي قادها مانديلا ضد نظام الأبارتيد القائم في جنوب افريقيا والتي سجن على إثرها ستة وعشرين سنة اعتُبر فيها رمزا للنضال وشكل خروجه من السجن حدثا عالميا ملهما أعاد للكثيرين روح الثورة على الظلم ومقاومة الطغيان، وكانت أول زيارة قام بها إلى الجزائر سنة خروجه من زنزانات الاضطهاد عام 1990، استقبل فيها بالقاعة البيضاوية محمد بوضياف أين حظي باستقبال حافل.

وتجمع مانديلا بجيش التحرير الوطني علاقة وثيقة حيث تلقى تدريبه العسكري بين صفوفه بين سنتي 1961و1962م وتأثر بمبادئ الثورة الجزائرية الرافضة لكل أشكال الاستعمار والمنادية بالاستقلال التام وحق الشعوب في تقرير مصيرها.

لم يكن مانديلا الزعيم الأفريقي الوحيد الذي تأثر بالثورة الجزائرية التي كان لها الدور البارز في نشر الوعي الثوري لدى الشعوب المضطهدة مما جعل كلا من تونس والمغرب وليبيا تطالب باستقلالها، وامتد الوعي ليشمل غينيا، زمبابوي وناميبيا، كما دعمت الجزائر حتى قبل استقلالها حركات التحرر في أمريكا اللاتينية وآسيا، واستمرت في دعمها بعد استقلالها سنة 1962م حيث صارت مصدر الهام للشعوب المضطهدة وعامل تأثير في الرأي العام العالمي، هذا  ولم تنسى الشعوب التي قدمت لها الدعم فراحت ممثلة في رؤسائها الذين تعاقبوا على الحكم تدافع عن حق الشعوب في نيل استقلالها وتدعم حركات التحرر في المحافل الدولية.

كما كان دعمها ماديا ودبلوماسيا من أجل القضايا العادلة في العالم وبقيت على العهد مع تعاقب فترات الحكم أين لم يغب هذا المبدأ الأساسي منذ الاستقلال وتجسد ظاهرا مؤخرا في تسمية ملعب براقي بالزعيم المناضل "نيلسون مانديلا" وقبلها بحوالي شهرين في منتصف نوفمبر من العام المنصرم استقبل الرئيس الجزائري نظيره الكوبي ميغيل دياز كانيل برموديز أين ألغى الرئيس الجزائري فوائد المديونية وتأجيلها إلى حين وإهداء محطة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية إضافة إلى التعاون في مجالات الطاقة والصحة والتجارة والزراعة وصرح على إثرها الرئيس عبد المجيد تبون: " كوبا بلد غال على الجزائر التي تجمعها معها علاقات طيبة تغذيها قيم الحرية التي نتقاسمها " .

هذا إضافة إلى الدعم الذي تلقته الثورة الجزائرية من كوبا ممثلة في زعيمها فيدال كاسترو الذي قام بالثورة على حكم باتيستا عام 1953 بالتزامن مع التحضير للثورة الجزائرية التي تشارك فيها نفس الأهداف ولا ننسى البعثة الطبية التي أرسلها فيدال كاسترو إلى الجزائر بعد الاستقلال دعما منه للشعب الذي خرج حديثا من استعمار أثقل كاهله، كما تبادل الزيارات مع رؤساء الجزائر توطيدا للعلاقات بين شعبين تجمعهما قيم التحرر من الظلم ومقاومة الطغيان.

بهذا صارت الجزائر بعد استقلاها قبلة الثوار من كل أنحاء العالم حيث شهدت زيارة لتشي غيفارا وكذلك الصحفية الأمريكية ايلين مختفي التي قالت في كتابها المعنون ب " الجزائر.. عاصمة العالم الثالث" أن كل منظمة تحررية يمكن تخيلها كان لها مكتب في الجزائر من جبهة التحرير الوطني لجنوب الفيتنام (الفيتكونغ)  وحتى حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وحركة استقلال ناميبيا سوابوا، وجبهة تحرير الموزمبيق فريليمو، وجبهة تحرير الكونفور.

ولاتزال القضيتان الفلسطينية والصحراوية قضيتين أساسيتين بالنسبة للجزائر شعبا وحكومة تدعم فيها حق الشعبين في تقرير المصير والحصول على الاستقلال التام خاصة من خلال الدور البارز الذي تلعبه الدبلوماسية الجزائرية على الساحة الدولية.

***

لامية خلف الله/ كاتبة من شرق الجزائر

 

 

لا بد من المواجهة الصريحة والجريئة بين الواقع والمتخيل من الموضوعات الفاعلة في مسيرة الأمة، فهل توجد دولة خلافة؟

بمعنى دولة ذات نظام حكم واضح وملتزم بضوابط وأحكام راسخة متواصلة ومعاصرة لزمانها.

الوقائع تشير إلى أن كلمة (خليفة) تعني الفردية، والتجبر والإستبداد، وربما الملك والإمبراطور والحاكم المطلق الصلاحيات، وهي وشاح لتبرير ما يقوم به الجالس على الكرسي، فما وجدنا في مسيرة الحكم من أولها لآخرها نظام حكم مقرون بها، فكلها تسير على إيقاع إذا تغير السلطان تغير الزمان.

فلا وجود لها كما نتوهم، بل يوجد خليفة يحكم كما يرى، لا وفقا لدستور أو قوانين مستمدة من منابع جوهرية بينة، والحقيقة أن الذين يحكمون هم الفقهاء، والخليفة غطاء!!

وقد عانت الأمة من الحكم الفردي ومن فتاوى الفقهاء المتاجرين بالدين، الذين يشترون الدنيا بالدين.

والعرب والمسلمون تعودوا على وجود خليفة تتبعه وتأتمر به المجتمعات التي تدين بالإسلام،  وتواصل الحال منذ نهاية دولة المدينة وحتى سقوط الخلافة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، أي في الربع الأول من القرن العشرين.

وعاش العرب والمسلمون على مدى قرن يبحثون عن خليفة، فكان مشحونا بالإضطرابات وبظهور الحركات والأحزاب، التي تنادي بالخلافة كل على منهجه ورؤيته، ونشأت  تعصبات وطائفيات ومذهبيات قاسية التفاعلات.

وبعد سقوط الدولة العثمانية نشأت (68) ثمان وستون دولة تسمي نفسها إسلامية، وهي في حالات من التقارب والتباعد والإحتراب، وتحقق توظيف الفروقات المذهبية والتأويلات الجماعاتية وتحويلها إلى أدوات للتصارع الدامي.

فالدول المتمخضة عن الحرب العالمية الأولى، لم تتوصل لصيغة تفاعلية ذات تأثير وحضور في واقع العرب والمسلمين، مما أتاح للحركات المتطرفة أن تتكون وبسرعة وبدوغماتية مرعبة، وجميعها تشترك في سعيها لدولة الخلافة، وفقا لرؤيتها، وكل نظام حكم متأدين على ذات السبيل.

ويبدو أن المجتمعات المسلمة والعربية تعيش في محنة فراغية وتعطيلية، وكأنها الصدمة التي تتسبب بإطلاق الأوهام والتصورات السلبية، فقالت بأن الإسلام هو الحل، والتأخر سببه عدم وجود الدولة الأثيرية التي يتغنون بها، ويرون أنهم كانوا قادة الدنيا وقبلتها بسببها.

وهذا ما يذهب إليه معظم الناس لقلة المعرفة، ولتأثير خطابات لتجار الدين، الذين يسعون إلى تعطيل العقل وتدمير الوجود الحضاري، وتحويل الناس إلى قطيع يأخذونه إلى حيث تتطلب تجارتهم.

بينما الحقيقة الساطعة أن سبب التأخر هو إهمال العلم والبحث العلمي، والإمعان بالتجهيل والتضليل وفقدان قيمة العمل، وتدمير التعليم وإخضاعه لمناهج التجارات التي تحسب البشر أرقاما، وتصادر قيمة الإنسان وتدفعه للموت لينال الحياة الأخرى.

والحل يكون بتأسيس أنظمة دستورية فاعلة ومؤثرة، ذات ضوابط وآليات عملية وعلمية، والإهتمام بالعلم والتعليم والعمل الجاد المجتهد، وإعلاء قيمة الإنسان وأهميته ودوره في صناعة الحياة الأفضل، وهي من الأساسيات اللازمة للخروج من قبضة الوهم المدمر، والتحول إلى طاقة إيجابية مشاركة في بناء الحاضر الزاهر والمستقبل الباهر!!

***

د. صادق السامرائي

بحجة حقوق الانسان والراي والتعبير والتخلص من حكم الفرد، تدخل الناتو وبطلب عربي في الشأن الداخلي الليبي، على مدى 12 عاما تم ابتداع دساتير مؤقته، وتولى زمام امورنا اولئك الذين نهبوا خيراتنا والتجأوا الى الغرب وبعض المتسكعين في كبرى العواصم الغربية، آتت بهم الطيور الابابيل، استطاعوا افراغ الخزينة العامة من محتوياتها، بعضهم عاد الى البلد الذي كان يؤويه، وأخرون مستمرون في مسلسل النهب واهدار المال العام.

كانوا يعيبون على النظام السابق انه كوّن مجاميع مسلحة خاصة به لحمايته وقام بتسريح الجيش النظامي، اليوم لا يوجد جيش نظامي في ليبيا وبالأخص في غرب البلاد وتمت تصفية عديد الضباط  بالجيش والقوى الامنية، كل مسؤول كوّن تنظيما مسلحا او اكثر للاحتماء به،ويتم الانفاق عليها جميعها من اموال الشعب وتضييق الخناق على الشعب في قوته اليومي.

القوات والقواعد الاجنبية التي كانت متواجدة في ليبيا في عهد الملك بحجة الحصول على اموال لدعم الميزانية العامة، تم اجلاءها بعيد سقوط النظام الملكي بأشهر قليلة، كما تم طرد بقايا الطليان المستأثرين بالأراضي الزراعية وبعض الشركات، مع نهاية العام 1970 اصبحت ليبيا دولة مستقلة لا توجد بها قواعد او قوات اجنبية.

غالبية ساستنا الجدد يعتمدون على الدعم الاجنبي لبقائهم في السلطة، ابرموا اتفاقيات الدفاع المشترك واقامة قواعد اجنبية(مع ملاحظة ان جميع الحكومات السابقة تعتبر مؤقتة ولا يجيز لها القانون ابرام اتفاقيات انشاء قواعد عسكرية )،بل وصل الامر الى عدم استشارة السلطات الليبية في تنقلات مسؤولي تلك الدول بالداخل الليبي. طائرات عسكرية محملة بمختلف أنواع الاسلحة والمرتزقة، تهبط في هذه القاعدة المغتصبة او تلك وسفن وبوارج حربية ترسو في مختلف مواني البلاد، انه احتلال للأرض ومصادرة الراي السياسي، زعماؤنا مجرد بيادق تحركها الدول الداعمة لهم، ساستنا اغرقوا اسواقنا بمنتجات رديئة للدول التي تدعمهم، وعلينا اقتنائها ودفع فواتير باهظة الثمن، لأجل دعم اقتصاديات تلك الدول التي تعاني ازمات خانقة وتعويم لعملاتها المحلية.

للأسف الشديد وعلى مدى عقد من الزمن اصبحنا نعاني كافة اشكال الاحتلال العسكري منها والامني عبر القواعد المنتشرة في كافة ربوع البلاد، والاف المرتزقة من مختلف اصقاع العالم يستلمون رواتبهم بالعملة الصعبة بينما المواطن يتأخر مرتبه لعدة اشهر والذي لم يعد يفي بمتطلبات المعيشة، والاقتصادي من خلال فرض سلع دول معينة على الشعب الليبي فلا توجد منافسة، يمكن ان يستفيد منها.

بفعل الدعم الخارجي لمختلف الاطراف، لا حلول سياسية للازمة الليبية تلوح في الافق، يريدون الابقاء على الوضع الراهن لاستمرار استنزاف مقدرات الشعب، والحديث عن كتابة دستور دائم للبلاد ضرب من الخيال وبالتالي فان الانتخابات المزعومة (الوهم الذي يبني عليه الليبيون امالهم) لن تحدث في المستقبل القريب، لا يمكن اجراء انتخابات في ظل وجود عصابات مسلحة. ورئيس حكومة فاسد يرهن البلد لداعميه الاجانب.

في الوقت الذي نحيي فيه من سعوا الى استقلال البلد (24 ديسمبر 1951) من ربقة الاستعمار، نحمل المسؤولين الحاليين سوء ادارة الملف الليبي وجعله وطنا مستباحا لكافة القوى الاجنبية.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

تلاقت لهجات مختلفة وقلوب متنوعة، في كرنفال رياضي كبير، احتضنته مدينة البصرة جنوب العراق، في افتتاح خليجي 25، ففتحت ذراعيها لاستقبال ضيوفها الوافدين، من كل إرجاء الدول المشاركة في البطولة، هذا العرس الخليجي سيجمع كل الأطياف والألوان برابط هو "الأخوة"..

تعد نسخة الخليجي متميزة بوجود كل من "الإمارات، الكويت، البحرين، قطر" مجموعة واحدة، بالإضافة إلى مجموعة "العراق، السعودية، اليمن، عُمان" ما يعني أن حدة التنافس ستكون قوية بين هذه المنتخبات، ما يرفع مستوى الإثارة والتنافس إلى أقصاها في كل المباريات.

لايمكن أن نعد هذا الكرنفال مجرد بطولة يحتضنها بلد عربي"العراق" حاله كحال بقية الدول المضيفة للبطولة، بل هي رسالة داخلية وخارجية، مفادها أن العراق بلدكم ما زال بخير، وينعم بالاستقرار وفتح ذراعيه لاستقبال أخوته، العرب والخليجين من كل الألوان والأطياف، وان العراق سيبقى بلد الجميع وللجميع، بغض النظر عن المسميات والاختلافات، أو محاولة عزل العراق عن محيطه العربي والخليجي، إلى جانب كونها رسالة إلى الداخل، والى السياسيين تحديداً، بأنها فرصة مهمة للنظر من الأعلى إلى ما تصنعه "الكرة" من تقريب للقلوب، وأن يكونوا على قدر المسؤولية الوطنية والأخلاقية، في عبور البلاد إلى بر الأمان.

خليجي البصرة ليس مجرد مباريات للعب (الكرة) كما يراها كثيرون.. بل هي كرنفال دولي اخوي، ومهرجان عراقي يعبر عن عمق الثقافة العراقية، لذلك لا يمكن أن ينطلق هذا المهرجان الكروي، بهذا الشكل المزمع ولا بالتجمع المنتظر، ما لم تتوفر له الظروف الموضوعية، والتي حضرت قبله اللجان الدولية التحضيرية، وقطعت أشواط كبيرة في الاستعداد، وجهود ميدانية كبيرة بذلت وتوافقات اكبر، حتى خرج الخليجي بهذا الشكل اللائق، والذي يليق بالعراق وشعبه وحضارته، فعودة الأشقاء العرب والخليجيين إلى العراق، لها دلالة وانعكاس لواقع جديد لا يمكن أن يقرا من زاوية رياضية فحسب، بل هو رسالة عراقية مهمة مفادها أن العراق بخير.

كرة القدم أصبحت أحد أهم الأذرع السياسية والتنفيذية، وتمتلك الأدوات لتحقيق ما تريد، من عكس واقع داخلي عراقي، للرأي العام العالمي الضاغط، بالإضافة إلى الواقع الاقتصادي الذي تعيشه المنطقة، لذلك مثل هذه الفعاليات يمكن لها، أحداث أي تغيرات ومطالب متوقعة، تكون قادرة على محاكاة الواقع، واستنهاض الهمم والانطلاق، نحو ضفاف شواطئ جديدة، ملؤها الأمن والسلام والعمل والتعاون والانفتاح، وإعادة البناء المجتمعي والثقافي، بما يختلف جذريا عما كان سائدا..

***

محمد حسن الساعدي

سمعت محاضرة للبروفيسور والخبير المالي"إدريس خودري" يروي  حادثة وقعت له عندما قبل للتدريس في أحد المعاهد الأمريكية " معهد أطلنطا للتدبير" فطلب منهم أن يكتبوا له بطاقة " الدكتور إدريس خودري "فبعد مدة سلموه بطاقة  صغيرة لا توجد فيها كلمة دكتور أو بروفيسور بل مكتوب فيها " المُسَهّل أو المُبَسّط"  فاحتج على ذلك فقالوا له : إن الأستاذ مات في الولايات المتحدة الأمريكية فدور الأستاذ هو تسهيل وتبسيط المعارف للطلبة ...فالأستاذ الناجح هو من يملك طريقة في إيصال المعلومات بكل سهولة إلى طلبته فعند إلقاء محاضرته حسب البروفيسور خودري عليه أن يقسمها إلى وحدات و يحدد الهدف من محاضرته و يشارك الطلبة و في نهاية المحاضرة يكلف أحد الطلبة بتقديم حوصلة حول ما قدّم ويحتاج الأستاذ الجامعي إلى دراسة علم النفس التربوي لأن من الخطأ أن يذهب مباشرة للتدريس دون أن يخضع إلى تكوين في علم النفس كما يحدث في باقي المراحل التعليمية في الابتدائي والمتوسط والثانوي فالاساتذة في هذه الأطوار يتلقون تكوينا في علم النفس التربوي ...

***

 الكاتب والباحث في التنمية البشرية شدري معمر علي

الحل من خلال الثورة التقنية

نحن نرقب انهيار العراق، والنواب هم اول المسؤولين اذا استمروا على نهجهم

أقول لكم وبكل صدق وإخلاص إذا بقي الوضع على ماهو عليه الآن فنحن متجهون الى انهيار اقتصادي حتمي ستبدأ ملامحه من عام 2025 كما تؤكده التقارير العالمية للبنك الدولي وغيرها من المؤسسات الاقتصادية الدولية؛ الطبقة السياسية الحاكمة وبالذات مجلس النواب يتحمل المسؤولية الكاملة لهذا الانهيار الحتمي خلال عقد من الزمان؛

فهل تفكر اغلب الأحزاب السياسية بمصلحة البلد؟ اما لا زالوا يصرون على المحاصصة ويقدمون مصالحهم الشخصية على حساب مصلحة الوطن والمواطنين العراقيين!

المستقبل القريب سيكشف الى اين نحن متجهون !!!!!

نحن كل همنا في العراق بالنسبة لمصافي النفط ان ننتج بنزين السيارات الذي لا زلنا نستورده؛ الآن العالم متجه الى ثورة تقنية متمثلة بالجيل الجديد من مصافي النفط والمصافي الخضراء، هذه المصافي تلبي متطلبات السوق العالمي بعد انتفاء الحاجة لوقود السيارات، حيث تقل فيها نسبة انتاج الوقود للسيارات وتزداد فيها النسب الأخرى كالهيدروجين والأمونيا فضلاً عن التقنية الثورية لشركة آرامكو في انتاج البتروكيمياويات بشكل مباشر وهو ما نحتاجه في العراق، كما يجب ان تكون هذه المصافي على المنافذ البحرية ليتم تصدير منتجاتها بواسطة البواخر باقل الكلف، كما يتم التخلص من ثاني أوكسيد الكاربون من نفس هذه المنافذ بما يحقق مليارات الدولارات من منح سياسات مؤتمرات المناخ العالمية، الآن بدأت تنتشر السيارات التي تعمل على الهيدروجين في العالم؛ ثم اغلب الدول المتقدمة وضعت الأسس لاستخدام الهيدروجين في التدفئة والاستخدامات المنزلية المختلفة، طائرات المستقبل بل حتى البواخر سوف تعمل على الامونيا، وهذا الامر اذا تحركنا عليه أي بناء الجيل الجديد من المصافي والمصافي الخضراء فيمكننا تعويض جزء من خسارتنا بقلة الطلب على الوقود الاحفوري في المستقبل، فضلاً عن ذلك فبإمكان العراق الحصول على عشرات المليارات من الدولارات بما يشكل 50٪ من كلف هذه المصافي الخضراء ايضاً من منح سياسات المناخ العالمية، ولكن هذا لا يتحقق بهذا الوضع أي حكومة من وزراء اغلبهم تابعين للأحزاب غير مهنيين وليسوا بمستوى التحديات التي سيواجهها البلد والسبب هو نظام المحاصصة ؛ الامر يحتاج الى وضع خطة شاملة وسياسة اقتصادية لا زلنا نفتقدها منذ عام 2003 حتى الآن ويحتاج الى وضع تخطيط تفصيلي لكافة وزارات ومؤسسات الدولة استناداً لهذه الخطة والسياسة ويحتاج الى اناس مهنيين وعلى درجة عالية من الخبرة والكفاءة لإدارة البلد، ومن الطبيعي هؤلاء لا يمكن ان يأتوا عن طريق المحاصصة كما كان الوضع من السابق ولا زال حتى الآن.....

