أقلام حرة

أقلام حرة

اتى الى السلطة بالمال الفاسد من خلال شراء ذمم بعض اعضاء لجنة الـ75، اعترض على قرار اقالته من قبل البرلمان وسعى الى احداث انشقاقات بصفوفه من خلال الرشا التي قدم لبعض النواب وتعيينهم بالسفارات وهم لا يفقهون شيئا بالعمل الدبلوماسي، تشبث بالسلطة واغدق الاموال على الميليشيات المختلفة لتثبيت اركان حكمه، خلق تفاهم مع القيادة العامة المسيطرة على شرق البلاد، من خلال الافراج عن مرتبات منتسبيها والاتيان بمقرب لها لمؤسسة النفط التي تقوم  بتسويق النفط ومشتقاته خارجيا، تقرب الى كل من مصر والامارات ومنحهما عقودا لبعض المشاريع، علهما تخففان من لهجتهما الحادة نحوه باعتباره رئيس حكومة غير شرعي منتهي الصلاحية.

كان احد الاسباب الرئيسية التي أجهضت اجراء الانتخابات الرئاسية 24 ديسمبر 2021 ،بسبب ترشحه، متنكرا لتعهداته بعدم الترشح للرئاسة في حال توليه رئاسة الحكومة.

راهن على  الاختلاف بين محلسي النواب والدولة، وعندما ادرك ان امكانية توافقهما لوّح بان يعرض مشروع الدستور المعدل على الشعب للتصويت عليه وهو يعلم جيدا ان التعديل الثالث عشر للوثيقة الدستورية تعتبر مرحلية ومن ثم يصار الى انشاء دستور جديد للبلاد وفق اسس تتفق عليها معظم شرائح المجتمع بمختلف توجهاتها .

غض الطرف ان لم نقل مساهما في اعمال تهريب النفط ومشتقاته الى خارج البلاد لتستفيد منها الميليشيات التي يدعمها او التي يخشى التصادم معها وكذا الميليشيات التي تقوم بتهريب الاجانب الى اوروبا.

فجأة وامام التحولات المحلية الاقليمية التي ترسمها المصالح المشتركة، وإدراكه الكامل بإمكانية تغييره ،استعمل الطيران المسيّر لضرب معاقل مهربي البشر ومدخرات الشعب الليبي، ليظهر للعامة بانه حريص على اموالهم ولأوروبا بانه سيوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين اليها،عمل خلال حكمه على حل المشاكل بين الاجهزة الامنية التي تنضوي تحت حكمه والتي تسبب في مقتل مدنيين وقفل طرقات، بإغداف الاموال الطائلة لهم كي يستمر في الحكم.

اعادة اختيار اردوغان (الداعم الرئيسي له) رئيسا لتركيا، وبوادر سياسته الخارجية من خلال التغييرات التي احدثها اردوغان على تشكيلة حكومته الجديدة (تغييرات ملحوظة في الوزارات السيادية الرئيسة عقب تنصيبه السبت3 يونيو 2023 رسميا رئيسا لتركيا لولاية جديدة بحيث سيتولى الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات التركية حقان فيدان وزارة الخارجية ليحل مكان مولود تشاوش أوغلوا وعين خبيرا لإعادة النهوض بالاقتصاد المنهار) تنبئ بان تركيا سائرة في ركب التوافقات الاقليمية بما يرعى مصالحها من خلال تقاربها مع كل من مصر والامارات والسعودية، والتضييق على زعماء الاخوان الذين آوتهم ونصرتهم في فترات سابقة وسمحت لهم بإنشاء قنوات فضائية وابتزت من خلالهم حكوماتهم، والطلب من بعضهم الرحيل عنها وقد تقوم بتسليم بعضهم الى دولهم، فلا شيء يدوم في عالم السياسة.

نجزم بان الوقت لم يعد سانحا للدبيبة بإكمال مسلسله التأمري على الشعب الليبي حيث اهدر الأموال الطائلة فيما لا يعني، وان حكومته تضم المتناقضات، وما يجمعها هو الاستحواذ على المال العام، وأن سيطرته لا تتعدى حدود اقليم طرابلس التي امّنها له اردوغان. كما ان استضافة مدينة بنغازي (الخارجة عن طوعه) في الفترة من 12 إلى 15 يونيو الجاري2023 ،فعاليات معرض الصناعات التركية، على أرض معرض الهواري، برعاية بلدية بنغازي، والهيئة العامة للمعارض، يثبت ان تركيا ستسير في ركب التسويات الاقليمية لأجل مصالحها، ولم يعد يهمها الاشخاص، فهم بيادق يتم تحريكهم وفق الحاجة ورميهم في سلة المهملات .

تشكيل حكومة مصغرة تكون مهمتها الاشراف على الانتخابات البرلمانية والرئاسية، أصبحت تلوح في الافق،المؤكد انه لن يكون رئيسها ان رغب في الترشح للرئاسة، وبالتالي فان استخدامه للطيران المسيّر والذي الحق الاضرار بأهداف مدنية، لم يعد يجدي، فالتغيير قادم، اجلا ام عاجلا. وإنهاء حكومة اثبتت منذ مجيئها(5فبراير 2021) انها حكومة فساد مالي ،وانها لم تقم بتنفيذ أي من المهام الموكلة اليها (حل المليشيات واجراء الانتخابات) وان التهم التي وجهت لبعض اركانها ما هي الا ذر للرماد في العيون، وبعض الاحكام تعتبر صكوك غفران .

***

ميلاد عمر المزوغي

هل تمخض الأسد فولد فأراً أم أن في النتائج تكمن الحلول!

عقدت قمة المجموعة السياسية الأوروبية ببلدة بالبوكا، المحاذية شمالاً لإقليم ترانسنيستريا التي أعلنت عن استقلالها عن مولدوفا من جانب واحد، وعلى بعد أقل من ثلاثة كيلو مترات عن الحدود مع أوكرانيا، والخاضع لحماية القوات الروسية التابعة للأمم المتحدة.. الإقليم الذي يحتوى على أكبر مستودعات الذخيرة الموروثة عن الاتحاد السوفييتي السابق، مستودع كوباسنا والذي في تقديري لو تم استهدافه لنهبه من قبل الجيش الأوكراني وتعويض ما خسره من الذخائر سيتم تفجيره "وكأنك يا أبو زيد ما غزيت".

وهدد زيلينسكي بأنه إذا لم تتم الموافقة على مطالب بلاده للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، فلن يحضر قمة الناتة في يوليو المقبل

مع تشديده المطالبة بتكثيف الدعم العسكري، لبلاده التي تواجه حرباً واسعة منذ فبراير 2022، حيث تضمنت مطالبه المقاتلات الجوية الغربية.

ويرى مراقبون أن أوضح رسالة يرغب الأوروبيون في إرسالها إلى بوتين، عبر اختيارهم مولدوفا لعقد القمة، هي "وحدة الصف الأوروبي إزاء العمليات العسكرية التي تقودها موسكو في أوكرانيا".

وهو ما أكدته الرئيسة المولدوفية مايا ساندو، بقولها: إن هذه القمة "هي تعبير واضح عن وحدتنا وقوتنا وتصميمنا على العمل معاً كأسرة أوروبية واحدة لردع -ما أسمته- العدوان وتوطيد السلام في القارة".. بالإضافة إلى قرارها بفتح أرضي بلادها لأوكرانيا لمشاغلة روسيا في الإقليم الشرقي الذي تسيطر عليه.

ومع ازدياد منسوب التوتر بين روسيا ومولوفا في إقليم ترانسنيستريا فقد وعد المجتمعون بأنهم سيدعمون مولدوفا بكل الوسائل مؤكدين عزلة روسيا مع أن التضخم الذي أصاب الغرب، بسبب خسائر دعمه المفتوح لأوكرانيا جاء أضعاف ما حل بروسيا التي استعادت مكانتها في العالم، وأقامت شبكة علاقات دولية علنية ضمن مجموعة بريكس، وأخرى سرية في إطار السوق السوداء وحافظت على عملتها، الروبل،من الإنهيار.

وتذكروا كيف يعاد سيناريو الحرب الأوكرانية بكل تداعياته حتى يشبع الغرب شبقه ولو أدى الأمر إلى تدمير الحليف والخصم واستنفاذ طاقتيهما مع تغييب المنطق والعقل؛ ولكن هذه المرة سترسم خطوطه في مالدوفا.. إذ قالت رئيسة المفوضية في البيان الرسمي:

"رسالتي إلى شعب مولدوفا هي أننا نقف إلى جانبكم. نحن ندعمكم في كل خطوة على طريقكم إلى الاتحاد الأوروبي" .

هذا هو نفس السيناريو التحريضي الأوروبي الذي تسبب بدمار أوكرونيا دون ان تحلم بالقبول في حلف الناتو ما جعلها تغرق في مستنقع حرب طاحنة بالوكالة.

وقد اختلفت كلٌّ من ألمانيا وفرنسا على مبدأ قبول أوكرانيا في عضوية الناتو الذي لو تم لها ذلك، سيلزم الغرب بالدخول في حرب مباشرة مع روسيا، وألمانيا ستتكبد من جراء ذلك خسائر كبيرة بحكم قرب حدودها من روسيا.

إلا أن فرنسا في الجهة المقابلة، اقترحت قبول أوكرانيا في الناتو مستقبلاً ضمن مدة زمنية تقاس بالسنوات يتم تجديدها، على الأقل حتى يكون للقرار أصداء إعلامية ومردود معنوي في الصراع الراهن.

فهكذا يدمرون أوطانهم فيما العقل الأوروبي الجمعي في غيبوبة.. فهل أوكرانيا من أصله قادرة على التصدي للروس حتى تفتح على نفسها جبهة أخرى في إقليم ترانسينستيران الملدوفي؟

ثم ما هي الضمانات الأوروبية التي ستحظى بها دولة ضعيفة كمولدوفا إذا تورطت في حرب مفتوحة مع روسيا.. ألا تعتبر رئيستها بوعود الناتو لزلينسكي مع انت اوكرانيا هي الأهم جيوسياسياً بالنسبة لحلف الناتو!!

