أقلام حرة

أقلام حرة

ربما لايوجد مفكر من أبناء الأمة على مدى القرن العشرين، إلا فيما قل وندر، لم يعتمد في قراءته ورؤيته على الأجانب، ومعظم مفكرينا أبعد ما يكونون عن تراث الأمة والمستشرقون أعلم به منهم، وهم الذين أدلونا عليه، وما إنطلت عليهم فرية ان هولاكو ألقى بتراثنا في نهر دجلة فذاب بالماء.

فهم الذين إكتشفوا حضاراتنا، وفكّوا رموز لغاتها، وبعيدا عن نواياهم وأهدافهم وما نضمر لهم، وما نتهمهم به، فقد قدموا لديارنا وقالوا لنا أن بلدانكم فيها أصل الحضارات، فأظهروا حضارات وادي الرافدين والنيل وغيرها من حضارات المنطقة، ولا يوجد من أبناء الأمة مَن سبقهم.

وفي الواقع العربي لكل مفكر إمامه الأجنبي، فالمجددون والحداثيون بأنواعهم ومشاربهم لديهم أئمة أجانب يقلدونهم، ولعبت جامعة السربون دورها الأكبر في خلع الأمة من ذاتها وهويتها، فخريجوها سيطروا على الوعي الجمعي العربي في القرن العشرين، وما أنتجوه ربما أسهم بإيصالها لقيعان العصر.

لا يحق لنا لوْم المستشرقين والتشكيك بما قاموا به، فهم يدرسون وفقا لمناهجهم وما يرونه سيوصلهم إلى هدف معرفي ما، وإن كان لا يعجبنا، والسبب أننا تركنا ميادين الدراسات التراثية والآثارية لهم، فلا نمتلك الخبرات والمعارف اللازمة للخوض بدراسات تدلنا على أنفسنا، وتكشف ماضينا، وتجد مرابعنا أهدافا لبعثات وحملات جامعية إستكشافية متواصلة.

وما أظهروه لنا جعلنا ننظر إليهم بعين العجب والخجل، وتجسدت فينا المشاعر الدونية والميل للتبعية والإستسلام لإرادة الأجنبي، الذي يعرفنا أكثر مما نعرف أنفسنا، ويدرسنا بعلمية ومنهجية لا نتدبرها.

وربما يكون السبق الإستجلائي والطرح المدهش الذي عرضوه لنا عن أنفسنا من الأسباب التي جعلتهم المقياس، الذي بموجبه نقرر مدى قبولية وصلاحية ما نقوم به في ميادين الإبداع كافة، فتوهمنا بأننا لكي نكون علينا أن نقلدهم، ونترسم خطاهم، فأنكرنا ما عندنا وتشبثنا بما عندهم.

وعندما نتصفح أية دراسة أو بحث نجد معظم المصادر أجنبية، ونبخس الدراسات ذات المصادر العربية.

فمن الذي أصاب ومَن المدثر بأسمال الخياب؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

أزمة ثقة مع الغرب عموماً وازدواجية المعايير...

ليس خافياً على أحد بانه من المعايير الأمريكية المزدوجة عدم جواز معاملة كيان الفصل العنصري الإسرائيلي كما تعامل السعودية بالنسبة لحقوق الإنسان.. لأن الملف الإسرائيلي مرتبط بالعداء للسامية أما سعودياً فهو مرتبط بإرهاب الدولة.. فلا عجب!

إذْ قدم كلٌّ من العضوين في مجلس الشيوخ: الديموقراطي كريس ميرفي والجمهوري مايك لي، مشروعَ قرارٍ اليومَ الأربعاء قد يجبر إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على إعداد تقرير عن سجل حقوق الإنسان في السعودية وربما يؤدي إلى إعادة تقييم المساعدة الأمنية الأمريكية للمملكة.

وبعد تلقي التقرير، ينص القانون على أنه يجوز للكونجرس تبني قرار مشترك من مجلسي النواب والشيوخ لإنهاء أو تقييد المساعدة الأمنية لتلك الدولة أو السماح باستمرارها.

وإذا نال مشروع القرار الموافقة، سيتعين على الإدارة الأمريكية تقديم التقرير في غضون 30 يوما، أو ستتوقف جميع المساعدات الأمنية للبلد تلقائيا.

وليس خافياً على أحد بأن مشروع القرار يأتي رداً على الاتفاق السعودي الإيراني الذي أبرم في بكين مؤخراً.

والجدير بالذكر أن هذا الإجراء لا يحدث عادة إذا كان الجاني هو الطرف الإسرائيلي والمجني عليهم هم الفلسطينيون.

ثم ألم يسأل الأمريكيون أنفسهم عن أهم أسباب انفضاض حلفاء أمريكا عنها في الملمات؟

فالسعودية التي تعرضت للنهب والحلب من قبل ترامب دون شبع أو تقديم المقابل، هي ليست نفسها في ظل عالم يعاني من مخاض التغيير نحو تعدد الأقطاب.. ومحمد بن سلمان أدرك ذلك وغلب مصالح بلاده على مصالح حلفائه الذين اعتادوا الأخذ دون مقابل في ظل سياسة الاستخفاف والتمنر.

ويبدو أن ولي العهد السعودي بن سلمان لديه تحالفات بديلة مع الصين وروسيا، وصاحب قرارات تغييرية.. وقد تعلم من أخطائه الكبرى كما يبدو وتحولت مخرجات سياسته التحولية الجريئة إلى بشائر على ارض الواقع.. وقد توسعت حدقة الرؤية السعودية طردياً مع استقلالية القرار عن الحليف المُسْتَحْوِذْ.. وهذا سيسهم في إنجاح خطة بن سلمان التنموية المستقبلية 2030.

إنها عدم الثقة بالغرب عموماً.. وهذا لا يتعلق بالسعودية فحسب بل بالخصوم الكبار أيضاً.

فوفقاً لصحيفة "فاينانشيال تايمز" الأمريكية فإن الأصول الصينية تغادر سويسرا والغرب عموماً بسرعة مريبة.. فهل ظلت هناك ثقة بالمصارف الغربية بعد إخراج روسيا من نظام سويفت.. سؤال يطرق رؤوس أصحاب القرار في الدوائر السياسية لحلفاء أمريكا بمن فيهم الرياض.

فلا لوم على السعودية في محاولاتها الجادة للتحرر من سطوة العم سام الذي بات لا يحسن إلا التلويح بالعصا.

أما بالنسبة لملف حقوق الإنسان في السعودية؛ فلتبدأ أمريكا بنفسها وبتل أبيب!

وعلى راي الإخوة المصريين "في المشمش".

***

بقلم بكر السباتين

15 مارس 2023

 

تصريحات بعض السياسيين، هل يمكن أن تكون علاجاً لمشاكل العراقيين؟، هذه التصريحات والشعارات الرنانة تثبت لنا بالدليل القاطع أن البعض يحاول أن يستغفل الناس ويسرق منهم حتى الحلم بمجتمع آمن مستقر مزدهر.

وتعالوا نتساءل؛ لماذا أصبحت غالبية الناس تكره شيئاً اسمه السياسة؟ السؤال لم يعد مختلفاً عليه ووجدنا سياسيين كثيرين بدأوا يتحدثون علناً عن أزمة ثقة بين الطبقة السياسية والمواطن وتجارب و"ومهازل" سابقة جعلت المواطن يفقد الثقة في كل شيء تفعله الكتل السياسية ومعها البرلمان حتى لو كان صحيحاً.

في تقديري المتواضع أنه يمكن رصد آلاف الأسباب التي تدفع المواطنين إلى عدم الوقوع في غرام ساستنا.. وبالطبع لا يوجد عاقل يقع في غرام هذه الطبقة السياسية..

أسباب الجفاء بين المواطن والطبقة السياسية في العراق متعددة ويسهل الاتفاق عليها لكن، هل هناك أسباب تدفع المواطنين لحب ساسة منشغلين بمصالحهم الشخصية؟

أحد الخبثاء لديه نظرية متكاملة مفادها أن السياسيين في العراق تركوا أزمات المواطنين ومعاناتهم كي يؤدبوا المواطن ويجعلونه لا يفكر في شيء سوى الهتاف للسياسي، أياً كان، " بالروح بالدم".

وإذا كان ساسة العراق يحاولون الخروج من المأزق الحالي، فعليهم أن يعيدوا للشعب ممتلكاته الحقيقية.. يجب أن يعرف العراقيون من يسرق ثرواتهم.. وأين ذهبت أموال البلاد، ومن حصل على آلاف الأمتار من الأراضي مجاناً في قلب بغداد، ومن سكن القصور الحديثة، ومن يمنح أملاك الشعب للانتهازيين، ومن يتستر على الفساد ومن يتاجر في أرواح وأرزاق الناس.

ياسادة نريد منكم قوانين تساعد فقراء هذا البلد، قوانين تساعد المحرومين وتنهض بالشباب، قوانين تمنع سرقة المال العام، قوانين تمنع المسؤولين من تزوير شهاداتهم -إذا كانوا حقاً يملكون شهادات-، قوانين تمنع تحويل مؤسسات الدولة إلى إقطاعيات خاصة، قوانين تمنع المسؤول من احتكار السلطة إلى أبد الآبدين، قوانين تحفظ حريات الناس وتمنع رفع الشعارات الكاذبة التي تهدد الحريات الشخصية، قوانين تعطي للمرأة كل حريتها بما فيها حق الحصول على منصب سيادي، قوانين تمنع المتخلفين فكرياً وعقلياً من إدارة شؤون مجالس المحافظات، قوانين تحترم عقول العراقيين.

عليكم أن تدركوا أن حلم هذا الشعب العدالة وكرامته، وأن الديمقراطية حق ينتزع، وليس هبة يمنحها الحاكم أو يمنعها.. ثمة ثقافة جديدة تتشكل في كل مدن العراق تقول: الحاكم هو نحن.. الشارع.. الناس.. وليس "القائد الملهم" الذي يسعى لتنظيم تظاهرات تهتف باسمه.

***

علي حسين

المتعارف عليه أن إبراهيم النبي الأوري العراقي، ذهب إلى أرض أخرى بعد أن نجا من النار، وتوطن الأردن أو فلسطين، وزوجته (سارة) بلغت من العمر عتيا ولم تنجب، وبشرتها الملائكة التي جاءت رسلا إلى إبن عمه أو أخته (لوط)، بأنها ستكون أما لطفل، وكان الوليد المعجزة (إسحاق)، ومن نسله (يعقوب) وسلسلة الأنبياء التي إنتهت بعيسى.

و(هاجر) زوجته الجارية المصرية التي أنجبت (إسماعيل)، وألقى به وبأمه في بلادٍ دعى ربه أن تكون آمنة، فانطلقت فيها (عين زمزم)، وبعدها السعي بين (الصفا والمروة)، وما حصل من تطورات،  وصار إسماعيل أبو العرب، ومن نسله جاء نبي الإسلام.

وينسب إلى ذريته ثلاثة أديان رئيسية حسب المتوارد مكتوبا ومنقولا، وهي اليهودية والمسيحية والإسلام، وأخذنا نمسمع عن الديانات الإبراهيمية، ديانات أولاد العم الذين قتلوا من بعضهم البعض ما لا يُعد ولا يُحصى من الأبرياء.

وفي زمن الإسلام وحتى نهاية الخلافة العثمانية، لم يعتدِ المسلمون على كنيسة أو كنيست أو معبد لديانات أخرى إلا فيما قل وندر.

أي أن الأديان تعايشت في ظل الدولة التي ترفع رايات الإسلام، ولا توجد ديانة غيرالإسلام أوجدت التعايش بين الأديان، فالأديان بطبيعتها تتصارع وتسفك دماء غيرها بإسم ربها، وما فترت نوازعها العدوانية على بعضها إلا في النصف الثاني من القرن العشرين، وبقيت العديد منها في نوبات تصارعية متوحشة لا يستوعبها خيال.

وفي دول عربية عديدة هناك مسجد وجامع ومعبد متجاورة أو قريبة من بعضها، مما لا يبرر الهبة الإعلامية المثارة حول بناء ما يمثل الديانات الثلاثة في موقع واحد.

هذا التقارب الرمزي بالعمران، لا يعني ذوران الأديان ببعضها، فهو سلوك ليس بالجديد، ولا بالغريب، ويبدو أن الضجة الإعلامية تهدف لتنمية إرادة التطرف، وتعميق الخلافات بأنواعها، لتأمين غنائم القائمين عليها.

الأديان إنتماءات قلبية ولن تزعزعها المجاورات العمرانية، أو المحاورات، ومحاولات إقناعها بما لا تراه دينا، فكل دين يرى أنه الدين وغيره لا دين.

وعندما تقنعون شخصا يعبد فأرا، أنه يجب أن يغير دينه، فعندها تكلموا كما يحلو لكم عن الديانات الثلاثة التي ستبقى هكذا إلى الأبد، فتلك إرادة الدوران والصراع اللازم لديمومة ما فوق التراب.

فعن أي إبراهيمية يتكلمون؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

جيد هذا الاهتمام الذي يبديه الرئيس عبد اللطيف رشيد بموضوع كارثة جفاف الأنهار في بلد الرافدين منذ تبوئه هذا المنصب، مع ان ذلك من صلب واجباته، ولكنه في تصريحاته الأخيرة بدا وكأنه يكرر الحجج التركية الباطلة مثله مثل رئيس مجلس الوزراء، كالقول ان العراق يهدر المياه التي تصل إليه وان القوانين الدولية لا فائدة منها ..ترى ألا يعتبر حجز تركيا لأكثر من سبعين بالمئة من مياه دجلة والفرات خلف سدودها لتوليد الطاقة والزراعة  هدرا أو احتكار للمياه على حساب دولة المصب أي العراق أو شبيها بالهدر ومخالفة للقوانين الدولية؟ ثم أين هي تلك المياه التي يهدرها العراق منذ ثلاثة عقود وقد صعد اللسان الملحي من الخليج حتى أعالي شط العرب ودمر غابات النخيل وحرم العراقيين في البصرة من المياه العذبة وهم يشربون الآن من قناة البدعة المحتضرة، وخصوصا بعد ان قطعت ايران مياه نهر الكارون والذي كان يزود الشط بثلث المياه؟  أليست هذه المشكلة، إن صح وجود الهدر، هي مشكلة الدولة العراقية التي سكتت على الاستهتار التركي بحقوق العراق فبنت تركيا مئات السدود وقطعت ايران عشرات الروافد عن انهارنا دون تشاور أو تنسيق مع العراق دولة المصب؟

ثم أليست غالبية إن لم تكن جميع أنهار العالم الكبرى، وامامنا نهر النيل والامازون والرون مثلا، تصب في البحار والمحيطات بسبب النظام الهايدروليكي والجيولوجي  فهل اتُهمت دولة أخرى بالهدر غير العراق؟

ويقول الرئيس رشيد "لا يمكن فرض شيء على دول الجوار بالاستناد إلى القوانين الدولية "، هل هذا كلام معقول يصدر عن رئيس دولة؟ لماذا إذن سموها قوانين دولة؟ لكي يعزفوا عليها الموسيقى؟ أم أنها قوانين دولية غير قابلة للتطبيق على تركيا وإيران فقط؟ وهل جرب العراق تدويل المشكلة ولجأ إلى القانون الدولي وفشل في ذلك؟

يقول الرئيس "تركيا كانت تطلب منا حسم ملف المياه على أساس الماء مقابل النفط، ولكن بجهودنا وجهود الفنيين في العراق تمكّنا خلال المفاوضات من تغيير هذا الشرط، والتعامل على أساس الحصة العادلة للجميع"! أ ليست هذه المعلومة، التي كنا نظنها شائعة او مجرد تصريح تركيا مفبرك، هي  فضيحة من الدرجة الأولى توجب اتخاذ موقف وطني من العدوان التركي الذي يريد الاستيلاء على نفطنا مقابل مياه انهارنا؟ وهل فعلا تغير الشرط التركي لجعل مياه الرافدين مقابل النفط؟ ألا يعني الاستيراد العراقي شبه الإجباري من تركيا والذي يصل الى عشرين مليار دولار سنويا صيغة غير مباشرة لصيغة المياه مقابل النفط؟ أليست الموافقة على هذه الصيغة اعترافا بأن المياه تركية والرافدين تركيان كما تزعم تركيا بمختلف حكوماتها وحكامها؟ واخيرا، لماذا تتردد الحكومة العراقية في اتخاذ أية خطوة حقيقية عمليا باتجاه تدويل المشكلة بتقديم شكوى إلى الأمم المتحدة وهيئاتها ومحاكمها الدولية او تستدعي سفراء دول المنبع او تهدد مجرد العديد لمراجعة التبادل التجاري أحادي الجانب ووقفه معها؟ هل تنتظر الحكومة ان يبدأ العراقيون بالموت عطشا بالآلاف؟

أدناه فقرات مقتبسة من كلام الرئيس رشيد: "رأى رشيد، أنّ أحد أسباب الأزمة الرئيسة يتعلق بـ "هدر

كميات كبيرة من المياه داخل البلاد، والظاهرة تمثل ور ضغط على العراق من قبل دول الجوار"، مشيرًا إلى أهمية "تحسين طرق الزراعة في العراق وتطوير شبكات الري والتخلص من أحواض الأسماك التي لا تحتاجها البلاد، ومنع هدر المياه بطريقة عشوائية في الأراضي المفتوحة".

وأكّد رئيس الجمهورية، أنّ حلّ الأزمة "يتمثل في التعامل مع دول الجوار بالطرق السلمية والتفاهم والتنسيق، حيث لا يمكن فرض شيء على دول الجوار بالاستناد إلى القوانين الدولية"، وكشف رشيد، أنّ "الاتفاقية الوحيدة للعراق حول المياه تتعلق بنهر الفرات مع سوريا، والبقية لا تعدو مذكرات تفاهم مع إيران وتركيا"، موضحًا أنّ "تركيا كانت تطلب منا حسم ملف المياه على أساس الماء مقابل النفط، ولكن بجهودنا وجهود الفنيين في العراق تمكّنا خلال المفاوضات من تغيير هذا الشرط، والتعامل على أساس الحصة العادلة للجميع".

وأخيرا، صدق من قال " اللهم اكفني شرَّ اصدقائي أما اعدائي فأنا كفيل بهم"! وعذرا عن وجود العديد من الأخطاء الطبيعية لأنني اكتب من هاتفي المحمول.

***

علاء اللامي – كاتب عراقي

...............

رابط يحيل الى التقرير الاخباري:

https://ultrairaq.ultrasawt.com/%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D9%87%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D9%84%D9%85-%D8%AA%D8%B9%D8%AF-%D8%AA%D8%B7%D9%84%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B7-%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%A8%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%87%D9%86%D8%A7%D9%83-%D8%B4%D8%B1%D8%B7-%D9%85%D8%B9%D9%82%D9%88%D9%84/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A7-%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9

 

الإدراك نشاط عقلي باهر وإرتقاء إنطلاقي نحو آفاق ذات إتساع مطلق.

والإدراكية هي تدريب الدماغ على الإنطلاق من معاقل المكان وظلمات الأوان، وصندوق الجمجمة إلى فضاءات الأنوار الساطعة.

الإرتقاء الإدراكي ينتقل بالقدرات الإدراكية إلى مدارات علوية، يتلقى أفياض أفكار تأهلت لإستقبالها بدوائر عُصيبية ذات طاقات إنجذابية.

الحدس هو الوصول إلى حالة الدوران القصوى التي تستحضر مستلزمات الدراية الواعية لنتائج تفاعل المتغيرات بعناصرها المتنوعة.

لا بد من الإرتقاء إلى حالة التواشج والتداخل مع الطاقات العلوية المطلقة، ويتحقق بالإمساك بالقدرة الكفيلة بوضع الموجود في مسارات المدارات الكبرى.

الحكمة  أن تعرف كنه الإدراك، وتصل إلى ذروته اليقينية فيتحقق الإبصار، وتنكشف الحجب وتزول الأغطية.

فقهاء الدين يترجمون الفوقية المعرفية ويرفضون القول بأن الناس أصحاب عقول.

فقهاء الدين قتلوا العقول وألبوا السلاطين على كل عقل يريد أن يفكر ويتدبر ويبتكر، لأنهم يعتقدون بالجمود وبإخماد الناس وإعتبارهم أنعام.

الإنتحار اللذائذي هو أحد أبواب الرفود والخلود، ومنهج ربما يكون مستنبطا من الحوارية ما بين هابيل وقابيل، أي سلوك هابيل المعبَّر عنه بآليات متوافقة مع موقفها والحالة التي تريد التمثل به .

وقد تكرر في التأريخ وذروة ترجمته كانت ملحمة الحلاج، وما آل إليه السهروردي وجهابذة الفكر والمعرفة ومنهم إبن رشد، إنه خيار الموت الخالد.

الإنتحار اللذائذي أن يَقدِمْ المرء على تأليب القوى، التي يريدها أن تقضي عليه لكي تبوء بإثمه، ويعيش خالدا في موته.

النبوة ظاهرة تفاعلية ما بين القوة الإدراكية والقوة الكونية، وبحاجة إلى مجاهدة تؤهلها للإعراج إلى كنه الذات العلوية.

الكشف والحدس تفاعلات إدراكية ما بين مدارات العقول العلوية، وفضاءات الكونية وتواشجها وتشربها بأنوار الدهشة والإمعان واليقظة العرفانية.

الكون كرة متناهية في الصغر لكننا نعيها مطلقة الكِبر، وفي الكرة المجهرية دروب ومسارات تأخذنا إلى الطوفان في أرجائها، فيمكن للعارف بمنافذ سبلها العلوية أن يعرج من مكان إلى آخر في الكون بلمح البصر، ووفقا لذلك فالمعراج قد حصل والإسراء قد تم، لأن الذي يقوم بهما إنكشفت أمامه أبواب كن وترامت قسمات الذات الأبدية.

العقل المفتوح يتسع لفضاءات الأكوان، ويستوعب مديات الأزمان،  ويتماهى مع الجوهر الكوني الفعال، وتنتفي حدود المدارك وينطلق الوعي المعبِّر عن المحتوى الكوني الأكبر.