فهل يمكن انقاذ البلد من واقعه الحالي؟

لا زال املنا كبير بالله وبالطيبين والمخلصين من أبناء بلدنا .....

***

محمد توفيق علاوي

بما أن الإنسان حي خاضع للتطور الجسدي والفكري فان أمامه اكتشافات علمية مادية ملموسة تمهد له الطريق للمعرفة لكن الكون ومما فيه يحتم على الإنسان عقليا أن يخشع ويمجد ويقدس خالق هذا الموجود على شرط أن يحرر عقله ويجعله حرا طليقا في التفكير والتمعن خالصا له منقادا للمعرفة الواقعية النقية والفطرة السليمة بعيدا عن تدخلات الغير والانقياد للتفكير السطحي المنكر للفضائل والنعم الممنوحة له ولغيره من المخلوقات التي ذللت وزينت له فمن المنطق كلما زادت المواهب والمنح شُكر الواهب وكلما أنتفع المخلوق تمجد الخالق المطلق هذه هي فلسفة الحياة الواقعية المنطقية الناصعة .

فلو أردنا أن نشكر أو نقدس أو نعبد كل هذه الموجودات الحسية على كوكبنا أو غيره ضمن الإدراك علينا أن ندرك عظمة منظم وخالق وواجد الموجودات في حدود الإمكان وضمن المعروف أو غير المعروف والغير مكتشفة بعد للإنسان فإذا كان هذا الصانع أو الخالق لها مُدرك حسيا وظاهريا لنا لكان أقل شئنا مما هو خارج الإدراك والوعي الإنساني مصداقا إذا أردنا أن نُصف شيء عظيم أو جميل أو عطاء ممنوح ونمجد به صاحبه نقول أن المعطي والواهب فوق ما تدركه الأبصار والأفكار والعقول فعليه أن نسلم ونُقر ونعترف ونتيقن بعقل سليم النقي بالفطرة الممنوحة لنا أن الواهب لكل الموجودات هو خارج نطاق الوعي والإدراك الممكن وساحة الإمكان لتكون له العظمة والكبرياء والجبروت والقوة والجمال فوق الصفات المتحصلة من العقل والفعل البشري وأن هذه الحقيقة العادلة توصلنا صراحة إلى أخراج واجد الأكوان والموجودات من نطاق الحسيات كالحجارة أو البشرية أو أي ظاهرة من الظواهر الكونية فكلما كان الموهوب والمعطى والمصنوع عظيما لزاما عليه أن يكون الصانع والخالق خارج الإدراك والوعي البشري .

أن كل من يتمعن ويتفكر من حوله وما سيكتشفه مستقبلا من جمال وعظمة الخلق يُدرك حقيقة عظمة ومكانة الخالق الواحد الصمد الذي ليس مثله شيء ولا فوقه شيء ولا يحيط بعلمه عالم غيره ولا بصفات يناظره بها غيره من خلقه المحتاج للغير في حياته فهو الواحد المتفرد في كل شيء والقدرة المطلقة في التدبير والتسيير المنظم وهو الله تعالى سبحانه بتجليه وعظمته.

***

ضياء محسن الأسدي

بين وقوع حادثة لوكربي واتهام ليبيا، جرت العديد من المشاورات بين ساسة كل من بريطانيا وامريكا واجهزة استخباراتهما،رسى الامر على توجيه الاتهام الى ليبيا، لأنها كانت الحلقة الأضعف ضمن سلسلة المناهضين لسياسة امريكا الاستعمارية في المنطقة.

 “نصت اتفاقية التسوية مع ليبيا (..) على أنه لا يجوز بعد دفع الأموال والتعويضات (لأهالي الضحايا) فتح أي مطالبات جديدة عن أي أفعال ارتكبت من الطرفين بحق الآخر قبل تاريخ الاتفاقية”، أضاف المسؤول الليبي.

ملف قضيّة لوكربي جرى إغلاقه كُلِّيًّا في 14 أغسطس العام 2008 بعد اتّفاقٍ مع الولايات المتحدة وليبيا، أصدر الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في 2008 مرسوما رئاسيا ينص على التزام بلاده بالإنهاء التام لأي مطالبات مستقبلية وإقفال أي قضايا فتحتها عائلات الضحايا سواء أكان أمام المحاكم المحلية أم الأجنبية”.

منتصف نوفمبر الماضي، تم اختطاف أبو عجيلة محمد مسعود المريمي، الضابط  المتقاعد بالمخابرات الليبية من منزله في طرابلس من قبل الميليشيات التي تتبع الحكومة وتم نقله الى مدينة مصراته ومن هناك تم تسفيره الى أمريكا. منذ ايام اعلنت امريكا  عن تسلم المتهم رسميا، وقد صرح رئيس الحكومة الدبيبة بانه قام بتسليم المتهم الى امريكا بحجة تخليص ليبيا من وسم الارهاب. أين صوت القضاء والنائب العام ،ام انها اسكتت بفعل الرشاوى؟

الشارع الليبي بكافة أطيافه يستهجن التصرف الذي قامت به الحكومة بتسليم احد رعاياها، رغم اغلاق الملف نهائيا سياسيا وقانونيا، المؤكد ان الدبيبة يسعى من وراء ذلك الى تثبيت اركان حكمه بالجزء الغربي من البلاد عبر اغداق الاموال على زعماء الميليشيات، أما  بقية مناطق البلاد فلا سلطان له عليه. وبحجة عدم وجود دستور فان الدبيبة لن يسلم السلطة لأي جسم غير منتخب شعبيا (ونسي او تناسى انه نفسه غير منتخب شعبيا بينما جاء بواسطة شراء ذمم بعض اعضاء لجنة الـ75 باعتراف ستيفاني؟!)حتى لو وصل الامر به الى البقاء بالسلطة 30 عاما!؟..

هنا لا يفوتنا التذكير بتصريح السفير الامريكي لدى ليبيا الذي يقيم عادة في تونس، منذ أيام قليلة لمجلة «جون أفريك» الفرنسية ردًا على سؤال حول التوترات الحالية بين المجلس الأعلى للدولة في ليبيا والدبيبة ، بأن الولايات المتحدة تعتبر الدبيبة رئيسًا للحكومة الانتقالية «ولا نحتاج إلى فريق آخر من الوزراء الانتقاليين» ، و«أكدنا بشكل صريح لكل الأطراف الليبية أن البلاد يجب أن تعقد انتخابات في أسرع وقت ممكن» .

كلنا ندرك بان الدبيبة احد مسببات عدم اجراء الانتخابات في ديسمبر الماضي بترشحه للرئاسة رغم تعهده بعدم الترشح لدى اختياره لرئاسة الحكومة الانتقالية، وبالتالي فان الحديث من قبل الدبيبة والإدارة الامريكية عن سعيهم الى اقامة انتخابات حرة ونزيهة، لا يعدو كونه ضحك على ذقون الشعب الليبي الذي  لم يعد قادرا على توفير ابسط سبل العيش، بينما تنفق الحكومة العميلة مليارات الدولارات، في امور لا تعود بالنفع على المواطن بل تزيد من مآسيه.

أي نوع من الديمقراطية نعيشها التي شنف الغرب بها آذاننا؟ حكومة تبعثر الاموال رغم سحب الثقة منها من قبل مجلس النواب اخر الاجسام التشريعية المنتخبة شعبيا، أية شفافية بشان صرف الاموال وهي توزع على هيئة هبات ومنح(صريرات)لشراء الذمم؟ أي نوع من الرفاهية نعيشها رغم الايرادات الضخمة الناتجة عن تصدير النفط والغاز ونحن نتسول رواتبنا التي لا تسمن ولا تغني من جوع امام المصارف؟ أي امن وأمان نتمتع به ونحن معرضون للاستيقاف في عديد النقاط الميليشياوية داخل المدن وخارجها.

عن أي دولة نتحدث؟ مؤسساتها السيادية لا تمتثل للسلطة التشريعية النافذة، بينما يعين مدراءها من قبل الاطراف الخارجية ويجتمعون بهم ويملون عليها ما يريدون فعله؟

نعتونا باننا قصارى نظر ويجب ان لا نكون كالحيوانات ونرضى برغيف الخبز المنخفض السعر، فإذا بهم يرفعون سعر رغيف الخبز أضعافا مضافة ومع ذلك غير صحي وجود نسبة كبيرة من (برومات البوتاسيوم) والملفات بالخصوص قابعة في الادراج. رفعوا الدعم عن المواد الغذائية الاساسية رغم ان دول الغرب الرأسمالية لا تزال ترفد مواطنيها وتدعم الاشياء الضرورية.

ونحن على اعتاب ذكرى الاستقلال (24ديسمبر)يريدون اعادة فتح ملف قضية لوكربي لكي يتم نهب المزيد من الاموال ومصادرة ما تبقّى من اموال مجمدة بالخارج، وممارسة السيادة الاممية علينا، لأن من يتولون زمام امورنا اليوم اثبتوا انهم قصر/ ناقصي اهلية، عملاء بدرجة نذالة مع مرتبة الخيانة العظمى

نحن فعلا دولة لا شرقية ولا غربية من حيث النظام الاقتصادي، كما اننا لا نعيش في دولة بكل المعايير التنظيمية، إننا نعيش في غابة مليئة بالوحوش والحيوانات المفترسة والعالم الذي اوقعنا في هذا المأزق يتلذذ بماسينا ،ولدعاة العودة الى النظام الفدرالي الذين يشكلون حراكات لإعادة فرضه ...نقول ان النظام الفدرالي تم اسقاطه العام 1963 أي قبل ظهور النفط...هيهات هيهات لما تحلمون... فالوطنيون من كافة انحاء البلاد سيكونون لكم بالمرصاد ولن تكون ليبيا الا دولة موحدة ذات سيادة.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

الكلمة نور ونار، طيبة وخبيثة، تحي وتقتل، وتخبر عن عمل أو تكون هي العمل، فكل شيئ كلمة، فهل فقدت الكلمة كرامتها؟

المنشور كثير، والمبثوث مستطير، وقال وقيل كالتنور، وما في كتبنا حصيلة أقوال، وخزانة كلمات نطقت بها الألسن، وتمنطقت بها الشفاه والأفواه.

كلمات تطاردها كلمات، كاللعنات أو أشد تأثيرا وقسوة، والأجيال في غفلتها غفاة، ومن حولها تتوارد الظلمات، وتتوافد الحسرات، والقلوب تستغيث وتبحث عن كلمات.

بعض الأخوة ينادي بصمت الشعراء، فكلماتهم صارت هباءً منثورا..

وكاتب يرى أن الكتابة لا تنفع..

ومثقف ينعى الثقافة ويترحم على المثقفين، ويلصق بهم توصيفات ما أنزل الله بها من سلطان..

ومواقع ترى أن الكاتب محرر، فما تنشره يحرره كاتبه وحسب.

فانتشرت الصحف الإليكترونية، وتعددت وسائل النشر، وكل مَن نشر إبتشر، وتوهم بأنه سيد الكلمات.

وإختلط حابلها بنابلها، وغثها بسمينها، وفقدت الأصناف الأدبية الإبداعية قيمتها، وغاب النقد الموضوعي الجاد، وحسب الذين أجادوا الضرب على الكي بورد بأنهم من الكتاب اللامعين، وهم يتقيئون الكلمات التي تصيب القارئ بالدوار، والإشمئزاز حتى صارت القراءة أمرا عسيرا.

أقلام تكتب لأنفسها، وتنسى بأنها تكتب للقارئ، وشعراء يكتبون ولا ينظر لنصوصهم إلا الذين يسمون أنفسهم نخية، وهم لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة او أكثر بقليل.

هذه الحالات تشير إلى فقدان الكلمة لكرامتها، وقيمتها ودورها في الحياة، مما يفسر كثرة المنشور، وعدم تأثيره في الواقع الذي يزداد إنتكاسا وإنكسارا وفسادا.

ترى كيف نعيد للكلمة كرامتها؟

التعامل مع الكلمة من أصعب الأعمال التي يبتلى بها البشر، ولا بد من مهارات عالية وإلتزام بالضوابط والاصول اللازمة لإخراج النص بصورة واضحة ومتفاعلىة مع القارئ، بعيدا عن الغموض والإبهام والتوهم بأن الإبداع في الإدغام.

ومعيننا المعرفي عبر العصور فيه ما يساعدنا على إستعادة قيمة الكلمة وكرامتها، وخير الكلام ما قل ودل، فهل نستطيع وضع الأفكار في كلمات؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

كنت دوما وأبدا مع المقاطعة عند أرتفاع سعر منتج محدد مهما يكن،فأنا وكذلك غيري الكثيرين يعتبرون قفزات الأسعار الغير مفهومة سرقة علنية لمالنا الذي تعبنا عليه حتى كسبناها بعرق جبيننا، وأنا متبع سياسية المقاطعة منذ أكثر من عقدين، لكن ما أن أصيب العالم بوباء كورونا وبات مسجون حدثت هزة عنيفة لدى الكثيرين وبات يشتري أي شيء ويخزنه خوفا من المستقبل، وبعدها جاءت الحرب الروسية الأوكرانية وبات الكل بين مؤيد ورافض، والحرب دائما تترك بصمة مؤلمة على الجميع، خصوصا ونحن نتحدث عن روسيا الكيان الاقتصادي المهم والحيوي.

كل شيء ارتفع سعره عالميا، وبتنا نجد مراكز تسوق على سبيل المثال في أمريكا وبريطانيا وكندا تختفي فيها رفوف المنتجات منذ الساعات الأولى من كل صباح بل أنهم فرضوا على كل زبون أن لا يشتري أعداد كثيرة من نفس المنتج فقط واحد أو اثنان لبعض المنتجات كالخبز، ونحن الشعوب المستهلكة الغير منتجة أكثر المتضررين.

ما نحتاجه هو الصبر والهدوء ومتابعة مجريات الأحداث، وأتباع خطط استهلاكية ترضي الجميع وليس أتباع خطط تقشفية مؤلمة فلقد مللنا من سماع كلمة التقشف، والاهتمام بالزراعة فلقد اهملنا الزراعة لسبب بسيط وهو أن شحنات المواد الغذائية كانت تصلنا بسعر منخفض وبسرعة فائقة، أما الآن فلقد ارتفعت إلى معدلات قياسية جنونية، وحتى أن قبلنا بهذا السعر نجد من يقدم سعر أكثر حتى يحصل على هذه الشحنات ويخزنها عنده.

***

بروفسور حسين علي غالب بابان

أكاديمي وكاتب مقيم في بريطانيا

إنها مفارقة الواقع حيث أن الأحكام الشرعية تعبر عن مقاصد الشريعة وحيث أن مقاصد الشريعة تقتضي تنفيذها في الواقع. فإن ذلك يقتضي أيضا إمكانية تنفيذها، فأن لم يكن ذلك ممكنا لأسباب موضوعية تتعلق بعدم امتلاك ادوات التنفيذ، بمعنى أن الحاكم الشرعي (غير مبسوط اليد) فأنه حتما سيكون هو ومن يأخذ الحكم الشرعي منه تحت سلطة الأمر الواقع لمن يتولى السلطة السياسية وحيث أن الفقيه يجري عليه مايجري على الرعية من حكم القانون، فأن لم يعترض عليه أو يدعوا الى إسقاطه فأن ذلك يعني في ما يعنيه قبوله بشرعية الأمر الواقع لهذا النظام لذلك فأن اي حكم شرعي يصدر عن الفقيه في ما يخص الأمور العامة وكثير من الأمور الخاصة والتي تتقاطع مع سلطة القانون ستكون لامعنى ولا فائدة منها هذا في أدنى مستويات ما يحدث فضلا عن أن الفقيه في كثير من الأحيان بل غالبا يكون متماهيا مع هذه السلطة من خلال دعوة الجماهير للالتزام بالقوانين وعدم مخالفتها بل أكثر من ذلك دعوته الناس للانخراط في آليات النظام من مثل الترشيح والانتخاب والترويج والدعم لجهات متنافسة على السلطة الوضعية وبذلك فأنه يمنح هذا النظام الشرعية وبالتالي فإنه واقعيا ينزع عن نفسه صفة الحاكم الشرعي لأنه أقر بشرعية غيره بالتالي فإن مساحة الحكم الشرعي للفقيه. ستنحصر في أضيق صورها والتي لاتتعدى العبادات والتوجيهات الأخلاقية والإرشادية وليس أكثر من ذلك وبذلك يصبح عنوان الحاكم الشرعي غير متحقق للفقيه بعد أن أقر واقعيا (بشرعية الحاكم) أما إذا كان الفقيه (مبسوط اليد) بمعنى أنه يمتلك مقاليد السلطة السياسية فأنه سيكون هو الحاكم الشرعي فعليا وبذلك فأن مايصدر عنه من أحكام شرعية ستكون مُضَّمَنة في التشريعات القانونية للنظام الحاكم بعد ذلك فأن اي فتوى من الفقية يجب أن لا تتقاطع مع القوانين النافذة ومن هنا سيكون الفقيه حاكما شرعيا بالاعتبارين النظري والواقعي. السؤال الأهم هو هل أن ذلك ممكنا على مستوى الواقع ؟ بمعنى هل سيكون (الفقيه الحاكم) مبسوط اليد فعلا إذا أخذنا بالاعتبار أن أي نظام سياسي لابد له أن يكون جزءً من النظام العالمي في مكان ما من هذا النظام الذي تحكمه المصالح السياسية والاقتصادية والصراع حول مناطق النفوذ، على أن هذا الارتباط بالنظام العالمي. له استحقاقات تتعلق بكثير من القضايا الداخلية للدول والمتعلقة بالحقوق العامة والخاصة والتي تتقاطع حتما مع كثير من الأحكام الشرعية والتي لايحق للفقيه أن يتصرف بها من مثل مايحدث في إيران حاليا حول حكم الحجاب مثلا وليس حصرا، حيث أن (الفقيه الحاكم) محشور في زاوية حرجة بسبب أنه لايستطيع إنفاذ الحكم الشرعي بسبب تدخل العامل الخارجي الذي يمثل المنظومة الحقوقية الدولية وما يترتب على ذلك من عقوبات واجراءات تظهر تأثيراتها على المستوى المعيشي. للمواطن وبالتالي تصبح عاملا ضاغطا كلما أصر النظام على تطبيق حكم الفقيه أو أن يذهب الفقيه إلى التساهل والتماهي مع الضاغط الدولي وبذلك عليه أن يتخلى عن كثير من الأحكام الشرعية أو أن يكيف الحكم الشرعي بما لايتقاطع مع النسق العام، وبذلك فأنه

وبدوافع مختلفة من أهمها الدوافع الذاتية والنفسية للتمسك بالسلطة سيقبل بأن يتخلى عن دور الفقيه لصالح دور الحاكم ..

***

فاضل الجاروش

وسائل الإعلام غدت وسيلة هامة وشديدة التأثير في صياغة وبلورة الرأي العام وفقا لنظريات سياسية وثقافية محددة ومن أهم العناصر في المجتمع الإنساني وهي موجودة منذ أزمنة بعيدة ولكن بطرق وأشكال متباينة، وفي غمار ما نمر به من أحداث واضطرابات وموجات من التأثيرات في وقتنا الحالي أدرك كثير من الناس الفارق الكبير بين كيفية ادارة هذه الوسيلة قديماً وحديثاً، ولعل هذا هو الدافع وراء طرح موضوع يعبر عن وسائل الإعلام الحديثة والقديمة بالعناصر و تعتبر هذه الوسيلة بالفعل اهميتها كبيرة في المجتمعات وذلك لانها تعمل على نقل الصورة عن الكثير من الأمور في المجتمع ان كان المجتمع المحلي والدولي وتعمل ايضا على تنوير الرأي العام بخصوص العديد من القضايا الهامة وهناك انواع كثيرة للاعلام مثل الاعلام المسموع والاعلام المرئي والإعلام الالكتروني والاعلام المقروء والإعلام الجديد يتسم بالسرعة في التغيير والتجديد، ولا يقف على أسلوب وحيد، كما أنّ الإعلام التقليدي أصبح اليوم أقل شعبية وأقل احترافية.