في المحصلة يريد المجتمعون في مولدوفا حسم الحرب الأوكرانية عسكرياً بالسلاح الغربي أو على طاولة المفاوضات، وفق الأجندة الغربية القائمة على ترتيب أوراق أي مفاوضات محتملة مع روسيا بمشاركة دولية (وخاصة الهند والصين والبرازيل) دون إشراك الدب الروسي في التحضيرات.. فقط ليتلقى الأخير الإملاءات دون مرونة !

مع أن المجتمعين يدركون بأنها رؤية استراتيجية ضيقة وعقيمة، إذْ لا تنسجم مع المنطق، لا بل فيها تأجيج للصراع وصبٌ للزيت على النيران المضرمة حتى لو أتت على عموم القارة العجوز.

***

بقلم بكر السباتين

3 يونيو 2023

هو الذي رأى وما رأى ولا أخبرنا بما رأى، ومضينا نتهمه بأنه هو الذي رأى، ونعاتبه لأنه لم يشرح لنا تفاصيل ما رأى.

فهل عاد إلينا الذي رأى؟

وهل حقا رأى؟

أم أنها تهيؤات غيبية وإدراكات سرابية، وتفاعلات ضبابية، تجعلنا نقرأ ما يكتبه الظلال على جدران الكهف الذي نندس فيه، ونحسب أن الوجود يتجمع في قيعانه ويتراقص على أكتافه.

إنها حيرة وجودية، ووقفة متحدية بين الذات المنهوكة باللا أدري، وتداعيات التفاعلات المتواكبة ذات القوانين القاضية بكينونة متبادلة ومتجددة.

فالإنسان لا يرى، ويتوهم أنه يرى، ويمعن في أوهامه ويؤكدها بالفعل الذي يكلفه حياته وما يتصل بها من مفردات ترابية، ومنطلقات روحية، لأنه في معترك الحيرة المستقيدة الداعية إلى حركة متوثبة نحو محطات يحسبها ذات شأن، وهي التي تواكبت وفق منهاج كوني محتوم ومرسوم بإتقان دقيق.

ويعود إلى ذاته ويتساءل عن معنى وجوده، بعد أن أنهكه صوت التراب الذي يريد إفراغه من طاقة التواصل والدوام المتجدد الخلاق.

ويدرك بعد رحلة عناء، أن الوجود ضباب، والحياة مهما تسامقت بنتُ خراب وخياب، ولكل مسيرة ختام، وللحيِّ يوم تمام.

تلك حقيقة أرى التي ما رأى فيها موجود غير ما لا يرى!!

***

د. صادق السامرائي

3\11\2020

قال مَن قال قبل عقود وعقود "أن العرب لا يقرأون". ومضينا نردد هذه الفرية التي نطق بها لسان معادي للعرب، واليوم تردني رسالة مفادها لقد صدق فلان حين قال " أن العرب لا يقرأون"!!

والسؤال: هل توجد إحصائيات مؤكدة عند أصحاب هذا القول بأن العرب لا يقرأون؟

معارض الكتب في دول العربية تتواصل، وتجد الناس تتوافد إليها، فلماذا نبقى متمسكين بمقولة أعداء العرب؟!!

الواقع يشير إلى أن العرب يكتبون ويقرأون أكثر من السابق، بفعل وسائل التواصل الإجتماعي، التي تتطلب المهارتين، والإقدام على شراء الكتب لا يزال في مستويات جيدة بالمقارنة إلى مجتمعات الدنيا.

العرب أمة كتاب، والقرآن كتابهم الذي يتوجب عليهم قراءته ليكتمل إيمانهم، والقراءة قد تعني الإستماع، فكما هو معروف في حاضرنا إنتشار الكتب المسموعة، والسماع كالقراءة، وأنا من هواة الكتب المسموعة، فهي تقدم مختصرات ومعلومات مكثفة ذات قيمة معرفية، ويمكنك أن تستمع لأكثر من كتاب في اليوم، حسب ظروفك.

قد يختلف الكثيرون معي، وأختلف مع نفسي، لأني كنت متوهما بأن العرب لا يقرأون، بينما الواقع يشير إلى غير ذلك، ومن خلال الملاحظات البسيطة، وما تبدو عليه التفاعلات عبر وسائل التواصل، والتي تشير إلى أن الوعي والثقافة العربية قد تنامت، والقراءة هي الأخرى تزايدت، وبضاعة الكتاب ليست كاسدة كما يُروجه أعداء الأمة.

والذين يقولون أن العرب لا يقرأون عليهم أن يقدموا إحصائيات رصينة، وليست تخمينية ومبنية على معايير غير صحيحة.

ولا ننسى أن أنظمة الحكم لا تشجع على القراءة لأنها لا تريد مواطنا واعيا، وتستعمل التجهيل للسيطرة على الناس والتحكم بحياتهم، وبحرمانهم من حقوقهم الإنسانية الطبيعية.

لكن العرب يقرأون وسينطلقون بقدراتهم العقلية ويتحققون، رغم التحديات والكراسي المناوئة لوجودهم العزيز!!

***

د. صادق السامرائي

القرصنة بالذكاء الاصطناعي هو مصطلح يشير إلى استخدام تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في عمليات الاختراق والتهكير. يعتمد ذلك على استخدام قدرات الذكاء الاصطناعي لاختراق أنظمة الكمبيوتر والشبكات الاجتماعية واستغلال الثغرات الأمنية.

تقوم القرصنة بالذكاء الاصطناعي على استخدام خوارزميات وتقنيات التعلم الآلي لتحليل البيانات واكتشاف الثغرات الأمنية وتنفيذ هجمات متقدمة حيث يتيح للمهاجمين استخدام الذكاء الاصطناعي لتكوين نماذج تنبؤية تعمل على اختراق أنظمة معقدة بشكل أسرع وأكثر فعالية.

من أمثلة استخدام القرصنة بالذكاء الاصطناعي يمكن أن نذكر تنفيذ هجمات الاحتيال عبر الإنترنت حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل البيانات المسروقة واستخدامها في تنفيذ هجمات احتيالية متطورة مثل الاحتيال المصرفي وسرقة هوية الأفراد.

يمكن أيضا استخدام القراصنة للذكاء الاصطناعي واختراق الشبكات الحاسوبية لاكتشاف ثغرات الأمان واختراق أنظمة الشبكات المحمية وتحليل سلوك المستخدمين والتعرف على أنماط الهجمات المحتملة.

من جهة أخرى تنطوي القرصنة بالذكاء الاصطناعي كذلك على تحديات أمنية جديدة تتطلب اتخاذ إجراءات وقائية متقدمة للحماية تشمل تحسين أنظمة الكشف عن التهديدات والاستجابة لها وتوفير التدريب والوعي الأمني للمستخدمين وتعزيز سلامة البرمجيات والشبكات.

هناك عدة سيناريوهات لاستخدام القرصنة بالذكاء الاصطناعي لاختراق أنظمة الحواسيب والشبكات لسرقة المعلومات الحساسة مثل البيانات المالية أو المعلومات الشخصية. قد تستخدم أيضًا لاختراق أنظمة التحكم الصناعي والبنية التحتية للبلدان مثل الشبكات الكهربائية أو الشبكات النقل.

وبالتالي، فإن القرصنة بالذكاء الاصطناعي ليست محصورة في جانب الهجمات فحسب، بل يمكن استخدامها أيضًا في تعزيز جهود الدفاع السيبراني وتحليل سجلات الشبكة والكشف عن أنماط غير طبيعية أو أنشطة مشبوهة تشير إلى هجمات محتملة.

يمكن أيضًا استخدامها في تطوير أنظمة تحليل الأمان المتقدمة التي تتمكن من اكتشاف الهجمات والاستجابة لها بشكل أسرع وأكثر فعالية.

ومما لاشك فيه مع تطور التكنولوجيا، يزداد توسع القدرات والتحديات في مجال القرصنة بالذكاء الاصطناعي. لذا، على الشركات والمؤسسات والمنظمات أن تحافظ على زيادة الاستثمار في حماية أنظمتها وتوظيف المهارات والخبرات المتخصصة لمكافحة هذه التهديدات المتقدمة.

***

عبده حقي

الأوضاع الإنسانية في السودان متردية ومزرية إلى أبعد حد كما هي في الكثير من البلدان التي ابتليت بحكام عسكر، لا هم لهم سوى السلطة، وشبح الموت يحلق فوق الرؤوس ليلا ونهارا ليقتل الناس بدم بارد وبلا ذنب، وقوافل الاغاثة الإنسانية الدولية لا تجد ممرات آمنة تتحرك فيها وليتلف بسببها كل ما تحمله من مواد اغاثة عاجلة للمتضررين بشدة من هذه الاوضاع الحياتية الصعبة، والاجواء السياسية مشبعة بروح العداء الشديد إلى حد القطيعة التامة بين الفرقاء المتصارعين علي السلطة مما يجعل الأفق السياسي مسدودا أمام كافة الحلول والتسويات المطروحة عليهم وليرجع الموقف في كل مرة بأطرافه الى المربع الاول من جديد، والدولة السودانية مشلولة ومتوقفة عن القيام بدورها في خدمة شعبها وهو يمر باسوأ ازمة في تاريخه، واقتصاد السودان يكاد يكون مدمرا بفعل فراغ السلطة وغياب اجهزة اتخاذ القرار ومع تسيب الأمن وتفشي الفوضى وتوقف الأعمال وتعطل دورة الحياة، والوسطاء الدوليين على وشك ان يرفعوا ايديهم عن السودان ويتركوا الموقف برمته لأصحابه حتى وان غرقوا مع بعضهم في حرب أهلية تلتهمهم جميعا، لأكثر من شهر ونصف الآن وأزمات الحكم في السودان تسوء وتتعقد وتنذر بالمزيد من العواقب والتداعيات المدمرة ولا احد من كل هؤلاء المسئولين الكبار يحاول ان يستوعب الخطر او ان يتعلم الدرس... وسوف يتضاعف تيار النزوح والهروب الجماعي ليتجاوز مئات الآلاف إلى الملايين.. و تزداد مشكلات دول الجوار سوءا وتفاقما وقد تضطر إلى إغلاق حدودها لوقف نزيف الهجرة القادمة إليها... فما الذي كان يدعو إلى هذا كله؟ واين كانت عقولهم وضمائرهم؟ ولحساب من حدث للسودان كل ما حدث؟.