فرضية وجود عالمين (دنيا – آخرة) تبنى عليها رؤى وتصورات وفلسفات غيبية المنطلقات، لا يمكن الجزم بها عقليا أو علميا، لنسبية العقل ومطلق الغيب، لكن العقل النسبي القدرات توصل إلى ما هو نسبي وليس مطلق لعجزه عن بلوغ المطلق، فالثنائية نسبية وليست مطلقة أو برهانية.

النبوة إرتقاء إدراكي وتواصل  مع مدارات الأفكار العلوية، فالإنسان يستطيع الإرتقاء إلى علويات إدراكية متفاوتة، تستوعب مطلق العقول في كون يزداد إتساعا ونماءً وقدرة على التوالد الأصيل.

السياحة الإدراكية ممكنة إذا إمتلك الإنسان مهارات الرياضة العلوية، وتسلق بمداركه سلالم الوجود الكوني المطلق، وفاز بمنافذ المسالك الكونية وطرقات التجوال في ميادينها التي تصبح في تناوله.

إبن سينا يحاول مزج العقل بالنفس وهذا مستحيل فالنفس تستعبد العقل، وهو أمر سهل للطرفين، أما أن ينتصر العقل على النفس، فذاك بحاجة لجهدٍ جهيد ونشاط مطلق ويقظة دائبة.

الفيلسوف يُعمِل عقله والنبي لديه خبرات نفسية وروحية وموهبة معرفية بالسلوك البشري، فينقاد له البشر عاطفيا وإنفعاليا وليس عقليا لأنه يجيد مخاطبة النفوس، وبضاعته الغيبية ينجح بتسويقها للناس عامة.

الفلسفة مبعثها السؤال الواعي أو الغير واعي، أي المصحوب  بالإندهاش والحيرة والإضطراب من ولوج عالم مطلق الأبعاد والإحتمالات.

فالمخلوق ينطلق من رحم أو بيضة، من عالم صغير آمن إلى عالم كبير يزدحم بالمخاطر، ويجابهه بحواسه وما عنده من قدرات إدراك، وتمثل وإستيعاب لما يحصل فيه من التفاعلات والتداخلات، التي بحاجة لجدٍ وإجتهاد للوصول إلى كنهها وفهم غاياتها وإستكناه ما فيها.

إنه التحدي الأعظم الذي يواجه أي مخلوق منطلق من كينونته الإبتدائية إلى مسارات البحث عن نهايته ورسم معالم خاتمته.

هذه التساؤلات المتراكمة المتزاحمة تصنع ما نسميه بالفلسفة أو البحث عن المعرفة اليقينية، التي هي ديدن الموجودات وأهم ما يدفعها للبقاء والرقاء، وتكرار محاولات البحث عن الجواب الذي تطارده كأنه السراب.

ولن تصل المخلوقات إلى جواب قاطع، لأن ذلك يعني أنها قد فقدت مبرر وجودها وديمومتها، مما يحتم إنتهاء حياتها.

أي أن خاتمة الحياة في أية بقعة كونية مرهون بقدرة أحيائها على القبض على جوهر اليقين وحالما يتمكنون فأنهم سينتهون، وهذا ما يشير إليه تجلي اليقين على جبل الطور، وما رافقه من تحذير وآيات معجزات ونذير.

الإدراك والتدارك عملية فيضوية متداخلة ذات نفحات برهانية وإستحضارات يقينية خلابة، تنعكس في مرآة الروح الولهانة للعشق النوراني الوهاج.

فهل ندرك حقا أم نتوهم الإدراك؟!!

وما هي آليات إيقاد المدارك وتمزيق الحجب؟!!

***

د. صادق السامرائي

كان الشاعر والفنان التشكيلي العراقي المعروف عبد الرحمن طهمازي معلما قبل عقود مضت ..وقد روى لنا ذات يوم احدى الحوادث التي مرت به حين كان يمارس مهنة التعليم في احدى القرى العراقية الصغيرة ..يقول طهمازي انه كان يسكن في بغداد ويذهب يوميا الى قرية خارج العاصمة ليمارس مهنة التعليم ..ذات يوم، هطل المطر بغزارة شديدة وغرقت المدرسة في بركة من المياه ..كان على المعلم الشاب ان يخوض في المياه والطين ليصل الى الشارع الرئيسي حيث يمكنه الحصول على واسطة نقل تنقله الى بغداد ..

حين خرج من الباب الرئيسي للمدرسة، فوجيء بعدد كبير من الطلبة وقد اصطفوا واحدا جنب الآخر لتتقارب اقدامهم ويتمكن المعلم من ان يدوس عليها بمساعدتهم حتى يصل الى الشارع دون ان يلطخ الطين حذائه ...اذهل المنظر المعلم وخجل من السير على اقدامهم لكنهم اصروا على ذلك فهذا ابسط ما يمكن ان يقدموه للمعلم الذي ينير طريقهم يوميا بالعلم والمعرفة ...

وحدثني زوجي أيضا عن معلمه الذي أخذه في بداية السبعينات مع طلبة الصف السادس الابتدائي من قريتهم الى مركز المحافظة ليقيم معهم في احدى المدارس طوال أيام الامتحانات الوزارية ويطهو لهم بيديه ويراجع لهم دروسهم وياخذهم الى المركز الامتحاني يوميا وبدون أي مقابل مادي، واذكر مدرسة اللغة العربية التي كانت تأتي الى مدرستنا يوميا في السادسة صباحا طوال فترة الامتحانات لتساعد الطالبات على المراجعة قبل الامتحان وبدون أي مقابل مادي أيضا ..

في المقابل، أرى أغلب اهالي الطلبة اليوم وهم يشاركون في سلف او يضحون برواتبهم لدفع اجور معاهد او قاعات الدروس الخصوصية التي يضطر الطلبة الى الالتحاق بها بسبب تقصير بعض المدرسين في ايصال المواد لطلبتهم او استسهال الطلبة انفسهم لعملية الدراسة بالاعتماد على غيرهم وهي معادلة أفرزتها الظروف التي مرت بالبلد وألقت بظلالها على التعليم فلم يعد الطلبة يمتلكون الأمل والطموح ذاته الذي كان يغذينا ويدفعنا الى بذل الجهود الفردية المضنية لتحقيق النجاح بمساعدة معلمين ومدرسين يخلصون لعملهم ويعتبرونه رسالة تسهم في صنع الأجيال وبناء الوطن ..تلك المعادلة التي أفقدت المعلم مكانته كرسول يستحق التبجيل ويمكن ان يتعرض للضرب والاهانة من طلبته او اهاليهم او القوات الامنية اذا ماخرج في تظاهرة ليطالب بحقوقه والتي جعلت الطالب يكره الدراسة وينتظر القرارات الجديدة من دخول شامل ومنح دور ثالث لينال النجاح او ربما ينتهج اساليب الغش وشراء الذمم ليعبر مراحل الدراسة بسهولة . وبعد ان كان الامتحان معركة يكرم المرء فيها او يهان أصبح التعليم مرحلة يمكن عبورها باستخدام وسائل مساعدة عديدة آخرها دخول كليات اهلية ترهق الأهالي لكنها تستقبل الطلبة مهما كانت مستوياتهم ضعيفة وباتالي يمكن ان يتساوى المجتهد مع الخائب ..

في عيد المعلم الذي استقبلنا به هذا الشهر سنظل نأمل ان تعود للتعليم هيبته وتعود للمعلم مكانته ويعود للطالب طموحه وجديته وسنظل نقتات من ذكرياتنا عن التعليم في سنوات مضت وعن المعلمين الكبار الذين احترقوا كالشموع ليضيئوا لنا دروبنا .

***

عدوية الهلالي

حول التلفيقية المنشور بصحيفة المثقف في 12 مارس 2023

بادئ ذي بدء اشكر الأستاذ علي فضيل العربي على اهتمامه وتواضعه في الرد على مقالنا، لكن ومن باب حق الرد أوضح بعض النقاط التي أراها أساسية لحساسيتها

أولا: أشار الأستاذ علي فضيل العربي إلى أن تكسير الطابوهات يعني التجديد والعصرنة والتطوير، في حين يمكن القول أن تكسير الطابوهات يعني إزالة الكبت والغموض والتحفظ عن اشياء ربما لم تكن مقدسة ولكن أعطيت لها هالة القداسة.

ثانيا: مصطلح الإخوان أعطيت له صبغة سياسية، لأن الكثير من وظف الإسلام في الممارسات السياسية ومنهم من استغل حبّ الإنسان لدينه فانجرف بعاطفته في أمور لم ينادي بها الإسلام كالعنف، ثم أن مصطلح الإخوان أطلق على الجماعات الإسلامية في مصر قبل أن يعمّم وتتبناه بعض الأحزاب الإسلامية في الجزائر وهي حركة مجتمع السلم، وكان رئيسها ابو جرة سلطاني يلقبونه بـ: "مراقب الإخوان"، ليس مهما طبعا أن نعرف إن كان هذا المصطلح قديما أم حديثا، ما يهم هنا كيف تم توظيفه سياسيا، وإن قلنا قديما فلماذا لم يطلق على أهل الكهف إذن اسم الإخوان؟، أما "الخلان" هم الإخوان الخلان أي المتحابون، الذين تجمعهم عقيدة واحدة ولهم قواسم مشتركة، والخلّان الذي تحدث عنهم الزاوي كل واحد له عقيدته (مسلم، مسيحي ويهودي) ولكن جمعتهم قضية واحدة هي مناهضة الاستعمار، والفرق شاسع طبعا .

ثالثا: لقد حاول صاحب التعليق أن يستدل بآيات قرآنية وهذا أمر عادي ولا غبار عليه، ولن أجادل في كلام الله لأني لست مؤهلة لذلك ولكن اقول أن ورود كلمة الإخوان في القرآن تشير إلى أمور كثيرة وهي تشمل صفات كالصدق والتضحية والعمل الجماعي والتآخي والتآزر، لا الأنانية والخيانة والإنقلابات، فكل جماعة تحمل هذه الصفات يطلق عليها الإخوان، والسؤال الذي أوجهه للأستاذ علي فضيل العربي طالما عبارة الإخوان واردة في القرآن، لماذا لم تجتمع الحركات الإسلامية في العالم العربي على كلمة سواء ولماذا فشلت في مسعاها في النهوض بالإسلام ونصرته وأنت القائل ان الأخوة مرتبطة بالإيمان وفقا لقوله تعالى (إنما المؤمنون إخوة)، ثم ألا يلاحظ الستا علي فضيل أن السياسة فرقت بين التيارات الإسلامية وشتت صفوفهم، فالإسلام يجمع ولا يفرق، يوحد ولا يشتت، يسامح ولا يعادي و..و..الخ

رابعا: أراد الأستاذ علي فضيل العربي أن يغلط القارئ (العربي) بإقحامه ما يحدث في الجزائر والصراع حول اللغة التي تعتبر جزءًا لا يتجزأ من الهوية، لاسيما اللغة العربية التي هي لغة القرآن، في حديثه في الفقرة الي تلت الأبيات الشعرية وسؤاله إن كان في الجزائر شَعْبَانِ، ربما الأستاذ فضيل لم يفهم ما كنت أرمي إلى قوله، فحديثي هو عن الشتات العربي في العالم العربي وما يعانيه المسلمون من قمع استعماري وتهجير ونفي أو في الحروب الأهلية مثلما نراه في فلسطين وسوريا لبنان والعراق، كذلك بالنسبة للجزائر والأستاذ فضيل عاش الأحداث التي وقعت في الجزائر منذ الربيع الأسود إلى غاية الحراك الشعبي مرورا بالعشرية السوداء، كل هذه الأحداث خلقت الانقسامية بين الجزائريين سواء في الجانب السياسي أو الثقافي (صراع النظام مع المعارضة، الصراع العروبي الأمازيغي والصراع العروبي الفرانكفوني) لكن وللأسف أجد أن الأستاذ فضيل المحترم استعمل عبارة استفزازية بسؤاله: هل في الجزائر شعبان أحدهما عربي والآخر جزائري؟ الحقيقة الأستاذ علي فضيل العربي طرح سؤالا ليثير قضية، أو أنه يريد توريطي في مشكلة ما، الحقيقة لم أكن أنتظر من مثقف أن يؤوّل الأفكار ويميّعها بهذه الطريقة، إلا إذا كانت له غاية معينة، خاصة حديثه عن الكرامة الإنسانية والحياء والقيم الأخلاقية والإنسانية.

 خامسا: أمّا عن فلسفة الروائي أمين الزاوي إن كانت مبنية على فلسفة إخوان الصفاء أم لا، أظن أن الكاتب أو الصحفي من حقه أن يطرح اسئلة للتبسيط والتوضيح وللإثارة أيضا، ولدفع الكاتب توضيحها او كشف حقائق مغيبة ومدفونة، أوضح هنا فقك أن الإثارة ليست من أجل الإثارة أو لخلق بلبلة أو زرع الفتنة أو إحيائها، بل لمعرفة ماهي دوافع أمين الزاوي أو كاتب آخر لاستعمال هذا المفهوم بالذات ( الخلاّن) لماذا لم يستعمل مصطلحا آخر كـ: ( الأصدقاء، الرفاق، الأصحاب، الأخيار، الشركاء وغير ذلك) أما استعماله الخلان فهذه الكلمة لها معنى أكثر عمقا، كونها تحمل مفاهيم مذهبية ارتبطت بفرقة من الفرق الإسلامية.

في الأخير:

أ‌- لقد أراد الأستاذ علي فضيل أن يوظف في مقاله النقدي مفاهيم لا علاقة لها بمقالي ولا حتى رؤية أمين الزاوي لها، عندما تكلم عن الحب والعشق، أراد توظيفه بهدف التمويه ولفت انتباه القارئ بأن المقال فيه نوع من "الرعونة"، فالحب والعشق لا يعني علاقة تربط بين رجل وامرأة فقط، فكثير ما نقرأ عن "عشاق الله" وقد أسهب شعراء الصوفية كثيرا في هذا المجال، ولن أدخل في هذا الموضوع، لأنه سيفتح بابا آخر للنقاش.

ب‌- أما أنه يرى اني اتبنى فلسفة تلفيقية فهذا شانه فلكل قناعاته، من جانبي ارى أن الناقد الحيادي ينتقد ذاته أولا، قبل ان يسلط لسانه وقلمه على ما يكتبه ويراه الآخر، وجب أن نحترم فكر الآخر حتى لو كنا نختلف معه في كل شيئ أو كان على غير ديننا، وهذه من سمات المثقف الملتزم.

ج- وبخصوص الوسطية أردت من خلال مقالي بأن ألفت القارئ إلى رؤية الزاوي إلى مفهوم الوسطية ومن هم المفكرين الذين يقفون مع المفهوم ومن يرفضونه، في الأخير أقول أن الأستاذ علي فضيل العربي حاول ان يميع بعض الأفكار بغرض التمويه ولا اقول الإساءة وعذرا.

***

علجية عيش

..................

للاطلاع

التلفيقيّة في مقال: أمين الزاوي ناقد تنويري كسّر بفكره وقلمه كل الطابوهات / بقلم: علي فضيل العربي

إثر اصدار السيد جواد الشهرستاني، "الوكيل المطلق" للسيد السيستاني في ايران، بيانا ادان فيه "اعمال الشغب" في ايران، أصدر مكتب السيد السيستاني في النجف على الفور، بيانا نصه: " باسمه تعالى، ننوه إلى الجميع أن سماحة السيد السيستاني دام ظله ليس لديه أي وكيل يعبر عن مواقفه السياسية. ويمكن معرفة مواقفه السياسية من خلال موقعه الرسمي فقط."

والحقيقة ان لا "الموقع الرسمي" للمكتب، ولا اية جهة أخرى باسم المرجعية، قد قدمت في الفترة الأخيرة أية مواقف سياسية، عدا حالة واحدة، وهي اقرب الى الشذوذ الذي يؤكد القاعدة، حين زار البابا المرجع في النجف، وحينها عبر السيد السيستاني عن مواقفه الإنسانية وبشكل خاص أعطى القضية الفلسطينية مكانة خاصة من الخطاب.. ثم ساد الصمت من جديد! ونلاحظ هنا أن زيارة البابا كانت إطلاقا لفعاليات لمؤامرة الديانة الابراهيمية، وربما لولا أهمية تلك المؤامرة بالنسبة لمن يدير الموقف، وحاجتها الى الزخم، لما جاء البابا ولما رأينا السيد لفترة أطول!

لقد بدأت ملاحظتي لاختفاء السيد من الساحة السياسية العراقية بشكل خاص بعد فشلنا في إيصال رسالة له كان تحتوي طلبا من السيد السيستاني من خلال مكتبه، تبيان موقف المرجعية من التطبيع بفتوى رسمية تبين بوضوح الموقف الشرعي من قضية التطبيع بالذات، وليس القضية الفلسطينية بشكل عام. وقد مر على الرسالة اكثر من عامين، ولم يصلنا أي جواب عنها حتى اليوم! ولم يكن الدافع وراء تلك الرسالة التي وقعها معي اكثر من 350 مشاركا، التأكد من موقف السيد السيستاني او اختباره، فموقفه من القضية الفلسطينية واضح تماما، إنما كان استعانة بمنزلته الكبيرة لدى الناس واستعمال فتواه حجة دامغة بوجه محاولات التطبيع النشطة والخبيثة التي تجري في العراق وبشكل خاص بعد زيارة البابا وحتى اليوم، وسيطرة الإعلام المعادي وسهولة وصول كلمة السيد إلى الناس لتنهي ما قد يكون لديهم من تردد، خاصة وأن هناك جهات تدعي الدين شيعة وسنة، ومن الشيوخ والسادة أولاد المراجع، ممن ساروا في ركاب التطبيع، ودخلت البضائع الإسرائيلية العراق ثم تجرأ أحد الأحزاب الجديدة ليعلن بصلافة وقوفه مع التطبيع وكذلك عقد مؤتمر تطبيع في أربيل شاركت فيه وزارة الثقافة بشكل غير رسمي، وأخيرا وليس آخرا، تم إقرار قانون وافق عليه البرلمان، وتحت اسم "قانون تجريم التطبيع"، كان الهدف الواضح منه، فتح ثغرة في قانون منع التطبيع السابق بسماحه بالزيارات الدينية، والتي يعلم الله الى اين ستقود.

كل هذه الأحداث أكدت ان قلقنا ودوافعنا لطلب عون السيد السيستاني كان في محله، وان من اعترض على ذلك بحجة ان الموضوع غير مطروح، ولو كان كذلك لبادر السيد بنفسه الى اصدار بيان به، كان مخطئاً، وان الخطر قائم بالفعل ويتقدم بنشاط متزايد. لم نحصل حتى اليوم، أنا وال 350 الذين وقعوا معي على جواب او تبليغ بوصول رسالتنا للمرجعية، رغم اننا ارسلناها خلال ما لا يقل عن خمسة طرق تبرعت بإيصالها.

ومثل هذا الموقف الذي ينتظر من السيد ان يقدم موقفا كما اعتدنا منه، مرت مواقف حرجة عديدة وتعرض البلد الى فتن متعددة ومخاطر كثيرة لكن الصمت كان دائما يلف مكتب المرجعية، وسط حيرة الناس ومحاولة الكثير من محبي المرجعية الدفاع عن ذلك الموقف والتأكيد ان كل شيء على ما يرام في المكتب. لكن هذا الدفاع لم يكن مقنعا، ومع مرور الوقت واستمرار الصمت، تزداد القناعة بين الناس بوجود مشكلة في المكتب وصمته، ويزداد القلق.

فعلى سبيل المثال، تم إيقاف خطبة الجمعة التي اعتاد الناس على متابعتها، ومن خلال ذلك، الاطلاع على موقف المرجعية من مختلف الأحداث التي تمر بالبلد، اثر جائحة كورونا. لكن المدهش ان إيقاف الخطبة استمر بعد انتهاء الجائحة وعودة التجمعات الدينية (مثل اربعينية الإمام الحسين) وغيرها. وكان هذا القرار باستمرار إيقاف او تعليق الخطبة اشد الإجراءات دهشة وتساؤلا لدى الناس. وقد حاول السيد الصافي تبرير ذلك الصمت في فيديو له، بالقول:

"للأسف ان بعض الكيانات السياسية لم تكن تستجيب لكثير مما بينته المرجعية. نعم الناس قد تطمئن وترتاح وهناك صوت يدافع عنها. لكن المرجعية لا تريد ان تخطب فقط، تريد ان الخطاب يؤثر. البعض كان استجابته ضعيفة جدا مع تكرار مضمون الخطبة في اكثر من مرة، الاستجابة كانت ضعيفة جدا. فإلى الآن لا يوجد قرار قريب في إعادة الخطبة، ما لم تكن هناك ضرورة اكبر من قضية التعليق." (الفيديو موجود على اليوتيوب).

هذا الكلام ملفت للنظر وغير مقنع. ان كان يكفي أن "بعض الكيانات السياسية" لم تكن تستجيب "لكثير" مما بينته المرجعية، لكي تتوقف المرجعية عن تبيان موقفها، يعني أن المرجعية تشترط ان تستجيب "كل" الكيانات السياسية لمعظم ان لم يكن كل بياناتها! وهذا شرط غريب وتعجيزي وغير معقول. وهو شرط يخرج المرجعية من المهمة التي اناطت نفسها بها. بل ان مثل هذا الشرط يتيح لـ"بعض الكيانات السياسية" الفاسدة، الفرصة لتتعمد اسكات المرجعية، بمجرد "عدم الاستجابة لها"، وتتخلص بذلك من تأثيرها الذي يهددها. إن مثل هذا الموقف قد يكون مفهوما لو أنك "تعاتب" القوى السياسية، وليس أن تحارب الفاسدة منها، كما هو المفروض.

هل كانت كلمة "بعض" رمزية فقط، والمقصود أن كل أو معظم الكيانات السياسية لم تكن تستجيب للمرجعية؟ حتى هنا يطرح السؤال: وهل تتكلم المرجعية من اجل ارشاد الكيانات السياسية ام المسلمين؟ من الواضح ان الكثير من خطابها كان موجها مباشرة الى الشعب، ان لم يكن كله. فمثلا الدعوة الى التصويت على الدستور، لا علاقة له بالكيانات السياسية! وهذا ينطبق على بقية البيانات لو راجعناها. وفي فتوى الجهاد ضد داعش استجاب الناس بشكل كبير جدا وبشكل كفى لدحر الخطر عن العراق!