ان وظيفة الإعلام هي رفع الوعي والإدراك وتغيير السلوك، وأصبح دوره كعملية اتصال يتكون من ستة عناصر لأي خطاب وهي: المرسل الذي ينشئ، والرسالة التي هي مضمون الاتصال "النص"، والمتلقي وهو هدف الرسالة "الجمهور"، والرمز وهو الطريقة التي يتم بها إعداد الرسالة، إلى جانب أداة الاتصال، وهي الوسيلة المستخدمة، ويرتبط ذلك بالسياق العام، وهو ما يساعد في فهم الرسالة على نحو أفضل من جانب المجتمع،

بلا شك أن وسائل الاعلام لها من الفاعلية الحاسمة في توفير المعلومة في الوقت الحالي والتي تصنع القناعات عند الجماهير سيما لها الدور بالدور الأهم في صياغة الصورة وتعديلها بما يخدم وجهة النظر التي تسعى لنشرها، كما أن لها أيضا دورا أساسيا في بلورة السياسات وصياغة القرار السياسي، عبر الأخبار والمعلومات التي يروجها الإعلام في هذا الحدث أو ذاك خاصة في ظل التحولات والتطورات التكنولوجية المتطورة في الاتصالات حيث الأقمار الصناعية واستخداماتها الايجابية  وكذلك السلبية التي تقوم على خلق تشوهات وإفراز إشكالات خطيرة تؤثر في وعي الجماهير ومواقفها السياسية من الأحداث. حينما تندلع الازمات غالبا في مناطق الهشاشة والبؤس تنهار المؤسسات في تعبئة الوسائل الإعلامية لمتابعة الأحداث تلك تحت مسميات مختلفة او مظلة حزبية أو من زاوية نظر طائفية،    أو تنفيذا لأجندة دوائر اقتصادية أو سياسية أو أيدولوجية و تتحول المنطقة المنفجرة إلى وجهة جاذبة لكبريات وسائل الإعلام المتصيدة التي تحوّل الحدث المحلي إلى شأن اكبر مهما كانت مساحة الحدث، والتي تثير تغطيتها انتقادات من نوع آخر أو آليات دعائية لفرقاء النزاع، تغذي الانقسام والكراهية. في المقابل، كشفت دراسات عديدة عن الطابع التبسيطي للتغطيات الدولية للأزمات التي عرفتها مناطق في إفريقيا وآسيا ووسط وشرق أوروبا. تغطيات تغذي المخيال الغربي البعيد عن حقائق النزاع، وتقدم وجبات دموية جاهزة لصناعة الإثارة، وتنزع إلى تقديم النزاعات الأهلية في صيغة صدام مسدود الآفاق. هذا دون إغفال الارتباطات التي تسم علاقة الإعلام الدولي بالقوى الدولية التي ينتمي إليها، في نقطة هي الأكثر خطورة للتأثير على المعنويات، يتم الحفر عميقًا في أساليب أكثر تأثيرًا لتبني سلوك معيّن، وهي تقنيات تذهب أبعد من إطلاق المعلومات الكاذبة واستخدامها في سياقات مضللة، حيث ينتهي دور الإعلام بمعناه الاصطلاحي كناقل للخبر أو ناقل للواقع كما هو، إلى إعلام يتم تأطيره وتوضع له أجندات ويمارس فيه التعتيم والتضليل أو الإغراق على مبدأ غوبلز أي التكرار والكذب حتى يصدق الناس وقد برز دور التضليل من خلال التحليل كأداة أساسية في الاستراتيجيات الإقناعية، وأصبح عدد المحللين حول العالم أكبر من عدد المراسلين، بل أصبح ثمة حاجة إلى أن يصبح المراسلون محللين بدورهم لتكتمل وجهة النظر المطلوبة وليس الصورة. ومن خلال التحليلات تنطلق الرسائل الموجهة على المدى الطويل " سوأً كانت منصات مواقع التواصل الاجتماعي والصحافة والقنوات التلفزيونية الاخرى" .

 ان اي نهج اعلامي يتسم بالخلل والتشويه والتحريض بشكل عام على المناطق التي تواجه مشكلات خاصة يتطلب من كل مواطن حريص و واع مدرك لابعاد هذه الحرب الإعلامية  ان يوعي حقيقة أهدافها والقيام بتعرية هذا الإعلام الحاقد وكشف نواياها المعادية، لقد تطور الإعلام في فكر التنظيمات المتطرفة، وذلك تبعا للتغير الحاصل في التطبيقات التكنولوجية، والتي أثرت دون شك في نمو واتساع تأثير ظاهرة التطرف والتشدد والإرهاب ولعل أهمها فرصة الالتحام بشكل مباشر مع الجمهور المستهدف من الشباب، وتعزيز فرص التجنيد والتعبئة والتأثير فيهم ومن خلالهم، وتوفير منصة إعلامية غير مسبوقة ورخيصة التكلفة، وإمكانية قبول مساهمات من أعضاء عابرين للحدود،الذي يتطلب من الجميع إدراك حقيقة هذا الإعلام والتوقف عندما ينشر ويبث من إشاعات والتحريض للنيل من كان من كان أو ذاك ونخص بالذكر هذه الأيام الشعوب المتمسكة بالثوابت الوطنية والقومية والمدافعة عن قضاياها، مثلما يتطلب من الجميع تمحيص الأخبار والتصدي للتزوير وفضح ابعاده وعدم السقوط في خديعة هذا الإعلام الضال والمضلل، و وسائل الإعلام هي الكيان الأقوى على وجه الأرض لكونها لديها القدرة على جعل المذنبين أبرياء وجعل الأبرياء مذنبين، وهذه هي السلطة؛ لأنّها تتحكم في عقول الجماهير.

***

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

 

عدا ما نراه من ابتعاد الجزء الاكبر من الناس عن السياسة وما يتصل بها ومللهم وضجرهم من الاشخاص والاحزاب التي تفرض نفسها عليهم، اننا نجد انفسنا احيانا قد علقنا وسط نقاش خضم الصراع السياسي للمتجادلين او المضادين للبعض منذ مدة طويلة ويعلنون ما يؤمنون بها وما ليس للسعب فيه لا ناقة ولا جمل، لا بل اليوم نجد منة الغلمان من تبناه القيادات السابقة او الراحلة، فدخلو هذه الحالة التي اورثوها من هؤلاء دون ان يعلموا بانهم يعيشون في زمكان اخر يتسمة بالخصائص الاخرى ويختلف عما كنا فيه من قبل.

لا ادعي بان النقاشات الفكرية الفلسفية هي الطاغية في كرودستان ومن المفيد ان نستوعب عقليا من النتاجات من قبل من يحسن في بيان الاصح منها لدى طرحها من ما يكتنز من المعلومات والتي نقلت اليه هنا وهناك فقط من قبل المتبنين لنفي الاخر او لاثبات على ما يدلون به فكريا ولا يمت بالفكر من صلة، فهم يطرحون ما يتفقون عليه وان كانوا مخطئين. المشكلة في سيطرة الخزعبلات الايديولوجية العديدة التي يطرحها هؤلاء اشباه السياسيين لنقد الاخر ولنفي ما يطرحه الاخر بناءا على المصلحة الحزبية والشخصية فقط دون اثبان اصحية الاخر او خطأه مهما كان. ولا وجود لاي دلائل فيما يتكلمون عليه او يكتبون احيانا في الاعلام الالكتروني المتوفر للجميع اكثر من الصحف المعتبرة.

نحن في وحل ما يفرزه العناد الشخصي لدى من أُبرز اعلاميا وسياسيا من قبل القادة (ان امكننا ان نسميهم القادة) الذين امدوا ما كانوا عليه من التحارب والتضاد والضلالة في المواضيع الهامة عندا كانوا اشباه الثوار اثناء الثورة في الجبل وما جلبوه الى المدينة وشوٌهوا الخيال والواقع واثٌروا على الاجيال مابعد الانتفاضة ومستقبلهم. منذ اكثر من ثلاثين عاما ونحن في خضم المعيشة في واحة افرزات الكره السياسي التي يحملها هؤلاء ويستعملونها في صراعاتهم.

لا يمر يوم والا نرى انفسنا في نقاش سياسي عقيم بين طرفين او شخصين،و يكون العقم لاسباب سياسية واهية فقط لم تثمر منها نتيجة مفيدة للقاريء والمستمع والناظر لهمم او من يضطر لمعايشتهم، والسبب:

* النقاش غير المنتج وبالشكل التقليدي البدائي وبدافع اثبات الذات على الساحة ومن اجل الشهرة الشخصية وبتشجيع حزبي .

* النقاش بسبب خلافات شخصية لا صلة لها باي فكر او فلسفة او بما يهم الشعب ولكنهم يفرضونها بوسائلهم الرخيصة التي وفرت لهم نتيجة الفساد او كثمرة الصراع السياسي.

* النقاش من اجل اشغال الناس فقط ولتغطية سلبياتهم ونواقصهم.

* النقاش من اجل ابعاد الناس عما هو اولياتهم من النقص في توفير مستلزماتهم والاهتمام بالحصول على قوت يومهم .

و عليه نجد انفسنا قد ابتعدنا عن المفيد الضروري المطلوب من النقاشات التي تؤدي الى الانفتاج والتقدم في اكتساب المعلومات والافكار المفيدة للشعب ومصير ابناء الامة.

ان مكان العقل لديهم في جيوبهم او لخدمة الذين يوالونهم، واصبحوا للاسف فرقا يلتزم كل منهم بما بما القن على ما يتعاونون عليه من تنفيذ التعلبمات لضمان مصلحتهم المادية فقط. للاسف لم نجد ما يفيد ولو جزءا يسيرا من هذا الشعب او يدخل في خانة ضمان مستقبل ابناءه.

لذا على الجميع الدقة فيما يجري هذه الايام في كوردستان ومعرفة ما وراء ادعاءات هؤلاء الموالين لمن اضر بهذا الاقليم بكل شئ، والابتعاد عن التداخل او الخوض معهم، وهذا ما يريدونه وينوون العمل عليه من اجل اشياء شخصية تافهة لا صلة لها باي جانب من جوانب حياة الشعب ومصالحه.

***

عماد علي

العقائد بأنواعها لم تصنع مَن يخدمها، بل أوجدت مَن يستخدمها لتمرير نوازع ما فيه، من أمّارات العجائب والغرائب والرغبات المنفلتة التي لا تشبع ولا تقنع.

وربما سينكر البعض ما تقدم، ويرى أن هذه العقيدة وتلك تُخدَم ولا تُستخدَم، غير أنها مهما بلغت من القدرة على إنتماء الناس إليها، فلغايات غيبية تمليها عليهم، أي يتحقق إستخدامها للوصول إلى المتخيل الموعود.

ترى هل سينتمي للأديان بشر لو لم تكن هناك جنة ونار؟

أي أن الأديان تُستخدم للفوز بالجنة والإبتعاد عن النار!!

فالبشر يَستخدم ولا يَخدم!!

ولهذا وجدت القوة لإرغامه على الخدمة، ويبقى متأهبا لإستخدامها لتأكيد إرادة نفسه الفاعلة في دنياه.

ولا توجد دولة بلا قوة وسلطة قادرة على فرض ما تريده على المواطنين، فيصبح الناس خدما في بنيتها القائمة.

فالخدمة بحاجة لقوة تفرضها، والإستخدام هو الطبع البشري السائد، وهذا يفسر آفة الفساد المنتشرة بالكراسي في المجتمعات، والتي تحاول القضاء عليها بالقوانين الصارمة، وإعتبارها عيبا وخيانة للأمانة والمسؤولية.

وهكذا فالميل للإستخدام لا للخدمة من العوامل الأساسية في إنتشار الإضطرابات، وسوء الأحوال وتداعي الحكومات، ويبدو أن الدول ذات القوة الفتاكة والقوانين الصارمة، هي التي تروض المواطنين لتأمين خدمتها، وفي المقابل تقدم لهم الخدمات اللازمة لحياتهم.

وتلك معادلة مغفولة في بعض المجتمعات المنكوبة بالكراسي والمقهورة بالويلات.

فهل لنا أن نَخدم ولا نَستخدم؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

سلام عليك، على رافديك يا عراق القيم

فانت مزار وحصن ودار لكل الامم.

فبغداد تكتب مجد العظام

وما جف بها مداد القلم

هنا المجد امّ وصلّى وحج وصام ..

وطاف بدار السلام.

هكذا شدت بلابل العراق ..

تغني لاغلى وطن،

وهكذا نردد معها في السر والعلن.

العراق العظيم..بلاد الرافدين ومضرب الآيتين، مسرى النهرين دجلة والفرات. العراق الحبيب عمق الاصالات، ونبض التاريخ ولغز الكلمات، وأصل الحكايات. أرض البدايات، ارض النشأة منذ القدم .. ارض البدايات وأم ّالنهايات ومستقر الأمم).

من مقدمة الأعلامي في قناة ابو ظبي..فأجابه العراقيون: تسلم يا ابن العرب الأصيل ..كفيت و وفيت بتذكير مستحق بمكانة العراق.

*

في افتتاح متميز مبهر، احتضنت البصرة الفيحاء خليجي 25 وسط تدفق محبي الدول المشاركة التي استقبلها اهل البصرة بلافته كتب عليها ( هلا بيكم ..عين فراش وعين غطا)..بدا الحفل بحكايات اسطورية من الف ليلة وليلة ومؤثرات بصرية رسمت مجسمات تاريخية لحدائق بابل المعلقة وبوابة عشتار وانجازات حضارات العراق وما قدمته للبشرية، وعرض مجسمات لصروح الدول المشاركة مثل مجسم جامع الشيخ زايد في ابو ظبي ومجسم أبراج الكويت..ليسجل خليجي 25 في البصرة انه الأجمل، والأمتع، والأبهر في تاريخ البطولة.

ما يعنينا هنا ما تفعله كرة القدم سيكولوجيا في الناس بعد ان اصبحت هي الرياضة الأكثر شعبية في العالم، وانها تسهم في التغيير من جودة الحياة، وتشجع على التواصل الاجتماعي، وتؤثر ايجابيا في المجالات السياسية والأقتصادية والأجتماعية وحتى الدينية، بما تتمتع به من قوة فريدة في التقريب بين الاشخاص المختلفين دينيا وطائفيا وعرقيا ومناطقيا.

وعالميا، اثبتت كرة القدم أنها يمكن ان تكون رسول محبة وإخاء بين الشعوب، وأنها تعلّم الناس كيف يتعارفون، وكيف يأتلفون، وكيف تثير فيهم مشاعر واحدة تتجاوز فروقاتهم البشرية..بل ذهب كثيرون الى القول بأن الرياضة تعلّم الناس مهارات تساعدهم في إضفاء التعايش وحل الصراعات بالطرق السلمية.

الأروع ..ان هناك من يذهب الى أبعد من ذلك بقولهم ان كرة القدم اصبحت علاجاً لأمراض الشعوب، بعد أن كانت تثير المطاحنات والحروب، ويستشهدون بحرب الجارتين في أميركا الوسطى: هندوراس والسلفادور، التي انتهت بآلاف القتلى والمشردين في عام 1969؛ لكنها تحولت وخاصة في أميركا اللاتينية وأفريقيا علاجاً فعالاً لمساعدة آلاف الشباب في المناطق الموبوءة بالجريمة والصراعات المسلحة، للتخلص من العنف والمخدرات، كما في البرازيل والمكسيك وكولومبيا والسلفادور وغرب أفريقيا؛ بل إن كاهناً كاثوليكياً في هندوراس هو «ألبرتو غوتشي» فضّل أن يبني ملعباً في بلدة تعاني من تهريب المخدرات وعنف العصابات، كوسيلة لتآخي الشباب .حتى «اليونيسكو» اعترفت أن الرياضة تشكل «أداة قوية لتوطيد الروابط والشبكات الاجتماعية، ولتعزيز المثل العليا للسلام والأخوة والتضامن واللاعنف والتسامح والعدالة».

وللعراقيين ولع خاص بكرة القدم من سنين، فانت تجد في لاعبي وجمهور الفريق الواحد (نادي القوة الجوية مثلا) من هو مسلم ومسيحي وعربي وكردي وتركماني..وبصري وأنباري وسليماني..مختلفون دينا وعرقا وطائفة، ولكنهم كانوا جميعا موحدين بهوية واحدة وعنوان واحد هو..العراق.

وما حدث في حفل الأفتتاح البهي..أعاد لكرة القدم نكهتها العراقية بامتلاء الملعب باكثر من ستين الف عراقي (بغدادي، مصلاوي، انباري، اربيلي..سني،، شيعي مسيحي..) يهزجون جميعهم للعراق بعد سنوات فواجع واحتراب وطائفية دفعت العراقي الى ان يقتل أخاه العراقي لسبب في منتهى السخافة، ما اذا كان اسمه حيدر او عمر او رزكار!..ما يدفعني الى ان اقول بالصريح: ان حفل الافتتاح أفرح كل العراقيين، الا السياسيين الفاسدين الطائفيين ..فقد اخافهم ما حصل!

هنيئا للعراقيين بخليجي 25، فبه احيوا ما هو جميل في الشخصية العراقية، وبه أشاعوا بشرى خير انهم سيتوحدون ويعيدوا لأربعين مليونا اليقين بأنهم قادرون على خلق غد يليق بوطن يمتلك كل المقومات لأن يعيش اهله برفاهية وكرامة.

***

أ.د. قاسم حسين صالح

مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية

الوطن أولاً.. قالها عظيم الفرنسيين فولتير، وأعتذر للقرّاء الأعزاء، عن كثرة الاقتباسات من الكتب وصدع رؤوسكم بالتفلسف، وكان غريمه جان جاك روسو يجد أن الدولة العادلة هي التي تحترم قيمة الحياة، عاش فولتير مطارداً، ومثله روسو، لكن بعد سنوات حمل رجال الثورة توابيت روسو وفولتير على الأعناق ليُدفنوا في مقبرة العظماء .

نقرأ فولتير فنرى كيف تتقدم الأمم وكيف أننا لا نزال "محلك سر". وإذا قمنا فلكي يشتم بعضنا البعض. دائماً محملين بأطنان من الأكاذيب وأكوام الخطب. واصرار يشيعه البعض من اجل السبات في الجهل والتخلّف والطائفية .

ظل فولتير يرفع شعار "لا" لجميع أنواع الضغينة والخراب، فقد ولد الإنسان حراً ليس من أجل أن يصبح رهينة لمفاهيم حمقاء، أو لأشخاص ناقصي الخبرة والإنسانية.

منذ أن انطلقت فعاليات خليجي 25 المبهرة والمبهجة، تدور معركة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي حول تسمية الخليج العربي، وقد دلني موقع تويتر مشكوراً على أشخاص تحولوا بقدرة قادر إلى خبراء في التاريخ والجغرافيا، ومن يختلف معهم فهو بعثي ويجب طرده من جنة العراق الجديد!!، ولهذا كان لا بد لبعض المدونيين من أن يسخروا من تسمية الخليج العربي ويتهمون من ينادي بهذا الاسم بأنه عميل للاستعمار، أما كيف؟ فهذه وحدها تحتاج إلى أن يُقدّم هؤلاء المدونيين اللطفاء والظرفاء إلى القضاء بتهمة الإساءة لبلاد بحجم العراق .

قد نختلف أنا وأنت في تقييمنا للوضع السياسي ولما يجري في العراق خلال السنوات الماضية، لكن لا يمكن أن نختلف على أنّ العراق يمثل جوهرة الخضارة البشرية .

منذ عقود وحكوماتنا "الرشيدة" سخّفت موضوعة الوطنية، فلم يعد لها قيمة، ووجدنا من يسخر من العلَم ومن النشيد الوطني، وعشنا الموقف الدرامي الذي قدّمه لنا قبل سنوات المواطن الاسترالي ماجد النصراوي أيام كان محافظاً للبصرة، عندما رفض سماع النشيد الوطني العراقي بسبب استخدام الآلات الموسيقية، اعتقاداً منه أنها تسبب الضرر لعقيدته الدينية !

أرادت بعض الأحزاب السياسية أن يمشي العراقيون خلف شعارات التناحر الطائفي والتشتت، وأصرت على أن ترفع جميع أعلام دول الجوار نكاية بالعلم الوطني، فلماذا نتعجب عندما يشتم مدون "لطيف" وخفيف كل الذين يصرون على تسمية الخليج العربي أو بحر البصرة؟.

كان العراقيون ينتظرون نهاية حقبة الدكتاتورية، كي يخرجوا إلى النور، فقد أرهقتهم حروب صدام ومغامراته العبثية، فإذا بهم يجدون أن الوطن يراد له ان يُخطف من قبل البعض ممن يعتقدون أنهم الأوصياء على أحوال الأمة والعباد.و

وأعود إلى فولتير لأجده يخبرنا أن الخطر الحقيقي الذي يطيح بالبلدان هو الجهل ، حيث تجد الناس ان البعض يحاولون أن يحققوا من خلال التزييف الحد الأقصى من الأرباح والمنافع الشخصية .