***

عبد الخالق الفلاح - كاتب واعلامي

كثيرة هي الآثار السلبية التي تخلفها حوادث اصطدام السفن بالشعاب المرجانية على البيئة البحرية عموما وهذه الشعاب المرجانية على وجه الخصوص. خصوصا وإنها (أي الشعاب المرجانية) تنطوي على كثير من الاهميات، اقتصادية كانت او سياحية أو علمية أو جمالية أو بيئية، وتتمثل هذه الآثار ب: - أولا: كسر وتحطيم مساحات متفاوتة من هذه الشعاب المرجانية وفقا لحجم السفن ووزنها ووزن ونوعية الحمولة التي تحملها وطبيعة ونوعية الحادث. ثانيا: احتمال تلويثها للمياه جراء تسرب كميات من الوقود المستخدم فيها، أو تسريب محتويات الحمولة نفسها إذا كانت محملة بالنفط ومشتقاته أو مواد سائلة أخرى، مع احتمال تسرب القذارة والمخلفات ومياه الصرف الصحي الموجودة على متنها، وإمكانية سقوط الحاويات المحملة بها في البحر. ثالثا: الاضرار بجمالية المنطقة التي تقع فيها حقول الشعاب المرجانية تلك، خصوصا بعد اكتظاظها بسفن وحوامات وفرق الإنقاذ التي ستهرع اليها حتما من أجل انقاذ الركاب والطاقم المشغل لها، وللتقليل من المخاطر والخسائر التي تصاحب حادث الغرق عادة. رابعا: الاضرار بمختلف الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بمنطقة الحادث، مثل الصيد والرياضات المائية والسياحة والملاحة والتجارة وتحلية المياه واستزراع الأسماك وغيرها. خامسا: الاضرار بالكائنات البحرية التي تعيش بين الشعاب المرجانية المتضررة جراء حوادث الاصطدام وما حولها وهي كثيرة. سادسا: احتمال الاخلال بالتوازن المائي والتوازن الحيوي (البيولوجي) في البيئة البحرية والساحلية مع المساس بالخواص الكيمياوية والفيزيائية لمياهها. 

والتاريخ حافل بمثل هذه الحوادث، نذكر منها على سبيل المثال: حادث غرق عبارة (سالم اكسبرس) العائدة إلى شركة (سما تورز) للملاحة وحاملة علم (بنما) في 14 كانون الأول 1991 على بعد كيلومترات قليلة من ميناء (سفاجا) المصري نتيجة دخولها منطقة الشعاب المرجانية، الامر الذي نتجت عنه أزمة على أكثر من صعيد. وحادث جنوح سفينة الحاويات (كاسكل هامبورغ) الصينية بطول (180 × 30) م والمحملة ب (9000) م3 من الوقود إلى موقع الغوص (وود هاوس) بمنطقة الشعاب المرجانية في مضيق (تيران) في خليج العقبة بمصر في 31 كتنون الأول 2009. والذي تسبب بإتلاف وتحطم مساحة نحو (1500 – 2000) م 2 من الشعاب المرجانية وبعمق (45) م. فترتب على الشركة المالكة للسفينة دفع تعويضات بقيمة (26) مليون جنيه عن ذلك التلف. 

وغرق اللنش السياحي (أمبر تريزا) في حادث مماثل في منطقة محمية (رأس محمد) المليئة بالشعاب المرجانية بتاريخ 16 كانون الأول 2009 وتسببه بكسر وتحطيم نحو (24) م2 من الشعاب المرجانية. واصطدام ونش (البرنس) السياحي في آذار 2012 بحقل الشعاب المرجانية في شواطئ الغردقة المصرية عندما كان في رحلة سياحية لممارسة الغوص. 

وفي نيسان 2010 دخلت السفينة الصينية (شين ننج 1) العائدة لمجموعة (شين تشين للطاقة) التابعة ل (تشاينا أوشن شيبينغ) المملوكة للدولة (كوسكو) بطول (230) م منطقة (دوغلاس شوال) من الحيد المرجاني الكبير في استراليا وعلى متنها (975) طنا من زيت الوقود الثقيل بالإضافة إلى (62000) طن من الفحم. فتسرب منها الوقود الثقيل (2 طن)، وكانت أن تسببت بأزمة بيئية حقيقية في المنطقة خصوصا وان الحادث قد وقع بالقرب من هذا الحيد الذي يحتوي على أكبر مجموعة مرجانية في العالم (400 نوع)، ويمتد على الساحل الشرقي لأستراليا بمساحة (345000) تقريبا، وتعيش فيه أنواع الرخويات (4000 نوع) والأسماك (1500 نوع) وغيرها من الحيوانات ومنها نادرة. وتدر الأنشطة والبرامج السياحية المرتبطة به في المنطقة نحو (6) مليارات دولار استرالي سنويا. فترتب على الشركة مالكة السفينة أن تدفع غرامة بقيمة (21،3) مليون دولار امريكي عن الاضرار التي تسببت بها في الحادث.

و بتاريخ 5 تسرين الأول 2011 اصطدمت سفينة (ريتا) للحاويات بطول (236) م بالشعاب المرجانية بالقرب من (نارانجا) على الساحل الشرقي ل (نورث ايلاند) النيوزيلندية وعلى متنها (1368) حاوية سقط منها عددا وتسرب منها (350) طنا من الوقود من أصل (1700) طنا في (ستروليب) منها (20 – 30) طنا في خليج (بليتني) الذي يعج بالأنشطة والفعاليات السياحية، لتهدد البيئة البحرية والساحلية في المنطقة، ولتشكل أخطر كارثة بيئية شهدتها البلاد وفقا للتقارير الرسمية.

***

بنيامين يوخنا دانيال

...................

للمزيد من الاطلاع، ينظر (السياحة والبيئة: مقالات) للباحث. مطبعة بيشوا، أربيل – العراق 2011.

مجتمعاتنا تميل للتبعية والخنوع للإرادة الفردية، وكأن مولداتها تتوطننا، وتطغى على التفاعلات القائمة في بيئتنا المجتمعية.

ونراها بوضوح في ميادين الإبداع بأنواعها، فنجعل شخصا ما إماما ورمزا لا مثيل له، ونتوهم بأنه أتى بآيات الروعة والسحر والبيان والجمال، ونمضي بتفخيمه وتمجيده، وبعد وفاته يتحول إلى مقدس لا يُضاهى، وعنده تنتهي أنهار الإبداع وروافده.

وفي السياسة والأدب والإجتماع والفلسفة وغيرها، نصنع أصناما نتعبد حولها، وكأن الأمة عُقمت بعدهم، ولن تلد غيرهم أو أمثالهم.

بل أن البعض صارت تبعيته ذات إقترابات إقرانية شرطية شمولية، فأصبحنا نتحدث عن جيل لا يماثله جيل، وعن جيل مقدس وآخر منبوذ.

وكل يتوهم ويرعى أوهامه، ويمضي في متاهاتها، وكأنه لا يسير فوق التراب، ويميل للتحليق فوق ظهر السراب.

فالكثير من عاداتنا وتفاعلاتنا الإبداعية مبنية على التبعية المفرطة، التي تعني أن لابد من الخطو على ذات المسار، وإن لم تستطع فأنك ستترنح وستتمايل وستسقط كالسكران الذي يسير على خط مستقيم.

ولهذا فإبداعنا مقيّد لا يعرف الحرية والقدرة على العطاء الأصيل، وما دام هناك ما تقاس عليه، فالكثير من الأسماء تأبدت في وعينا الجمعي، وتصلدت وتحولت إلى أطواق في الأعناق، وجدران تحجب النظر والرؤية الواضحة، وكأنها الأوثان والأصنام، التي نؤدي طقوسنا التعبدية بحضرتها.

فعندما نتكلم عن الشعر ينهض أمامنا ملائكته وسلاطينه الذين توجناهم ملوكا علينا، وأعلنا أن الشعر يتوقف عندهم.

ونغفل أن البشر إبن زمانه ومكانه ولا يمكنه أن يتماثل، أو يتحكم بمصير رؤى أجيال من بعده ذات مكان وزمان مغاير.

وهذه العلة تساهم بإستنقاع وجودنا، وتفريع الإبداع من جوهره المتفاعل مع عصره.

ويبدو أن التبعية غريزة مستفحلة في سلوكنا، وكأننا كفراخ البط التي تتبع أمهاتها، فلا بد لنا في كل ميدان أمٌ نتبعها، وتلك عاهتنا الكبرى ومعضلة وجودنا الكأداء!!

***

د. صادق السامرائي

المادة التي دمرت الحريات العامة على مدى عقود وسمحت بالاعتقالات التعسفية في كل مكان وزمان:

تتجسد بالمادة  (50) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971.

الأصل والإستثناء

الاصل ان يتم التحقيق باشراق قاض تحقيق او محقق عدلي معين من مجلس القضاء وهذا مايتفق مع المبادئ الدستورية في حماية الحريات العامة من التعسف والفساد والدعاوى الكيدية، والذي تنص عليه الوثائق الدولية، (ان يحاكم الفرد المتهم امام قاضيه الطبيعي).