وفوق ذلك، من غير الصحيح ان "الكيانات السياسية" لم تكن تستجيب للمرجعية! فالمتداول ان المرجعية من الجهات التي لا تستطيع حكومة ان تشكل بدون موافقتها او مباركتها، أو على الأقل عدم اعتراضها. وقد ذكر ذلك علنا احد قادة الفصائل المقاومة في لقاء علني على التلفزيون إجابة عن سؤال حول كيفية الاتفاق على المرشح لرئاسة الحكومة.

كذلك فقد أضاف عادل عبد المهدي في كتاب استقالته من منصبه، انه فعل ذلك نزولا عند رغبة المرجعية! وبالفعل كان لدى المرجعية من خلال خطب ممثليها، دعوات واضحة للبرلمان لتغيير السلطة! ونلاحظ هنا أن المرجعية (او مكتبها) قد مارس سلطة لم يمارسها حتى الآن الولي الفقيه في إيران. فلم يسبق له ان طلب من البرلمان اقالة حكومة أو من رئيس حكومة منتخب ان يستقيل! وهذا أمر يستحق التوقف عنده كثيرا، فمن الناحية العملية فأن مكتب المرجعية يمارس بالفعل صلاحيات الولي الفقيه، رغم عدم اعترافه بها كمبدأ أساسي في سياسته!

إذن، فللمرجعية تأثير هائل، وهي اكثر جهة تحظى بالطاعة في العراق، وبالتالي فأن السيد الصافي لم يقل الحقيقة حول سبب "تعليق" خطبة الجمعة، ولا نعرف السبب الحقيقي وراء القرار. ولنلاحظ أيضا، ان طريقة كلامه لم يقل بشكل مباشر أن قرار تعليق خطبة الجمعة هو قرار من السيد السيستاني نفسه. ولا تحدث عن تاريخ صدوره ولا تفاصيل رؤية السيد السيستاني لاحتمال عودته ومتى، بل كان يتحدث بشكل اقرب إلى من يتحدث عن قراره هو شخصيا ويعبر عن "غضبه شخصيا" من عدم استجابة الساسة!

ويصبح هذا ملفتا للنظر، إن تذكرنا ان السيد الصافي سبق ان اعلن بعد بيان له، اثار لغطا، ان ذلك البيان كان رأيه الشخصي ولم يكن رأي السيد السيستاني! فكم يا ترى مما قال السيد الصافي سابقا هو رأيه الشخصي، مما لم يثر اللغط ليدفعه للاعتراف بذلك؟

إن غياب المرجعية التام عن الوضع السياسي العراقي مباشرة بعد تسلم عميل السفارة الكاظمي الحكم وارتكابه الجرائم الأكبر بحق العراق، أمر يثير الاستغراب والقلق. كذلك مثير للقلق عدم ابداء السيد السيستاني رأياً في مضي السوداني بكل العقود المدمرة التي وقعها الكاظمي وزاد عليها، ومضي السوداني ليوقع عقود التراخيص الخامسة مع شركات مشبوهة ومحظورة في القائمة السوداء في العراق وتصريحه المشين بحاجة العراق لبقاء الجيوش الأجنبية فيه واستخدامها العراق كمرر لوجستي الى سوريا التي تحتلها!

هذا إضافة إلى أن التكتم العام على السيد السيستاني عموما، غير مفهوم. فلم ير الناس السيد إلا في مناسبات نادرة جدا ربما لا تزيد عن مرتين في تصوير قصير جدا. وقد أتاح ذلك للبعض اثارة بعض البلبلة بالادعاء أكثر من مرة، بأن السيد (اطال الله عمره) قد فارق الحياة! والملفت للنظر ايضاً ان حالات التصوير النادرة التي نقلت، ومنها لحظة لقائه بالبابا، كانت بدون صوت! فما هو المبرر لذلك؟ وما الداعي لكل هذه السرية والتكتم على ظهوره؟

هذه المقالة هي الثانية والأخيرة في موضوع غياب السيد السيستاني بشكل عام، وقد نشرت الأولى أمس بعنوان " ما موقف المرجعية من قانون الانتخاب ومن يزوره"، والتي ركزت على خطبة ممثل المرجعية السيد أحمد الصافي والتي كان قد هاجم فيها نظام الانتخابات النسبي للمحافظات بشدة ووصفه بالمنحاز للأحزاب وغير المنصف، وبينت من خلال فيديو آخر للحاج حامد الخفاف أن كلام السيد أحمد الصافي لا يمكن أن يكون من السيد السيستاني لأن السيد السيستاني هو نفسه من ألح لإقرار قانون الانتخابات الذي وصفه السيد الصافي بالتحيز وانعدام الإنصاف وغيرها من الصفات.

لقد ترددت طويلا في نشر هذه التساؤلات لحساسية الموضوع، لكني اشعر أن البلد يسقط بسرعة في يد اعدائه ويسير في نهج التطبيع، ولست متفائلا بتلك المسيرة، ولا مفر من استدعاء كل ما يمتلك البلد من قوة ومن أهمها مرجعية السيد السيستاني لوقف الانهيار. فلم يعد انكار وجود مشكلة ممكنا، بل ان التصور ان السيد السيستاني يعلم بكل شيء ويسكت عنه بإرادته، اتهام ابرئ السيد منه لما عرف عنه من مواقف عظيمة في الماضي انقذت العراق مرتين على الأقل، من التدمير. لذلك فإن تجمع كل هذه التساؤلات يثير علامات استفهام غير مجاب عنها، وهي تنتشر ليس فقط بين المغرضين ضد السيد السيستاني بل أيضا يثير هذا الغياب القلق والتساؤل، بين محبيه واتباعه، ومازال بدون جواب، مثل رسالتنا التي طلبت فتوى عن التطبيع قبل أكثر من عامين، ولا تفسير لذلك غير انها منعت من الوصول اليه، مثلما منعت الاخبار التي لا يراد لها ان تصله، فلم يكن له منها موقف.

***

صائب خليل

 

"اعمل ليومك وكأنه آخر يوم في حياتك، فأحدها سيكون كذلك"

مقولة فيها من الموعظة الكثير، وتتضمن التحذير والإنذار والحث والنصح، ولعل فحواها شجعني على إتمام مشروع كنت قد شرعت فيه منذ سنتين، إلا أن الساعات الأربع وعشرين اليومية، لم تكفني ولم تسعفني على المضي فيه نحو الكمال، وها أنا أعود الى حجر أساسه لأكمل ماتوقفت عنده.

ذاك هو مشروع جمع مقالاتي وطبعها في سلسلة كتب، وقد قال لي أحد القائمين على هذا: عليك ان تبوِّب موضوعاتك حسب نوعها، والغاية التي كُتبت لأجلها.. أقول:

معلوم ان إنشاء أي مقال او أية مادة إعلامية مقروءة كانت او مرئية او مسموعة، يتطلب من كاتبه مقومات عدة ليضمن وصول مايهدف اليه أمام أنظار القارئ والناظر او الى مسامع السامع، وفي صدارة تلك المقومات وحدة الموضوع. إذ تعلمنا ان تحديد موضوعنا ووضعه داخل إطار اهتمامنا، يعد حجر أساس للمقالة اوالبحث اوالتحقيق اوالخبر الصحفي الذي نروم إنجازه، ومن داخل ذاك الإطار نتنقل بين جوانب الحديث، ونتناول ما يسهم في إيصال الفكرة والغاية من طرحها، وبهذا نضمن ان لايتشعب الموضوع ويتميع الهدف ويتوارى عن القصد من جملة العمل الإعلامي.

وبما ان الشـأن العراقي في كتاباتي هو الغاية والقصد، وفي ذات الوقت هو الوسيلة والحجة، فأني بوضع حجر الأساس لأي سطر من سطوري هذه، أشعر باني عراقي بأضعاف كثيرة، تربو على الأربعين مليون ضعف، فانا الكاتب وانا القارئ، وانا القاصد وانا المقصود، وانا الذي أعاني- ولطالما كنت كذلك- وانا الذي أنقل المعاناة، وأنا المرسِل وأنا المرسَل اليه، وأنا الذي أزف البشرى-ونادرا ما أعثر عليها - وأنا الذي أفرح بها. وبهذا أشاطر أساتذتي وزملائي صائغي الكلمة الحرة والصادقة بأداء خدمة وطنية وإنسانية في كتاباتنا، أرى انها أقل مايمكن ان نقدمه للفرد العراقي.

لكن المعضلة التي تعترض سبيلنا وتقف (سكين خاصرة) في طريق تحقيق غايتنا، هي الآذان التي نقصدها ونطرق بابها، لنريها ماننزفه على الورق من هموم بلدنا وشعبه، إذ عادة ماتكون تلك الآذان صماء، ويتناسب صممها طرديا مع مركزها في البلد ووجاهتها في المناصب، لاسيما تلك التي تجلس وتتربع على كرسي تحت قبة من القبب، اوفي مجلس من المجالس، او تحت وصاية كتلة او حزب يخال ان العراق ملك صرف له ولـ (الخلفوه)، وقطعا من يكون هذا حاله يتبوأ مقعده خلف حصانة منصبه ومرتبه وحمايته وقد يأتي مدده من خارج الحدود، واضعا بهذا كتلا كونكريتية بينه وبين رعيته فشعاره غالبا مايكون: (ياروح مابعدك روح) وهو الذي انتخبه الشعب ليحقق له بعض مابخسه السابقون.

نعم، فمداد أقلامنا ملأ دجلة والفرات، ومع هذا فسياسيونا على مابدا لايجيدون قراءة هموم شعبهم، في وقت هم ملزمون على أداء ما منوط بهم من واجبات، في إزالة همه وتوفير سبل العيش الكريم له، وهذا قطعا من صلب واجبهم.

وعود على بدء، فأنا ملزم بوحدة موضوعي في كل عمود وسطر أنزفه، والتزامي هذا مزدوج، فهو مهني وانساني في آن واحد وآنية واحدة. لكنني في حقيقة الامر أعاني حين أبحث عن وحدة لموضوع العراق، فهو بكل همومه وأحزان شعبه، بأفراحهم وأتراحهم، بأمنهم وقلقهم، ببناهم التحتية ومشاكلهم السياسية والاقتصادية والخدمية، بالعاطلين عن العمل، بانواع الخلل والفسادات المالية والإدارية، الى استشراء الرشاوى، الى تدهور الكثير من الشؤون العراقية، كلها تجتمع في موضوع واحد، ليس بالإمكان تجزئته، فالإنسان العراقي هو وحدة واحدة لاتتجزأ، لذا فمن الصعب ان يكون موضوعي متعلقا بشأن عراقي دون باقي الشؤون، او بعراقي دون الباقين، ولا أظن ان هناك فرقا بين كاتب وقارئ، فالكل يعيش في هذا البلد، والكل يستنشق هواءه الـ (عذيبي) فينعم به، وإذا كان (شرجي) فالكل يصدع رأسه على حد سواء، وبهذا تكون وحدة الموضوع في عراقنا متداخلة ومتشابكة وليس بالإمكان تجزئتها.

***

علي علي 

متربع على عرش اكبر مؤسسة مالية ليبية (البنك المركزي -بيت مال الليبيين) لأكثر من عقد من الزمن، أثناء الأزمات يقيم بالخارج خوفا على نفسه، لم يفلح البرلمان الذي  يعتبر السلطة التشريعية في اقالته، لأنه  مدعوم  من الغرب، يجتمع مع السفراء والمسؤولين الأجانب، يلبي دعوة داعميه الأجانب، يسافر اليهم على عجل، يسمع توجيهاتهم، ينفذ أوامرهم بالخصوص، غير ابه بمن هم في السلطة بطرابلس، كثيرا ما نراهم يطلبون وده لتسييل الاموال لهم لتثبيت اركان حكمهم من خلال دعم الميليشيات الجهوية، والأمر لا يخلو من وجود مصالح مشتركة بينه وبين مغتصبي السلطة بالعاصمة.

احد المسببين في استنزاف الاموال العامة من خلال عقود استيراد السلع التي لا يورد معظمها، بل تذهب مبالغ تلك العقود الى حسابات اصحابها بالخارج، لم يمتثل المحافظ لأي جلسة استماع من قبل البرلمان، وبالتالي يعمل بحرية مطلقة، إنه الحاكم الفعلي او لنقل المندوب السامي المفوض بتسيير الشؤون المالية لدولة لا تزال تحت الفصل السابع، أما الحديث عن استقلالية الدولة والمطالبة بعدم التدخل الاجنبي في شؤون البلاد من قبل بعض ساستنا عندما لا تتماشى الامور وأهواءهم، فنقول لهم، في احسن الأحوال انكم من تسببتم في ايصالنا الى هذا الوضع المتدهور اقتصاديا وامنيا على مدى عقد من الزمن.

لا يشك احدا ان هناك تدميرا ممنهجا للاقتصاد الليبي، فارتفاع الاسعار من خلال رفع الدعم الحكومي عنها ادى الى رفع الرواتب الأمر الذي لم تتحمله الخزينة  العامة، فاستوجب تعويم العملة المحلية بنسبة 80% ،ما ادى الى ارتفاع السلع مجددا، فلم يعد الراتب  يكفي لشراء السلع الضرورية للعيش

تعويم الدينار جاء من قبل لجنة مختصة لتسوية مصروفات الاقتتال الداخلي والتغطية على  الفساد المالي من قبل الاجهزة المختلفة ، على ان يراجع سعر الصرف بصفة دورية وكبح جماح التضخم، ليستعيد السوق عافيته ويتمكن المواطن من سد احتياجاته.

كلام الكبير مؤخرا بانه لا يمكن  خفض سعر الصرف لان الدولة تعتمد كليا على بيع النفط كلام مردود عليه، فهناك عديد الدول تعتمد ميزانياتها على ايرادات النفط والغاز فقط ومنها الدول الخليجية ورغم ذلك فان عملاتها لاتزال تحافظ نسبيا على قيمتها الشرائية ولم يتأثر مواطنيها كثيرا بالأزمة  الاقتصادية العالمية.

حديثه عن تنويع مصادر الدخل لإحداث وفرة في الايرادات،ترى ما الذي منعه وحكوماته المتعددة من تحقيق ذلك خلال العقد المنصرم، هل قدم لهم الراي والمشورة بالخصوص لكنهم لم يستجيبوا لذلك؟ خلال العقد الماضي لم نلاحظ انشاء أي قلعة صناعية او زراعية من شانها التخفيف من الاستيراد وتحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي، بل شاهدنا وبكل اسف تدمير القلاع الصناعية المختلفة والمشاريع الزراعية التي كانت قائمة، والنتيجة اغراق السوق الليبي بمنتجات الدول التي لها مصلحة في بقاء الوضع الحالي وللأسف فان غالبية السلع المستوردة لا تتوافق والمواصفات القياسية الليبية وبعضها منتهي الصلاحية.

اما بخصوص لو تم خفض سعر الصرف فان ذلك سيؤدي الى الالتجاء الى الاقتراض من الخارج وبالأخص صندوق النقد الدولي وشقيقه البنك الدولي، فأقول هذا هو المخطط الذي ينوي وجماعته تنفيذه ،فليبيا رغم الظروف التي مرت بها، لكنها لم تقترض من المؤسسات المالية الرأسمالية التي تهدف الى تجويع الشعوب واخضاعها لسيطرتها، من خلال الطلب من الحكومات رفع أسعار السلع والخدمات، للإيفاء بإعادة القروض وفوائدها التي عادة تكون مرتفعة، ومن ثم اثقال كاهل المواطن وتبدا دوامة الاضرابات والمطالبة برفع الاجور وخفض الاسعار التي لن تنتهي ويحدث الصدام بين الشعب والحكومة وذاك ما يريده الغرب وينفذ بأياد محلية همها الاثراء الفاحش على حساب الشعب.

لقد اتضح لنا وبجلاء ان السيد محافظ  البنك المركزي وعلى مدى 12 عاما الماضية، يعد أبرز معاول الهدم والتدمير لاقتصاد بلد لم تلتجئ يوما الى صناديق اذلال الشعوب وتجويعها.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

الكلمة فقدت قيمتها، والكتابة أضاعت بوصلتها، والأقلام تحولت إلى حِراب للطعان.

فأين الفكر؟

ليس تشاؤما ولا إنهزاما، بل مواجهة صريحة قاسية مع واقع يأكلنا وأنياب تمزقنا، ونحن في ذروة السكر والغفلة والغثيان، كأن الأرض تدور بنا لوحدنا.

أيامنا نواعير دموع ودماء، ولنحيبها وأنينها أصداء في أرجاء المعمورة الطافحة بالمستجدات.

ملكنا كل شيئ وما فعلنا شيئا!!

ركبنا حصان الأوهام وغرنا على أهوال السراب، وعدنا بخفي حنين!!

وما ألقينا عصانا ولا إسترحنا من مسيرٍ بلا أمل!!

الساميات تحولت إلى نفايات، والرذائل إلى فضائل، والدين إلى أنين، وكل مَن عليها مات بإسم الدين الذي حوّلوه إلى بضاعة للمتاجرة بالبشر المرهون بالتضليل، والمقبوض على أعناقه بأساطين الخداع والضغينة.

كانت الدنيا مشرقة فأمست مغبرة ذات عقابيل إنتهاء وبلاء حتى أكلَ الخسيسُ الطيبَ، وغابت ملامح التفاعل السامق مع الأيام.

كنا نتحدث بلغة الحب، وإذا بنا كالخرسان نجيد التواصل بالإشارات المبتورة والطاقات المهجورة.

مَن أودعَنا في أوعية الخراب والدمار؟

مَن قهرنا بما نملك؟

وأحرقنا بنار النفط، وبأموال الغادرين؟

إنها لعبة الإستحواذ على مصير أجيال تلهو ببعضها، والمتربص بها يأكل منها كما يشتهي.

والعمائم المفتونة بالغنائم، تترنم بفتاوى إنتهاك حرمات الوجود، وتسعى بإسم ربها لإستعباد البشر، وترى أنها تنوب عن الإله.

وقل طارت عمامة وحطت عمامة، والبشر تحت رحمة عمامة، ولكل منها إمامه!!

***

د-صادق السامرائي

 

في الجزء الأول من الفيديو المرفق (رابط في الأسفل) يتحدث ممثل المرجعية السيد أحمد الصافي، عن ضرورة تغيير قانون الانتخاب النسبي المطبق وقت الخطبة، إلى قانون "منصف" و"لا يتحيز للأحزاب والتيارات السياسية" و "يمنح فرصة حقيقية لتغيير القوى التي حكمت البلد...إذا أراد الشعب تغييرها"!

السيد الصافي يلمح تلميحا واضحا (دون ان يذكر صراحة، وهذا خط رجعة احتياطي يستعمل للإنكار إذا تبين خلل المنطق في الادعاء المذكور) الى ان النظام النسبي الذي كان معمولا به وقت الخطبة كان متحيزا للأحزاب وغير منصف ولا يمنح فرصة حقيقية لتغيير الحكومة حتى اذا أراد الشعب ذلك!

هذا طبعا خطأ كبير وخلط للمفاهيم لا يمكن للمرجعية (السيد السيستاني) المطلع بشكل جيد حسب علمي على القوانين، ان يقع فيه. فالدارس لأنظمة الانتخابات يستطيع الاطلاع على مميزات كل نظام، وسيعرف ان النظام النسبي هو الأفضل والأكثر تمثيلا للناخبين، ومناسب خاصة بالنسبة لبلد مثل العراق، وان النظام الفردي (الذي كان المرشح الوحيد كبديل في الإعلام ويكثر الحديث عنه، ولم يعترض عليه السيد الصافي) ليس فقط هو الأسوأ بينها على الإطلاق، وانما، (وإن كان يبدأ بترشيح نواب مستقلين)، ينتهي غالبا بعد دورة أو أكثر، بتقسيم البلد الى كتلتين انتخابيتين كبيرتين يكاد يستحيل تغييرهما لاحقا! وانصع مثال عليها هو بريطانيا التي تتبعه والمقسمة بين "العمال" و "المحافظين"، ويكاد يستحيل على الشعب تقديم بديل لهما بالانتخابات!

لكن هذا ليس اخطر ما في موضوعنا. الأخطر هو أن ادعاء السيد الصافي لا يمكن ان يكون صادرا من السيد السيستاني نفسه، لأن ألسيد السيستاني هو من بذل الجهد والضغط ليفرض هذا النظام نفسه الذي يهاجمه الصافي باسم المرجعية، ويلمح بأنه "غير منصف" ومنحاز ولا يمنح فرصة حقيقية لتغيير الحكام! وقد جاء ذلك على لسان ممثل المرجعية في لبنان الحاج حامد الخفاف، كما يبين الجزء الثاني من الفيديو، والذي جاء حديثه بعد تغيير نظام الانتخابات الأول، وبين كم بذل السيد السيستاني من جهد وإصرار على إقرار ذلك النظام الذي طالب الصافي بتغييره ولمح بعدم انصافه الخ! فكيف تهاجم "المرجعية" نظاما كانت هي السبب الرئيسي وراء إقراره وتتهمه بعدم الإنصاف؟

وهنا قد يقول قائل: نحن رأينا حالات نواب محددة تبين "عدم انصاف" النظام النسبي (الذي يسميه البعض سانت ليغو) حيث يفوز نائب ويخسر آخر رغم ان الخاسر حصل على أصوات اكثر من الفائز، فكيف تفسر هذا النظام الظالم الذي يقول الخفاف ان المرجعية فرضته؟

هذا يحتاج لشرح طويل بمقالة خاصة به، لكن حتى ذلك الحين اليكم هذا التوضيح المختصر:

الحقيقة هي ان هذا "الظلم" من قبل النظام النسبي، لأفراد مرشحين، هو ظلم ظاهري فقط تم استغلاله بشكل بشع فترة تظاهرات تشرين وقبلها من المشبوه اثير ادريس لشيطنة نظام الانتخاب النسبي. والخلل "ظاهري" فقط، لأن النائب الفائز بالأصوات الأقل، يكون قد فاز بأصوات حقيقة مضافة اليه، أعطاه إياها بشكل غير مباشر، ناخبون من خلال التصويت لكتلته، ولم تحتسب باسمه عند الفرز. وهذا ليس خللا حقيقيا ولا يعيب أساس النظام لأنه لن يرفع كتلة لتفوز بأصوات أقل ويخفض كتلة لتخسر ولديها أصوات أكثر. بالمقارنة فأن النظام الفردي هو الذي قام بهذه العمل المختل ورفع كتلة الصدريين الفائزة بعدد اقل بكثير من الأصوات وسلمها مقاعد اكبر من الإطار الفائز بالأصوات الأكثر بكثير!