***

علي حسين

العبثيات تفعل في واقع الأمة وتحيله إلى عصف مأكول، فالأقلام ومنذ الإنطلاقة الأولى  وحتى اليوم، تتواصل بعبثية مؤثرة في مسيرات الأجيال.

والعبثية المقصودة تناول موضوعات بائدة لا نفع منها، وتحث على التفاعل مع العواطف والمشاعر السلبية وتأجيج العداء بين البشر.

ومنها لماذا هذا لم يكن خليفة وذاك صار، وهل أن القرآن مخلوق أم غير مخلوق، والإمعان في التأويلات والتفسيرات والفبركات القاضية بالفرقة والصراع، دون جدوى ومردود إيجابي يساهم في التعبير عن جوهر الأمة الحضاري.

ولهذا فأمم الأرض تقدمت وأمتنا تأخرت، لأنها منهمكة في حل مشاكل الأموات، ولا تعنيها الحياة.

والمشكلة أن هناك جهات متعددة مستفيدة من نبش الأجداث والتغني بالغابرات، وبموجبها تأسست فئات وجماعات ذات تصرفات متطرفة وإنتقامية التوجهات.

فالأمة في العديد من دولها تعيش دوامة ما مضى وما إنقضى، فتلغي الحاضر وتنكر المستقبل، وتندحر في ظلمات القبور.

والكتابات السائدة في المواقع والصحف ووسائل الإعلام الأخرى بأنواعها، تشترك بأنها غاطسة في السوالف ولا تقترب من الحاضر ولا تريد النظر للمستقبل، فالمهم أن تتحدث عن لماذا ويجب، وتنكر هذا الأمر وتثبت ذاك الأمر، وما تساءلت عن نفع ما تدوّنه وتنشره.

والعديد من الأقلام تتوهم أنها ذات مواهب تحليلية وتأويلية، وتنطلق في مسيرة الضلال والبهتان وتشويه الرؤى والتصورات، وما تعاملت بواقعية وعلمية وقدرة على القراءة المعاصرة، والأخذ بالأجيال إلى آفاق التنوير والتعبير العقلي المبدع عن الذات والموضوع.

إن السلوكيات العبثية المشار لبعضها، تنهك الأمة وتستنزف طاقاتها، وتقضي على تطلعاتها، وتطمر طاقاتها في دياجير العدوان والذل والهوان.

فهل لنا أن نتحرر من العبث ونتعلم مهارات الجد والإجتهاد والعمل الرشيد؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

يتداول كثيرون فتوى دينية تقول ان النفط مورد مجهول المالك ويجوز لكل شخص ان يأخذ منه مايشاء مثله مثل مياه المطر!!

وهذه فتوى خطيرة جداً وتمهد لكل انواع الفساد.

المطر يختلف عن النفط ولايجوز تشبيهه به .

النفط ملك المجتمع وتعتمد عليه الدولة في تسيير امورها واداء واجباتها.

النفط يختلف عن المطر فيما يلي:

- ماء المطر يسقط على الجميع، الغني والفقير ومن يحتاج الى ماءه يستطيع ان يأخذ منه ويجمع الكميات التي يحتاج اليها.

- النفط لايسقط على الجميع وليس في متناول الجميع ثم انه لايخرج تلقائياً ومجاناً مثل المطر، بل هو يحتاج استثمارات ضخمة ومعدات معقدة . لذلك يجب ان يباع مقابل سعر معين يضمن استرداد تكاليف الانتاج. فهل يجوز ان يقوم شخص بثقب انابيب النفط ويسرق منها مايشاء؟ هل هذا عدل ونزاهة وشرف؟

- النفط سلعة اقتصادية نادرة ولها سوق وعليها طلب ولديها زبائن، في حين ان ماء المطر لاقيمة سوقية له، بل قد يحتاج اليه البعض ممن يعيشون في اماكن قاحلة فقط ويقومون بجمعه في احواض او ماشابه.

- ماء المطر ينزل على الجميع ويستطيع الجميع الحصول عليه، اما النفط فلايستطيع الحصول عليه سوى اللصوص الذين يستطيعون ثقب الانابيب ونقل النفط والتنسيق مع بعض الخونة الفاسدين في الاجهزة الأمنية والارتباط بعصابات التهريب داخل وخارج البلد.

فكيف يستطيع الفقير ان ينال حصته من هذا النفط مجهول المالك كما يزعم، كذباً، بعض رجال الدين؟؟

- اذا كان هذا النفر من الفقهاء لايؤمنون بشيء،اسمه الملكية العامة للاشياء، فهل يجيزون السطو على بيت المال او اموال العتبات المقدسة لانها لاتخص شخصاً بعينه؟

انهم يعلنون دعمهم للدولة وانهم يدعون الى مساندتها، ولكنهم يجيزون سرقة مصدر قوة الدولة واستمرارها.

***

د. صلاح حزام

السماوة الأشد فقراً!!

تطالعنا التقارير السنوية لوزارة التخطيط والمؤسسات المحلية والإقليمية وهي تفيد بأن  أفقر محافظة في العراق هي محافظة المثنى (عاصمتها مدينة السماوة).

فهل وجدوا الحل ام بعد؟

وسبق القول ان الفقر في العراق ظاهرة تاريخية قديمة ومتجددة تساير الإمكانيات الإبداعية التي تمتلكها العقول العراقية والثروات الضخمة التي تزخر بها الأرض العراقية كماً ونوعاً.

وقد تبدو هذه المسايرة بين الامكانيات والثروات من جهة والفقر العراقي من جهة أخرى حالة غير منطقية وغريبة نوعا ما ...

ولكن اذا عرف السبب بطل العجب!!!

المقدمات والأسباب

مابرحت المنظمات ومراكز البحوث التي تعنى بإقتصاديات الفَقر تدرج العراق من بين الدول التي يعد الفقر فيها ظاهرة ملحوظة.

وتضاعف معدل الفقر في العراق في العام 2020، حيث بات 40 في المئة من السكان البالغ عددهم 40 مليونا، يعتبرون فقراء وفقاً الى البنك الدولي.

رجح تقرير صادر عن الأمم المتحدة، الأربعاء، ارتفاع نسبة الفقر في العراق اضافة الى ماتقدم (40%‎) بين سبعة و14 في المئة، بعد قرار الحكومة العراقية خفض قيمة الدينار وما رافقه من ارتفاع في أسعار المواد الغذائية.

ويقول التقرير، الذي اشتركت في إعداده منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" وبرنامج الأغذية العالمي والبنك الدولي، إن قرار خفض قيمة العملة المحلية سيؤدي على المدى القصير إلى زيادة أعداد الفقراء في البلاد بين 2.7 مليون و5.5 مليون عراقي.

وفي هذا الصدد، يقول الناطق الرسمي باسم وزارة التخطيط العراقية عبد الزهرة الهنداوي، واستنادا إلى آخر بيانات وزارته، للجزيرة نت إن نسبة الفقر في العراق تتراوح بين 22-25%. وتتصدر محافظة المثنى (جنوب غرب) المحافظات الأشد فقرا بنسبة 52%، تليها محافظتا الديوانية وذي قار جنوبا بنسبة 49%.

وأشار المسؤول العراقي إلى أن نسبة الفقر في المحافظات "المحررة من تنظيم الدولة الإسلامية" وصلت إلى 41% كما في محافظة نينوى (شمالا). أما في الوسط فتتراوح

أما في الوسط فتتراوح نسبة الفقر بين 15-17%، في الوقت الذي تجاوزت فيه العاصمة بغداد نسبة 12% وهو ما ينطبق على مدن إقليم كردستان، بحسب الهنداوي.

من جهة أخرى، يعزو مدير "مركز ذر للتنمية" ماجد أبو كلل، أسباب ارتفاع نسبة الفقر في البلاد إلى سوء التخطيط الاقتصادي، والفساد المالي والإداري الذي ضرب أركان الدولة واستشرى في جميع مفاصلها دون وجود عمل حقيقي يحد أو يقضي على ظاهرة الفساد، بحسب تعبيره.

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول أبو كلل، وهو من سكان محافظة المثنى، إنها تُعدُّ الأكثر فقرا بسبب عدم وجود مصادر دخل للمواطنين مقارنة بالمحافظات الأخرى، حيث لم تفلح الحكومة الاتحادية أو الحكومة المحلية في إيجاد حلول ناجعة للفقر فيها.

الحل

ان اقامة مشاريع صناعية في محافظة السماوة تستوعب المئات من الشباب العاطلين عن العمل لاشك انها سترفع من مستوى معيشة المئات من العوائل من اهلنا في السماوة بدلاً من اجبار الشباب على التجول بين المحافظات للبحث عن فرصة عمل.

ولذلك نسترعي الإنتباه.

الحكومة الإتحادية.

ادارة العتبات المقدسة.

مع التقدير

***

فارس حامد عبد الكريم

استاذ جامعي - النائب الأسبق لرئيس هيئة النزاهة الإتحادية.

 

شعرت بالأسى وأنا أقرأ الخبر الذي يقول "يستعد مجلس النواب لافتتاح أولى جلساته في الأسبوع المقبل، بعد عطلة تشريعية دامت شهراً كاملاً". فقد كنت مثل غيري من ملايين العراقيين، نأمل أن يغط برلماننا الموقر في نوم عميق نتخلص  خلاله من فوضى التصريحات الببغاوية.

وكنت أتمنى -ولو أن التمني بضاعة المفلس- أن يأخذ البرلمان إجازة استجمام طويلة، فربما يرتاح الناس من فوضى الخطابات والهتافات التي تفاقم أزمة الاحتقان السياسي، فما الذي سيجنيه الناس من برلمان يعيد إلى مسامعهم الخطب نفسها وتمتلئ شاشات الفضائيات بمعارك تاريخية غير مسبوقة؟ وتتحول جلساته إلى مناكفات شخصية، ويملأ أعضاؤه السموات والأرض بتصريحات عن الوطنية ومصلحة البلاد والدفاع عن قضايا الشعوب، لكنهم يعجزون عن مناقشة قانون يصب في مصلحة الناس. للأسف سنحرم نحن من متعة الهدوء والسكينة.. في أوضاع كهذه من حق العراقيين ألا يبالوا باجتماع برلمانهم الموقر، والا يقعوا في غرامه، والسبب لأن بضاعته قديمة ومنتهية الصلاحية، ولا تناسب مطالب الناس بالعدالة الاجتماعية وبالإصلاح السياسي، فهي بضاعة لا يمكن لمواطن ذكي أن يقتنيها. أيها السادة.. الوطن بحاجة إلى أن تمتد له يد أبنائه المخلصين، أن تمتد بالخير، لا بالانتهازية والمحسوبية والمصالح الضيقة، فأهم من أن تحصل كتلة سياسية على كل ما تريد وتشتهي، وأهم من أن يحدد البعض من هو الأحق بهذا المنصب أو ذاك، هو أن نطمئن على العراق وعلى مستقبله وعلى مصيره. لقد اختار العراقيون العملية الديمقراطية إيماناً منهم بأن القوى السياسية ستوفر لهم الأمن والهدوء والاستقرار، وتحفظ الناس من المخاطر والأهوال.. لكن الأمور جاءت عكس ما تمنوا، ولم تعرف البلاد هدوءاً منذ أن أطل النواب وهم يهتفون الواحد ضد الآخر. الناس تدرك جيداً أنها تعيش في ظل ساسة ظرفاء ولطفاء لا يعجبهم القول إن برلمانهم فاقد للبصر والبصيرة، وإن وجوده ضد الطبيعة البشرية، بعد عملية إبادة جماعية نفذتها الكتل السياسية ضد كل الأصوات التي طالبت بأن يكون البرلمان صوتاً حقيقياً للناس. إن هؤلاء البرلمانيين لم يتركوا لأحد فرصة كي يصدقهم أو يحترم مواقفهم، فهم من كثرة تقافزهم فوق أسوار حدائق السلطة منذ سنوات جعلونا نستقبل كل ما يصدر عنهم بالارتياب وعدم الاعتبار، ذلك أنهم في غالبيتهم مسؤولون عن هذه المآسي التي يعيش في ظلها ملايين العراقيين. للأسف يتصور ساسة العهد الجديد أن السلطة والمنصب مكافأة لهم ، وأن هذا يعطيهم الحق بأن يكونوا فوق القانون والدولة. أيها السادة لقد فقدنا من نفوس وثروات وزمن أضعناه في صراع طائفي ومطاردة الكفاءات، والخروج من سباق التنمية ومنافسة بلدان العالم المتحضر.

***

علي حسين

راوحت قضية مجالس المحافظات العراقية لفترة ليست بالقصيرة، امتدت وبعمر إنعاشي لما يقارب الأربع سنوات، وتنازعتها خلال تلك الفترة الماضية، رغبات الساسة أصحاب القرار، على الاستمرار في عملها من عدمه. فعام 2017 كان عام انتهاء عمرها الدستوري، دون التجديد لها عبر انتخابات. وبسبب ما اكتنف أعمال أغلب تلك المجالس من عيوب وتشوهات، لذا تعرضت لانتقادات حادة ومعارضة قوية لاستمرار عملها. وتوجت تلك المعارضة بمطالب جماهيرية واسعة، كانت أحدى أكثر النشاطات فاعلية، والتي أحيتها الانتفاضة الجماهير الشعبية عام 2019، حيث استطاعت التأثير على القرار السياسي، مما أضطر البرلمان العراقي تحت تأثير الحراك الشعبي، إلى إنهاء تمديد عمل المجالس وتوابعها في الاقضية والنواحي، ووافق على منح الصلاحيات للمحافظين في إدارة شؤون المحافظات.

اعترض وقتذاك البعض من أعضاء المجالس لدى المحكمة الاتحادية العليا، التي اتخذت بدورها قرارا نص على إن وجود مجالس المحافظات جاء بنص دستوري، ووفق هذا النص لا يمكن إلغاء تشكيلها. ولكن القرار ذاته أشار إلى كون قرار البرلمان كان صحيحا ومناسبا في إلغاء وجودها، لسبب قانوني تشريعي أيضا، وهو انتهاء ولايتها القانونية منذ عام 2017 لذا لا يمكن التجديد لها دون انتخابات.

النص الدستوري الذي وضع هيكل مجالس المحافظات ضمن مؤسسات الدولة العراقية، أريد منه تفتيت قوة المركز وقراراتها الملزمة والمجحفة في بعضها، لصالح تشكيلات إدارية جديدة في مؤسسات الدولة تأخذ طابع اللامركزية الإدارية في العمل، وهي صيغة مستحدثة تتناسب وطبيعة تنوع تشكيلات الشعب العراقي وأيضا تضع معالجات للخلل الكبير في تعامل الحكومات المركزية السابقة مع بعض المحافظات على حساب الأخريات.

في نظام الحكم اللامركزي الإداري تكون المحافظات ممثلة بمجالسها، ومسؤولة مسؤولية مباشرة عن إدارة شؤونها، ومختلف مشاكلها واحتياجاتها واستراتيجيات برامجها الإنمائية. وتكون مهام مجلس المحافظة تشريع القوانين الداخلية الخاصة بالمحافظة على أن لا تتعارض وأحكام دستور العراق، وكذلك مراقبة عمل رئيس الحكومة المحلية الذي يمثلها المحافظ.

سربت الأنباء من جديد عن موعد لانتخابات مجالس المحافظات، وحدد حسب الاتفاق المبرم بين الكتل السياسية المتوافقة تحت مسمي تحالف إدارة الدولة، وكموعد مفترض، تاريخ الانتخابات للمجالس، في الشهر العاشر من عام 2023، على أن يسبقه تغيير في قانون الانتخابات الحالي وإبداله بصيغة سانت ليغو، التي تجد الكتل السياسية الحاكمة فيها، ما يضمن حصولها على العدد المطلوب من مقاعد البرلمان القادم ومثله في مجالس المحافظات المنوي انتخابه.

وبسبب هذه التسريبات وغيرها،وبفعل واقع التجارب السابقة على حياة العراقي، والتي أوغلت في إيجاعه وأخذته لكل هذا الخراب الحاصل، بات التفكير بالمستقبل يقلق المواطن لا بل يفزعه، وقد أخذ العجز واليأس مأخذه عند الكثيرين،فأصبحت الناس يائسة مغلوبة على أمرها. فكل شيء يسير داخل دوائر مغلقة لا يعرف لها منفذ أو إلى أين تأخذهم في دوامتها المرعبة.

فجميع مؤسسات السلطة ومثلها بعض مؤسسات المجتمع المدني وأحزاب وقوى سياسية، تشارك وبوسائل مختلفة ومتعددة بصناعة الإيذاء والقسوة والخراب والخيبات، وبسببهم أغلق الأفق في وجه شعبنا، ولم يبق هناك غير بصيص نور خافت من الجائز أن يتم إخماده في القريب القادم، وأخذ يتسرب هذا الخوف إلى عقول الناس، مع ترقب إخفاق وزارة السيد محمد شياع السوداني، بسبب هيكلتها التي بنيت على ذات النهج القديم وهو نظام المحاصصة البغيض.

 فليس هناك في الأفق ما يشير لقبول ورضا سلطة الأحزاب، الانتقال إلى إصلاح البنى والهياكل السياسية والإدارية لمؤسسات الدولة، والتخلي عن نهج المحاصصة السابق. فالجميع يتمسك بفكرة مشاركته الحكم، والتفاوض على نسب الحصص التي ينالها، ومقدار قيمها المالية والمعنوية، وهذا هو الجهد المبذول، والذي يعمل على تركيبته أصحاب الحل والعقد. فهم أعرف من غيرهم بأن التغيير والإصلاح أياً كانت طبيعته، سوف يمس في الأساس تركيبتهم وهياكلهم السياسية، ويعمل على انحسار نفوذهم، لذا يجاهدون لمنعه مهما كانت طبيعته.

أيضا هناك سلسلة حلقات وتوابع جميعها تشارك في صناعة الخراب وإيذاء الناس، لا بل ان سلسلة الحلقات هذه على كثرتها، تبدو مثل حيتان أو تماسيح تلتهم أي شيء يقع في طريقها، وتترقب الحصول على ما يهبه لها حكام المنطقة الخضراء المشرفون على توزيع ميزانية الدولة .فحلقة الوزراء ورؤساء المؤسسات والمدراء العامون، دائما ما تضمن حصصها من مداخيل المؤسسات والوزارات ذاتها، بعد أن تصبح تلك الدوائر ضياعا يمتلكها هؤلاء دون حساب ورقابة. و العديد من المؤشرات سبق وأثبتت ضلوع بعض الوزراء ورؤساء الدوائر في سرقة أموال الشعب، ودائما ما كانت أصابع الاتهام ولازالت تشير للكثير من حوادث الاختلاس وسرقة المال العام والتصرف غير المسؤول بأموال الدولة، من قبل لجان في الدوائر القريبة من مجلس الوزراء بالذات، بعد أن تشكلت حلقات نافذة ومتنفذة في مؤسسات الدولة، جلهم من الأقارب والخلان والمريدين. مثلما حدث في السرقة الأخيرة التي سميت سرقة القرن وكبش فدائها نور زهير جاسم.

ولن يتوقف الأمر عند حدود هذه الحلقة التي أسرفت بنهب الأموال تحت أعين وأنظار ورضا من يمتلك خزائن العراق، فهناك وفرة من التوابع والمتواليات من مؤسسات السرقات والنهب وإضاعة المال العام دون حياء أو خوف، تعمل بالعلن ودون مساءلة، بل تتحدى جوع الناس وعريهم، ومن ضمن جوقة هؤلاء السراق كان هناك العديد من أعضاء مجالس المحافظات، وكانوا هم الأكثر قسوة ولؤما في هدر وضياع أموال الشعب، وأولها تخصيصات ميزانية المحافظات.

فقد عدت هذه الحلقة العجيبة الهجينة، الأكثر خطورة وإيذاء على أهلهم في المحافظات من باقي الحلقات، فهؤلاء تفوقوا على الجميع في فنون السرقة والاحتيال، وهم من جعل حياة الناس تذهب إلى الدرك الأسفل، حيث تنعدم الخدمات وتفشل المشاريع وتنهار البنى التحتية، رغم التخصيصات الكبيرة التي كانت تقدم لتلك المجالس حسب ميزانية الدولة.