وهذا مانصت عليه المادة 49 من القانون اعلاه. ولكن هذه المادة نسفت نسفاً مدبراً بالمادة 50 منه، اذ اوكلت التحقيق الى المسؤول في مركز الشرطة (ما هي رتبة المسؤول في مركز الشرطة اثناء الدوام او الخفر! مجهولة لم تحدد. وقد يكون مفوض شرطة او رتبة ما في دائرة الامن واعطته سلطة محقق!).

اذا اعتقد هذا المسؤول (وهنا الكارثة وهو دائماً يعتقد) ان احالة المخبر على الحاكم او المحقق تؤخر به الاجراءات مما يؤدي الى ضياع معالم الجريمة اوالاضرار بسير التحقيق او هرب المتهم!!. فيقوم هو بالتحقيق

اين القاضي الطبيعي؟

نصوص المواد

مادة 50

أ – استثناء من الفقرة الاولى من المادة (49) يقوم المسؤول في مركز الشرطة بالتحقيق في اية جريمة اذا صدر اليه امر من حاكم التحقيق او المحقق او اذا اعتقد ان احالة المخبر على الحاكم اوالمحقق تؤخر به الاجراءات مما يؤدي الى ضياع معالم الجريمة او الاضرار بسير التحقيق او هرب المتهم على ان يعرض الاوراق التحقيقية على الحاكم او المحقق حال فراغه منها.

ب – يكون للمسؤول في مركز الشرطة في الاحوال المبينة في هذه المادة والمادة (49) سلطة محقق.

علماً ان المادة 49 المستثناة غير المطبقة غالباً بناءاً على اعتقاد المسؤول في مركز الشرطة تنصعلى انه:

مادة 49

أ – على أي مسؤول في مركز الشرطة عند وصول اخبار اليه بارتكاب جناية او جنحة ان يدون علىالفور اقوال المخبر ويأخذ توقيعه عليها ويرسل تقريراً بذلك الى حاكم التحقيق او المحقق واذا كانالاخبار واقعاً عن جناية او مشهودة فعليه ان يتخذ الاجراءات المبينة في المادة (43).

ب – اذا كان الاخبار واقعاً عن مخالفة فعليه تقديم تقرير موجز عنها الى المحقق او حاكم التحقيق يتضمن اسم المخبر واسماء الشهود والمادة القانونية المنطبقة على الواقعة.

جـ – يجب على المسؤول في مركز الشرطة في جميع الاحوال ان يدون في دفتر المركز خلاصة الاخبار عن كل جريمة والوقت الذي وقع فيه الاخبار.

***

فارس حامد عبد الكريم

النائب الأسبق لرئيس هيئة النزاهة الإتحادية.

قرأتُ بضع كتب حول الحملة الفرنسية على مصر، وتكاد  كل تلك الكتب تُطري تلك الحملة وتؤكد على أن حملة نابليون بونابرت على مصر كان لها دور كبير في النهضة المصرية، وبالتالي على الشرق كله الذي كان يعيش عصور الانحطاط والتخلف تحت حكم الأتراك العثمانيين!

واعتقدتُ لزمن طويل أن ذلك رأي مسلم به في تاريخ العلاقات الثقافية بين الشرق والعالم، وهو لا يحتاج الى نقاش، إذ وجدته يتكرر في أكثر من مقال أو دراسة! وأي باحث أو دارس لتاريخ النهضة في مصر أو الشرق إلا وأشار الى الحملة الفرنسية، ويقول بعضهم انه اللقاء الأول بين الشرق والغرب! رغم أن العلاقات السياسية والحضارية بين مصر والغرب تعود الى أيام الصليبين ولويس العاشر، وتلك العلاقات لم تنقطع لا قبل حملة نابليون سنة 1798 ولا بعدها...

وكان للكاتب القومي الكبير ساطع ألحصري رأي أخر، وبـأدلته وحججه، في كتابه أحاديث وأراء في التاريخ والاجتماع، إذ يُحطم هذه المسلمة من الأساس، ويفندها ويصفها بوصفها الحقيقي وهو أن نابليون جاء الى مصر مستعمراً ضمن الصراع بين فرنسا وانجلترا في أطار حملة الاستعمار العالمية التي شاركت فيها أكثر من دولة أوروبية، وما كانت حملته الدموية تهدف الى أي شكل من أشكال النهضة، وما خلفته هو الدمار والقتلى والحرائق، ولم تخلف شيئا من أثار الحضارة أو التمدن!...

وفند دعاوي الباحثين الذين يقولون بآثار الحملة الفرنسية على  مصر ورد عليهم بالحجة والدليل ...

ــــ فالمطبعة دخلت مصر والشام قبل الحملة الفرنسية ...

ـــ فك الرموز الهيروغليفية  الفرعونية وحجر الرشيد... فشامبليون زار مصر سنة 1827، أي بعد ثلاثين سنة من نهاية الحملة وفشلها ...

ـــ أما التأثير الثقافي لفرنسا يكاد يكون معدوماً أثناء الحملة لأنها كانت مرحلة حرب استعمار تواجهها حركة دفاع عن الوطن قوية ...

ـــ الفرنسية مثل الانجليزية أو الألمانية أو الروسية فهي إحدى روافد الثقافة العالمية التي تنتشر في مصر أو غيرها من دول العالم أو بسبب أهمية الأدب الفرنسي عالميا ولا علاقة لها بحملة نابليون الاستعمارية...

***

بقلم عبدالقادر رالة

يكثر الحديث هذه الايام عن طريق الحرير الذي يستند الى الاتفاقية العراقية الصينية التي وقعت عام ٢٠١٨ في حكومة عادل عبد المهدي وبين طريق التنمية او القناة الجافة التي تسعى الى تنفيذها حكومة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني ، وبين توقف تنفيذ المشروع الاول والاستعداد لتنفيذ المشروع الثاني يثار السؤال: ايهما اصلح للعراق ان تبنى مصانع فيه ام ان يكون طريقا لمرور البضائع؟.

لا يخفى ان الاجابة على هذا التساؤل تستوجب الوقوف عند نقطتين:

الاولى - مصلحة العراق خالصة وبعيدة عن أية حسابات اخرى.

الثانية - رأي اصحاب الاختصاص لا قرار السياسيين.

فالعالم المادي اليوم يعتمد التنافس الاقتصادي الذي يستند الى تحقيق المكاسب على حساب الدول الصغيرة فلا صداقات دائمة بل مصالح دائمة ، فالصين مثلا لن تهب أحدا مصانع ومعامل مجانية بل تقوم بانشاء مدن صناعية عمالها من الصينين فقط اضافة الى مزايا تطوير للبنى التحتية وبضاعتها تباع وتسوق بسعر اقل بعد طرح اجور النقل والشحن ليس في داخل البلد الذي أنشئت فيه فحسب؛ بل حتى تصدر للبلدان المجاورة له مستفيدة من مزايا الاعفاءات الجمركية على البضائع التي تنتج داخل البلد مثلما يجري في بعض الدول الافريقية... لذلك عمدت اغلب الدول وبالذات الخليجية منها الى ابعادهم في المناطق الحرة الحدودية مثل ميناء جبل علي في الامارات وميناء مبارك في الكويت.

إذن مشروع الاتفاقية العراقية الصينية الذي وقع ولم يدخل حيز التنفيذ ولم ينشر كان محاولة من حكومة السيد عادل عبد المهدي لانقاذ البلد الذي يعتمد الاقتصاد الربعي وتتقاذفه تداعيات تركة الحرب المكلفة جداً على داعش وانخفاض اسعار النفط في حينها.

لكن العراق اليوم بأفضل حال مع ميزانية انفجارية تتجاوز ١٠٠ مليار دولار واستقرار امني وخطوات جيدة في معالجة الكثير من تركة الفترات السابقة ، ويطرح رئيس حكومته مشروع طريق التنمية الذي يربط نقل البضائع بين دول المنطقة باعتبار العراق محطة ترانزيت لمرورها ، وهذا مشروع ليس بجديد وسبقتنا اليه الكثير من الدول ، بل ان الألمان قبل اكثر من مئة عام طرحوا مشروع سكة حديد بغداد برلين لنقل المسافرين والبضائع ولولا اندلاع الحرب العالمية الاولى لدخل المشروع حيز التنفيذ الى يومنا هذا.

مشكلتنا الحقيقية اليوم هي في تصدر السياسي للقضايا الاقتصادية اولا؛ وتعاطي الاعلام معها بشكل منافي للوقائع ثانيا؛ وجعل مصالح البلد العليا عرضة للمزايدات ثالثا؛ وجهل المواطن بما يجري وأين الصواب رابعا؛ بما يضر بالأداء الحكومي عامة والأحزاب والعملية السياسية خاصة.

ان الحل يكمن في تصدر ذوي الاختصاص للقضايا الاقتصادية وتقرير مصير المشاريع المستقبلية التي تعود بالنفع الاكبر على العراق واجياله القادمة سواء اكان طريق الحرير او طريق التنمية او الاثنين معا ، اما دون ذلك فان اي قرار سياسي ذو بعد اقتصادي غير مدروس بعناية قد يكون له تأثير غير ايجابي ليس على الجيل الحالي بل حتى الأجيال القادمة.

***

جواد العطار

تردني منشورات تذكر أسماء العديد من أعلام الأمة الذين أصابتهم يد السلطة بالتنكيل والإذلال والإمتهان والقتل، ويكون عنوان المنشورات: الأمة تقتل عقولها وجهابذة المعارف والعلوم فيها.

وهذه فرية لا رصيد لها من الواقع، فالذي يقتل ويهين العلماء والعقول المنيرة هي الكراسي لا غير، ولا يصح أن نقرن الأمة بالكرسي.