يبقى ان نقول كلمة لإكمال الموضوع وهي ان النظام النسبي للمحافظات ليس متحيزا للسنة كما قد يفهم البعض من كلام الحاج الخفاف. وهو ليس متحيز، لأنه لا يمنحهم إلا ما تستحق نسبة سكان محافظاتهم وفق الدستور. إنما توجه السيد السيستاني الى ذلك لإصلاح خلل مؤقت تسببت به قيادات السنة في وقتها بتحريم الانتخاب فحرمتهم "حقهم" من المقاعد، وهدد الوضع بجعل التمثيل السياسي "شيعي – كردي" فقط، فأعاد السيد السيستاني للسنة حصتهم ومنع حدوث ذلك الخلل بحقهم. والآن وقد انتهى هذا الأمر، ربما يكون للعودة الى نظام الدائرة الواحدة (وهو نسبي أيضا مثل نظام المحافظات السابق الذي دعا اليه السيد السيستاني) خطوة الى الأمام، كما أوضح الحاج الخفاف في نهاية الفيديو. وطبعا السيد الصافي لم يكن يقصد هذه العودة الى الأفضل لأن النظام النسبي برأيه لا "يمنح فرصة حقيقية لتغيير القوى التي حكمت البلد"!

وهكذا نرى أننا أمام كلمتين متناقضتين تدعي كل منهما انها قادمة من المرجعية، ومن الواضح أيهما هو الصحيح والمدعوم بالمنطق والإشارة إلى أحداث حقيقية، وهو رأي الحاج حامد الخفاف برأيي. وبالتالي نستنتج أولا ان المرجعية لا تدعم وربما لم تبد أي رأي في موضوع تغيير نظام الانتخابات بعد تشرين، وبالتالي لا يوجد أي مانع من العودة الى النظام النسبي. ومن ناحية أخرى فهو يعني ان السيد أحمد الصافي لم يعد اليها بل كان يتكلم ممثلا أما عن نفسه أو جهة أخرى!

وكيف يتجرأ السيد احمد الصافي ان يفعل ذلك باسم المرجعية؟ لا تفسير لذلك إلا ان تكون المرجعية محاصرة لا يتم اطلاعها على ما يجري في البلد، سوى ما تسمح به المجموعة المحيطة بها!

https://www.youtube.com/watch?v=ANwTDHF42v0

***

صائب خليل

فيض نهر

عند كل فجر ينصب فخاخه

تحت الأشجار الوارفة

كفزاعة الطير ينتظر

ينسى بأن المطر من عشقه للعصافير

يصير نهرا

لكي يزداد الأفق زرقة

يفيض النهر عشقا وسفرا

لكي يزداد الشجر الشامخ خضرة

تفيض المياه وديانا

يصير النهر شلالا

فتضيع نتف الخبز

وأسلاك الفخاخ

فسلاما لفيض الماء

وسلاما لتدفق المطر

وسلاما لأجنحة الطير

وهي تنشر فوق مياه النهر سلاما

**

نور وأنوار

لاشيء يخفي نور الشمس

إذا ماهي سطعت

لا القمر يبقى في عليائه  قمرا

ولا ضياء النجم يبقى  ضياء

فسلاما على نورها وأنوارها

في البر والبحر

إن هي أشرقت

***

عبدالرزاق اسطيطو

 

الشبهة الرابعة

تكاد تُجمع المصادر التاريخية المتواترة أن عمر النبي محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه هو خمس أو ست وعشرين سنة حين تزوج السيدة الجليلة سيدة نساء العالمين خديجة بنت خويلد عليها السلام إلا أن الاختلاف والخلاف في عمر السيدة خديجة حيث تراوحت المصادر والروايات التي قدرت عمرها الشريف بين ( 25-45) سنة وهل كانت بكرا أو ثيبا هنا آراء المؤرخين والرواة كالآتي.

- قال أبن عباس رضي الله عنه 28 سنة.

- قال أبن إسحاق أن عمرها 28 سنة.

- قال أبن كثير نقال عن البهيقي عن الحاكم أن عمرها تراوح بين 25-35 سنة.

- قال أبن الأثير 25 سنة.

- وذكر كثيرا من رجال الدين وكما تناقلته الكتب والسير القديمة أن عمرها حين بنا بها رسول الله صلوات الله عليه هو 40 سنة حيث أنها ولدت قبل عام الفيل بثلاث سنوات وأنها عاشت 15 عاما قبل البعثة المباركة وعشر سنين بعد البعثة النبوية.

وأختلف المؤرخون في عمرها حين توفيت بين 50-52-64-65سنة وتوفيت في السنة العاشرة من البعثة كما ذكر البلاذري وأبن شهر آشوب أن السيدة خديجة بنت خويلد عليها السلام كانت عذراء على العكس من كثير من كتاب السيرة والأحاديث والمرويات التي تصدت لهذا الأمر وهم كتاب متأخرين عن الحدث حيث أن

- محمد بن إسحاق المطلبي توفي سنة 151 هجرية.

- النيسابوري توفي سنة 405 هجرية.

-البهيقي توفي سنة 458 هجرية.

-أبن كثير توفي سنة 774 هجرية.

أن الرواة وكتاب السيرة لم يذكروا لنا دين السيدة خديجة بنت خويلد بوضوح وهل كانت من الموحدين والحُمس القريشيين أم كانت نصرانية على دين أبوها وعمها وأبن عمها ورقة بن نوفل ولو استعرضنا حياة السيدة الفاضلة خديجة وزواجها من النبي المصطفى تواجهنا كثيرا من التساؤلات والشبهات التي دسها الرواة والكتاب المحسوبين على السلطة و ذلك يستوجب الوقوف أمامها لاستبيان الحقائق المستخلصة منها ومن هذه الشبهات هو عمرها حين تزوجها النبي وهو ال 40 سنة وقد أنجبت له كما تذكر المصادر ولدان وثلاث بنات علما أن هذا السن الحرج لا يسمح للمرأة بالإنجاب عقلا وفسيولوجيا لجسد المرأة.

وهناك سؤال يدور في الأذهان كيف لفتاة بكر كبيرة في العمر كما يدعون تتزوج من شاب في مقتبل العمر (25) سنة كان راعيا للأغنام فقيرا أميا لا يقرأ ولا يكتب ومن قوم ضعاف من وسط بني هاشم مقابل مكانتها المرموقة اجتماعيا وماديا ودينيا حيث أن أباها خويلد سيدا في قومه وأبن عمها ورقة بن نوفل بمرتبة الأنبياء الفترة من الديانة الحنفية وفي مجتمع قبلي قاسي لا يقبل هذه الفكرة كما أن ليس هناك مبرر على أن يتزوج النبي محمد صلوات الله عليه من سيدة ثيبا تكبره في العمر بعد زوجين قبله كما يزعم المؤرخون ولا مصلحة سياسية ولا اجتماعية ولا مادية في زوجه عليها السلام تزداد عليه الوجاهة في المركز الاجتماعي والمالي خصوصا نحن نعلم أن السيدة الفاضلة ليست ببعيدة عن بني هاشم ولا عن ديانتهم التوحيدية الحنفية وصلتها المقربة من النبي حيث تلتقي به عند جده الأعلى قصي بن كلاب وهذا دليل على معرفتها به ومعرفته بها جيدا وهذا صعب التصديق لما نقل عن هذا الموضوع حيث أن النبي الكريم يعرف أنه حامل لواء مشروع الرسالة السماوية للناس جميعا كنبي مرسل من الله تعالى لقومه وللأمة العربية والزواج بهكذا طريقة سوف يسبب إحراجا وتهما من أعدائه على أنه إنسان وصولي ومادي وانتهازي واستغلالي لأموال زوجته مستغلا حبها وهو نقصا نفسيا ومثلبة وموضع انتقاد في المستقبل للنبي الأعظم وخصوصا بعد إعلان دعوته الإسلامية. فلماذا كل هذه الضوضاء والأحاديث عن زواجه الشريف والمتاهات التي رسمها كتاب السيرة النبوية حول عمر السيدة خديجة وأشبعوها بالصور والآراء التي ضاع في ممراتها المسلم والغير مسلم الباحث عن الحقيقة فهناك الكثير من علامات الاستفهام لهذه المقاصد والغرض منها واضحا وهو ضياع سيرة النبي محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه والإساءة له في كل شيء وما زال العالم الإسلامي يدور في فلك الرواة والإخباريين القدامى المصرين على دفن الحقائق.

***

ضياء محسن الاسدي

ربما للوهلة الأولى يجد القارئ أن الأزمة بين الحكومة الاتحادية وبين حكومة إقليم كردستان لاحل لها، وأن الملفات بين الطرفين غلقت والمباحثات والنقاشات انتهت، وهذا ما تعكسه بعض الفضائيات والأقلام التي تحاول تخريب وتأزيم وتعكير أي علاقة بينهما، أو التشويش على انجاز الحكومة في هذا الملف الحساس والمهم.

بعد أكثر من خمسة أشهر على تشكيل حكومة السيد السوداني ربما يراهن البعض على إن الجمود السياسي قد يواجه الأخير، خصوصاً بعد الأزمة الأخيرة بين حكومته وبين إقليم كردستان، ما يهدد تقويض جهوده للاستقرار ولملة ميزانية الدولة التي بات المواطن العراقي بأمس الحاجة لها، حيث تعهد السيد السوداني بإصلاح الاقتصاد ومحاربة الفساد وتحسين الخدمات العامة المتدهورة ومكافحة الفقر والبطالة.

الحزبان الكرديان (الوطني- الديمقراطي) ومعهما من الأحزاب الإسلامية الأخرى شكلوا جزءًا مهماً من أئتلاف إدارة الدولة والذي أستطاع بسرعة وحكمة من تشكيل حكومة السيد السوداني، ويمتلكون الجدية في حلحة الملفات العالقة بين كردستان وبغداد، وبما يخدم المصالح المشتركة للشعب العراقي بكل مكوناته، ما جعل ملف الخلافات يفتح من جديد، ولكن هذه المرة على أساس الشفافية والثقة والجدية في حل الأزمة والانتهاء منها، بعيداً عن لغة التخوين بين الطرفين، وبدون قيود من اجل إنهاء هذه الخلافات معتمدين في حلها على بنود الدستور والقوانين التي كفلها الدستور.

العلاقة الجادة والهادئة بين حكومة السوداني وإقليم كردستان من شانها أن تكون اللبنة الأولى في توثيق عرى الثقة بين الطرفين، والركون إلى الحوار الجاد، ومناقشة الملفات بروج الأخوة بعيداً عن التخوين أو الاتهامات المتبادلة، خصوصاً وأننا نتابع إن هناك وفوداً كبيرة ورسمية مهمة تأتي من الإقليم إلى بغداد وعقدت الكثير من الجلسات الحوارية والمناقشات المستفيضة من أجل الوصول إلى الحل النهائي لكل المشاكل العالقة بين الطرفين.

نجاح حكومة السيد السوداني مرهون بتماسك حكومته، والثقة المتبادلة بين القوى السياسية في أئتلاف إدارة الدولة، والذي هو الآخر جاد تماماً في إنجاح حكومة الأخير، وبما يحقق الاستقرار السياسي والاقتصادي، وتحقيق التعهدات التي تعهد بها السوداني أمام الإطار التنسيقى والقوى السياسية الأخرى المنضوية في أئتلاف إدارة الدولة.

أي خلاف أو نزاع بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان من شانه أن يوتر الأجواء السياسية، ويعكر العلاقة بينهما، وهذا ما تريده بعض الأطراف التي تراهن على فض التحالف الذي شكل حكومة السيد السوداني، لذلك أعتقد وكما يرى الكثير من المراقبين على جميع الأطراف في أئتلاف إدارة الدولة الانتهاء من هذه الخلافات والذهاب إلى تحقيق الاستقرار السياسي في البلاد .

***

محمد حسن الساعدي

بعد اعوام من القطيعة، ويقين كلا الطرفين بانهما لا بد من ايجاد سبل لإدارة الخلاف بينهما، والمحاولات الحثيثة من العراق وسلطنة مسقط لتهدئة الامور والسير في ركب التنازلات المتابدلة،تمكنت الصين من جمع الخصمين على الطاولة واعلان عودة العلاقات بينهما التي وبدون شك ستساهم في حل العديد من مشاكل المنطقة ومنها الحرب في اليمن، واستمرار الازمة السياسية في لبنان، لان لكل منهما انصاره، لعبة المصالح لن تتوقف، لكنها ستعترف بحق الاخرين في اللعب على الساحة التي اصبحت محل صراع الدول الاقليمية ومن خلفها الدول العظمى.

الدولتان تمثلان جناحي الامة الاسلامية حيث تمثل السعودية الجانب السني وايران الجانب الشيعي، فالسعودية تملك أدوات تأثير ديني واقتصادي كبير، لكونها تضم مكة والمدينة اهم معلمين اسلاميين، وأحد أكبر وأهم منتجي النفط في العالم، وتتمتع بثقل ديموغرافي كبير نسبياً، اما إيران فإنها دولة تمتلك قدرات وموارد بشرية ومادية وعلمية وتكنولوجية كبيرة نسبياً، بالمقارنة بباقي دول الخليج، يمكن القول إن من مصلحة إيران القيام بكل ما هو ضروري للحيلولة دون حدوث تقارب سعودي مع الكيان الصهيوني، ولضمان عدم مشاركة السعودية في أي مخطط يستهدف ضربها. ومن مصلحة السعودية خشيتها من تعرض منشآتها النفطية الضخمة للتدمير في حال إقدام الصهاينة أو الولايات المتحدة أو كليهما على شن عمليات عسكرية ضد إيران بسبب برنامجها النووي والصاروخي بعيدة المدى والطائرات بدون طيار. ولأنها لا تستطيع في هذه الحالة الاطمئنان كلياً إلى ضمانات الحماية الأميركية، بدليل تمكن جماعة الحوثيين من توجيه ضربات موجعة للمنشآت النفطية السعودية، فمن شأن إعادة العلاقات الدبلوماسية مع طهران على مستوى السفراء، المساعدة على تجنب وقوع أية اخطاء في الحسابات قد ينجم عن سوء التقدير أو سوء الفهم.

بالتأكيد هناك من لا يسعده التقارب بين الدولتين، ومنها الدولة العبرية ودول التطبيع معها، فهؤلاء يشككون في استمرار العلاقة بين الدولتين ويحاولون باي وسيلة لعرقلة التفاهم، لانهم يعيشون على المتناقضات وسيختفون فجأة ويعودون الى سابق مواقعهم الهامشية.

التقارب بين ضفتي الخليج سينعكس ايجابيا على امن المنطقة واستقرارها، خاصة وان العالم اصبح يتشكل من جديد والسعي الى عالم متعدد الاقطاب،لن يكون هناك مستقبلا من يفرض سيطرته على الغير وجر المنطقة الى حيث يشاء، اذا ما شعرت دول المنطقة بشيء من الاطمئنان، فانه ولا شك لن تكون هناك حاجة لانفاق القسم الاعظم من ميزانياتها في شراء الاسلحة المختلفة لتصاب بالصدأ والتخريد، بل لانفاق تلك المخصصات المهدورة على التنمية التي تعود بالنفع على شعوب المنطقة، كما انه لن تكون هناك حاجة الى الاحتماء بالأجنبي، والعمل على فك الارتباط العسكري معه، والطلب اليه اخلاء القواعد العسكرية من الاجانب ليعودوا ادراجهم الى بلدانهم.

ندرك جيدا ان هناك الكثير من العراقيل التي ستوضع في طريق التكامل بين شعوب المنطقة التي يجمعها دين واحد وان اختلفت المذاهب، ربما تكون هناك بعض الاختلافات في الرؤى لكنها لن تكون عائقا لإعادة اللحمة بين الشعوب، نتمنى ان يفوت الطرفان الفرصة على اعداء الامة ويسعيان الى لم الشمل والاستفادة من الموارد المتاحة لصالح شعوب المنطقة.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

العلاقة بين العقل والدين غامضة ومشوشة، فالإنتماء للدين ليس عقليا، وإنما قلبيا، أي أن الإيمان يسبق العقل، وجميع الأديان تنطلق من أن ما يؤمن به البشر، أيا كان نوعه – لا ريب فيه.

وحالما يتم إقحام العقل في الدين، فالشك سيكون المنهج المطلوب العمل به، ومسألة العقل والنقل قديمة قدم الأديان، وموجودة في المجتمعات الأخرى.

العقل لا بد له أن ينفصل عن الدين ليراه، وحالما يتم ذلك تقع الواقعة، لأن رؤية الشيئ من داخله تختلف عن رؤيته من خارجه، فالبشر يسبح في مياه الدين ولا يستطيع رؤية غيرها ويمضي عمره غريقا بالدين، أما إذا فعّل عقله وتبصر في الأمر وعاينه من الخارج، فالعديد من التداعيات ستتوافد إليه، ويصبح في محنة إدراكية وتيهان معرفي، قد يجبره على الإعتقاد بأن ما يبصره عين المطلق، وغيره لا يرى الدين كما يراه، وفي جهل وغواية وإندحار بما لا يمت بصلة للدين.

ومعظم الأديان أصابها ما أصابها من النوازل والصراعات القاسية بسبب إقحام العقل في منطلقاتها وما تسعى إليه، والمشكلة أن الإقحام سينجم عنه تصورات ورؤى مناوئة لما هو متداول، فيحسب الذي أدرك بعقله أن الذين يمارسون الدين وفقا لإنتماءاتهم القلبية، في غفلة وجهل شديد.

ويتناسى أدعياء العقل الفاعل في النصوص الدينية، أنهم كغيرهم لا يعرفون إلا ما تتمكن منه عقولهم المأسورة بالمعارف المتوفرة أمامها، وتتناسى أن فوق كل ذي علم عليم.

وفي الإسلام تجربة المعتزلة خير دليل على التفاعل العقلاني مع النص الديني، وكيف صاروا يحاولون إجبار الناس على إتخاذ منهجهم على ما يرونه هو الدين القويم.

وبعدهم إبن رشد (520 - 595) هجرية في الأندلس، أقحم العقل في النص الديني وما أفلح في بناء المنهج المعرفي اللازم للدين المعقلن، مع أنه فقيه ومتبحر بالفلسفة وعلم الكلام.

وتجدنا في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، أمام جمهرة من الذين يدعون لإعمال العقل بالنص الديني، ويتوهمون بأن ذلك سيقدم الدين على طبق من ذهب للأجيال، والدين يسير وواضح وهمهم أن يعسروه، وكأنهم مسوقون للمتاجرين بالدين.

والجميع يعرف أن العقل البشري سبب الخراب الديني، وبتفعيله أبيدت الملايين من أبناء الأديان، وحصلت الصراعات المقدسة، التي أستبيحت بها دماء الأبرياء من الأطفال والنساء والسيوخ، ومجازر الأديان يزدحم بها التأريخ، في شرق الأرض ومغاربها، وما خلت بقعة أرضية منها.

وأشار إليها إبن الجوزي (510 - 592) هجرية في كتابه (تلبيس إبليس)، وما تعلمنا، ولا يزال ناعور إعمال العقل في النص الديني يذبحنا من الوريد إلى الوريد.

***

د. صادق السامرائي

 

ليس من السهل الإجابة على سؤال كهذا، لأن موت أي دين ربما يعني أنه مُختَرع بشري، والموت لا يعني إنتفاء العقيدة والدين كطقس، وإنما غياب العمل بالدين وتحقيق الحياة الحرة الكريمة، والأمان والألفة المجتمعية وفقا لمبادئ وقيم الدين.

إذا كان الدين مفردات متخيلة لا تمت للواقع بصلة واضحة فهو مصنوع بشري، أما إذا كان يترجم بصدق وقوة ديناميكية الوجود بعناصره المتنوعة، فأنه فوق قدرات الموجود المحكوم بقوانين ذات سلطات علوية لا يدركها، وتتوطن أبراج الغيوب.

ويبدو أن الغيب هو الطاقة التي أوجدت الأديان، والعلة الكبرى، فهو أصلها ومنبعها، فجميعها تريدك أن تؤمن أولا، وترى أن ما تراه لا ريب فيه، وبعد أن يترسخ الإيمان فيك، عليك بتسخير العقل لتبرير ما أنت عليه.

فالإعتقاد بدين ضابط سلوكي للبشر المنتمي للدين، ولكل دين آلياته السلوكية وطقوسه اللازمة للتعبير عن الإيمان، وتأمين التواصل التكراري مع مرتكزاته ومنطلقاته التفاعلية.

فهل أن الأديان حية فينا كجوهر سلوكي، أم أنها إتخذت مسارات أخرى مغايرة لحقيقتها وطبيعة منطواها؟

لا يمكننا أن نحكم ونتسرع بالإجابة، فكل دين يحسب هو الدين وغيره لا دين، ولا فرق بين السماوي والدنيوي، وحتى بين الأحزاب والمذاهب والفئات والجماعات.

فكل يدّعي أن المطلق في قبضة يديه!!

فأين الدين؟

الأديان تسفك الدماء وتكفّر وتزندق، وأذاقت البشرية الويلات، وأبادت الملايين تلو الملايين، ولو تكلمت السيوف لأفصحت عن عدد الأعناق التي بترت عبر التأريخ.

أما اليوم وقد توفرت أسلحة فتاكة، فالأديان ربما إتخذت مسارا آخرا، وتعبيرا مخادعا لتأمين الإبادة البشرية الفظيعة الخاطفة، الجالبة للأهوال بإسم الدين.