فالبعض من أعضاء مجالس المحافظات دائما ما كانوا يضعون نصب أعينهم مقدار الكسب المادي الذي يحصلون عليه، من خلال الكومشنات وتقاسم تلك الأموال أو محاصصتها مع ما يصرف على المشاريع. فنجد ان الكثير من الأموال التي صرفت على المشاريع المتلكئة، ذهبت هدرا بسبب التنافس والتقاتل الحزبي لإفشال بعضهم للبعض أولا،أو بسبب ضيق أفقهم التعليمي وتحزبهم وجهلهم بطرق إدارة المؤسسات والمشاريع، وكيفية التصرف بالميزانية وتوزيعها على أبواب صرف مناسبة وعقلانية وذات مردود ايجابي وجدوى اقتصادية. يضاف لذاك الطمع الشخصي والسلوك غير النبيل في استغلال هذه التخصيصات وصرف جلها بما سمي بالامتيازات والمكافآت، التي توزع بينهم منذ اليوم الأول لورود الميزانية ولحين نفادها. وقد استولى هؤلاء على أموال تقدر بالمليارات دون مساءلة وحساب.

فهل سيختلف الأمر والحال عن سابقاته؟؟ . فمع التخصيصات التي وعدت بها ميزانية العام 2023 للمحافظات، ومن ثم انتخابات مجالس المحافظات وظهورها للعلن مرة أخرى. فما الذي يحدث بعد ذلك. يا ترى هل يبدأ شوط القتال والتدافع لإيجاد أبواب لابتلاع تلك التخصيصات من خلال إعادة ترتيب مشاريع وهمية وطرق ملتوية، يتم فيها توزيع الأموال وتقاسمها كغنائم من موارد مالية ليس لها مالك، حسب التشريع الشيطاني الدارج.

وهل يعاد ذات المشهد البائس السابق، فنجد الوضع ومهما أريد منه الخير والصلاح، وتوفرت فيه حسن النوايا لتقديم خدمات أو تحسين حال، ووضع أسس لمشاريع تنقذ الناس وتبني لهم ما يسعفهم ويشعرهم بقيمتهم الإنسانية.عندها سنجد مجالس المحافظات وبذات الهمم والنوايا السابقة التي بنيت عليها المحاصصة الحزبية، تجهد على إغلاق جميع منافذ النجاة، وتعمل على تفتيت وإضاعة أحلام الناس. كون هذه المجالس ومنذ البداية، وضعت كحلقة طفيلية حسب التفسير السياسي السائد، وبموجب ذلك وبناء عليه أسست لها الأحزاب صناديق جباية خاصة، تعتمد ميزانيتها على ما تستحوذ عليه من أموال الدولة، وباقي عمليات الكسب التي تكون في أغلبها غير شرعية. لذا لا تريد هذه الأحزاب بل تمانع وبشدة وتقاتل لغرض أبقاء الحال على ما هو عليه، وعدم الابتعاد عن مبدأ المحاصصة، والدفع لإعادة مجالس المحافظات إلى عهدها السابق، بحجة كونها من ضمن فقرات الدستور العراقي، فالتخلي عن هذه الحلقة المهمة سوف تفقد الأحزاب بسببه الكثير من المنافع، ولن تجد ما يكفي لسد أفواه وجوع المتنفذين فيها للمال الحرام.

***

فرات المحسن

المحنة الحضارية التي تواجه بعض المجتمعات أنها تعودت إستعارة عقول الغير، وتعطيل عقلها، أي تريد مَن يفكر بدلا عنها.

هذه المجتمعات مرهونة بغيرها، ولا يمكنها أن تقيم أنظمة تعتمد الحرية، ولهذا عندما جاءتها الدعوات الديمقراطية تحولت من فردٍ يمثلها إلى عدة أفراد، فالمجتمع بأكمله يساوي عدده مقسوما على عدد الأفراد المتحكمين بوجوده.

وهكذا تجد عدد المشايخ يتزايد، والسادة، والمدن التي كان فيها ديوانا واحدا صارت تضم مئات الدواوين، فالمدينة يمثلها مئة وحسب، أما أبناؤها فهم أرقام مجهولة، وبموجب ذلك تكون الإنتخابات معبرة عن عدد الأفراد (الشيوخ والسادة)، لأن الباقين يسمعون ويطيعون وينفذون ما يؤمرون به، فإن طلبوا منهم إنتخاب فلان أو علان، فهم كذلك يفعلون.

وعليه فالديمقراطية لا أثر لها ولا قيمة أو معنى، والإنتخابات ضحك على الذقون، فتجد ذات الوجوه تتكرر لأن الأوامر لا تتغير والمنفذون لا يفكرون، ويتهافتون على الإنحشار في منظومات القطيع.

ويبدو أن البشر ميّال لعدم إستعمال عقله، والبحث عمن يتحمل مسؤوليته ويقرر أمره، أما هو فلا يستطيع أن يقوم بواجب التصدي والتحدي والتفكير والإجتهاد وإتخاذ القرار، لأن في ذلك بذل جهد وإقدام على عمل ما.

وبموجب هذه النزعة الإذعانية الإستسلامية المتوجة بالخنوع والهوان، يساهم البشر بصناعة المستحوذين على مصيره والدافعين به إلى مهاوي الردى، والمصادرين لحقوقه وهو في غاية الخضوع وتنفيذ الأوامر ولو أدت إلى القضاء عليه.

ةمجتمعات بهذه المواصفات الهوانية الرافضة للإقدام والتفاعل النابه الحصيف، لا تستطيع أن تكون بيئة صالحة للسلوك الديمقراطي، والتفاعل الإنساني اللازم لبناء الحياة الحرة الكريمة، وتميل لإتباع الغير من الذين يتفننون في الإدعاءات التضليلية، خصوصا تجار الدين الذين يستعملون الناس كبضائع لتأمين رغبات نفوسهم الأمارة بالموبقات، المقنعة بالساميات قولا، وبالدونيات فعلا.

وما أكثرهم، وما أكثر التابعين القابعين في ميادين أفكهم ودجلهم الرجيم!!

وما أسعد الذين يستثمرون الوجيع!!

***

د. صادق السامرائي

 

يتصور البعض أن الدكتاتورية هي حكم الفرد؛ ولكنَّ هذا التصورَ ليس صحيحاً؛ اذ أنَّ حكمَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان حكماً فردياً حيث كان هو القائد السياسي والعسكري وكان هو امامُ المسلمين في الصلوات، وكانت كلُّ السُلُطاتِ بيدهِ صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن مع كل ذلك لم يكن حكمه صلى الله عليه وآله وسلم حكماً ديكتاتورياً، وكذلك كان حكم امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) حكماً فردياً فهو القائد السياسي والعسكري والأنموذج الاجتماعي للمسلمين، ولكن مع ذلك، لم يكن حكمه عليه السلام حكماً ديكتاتورياً .إذن ماهو الحكم الديكتاتوري، أليس هو حكم الفرد؟ ليس الحكم الديكتاتوري هو حكم الفرد، بل هو حكم الهوى والرغبات والطيش والتنكب عن العدالة ومصادرة الحقوق.حكم فرعون كان حكماً ديكتاتورياً؛ لا لأنه حكم فرد بل لانه حكم الهوى،يقول الله تعالى عن حكمِ فِرعونَ الطائشِ :(قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ). غافر: الاية: (29)،كذلك قولُ فرعون كما حكى القُرآنُ عنه:(فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ). النازعات:الاية: (24)، وكذلك قول فرعون كما حكاهُ القُرآنُ الكريمُ عنهُ :(وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ ). القصص: الآية:(38).من كلِّ هذهِ الشواهدِ القُرآنِيَّةِ نفهمُ أَنّ حُكمَ فِرعونَ كانَ حكماً ديكتاتورياً أَو بتعبير السيد الشهيد الصدر(رضوان الله عليه) حُكماً فِرعَونِيّاً؛ لانَّهُ حكمٌ يستندُ الى الهوى وطيش الحاكمِ ورغباته وشهواته، ولم يستندُ الى أَيَّةِ مرجعيَّةِ قانونيَّةٍ .حكمُ فرعونَ كانَ حكماً ديكتاتورياً لا لانَّهُ حكمُ فردٍ، بل لانَّهُ حكمُ الهوى والطيش. داود وسليمان عليهما السلام كانا نبيين حكما ولكن لم يكن حكمهما حكماً ديكتاتورياً ؛ لانهما كنا يستندان الى مرجعيةٍ قانونيةٍ في حكمهما. الملكة بلقيس التي كانت ملكةً على سبأ، كانَ حُكمُها حُكماً فردياً ولكنَّها لم تكن ديكتاتورة متسلطة على رقاب الناس ؛ لانَّهُ كانَ لها مجلسٌ استشاريٌّ، كما حكى ذلك القرآنُ الكريم :(قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ). النمل:الآية:(32). أَمّا حُكمُ هتلر وموسوليني وستالين وصدام  فكان حكماً ديكتاتورياً قمعياً لانه كان حكماً يستند الى الاهواء والرغبات والشهوات ولم يستند الى اية مرجعية قانونية وتشريعية. وفي الختام: لايمكننا ان نصف حكم النبي (ص) أو حكم الامام علي (ع) أو حكم الفقيه بالدكتاتورية لوجود المرجعية القانونية والتشريعية التي تحكمهم، ولم يكن حكمهم مسنتداً الى الهوى والمزاج والانفعال .

***

زعيم الخيرالله

استرعى انتباهي عمود في جريدة ستاندارد عنوانه "الإسلام في بلجيكا" للصحافي روبن مويجمان، رئيس قسم الاقتصاد في إدارة الجريدة، نشر فيه 52 مقالة عام 2016 خلال ستة أشهر متتابعة، وقد تناول فيها مختلف القضايا المتعلقة بالإسلام في بلجيكا، بدءا من الاقتصاد الإسلامي، مرورا بالذبيحة والحجاب والحج والمسجد والأصولية، وصولا إلى التربية الإسلامية.

يذكر كاتب العمود في المقالة الافتتاحية التي كتبها في 19 مارس 2016 أن المسلمين البلجيكيين يشكلون 7 في المائة من ديمغرافية البلد، أي ما يعادل واحد من كل أربعة عشر نسمة. ثم يضيف قائلا: "المسلمون جيران أو زملاء أو لديهم أطفال في نفس المدرسة مثلنا. ومع ذلك فنحن لا نعرفهم حقًا. على العكس من ذلك، يزرع الإسلام الخوف في كثير من الفلامنكيين. ويقول المعارضون إن المسلمين لن يندمجوا، ولن يتصالح دينهم مع المجتمع العلماني الغربي." وتعليقا على هذا التشخيص الواقعي لحضور المسلمين في المجتمع الفلامانكي البلجيكي، نتساءل ما إذا كان الإسلام حقا يزرع الخوف في قلوب الكثير من الفلامانكيين، كما يشير مويجمان ربما ليس بغرض الحطّ من الإسلام، وإنما لوصف موقف المعارضين من الإسلام والمسلمين.

ثم ينتقل الكاتب إلى الطرف الآخر الذي هو المسلمون، ليطرح جملة من الأسئلة البليغة، والإشكالية في الوقت نفسه. "ما رأي المسلمين أنفسهم في هذا؟ ما الذي يهمهم؟ هل يغير المسلمون بالفعل المجتمع الفلامنكي أم أن المجتمع يغيرهم؟ وماذا يعني ذلك بالنسبة للبلجيكيين الآخرين؟"

والجميل عند الصحافي روبن مويجمان أنه يحاول تقديم وجهة نظر موضوعية حول الإسلام في بلجيكا، وما يمت إليه بصلة من قضايا وأحداث إسلامية خارجية، كأنه يعيد تركيب قطع الصورة النمطية حول الإسلام بشكل يقطعها عن الماضي الاستشراقي والامبريالي، ويقرنها أكثر بحياة المسلمين العادية بكونهم يحملون أبعادا إنسانية لا تختلف عن غيرهم من البشر. وهو يرى أن "أسامة بن لادن والمقاتلين السوريين ومنفذي هجمات باريس، شكلوا بقوة صورة الإسلام. لكنك نادرا ما تسمع أي شيء عن مئات الآلاف من المسلمين العاديين في بلجيكا." ثم إن عالم المسلمين العاديين يسحر لأنه أرض مجهولة بالنسبة للصحفي العادي. لذلك فهو يتوقع "اكتشاف المناظر الطبيعية الجميلة، ولكن أيضا الدخول إلى التضاريس الصعبة والتغلب على العوائق العرضية." كما يتوقع أيضا العودة من هذه الرحلة عبر عالم المسلمين بثروة من المعرفة والحكمة.

ويختم مويجمان كلامه بأن التحدي الأكبر للصحافي هو تجنب الاستقطاب في تناول موضوع الإسلام والمسلمين، لذلك فمولينبيك أو مقاتلي سوريا ليسوا من أولوياته، لأنه كُتب بالفعل ما يكفي عن هذه القضايا. إنه يريد أن يعرف ببساطة إمكانات وصعوبات بناء مسجد في الفلاندر، وكيف ينظم التعليم الإسلامي.

***

بقلم: التجاني بولعوالي

من الأمور التي يتم تداولها بين الناس هذه الأيام ويتم من خلالها الطعن على المتدين هو أن الأديان انما هي موروثات اجتماعية وليست خيارات عقلانية، والواقع أن هذا الطعن في ظاهره صحيح إلى حد ما إذا أخذنا بالاعتبار

واقعية مقدمات هذا القول، لأن كل مُعتقَد بالنتيجة مرتبط واقعيا بالبيئة التي ينشأ فيها المُعتَقِدوفق القاعدة المنطقية التي تقول ان (الإنسان ابن بيئتهِ) على أن ذلك غير مقتصر على المعتقدات الدينية وانما هي قاعدة تسري على كل المُنتج الاجتماعي فمن ينشأ في بيئة دينية مسيحية أو يهودية سينشأ مسيحيا أو يهوديا ومن ينشأ في بيئة إسلامية سينشأ مُسلما سُنيا أو شيعيا أو غير ذلك من المذاهب المهيمنة على بيئة النشأة ومن يجد نفسه في بيئة بوذية أو هندوسية أو سيخية أو الحادية سيكون حتما على عقيدة الجماعة التي وجد نفسه يعيش بينها .. اذن لماذا نحن المسلمون لانقبل بهذا الطعن !!؟ ساتكلم في مايخص موقف الاسلام من هذه الجزئية التي تمثل عُقدة تبدو مُحكَمة العَقدْ.. الحقيقة أن هذه الحتمية الوجودية... المتعلقة بالمُلازمة بين النشأة والاعتقادفيها وجهين ...

الأول: يتعلق بمرحلة حتمية استقبال الموروث، والتي تمثل الفعل اللاارادي للطفل في أول مراحل التمييز.. من خلال تأثير السلوك الاجتماعي. للأسرة والبيئة الاجتماعية.. من دون التدخل القسري للمحيط... فالإنسان كائن اجتماعي يؤثر ويتأثر.. بعد ذلك يتطور شكل التعاطي بشكل طردي بين هذا الطفل.. والمحيط الذي يعيش فيه ..حيث يظهر ذلك على شكل اسئلة جوهرية.. يطرحها هذا الطفل بشكل مبكر.. رغم أنها تبدوا كأنها اسئلة بريئة ولكنها في الواقع ليست كذلك... فإنها تعبر عن وعي فطري ....وعن بداية رحلة المعرفة والتعلم،.. ستمتد هذه الفترة وتتطور مع تقدم العمر.. وتطور الوعي وصولا إلى سن الرشد..

في الاسلام

سن الرشد = سن التكليف

من هذه النقطة الفاصلة بين مرحلة الموروث الاجتماعي ... في مرحلة ماقبل الرشد وبين مرحلة فحص هذا الموروث في سن الرشد تبدأ مرحلة غاية في الدقة حيث يكون الإنسان مُحَمَّلا بالإرث الاجتماعي وبين التكليف الذي يفرض حاكمية العقل في التعاطي مع هذا الموروث قبولا أو رفضا او نقضا ، لأنه في الواقع سيكون مكلفا بذلك فالإيمان في أصله قرارا عقليا وليس قرارا عاطفيا. أو موروثا اجتماعيا وكذا كل مراتب العقيدة المترتبة على قبول الإيمان بالخالق من مثل الإيمان بالغيب والملائكة والنبيين...

السؤال المهم هنا والذي سيكون محل اهتمام وهو هل أن العقل البشري مؤهل اصلا لتفكيك هذه المعادلة بين مرحلتين يُفتَرض أنهما متناقضتين!!؟. الاولى منهما مرحلة ترتكز على البعد العاطفي المهيمن على ردود الأفعال الطفولية والتي في غالبيتها لاتمثل الإرادة الحرة بدليل أن الله لايرتب عليها أثرا تكليفيا. وبين مرحلة أخرى ترتكز على البعد العقلي الحاكم على خيارات صاحبه والذي تكون فيه إرادة الإنسان حرة، لذلك يكون تحت وطأة التكليف ثوابا أو عقابا ثمنا لهذه المِنحة التي تتمثل بالعقل الواعي الذي سيكون الإنسان فيه محجوجا به أمام الله.

في الواقع أن المطلوب من هذا العقل الواعي أن يعالج ويتعاطى مع ثِقَل هذاالحمل الموروث لمعرفة مدى قدرة هذا العقل في تحديد الفوارق بين مايُعقل وما لايعقل وذلك راجع إلى مقدار إرادة النفس بالانحياز للأحكام العقلية والابتعاد والانفلات من الأحكام العاطفية التي تثقل كاهله مع التأكيد على أن هذا العقل لابد أن يحكم بادواته دون الانصياع لرغبات النفس أو أن يكون تحت طائلة العوامل الخارجية باختلاف أشكالها فإن حكم العقل بعدم عقلانية موروث بعينه في قضية محددة دون أن يكون لرغبات النفس أو التأثير الخارجي أثرا فأن على هذا الراشد المكلف أن يهمل ذلك الموروث ويتبع صوت العقل وعلى هذا المبنىٰ العقلي ستكون رحلةالإنسان في مرحلة الرشد التي لن تبقي للموروث سلطة فوقية تُخل بالإيمان في أسسه المنطقية. بعد ذلك سيصبح الموروث الديني موروثا فيه مايصح وفيه مالايصح بحسب قاعدة الفحص.. بعد ذلك ستكون مؤمنا عاقلا ومتعاطفا مع ماتؤمن به ....

أنها رحلة في الطريق سيصل فيها من يصل بحسب تفعيل ادوات العقل وهو قرار شخصي حيث ايضا ستجد من ينظر إلى الطريق ولايخوض فيه بحجة عدم المعرفة ولكن الحقيقة هي عدم وجود إرادة الحركة باتجاه المعرفة والاكتفاء بتدوير وتأطير سلوكيات محددة تشعرهم بالرضا وعدم الحاجة للتعلم ، لذلك يتجمع هؤلاء المكتفين بما ورثوه عن ابائهم تحت عناوين عاطفية في السراء والضراء ..

***

فاضل الجاروش

 

المفاهيم والمبادئ والمشاعر تدور .. لكن خبث ابليس وحب النفس والشهوات والمال، وسلطة المنفعة الخاصة على المجتمع، وفساد السياسيين والتجارة بالجنس والنساء، والإنحلال والسرقة بسبب الفقر .. قضايا ثابتة لاتدور ولاتتغير باللقلقة فيها على شاشات التلفاز أو بالندوات لمناقشتها كأي قضية قابلة للتغيير أو التأثير فالكلام له قيمة تخرج من العقل الواعي إلى عقل قابل للتوعية خلاف ذلك فأن الفكرة الواعية لايتقبلها العقل الصغير أو الجامد اوالمتعصب اوالمادي اوالفاسد .

الناس صنفان الأول يتكلم بهدف الفضفضة والتغيير في المجتمع و الثاني ينتقد الرماد وينسى النار وهذا القسم يمثّل أكثر نسبة من الناس فالغالبية يحكمون دون أن يعرفون الحقيقة والأسباب التي تدفع القاتل أن يقتل والسارق ليسرق، وينتقدون دون أن يعيشون أو يجرّبون ظرف أو أحاسيس من ينتقدوه، فنحن نقول عادة الشوارع مليئة بأطفال الشوارع الذين ينظّفون زجاج السيارات ويبيعون المناديل وآخرون يتسَوّلون .. لكننا لانقول أن الفقر والحرمان والفق والآباء غير المسؤولين دفعوهم إلى الشارع وألقوا بهم في جحيم الحياة، مثلما نهاجم المرأة ونشتمها لأنها تتاجر بنفسها ونقول عنها أبشع الألفاظ ونصفها بأحقر الكلام ونغفل عن سبب إتجاهها إلى النوادي الليلية ولجوء بعضهن إلى بيع أجسادهن بسبب الضعف والضياع والفقر .