وسلوك الكراسي المناهض لأصحاب العقول المتنورة، جرى في أمم الدنيا الأخرى، في روسيا في النصف الأول من القرن العشرين، وفي الصين وغيرهما، وما قيل أن الأمة الروسية أو الصينية تقتل علماءها وتهين عقولها.

وبماذا يوصف ما فعلته دول أوربا  والكنيسة بالعلماء في العصور المظلمة؟

إن العلاقة بين الكرسي والرعية على مر العصور تستند على مبدأ السمع والطاعة، وأي معارضة أو رأي مغاير يُحسب عدوانا، ولا بد من القضاء على أصحابه أيا كانوا، والتأريخ يزدحم بالسلوكيات المعبرة عن إرادة القوة، التي عليها أن تهيمن وتقبض على مصير الناس.

فالقول بأن الأمة تقتل علماءها بهتان وتضليل، ومداهنة للكراسي الجائرة الغابية الطباع والتطلعات، والمفلوتة الرغبات، فهي التي عبثت بمصير البلاد والعباد في دول الأمة قاطبة.

الأمة في حقيقتها تعز علماءها وتعلي من شأنهم ودورهم في صناعة الحياة الحرة الكريمة، وعلتها في أن الجالسين على الكراسي من الجهلة والتابعين لأعدائها، فالأمة قادت مسيرة التنوير الإنساني عندما تقلد الحكم فيها العلماء والعارفون، الذين جعلوا للعلم مكانة ودور، وفي مقدمتهم المأمون الخليفة العالم الذي جعل العقل إماما.

وفي زمننا المعاصر يندر وجود القائد العارف في دول الأمة، فمعظمها تخضع للحكم العائلي القاصر معرفيا، وتتحكم بها الفردية والفئوية والطائفية، ومَن يجلس في الكرسي يتوهم المعرفة، وعنده القول الفصل، وعلى الناس أن تتبع أو تقبع في المعتقلات والمقابر.

فلا تقل أن الأمة تقتل علماءها، بل المتهم الأول والأخير القابعون في كراسي الذل والهوان والإمتهان!!

***

د. صادق السامرائي

في الماضي كانت المؤسسة الدينية ترسل للقرى والأرياف خطباء ووعاظ وقراء منابر من أجل تعليم اهل هذه القرى المفاهيم الدينية وأمور الحياة ويقيم الخطيب أو الواعظ في تلك القرية عدة أيام في المواسم الدينية وقد تتكرر زيارة الواعظ في مواسم أخرى للحد الذي يصبح كأنه من هذه القرية وذات موسم أرسل أحد الشيوخ القراء الى قرية نائية يعمل اهلها بالزراعة والرعي وكان رجال هذه القرية ينشغلون بأعمالهم وإهمال كل ما عداها حتى نساءهم وفي اول محاضرة للشيخ الوافد اكتسب اعجاب الجميع لما يحمل من مفاهيم وطريقة جديدة في الطرح فانتشرت اخباره في بيوت القرية وسمعت بتاثيره نساء القرية فقررن في نفوسهن التقاءه و اخباره اهمال رجالهن لهن لكن في صباح اليوم الثاني سبقت الجميع زوجة أحدهم وبحثت عن الشيخ حتى وجدته واختلت به وشكت له حالها وحال نساء القرية من اهمال أزواجهن وأخبرته ان السعيدة منهن من يشاركها الفراش زوجها مرة كل ثلاثة أشهر وطلبت منه أن يذكرهم بواجبهم تجاههن خصوصا وأنها سمعت من واعظ سابق قول ( ان لبدنك عليك حق ) فوعدها خيرا فشكرته وعادت الى بيتها وفي الليل اجتمع الرجال في مضيف القرية لسماع المحاضرة وركب الشيخ المنبر وحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي فصلى عليه ثم بدأ محاضرته عن جهاد المسلم وعدد أنواع الجهاد كحماية ثغور بلاد المسلمين وتحرير المدن المغتصبة وغيرها لكنه أضاف لها نوعا من الجهاد جديد لم يسمعونه من قبل إذ أخبرهم قائلا  : ( اذا لم يستطيع المسلم الذهاب إلى فلسطين والمشاركة بتحرير القدس لأسباب قاهرة عليه ان يقصد فراش زوجته وفي كل مضاجعة سيكتب له الله ثواب كمن قتل كافرا في سبيل الله) هنا تململ الرجال بعدما سمعوا ان في أحضان زوجاتهم أجر قتل كافر كل مرة وتمنوا لو انه ينهي محاضرته سريعا من أجل الذهاب إلى البيوت وقتل أكبر عدد من الكفار ولما عادوا كانت ليلة عظيمة قتل فيها أكبر عدد من الكفار في تاريخ تلك القرية وكان حظ صاحبة الشكوى ان زوجها قتل في تلك الليلة أربعة كفار ولازال يريد الجهاد واستمر الجهاد في الليالي اللاحقة حتى ضجت النساء بالشكوى لبعضهن فما كان من صاحبة الشكوى الا زيارة الشيخ في أحد الصباحات وبعد الشكر والثناء سألته مستغربة .. ماذا تريد أيها الشيخ .. هل تريد تحرير القدس بنا نحن نساء هذه القرية ؟ مع ان طريق فلسطين لا يمر عبر أجسادنا؟ هنا لم يجد الشيخ جوابا لاسئلتها فتركته وعادت الى بيتها!!

عاد هسه ولا قضية الموازنة .. شو كلهم يريدون يصيرون أغنياء براس الموازنة ومايقرونها الا يتفقون على الحصص ويشبعون بينا جهاد

***

راضي المترفي

فضاءات النشر الإليكترونية بأنواعها تعج بمسميات وعناوين، وتيجان وأوسمة ونياشين لا تعد ولا تحصى، وكل يريد أن يسمّي نفسه كما يريد، فهذا علاّمة، وذاك شاعر، وآخر ناقد وغيره كاتب، وكثيرون هم الباحثون والدكاترة والبروفيسورية، والألمعية والنوابغ وأوصاف أخرى ما أنزل الله بها من سلطان.

والبعض يحتج عليها، ويغضب وينفعل، ولا يوجد مبرر لذلك، فليسمي كلّ نفسه بما يرى ويرغب من الألقاب التي يراها تناسبه!!

ذلك أن الإناء ينضح بما فيه، فهذا يقول بأنه أستاذ في اللغة العربية، وينشر نصا محشوا بالأخطاء النحوية، فالنص يدل عليه وليس ما تسمّى به.

وهذا يقول بأنه الكاتب ويقدم مادة لا تفقه منها شيئا، ولا يجيد أبسط مهارات الكتابة.

وآخر يسمّي نفسه بالناقد، وعندما تقرأ له، يبدو المديح والمحاباة، فتعرف أنه لا يدرى من النقد إلا إسمه.

وغيره الشاعر، وما ينشره كلمات منثورة مضطربة، لا تصلح أن تكون نثرا، ولأنه سطرها بشكل ما توهم بأنها الشعر، وإياك أن تقترب من مملكته العصماء!!

وهذا مفكر، وتقرأ له الإجترارت المكررة المملة، وآليات التفكير البائدة، ولا يقدم جديدا، ويحاول أن يتصيد بلا مهارة ولا تجربة، ولادراية ذات قيمة معرفية، وقدرة إستنتاجية لما يتناوله، فيميل إلى الكتابات المشوشة الغامضة، ليوهم نفسه وغيره بأنه يفكر!!

وفي كل ما تقدم وغيره، لا يعنينا الإسم وما قبله، بل الذي يهمنا النص وما فيه، وكيف يقدمه صاحبه للقارئ، فالنص مرآة صاحبه، فضع أمام إسمك ما تشاء، فلن يساوي ذلك شيئا أمام نصك، الذي سيبوح عن هويتك الحقيقية، ومديات معارفك، وقدرتك على إستيعاب وهضم ما تتناوله، وهل إمتلكت أدوات التعبير عن الأفكار بالكلمات الواضحة الوافية.

إن بعض الأخوة يتحسسون مما قبل الإسم، ويتجاهلون النص، وهذا هو الإنحراف في التفاعل المعرفي السائد في مجتمعاتنا، فعلينا أن نعطي الأهمية للنص، لا للإسم الذي أنتجه.

فالنص يصنع الإسم وليس العكس، والنص يبقى وصاحبه يغيب!!

***

د. صادق السامرائي

لا يستحق مشواري عشرة الآف دينار، لكن جشع بعض سوّاق التكسي وتصورهم أن البنت ساذجة ولاتعرف كم تكلفة مشوارها إلى المنصور أو العرصات أو البياع أو باب المعظم، يجعلهم يضاعفون المبلغ عليها! رغم أن بلادنا تفوح منها رائحة الشهامة، الفتيان فيها رجال والرجال فيها شجعان والشجعان فيها كالفرسان بإستثناء بعض الذكور ممن يحاولون إستغلال الفتيات فيطلبون عشرة آلاف في مشوار قريب، لأنه ببساطة لايبحث في عمله عن الزرق، بل زيادة الخير خيرين، فكثير من الموظفين في الدولة اليوم يتخذون من سياراتهم الشخصية تكسي أجرة كمورد لزيادة مكسبهم المالي واستثمار يومهم سواء كانت سياراتهم بيضاء أو صفراء، ولأن البحر يحب الزيادة فإن الجشع والطمع لدى سواق الالنترا والاوبتما والسوناتا قلّص عمل السائق الذي يبحث عن الرزق لسد رمق عياله، ويعتمد على شغله بسيارته السايبا كمورد وحيد لكسب العيش ولذلك فأن السواق من وجهة نظري نوعان ” واحد محتاج والثاني بطران ”، وقد وقفت قبل أيام قليلة في منطقة حي الجامعة فقلت للسائق عن المكان الذي أقصده فطلب أكثر مما يستوجب فقلت له: كثير وتركته لأنه لايستحق حتى المفاصلة فبدأ بتخفيض السعر لكنني تعمدت إهماله لإيماني أن الفرد يمثّل المجتمع، فربما لن يفعل ذلك مجدداً مع فتاة غيري وإن كان في طبعه الجشع، ونظرت إلى السيارة التي خلفه كان يقودها رجل كبير في السن حفظه الله وسيارته سايبا فكررت كلامي له فقال : ” عمو اخذك لهناك بعيوني ” .. الأجمل من ذلك أن هذا الرجل تحدَّث لي عن أيام بغداد في الماضي وظهر أنه كان سائقاً، أبّاً عن جَد، منذ أن كانت وسائل النقل بالربل والحافلات آنذاك، بل الأعظم أنه ربَّى وخرّج ست فتيات في الطب والصيدلة والهندسة، وحكى لي أن ذلك السائق لايأتي شيئاً أمام بعض سائقي الأجرة الذين كانوا في السنوات الماضية يجولون بغداد بالغرباء العرب والأجانب لكي يستغلونهم بالأجرة، في حين كان البعض الآخر لايقترب أو يكسب عيش عائلته من الحرام والجشع أبداً .. هذه القصة من القصص اليومية التي نعيشها وتصبح تجارب تصقل شخصياتنا وتنوّر عقولنا وتزيد من حكمتنا في الحياة وياروعة الحياة حين تكون بسيطة وجميلة نحظى فيها بلقاء شخص غريب يعاملنا كقريب، وكوالد هو ليس بوالد . حلو بلسانه وبصير بقلبه ونظيف بعقله لايعرف شيئاً عن الكذب والخداع والإستغلال والجشع فيجعلنا نقول: الدنيا بعدها بخير.