في بعض المجتمعات ذات الدين الواحد، صار الناس يبيدون بعضهم، ويحسبون قتل إبن الدين من طقوس ومراسيم التقرب إلى ربهم الذي يعبدون، وكم تعددت الأرباب بتعدد الأهواء!!

يبدو أن أهل أي دين تقاتل الدين الذي تدّعيه، وهذا يثير أسئلة لا تعرف الأجوبة، وتفسرها قوانين الغاب وحسب، فهل أن الدين دستور غاب؟!!

وإن الجواب خلف حجاب!!

***

د. صادق السامرائي

 

اقامت منظمة حكماء العراق بالتعاون مع جامعة صلاح الدين في اربيل وجامعة جدارا الأردنية للفترة بين (7-10 آذار/مارس 2023) مؤتمرا علميا يستهدف دور الجامعات العربية في اشاعة ثقافة مجتمعية نابذة للعنف والارهاب، شارك فيه أكاديميون من جامعات عربية وعراقية وباحثون عراقيون من دول اوربية.

وفي ختام الجلسة الأخيرة الذي شرفنا المؤتمر برئاستها، خاطبنا الحضور، مستهدفين الأخوة العرب لقصد.. بالقول:

اعرف انكم تعرفون ان العراق بلد الحضارات، ولكن أشير فقط الى:

- ان اول عهد للانسان بتعلم الزراعة.. كان في العراق قبل تسعة آلاف سنة قبل الميلاد،

- وان العراق هو اول من بدأ الكتابة في العالم في الألف الرابع قبل الميلاد.

- وأن قانون حمورابي، يعد أول الشرائع المتكاملة في العالم.

- وأن أول آلة موسيقية، واول نص غنائي.. ابتكرا في العراق.

- بل أن اول كأس بيرة.. انتج في العراق.. وكانت (سيدوري) تغني وتسقي الزبائن.. وسقت جدنانا كلكامش اول كأس بيرة في حياته.

والآن ايها الأخوة الأكاديميون والباحثون العرب، اصبح العراق.. ابو الحضارات.. في اشد حالات التخلف، لأن الذين استلموا السلطة هم افشل وافسد من حكم العراق في تاريخه السياسي، وان صناع القرار السياسي.. بينهم دجالون.. يجيدون تضليل الناس.. وبينهم من هو مصاب بـ(حول عقلي).. يعتبر طائفته هي الحق وغيرها باطل، وينسون ان الشعب العراقي فيه اثنا عشر تنوعا.

وهم يدعون انهم احفاد النبي ويتجاهلون قوله (لو أن فاطمة سرقت لقطعت يدها) فيما هم استفردوا بالسلطة والثروة وسرقوا المليارات وسكنوا القصور وافقروا 13 مليون عراقي باعتراف وزارة التخطيط.. واوصلوا حتى بغداد التي كانت عاصمة الدنيا الى أسوأ عاصمة في العالم.

وناشدنا الأشقاء العرب ان يساعدوا العراقيين على التغيير السلمي والحفاظ على نظامهم الديمقراطي.. وكشفنا لهم عن خطر كبير خفي يتهدد العراقيين هو ان من بيدهم الامور الان في صنع القرار يخططون بخباثة الى جعل العراق دولة اسلامية.. دليل ذلك انهم اصدروا في 20 شباط /اغسطس 2023 قانونا يحرّم الخمور، برغم وجود حقائق تطعن فيه.

الاولى: ان النظام في العراقي ديمقراطي وليس اسلامي، وان قانون تحريم الخمور يتناقض ومضامين المادة الدستورية الثانية التي تمنع اية تشريعات تتناقض مع الحقوق والحريات الفردية.

الثانية: ان الدستور العراقي كفل حرية الأديان المسيحية والأيزيدية والصابئة والمندائية، وبينها من لا تحرم الخمر، وان قانون تحريم الخمور يعني حرمان اتباع هذه الأديان من حق كفله لهم الدستور.

الثالثة: ان الحكومات المتعاقبة في العراق منذ تأسيسه عام (1921) لم تصدر قانونا يحظر بيع الخمور طوال مئة عام، وان الحكومة العراقية الحالية فيها مشاركون لا يؤيدون هذا القانون.. ما يعني ان الأحزاب الشيعية في البرلمان هي وراء اصداره.

الرابعة: وهي الأهم.. ان المرجعية الدينية دعت الى قيام دولة مؤسسات مدنية وليس دولة دينية.

وهم يخططون الآن لأصدار قانون آخر ضد حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي التي كفلها الدستور في المادة 38، ليس فقط لحماية انفسهم بل.. لتحويل العراق الى دولة اسلامية.

وقد فوجيء كثيرون بحقائق اخرى كشفناها لهم، وحملناهم رسالة ايصالها الى شعوبهم تكشف حقيقة ما يعانية اشقاؤهم العراقيون الذين يعيشون في حال بائس، مع ان وطنهم هو الأغنى بالمنطقة وأحد اغنى عشرة بلدان في العالم، ويمتلك كل المقومات لأن يعيش أهله بكرامة.

***

أ.د. قاسم حسين صالح

مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية

10 /3 / 2023

تخطط الحكومة الإسرائيلية بالتنسيق مع أمريكيا وحلفائها الإقليميين على المكشوف لحرب أهلية في الضفة الغربية فيما ترد عرين الأسود في العمق الإسرائيلي (فلسطين المحتلة عام 48)، من خلال العمليات الفردية التي تنفذ دون غطاء فصائلي، من قبل أفراد مستقلين يؤمنون بخيار الكفاح المسلح لتحرير فلسطين كاملة، أو يردون بعملياتهم الجريئة على جرائم الاحتلال الإسرائيلي وقطعان المستوطنين الذين ينكلون بالفلسطينيين جهاراً نهارا، وفق ما يصدر عن بعضهم من وصايا ملهمة تنشر عبر الفضاء الرقمي بعد استشهادهم.. وفي نصب أعينهم أن عرين الأسود هي مثلهم الأعلى.

وفي سياق متصل، قالت شرطة الاحتلال الإسرائيلي بأن الفدائي الفلسطيني معتز الخواجا، نفذ مساء يوم أمس الخميس عملية إطلاق نار فدائية في شارع ديزنغوف في مدينة تل أبيب (تل الربيع المحتل) نجم عنها خمس إصابات في صفوف الإسرائيليين واحدة منها خطيرة.. فيما قتل- ارتقى شهيداً- منفذ العملية.

وصرحت وسائل إعلام إسرائيلية بأن منفذ العملية هو معتز الخواجا “23 عام” من قرية نعلين غرب رام الله، وأنه "ينتمي لحركة حماس"! وسجن سابقاً مرتين بتهمة الإنتماء لها.

ولكن كما يبدو فقد نفذ الخواجا العملية فردياً دون التنسيق مع قيادته لأن حماس لم تصدر بياناً تتبنى فيه العملية.. أي أنها مدرجة في قائمة عمليات عرين الأسود التي وضعت هذا النهج الكفاحي الجديد.. وذلك ليس تنقيصاً من دور حماس المقاوم والرادع باقتدار؛ بل حفاظاً على هذا الشكل الفاعل من المقاومة الفردية المُجْمَعْ عليها جماهيرياً في ظل سلطة تُتْهَمَ ْبأنها انهزامية.

وفي تطور نوعي، فإن وسائل إعلام إسرائيلية قالت: بأنه تم التبليغ عن الاشتباه في وجود عدد من المسلحين في منطقة مستوطنة "بيتار عليت" بعد العثور على عبوة ناسفة أخرى تحت حافلة، ويبدو أنه تم زرع عدد من العبوات في المنطقة؛ وفق قولها.

وهذا يعني بأن تطوراً تقنياً قد طرأ على هذا النوع من العمليات الفردية من خلال زرع العبوات الناسفة للإيقاع بأكبر عدد من الضحايا في صفوف القتلة من الجنود والمستوطنين الإسرائيليين رداً على مجازر جيش الاحتلال الإسرائيلي والشاباك في نابلس وجنين والقدس والخليل.

من جهتها علقت "عرين الأسود" التي أصبحت القدوة في هذا النهج الكفاحي من باب الاستعداد لأي رد إسرائيلي متوقع على العملية، قائلة:

"تحية للشهيد معتز الخواجا وشهداء جبع- فهذه- رسالتنا للشباب الثائر.. فأنتم في عيوننا وقلوبنا وكلنا ثقة بكم ، في حال دخول قوات الاحتلال كونوا معنا في الميدان بأصواتكم بتكبيراتكم بحجارتكم بزجاجاتكم الحارقة بإطاراتكم الملتهبة".

ولا ينكر أحد بأن هذا النوع من العمليات بات يحرج الموقف الأمني الإسرائيلي الذي عجزت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة عن معالجته جذرياً في ظل ما يعانيه كيان الاحتلال الإسرائيلي من تشرذم سياسي وجماهيري مقلق بين اليسار واليمين المتطرف الذي يضم المتدينين المسيطرين تمثيلياً على حكومة نتنياهو، وكان آخرها خروج التظاهرات الجماهيرية الضخمة ضد محاولات الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة من إضعاف القضاء، وذلك من خلال مشروع يتعلق بالرقابة القانونية؛ بتغيير لجنة تعيين القضاة، ومنع المحكمة العليا من إلغاء قوانين أساسية، أو إجراء تعديلات فيها، تمهيداً للتصويت على ذلك في الكنيست، ما استرعى من نتنياهو - كما يبدو- الاستنجاد بالأمريكيين كي يضغطوا على السلطة بشتى السبل من خلال مشاركة جميع الأطراف في مؤتمر العقبة الأخير؛ لمعالجة موضوع استفحال المقاومة في الضفة الغربية متمثلة بعرين الأسود، وضربها في الصميم بغية اجتثاثها، رغم استنكار السلطة لدورها في ذلك.

لا بل ذهب بعضُ المراقبين عبر الفضاء الرقمي إلى أن أمريكيا تضغط باتجاه إشعال حرب أهلية في الضفة الغربية بين الفلسطينيين أنفسهم، يدور رحاها بين مؤيدي المقاومة باشكالها، وجماهير سلطة أوسلو المنتفعين من وجودها أو المراهنين على النهج السياسي والمؤمنين بالأمر الواقع.

وهذا لو صحت بياناته، سيؤدي إلى تدخل قوات أمن سلطة أوسلوا لفضها بالقوة وفق السيناريو المرسوم بعناية، وحتى تتمكن من ذلك مستقبلاً فقد وضع الأمريكيون ضمن أجندتهم خطة تعزيز قوات أمن السلطة بالعناصر الجديدة ودعمها بالسلاح المناسب، ومن ثم الإجهاز على ما يرون بأنه آفة اسمها المقاومة، ما سيؤدي إلى القطيعة بين الشعب الفلسطيني الذي يحتضن المقاومة، وعرين الأسود إذا ما تم استفزازها وجرها إلى الفخ المنصوب لها، حيث تعتبر جزءاً من المقاومة الفلسطينية الموحدة ميدانياً، والتي تتبنى خيار المقاومة المسلحة بديلاً عن خيار الحل السياسي الذي فشل تماماً واستنزف حقوق الفلسطينيين.

ويستند اصحاب هذا الرأي إلى تصريحات محافظ نابلس إبراهيم رمضان (وهو من فتح) بسبب ما أدلاه من تصريحات مستفزة وغير مسؤولة لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، معبراً عن انزعاجه من مواصلة مجموعات “عرين الأسود” مقاومتها للمحتل، ودفاعها عن الضفة الغربية المحتلة ومخيماتها المنتهكة من آلة البطش الإسرائيلية، وكأنه يتحدث بلسان حال اليمين الإسرائيلي، الأمر الذي أشعل معه حالة من الغضب والسخط داخل الأوساط الفلسطينية وعبر الفضاء الرقمي، في الوقت الذي يرتكب فيه جيش الاحتلال المجازر بحق الفلسطينيين فيما تُتَّهَمُ السلطةُ بملاحقةِ شبابِ المقاومةِ واعتقال من تطوله الأيادي؛ لمجرّد أنّهم يقاومون الاحتلال.

وحينما اتَّهَمَ الفلسطينيون المحافظ بالخيانة والعمالة إلى جانب تعرضه لتهديدات من قبل المقاومة، أصدرت حركةُ فتح في بيت لحم بياناً هددت فيه كل من تسوله نفسه الاعتداء عليه.

هذا يعني بأنه لو تعرض المحافظ المستفز للاغتيال فستكون الشرارة المنتظرة لحرب أهلية مخطط لها بإحكام، فتعيدنا إلى مرحلة الاقتتال الفلسطيني البيني ببيروت في سبعينيات القرن الماضي.

لقد خابت مساعيهم، فعرين الأسود ما لبثت يقظة، فلا توجه عملياتها الفردية إلا ضد الاحتلال الإسرائيلي الغاشم المصاب برهاب المقاومة، وفي العمق الإسرائيلي، كعملية تل أبيب يوم أمس. وفي المواجهات معهم أثناء الاقتحامات الإسرائيلية للمدن الفلسطينية كما يحدث تباعاً في جنين الصامدة على الضيم ونابلس جبل النار.. وقد برهن الشهيد معتز الخواجا على ذلك.. ففي خرب الإرادات ينتصر صاحب الحق المبين بلا منازع.

***

بقلم بكر السباتين

10 مارس 2023

 

لفت نظري وانا في الطريق من مطار أربيل الى الفندق عددا كبيرا من البنغاليين، كانوا في المطار وفي الأسواق والمحلات والفنادق، رايتهم كذلك ليلا في الحديقة المقابلة لقلعة أربيل يبيعون الشاي والقهوة والعاب الأطفال ولمست من اهل المدينة تعاطفا كبيرا تجاه هذه الشريحة ويصفونهم بالصدق والأمانة، ويبدو ان الحكومة المحلية هناك لا تريد ان تتعرض لهم بسوء لأنهم يسدون حاجة المدينة الى اليد العاملة الرخيصة علما باني كل من سألته من البنغاليين عن الإقامة قال بانه لا يحمل أي إقامة مشروعة.

كان سكني في فندق مقابل قلعة أربيل يعني وسط المدينة تماما حيث المطاعم والمقاهي ومحلات بيع الحلويات والكرزات والملابس، رأيت البنغالي حارسا لمسجد وعامل نظافة وبائع فواكه وتمور وحتى اللبلبي والباقلاء وكلهم يتكلمون العربية بلهجة عراقية.

يبدؤون عملهم في الصباح الباكر ويستمر طوال النهار لينتهي بعد منتصف الليل عندما تغادر العوائل مقاعد حديقة النافورة مقابل القلعة ويهرع كل واحد منهم الى فراشه علما بانهم يسكنون على شكل مجموعات في البيت الواحد وقد ينام في الغرفة الواحدة اكثر من سبعة اشخاص.

وفي الفراش ومع ظلمة الليل تبدأ الهواجس والمواجع وتهيج الاحزان وتزداد الاشواق الى الاهل والزوجة والأطفال، كلهم عندهم موبايلات وفي كل لحظة ينظرون الى الشاشة لعل رسالة او خبرا يأتي عبر الواتساب او الفيسبوك وقد يلجأ البعض الى الأفلام الإباحية لإشباع رغباته الفطرية وهروبا من الكبت الجنسي المفروض عليهم، كلهم بلا نساء وما عساهم وهم بشر يفعلون امام جمال النساء المتواجدات في الأسواق والحدائق واجسادهن المغرية وما اكثرهن في مدينة سياحية مثل أربيل.

رجال بعواطف مكبوتة لا يحق لهم احتضان امرأة وتقبيلها فضلا عن الاقتران بها كلهم بلا نساء فاين تذهب شهواتهم ورغباتهم.

كلهم بلا اقامات وبلا كفيل وفيهم من كل الاعمار اشكالهم متعبة ومنهكة عليها اثار الذل والارهاق ولكنهم رغم ذلك يضحكون وقد يتبادلون النكات والطرائف وهناك ألف سؤال وسؤال في عيونهم ويبتسمون دائما لأنهم ضعفاء وغرباء، لا يستطيعون السفر لأنهم لن يتمكنوا من العودة ثانية، وتتخلل السنوات الطويلة التي يقضونها هنا موت الإباء والامهات وزواج الاخوان، أولادهم يكبرون، الشهور تتعاقب والسنوات تمر والعمر ينقضي وهم يذوبون في المنافي كالشمع، هؤلاء  كانوا يوما أطفال يتطلعون الى العيش الرغيد والمستقبل الضاحك وكانوا قرة عين لوالديهم، فرحوا بهم وقضوا طفولة بهيجة رغم الصعوبات بصحبة اهاليهم وعندما كبروا وجدوا انفسهم في وضع مزري مليء بالبطالة والمرض والجهل والمشاكل والفقر ولم يبق امامهم سوى الهجرة  وكانت المحطة القادمة أربيل وكانت أربيل رحيمة بهم وقد وصلوا من قراهم ومدنهم عبر رحلة سفر شاقة ومتعبة، قطارات مطارات مدن نقاط تفتيش بهذلة اهانات خوف من حرس الحدود وشرطة الداخل ومن بلد الى بلد الى ان وصلوا واستقروا في اربيل، وكل بنغالي في النهاية عبارة عن حقيبة سفر فيها بعض الصور والعطور الرخيصة  والملابس وجواز سفر منتهي الصلاحية ، يقيمون ولكن بصورة غير قانونية في بلد غريب.

عدت الى غرفتي في الساعة الثانية عشرة ليلا وصورهم تتقافز في ذهني وظللت افكر بهؤلاء وبحياتهم الصعبة ثم شعرت بالنعاس ولعلي نمت ولكن فجأة رأيت ان باب الغرفة مفتوح على مصراعيه ليدخل منه عشرات المهاجرين من البنغاليين وتزاحموا حول سريري فجلس البعض على الأطراف والبعض ظل واقفا، امتلأت الغرفة بهم هذا يضحك وذاك ساهم وغارق في الخيال واحدهم كان يبكي، مسحت دموعه وكانت ساخنة جدا انهم يشتاقون الى اعزاءهم ومرابع صباهم وطفولتهم، كنت اتفرس في وجوههم وأقول كم من البنغاليين يتواجدون الان في لندن ونيويورك ودول الخليج ينعمون بالعيش الرغيد والاستقرار.

عندما استيقظت في الصباح علمت بأنهم زاروني في حلمي من كثرة تفكيري بهم فكانت ليلة بنغالية بامتياز ولكن في أربيل وتساءلت قائلا: اذن متى يستقر هؤلاء وأين وكيف وهم بلا اقامات ينتظرهم يوم اسود يصاحبه اعتقال وسجن وتسفير قسري، وقد بدأت حملات التفتيش فعلا في بغداد ضد المقيمين بصورة غير قانونية واعتقالهم وسجنهم ثم تسفيرهم قسرا والعودة الى المربع الأول من المعاناة.

ملاحظة: ان المثال البنغالي ينطبق على جميع اللاجئين والباحثين عن العمل من مختلف الجنسيات في مختلف دول العالم.

***

د. حسين أبو سعود

 

تعد مشكلة المياه من المصاعب الرئيسية للعراق، تماشيا مع كونها تحتل مكاناً بارزاً في صدارة المعضلات التي تواجهها الدول، فغالبا تكون السياسات التي تتبعها (دول المنبع) تؤدي إلى خلق الأزمات بين الدول المشتركة..  تركيا من الدول التي تنتهج سياسة القطع والتحكم، من خلال عدم السماح لمرور كميات كافية من المياه إلى سوريا والعراق، وعلى الرغم من أستحقاق العراق لكامل حصته المائية في نهري دجلة والفرات، بوصفهما نهريين دوليين يخضعان للقوانين الدولية، التي تحكم العلاقة بين الدول المتشاطئة والمطلة على الأنهار في ضمان حصتها من المياه.

من الأوضح أن تركيا تتصرّف، وكأن العراق ما زال في فترة الحرب في تسعينيات القرن الماضي، وكما لو أن "اتفاقية التعاون وأمن الحدود" لعام 1983، التي فتحت الطريق أمامها للقيام بالعمليات، ضد حزب العمال الكردستاني في الداخل العراقي ما زالت فاعلة.

شكّلت هذه الاتفاقية أرضية مشروعةً للعمليات ضد حزب العمال الكردستاني حينا، وكان قد تمّ توقيع بروتوكول أمني عام 1984 فتح الطريق أمام القوات التركية، لدخول الحدود العراقية إلى عمق خمسة كيلومترات.. فراهنت الحكومات التركية المتعاقبة على الخلافات الداخلية العراقية، ولا تزال سياستها تدور حول النفوذ الإقليمي وحول مسألة الموصل كركوك، وما يتصل بها من قضايا الحدود والنفط، وحول مسألة المياه.

تركيا التي تتحكم بالحصة المائية للعراق، لا يمكنها أن تتجه بهذا الاتجاه ما لم تكن مدفوعة من مصالحها الخفية، والتي ترتبط إلى حد كبير باستهداف العراق ومياهه،وأدت الى حرمانه من التمتع بكامل حقوقه من مياه النهرين، كما ان سياستها المائية لا تؤثر فقط في نصيب العراق من المياه من الناحية الكمية والنوعية فحسب، بل يمتد تأثيرها في تحديد السياسة المائية وتوجيهها لبقية الدولة الأخرى .

السياسة المائية التركية تجاه العراق زادت حدة، وبات لها تأثيرات سلبية كبيرة على الوضع المائي، وعمقت أزمة المياه فيه، بعد قيام الجانب التركي بإنشاء العديد من المشاريع الاروائية والسدود على نهري دجلة والفرات، لتحقيق مصالحها وخلق مشاريع تنموية في منطقة جنوب شرق الأناضول، واستخدام المياه كوسيلة ضغط سياسية مع العراق، مخترقة بذلك القواعد والقوانين الدولية المنظمة لحقوق الدول وحصصها المائية، إلى جانب مخالفتها لمبدأ عدم الإضرار بغيرها، من خلال استمرارها في أنشاء السدود والخزانات على نهري دجلة والفرات، دون مراعاة لحقوق العراق المائية.