هذان النموذجان هما أساس هذه المقالة فالتسول والدعارة قضيتان ثابتة لايمكن السيطرة عليها مثلما لايمكن الفوز على الشيطان لأن الشياطين غالبيتها تتحرك في أجساد البشر وأكد الله ذلك في كتابه الكريم قائلاً: (شياطين الإنس والجن يوحِى بعضهم إلى بعضٍ زخرفَ القولِ غروراً)، لذلك فإن للبشر طبيعتان الأولى تنتهك والآخرى تنتقد والجزء القليل بينهما يفهم ويؤثر ويغير .

هل نستطيع تحريك السيارة بلا دهن؟ هل تعتقدون أن البشر ليسوا ماكنة بشرية تحتاج إلى البنزين و الدهن كي تعيش وتتعايش مع الظروف المحيطة بها دون أن تعطل ؟ من البشر من يتوحش حينما يعيش في البرية بين الأدغال والحيوانات حتى يصبح حيواناً آدمياً مثل طرزان ومن الممكن أن يصبح الوحش حسّاساً ومرهفاً أكثر رحمة ورِقّة من البشر مثل الغوريلا كينك كونك، كذلك السجين يصبح قارئ جيد ورجل صالح أثناء حبسه مثلما يصنع السجن من البريء والمظلوم مجرماً، إن الإنقلابات السياسية والدينية والعاطفية تبدأ وتحدث بفكرة كالرماد يأتي من إشعال النار .

ليس جديداً أن تُنتهك الطفولة خصوصاً في بلد لاتُشرّع فيه الحكومات قوانين مجتمعية وأسرية تحمي من القتل والإنتهاك والتحرش والضرب، بخلاف العلاقات والمجاملات والمحسوبيات والتزكيات هي الأكثر شرعية، لكن السؤال المهم: هل للقانون أن يحمي الناس من سماسرة وتجّار الدعارة  خصوصاً أصحاب العلاقات؟ ولو كان القانون ضعيفاً غير قادر على إلا على الضعيف لماذا نتهجم على طفل يرتاد الكوفي شوب مع شباب أكبر من سنّه ويتعاطى هناك الدخان والحشيشة، ولماذا نعيد ونزيد في إنتقاد فتاة صغيرة تعمل في الملهى الليلي التي ربما تكون ضحية أسرة فاسدة أو متعصبة حولتها إلى مومس حقيقة وتافهة .

صلابة الحكومة تستطيع حماية بعض القاصرات ممن تصل أعمارهن إلى ١٤ أو ١٥ عاماً ويعملن في الملاهي .. منهن من تنتحر أو تدمن على المخدرات أو الدعارة وحماية بعض صغار العمر من الدخول إلى تلك الأماكن .. اليوم نتحدث عن خطورة حياة الأطفال وبراءتهم وقتل الطفولة في العراق كنتيجة .. ويجدر بنا أن نتحدث عن الأسباب السياسية والمجتمعية التي أدت إلى دخول طفل سمين "يرقص مثل النساء ويهز بجسمه" بجانب راقصة مثل أمه " ويكيّت عليها فلوس"!! من سمح له بالدخول؟ وكيف تحوّل الطفل إلى شخصية فاسدة بهذا الشكل وفي هذا العمر؟ خصوصاً أنه ليس وحيداً أو مشرداً ومن أين جاء بهذا المال؟ تساؤلات كثيرة تضعنا في أقصى مراحل الفساد الأخلاقي الواجب مواجهته بالسيطرة على تنشئة الأطفال وتشربع قوانين حقيقية .

***

ابتهال العربي

بعد تعاقب الحكومات الضعيفة على العراق نتيجة الاحتلال الأمريكي عام 2003 وتدمير البنى التحتية له وترسانته الحربية وجيشه الذي كان يعد من أقوى الجيوش العالمية عدة وعديدا وتسلط حكومات بعيدة عن تطلعات ومتطلبات المواطن العراقي وفق دستور مهلهل ضعيف فيه الكثير من الهفوات ونقاط الضعف فيه مقصودة والتي تسببت في ضعف العملية السياسية للعراق حيث أنشأت دول الاحتلال حكومات مثقلة بالأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ما زال المواطن يعاني منها ومن تبعاتها.

حيث أن السياسيين المتصدين للمشهد السياسي لم يكن الكثير منهم أهلا لقيادة هذه العملية السياسية الجديدة في ظل صراعات داخلية وتبعية سياسية وفكرية لدول الجوار والإثراء الشخصي والحزبي على حساب المال العام وقوت المواطن وهمومه واحتياجاته اليومية أن هذا الإهمال المنهجي من قبل السياسيين زاد من الهوة بين المواطن والحكومة وزادت النظرة التشاؤمية له في ظل هذا التردي الاقتصادي والسياسي والاجتماعي للعراق وفي خضم هذه السلبيات والوضع السياسي نشأت بعض الطبقات الفاسدة تسلقت المشهد وعبثت في مقدرات وواردات الحكومة العراقية وبرضا الحكومة ومباركتها كونها هي التي أنتجتها وفي ظل غياب الرقابة الحكومية الصارمة والمعاقبة وغض النظر في كثير من الأحيان عن الفاسدين من أعلى سلم الهرم السياسي إلى ما دون ذلك حتى بلغ مستوى الدوائر الحكومية ذات التأثير المباشر على مقدرات المواطن وفي غياب تطبيق القوانين الصارمة على المفسدين أصبحت ظاهرة علنية في المجتمع العراقي وعلى نطاق واسع وثقافة عامة في مؤسسات الدولة فأن قاعدة من أمن العقاب ساء الأدب بلغت ذروتها في مجتمعنا بعدما استشرى الفساد ورؤوسه الذين عاثوا في مقدرات الشعب وثروات البلاد أمام أعين الرقابة الحكومية والقانون حيث استشرى في جسد الحكومة والمجتمع بدون رادع قانوني ليصبح الفساد في جميع مفاصل الدولة وخصوصا في السنوات الأخيرة عندما وجد له البيئة الآمنة للتحرك فيها والمجال الواسع والحماية في العمل بمساحات واسعة وبدعم من بعض الجهات المعينة له وفق مصالح مشتركة بينهما وعندما نرى حادثة سرقة القرن التي قامت لها الدنيا ولم تقعد وتحركات الدولة والرأي العام أصبحت بعدها في طي النسيان والفاعل حر طليق بدون عقاب وكذلك عملية تهريب النفط من الجنوب والتلاعب بسعر الدولار وصعوده الملفت للنظر الذي أثر سلبا على قوت المواطن كل هذه السرقات كانت بغطاء سياسي آمن وحصانة من قبل بعض المتنفذين بدون رادع يُذكر للحد من هذه السرقات. فأن الذي يحز بالنفس أن يرى المواطن السارق حرا طليقا بعيدا عن العقاب والمسائلة والقانون والمال العراقي يُهدر ويُبدد على أيدي اللصوص والسارقين وثروات البلاد تُنهب هكذا وليس من العدل أن يبقى أكثر من ثلث سكان العراق تحت خط الفقر مقابل هذا الإثراء على حساب المال العام فمن سيمنع هذا النزيف الاقتصادي للدولة ومتى تكون ثروات العراق للمواطن وليس لجيوب الفاسدين والسارقين.

***

ضياء محسن الاسدي

الأزمات الخليجية ما تزال تحمل بين طياتها الكثير، تارة يحتدم الخلاف، وأخرى يقترب فيها التصالح، حتى لو كان رياضيا، ورغم أن انفراجة داخل صناع القرار الخليجي، يأتي في ظل تخوفات عربية من توترات إقليمية قد تطيح بغالبية مناطق الشرق الأوسط، لا سيما بعد الأحداث المستمرة التي شهدتها المنطقة من تهديدات والتي قد تتجاهلها هذه الدول، والعلاقات العراقية -الكويتية جزء مهم منها ويبقى مستقبلها  في حالة من التعقيد  ومتأثرة بتراكمات المرحلة السابقة في ظل وجود واستمرار القضایا العالقة بینهم وملتبسة على صعید العلاقات الإقلیمیة في منطقة الشرق الأوسط، ومرهون بطبيعة التعامل مع التطورات الحاصلة على الصعيد المحلي والإقليمي بعد ان أصبح لها جذورها التاریخیة ویدخل في دوامة الصراع المقيت الفاقد للهدف، ومدى ارتباط هذه التطورات بالقضايا الخلافية العالقة بین البلدين والتي لا يمكن الحديث عنها إلا من خلال تناول احتمالات حل هذه القضایا والوسائل الممكن اتباعها لتهميش هذه القضایا في بناء العلاقات المستقبلية بين البلدین، وخصوصاً في ظل تأثير تواجد الولايات المتحدة الامريكية العسكرية والسياسية في العراق التي ترغب في تقیید قدرات العراق الصاعدة لحین تأمین مصالحها الاستراتیجیة سواء من حیث الوجود المباشر أو من حیث الاستثمارات والذي فرض واقعاً مستهتراًعلى الساحة العراقیة وله بالطبع امتدادات فیما یتعلق بعلاقات العراق الإقلیمیة والدولیة.

لقد واجهت هذه العلاقات توتراً ملحوظاً منذ عقود طويلة وتحدیداً منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وما فيه من سنوات بتأثيرات خارجية مثل بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية، وشهدت اموراً أكثر تعقیداً من أي خلافات بین دول متجاورة أخرى نتيجة عوامل داخلية وخارجية معقدة جداً.

اشتدت التوترات بعد قيام النظام الجمهوري في العراق عام 1958 وزوال النظام الملكي الهاشمي في العراق، وظهر ذلك جلیاً من خلال دعوة الرئیس العراقي الوطني الراحل عبد الكريم قاسم عام 1961 لضم دولة الكویت التي تدعي ' كونها لم تكن جزءا من الدولة العثمانية' وحاول غزوها واحتلالها إلا أن التدخل البريطاني وجهود جامعة الدول العربية آنذاك حال دون تحقيق ذلك، إلا أن المطالبة العراقیة بدولة الكویت ظلت تمثل هاجساً للأنظمة السیاسیة العراقیة المتعاقبة وصولاً إلى تقديم الدعم الكامل لنظام المجرم صدام حسین في الحرب العراقية ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية  والذي قام باحتلال دولة الكويت عام 1990 متحدیاً العالم كله، واشعل مرحلة جدیدة ومعقدة جداً من الخلافات الكویتیة العراقیة بعـد انتهـاء الحـرب العراقیـة الإیرانیـة فـي 8/8/1988 وبدأت بوادر أزمة ترسـم الحـدود المتكررة بيـن البلـــدین تتصـــاعد لنظرة الكويت التوسعية . وكـــان خـــروج العـــراق مــن الحــرب محمـــلاً بـــدون باهظـــة ومشكلات اقتصادية واجتماعیة، سبباً لتزايد حدة الأزمة بين العراق ودولة الكویت، وبدأ العراق یطالب دولة الكويـت بـ دفع مساعدات اقتصادية له وتأجير بعض الجزر الكویتیة كمنفذ تجاري ومائي علـى العـالم، إلا أن دولـة الكويت رفضت بشدة المطالب العراقیة.

وما زاد التوتر تصعيداً هو احتلال العراق للكويت في عام 1991 بأوامر من رئيس النظام البعثي، والخلافات  بين البلدين حول مجموعة كبيرة من القضایا التي أضافت تعقیداً جدیداً للقضايا الخلافية السابقة، فبعد أن كان العراق یتهم دولة الكویت باستغلال انشغاله بالحرب على إیران لسرقة نفطه ومحاولة التلاعب بالحدود بين البلدین، ظهرت مشاكل أخرى بین البلدين وأمها إشكاليات ترسيم الحدود والحقول النفطية المشتركة. وكذلك التعويضات المالية العراقية لدولة الكويت عن الاحتلال، إضافة للمشكلة القدیمة المتمثلة بالدیون الكویتیة للعراق إبان الحرب مع إیران وأخیرا الأسرى والمفقودين نتيجة للاحتلال العراقي.

لقد تراكمت هذه القضايا الخلافية دون أية محاولة لإيجاد حل لها حتى قیام الولایات المتحدة الأمریكیة باحتلال العراق عام 2003. وهنا استغلت الكويت ضعف السلطة الحاكمة في استغلال العلاقة مع الولايات المتحدة وقربها منها  لإطلاق مشروع مبارك الكبير والمثير للجدل على جزيرة بوبيان، ويقول الخبراء ان هذا الميناء سوف يؤدي الى حدوث تداعيات كبيرة سلبية خطيرة على الموانئ العراقية ويمثل الميناء موقعاً جغرافياً حيوياً في شمال الخليج بالقرب من السواحل العراقية عند مصب شط العرب وعلى زاوية الحدود العراقية – الكويتية المتزايدة الاهمية لوقوعها على قناة مرور ناقلات النفط التجارية الى الموانئ العراقية ومحاولات ايقاف العمل بمشروع ميناء الفاو الكبير بمغريات تقدم للمشاركين في عملية مناقشة الموضوع وكذلك لترسيم الحدود لفرض الكثير من إرادتها ورفضها النظام الجديد وفي الحصول على مكاسب وشراء ذمم البعض من المسؤولين المبعوثين لمناقشة المشاكل العالقة واسكاتهم بتبريرات واهية والتماطل في إيجاد الحلول، وجاءت قمة التأزم بالعلاقات الكویتیة مع العراق الجدید عام 2011 مع إعلان دولة الكویت نيتها بناء هذا الميناء الذي رأت فیه العراق اعتداء ً كویتیاً على الممرات البحرية المؤدية للموانئ العراقية (مع العلم ان السواحل الكويتية تبلغ 500 كم في حين ان السواحل العراقية لاتزيد عن 50 كم) وطلبت العراق رسمیاً وقف العمل بهذا الميناء والذي راي العراق إغلاقــاً لأي فرصــة لوجــود منفــذ بحــري عراقــي علــى الخلــیج مستقبلاً وهو الأمر الذي ثارت حوله إشكاليات عديدة وصلت إلى حد إطلاق تهديدات عراقیـة لدولـة الكویت، كما أخذت مجموعة من النواب العراقيين وبعض المسؤولين العراقیین على عاتقهم شن الحـرب الدبلوماسـیة والإعلامیـة فـي محاولـة لتعطیـل المشـروع،إلا أن الكویت أعلنت استمرارها بالبناء باعتبار المیناء يقام على أراضي الكویتیة ولا يسمح للعراق بالتدخل في السیادة الكویتیة على أراضيها.

ولابد الكویت والتي تتميز ازماتها  بالركود بتوافر البیئة الإقلیمیة الدافعة بهذا الاتجاه أولا والعامل النفسي وتأثیره في منظومة صنع الفعل الاستراتیجي من قبل الكویت باتجاه العراق، ان إدراك حقیقة خطورة هذا العمل  والحفاظ على الجوار الجغرافي والروابط التاریخیة والحضاریة والعلاقات العشائریة والقبلیة والأواصر الاجتماعیة من الزواج والمصاهرة والنسب والقرابة منذ عقود طویلة عبر التاریخ لا یمكن لهما بأي حال من الأحوال سواء جاءت هذه الحكومة أو تلك، أن یبقیا البلدین على طول المدى في حالة تجاذب سیاسي وتنافس اقتصادي وتوتر حدودي وخلاف مالي، وعليها ان تدرك التطورات الخطیرة المتسارعة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي مع هبوب ریاح والعواصف الخارجية والتي قد تصل لها وقد تحمل في طیاته مفاجآت لا تستثنى أحدا من الأنظمة السیاسیة القائمة في المنطقة،ويجب التحرك بأتجاه بشكل مطرد نحو المزید من الترابط والتعاون على كافة الصعد السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة وإن الأمن الخلیجي یرتكز على مجموعة من التحدیات منها تحدي استقرار العراق وانعكاسه على فاعلیة الأداء في العلاقات الكویتیة العراقیة، وهناك فرصة للدولتین بأن یتخلصا من الإرث التاریخي الذي لوث علاقتهما وینظرا إلى المستقبل بنظرة تفاؤل وخصوصاً أن المنطقة العربیة تعیش حالة مخاض ولعل تجربة العراق الدیمقراطیة تتحول إلى مثال یفرض نفسه ومن هنا أن هنالك ضرورة لاستقراء واقع العلاقات مع العراقیة خلال المرحلة الحالیة من قبل الكويت ودراستها بواقعية تحافظ على مصالح البلدين الشقيقين.

***

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

 

أولئك الذين يتحدثون عن أزمة العقل العربي، والشخصية العربية وغيرها من المصطلحات، التي يبررون بها مخاوفهم من ملامسة جوهر العلة، وعدم قدرتهم على إستنهاض الأمة وإخراجها من متاهات العسير.

مئات المفكرين في دول الأمة، ويشتركون في النظرة السلبية، والعزف على وتري التأريخ والدين، وكأنهم يتوهمون بأن أمة العرب الوحيدة ذات تأريخ ودين.

ويغفلون خوفا أم عن قصد بأن المشكلة الأساسية في الكراسي التي راكمت الويلات والمآسي.

فالعلة الكبرى في القيادات، في الأغبياء الذين يجلسون على كراسي التسلط على الناس، وهم بلا رؤية وطنية ولاخطة واضحة ومناهج لخدمة الوطن والمواطنين.

أيها الناس العلة في الكراسي وليست في الناس.

العرب مجتمعات لا تختلف عن غيرها، لكنها مبتلاة بقيادات غبية، وبأصحاب وكالات يؤدون مراسيم السمع والطاعة للطامعبن بالبلاد والعباد.

المجتمع العربي فيه طاقات حضارية متميزة وأصيلة، ويتحقق إتلافها بواسطة المنصبين عليه، والقائمين بأعمال أسيادهم المطلوبة لتأمين المصالح والمشاريع السوداء.

فهل يعقل أن بلدا بحجم العراق بثرواته الطبيعية والبشرية، يتوحل في مسيرة خراب ودمار على مدى أكثر من عقدين، هل تلومون الشعب أم الذين تحقق تعينهم لتدميره؟

التحليلات والتفسيرات لا تنفع، العمل هو البلسم، فهل سمعتم برؤية وطنية، وخطاب فيه روح وطنية، أم أنها آليات محاصاتية تعاصصية، هدفها النهب والسلب والإقتلاع، فاللاحق من أولوياته محق ما شيده السابق، ولن يبلع البنيان تمامه ...إذا كنت تبني وغيرك يهدم.

ضعوا الشخص المناسب في المنصب المناسب، وستدركون الحقيقة، فالشعوب مطية حكامها رغم أنف الديمقراطية!!

***

د. صادق السامرائي

 

(١) رحم الله المهندس الراحل عبد الله عويز فقد ترك اثرا جميلا كبيرا يفتخر به العراق (المدينة الرياضية) ويلجأ إليه كلما ادلهمت خطوب الرياضة أو اشرقت شمسها حتى كان ملاذ العراق الجميل في خليجي ٢٥ وهو يستقبل أهل الخليج والعرب برأس مرفوع .

(٢) اللهم احفظ اهل البصرة ومدينتهم وزدهم كرما وبشاشة وطيبة فهم وجه العراق المشرق ومضيفه العامر و (معازيبه) وبارك لهم في رزقهم وافتح لهم أبواب الخير فإنهم كانوا كلهم خيرا وترحابا ومحبة وطيبة وكرم اذهل الوافدين ودفء احتضن قلوب اذهلتها طيبة (البصاروه) .

(٣) كان الاستعراض عراقيا بكل جماله لم نستعر من الصين (لوحات) ولم نستعن بخبرة قطر بعد نجاحها في تنظيم كأس العالم وإنما حضر كلكامش والسندباد وجواد وحسام وأبو العباس فشاهد العالم حلقات جمال طباعنا وعاداتنا وهي تهدر سيلا من العطاء في دروب البصرة .

(٤) في الملعب كان الفرح طاغيا وصوت الجمهور صادح والألوان زاهية والترتيبات ممتازة والسماء حنونة ودفء البصرة يتسرب للمفاصل والكل يترقب الحسم بأهداف عراقية تمطر المرمى لكن المنتخب كان بطيئا في ساحة اللعب مفتقرا للدقة وإنهاء الهجمات في المرمى فخرجنا لا غالب ولا مغلوب .

(٥) كانت كلمة رئيس الوزراء كلها ترحيبا وفرحا ومحبة وعفوية لكن صوته كان مرتعشا بعض الشيء وهذا الارتعاش ربما كان سببه الفرح أو الخوف من الفشل أو حجم الحضور وقد تكون تجربته الأولى في محفل بهذا الحجم .. لكنه كان صوت العراق الكريم المحب المضياف العزيز .

(٦)

و ..