***

ابتهال العربي

إنقطعت أخباره، فسألت أحد الأصدقاء عنه، فأدهشني بأنه بدأ مشوارا جديدا وكأنه في مطلع شبابه بكامل حيويته الإبداعية.

قال لي: أنه يعمل بجد ونشاط متحديا صولات المرض وطعنات الوجع، وكأنه إنتصر على ما أصابه من مرض عضال.

قلت لصديقي: إنها الروح، فالبشر من بدن وروح، ومهما تهاوت أركان البدن، فالروح طاقة تبقى متدفقة متصلة بمنبعها الأصيل.

نعم إنها الروح التي تتوطننا!!

قال صديقي: لقد حيرني زميلك!!

قلت: أن روحه ستنتصر على بدنه الهاري، وإن إنطفأت طاقة البقاء البدني، فالبقاء الروحي خالد سرمد.

هذه ظاهرة فاعلة في الحياة لا نراها لكنها حاضرة فينا، فالموت الحقيقي للروح، والعديد من البشر يتحرك بلا روح ولا همة على الإقدام والتحدي.

وجوهر الحياة التحدي والصمود، وبغيرهما لا تستحق تسمية حياة.

زميلي يتحدى ويقهر علل البدن، ويحاول أن يبث روح الحياة في أعماق الآخرين من مرضاه، الذين يحجون إليه للتزود من معين الإقتدار على مقارعة الخطوب، ومبارزة النوائب والفوز بالضربة القاضية على عدو الحياة.

أمثال زميلي قدوات ومشاعل لتنوير وجودنا، ورسم معالم دروبنا في رحلة مرهونة بالسقوط في حفر الإنتهاء، وعلينا أن نؤسس فيها لمحطات إنطلاق متجددة ذات مسافات واضحة.

فهل نقتدي بالأقوياء الألباء، أم نتبع المقلدين أولياء نعمة السمع والطاعة، والخنوع لدجال رجيم، يحسب أنه لوحده بالدين عليم، وتلك محنة الحياة برسالة الدين القويم.

والدين حمال تفسيرات وتأويلات وتصورات وإدّعاءات لها ألف تبرير وتعزيز أثيم!!

***

د. صادق السامرائي

الحياة في المجتمع لها ثوابت وقيم وهي الاولى ان تتبع سواء استمدت هذه القيم من الشريعة الإسلامية رامية الى تحقيق العدل والإنصاف أو انها ما يقضي به القانون المُشرع لتحقيق العدل الوضعي.

ولذلك فإن من اولى مهام القضاء بأنواعه المختلفة (جزائي، مدني، إداري) هو اقرار الحق ابتداءاً والتمييز بينه وبين الباطل

والحق لغة هو الثابت الذي لا يسوغ إنكاره، ويقابله الباطل والباطل لغة هو الفاسد بأصله.

فالحق اولاً هو الذي يقضى به ويعلن للملأ. اما التسامح فيأتي في مرحلة ثانية بعد اقرار الحق وتثبيته وبخلافه تضيع القيم وتخلط الاوراق ويصبح أهل الباطل دعاة للتسامح والتساهل لما يحققه ذلك من مصلحة لهم للإيغال بالباطل وتصويره بأنه هو الحق. حتى ورد في الآثر: (حين سكت اهل الحق عن الباطل توهم اهل الباطل أنهم على حق) - الإمام علي (ع)

وقرر الباحث علي الموسوي:

(ان الناس ثلاثة أصناف بتعاملهم مع الحق، فصنف يكرهونه لأنهم أهل الباطل، وصنف يحبونهبشرط أن لا يتقاطع مع مصالحهم الشخصية وهؤلاء هم المنافقون، وصنف يحبون الحق لأنهم أهلهالثابتون عليه ولا يعلو عليه شيء في نفوسهم وسلوكهم).

وحتى في النزاعات بين الافراد وقبيل الصلح يجب ان يكون هناك وضوح وتحديد لأصحاب الحقوق وتمييز التصرفات الباطلة عن التصرفات التي توافق الحق والصدق  حتى لاتتكرر الإدعاءات الباطلة وعندها وعندما يتضايق الظالم اومدعي الباطل يقرر ان يطلب الصلح كوسيلة للهروب من العقاب او اللوم  الاجتماعي.

انظر لقوله تعالى في سورة البقرة كيف اقر الحق اولاً ثم الحقها بإختيار العفو بملء ارادة صاحبالحق دون اجبار. وذلك في قوله تعالى:

{وَإِن طَلَّقۡتُمُوهُنَّ مِن قَبۡلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدۡ فَرَضۡتُمۡ لَهُنَّ فَرِيضَةٗ فَنِصۡفُ مَا فَرَضۡتُمۡ إِلَّآ أَن يَعۡفُونَ أَوۡيَعۡفُوَاْ ٱلَّذِي بِيَدِهِۦ عُقۡدَةُ ٱلنِّكَاحِۚ وَأَن تَعۡفُوٓاْ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۚ وَلَا تَنسَوُاْ ٱلۡفَضۡلَ بَيۡنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَبَصِيرٌ} (237).

وهناك ايات كريمة عديدة بهذ المعنى الواضح من العدالة الالهية.

***

فارس حامد عبد الكريم

مع دخول الذكاء الاصطناعي في كل مجالات الحياة، فالمجال الديني وظف فيه هذا الذكاء في كثير من الدول فابتكر المهندسون ربوتات تقوم مقام القسيس أو الراهب وفي العالم العربي لم يفتح المجال بعد لمناقشة هذه القضية، هل يعوض الربوت إمام المسجد في إلقاء خطبتي الجمعة وتقديم الدروس والفتاوى؟ لابد أن تعقد ندوات من اهل الاختصاص استشرافا للمستقبل..

ببين لنا الكاتب مصطفى عاشور هذه القضية التي توسعت في كثير من المجالات ومنها المجال الديني فيقول:

"الذكاء الاصطناعي آخذ التوسع في كافة المجالات ومن بينها المجال الديني، ففي اليابان ابتكر المهندسون عدة ربوتات، منها: “ميندار”Mindar في معبد “كيتو” لتحفيز الزوار للاهتمام بالتعاليم البوذية، وهذا الكاهن مصنوع من الألمونيوم، لكنه لم يمنح الاستقلال للحديث في الشأن الديني، ولعل ما جعل معابد أخرى تتنافس لتقديم نسخ أكثر تطورا. 

وفي ألمانيا طورت الكنيسة البروتستانتية -منذ سنوات- روبوتًا اسمه “بليس يو 2” BlessU-2 يحتوي على صندوق بشاشة تعمل باللمس، وله يدان ورأس، ويتكلم خمس لغات، ويبث نورا من عينيه  كما أنه قادر أن يتحول بصوته إلى ذكر أو أنثى، حسبما يريد الشخص، أما الكنيسة الكاثوليكية فقدمت الراهب “سانتو ” SANTO الذي يقوم بوظائف الراهب الكاثوليكي، وتبحث الكنيسة إمكانية أن تقوم الربوتات بمباركة الناس، أما الفاتيكان فسعى لانشاء روبوتات طاردة للأرواح الشريرة، وتحدث آخرون عن “كنيسة الذكاء الاصطناعي” لكن المدهش هو أن الربوتات هذه تم تقديمها لسد عجز الكهنة في أوروبا، وفي الصين تم تطوير راهب آلي يقدم تعاليم بوذا، حتى اليهودية تطرق لها الذكاء الاصطناعي، في ربوتات تلعب دور الحاخام، وتلقى خطبا دينية تسلتهم التوراة".

المستقبل القريب يحمل لنا مفاجآت كثيرة فينبغي علينا أن نستعد علميا ودينيا لنتكيف مع الذكاء الاصطناعي فنحسن استخدامه في تطوير حياتنا إلى الأحسن حتى لا نكون خارج مجال الأحداث التي ستغير التاريخ .

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية

شدري معمر علي

............................

1- مصطفى عاشور، الدين في زمن الذكاء الاصطناعي، موقع إسلام أونلاين.