الاعتداء التركي على الحصة المائية للعراق، يجب أن تعده الحكومة العراقية عملا عدائياً، يستلزم اتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة تجاهه.. وبما أن بغداد لن تستطيع تحشيد الجيوش على حدود تركيا كما فعلت في عام 1990 لأسباب عديدة ، إلا أنها تستطيع استخدام الملف الاقتصادي، الذي يشير إلى أن حجم التبادل التجاري يصل لأكثر من 20 مليار دولار، معظمها بضائع من تركيا عبر المنافذ الحدودية، وبالتالي أصبح العراق اكبر سوق للبضائع التركية في المنطقة، والتهديد بقطعها او في الأقل وضع ضرائب إضافية عليها، هو كورقة ضغط اقتصادية بالإضافة لتحريك الجانب الاممي عبر قناة الأمم المتحدة،لدفع أنقرة وثنيها عن التمادي في تجفيف العراق وقتل الحياة فيه.. وهي أدوات ضغط يمكنها أن تحقق لنا مكاسب في هذا الملف الحيوي.. وغيره.

***

محمد حسن الساعدي

ربما هذه الملاحظة خاطئة، وأتمنى أن تكون كذلك، فهل حقا أن عدد الذين يكتبون فاق عدد الذين يقرأون؟

التطورات المعاصرة أتاحت فضاءات لا محدودة للكتابة والنشر، وأصبحت كتابة كتاب تستغرق بضعة أيام، ووجدتنا أمام حشود من الأقلام التي تكتب وتنشر.

ولو تصفحت أي موقع ستجد آلاف الكتاب المشاركين، وفي بعض المواقع التي عهدتها مبكرا، كان عدد الكتاب فيها يتجاوز أصابع اليدين بقليل، وتنامى بسرعة حتى صار بالآلاف.

فهل هذه ظاهرة صحية وحضارية؟

معارض الكتاب تقام بين فترة وأخرى، وهي أشبه بالمهرجانات الترفيهية  لقضاء الوقت، وربما لتصفح بعض الكتب، أما الشراء فلا أظنه كما كان في سابق عهده.

زرت بعض معارض الكتاب وما وجدتها تزدحم بالناس، وتغص بالأكشاك الصامتة، وعندما تتساءل عن مبيعاتها تعرف أنها بالحضيض.

بعض شوارع عرض الكتب تحولت إلى محافل للنشاطات الإجتماعية واللقاءات، الكتب منثورة على جوانب الشارع، والناس تتجول، والقليل منهم يحمل كتبا.

أرجو أن تكون هذه الملاحظة غير صحيحة، لأنها تنذر بفاجعة حضارية، فالكتاب يفقد دوره، والكلمة قيمتها، ويختلط حابلها بنابلها، وتغيب القدرة اللازمة لصناعة الحياة الواعدة بالإبداع الأصيل، وكأننا أمام سيل عرمرم من الكتابات والكتب الساعية للرقود في رفوف وصناديق مظلمة، فأنوار الكتب تخبو بوضعها في دهاليز الإهمال والنسيان.

الكتب غيرت أفكار الأجيال وبنت الحضارات، والأقلام صنعت أنواع الإبداع الذي تتمتع به البشرية.

فهل أن الأقلام صارت تكتب فوق وجه الماء؟

وهل أن مدادها دم ودموع فتنفر منها الأنظار؟

وهل تحولت الأقلام إلى سهام لقتل القراء؟

إنها تساؤلات  مرعوبة في زمن بلا معالم، ويخلو من خارطة طريق أمين!!

***

د. صادق السامرائي

 

عاش الأتراك كأمة، وقبائل متعددة ولغات متباينة في آسيا الوسطى محصورين بين حضارتين عظيمتين؛ حضارة الصين الكونفوشيوسية، وفارس الساسانية معتمدين على الرعي والزراعة والغزو والإغارة على المدن المجاورة من كلا الحضارتين ...

وبعد ظهور الإسلام وامتداد الفتوحات الى أقاصي بلاد أسيا الوسطى اعتنق الأتراك الإسلام تدريجيا ونزح منهم الكثير نحو حواضر الشرق الإسلامي بحثا عن المكانة والثروة والاستقرار، الى بغداد ودمشق والقاهرة ...

وقد لعب الأتراك دورا مهما في الحضارة العربية الإسلامية كأهم الأمم الإسلامية بعد العرب والفرس، لكن في البداية كان لهم دور تدميري في التاريخ العربي الإسلامي بسبب غلظتهم وقوة أجسامهم وانتهاجهم العنف في تصريف أمور السياسة والحكم، وحداثة عهدهم بالحضارة والتمدن ..

وكتب التاريخ حافلة بأعمالهم في بلاط العباسيين، والمعروف تاريخيا أن أبناء الرشيد الثلاثة اختلفوا واعتمد كل واحد منهم على أرومة تسانده، الأمين اعتمد على العرب، والمأمون اتكأ على الفرس، والمعتصم على الترك ...

وبعد عصر المعتصم تعاظم دورهم السياسي الى درجة كبيرة، فالمتوكل على الله قُتل هو ووزيره الفتح بن خاقان من طرف الأتراك ...

والمنتصر بالله بعده قُتل مسموما من طرفهم ...

والمستعين بالله مات في سجنه ...

المعتز بالله مات في السجن بسبب التعذيب ...

المهتدي بالله لقي نفس المصير في الحبس حتى الموت .

المعتمد على الله استطاع أن يكبح جماح الأتراك بأن جعل قيادة الجيش ومحاربة الثورات المتمردة على العباسيين بيد أحد أمراء البيت العباسي ...

غير أن نفوذهم عاد مجددا في عهد المقتدر بالله، بل إن خادمه التركي مؤنس الخادم قتله، والمدهش والعجيب أن المقتدر بالله حكم لمدة خمسة وعشرين سنة ...

وتعاظم نفوذهم وتأثيرهم الى أيام المتقي بالله إذ قام توزن التركي بخلعه لكن لم يقتله ...

وكان هذا آخر نفوذ للأتراك الذي استمر قرنا من الزمن، وظهر بعدهم البوهيون والسلاجقة.

***

عبدالقادر رالة

قبل أيام معدودة ظهرت علينا السيدة وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق لتقول في برنامج تلفزيوني إنها الآن تشعر بالأمان مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وإنها تشعر بفخر لأنها جزء من هذه الحكومة.. كلام السيدة إيفان لا غبار عليه فالمسؤول سيعمل بشكل أفضل مع فريق متجانس.. هل انتهت الوزيرة من حديثها؟،

بالتأكيد لديها إضافة فقد قالت إنها تمنت أن تنتهي الحكومة السابقة "اليوم قبل باجر" – السيدة إيفان كانت وزيرة الهجرة أيضا في حكومة الكاظمي وخرجت منها بعد الانتخابات حيت تحولت الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال وأصبحت السيدة إيفان نائبة في البرلمان – لماذا كانت السيدة الوزيرة تتمنى أن "تنقلع" حكومة الكاظمي؟، لنستمع إليها وهي تقول: "كانت هناك انقسامات وكنت جداً متخوفة من أن أبقى في الحكومة"، بعدها تكمل السيدة الوزيرة حديثها لتعلن أنها تعرضت إلى التهديد من رئيس الوزراء السابق، وتروي لنا حكاية عن صدامها مع الكاظمي.. ثم تخبرنا السيدة الوزيرة بأنها قالت للأمين العام للأمم المتحدة إن الكاظمي هددها وإنها لم تكن تشعر بالأمان معه، وتقول "كنت أشعر بالغبن كامرأة".. جميل جداً أن تكشف لنا السيدة الوزيرة السابقة والحالية ما كان يجري في حكومة الكاظمي من تهديد للوزراء، فهذه شجاعة تحسب لها، وصراحة مطلوب أن نصفق لها طويلاً.

قلت لأحد الزملاء: حديث السيدة الوزيرة مثير ومهم، وقبل أن أكمل كلامي قال لي الزميل: هل كنت تتابع حوارات السيدة إيفان فائق من قبل؟، كشفت له عن جهلي وأنني للأسف كنت مشغولاً بتقلبات محمد الحلبوسي، لايهم ما فاتني، لأرى ماذا كانت تقول السيدة الوزيرة عن الكاظمي عندما كانت وزيرة للهجرة في حكومته.. في فيديو تظهر فيه تقول:" كانت لنا إنجازات، وهذا تم بدعم من مصطفى الكاظمي الذي هو داعم للمرأة"، وقبل أن أفيق من صدمة ما قالته، استمعت إليها وهي تقول داخل اجتماع مجلس الوزراء الذي كان يرأسه الكاظمي وليس السوداني : "إن شاء الله ياربي يخليك خيمة للعراقيين – تقصد الكاظمي – أشكر دعمك لي كامرأة، حقيقة إحنه كابينه وزارية استثنائية".

وقبل أن أضرب أخماسا فى أسداس، استمعت إليها في مداخلة تلفزيونية تقول: "حقيقة أن السيد مصطفى الكاظمي هو داعم أساسي لتواجد أربع نساء في مجلس الوزراء، لن ننسى تشجيعه الكبير لنا". هل انتهت المسرحية؟ لا ياسادة إسمحوا لي أن أنقل لكم هذا المشهد، السيدة الوزيرة تجلس في اجتماع لكادر وزارتها لتقول؛ رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي مؤمن بإمكانيات المرأة ونشعر معه بالأمان.

مبروك للعراق شجاعة السيدة الوزيرة، حيث سيستطيع المواطن أن ينام ملء جفونه مطمئناً إلى أن هناك وزراء شجعان، ودوام الكرسي للسيدة الوزيرة .

***

علي حسين

 

جرت العادة ان تتخذ الاحرف الاولى من كل كلمة للتعريف بالمسمّى "الوليد" الجديد ليسهل نطقه وكتابته والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها في عالمنا العربي"امل وحماس"، وفي الاول من الشهر الاول من العام 1965 تشكلت حركة فلسطينية مقاومة لأجل تحرير الارض والعباد من براثن العدو الذي كان يسيطر فقط على الاراضي التي اعترفت له الامم المتحدة بها اي ان الضفة والقطاع في ذلك الوقت كانتا خارج السيطرة الصهيونية،اسمت نفسها حركة  تحرير فلسطين لتكون التسمية المختصرة "حتف" ولأن الكلمة الاختصار نذير شؤم فقد تم قلبها "عكس احرفها"  لتكون "فتح" ولتكون فاتحة خير على الشعب الفلسطيني.

استبشر العرب بالحركة خيرا وقال عنها عبد الناصر انها انبل ظاهرة في التاريخ المعاصر وعمل كل ما في وسعه للتعريف بالحركة وأهدافها واصطحب معه في احدى زياراته المناضل ياسر عرفات الى موسكو وكانت اول زيارة له. ثم كانت دعوة عرفات من قبل الجزائر التي ترأست دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة للتحدث عن فلسطين حيث قوبل خطابه بترحاب كبير من مندوبي كافة الدول وخاصة التي عانت ويلات الاستعمار والجور.وأصبحت الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

وكانت احداث ايلول الاسود 1970 التي راح ضحيتها عديد الفلسطينيين، وانتقال الزعيم الراحل عبد الناصر الى الرفيق الاعلى، وفي ظل الانقسامات العربية شهدت الحركة تباينات في الرؤى بين اعضائها حيث استمالت كل دولة بعض الاعضاء فحدثت انشقاقات في كوادرها وان استطاعت الحركة البقاء ككيان موحّد تحت راعية عرفات، ثم كانت الضربة القاسمة للحركة بخروجها من لبنان.

هرم قادتها التاريخيون واثّرت فيهم السنون والنكبات ارتحل بعضهم عن الدنيا، ومن تبقّى ارتحلت آمالهم الى عالم آخر،حاولوا مجاراة الواقع فكان مؤتمر مدريد، دخلوا في مفاوضات ثنائية مع الاعداء "اوسلو" علّهم يظفرون بجزء يسير من تراب الوطن لكن تلك المفاوضات لم تكن تحت راية الامم المتحدة لتكسبها

" الشرعية " فاعتبرت أنها مفاوضات بين ميليشيات، ليس هناك اي التزام دولي بمقرراتها،عادت كوادر الحركة الى الضفة لتحاصر نفسها في مقر مقاطعة رام الله وليتقاضوا رواتبهم من اعداء الشعب الفلسطيني وليرسلوا بأبنائهم الى امريكا وأوروبا ليتعلموا بها ولتكون لهم شركات كبرى ليزدادوا ثراءا مقابل ان   يكونوا حراسا للعدو فأجهضت الانتفاضات التي استعمل فيها الشبان الفلسطينيون الحجارة،لم تنطلق اية رصاصة من الضفة صوب المستوطنات التي تحاصرهم والتي تقترب منهم كل مطلع شمس. ويستمر هؤلاء في التفريط بالأرض والعرض ويدخلون في مفاوضات مع العدو "مقابل اموال" ووعود كاذبة لتستمر المستوطنات تزحف نحو ما تبقّى من اراضي. وأما عن غزة فإن ابناءها من مختلف الاعمار هم الذين حرروها بفعل صمودهم وصبرهم وتقديم الشهداء ورغم صغر مساحة القطاع فإنهم يطورون الاسلحة للدفاع عن النفس وتحرير الضفة التي يتربع عليها عظماء فتح،قالوا عن الصواريخ انها عبثية ولكن تبيّن للجميع ان مفاوضاتهم مع العدو هي العبثية وتفضي الى قضم المزيد من الاراضي وازدياد عدد المستوطنات.فمسلسل العطاءات لبناء وحدات جديدة مستمر وكبادرة حسن نية لبدأ المفاوضات اعلن العدو عن إنشاء وحدات سكنية جديدة، إن المفاوضين من الجانبين يدركون جيدا ان مشروع الدولتين سراب .

تكتب بمقدمة سيارات الإسعاف الكلمة مقلوبة حتى يستطيع الذي يقود سيارته امامها ان يقرا الكلمة صحيحة "بعد قلبها " من خلال المرآة فيفسح لها الطريق، لتصل بالمريض الى المستشفى في اقصر زمن لإنقاذه، انني لا اشك في نية من قلبوا كلمة "حتف" لأنهم ضحوا بأرواحهم وبأموال استجدوها " شحتوها" من الاخرين لأجل شراء سلاح او اطعام مساكين، ولكن الذين يتولون زمام الامور في الحركة اليوم من خلال تصرفاتهم وأقوالهم فإنهم قلبوا الكلمة "فتح" لتعود الى اصلها "حتف" ففلسطين على ايديهم ذاهبة الى حتفها المحتوم، إنهم سيتركونها إلى بلاد الافرنج حيث ابناءهم وأحفادهم وطيب المأكل والمشرب والقصور الفارهة. وأقول للـ "حتفاوييين" اننا متفطنون لما تقومون به، وان السيارة التي تركبونها ستلقي بكم في مزبلة التاريخ فما قيمة الحياة وانتم تساهمون في قتل الوطن وقبض الثمن فتعسا لحياة الخونة المهرولون خلف اطماعهم، الذين يبيعون اوطانهم ببطونهم، لقد تفوقتم بعملكم الخياني حتى صار "بروتس" خلفكم بعد ان كان امامكم " الذي جاء بعدي صار قدامي". وأتمنى ان تثور الجماهير لتزيحكم عن الكراسي قبل ان تزيحوها من الوطن.

مجازر في كل انحاء فلسطين. جزين ترسم ملحمة النضال ونابلس واريحا ويأتي حاكم نابلس الذي يتبعكم ويسفهه تضحيات الشباب ويدعوهم الى الاستكانة فلا فائدة حسب زعمه من محاربة العدو. لقد أضاعت السلطة الفرصة بعرض انتهاكات العدو بمجلس الامن (الاستيطان المستمر)، والوعود بتخفيف حدة التوتر.

لقد اصبحتم ايها الفتحاويون واجهة للسلطة الفاسدة، المستفيدة من المساعدات التي تقدمها الدول نظير استسلامها وانبطاحها ،وان الشجب والاستنكار والادانة لسان حال الخونة والمرتدين وعباد الكراسي، الجاثمين على الشعب الفلسطيني.

انه من المؤسف حقا ان تتخلى فتح عن دستورها القاضي بتحرير البلاد والعباد من السيطرة الصهيونية، لا نقول من النهر الى البحر، بل من الاراضي المعترف بها دوليا اي حدود ما قبل الخامس من حزيران يونيو 1967 .وان تتحول لاءات عدم الاعتراف بكيان العدو الى تنسيق امني يمنع قيام المقاومين باي اعمال فدائية ،وقد اشاد العدو الصهيوني بنجاعة التنسيق بل وصل الامر الى التبليغ عن المقاومين ما يسهل على العدو مطاردتهم بكافة انحاء الضفة الاخذة في الانحسار، نتمنى على الشرفاء من الحركة ان يعلنوا انسحابهم منهم والاعلان عن وفاتها، ان بقاءهم بها يجلب لهم الخزي والعار.

***

بقلم: ميلاد عمر المزوغي

 

راهب: تعبّد وتخشع.. اعتزل الناس

من أخطر التحديات التي تواجه الأمم والشعوب أن تنعزل نخبها بأوعيتها الفنتازية المحلقة في فضاءات التصورات والتهيؤات الهرائية، والهذيانات التفاعلية ما بين الرؤى البعيدة عن أديم الأرض ومجالها البيئي.

المجتمعات البشرية تقتلها نخبها المتنرجسة الغارقة في ذاتها والمنسلخة عن هموم الجماهير ومعاناتهم اليومية القاهرة، التي تتسبب بها أنظمة الحكم الجائرة، التابعة للطامعين بالبلاد والعباد، والتي تنشغل بالإستحواذ على ثروات الوطن الذي تسلطت فيه.

والعجيب في أمر العديد من النخب أنها تجاري الواقع المأساوي وتبرر للكراسي، فتسوّغ مظالمها وإنتهاكاتها لحقوق الإنسان، وتستحضر من تحليقاتها الفنتازية ما يؤمّن لها مقاما مؤثرا في مدن الكراسي المسوّرة بالويلات والتداعيات الجسيمة.

فالمجتمعات التي تغيرت وتحضرت وأنجزت مشاريعها المعاصرة إنتقلت إلى آفاق القوة والإقتدار بعزيمة نخبها ورؤاهم الجريئة المتحدية، التي زعزعت الثوابت وغيرت المسارات وأحرقت المناهج القاضية بالإستعباد والخنوع.

فالبشرية تكونت بإرادة التحدي وقوة أفكار النخب الباسلة القائدة لمسيرة الأجيال، بما قدمته من آليات تفاعلية ومشاريع نهضوية ذات مفردات إنجازية متنامية.

وفي عالمنا المنهوك بنا، أكثر نخبنا ترقص على إيقاع الكراسي وتتعاضد معها للنيل من المواطن، وتكبيل الإنسان بالمآزق والمواجع والمكابدات المريرة، وعلى رأسها الحرمان من الحاجات الضرورية للحياة، ومنها الكهرباء والماء الصالح للشرب وفقدان الأمن والأمان، وهوان المؤسسات الخدمية ودوائر الدولة المحكومة بالتابعين والممولين من الآخرين، لتنفيذ برامجهم وتعزيز نواياهم للوصول إلى مآربهم العدوانية على الوطن والشعب.

فلماذا لا تكون النخب لسان حال الشعب؟

ولماذا يميل القسم الأعظم منها نحو الكراسي يتبرك بقوائمها ويركع أمام الجالسين فيها، وكأنهم من نسل إله عظيم؟

إنها تحديات نخشى الكلام فيها، والحقيقة المريرة أن العيب في النخب وليست في الشعب!!

***

د. صادق السامرائي

 

دُعِيْتُ يوم أمس 7 مارس2023 في الخامسة مساءً لحضور مهرجان "الوفاء لفناني الزمن الجميل" في المركز الثقافي الملكي، من قبل رئيسة جمعية سماء الثقافة الأديبة هيام فؤاد ضمرة، فلبيت الدعوة برفقة بعض ضيوفي الشخصيّين.

وقد سبق لي حضور بعض مهرجانات "سماء الثقافة" المتميزة من حيث الضبط والتنظيم ما شجعني على حضور هذا المهرجان وقد جذبني عنوانُهُ اللافت، كونه يتعلق بتكريم الفنانين الرواد الكبار الذين تُقْنَا لمشاهدتهم بعد أن أدّوا دورهم بإخلاص فيما أهملتهم السنون.

وكانت القائمة موفقة وإن تغيبت عنها بعض الأسماء الكبيرة، مثل: عبير عيسى وربيع شهاب وغيرهما؛ وذلك لضيق الإمكانيات كما تبين لنا لاحقاً.

ولا أخفي عليكم بأنني توقعت أن يكون المهرجان متميزاً كعهدي بالجهة المنظمة، ووفق فقرات البرنامج المنشور، والمعدة باحتراف، حيث اطَّلَعْنا عليه مسبقاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.

فقد انتهت فقرة تلاوة القرآن. تلتها كلمة راعي المهرجان، رجل الأعمال ظاهر العمروا الرئيس الفخري لجمعية سماء الثقافة، أعقبتها كلمة ترحيبية لرئيسة الجمعية المنظمة للمهرجان، رحبت فيها بالحضور، والمُكَرَّمين، ووزيرة الثقافة الدكتورة هيفاء النجار، حيث أثنت على اهتمامها بهذا المهرجان كما هو دأبها في المشهد الثقافي الذي يشيد بدورها التنموي الفاعل، ثم أعلن عريف الحفل الفنان المبدع سعد خليفة بصوته الفخم أولى الفقرات، وكانت قراءةَ بعضِ الآيات القرآنية بصوت الشيخ محمد رشاد الشريف، أعقبها بداية موفقة للفرقة الموسيقية..!

وفجأة فُغِرَتْ الأفواهُ بسبب الخروج المفاجئ لوزيرة الثقافة بعد تبكيرها في تسليم الدروع.. حيث قيل بعدها بأنها خرجت لارتباطها بموعد هام، دون أن تلقي كلمتها التكريمية الموعودة. ليس هذا فحسب، بل أنها لم تترك على المِنصة من ينوب عنها في إكمال الحفل فطلبت من القائمين على إدارة المهرجان بأن تنهي فقرة تسليمها المبكر للدروع ، وذلك قبل البدء بفقرات المهرجان، ثم تُسْتَأنَفُ تلك الفقرات بعد مغادرتها القاعة.