يشمال نسم عالي

خايف على البلامه

ويشمال لاكيناهم

وباحضانه خذناهم

***

راضي المترفي

 

على الرغم من التعهدات التي اطلقتها الولايات المتحدة تجاه العراق، بحماية أمنه واقتصاده منذ اجتياحه عام 2003، وتوقيعها ورقة الاطار الاستراتيجي بين البلدين، إلا ان مؤشرات هذا الدعم مفقودة تماماً على الارض، فلا نجد أي دلائل للدعم في تبني البناء والاعمار للبنى التحتية او المشاريع الكبرى، او دعم مأسسة الحكومة وحماية المال العام من السرقة، وبقيت كل هذه الوعود والتعهدات حبرا على ورق، ولم تصل الى درجة التطبيق بسبب السياسية الامريكية المنتهجة تجاه العراق.

الولايات المتحدة ومنذ نشأتها، ودخولها الى الاقتصاد العالمي، لم نرها دخلت يوماً الى دعم اقتصاد أي دولة، الا بما يخدمها، وتجنى منه مصلحة مضاعفة.. فعندما نجدها دعمت كثيرا من الدول، فلا لاجل مصلحة تلك الدول بل، وإنما لغايات هي تريدها لنفسها، وتجني من ورائها مصالحها العليا، وللاسف فكثير من الأنظمة العربية كانت داعمة، بل واداة لهذا النهج الإستبدادي، الذي جعلهم خاضعين خانعين لسياسيات البيت الأبيض التوسعية.

عمدت واشنطن الى خفض الدعم المالي للعراق، من الاموال الموجود في صندوق التنمية العراقي من مبيعات النفط، في سابقة خطيرة تهدد أقتصاده وتنذر بتعرضه الى الانهيار، وسقوط عملته "الدينار" امام الدولار، ما يعني فقدانه لقيمته داخلياً، وهذا الاسلوب في الحرب ضد الدول التي تعتمد في اقتصادها على الدولار، يعد مواجهة مباشرة ومحاولة لتجويعه أقتصادياً، وبما يمس أمنه الإقتصادي عموما والغذائي خصوصا.

امام هذا الضغط السياسي والاقتصادي، ينبغي على الحكومة العراقية ان تتخذ اجراءات، تحيّد سياسية واشنطن الضاغطة، على ان تكتفي داخلياً من من العملات الصعبة وتعتمد على الدينار العراقي، وتتخذ اجراءات كفيلة بحماية عملتها، عبر تحجيم دور المصارف الاهلية، ومحاولة هيمنتها على السوق، بالاضافة الى وضع يدها وبصورة كلية على سوق الاوراق المالية، وإبعاد الفاسدين من لعب دور في شراء وبيع العملة، وان تعمل على إعادة الأموال مهربة الى الخارج، عبر الاتفاقات مع الدولة المهرب اليها، وبما يحقق الاكتفاء الذاتي ماليا، بعيداً عن سياسة المضاربات والتهديد بالاقتصاد، وإيقاف النزف المالي للبلاد.

يعتقد وكما يرى كثير من المراقبين والمحللين الاقتصاديين، ان العراق يمكن له ان ينفتح على الاقتصاد العالمي، وفتح قنوات تواصل مع باقي الشركات العالمية، التي تعمل في مجال البناء والانشاء والبنى التحتية، مع الحفاظ على التوازن في بين واشنطن وبين هذه الشركات، وبما يعزز الشراكة المتوازنة من جانب، والانفتاح من جانب آخر، وبالتالي تحقيق الشراكة مع الجميع والسيطرة على الاقتصاد العراق داخلياً وفق منهج مدروس وواقعي فعال..

بعكس ذلك فستبقى الحكومة ومن خلفها البلد، رهينة لرغبات دول اخرى، وسياسات ومصالح تلك الدول، لا مصلحة العراق وشعبه.. وفي مقدمة تلك الدولة امريكا، وهي دولة ليست التي يستهان بها وبتأثيرها الإقتصادي او السياسي، خصوصا في وضع دولة مثل العراق..

***

محمد حسن الساعدي

سرقةُ المَبْنىٰ أَمْ سرقةُ المَعْنىٰ؟

تشهدُ الساحةُ الأدبيةُ ومنذُ القِدَمِ مِثْلَ هكذا حالاتٍ فَقَدْ يتفقُ خيالُ الشاعرِ مع مُجايليهِ فِي إنتاج شكلٍ إبداعي دُونَ أنْ يقرأ أحدُهم للآخر سابقاً، أو سَمِعَ له مِنْ غيره فيكون الأمرُ كَمٰا يقعُ الحافرُ عَلىٰ الحافر وَكما قالت العربُ أو الخطوةُ عَلىٰ الخطوة، ومثالُ ذلك كما حصل بين الشاعر طرفة بن العبد الذي قال:

(وقوفاً بها صحبي عليَّ مطيَّهُمْ

يقولون لا تَهْلَكْ أسىً وتَجَلَّدِ)

وبين قول الشاعر إمرؤ القيس الذي قال

(وقوفاً بها صحبي عليَّ مطيَّهُمْ

يقولون لا تَهْلَكْ أسىً وتَجَمَّلِ) .

وهنا نجدُ لتلك الأحداث مبرراً مُقْنِعاً فِي أنَّ تواردَ الخواطر ممكنٌ بين الرَّجُلَيْنِ إذْ لمْ تكن هناك وسائلُ اتصال بين الناس تمكِّنُ الآخرَ مِنْ أَنْ يلتقطَ مِنَ الآخر شيئاً مٰا وَيَسِفَّ عليه حصيرةً مِنْ أفكاره، فتجدُ الحدثَ بين الشاعرين لا يتعدى حُدُودَ الصدفة لا أكثر!

وقد استمرت مِثْلُ هذه الأحداث بعد العصر الجاهلي لتمتدَّ إلى عصر مٰا قبل الإنترنت فقد كان هذا الأمرُ شائعاً فِي الوسط الأدبي فقد يتمكن سارقُ المحتوى من سرقة قصيدة كاملة أو شبه كاملة مِنْ جهد غيره على أَنْ ينسبَها لنفسه مدعياً ذلك ولا يجد القرّاءُ سبباً لتكذيبه لضعف إمكانيات البحث عن النقيض أو المتشابه فقد يكون الجهدُ المسروقُ مبنياً على تحويل المَبْنىٰ الجَمالي مِنَ النصوصِ إلى تشكيلٍ آخر مِثْلَ تغييرِ الوزنِ أو القافيةِ أو الرَّوي على أقل تقدير ليبتعدَ السارقُ عن التَّشَبُّهِ مع غيره فِي حالة المجادلة،

وقد تَكُونُ سرقةُ الجهد على أساس سرقةِ المَعْنىٰ كله وهذا بات جلياً فِي الوسط بعد اكتشاف وسائل التقنية الحديثة .

وعندَ تَصَفِّحِنا لحقبة التسعينات من القرن الماضي كان الوسطُ الثقافي يضجُّ بالأسماء التالية منَ الشعراء مثل

الجواهري والسياب ومظفر النواب ونزار القباني وكانت هذه الأسماء مشاعةً لدى الجميع حتى باتت سرقةُ أفكارهم شائعة فِي الوسط إِلّا مٰا رَحِمَ الشِّعْرُ وربُّهُ!

فمثلاً هناك مَنَ الشعراء المحليين مَنْ بدأ رحلتَهُ مع الشِّعْر سارقاً من أشعار نزار قباني إذْ كنّا نسمعُ عَنْهُ ومِنْهُ ابياتاً مبنيةً على سرقةِ المبنىٰ والمعنىٰ تثيرُ إعجابَنا بجماليتها ولا نملكُ دليلاً على صِدْقِ الرَّجُلِ أو لصوصيَّتِهِ حتى أخفىٰ تلكم النّصوص الْيَوْمَ مِنْ قاموسه الشعري المتواضع بالقِياس إلى غيره،

وهناك مَنْ تناصَّ مع الجواهري فِي تناوله الثورةَ والغضبَ وكذلك الرثاء،

وهناك مَنْ بَنىٰ على إنشودة المطر مُكَيِّفاً المَبنىٰ عَلىٰ المعنىٰ فِي حِين تجد كلمةَ (المطر) تكادُ تَعُجُّ بفضحِ فكرة الشاعر حتى لو حاول جاهداً فِي إبعادها.

وهناك مَنْ تناصَّ مع القرآن وهذا لا يُعابُ على الشاعر لأن القرآن نصٌّ متاحٌ للجميع مَبنىً ومعنىً وهو الدستور الذي يُمْكِنُ تكييفُ معانيه لتكونَ درساً ثقافياً وَمَعْرِفِيّاً للوسط الثقافي.

وهناك من وقع فِي شراك الشاعر مظفر النواب لَيْسَ مكتفياً بالبناء على أساس المَعْنىٰ بل أخذ المَبْنىٰ كلّْهُ مُذيِّلاً ذلك بإسمه! وعندما كانت حقبة التسعينات بالعراق لا تُمَكِّنُ المُتَتَبّع أَنْ يكتشفَ عائدية المحتوى الثقافي لأسباب سياسية تُكْمِنُ فِي منع مٰا يصل من نتاجات الشاعر بل ولا توجد وسائلُ البحث الألكتروني (گوگل) كما هي اليوم وهي تمكِّنُكَ من اكتشاف مٰا تود البحث عنه بكبسة زر واحدة!

إِذْ راجَ فِي تلك الحقبة الماضية وقد اشتهرت قصيدةٌ تقول

(صدام يٰا وسخ الدنيا برمتها،،،،،،،،،

ويا ابن ألف أَبٍ نذل لواحدة ،،،، الى آخر القصيدة المرفقة كصورة بالمنشور للعلم.

على أنَّ هذه القصيدة منسوبةٌ لكاتبها فلان الفلاني فِي حِين أنَّ الرَّجلَ لَمْ يُكَذّبِ الخبرَ كما لَمْ يتنصلْ عَنْها متباهيًا بعائديتها له ليُسَوِّقَ نَفْسَهُ عَلَماً مناضلاً إبان تلك الحقبة، وقد تناقل شعراء ومهتمون بالشأن بأن هذه القصيدة لهذا الرجل وقد أكدوا عَلىٰ لسانه ذلك ومنهم من الأحياء يرزقون اليوم!

ولكنْ وبعد كل ذلك الجهد جاءت كَبْسَةُ الزِّر لتكشفَ لنا عائدية المحتوىٰ إلى شرعية صاحبه!!

كما يوجد هناك مَنْ يضع ديوان المتنبي تحت وسادته متعكزاً على سبك المبنىٰ مع سرقة المعنىٰ فتأتي الأفكارُ واضحةً متضحةً لأهل الشأن الذين لا يخفى عليهم شيء.

وَلَوْ تناولنا الأمرَ الذي يتعلقُ بكتابة النَّص النثري وروّادِهِ فحدّثْ ولا حرج فقد أدمنَ (بَعْضٌ كثير) مِنْ كُتّاب هذا الجنس الثقافي الإبداعي عَلىٰ سرقة النصوص الشِّعرية الأجنبية (الموزونة والمُقَفّاة) والتي تفقد تلك الخَواص بالترجمة فِي طبيعة الأمر وهذا لمن لا يعرف الحقيقة فقط، فقد تَفَنَّنَ هؤلاء (بتحوير المَبْنىٰ) مِنْ خلال استبدالِ الكلماتِ بما يتشابه معها من معانٍ متداولة وفقَ السِّياق وعلى سبيل المثال لا الحصر (فكلمة البحر استبدلت بالأنهار والفضاء بالسماء والدرب بالطريق والتفاح بالثّمار فضلاً عن العناكب والخفافيش والشمس بالضوء والهشاشة بالإنكسار والغروب بالتلاشي والإضمحلال بالذبول والبعيدة بالقَصِيَّةِ وهكذا)!

وَكما هو ملاحظٌ نجدُ غالبيةَ هؤلاء الكُتّاب لا يقرأون مِثْلَ تلك النصوص على العَلَن وفِي المهرجانات خوفاً مِنْ ردةِ فعلٍ غَيْرِ محتملة قد تحدث، بل يكتفون بالنشر وَمِنْ خلال دواوين متداولة على نطاق ضيق لا أكثر،،

كما ولا أعدو كُتّابَ القِصَّة كذلك مِنْ لعبة التّناصِّ والتَّلاصِّ هذه ولا أقصد الجميع فِي طبيعة الأمر والأمثلة كثيرة .

الخلاصة هي،،،

إِنَّ هذا الداء الثقافي قد أصاب بعضاً من اصحاب الشأن مِثْلَ عِلَّةٍ مستدامة لا ينفكُّ أصحابُها مِنْ دوار الرأس وهم يقرأون هذا ولا يستطيعون التعليق أو الرّد لِقِلَّةِ مٰا فِي اليد التي اعتادت أنْ تسرق ولا تنتج ..

***

إياد أحمد هاشم / شاعر عراقي مقيم فِي النمسا

 

 

البصرة مدينة متنوعة ثقافيا، وفي الوقت نفسه هي مدينة  مهاجرين، تحتوي اديانا ومذاهبا متعددة، وقوميات متعددة ، لا نريد الرجوع الى مرحلةتأسيسها في القرن الاول الهجري. او كما تُعرف بالبصرة الاولى، انما هنا الحديث سيقتصر على  تنوع البصرة ثقافيا في القرون الاخيرة،ولاسيما الحضور الخليجي فيها.

في البصرة لدينا البحارنة، وهم المهاجرون من البحرين -تقريبا في القرن التاسع عشر الميلادي- اغلبيتهم، من اتباع  مدرسة الشيعةالاخبارية، مع تأكيد القول ان هذه التصنيفات المعتمدة من اجل بيان قوة التنوع في المدينة، ولعله ابرز وجهاء البحارنة الاوائل هو السيد ناصر البحراني رحمه الله - من علماء مدرسة الشيعة الاصولية - ويوجد مسجد باسمه تم بناؤه سنة ١٨٧٨م في منطقة الفرسي -حاليا ُيعرف بمسجد العلامة مير محمد القزويني- الذي بدوره  هاجر من الكويت الى البصرة في ثلاثينيات القرن العشرين، كذلك هناك العديد منالعوائل البحرينية سواء الدينية ام التجارية التي هاجرت الى البصرة واندمجت في مجتمعها.

ويوجد في البصرة من امتداده لمدينة الاحساء او كما يعرفون بالحساوية واغلبيتهم اتباع مدرسة الشيعة الشيخية، ولا سيما مدرسة كرمان، الذين هاجروا الى البصرة في منتصف القرن التاسع عشر ميلادي اثناء زعامة الشيخ حسين المزيدي رحمه الله، ولهم دور في تاريخ البصرةالمعاصر بدءا من هجرتهم حتى وقتنا الراهن .

وفي البصرة حاليا بيوتات معدودة ممن امتدادهم من نجد، وكما يعرفون بالنجادة، الذين اعادوا تأسيس مدينة كاملة في البصرة وهي مدينة الزبير قبل اربعة قرون، ولا تزال اثارهم عامرة من مساجد، لعل ابرزها مسجد النجادة الذي يرجع بناؤه الى سنة ١٠٠٣ هجرية ومساجداخرى، فضلا عن اعمال  عديدة بعضها لا يزال شاخصًا الى الان، وعلى الرغم ان اغلبيتهم رجع الى موطنهم الاصلي منذ ستينيات القرنالعشرين وحتى التسعينيات من القرن نفسه، الا انهم اكتسبوا من هذه المدينة عادات وتقاليد وبات بعضهم يُعرف الان بالزبيري وليس النجدي .

وبعض المؤرخين يذكرون ان عشيرة القطارنة من أهل البصرة ينسبون إلى قطر، فضلا عن ذلك توجد عوائل بصرية  معدودة امتدادها الىالقطيف.

البصرة تمنح الخصوصية لمن يهاجر اليها، ولا تضع القيود  على المهاجرين اليها سوى الالتزام بطيبة اهلها وتسامحهم. هذه المقدمة ربما تكون  قاصرة عن الحضور الخليجي في البصرة، وبالاحرى هي شكل من الاحتفاء والفخر بالمدينة التي انتمي اليها .

***

د. قيس ناصر

مركز دراسات البصرة والخليج العربي

بعض الناس يبادر الى الإعتذار عندما يختلف معي على موضوع معين. وكان ذلك يتكرر عندما كنتُ القي المحاضرات في عدد من الجامعات في بغداد، حيث كنت اتفرغ ليوم او يومين في الاسبوع من عملي في وزارة التخطيط.

وكذلك يحدث نفس الشيء عندما انشرُ مقالةً في الفيس بوك او على أحد المواقع.

كنتُ اردُّ على اولئك الأشخاص الطيبين بأني عندما أُلقي محاضرة على أحد الصفوف في الجامعة فأنني لا اسعى الى إقناع الطلاب بموقف معين او اتجاه اقتصادي معين. كما ان ما اقدمه من مادة في المحاضرة هي ليست افكاري الشخصية بل هي مواد علمية يتشكل منها علم الاقتصاد .

كذلك هي مدارس اقتصادية فكرية وضعها اقتصاديون معروفون وهي جميعاً تمثّل مكونات المنهج الدراسي المقرر..

دوري أنا كأستاذ للمادة، ليس في اقناع الطلاب بتبني واعتناق أي من تلك المواد، بل في شرحها وتوضيحها بشكل سليم ومناقشتها والاجابة على استفسارات الطلاب حولها وبيان مصادر الاستزادة المعرفية منها..

اعتراض الطلاب او رفضهم او انتقادهم لبعض تلك المواد، لايجب أن يُعتبر تحدياً للاستاذ او معارضة له او عداءً لافكاره .

انه جزء من تقاليد الحياة الجامعية الرصينة التي يعتبر استقلال الطالب فيها ومناقشته لافكاره مع اساتذته جزءاً من تجربة الدراسة في الجامعة..

كذاك عندما انشر مادةً على الفيس بوك او غيره، فهي ليست دعوة لاعتناق ماتتضمنه المقالة، بل هي فتح نافذة للحوار البناء الذي يستفيد منه الجميع واولهم الكاتب.

انا انظر بايجابية وسعادة لمن يتفضل باغناء المنشور او تسليط الضوء على جوانب من الموضوع اغفلها الكاتب او تقديم قراءة مختلفة لموضوع المنشور.

اتمنى ان تكون الصفحة او الموقع الثقافي، بمثابة منصة للحوار وتبادل الافكار والمعلومات باسلوبٍ حضاري راقٍ يراعي قواعد الاحترام.

البعض يكتب لي تعليقاً يقطر عدوانية وعنفاً وتشنجاً!!

اسئله لماذا تكتب بهذا الاسلوب؟

الا تستطيع شرح وجهة نظرك بطريقة لائقة وهادئة؟

العنف والاستفزاز ليس مهارةً او كفاءة بل هو شكل من اشكال الاعاقة الذهنية.

اعتقد ان الحوار العنيف اصبح تقليداً لدى بعض ادعياء الثقافة والعلم.

وبالمناسبة ان هذا الاسلوب ليس جديداً في بلدنا.

اتذكر ان احد " الدكاترة" خلع الجاكيت وتهيأ للعراك مع

شخص اختلف معه على موضوع علمي، وفي اجتماع يفترض انه علمي.

***

د. صلاح حزام

ساعات قليلة شاء لي ربي ان أخلو فيها بنفسي بعيدا عن الميديا والاصدقاء والاهل لاستعيد قدرا من الصفاء النفسي والروحي، واذا شريط سينمائي من الذكريات من حكايات امي وجدتي يفقز في مخيلتي ويعايشه وجداني مستحضرا تلك العلاقات الدافئة في المحيط الاسري والاجتماعي العام .

يا الله ...... ما أروع التلاحم والتراحم بين الناس، ما هذا الجمال الرباني في المشاعر والسلوكيات اكثر رقيا وتحضرا وانسانية، وما هذه الطمأنينة والسكينة التي تغلف مشاعرنا، فالغني لا يشعر الفقير بفقره، ولا الفقير يظهر ضعفه وحاجته للغني من باب التعفف وحفظ الكرامة، ومع هذا كان كلاهما يمد الاخر بالعطف والحنان والمودة والاحترام والتقدير.

كان الجار جزء أصيل من الاسرة، والامهات والبنات يتبادلون الحديث اليومي عبر الشرفات والبلكونات، وهذه تعزم الجارة على شاي بالميرامية وهاي تقسم على جارتها الا تذوق زعتراتها.

وأسطح المنازل كانت مسارح للسمر فلا تخشى الاسرة ان تنكشف على الجيران لان الجار كان له حرمه مقدسة كحرمته في أولاده وأهله، بينما صارت الناس اليوم تتخبى عن بعض والذكي هو من يعلي سور بيته أكثر حتى لا يلمحه جاره .