بما أن فكرة المهدي المنتظر هي معتقد خاص لا  يخضع للمحرمات ولا الشرائع والسنن التي جاء بها الدين الإسلامي الحنيف فلماذا تُركت بهذا التوسع الغير ملتزم بضوابط مقيدة من رجال الدين الذين قادوا المذاهب الإسلامية على مدى قرون مضت وما زالت هذه الفكرة أو العقيدة تتجاذبها الأجيال المتعددة السابقة والحالية كالنهر الجاري يغرف منه ما شاء ومتى شاء كان من الأجدر للمؤسسات الدينية أن تضع لهذه الفكرة المهدوية أسس وإطار وطريق واحد في الفهم والاعتقاد والاعتناق بعيدا عن السلف الصالح الذين قدموا ما قدموا لجيلهم ومجتمعاتهم مشكورين أما الآن أصبحت الفكرة ذات طابع دموي وانحراف في الفكر والعقيدة والعقل وحلقة تدمير للمجتمع .

إذا أردنا أن نصل إلى الفكرة المهدوية التي باتت تقوض الفكر الإنساني وعقليته بعد ما روج لها الكثير من الرجال بطرق منحرفة في بعض الأحيان بأفكار بعيدة عن الشرع والعقيدة للدين الإسلامي وبأساليب متعددة لا تصل إلى مبتغاها كفكرة راسخة في أذهان الأجيال السابقة منذ قرون كثيرة وأعتنقها المؤمنون بها على فترات من الزمن لا يحدها زمان ولا مكان وخصوصا في البلدان الإسلامية وبالخصوص الشيعة في العراق على سبيل المثال ومنذ العهد القريب جماعة أصحاب المهدي المنتظر وجماعة أحمد اليماني وجماعة جند السماء وآخرها جماعة أصحاب القضية وكلها في مضمونها ودوافعها فكرة التمهيد لخروج شخصية الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف لكنها فكرة هذه الجماعات المتعددة  خطيرة على العقيدة الإسلامية مدفوعة الثمن مسبقا وقد يكون منبعها مصدر واحد يهدد الإسلام وعقيدته ومبادئه كونها استطاعت هذه الحركات من تقويض الأمن والاستقرار المجتمعي ومن التغرير وتحريف عقول الشباب ومريديها بالعقائد المنحرفة بعيدة عن الحلول الجذرية والتصدي المنهجي من قبل الدول والمؤسسات الدينية أو رجال الدين وقنواتهم وماكنتهم الإعلامية من حماية الشباب والمجتمع من هكذا عقائد التي تظهر بين الحين والآخر وأن هذه المؤسسات وقفت عاجزة من الخروج بتصورات وسبل لتصحيح وتوضيح فكرة شخصية المهدي المنتظر بأسلوب حضاري وعلمي ودليل عقلي ونقلي يحاكي ويوازي تطور عقلية الشباب الجديد في القرن الحادي والعشرين أمام حملة شعواء تُشن ضد العقيدة الإسلامية ومعتقداتها من القنوات الغربية المغرضة الممولة لهكذا حركات تخريبية . فالمسئولية الملقاة على عاتق رجال الدين أن يحددوا كلمة الفصل في هذا الموضوع وان يضعوا صيغة موحدة في الفهم وماهية هذه الشخصية الجدلية بين المذاهب الإسلامية هل هي حقيقة مجردة غيبية لها زمانها المنتظر وشخصها الموصوف بالكيفية بذاته في مرحلة ما قبل يوم القيامة أم هو مشخص موجود حاليا بيننا يعرفه ويعيش مع الذين يدعون العرفان لكي تتوحد الأمة الإسلامية على كلمة سواء بوجوده أو عدم وجوده بعيدا عن النزاع والجدل والتناحر في أثباتها أو نفيها ومن هذا المنطلق يجب  عليهم إيجاد مخرج لفض هذا النزاع المستمر المتجدد في كل حين الذي يذهب ضحيته الشباب والمجتمع .

***

ضياء محسن الاسدي

التجارب كما ادركناها دروس مجانية للتعلم وتراكم الخبرات، وانجح الناس في حياتهم الذين يتعلمون من تجاربهم ومن تجارب الاخرين الفاشلة ويجعلون منها طريقا للنجاح وتفادي الاخفاق، ومن بينها دراسة القرار والتوقيت المناسب لاتخاذه في هدوء وتأن، فكم من القرارات جلبت الكوارث لأنها جاءت لحظة تهور وغضب او انها جاءت متأخرة أو بلا رؤية واقعية وارضية ملائمة لتطبيقها، فاتخاذ القرار مسؤولية وتوقيت اصداره مهم وعامل من عوامل النجاح ذلك ان القرار كما يصفه الممثل الامريكي ال باتشينو (هو الذي يجعل منك انسانا قويا او ضعيفا في الحياة) فقوة المرء لا تكمن في ضخامة جسمه وعضلاته المفتولة انما في قدرته على اتخاذ القرار الحكيم عند مواجهة المواقف الصعبة .

قرأت في كتاب (الأمر لا يحتاج الى بطل) وهو عنوان مذكرات الجنرال نورمان شوارتزكوف قائد القوات الأمريكية في حرب الخليج والتي نشرها عام 1999 واستعرض فيها قصة حياته منذ طفولته حتى اعتزاله للخدمة العسكرية بعد حرب الخليج حيث تناول في النصف الأول من مذكراته أبرز المحطات في حياته العسكرية فيما تناول في النصف الآخر منها تفاصيل واسرار غزو العراق للكويت والاستعدادات التي قامت بها القوات الامريكية لتخليصها من قبضة القوات العراقية، وقد كشفت المذكرات جانبا من الاسرار والمواقف التي رافقت عمليات التحرير ومنها موقف يتعلق بالقلق الذي انتاب زعماء الخليج من ان يتوسع الغزو العراقي فيصل الى بلدانهم وكذلك بالحكمة في اتخاذ القرار حيث يقول شوارتزكوف: (حينما اعطانا الملك فهد الاوامر باستخدام الاراضي السعودية كمنطلق لقوات التحالف اعترض عليه واحد من الاسرة الحاكمة بأن يجب على الملك التريث باتخاذ هذا القرار.. يقول فأجابه الملك زاجرا: حينما تريث الكويتيون باتخاذ قرارهم انتهى بهم الحال وهم نيام في فنادقنا)، فهذا الرد يتسم ليس بالطرفة وسرعة البديهة فحسب انما ينم عن حكمة ممثلة بضرورة استثمار الوقت وشجاعة الإقدام على اتخاذ القرار المناسب قبل فوات الأوان .

***

ثامر الحاج امين

كان ظهور المغول في القرن الثالث عشر حدثاً عنيفاً ذو تأثير مدمر على الحضارة الإنسانية في القسم الشرقي، واستمر يهدّد القسم الغربي والجنوبي لعقود متواصلة، حتى تمكن المماليك في النهاية من الانتصار عليهم في معركة عين جالوت، فانحسرت ْ تلك الموجة العاتية و قد كانت تتحفز لابتلاع الشام ومصر وأوروبا ...

واستطاعت تلك الجموع والقبائل المغولية المتنافرة أن تتحد في قوة ضاربة بقيادة جنكيزخان، لتنطلق  فتحرق وتدمر القوى الكبرى في الشرق؛ أسرة سونغ الصينية سنة1279، والدولة الخوارزمية سنة 1221، والخلافة العباسية سنة 1258...

وكان الصينيون والمغول في عداوة مستمرة لا تهدأ منذ عهود غابرة تمتد الى ما قبل تشييد سور الصين العظيم، ولم يستطع البدو المغوليين أن يندمجوا مع الأسر الصينية المتوارثة ، فحافظوا على قيمهم الاجتماعية وقوتهم العسكرية المعتمدة على المباغتة والفروسية حتى استطاع جنكيزخان أن يوحدهم ...

استطاع المغول بقيادة جنكيزخان أن يحققوا انتصارات متلاحقة عنيفة، ضربتْ بقوة وعمق حواضر التمدن في الصين وآسيا الوسطى وفارس وبغداد، محولةً كل شيء إلى رماد ودماء وجماجم ..

وتمكن خلفاء جنكيزخان من أولاد و أحفاد من تكوين إمبراطورية عظمى مترامية الأطراف تعتبر في التاريخ من أوسع وأعظم الممالك، تمتد من كوريا شرقاً الى حدود بولونيا غرباً إلى أواسط الهند جنوباً ..

غير أن الغزاة البرابرة سرعان ما تأثروا بالمهزومين المقهورين فاندمجوا في الحضارة التي أحرقوا مدنها وحواضرها، ونكلوا بأهلها، وعاثوا فسادا في حواضرها العامرة فصيرّوها خراباً ...

في الصين تأسست أسرة يوان المغولية، أما في ـأسيا الوسطى وجنوب روسيا فقد دخلت جموع المغول في الإسلام، ووضعوا أيديهم في أيدي المماليك لصد العدوان المغولي و الصليبي القادم من الغرب ...

وكان للمغول دور كبير في توسيع رقعة الإسلام في الصين لأن حكام اليوان كانوا من المغول أبناء عمهم، فلقي المسلمون كل ترحيب واهتمام من طرفهم، في كامل الإمبراطورية الصينية، كما كان لهم دور في تأسيس إمارات اسلامية جنوب روسيا وفي منطقة القرم . أما في الهند فقد تمكن المغول المسلمون من تأسيس إمبراطورية المغول العظيمة التي حكمت الهند لمدة طويلة حتى قضي عليها الانجليز في بداية القرن التاسع عشر الميلادي .ومن الهند امتد انتشار الإسلام في اندونيسيا وأرخبيل الملايو .

غير أن انطفاء وهج الحضارة في بغداد العباسية كان الخسارة الكبرى في التاريخ الإسلامي والعالمي، وكان له تأثير مأساوي رغم انتقال ذلك الوهج خافتاً الى القاهرة، أو إلى تلمسان أو فاس..

وكان للضغط المغولي في أسيا الوسطى والأناضول دور في ترحيل الكثير من القبائل التركية نحو الغرب، وكان ذلك الهروب أساسا في تكوين الإمبراطورية العثمانية فيما بعدْ...