وللأسف. فالفوضى والأحاديث الجانبية شتت الجمهور على غير المألوف، ودروع التكريم لم تكن مرتبة على الطاولة بَعْدْ وفق الأصول؛ لأن فقرة التسليم كانت آخر الفقرات، أي أنه كان هناك الوقت الكافي لترتيبها وفق قائمة الأسماء كما هو مخطط لها  فبكرت الوزيرة بتسليمها.. فحصل إرباك اثناء تفقدها وتسليمها تباعاً في بداية الحفل، ورغم ذلك انقضى الأمر على خير.. ثم ارتبكت الفقرة الموسيقية التي كانت بدايتها موفقة.. وخلافاً لما هو معهود في الجماهير الثقافية فقد دبت الفوضى بين الحاضرين الذين دخلوا في هرج ومرج وبدأوا بالخروج خلف المُكَرَّمين الذين كان عليهم إتمام الحفل الذي نظم لأجلهم! ناهيك عن تدفق بعض الحضور وراء الوزيرة لالتقاط الصور التذكارية معها. وطويت الفقرات بعد ذلك الواحدة تلو الأخرى مفتقرة للضبط بسبب الفوضى التي عمت المهرجان.

كنت اتمنى للمهرجان النجاح لأهميته في زمن النسيان الذي غمر الرواد وتجاهَلَ عطاءَهم.

ويقتضي التنويه إلى أنه لا ذنب لجمعية سماء الثقافة ورئيستها الأستاذة هيام ضمرة فيما جرى من تجاوزات فنية وأخطاء غير مقصودة كوني كنت من ضمن جماهير بعض تجاربها الناجحة.. وكان من الممكن أن يكون هذا المهرجان التكريمي أفضلها لو تضافر الجميع على إنجاحه كل حسب دوره المنوط به وفق الخطة المتفق عليها والتقيد بالفقرات بدقة وثبات.

راجين الاستمرار في جمعيتهم الناشطة في ظل وزارة الثقافة التي نقدر وزنها بيننا وأهميتها في تطوير الشأن الثقافي باقتدار .

فلا ضير من استفادة جميع المعنيين بالشان الثقافي من الأخطاء لتطوير الأداء وتحقيق الأفضل.

***

بقلم بكر السباتين

8 مارس 2023

 

منذ أن أعلن عن ما يسمى بـ"سرقة القرن"، والمواطن العراقي واجه أطناناً من الكلام والخطب استهلكت معظم وقت الفضائيات، وخرج علينا من يعلن القضاء على الفساد وأنه قُبر وإلى الأبد، واستغرقنا في مناقشات ومشادات كلامية عن بطولة الذين كشفوا عن أسرار السرقة، وشاهدنا المتهم الأول نور زهير وهو يجلس بكامل قيافته خلف القضبان،

واستمعنا إلى تحليلات هيثم الجبوري عن براءته، وخرج علينا من يهتف باسم النائب "الهمام" الذي أعاد أموال العراق للعراقيين، وبسرعة البرق توقف الحديث عن ملفات فساد كبيرة وانشغلنا بتغريدات تحيي جهود الحكومة بالحفاظ على المال العام.

لكن اللافت أن موضوع "سرقة القرن" تم توظيفه في تثبيت تلك الصورة المصطنعة عن أن الحكومات السابقة لحكومة الكاظمي حافظت على المال العام، وحاربت الفساد، ولكن ماذا نفعل للإمبريالية الأمريكية التي فرضت علينا الكاظمي؟، ولأن النواب والسياسيين يعتقدون أن هذا الشعب ينسى بسرعة وأنه يملك ذاكرة سمكة وأن العراقيين لا يتذكرون أن أكثر من 80 مليار دولار نهبت من أموال الكهرباء وأن ميزانيات كاملة وبعشرات المليارات تم نهبها قي وضح النهار، وأن أموال الحصة التموينية حولها فلاح السوداني لحسابه الخاص، وأن أموال طبع الكتب المدرسية أوصلت مثنى السامرائي إلى قبة البرلمان، ولهذا كان لابد من اعتبار "سرقة القرن" هي الأخطر، بينما ما سرق من أموال منذ عام 2005 وحتى عام 2020 حق مشروع لمسؤولين ناضلوا في سبيل رفاهية هذا الشعب .

لقد جرت عمليات تشويه للحقائق بطريقة ممنهجة من الأكاذيب، حتى تصور الناس أننا كنا نعيش في دولة تحتل القائمة الأولى في سلم النزاهة والتنمية والتطور، وإذا بحكومة الكاظمي تضعنا على سلم البلدان الأكثر فساداً.

أتمنى أن لا يتوهم البعض ويعتقد أنني أدافع عن حكومة الكاظمي، فقد كتبت في نقدها عشرات المقالات، لكن ياسادة أن يسعى البعض لمحو 17 عاماً من الخراب ويوهمنا أن البلاد كانت تعيش في ربيع النزاهة، فهذا أشبه بنكتة سوداء.

لعل السؤال هو: كم مسؤول متهم بتبديد المال العام وسرقته؟ ثم ــ وهذا هو الأهم ــ من الذي يتحمل مسؤولية ضياع عشرات المليارات من الدولارات في مشاريع وهمية؟. بلغة الحساب لدينا أكثر من تريليون دولار من عائدات النفط دخلت إلى الموازنة منذ حكومة أياد علاوي وحتى حكومة عادل عبد المهدي ونريد أن نعرف أين ذهبت ولماذا ظل الحال على ما هو عليه .

إنسوا أن نور زهير خرج منتصراً ويعيش الآن في فيلته بشارع الأميرات وتعالوا نقر بأن الكاظمي ارتكب مخالفات مالية وإدارية وأن ملفات الفساد التي يتحدثون عنها الآن بها قدر كبير من المصداقية، ولكننا نسأل؛ أليست هناك ملفات فساد كثيرة يضعون تحتها عبارة " ممنوع الاقتراب"؟!

***

علي حسين

المراقب للوضع العام في العراق يجد تفاوتا في الانشغال بين المواطن والساسة، فالساسة مشغولين بترتيب اوراقهم حول قانون انتخابات مجالس المحافظات المقبلة ونظام سانت ليغو وما رافقها من جدل بين ممثلي الشعب داخل قبة البرلمان، بينما المواطن يئن تحت ضربات غلاء المعيشة وارتفاع الدولار وضحة المياه وقرب رمضان.

هذا التفاوت في الاولويات يزيد من الهوة بين الطبقة الحاكمة رأس الهرم واسفل القاعدة العريضة عامة الشعب، وهذا التباعد ينعكس سلبا على عدة مستويات منها: نسبة المشاركة في الانتخابات القادمة اولا؛. ثقة الجمهور بالطبقة السياسية ثانيا؛. دعم الشعب لمشاريع السلطة السياسية ثالثا؛ والذي سيتأثر بسبب عدم التناغم بين المطالب والاولويات.

ان دعوات الحكومة لدعم الطبقات البسيطة والمهمشة لا يتوافق مع اهتمامات البرلمان والقوى السياسية التي تخطط للبقاء في السلطة دون العمل الحقيقي والجاد على: ترجمة أقوال الحكومة الى قرارات وقوانين اولا؛ تنصر المواطن البسيط وتدعم ذوي الدخل المحدود.وكسب ود الجمهور بالعمل على تحقيق مطالبهم ثانيا؛ باعتبارها وسائل شرعية وبوابة للفوز بالانتخابات القادمة.

ان نشاطات بعض النواب الفردية التي نلمسها في تقديم الخدمات الى بعض المناطق هي استثناء من القاعدة بسبب غياب وتجميد مجالس المحافظات ذات الاختصاص، وهي محاولة لكسب جمهور تلك المناطق المنكوبة خدميا في اغلبها... وان كان الاستثناء ذا فائدة لانه يحقق اهداف وتطلعات شرائح احياء سكنية كبيرة، فما بالك لو تعمم هذا الاستثناء واصبح قاعدة وتوافقت جهود الحكومة مع دعم البرلمان والنواب على تحقيق تطلعات المواطن ودعمه في معيشته ومعاشه وسكناه ومعاناته.

انها دعوة الى القوى السياسية والبرلمان، لن ينفع إقرار قانون للوصول الى السلطة بطريقة سهلة وميسرة سانت ليغو او غيره، وليس من المعقول ان تتركوا معاناة الشعب وتنشغلوا باقرار قانون خاص لكل انتخابات، بينما اقصر الطرق الى كسب ود المواطن وصوته الانتخابي ونجاح العملية الانتخابية مهمل وليس ضمن حساباتكم؛ وهو ببساطة الاستجابة الى مطالبه والإحساس بمعاناته وتناغم اهتماماتكم مع اهتماماته.

***

جواد العطار

من سبقوه من عرب وعجم لم يفلحوا في حل الازمة الليبية، ربما لعدم الخبرة والاطلاع على الشأن الليبي، ربما لبعض العراقيل التي وضعتها القوى الخارجية، لأنها مستفيدة من استمرار الازمة، ايا يكن الامر، فان السيد باتيلي ابن القارة السمراء التي رزحت تحت المستعمر الغربي لعقود، يدرك فداحة ما وصلت اليه الامور في ليبيا، وعدم جدية متصدري المشهد من برلمان ومجلس دولة وحكومة في انهاء الازمة المستفحلة لأكثر من عقد من الزمن ، لتحقيق مصالحهم الشخصية او لتنفيذ اوامر الداعمين لهم خلف الحدود.

اعلن باتيلي نيته في انهاء الفترة الانتقالية التي طالت كثيرا من خلال لجنة تقوم بإعداد دستور مؤقت يتم بموجبه عقد انتخابات تشريعية ورئاسية قبل موفى العام الحالي 2023 ، الا ان السلطة التشريعية بغرفتيها البرلمان والدولة اعلنا ان ذلك يعتبر تدخلا سافرا في الشأن الليبي، وهذان الجسمان ومنذ نشوئهما لم يتفقا على النقاط الرئيسية لحلحلة الامور وبالتالي يعتبران من المعرقلين الأساسيين، فالتعديل الثالث عشر الذي صاغه البرلمان ووافق عليه مجلس الدولة غير كاف لإجراء الانتخابات ولكنها محاولة منهما لتعطيل خطة المبعوث الاممي، اما رئيس الحكومة المنتهي الولاية فانه يطالب بان يكون هناك استفتاء شعبي على الدستور المؤقت ليصبح قابلا للعيش لفترة، يحقق وجماعته من خلالها ما يطمحون اليه من اهدار للمال العام من خلال شراء ذمم بعض النواب والشخصيات الفاعلة والانفاق على الميليشيات الجهوية لتثبيته في السلطة اطول مدة ممكنة.

 الاخوان ومن معهم لا يريدون انتخابات رئاسية بل يطالبون بإجراء انتخابات تشريعية وان لزم الامر انتخاب رئيس الدولة من البرلمان المنتخب، لأنه بإمكانهم شراء اصوات النفوس الضعيفة لتنصيب رئيس محدود الصلاحيات، كما حدث عند انتخاب المجلس الرئاسي وحكومته وذلك بشراء ذمم بعض اعضاء لجنة ال75 فهي ورغم عمرها القصير نسبيا الا انها الحكومة الاكثر فسادا على مدى 12 الماضية.

يستطيع باتيلي الخروج بالبلاد الى بر الامان متى توافرت الارادة الدولية التي يمثلها في حل الازمة الليبية، وفي ظل الازمة الاكرانية يحاول الامريكان تحجيم الدور الروسي في ليبيا وهذا لن يتأتى الا بإجراء انتخابات حرة ونزيهة ينتج عنها انتخاب رئيس ذو صلاحيات تسمح له باتخاذ قرارات مصيرية يثبت من خلالها حيادية الدولة وعدم انجرارها خلف اطراف الصراع الدولي في اكرانيا، ومن ثم الطلب من كافة القوى الاجنبية المتواجدة على الأرض الليبية بالخروج وفق مدد زمنية محددة .

نكرر بان الدساتير تكتب في حالة السلم وليس في حالة الفوضى، البلد يعاني ازمات عدة ومنها المطالب الجهوية بشرق الوطن المطالبة ظاهريا بالفدرالية بينما في حقيقة الامر تدعو الى الانفصال، كذلك الإخوة الامازيغ الساعين منذ 12 عاما الى جعل لهجتهم التي يعتبرونها لغة، لغة رسمية في البلاد ويرفعون علمهم في مناطق نفوذهم، وهو ما يؤدي مع مرور الزمن الى انفصالهم وتكوين جسم سياسي جديد. أي ان الانفصاليون في شرق الوطن والمتشددين الامازيغ يسعون الى تشرذم البلد وتكوين اجسام قزمية، وهذا ما يسعى اليه الغرب الاستعماري وتنفذه اياد محلية للآسف.

نتمنى للسيد باتيلي النجاح في مهمته، ليفوت الفرصة على الساعين لحصد المزيد من الاموال ، والاخرين الراغبين في تقسيم الوطن. سيظل الوطن موحدا بفعل الشرفاء من أبنائه.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

هكذا صاغ فرج فودة استغرابه في إشارة إلى تناقض منطقي يقع فيه المؤمن بالإسلام .. !!!؟

في الواقع أن هذه النتيجة التي خرج بها الكاتب المصري حول هذا الموضوع انما هي نتيجة تعبر أما عن فهم قاصر للإسلام أو أنها نتيجة تتلائم مع ما يُحب ان يكون عليه الاسلام لأننا لايمكن أن نغفل أن الإنسان تحركه النوازع والأهواء وهذا وارد على كل انسان، ومن هذه النوازع ستجد الأنانية وحب الذات ومحاولة إثبات هذه الذات من خلال ماتحصل عليه من تأييد ودعم في مفصل مهم من مفاصل التأثير وهو أن يكون في نقطة الجدل التي دائما ماتحتمل التفاف المريدين والمؤيدين وتأثير ذلك سايكولوجيا على من يقف في نقطة الجدل ولا أدري إن كان مهتما بالعبودية التي لم تعد موجودة عند المسلمين ام بالخمر الذي يحرمه الاسلام !...؟

لماذا لم يحرم الاسلام العبودية!؟

في الواقع أن هذا السؤال من أعقد الاسئلة التي تُطرح في ساحة المسلمين والتي غالبا ما تواجه باجابات تقليدية تتراوح بين الاستنكار على السائل والتشكيك في نواياه وهذا دال على العجزعن اجابة السؤال وبين اجابة مكررة وهي أن الإسلام قد اكرم العبد واوصىٰ به خيرا ووحث على عتق الرقاب وغير ذلك مما لايجيب عن السؤال ويبقيه معلقا، في الواقع لم اشأ أن أذهب إلى بحث الموضوع بطريقة تقليدية لكي لا أخرج بجواب تقليدي متأثرا بما سبق من اجابات لعناوين لها أثر في جعل البحث مقيدا بحكم خصوصية ذلك الاسم او العنوان

فذهبت إلى البحث المنطقي مستعينا في ذلك بالله تعالى ومرتكزا على ماجاء في كتابه مما يتعلق بالمالك والمملوك أو العبد والسيد فوجدت مايلي

 اولا: ان مما كان سائدا في تلك الحقبة الزمنية في الجزيرة العربية  ‏بل في المجتمعات البشرية هو وجود طبقة الاسياد وطبقة العبيد وهي في الواقع كانت تمثل ماكان معتادا بين الناس ولم يكن الأمر مستنكرا او مُخزيا أو يمثل عارا بل أن من كان لايملك عبيدا يُنظر له نظرة دونية تحط من مكانته الاجتماعية وكل ذلك كانت تحدده القدرة المالية، لذلك فكلما زاد عدد العبيد كلما دل ذلك على غنى مالكهم ومقدرته ودرجته في قومه بل أن العبيد كانوا يتفاخرون على بعضهم بعبوديتهم احيانا عندما يكون عبدا عند سيد ذو شأن.. من هنا نفهم كم كانت العبودية متجذرة اجتماعيا ..

ثانيا: وهذا هو الأهم والاكثر تأثيرا وهو أن العبيد في ذلك الزمن كانوا يمثلون مساحة كبيرة من التبادلات التجارية فهم يمثلون أقيام مالية لأصحابها وهي معدلات مالية كبيرة إذا عرفنا أن أشكال الحركة المالية كانت موضوعاتها لاتتعدى عدد الاصابع وقد تكون هذه التجارة من أكثرها قيمة .. فكيف بعد ذلك من الممكن أن تأتي إلى هؤلاء لتقول لهم أن شرط إسلامهم أن يتخلوا عن أموالهم !!!؟ طبعا هذا غير متصور

لذلك فقد تعامل الاسلام مع هذه الحالة المعقدة كأفضل ما يمكن حيث حدد ثلاث معايير لهذه القضية:

الاولى: أنه من كان يملك عبدا فهو ملكه وله أن يحتفظ به إلى أن يسترد ماله أو أن يعتقه لوجه الله تعالى، لاحظ الدقة والحساسية في التعامل مع الأمر، حيث أنه تعالى قد ثبت للمالك ملكيته ولم يسلبها منه وجعل استرداد القيمة المالية هي أحد أسباب العتق أوأنه يتخلى طواعية عن تلك القيمة المالية لوجه الله تعالى وهذا ايضا فيه استبدال طوعي يتعلق بإيمانه فعلا أن الله سيعوضه عن ماله خيرا أو أنه لايستطيع أن يتصور هذه الحقيقة الإيمانية لنقص في إيمانه فياتي من هو أكثر يقينا فيشتري ذلك العبد ومن ثم يعتقه لوجه الله تعالى

المعيار الثاني: هو أنه لايجوز بعد ذلك استعباد من كان حراًبمعنى أن الحديث في اولا كان يتعلق بمن كان في واقع الأمر عبدا يساوي مالا لصاحبه، أما بعد الإسلام فلا يجوز ان تُجرى معاملة جديدة للرق والعبودية .. بمعنى أنه لايحق لصاحب مال أن يشتري حُرا لايملكه أحد، لأن معاملة البيع والشراء لابد لها من مشتري وبائع فأن كان حُرا فمن الذي يملك حق البيع لمشتري جديد!؟

المعيار الثالث: هو أن مايجري على اولا من تثبيت حق المالك يجري في مقابله تثبيت حقوق المملوك من حيث اكرامه وعدم الاضرار بانسانيته، لذلك ستجد في كتاب الله كثير من الآيات التي تنظم هذه العلاقة بين المالك والمملوك إلى أن تنفض هذه العلاقة بالعتق في أحد الأوجه التي ذكرتها وقد ثبت بالتجربة الواقعية أن خيار الاسلام في التعامل مع هذه القضية الشائكة كان هو الخيار الأفضل، لذلك تجد الان أن المسلمين بعمومهم ينظرون إلى العبودية على أنها أمر مخزي وغير عادل وغير أخلاقي وغير انساني دون الحاجة إلى حكم بالتحريم

***

فاضل الجاروش

 

 

1 ــ كوني من الجنوب العراقي، اتذكر ما كان الأمر عليه هناك، امي مثلاً، توفيت ولا تعلم انها مسلمة، كل دينها ودين أغلب الناس الذين حولها، انهم يحبون علي والحسين وابا الفضل العباس (ع)، كل مساء جمعة، تذهب والبعض من نساء القرية، لزيارة كنيسة قديمة، يعتقدن انها قبر السيدة مريم، يشعلن الشموع ، ويذرفن الدموع، وكل تقدم طلباتها، تقول امي، ان مريم "تطينه مرادنه" أي تشفي المريض وترزق المحتاج..لخ..، قرى عشيرة الأزيرج أنذاك كعائلة واحدة، تجمعها الأرض والمحبة والفرح الشحيح، بينها المسلم والمسيحي والصابئي المندائي واليهودي، وكذلك منفيي الأيزيديين في العهد الملكي، انتقلنا نحن الشباب الى بغداد، سمعنا هناك اننا "شروكيه" ولم نسمع اننا شيعة، وجمعت اغلبنا مدينة الثورة، فتحت امامنا ثورة/ 14 تموز الوطنية، فرص التعليم والعمل، فخرج من تلك المدينة، الشعراء والكتاب والفنانين والأعلاميين والأساتذة والأكاديميين. وعاد الدارسون في الخارج، فغرقت بغذاد بخيرة ما انجبته، "يتيمة الزعيم" الثورة.

2 - بعد الأنقلاب الأمريكي، في 08 / شباط / 63 الأسود، رفعت الطائفية رأسها، واصبحنا بقدرة قادر "شيعة"، ولو تقصى اي منصف، في النتاج الفكري والأدبي، لموهوبي ومبدعي بنات وابناء، الجنوب العراقي ووسطه، لما وجد فيها، نفساً طائفياً او قومياً، لكن وبالتحديد، بعد الأحتلال الأمريكي، الذي رافقه الأجتياح الأيراني، تغولت الهويات الفرعية، وانفلت التطرف الطائفي العرقي، وعبر التوافق الأمريكي الأيراني، على وأد الهوية العراقية، وتمزيق المشتركات الوطنية، بين المكونات المجتمعية، وضع حجر الأساس، لمشروع التقسيم على طاولة، مجلس الحكم الموقت سيء السمعة، فتم تحاصص العراق، ثروات وجغرافية ووطن ومواطن، على اساس مكوناتي، للبيت الشيعي رئآسة الحكومة، للبيت السني رئأسة البرلمان، وللأكراد رئأسة الجمهوية، فضاع العراق، بين التشيع والتسنن والتكريد.

3 - بتخطيط وخبث موروث، شاركت المراجع الدينية، في النجف وكربلاء بشكل خاص، في انجاز مشروع تقسيم العراق، عندما افتت على التصويت العاجل، لدستور الخدعة، والأشتراك في انتخابات التزوير، تصرفت كمندوب سامي، لرعاية المصالح والمطامع الأيرانية في العراق، ثم اصبحت وبيتها الشيعي، ركن أساسس في دولة الفساد والأرهاب، صاحبة مليشيات حشدية، ومصارف خاصة عملاقة، ولها في عواصم الكون، عقارات واسعة، فجعلت من مذهب اهل البيت، واجهات واعلانات تجارية، وحوانيت للأتجار بأعراض الناس والمخدرات، اننا هنا نتحدث عن بيت شيعي، من اعلى مرجع، وحتى اسفل قناص، يعاني من تلوث فساد تاريخي، فضائح الفساد والأرهاب، اسقطت عنه كامل الأقنعة، فأصبح التشيع الأيراني في العراق، وصمة لا تليق بالقيم العراقية، وحالة شاذة لا تنسجم، وعراقة لالمجتمع العراقي، ووجب على العراقيين، تحرير النجف وكربلاء، من تلوث النفوذ الأيراني، وادارة شؤونها من قبل رجال دين عراقيين، مشهود لهم بالوطنية والنزاهة والكفاءة المعرفية.