حتى الحدائق والبساتين كانوا اهل الحي يعتبروا بستان جارهم، هو بستانهم يحافظون عليه وما يخجلون من قطف بعض حبات تفاحه او لوزه، واليوم صنعت الناس أسياج حديدية حول مزرعتها، وتحوطها بأسلاك تشبه أسلاك الحرب ومرتكزات قوات الاحتلال .

و حتى الثمار تم تغطيتها بورق لمنع الناس من قطف ثمرة، ومنع العصافير المارقه من ان تنتش ثمرة تروي عطشها وتسد جوعها في حر الصيف وبرودة الشتاء .

كانت الناس قلوبها طيبة وبيوتها مفتوحه لا يتذمر أحد من ضيف ولا يتثاقل من عزيمة مهما كانت بسيطة، بينما الأنانية صارت اليوم المبدأ الوحيد الحاكم في فضاء السلوك الانساني، فلا قيمة لتراحم واخوة وجيرة، انما قيمة واحدة تتصدر المشهد النفسي والسلوكي اليومي لبني البشر وهو قيمة الأنا ونفسي .

فما الذي غيرنا وقلب طاولة اخلاقنا مائة وثمانين درجة نحو القسوة والانانيه، هل هي التربية أم زماننا ومتغيراته وطبيعة تحدياته من انترنت وحاسبات وبرامج تكرس لواقع افتراضي جعلت انسان هذه العصر بعزلة عن الواقع ورفض قيم الجماعة فيه .

فلو كانت ازمة تربية فانا امهاتنا قد ورثوا أساليب التربية عن اجدادنا، ورثوا طيبة القلب وحب الخير والناس وتلمس الاعذار لهم، فما اسباب نكبتنا الاخلاقية حاليا؟ فهل هو غياب الوعي الديني ؟ فلا أظن لأن قيمنا الدينية كانت تقدم في أساليب بسيطة سهلة التطبيق، وما ان يسرد لنا استاذ الدين احدى القصص الدينية نبكي من الخشوع والإيمان، ولو أخطأت احدانا في سلوك معين سرعان ما تراجع نفسها وضميرها وفورا تتوب وتضبط ايقاع سلوكها على الطريق المستقيم .

وكانت خطبة الجمعة مليئة بالحكم والمواعظ الدينية عن الاخلاق والايمان دون تخويف او تنفير من الدين، بل تحفزنا على التعايش بالحب والتسامح والمغفرة، بينما تعج الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي اليوم بالقنوات والمشايخ والثقافة الدينية الموسعة، ومع ذلك الاجيال لا تستقبل شروحات المشايخ بقلب مؤمن، بل ان القلوب صدأت وخربت بالحقد والحسد والعنصرية والتعصب مركزين فقط على المظهر الديني دون الجوهر وكانه جواز مرور .

قد يبرر ويلقي معظمنا أزمتنا الاخلاقية في ملعب الازمة الاقتصادية ومتطلبات الحياة من مدراس معيشية غالية واجهزة حديثة ضرورية، بينما كان اهلنا يعيشون حياة بسيطة خالية من كل الكماليات والرفاهيات التي نتمتع بها اليوم وراضيين بمعيشتهم دون منافسة لاحد او تقليد لأخرين .

لكننا اليوم لم نعد نرضى بالمقسوم وصرنا نستهلك وقتنا وعمرنا في اعمال شاقة ولساعات طويلة لجلب المزيد من وسائل الترفيه والتنافس في الدنيا لان نكون اغنى من غيرنا والتمايز على الاخرين بما نملكه فوقعنا في فخ ابليس وخضعنا للمادية المتجبرة، واذا القلوب اشد قساوة من الحجر، وان من الحجارة لما يتفجر منه الانهار !!

فالام انشغلت بوظيفتها ونجاحها فيه كسبا لمال أكثر ولكي توفر لطفلها ابن الثماني سنوات موبايل بمئات الدنانير دون ان تعي ان تقتل براءته، بينما لم توفر له وقت لاحتضانه واشباعه بالحنان والتربية، وكذلك الاب انشغل بجمع المال لتجديد سيارته ولاظهار صورته الراقية امام المجتمع على حساب دوره الرقابي على الاسرة .

للاسف كلنا تغيرنا وسرنا في متاهات المادية المقيتة، فبدت لنا سؤاتها وخسرنا انسانيتنا، فهل من سبيل للرجوع؟ انه قرار فردي اولا واجتماعي ثانيا المهم ان نبدأ في تصحيح طريقنا، ولنتخلى تدريجيا عن مظاهر الرفاهية والمادية، ولتكون الازمة الاقتصادية العالمية والحروب والمجاعات حافزا لنا لنغير انفسنا ولنمد يد العون لكل محتاج ونشفق على مخطئ ونرمي له طوق النجاه من الغرق

انها مهمة غير مستحيلة، فالرحمة تصنع المعجزات حين نتكافل ويكمل بعضنا نقص الاخر . ورحم الله الامام الشافعي حين عبر عن واقعنا بقوله:

نعيـب زماننـا والعيـب فيـنـا

ومـال زماننـا عـيـب سـوانـا

ونهجو ذا الزمـان بغيـر ذنـب

ولـو نطـق الزمـان لنـا هجانـا

وليس الذئب يأكـل لحـم ذئـب

ويأكـل بعضنـا بـعـض عيـانـا

***

 بقلم /  سارة السهيل

كانت ولا زالت مسألة الأمن الغذائي تهدد واقع الحياة الاجتماعية والاقتصادية، بل وحتى السياسية في العراق، إذ أن دخل الفرد العراقي لم يرتق لدرجة الشعور بالاطمئنان على اكتساب القوت اليومي المعتدل داخل نفس كل فرد من ابناء الشعب العراقي، أو شريحة واسعة منه، خصوصا المتقاعدين والموظفين من ذوي الدرجات الوظيفية الصغرى. ومع أستمرار اعتماد الحكومات المتعاقبة على النفط في اقتصاد الدولة الريعي، وعدم الاهتمام بقطاعات اقتصادية واسعة مثل الزراعة والصناعة والسياحة والاستثمار والبناء، والفشل في وضع حد لعجز الحساب الجاري لميزان المدفوعات العراقي وكبح جماح التضخم، تبقى أزمة العراق الاقتصادية تهدد أمنه واستقراره وتنقص من سيادته، ليأخذ دوره الريادي بين الامم.

أن الانتاج الوطني لأي دولة سواءا كان سلعا أو خدمات، والمتحقق بمواردها الاولية الوطنية هو الاهم في تحقيق إزدهار الدولة ومدى تطورها، وليس استقرار الاسعار الذي لا يمثل أولوية في تحقيق ذلك، لأنه يعتمد اعتمادا كليا على قلة واردات الدولة، فكلما قلت الواردات وكثرت الصادرات كان ذلك عنصرا حاسما ومعززا في استقرار الاسعار. وكلما ازدادت الواردات وقلت الصادرات، كلما شهدت الاسواق تذبذبا في الاسعار وتشهد بذلك زيادة مضطردة احيانا كثيرة، وهذا ماشهدته اسواق العراق في الثمانينات جراء الحرب مع ايران، وكذلك الحال في وقت الحصار الذي فرضته قوى الهيمنة الامريكية على العراق في التسعينات، حيث ارتفعت معدلات التضخم لحدود لم يشهدها العراق في تأريخه طيلة اكثر من خمسة عقود مضت.

مع تسجيل ارقام عالية في فائض الموارد المالية المتحصلة من مبيعات النفط العراقي خصوصا في حالة ارتفاع اسعار النفط الخام في الاسواق العالمية، إلا أن اقتصاد العراق يبقى يعاني من مشكلة الحفاظ على الامن الغذائي لعدم وجود التخطيط السليم والتوجه الاستراتيجي للحكومات المتعاقبة والتي كانت تفتقر الى رؤية استراتيجية تهدف الى النهوض باقتصاد البلد إلى مستوى يمكن معه العمل على رفع الانتاج الوطني والمحافظة على استقرار الاسعار في الاسواق المحلية وتعزيز مستوى دخل الفرد. ومع تلك الارقام العالية لموازنات الحكومات، إلا أن الشعب العراقي لم يلمس أي بارقة أمل في معالجة أمنه الغذائي الذي يهدده الفساد الاداري والمالي المستشري في عموم المؤسسات الحكومية، نتيجة السياسات الخاطئة التي تعتمدها الاحزاب في تقاسم موارد البلد كغنائم فيما بينها سعيا منها لافقار الشعب وزيادة مدخولاتها الخاصة في الانفاق على اتباعها في الداخل والخارج، عبر سن تشريعات كرواتب وهبات ومنح أو في تقديم الرشى بالانتخابات العامة، أو من خلال عمليات غسيل الاموال وتهريبها لحساباتهم الخاصة المسجلة بأسماء اقرباءهم في المصارف العالمية بالخارج او في شراء عقارات خارج العراق، أو من خلال تبذير المال العام على مؤتمرات تعقد لتلميع صورهم أمام الرأي العام، او عطايا تقدم لدول معينة لكي تعمل على دعم ذلك الشخص وتؤثر في بقاءه على رأس السلطة. أن الحل في الحفاظ على اقتصاد متوازن وقوي في العراق هو في العمل على ايجاد صندوق لدعم الاجيال، وبناء مؤسسات قادرة على تنفيذ خطط جادة تعمل بحرص على رفع القدرة الشرائية للدينار العراقي وتمتين اقتصاده من خلال زيادة الصادرات غير النفطية وتوسعة مشاركة القطاع الخاص في نهضة صناعية تشمل عموم البلاد وتعزيز أهمية دعم  المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مجالات الزراعة والصناعة وتحسين فرص الاستثمار وقطاع السياحة الذي يمكن ان يكون القطاع الاهم في رفد الاقتصاد الوطني لما يلعبه في توظيف عدد كبير من الشباب وتوفير موارد اقتصادية للبلد وبناء بنى تحتية تدر الاموال بدون رأس مال وطني.

***

ضياء الهاشم

تحتفل كل شعوب الأرض بأعياد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية، بغضّ النظر عن أديانها وقومياتها وثقافاتها وعاداتها الأجتماعية. ولهذه الأحتفالات طقوس متشابهة  تقريبا في جميع أرجاء المعمورة، منها على وجه الخصوص حضور سانتا كلوز أو ما يسمّى ببابا نوئيل بزيّه الفولكلوري الأحمر وهو يوزّع الهدايا على الأطفال عشيّة أعياد الميلاد، أو مهرجانات الألعاب الناريّة وهي تضيء سماوات مدن العالم المختلفة وهي تتهيأ لوداع عام ميلادي بأحزانه وأفراحه، آملة أن يكون العام الذي يليه أكثر سعادة وأستقرارا وأمنا من سابقه.

لم نختلف كعراقيين عن بقيّة شعوب العالم ونحن نحتفل بأعياد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية في السابق، فكنائسنا كانت عامرة بالمصلّين قبل أن تضيق بهم أرض آبائهم وأجدادهم ليتناثروا كزهور بريّة في أصقاع الأرض المختلفة،  وكان المسلمون  متسامحين وطيّبين وهم يحتفلون مع أخوتهم بالوطن أعيادهم وآمالهم ودعواتهم ومثلهم كان الأيزيديّون والمندائيّون. وكان العراقي بغضّ النظر عن دينه وطائفته وقوميته، ينظر بفرح الى سانتا كلوز وهو يتجول بين الكنائس وبيوت المسيحيين من أبناء بلده ويوزّع الهدايا على أطفالهم ويزرع بينهم الفرح. ممنيّا النفس في أن يرى يوما سانتا كلوز في شوارع ومدن العراق وهو يوزّع هداياه فيهما، ومنتظرا لتتكحل عيناه بغابات من الألعاب الناريّة التي تضيء سماء العراق.

فجأة وعلى غيرعادة العراقيّين حتّى وهم يخاطبون السماء مبتهلين الى الله لتحقيق دعواتهم تحقّق الأمل العراقي، وبدلا من سانتا كلوز واحد أمتلأ العراق بعشرات الآلاف منه، ومعهم صناديق هدايا ليوزّعوها على الأطفال والنساء والرجال. ولم يحضر السانتا كلوزات إن جاز التعبير على عربات تجرّها حيوانات الأيائل الجميلة، بل جاؤوا على متن طائرات الشبح وحاملات الطائرات والسفن الحربية. وكان هناك أكثر من سانتا كلوز يمتطي صاروخ كروز ليوزّع الموت في مدن العراق المتعبة  ليحولّها الى حطام.

صناديق هدايا سانتا كلوز الأمريكي لم تكن صناديق هدايا بالشكل المتعارف عليه، بل كانت أشبه بمجموعة دمى التعشيق الروسيّة  ذات القطع السبع المسمّاة ماتريوشكا، ما أن تفتح واحدة حتى تظهر أخرى. وإن كانت ماتريوشكا بألوانها الزاهية عبارة عن دمى زينة، فأنّ صناديق سانتا كلوز الأمريكية كانت عبارة عن صندوق بندورا كبير، ما أن تفتحه حتى ترى صندوقا غيره وهكذا،  صندوق بندورا خرجت منه كل الشرور والآثام والجرائم.

فمن هذا الصندوق الأمريكي، خرجت لنا دمية بإسم جميل هو الديموقراطيّة، فإذا بها مشوّهة وعرجاء وقبيحة وبشعة، ومنها خرج لنا مارد قدمه في بئر نفط ويده في مصرف، ومنه خرج لنا تنظيم القاعدة ليحوّل كنيسة سيّدة النجاة وهي تحتفل بعيد جميع القدّيسين الى يوم قيامة، ومنه خرج لنا داعش ليسبي نسائنا الأيزيديات الجميلات المسالمات، ومنه خرج مسلّح سنّي ليقتل طفل شيعي بريء، ومنه خرج مسلّح شيعي ليقتل صديق الطفل المقتول!، ومنه خرج أساطين فساد وخيانة، ومنه خرج معمّم نسى الله وهو يقول ( فأمّا اليتيم فأقهر وأمّا السائل فأنهر وأمّا بنعمة طهران فحدّث)، ومنه خرج وحش المحاصصة ذو الرؤوس الثلاث ليلتهم كل ما يقع أمامه، ومنه خرجت فتاوى ما أنزل الله بها من سلطان، ومنه خرجت آفات الفساد والجريمة والمخدرات، وخرج منه الفقر الذي قال علي بن أبي طالب يوما من أنّه لو كان رجلا لقتله وهو أي الفقر بحماية مسلّحين شيعة ليتجول في أرجاء العراق، ومنه خرج الموت الذي يكمن للناس في طرقات وطن قتله سانتا كلوز الأمريكي... 

كلّنا أمل ونحن نستقبل عام 2023 ، أن يستعيد سانتا كلوز بالعراق براءته ويحطّم صندوق بندورا سانتا كلوز الأمريكي...

***

زكي رضا - الدنمارك

30/12/2022

مرٌ اكثر من 100يوم على الاحتجاجات الايرانية الفريدة في تاريخ المنطقة ولاتزال في اوج قوتها وغليانها المستمدة من ارادة الشعب المناضل  بكافة مكوناته وفي مقدمتهم من هم في كوردستان الشرقية من الشعب الكوردي البطل. خلال اليومين الماضيين مّر اربعون يوما على استشهاد11مناضلا كورديا من المحتجين في المدن الهائجة من شرقي كوردستان: مهاباد، بيرانشهر، سقز، بوكان، سنندج والتي استمرت الاحتجاجات السلمية فيها بشكل استثنائي القوة والاندفاع وهتف المحتجون باعلى اصواتهم على الرغم من  القمع والاستبداد غير المسبوق الذي تمارسه السلطة الايرانية بشكل وحشي يوميا ضدهم، اضافة الى ان النظام لم يستثني احدا الا انه يطبق بما لديهة من القوة العسكرية على هذه المدن اكثر من غيرها، اضافة الى ما يتعرض له هذا الشعب من  القتل والجرح فيزج من يصادفه في السجون المليئة بالمحتجين وهم يعانون فيها من الظروف اللا انسانية البعيدة عن اي حق من حقوق السجناء السياسيين.

و ما نشاهده من محاولات القوات الامنية من تفرقة المحتجين بالقوة الغاشمة التي لم يستعملها اي نظام اخر في اي بلد الا ان المنتفضين يستمرون ويهتفون باعلى اصواتهم وهم يوقفون بوجه السلطة .

على الرغم من توسع هذه الاحتجاجات وطول مدتها وما تمارس فيها من القوة ضد المحتجين السلميين الا انه من الغريب في الامر اننا لم نسمع حتى ازيز صوت منخفض من الدول العظمى التي تتشدف بحقوق الانسان، والمكشوف انهم يتعاملون وفق المعادلات السياسية التي تعتبر للمصالح قبل اي شيء اخر، وعليه فان حقوق الشعوب اصبحت مجرد كلام، وما  يدعون من من المحافظة على الحقوق الانسانية في بقاع العالم اصبح واضحا انه مجرد كلام.

السؤال الذي لم يجب عنه احد هو: لماذا لم يحاول احد من هؤلاء الذين يذكرون القوى الارهابية في العالم لم يحاولوا وضع قوة البسيج والباسداران الايرانية في قائمة الارهاب التي اصبحت  عاملا في ايديهم للعمل السياسي، وعلى الرغم من ان هناك منظمات سياسية تناضل من اجل ضمان حقوق شعبها بشكل سلمي ومستندة على احقيتها السياسية في الحصول على اقل مستحقاته السياسية وان نضاله ضمن دائرة حقوق الانسان وكافة الاعراف والقوانين الدولية.

المهم هنا نتيجة ما يحصل عليه هؤلاء المحتجين المضحين في نهاية المطاف، واننا ما نشاهد على الارض هو التغيير الفعلي رغما عن ادعاءات السلطة التيتقول العكس، ومن المؤكد ان يؤثر هذا ويحصل التغيير نسبيا في شكل الحكم اولا وان كان شكليا ومن ثم التغيير الشامل الذي يفرض نفسه على السلطة الاسلامية الايرانية مهما انكروا على انهم لم يخضعوا للضغوطات. المتغير الظاهر الان والذي يلمسه من يرى الواقع الاني ويقارنه بما كان عليه الشعب قبل الاحتجاجات، هو ان الجراة غير الطبيعية للشعب فسح المجال لمحو الخوف وازدياد خوف ازلام النظام وتغيير اساليب المنتمين الى مفاصل السلطة بشكل سري ومساعدتهم للمحتجين بعيدا عن عين السلطة، وهذا التغيير المشهود الذي يدع المحتجين يتقدمون الى الامام. اي ان النظام لم يبق على ماكان عليه شكلا وجوهرا وانه في تغيير مستمر على الرغم من عدم اعترافه، الا ان النتيجة يمكن ان لا تفيد المحتجين الا التغيير الجذري. ان كانت حزمة القرارات التي اقرت من قبل السلطة ازاء متطلبات المحتجين دون الاعلان عنها ولم يرضي المحتجون بها، ابدا الا ان بداية التغييرالشامل قد بدات ولا يمكن ان تقف المسيرة في هذا الحد مهما كانت التضحيات والمواقف الخارجية سلبية وان كان التكتيك الاني احيانا لم يكن في صالح المحتجين.

اي ان المحتجين ضمنوا تغييرا وان لم يكن بقدر التضحيات التي قدموها، الا انهم ادركوا بانهم ليس امامهم الا ان يصروا على الاستمرارالذي اصبح ديناميكيا واصبح واضحا لديهم بانهم سائرون الى تحقيق الاهداف، اي انهم ادركوا على ان يكونوا او لا يكونوا، وان كان هناك من يقول بان عدم سقوط النظام يجعل المحتجين يعتقدون بانهم لم يحققوا ما احتجوا وناضلوا وضحوا من اجله، الا ان التغيير السائر ولو بشكل بطيء نسبيا  الا ان ثقل الاحتجاج اصبح يطبق على انفاس النظام  نتيجة ناجحة نسبيا وستكون نتيجته ايجابية في النهاية حتما.

 هذه هي الحركة الاحتجاجية الاولى التي تضع الحكم الاسلامي العقائدي المذهبي امام الخنوع والخضوع ويضطر على ما يقدم من المبادرات المختلفة دون ان يرضى بها المحتجون. وهذا دليل على ان الحركة الاحتجاجية التي بدات واستمرت على الرغم من التوقعات استمرارها بداية  لدى المراقبين، الا ان استمراريتها الديناميكية المندفعة ذاتيا هي التي تدع اي مراقب محايد ان يتفائل لنتائجها الضامنة .

***

عماد علي

في المثقف اليوم