4 -انتفاضة الأول من تشرين/2019، رفعت اسمال المصداقية، عن جلد التشيع الأيراني في العراق، وكشفت عن فضائح ملفاتهم، للفساد والأرهاب، ولم يبق من عرش اكاذيبهم، سوى الأحتيال ومنطق الذخيرة الحية، واثبتوا انهم، لا يستحقون البقاء في العراق، ولا حتى الأقامة الموقتة، كانت انتفاضة بنات وابناء الجنوب والوسط، تعبيراً عن غضب الأرض والأنسان، لا بقاء لضيوف، يسرقون رغيف خبز من استضافهم واكرمهم، النجف وكربلاء عراقيتان، لا مكان فيهما لبراغيث الفتنة، حول اضرحة الأئمة، الغضب العراقي لا يحتمل اكثر، ان يدفع العراقي، دمه وثرواته وكرامته وسيادة وطنه، ضريبة لولائيين، من تحت خط الأنحطاط، وارضنا لا مكان عليها لأقدام الحثالات، عقدين من اللصوصية والخذلان، وجب على ضيوف التشيع الأيراني، ان ينصرفوا، قبل لحظة الأنفجار للغضب العراقي، ودم الشهداء، ساخن ثائر لا يتخثر، قبل اخذ ثأر ضحاياه، من مشروع التشيع الأيراني في العراق.

***

حسن حاتم المذكور

07 / 03 / 2023

 

مكن اليوسفي البلاد باستحقاق من فرص المرور إلى تنمية الديمقراطية بعدما لم يكن أحد، سواء في الداخل أو الخارج، ينتظر منها أن تحقق ذلك. انتخابات 27 شتنبر 2002 كانت منعطفا حقيقيا لترسيخ ارتباط السياسة بالتنمية. لقد كانت قائمة على التزام ثابت وقوي وعلى رهان تجاوز التوافق بعدما تعدى ذاته ومرتكزات وجوده. هذا الأخير كان قويا بين الطرفين اللذين اقتسما بشكل من الأشكال الشرعية الوطنية التاريخية في مغرب ما بعد الاستقلال.

أقيلت حكومة عبد الله إبراهيم سنة 1960 وتم توقيف جهود تحرير الاقتصاد الوطني، وعين السيد إدريس جطو رئيسا للحكومة سنة 2002، وبقي سؤال المآل المرغوب سياسيا مطروحا إلى اليوم. المؤتمر الاستثنائي لسنة 1975 في هذا المسار السياسي الزاخر بالأحداث كان محطة محورية. بعدما قاوم الوطنيون من أجل الاستقلال وعودة الملك محمد الخامس إلى عرشه، كان إقرار استراتيجية النضال الديمقراطي، عكس ما حدث آنذاك بمجتمعات الجوار المغاربي والعربي، بمثابة تعاقد واضح ورسمي من أجل العمل على تقوية النظام الملكي المغربي إقليميا وجهويا وإفريقيا بخيار الديمقراطية السياسية وتوطيد الإجماع الوطني للدفاع على الوحدة الترابية للمملكة.

المعركة اليوم من أجل بناء اقتصاد وطني حر وتثبيت الاستقلال الكلي للوطن صعبة وشرسة للغاية. عرقل طموح تشييد المغرب العربي مبكرا وأجهض التعاون والتضامن في شمال إفريقيا. عطلت وعسرت "القوة الثالثة" مراحل الانتقال الديمقراطي لمدة تجاوزت أربعة عقود، وعجلت من تفاقم الأوضاع العامة وتدهورها إلى أن تم التعبير الملكي عن ذلك بكون "المغرب مهدد بالسكتة القلبية".

خاطر حزب الزعيم بحجم وطن ولبى نداء الإيمان بالمستقبل، وتجاوب بصدق شديد وبدون حسابات سياسية مع تشبث ملك البلاد بإحداث التغيير منتصرا لمستقبل الشعب المغربي، وكان السند الشعبي للتجربة واضحا.

ترشح اليوسفي مرة واحدة في الانتخابات البرلمانية في حياته. لم يستحضر يوما ذاته. لم يسبق له يوما أن مرر إشارة انتهازية ولم يتبادل قط رسائل تواطئية مع أي جهة أخرى داخلية وخارجية. لم يفز وبقي متشبثا بالإرادة الشعبية كمصدر للشرعية الانتخابية. قرر منذ ذلك الحين عدم الترشح مرة أخرى.

عاد متفائلا. قاد مرحلة تواصل مكثفة طامحا الوصول إلى توافق صادق بنفس المنطلقات والمخرجات. تزعم الجهاز التنفيذي. نجح في إنقاذ البلاد من السكتة القلبية. عاش وضعية تنظيمية مؤرقة. امتعض من الخروج عن المنهجية الديمقراطية. تطورات الانتخابات الجماعية لسنة 2003 أرغمته على مغادرة سفينة العمل السياسي التي تقل مغربا آخر. تساءل في مذكراته كما حكاها للأستاذ بودرقة: أين نسير؟ مذكرا المغاربة بتفاصيل عرض محاضرته الشاملة ببروكسيل سنة 2003.

جوابا على سؤال لجريدة "العربي الجديد" يوم 11 أبريل 2015 قال اليوسفي: "شباب المغرب اليوم موضع اعتزاز، لأنهم يقبلون على العلم والثقافة بنهم وانفتاح، فقد باتت لدينا ثروة شبابية كبيرة، والشباب يحتلون مواقع هامة في البلاد. يؤدي الشباب دوراً ثقافياً واقتصادياً متميزاً، وتُشكّل مصدر قوة المغرب. وأملنا أن يعي هؤلاء الشباب مسؤولياتهم تجاه بلدهم وينفتحوا على العهد الجديد، وأن يقوموا بتجديد المغرب، لا سيما أن مكونات الشباب اليوم لا تقتصر على الرجال لوحدهم، بل تشمل النساء أيضاً. فالمرأة المغربية باتت ذات شأن وهي حاضرة بقوة في كافة الميادين، لذا نعوّل كثيراً على شبابنا".

لقد ذكر اليوسفي في نفس الحوار بدعوته للمغاربة وهو رئيس لحكومة التناوب إلى عدم تفويت فرصة وجود ملك شاب في حكم البلد. وأضاف: "واليوم بعد قرابة 16 عاماً أقول أن رؤيتي كانت في محلها، ولم يخب ظني، فالملك الشاب كان عند حسن تقدير الشباب المغربي، وتفهّم مشاكلهم على نحو جيد، وبالقدر نفسه على مستوى طموحات المغاربة جميعاً، بدليل أن المراقبين يلاحظون اليوم أن المغرب بلد متوازن ويسير في الاتجاه الصحيح".

***

الحسين بوخرطة

ان الزيارات المتكررة والمتعددة على العراق من قبل المجتمع العربي والدولي واللقاءات الجانبية والمباحثات السياسية والأمنية والاقتصادية مع بعض الدول وعلى مستوى عالي من التمثيل الدبلوماسي لدى هذه الدول دلالة على أن العراق يسير بخطى واثقة وثابة وعلى الطريق الصحيح في ظل التوازنات السياسية في العلاقة مع المجتمع الدولي وكذلك على الأهمية التي يمتاز بها والمكانة التي يحاول استعادتها وكل هذا يصب في مصلحة العراق دولة وشعبا تستطيع الحكومة العراقية من خلالها استثمار مصالحها الاقتصادية والأمنية والسياسية للشروع في بناء العراق من جديد والتخطيط السليم لإعادة البنى التحتية من خلال جذب الأموال والمشاريع إلى داخل العراق لتحسين الوضع ألمعاشي المتردي للفرد العراقي. فان هذا  الحراك الحكومي وهذه الثقة الحكومية في القيادة تساهم في تقوية الحكومة وزيادة ثقة المجتمع الدولي فيها فكلما شعرت الدول المحيطة به بالأمان والطمأنينة على مصالحها داخل العراق وسياسة الحكومة في الحفاظ عليها ومراعاتها يكون الدور فاعلا في مد يد العون للشعب العراق من خلال دخول الأموال الأجنبية لبناء الاقتصاد والمشاريع التي تساهم في إنعاش اقتصاد العراق الذي ينعكس طرديا على الواقع ألمعاشي للمواطن . فعلى الحكومة العراقية الاستمرار بهذا النهج الصحيح المدعوم من الدول الكبرى والمنظمات الدولية المؤثرة في سياسة العالم وقيادته وهيمنتها على اقتصاده لتكون الداعم الرئيسي الذي يستظل بظلها العراق وعدم تفويت هذه الفرصة المتاحة  من قبل المجتمع الدولي بعد خروجنا من مخاض عسير من التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية التي رافقت الحكومات العراقية السابقة والإرهاصات التي رافقت مسيرتها الصعبة أما الآن فأن المساحة المتاحة للحكومة العراقية العمل تحت غطاء المجتمع الدولي وخصوصا الحاضنة العربية الراغبة في إعادة العراق إلى حضنه العربي ومد يد العون بحسن النية وبدعم دولي واضح وصريح ومعلن وفق خارطة طريق جديدة تلبي طموحات الجميع في ظل التحديات العالمية والمتغيرات السياسية والصراعات التي تعصف بالعالم فأن قوة العراق بحكومة وطنية يكون فيها بمأمن من هذه الصراعات وتداعياتها التي تلقي بظلالها على الواقع العراقي وتأثيراتها على المواطن العراق وهذا ما لمسناه في الزيارات الأخيرة والوفود التي زارت العراق والفرق المنسقة مع الجانب العراقي كدولة حاضنة للقيام بدورها الفاعل في تقريب وجهات النظر في الخلافات الدولية وخصوصا المؤثرة على الواقع العراقي منها الجولات المكوكية بين إيران والسعودية والمؤتمر الأخير للبرلمانات العربية المنعقد في بغداد وزيارة الأمين العام للأمم المتحدة  والمناسبات الرياضية  التي يحتضنها كلها تضع العراق في موقعه الريادي والقيادي السابق مما يجعل العراق موضع اهتمام واعتبار لهذا الدور الذي يقوم به ونقطة التقاء لدول العالم على أرض العراق الحبيب كما كان سابقا عندما في وهجه وقوته وتأثيره الدولي.

***

ضياء محسن الاسدي

الدنيا ومنذ الأزل تقودها قوة واحدة، وفي مسيرتها لا توجد أكثر من دولة قائدة في وقت واحد، وهذا ديدن التفاعل الدولي على مر العصور، حيث تبرز قوة وتقضي على غيرها وتتسيد وتبقى على حالها المهيمن حتى تظهر قوة أخرى فتزيحها وتتسنم قيادة الدنيا بدولها كافة.

ولا يوجد في التأريخ ما يسمى عالم متعدد الأقطاب، فالدنيا أحادية القطبية وليست متعددتها، إنها في محنة الثنائية المتصارعة دوما.

وتجدنا اليوم وكأننا في دنيا غير دنيانا، ونتحدث عن عالم متعدد الأقطاب، وهذا أمر لم تعهده دول الأرض، ولا يمكنها أن تتواصل بظله.

فالقول بأن القوى الصاعدة ستتمكن من التفاعل المتكافل، حالة متخيلة لا تسمح بها إرادة الأرض الداعية للتصارع الدائب على ظهرها لتوفير طاقة الدوران السرمد.

فالذي سيحصل أن الأقطاب المتعددة التي سنظهر إن إستطاعت، ستدخل في دوامة تصارعية شرسة حتى تفوز واحدة منها بالقيادة والهيمنة.

ومن الواضح أن الدول الأوربية إستقرت نسبيا بعد الحرب العالمية الثانية بعد أن هيمنت عليها قوة ذات قدرة على توجيهها وفقا لمصالحها، وتجدها على شفا الإنحدار إلى ما كانت عليه قبل الحرب العالمية الثانية، فالحرب الدائرة أخذت تضع الأحجار على رقعة تفاعلية مغايرة، مما يعني أن الحروب الكبرى أخذت تزحف على جميع الأطراف.

فإلى أين تسير الدنيا؟

إنها أمام خيارين، أما أن تذعن القوة المهيمنة لإرادة القوى الطالعة، وتوفر لها ميادين التصارع والإنهاك، أو أنها ستواجهها ولن يفوز أي طرف في الصراع، بل ستتخرب المدن وتستباح الحياة، وربما سينتفي النسبة الكبرى منها، وتبدأ دورة البقاء من جديد.

والمطلوب جمهرة حكماء يديرون اللعبة الدامية المستعرة النيران، فأدوات الشر الفتاكة لها زئير في سوح المصير العسير!!

***

د. صادق السامرائي

 

قالت إحدى النائبات: يتمنى والدي لو كنتُ معلمة وإلى اليوم بعض الآباء يريدون لبناتهم أن يعملن في مجال التربية أو الهندسة أو الصيدلة بإستثناء السياسة.

بعض النساء تختار أن تكون في البرلمان والعمل في المجال السياسي وهذا أسوأ ما قد يحصل للعائلة ! لأن الأنثى في المنطق الذكوري خُلقت لتكون في البيت، وكثير من النساء يقعن ضحية للذكورية والإضطهاد والتَحكّم والعنصرية والضغط الإجتماعي العرفي والعشائري، فمنهن من منعها والدها من الدراسة وأخرى حرمها أخيها من الدخول إلى الجامعة وأخريات من القاصرات والمراهقات تزوجن بالفرض والغصب بسبب النهوة والفقر، ولغاية اليوم تعيش بعض الفتيات تحت القهر والجبر في دائرة الممنوع والعيب لا تستطيع الخروج إلا بإذن من والدها أو زوجها ولا تسافر أو تعمل أو تقضي وقتاً ممتعاً مع بعض الصديقات بذريعة الخوف والحفاظ ونظرة الناس وقسوة المجتمع .

لكن من حسن الحظ القسوة لم تطال بعض النساء اللواتي استطعن الوصول والحصول على وظائف ومراكز مهمة في الحكومة والسياسة والبرلمان ونجحنَ في اختيارهن العالم السياسي والجلوس في قاعات الدولة والمشاركة في الحلقات والإجتماعات النقاشية وحضرن الفعاليات والمؤتمرات ومثَّلن حكوماتهن في الدول، لكن حتى الآن لم تصل المرأة إلى تفعيل دورها السياسي في القيادة أو القرار فجميع قيادات الإئتلافات والأحزاب أو التيارات السياسية “رجال فقط ”، وربما يُمثِّلن النساء جزءاً كبيراً من البرلمان العراقي لكن التمثيل يتعلق بالعدد وليس الحضور أو القرار فلم تستطع إحداى النائبات تفعيل قانون العنف الأسري مثلاً لأن هنالك رجال في البرلمان رفضوا القانون .. لذا فإن النساء لا تمتلك دوراً حقيقياً وريادياً في المجتمع وهذا ليس نقصاً في عقلية وإمكانية وقرار المرأة لأن النساء الأوربيات أبدعن وأنجزن ومثلهن بعض النساء العربيات اللواتي أثبتن صلاحيتهن وقدرتهن في القيادة والنجاح في مزاولة المنصب .

لن تحصل المرأة على الأهمية في المحور السياسي تحت خط الصراع مع الذكورية والتخلف الفكري والقانوني الذي لا يخدم أو يدعم النساء الضعيفات المُضطهدات والمُعنفات .

***

ابتهال العربي

 

 

أبي زيد ولي الدين عبد الرحمن بن خلدون (1332 - 1406) ميلادية، المؤرخ العربي المشهور بمقدمته التي كتبها في خمسة أشهر سنة (1377) ميلادية في قلعة إبن سلامة في الجزائر، وهي الجزء الأول من كتابه (كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر).

مضى على تلك المقدمة (646) سنة ولا تزال ذات صدى وتأثير، وتعتبر حجر الأساس لعلم الإحتماع، وقد تناول فيها مواضيع متنوعة كالدين والبيئة والجغرافية  ومراحل العمران ونظم الحكم وشؤون السياسة والظواهر الإقتصادية وما يتعلق بها  من صناعات وكذلك الأمور النفسية، وغيرها العديد من الموضوعات التي تخص التفاعل البشري .

وما يثير الإنتباه في المقدمة ربطه بين الفكر واليدين، وإعتبرهما الميزة التي تفرق الإنسان عن باقي المخلوقات.

ولابد من الإشارة إلى أن الدماغ آلة العقل، وبدون الدماغ لا وجود للعقل، والدماغ يحرك أعضاء البدن ويوجه اليدين ويعينهما على إكتساب المهارات والقدرات التصنيعية، فبدون اليدين لا يمكن للبشر أن يأتي بمصنوع، ولو نضجت الفكرة في رأسه وتجسمت.

وعندما نريد الوصول إلى تعريف العقل، فهو نشاط الدماغ الكهرومغناطيسي، فالأدمغة محاطة بمجالات كهرومغناطيسية متوافقة مع قدراتها التوصيلية وما فيها من عُصيبات ناشطة، وبهذه الخاصية تتفاوت قدرات الأدمغة على جذب الأفكار وتصنيعها، وتطويع اليدين لإنجازها.

فالأفكار مبثوثة في الفضاء والأدمغة تجذبها بقدراتها الكهرومغناطيسية، وهذا التفاعل الفيزيائي بين الدماغ والأفكار يسمى العقل، الأفكار مثل الفوتونات الضوئية أو الأمواج الضوتية، وسيأتي اليوم الذي نتمكن من إختراع الأجهزة القادرة على تسجيلها.

وعودة إلى إبن خلدون الذي فقد أبويه في مطلع صباه بسبب الطاعون، والعديد من أساتذته، وكذلك عائلته وهي مبحرة لتكون معه في مصر.

هذا العالم العربي إهتم بالسلوك البشري الفردي والجمعي، ووضع نظريته في دراسة المجتمع وفقا لمنهج علمي واضح لا يختلف كثيرا عن مناهج الدراسات العلمية المعاصرة، فأحدث ثورة فكرية وثقافية وأطلق آليات التفاعل المبدع مع البيئة والمجتمع.

وأحيانا يبدو وكأنه قد فسر علاقة الأفكار بالسلوك وبالحالة النفسية للفرد والمجتمع، وهو دليل على أن الأمة تكنز طاقات إبداعية ومعرفية أصيلة، فعلينا أن لا نبخس بضاعتنا، ونرى أنفسنا بعيون العزة والثقة بالحاضر والمستقبل، وبأننا حتما سنكون!!

***

د. صادق السامرائي

 

فُطِرَ الانسانُ على عِشْقِ الجَمالِ وَكَراهيةِ القبحِ، ولكن للاسف رُبِّيَ انسانُنا على أَنْ يَرى القبحَ جمالاً والجمالَ قبحاً، من خلالِ الافكارِ المُتَطَرِفَةِ التي يُغَذيها تَأريخٌ من الدَمِ والقتلِ والاحقادِ والصراعاتِ والحروبِ والفتن. كُلُّ هذا القبح يغذيهُ كتابُ الفتنة وخطباء السوء، الذينَ يثيرونَ  الفتنة ويغذّون الاحقاد، وينشرونَ القتلَ والرُّعبَ.

 مردُّ ذلكَ كلِّهِ-في نظري-، الى فقدانِ الذائقةِ الجماليَّةِ. والاّ كيف يمارسُ التّكفيريُّ هذا الاجرامَ من قطعِ الرؤوس، وتكميم الافواه، وسبي النساء، بدمٍ باردٍ. لو كان هذا التكفيريُّ يتذوق الجمال، ولهُ ذائقةٌ تُمَيِّزُ الجميلَ من القبيح، لما ارتكب كلَّ هذا القبح. الذائقةُ الجماليَّةُ عند هذه الاجيالِ التكفيرية ارتكست ومسخت بحيث صار يرى أن مايمارسهُ هو الجمال بعينهِ، ومايراهُ الاخرون قبحاً هو الجمالُ بعينهِ.

 وعليه؛ اذا كنّا حريصين على انقاذ اجيالنا وشبابنا ومجتمعنا من هذا القبحِ الذي استطالَ شرُّهُ على ظهرِ هذا الكوكب؛ علينا أنْ نضعَ مناهجَ جديدة تشحذ الذائقةَ الجماليّةَ، وتعيد لهذا الشاب فطرتَهُ العاشقة للجمال بعد أن مسَخَها الافاقون. وَأعتقدُ أَنَّ كتاب "المراجعات" الذي كان حواراً رائعاً مفعماً بكل ماهو جميل، هو أفضل مقرر دراسيٍّ يقدم لهذا الجيل. الكتاب كان حواراً رائعاً كتب باسلوبٍ أدبيٍّ أَخاذٍ، وتضمن هذا الحوار أدبٌ جمٌّ، في عباراتهِ وكلماته التي تفوحُ منها رائحةُ الحب والمودة، بلا شتائم ولاسباب، كما نراها اليوم على الفضائيات التي تفوح منها رائحة الحقد والكراهية. والحوار كان بين علمين كبيرين، من علماء المسلمين، السيد عبدالحسين شرف الدين، احد كبار علماء الشيعة، والشيخ سليم البشري شيخ الازهر، العالم السني الكبير. هذا الكتاب يجب ان يدرس لاعادة الذائقة الجمالية لشبابنا الذي افترسته الحركات التكفيرية وملأت قلبه وعقله بكل ماهو قبيح. لو اصبح الجمالُ قيمةً ساميّةً تدرس في مراحل الدراسة لانشأنا جيلاً يمتلك ذوقاً جمالياً سليماً يصعب اختراقهُ ولحمينا هذا الجيل من كل ماهو قبيح، ولحصّناه بالجمال من اختراق الافاكين والمتطرفين.

***

زعيم الخير الله

 

 

في المثقف اليوم