***

بقلم: عبد القادر رالة

في البداية لا بُدّ من تقديم العُذر للقارىء الكريم، فالأخير قد إعتاد مني أن أكتب مقالات تَعرضُ وتُحَلّل في تاريخ العراق المعاصر، مع حضور واضحٍ للمصادر في الحواشي. أما اليوم فسيجد شيئاً جديداً مُخالفاً للمألوف! سأتحدث عن "تجربتي الشخصية" مع بعض الأصدقاء في عالم التواصل الإجتماعي "الفيسبوك".

صَرّحَ أحد الأصدقاء في الفيسبوك قبل أيام، بأني أقوم بـ"تزوير" تاريخ العراق! ليقولها صراحة: تركيز الناس على تفاهات التواصل الإجتماعي، أفضل من قراءة كتاباتك المُزَوّرة!.

لا بأس، فنحن نحترم "الرأي الآخر"، لكن بـ"شرطه وشروطه". فإن كان فاقداً للأخيرة، فلن يكون رأياً آخر، بل سيكون نوعاً من المساجلة والسفسطة، وهذا ما نُعرِضُ عنه بكل تأكيد.

الصديق أعلاه "ملكي متعصب"، يعتبر ما حدث في 14 تموز 1958 كارثة حَلّت بالعراق وأدخلته في نفق مظلم لم يخرج منه لحد الآن.

طَيّب، لكن لماذا حدث ذلك؟ لماذا قام "إنقلاب" 14 تموز؟ هل بحث هذا الصديق عن "الظروف الموضوعية" التي أدّت له؟ هل حفر ونَقّبَ في البُنية التحتية ـ إن أردنا إستخدام المعجم الماركسي ـ التي جعلت هذا النظام يتهاوى كبيتٍ من الورق؟! فالسؤال الأمثل في التاريخ هو: لماذا حدث؟ وليس: ماذا حدث؟.

لا وجود لإجابة دقيقة من هؤلاء المحترمين! فقد خبرتهم بنفسي، يكتفون بالكلام والضجيج بعيداً عن المصادر والتَثَبّت!.

لا زلتُ أتذكر النقاش = السجال، الذي دار بيني وبينه. قال مرة عن العُقداء الأربعة [صلاح الدين الصباغ، فهمي سعيد، محمود سلمان، كامل شبيب] باللهجة العراقية الدارجة:

هذوله لعبوا طوبه بالعراق!، المقصود بانهم قد دَمّروا العراق ولعبوا به كما يلعبون بكُرة القدم.

قُلت له: هل تعلم بأن نوري السعيد قد إستعملهم وإستغلهم؟ هل تعلم بأنه قد وصل لرئاسة الحكومة في عام 1938 على أكتافهم؟! أحجم الصديق وإنسحب بهدوء!.

أرى من المفيد الآن الإستشهاد بشخصٍ آخر "ملكي الميول". حالة هذا الشخص عجيبة غريبة بشكل يجعل الحالة الأولى لا قيمة لها قياساً به!. فهو أستاذ جامعي وحامل للدكتوراة في التاريخ الحديث، ويعمل أستاذاً في إحدى جامعات العاصمة بغداد.

كتبتُ نصاً يُدين الملكيين بوضوح، إذ لم يؤسس يوم 14 تموز لتدخل الجيش في السياسة، فقد تدخل الأخير فيها مبكراً في عام 1936، بل إن نوري السعيد نفسه هو من ركب هذه الموجة ليحترق بنارها أخيراً في 1958.

عَلّقَ هذا الأستاذ الجامعي المحترم قائلاً:

ما هذه المغالطات؟! ما هذا الكذب؟!. فأجبته بهدوء:

مصادري حاضرة وبقوة! وهي: ستيفن همسلي لونكرك ومترجمه سليم طه التكريتي، العقيد جيرالد دي غوري، سندرسن باشا طبيب العائلة المالكة في العراق. ولم أقف هنا، بل عَزّزت رأيي بالرجوع الى السيد عبد  الرزاق الحسني.

إنسحب هذا الأستاذ الجامعي من النقاش، وختم كلامه باستحياء: هذه المرحلة ـ الثلاثينات ـ كانت قلقة، وهي مرحلة تدخل الجيش في السياسة!!.

مشكلة الملكيين كما خبرتهم هي: اللف والدوران من أجل تشتيت الموضوع والتظاهر بالنجاح في النقاش، وما أبعدهم عن ذلك. أقول بهذا بعيداً عن النرجسية واستعراض العضلات.

فإن كان الإعتماد على: الحسني وكمال مظهر أحمد وبيتر سلغليت ولونكرك وحنّا بطاطو وجرجيس فتح الله وفيبي مار وآيرلاند.. الخ يُعَدُ تزويراً، فأنا أول المُزَوّرين!!!.

***

بقلم: معاذ محمد رمضان

كل شيء في عراقنا الحبيب غير مألوف من اختلاف درجات الحرارة الكبير بين الصباح والظهيرة، والصيف والشتاء، إلى البخل والكرم، والرحمة والقسوة، والطبيعي والتطرف، ونقاء البياض وشدة السواد.

حتى الإنسان في عراقنا غريب، لا يشبه خلق الله أجمعين، غريب في سلوكه، وفي تدينه، وفي علاقته بالحكام، وفي الأرباب الوهميين الذين يصنعهم ثم يسجد لهم؛ وبعدها يئن ويشكو من احتقارهم له.

كلنا بلا استثناء، بجميع أجناسنا وقومياتنا ومذاهبنا ومعتقداتنا ومناطقنا وأصولنا وألوان بشرتنا، ننطوي على تناقضات غريبة عجيبة، لا يمكن لأي شعب أو لأي مجتمع في العالم كله أن يوفق بجمعها سوية في إناء واحد مثلما فعلنا، ونجحنا بامتياز كبير، أدهش القاصي والداني.

أما كيف وفقنا لجمعها سوية مثل من يجمع بين الماء والنار، فلا الماء يطفئ النار، ولا النار تبخر الماء؟ فذلك هو سر الأسرار الذي لا يُدرك، والذي يستعصي فهمه على أعظم حواسيب العالم وأكثرها تطورا، وأكبر علماء العالم وأكثرهم فهما وعلما.

المشكلة أن نسيج الفانتازيا اللامألوف هذا بغرائبيته المدهشة، أوقعنا في مشاكل وإشكالات لا تحصى، مشاكل وإشكالات مع أنفسنا، وفيما بيننا، وبيننا وبين الآخر القريب منا والبعيد عنها، تسببت في عرقلة نمو بلدنا وتطوره، ووقفت عائقا أمام إمكانية عيشنا بسلام وهدوء وراحة بال، فنحن على استعداد للتضحية بأنفسنا من أجل إنقاذ طفل يغرق لا نعرفه، في وقت لا ترمش لنا عين، ولا ترجف لنا يد إذا ما ذبحنا مائة إنسان من أهلنا وأصدقائنا وأبناء جلدتنا، لمجرد أننا نختلف معهم في الرأي. فأي غرائبية هذه؟

ونحن ممكن أن نبيع ملابسنا ونستر عوراتنا بورقة توت، ونحرم عوائلنا وأطفالنا من الملبس والمأكل، من أجل توفير المال لإكرام ضيف لا نعرفه، وفي الوقت ذاته لا نلتفت ولو بعين الرحمة إلى عشرين طفلا جائعا يتضورون أمام أعيننا؛ ولو بكسرة خبز.

إن هذا التناقض العجائبي هو ما جعلنا (شعب التناقضات) بامتياز، وتسبب في كل تلك المأساة التي حلت بنا منذ زمن طويل، ولا زالت تتجدد بأشكال وألوا ما أنزل الله بها من سلطان.

وهو الذي يدفعنا لنسأل أنفسنا، أو يدفع العقلاء منا ليسألوا: لكي نستعيد توازننا ووضعنا الطبيعي، ماذا يجب أن نعمل؟

هل نجلس ونستكين ونسكت باعتبار أن تلك إرادة الله التي لا راد لها، فنصبح من الجبريين الجامدين؟

أم نستكين لواقعنا باعتبار أن ما يحدث هو قدرنا، لننضم إلى مجاميع القدريين المساكين؟

أم أن هناك خطأ في تكويناتنا الجينية والخلقية والأخلاقية، هو الذي يتسبب بمعاناتنا؟

والسؤال الأهم: كيف يمكن لنا أو للعالم أن يعالج وضعنا، وهل معنى ذلك أننا نحتاج إلى مجرد إعادة بناء (Reconstruction)، وتقوية الأسس؟

أم أن حالتنا صعبة جدا، وأصعب مما نتصور ويتصور غيرنا، ولا حل لها إلا بعملية إعادة تدوير (Recycling) شاملة دون عزل، أي أن نسمح لكافة الألوان والأحجام أن تختلط سوية في ماكينة الثرم العملاقة، لتعطينا عجينة جديدة، لا يهم أن يكون لونها قبيحا، يكفي أن تجمع شيئا بسيطا من كل شيء موجود، لتخلق كائنا آخر لا علاقة له بأصله؟

وغير هذا وذاك، هناك السؤال الأصعب الذي ينطلق من الواقع المرعب: يا ترى سواء اخترنا هذا أم ذاك، هل سنجد بعد ذلك الراحة والاستقرار، أم أننا سنبتكر أساليب جديدة لنعيد القديم، طالما أننا تطبعنا على أن نحصر أنفسنا في تاريخ دائري، ندور معه حيث دار، والدائرة مثلما هو معروف ليس لها قرار؟

وأن خلاصنا الحقيقي هو أن نخرج من أسر دائرة التاريخ إلى دنيا الواقع ونستلهم تجارب الشعوب دون أن نفكر أن أجدادنا هم من علم الكون التحضر، فواقعنا المزري لا علاقة له بالتحضر لا من قريب ولا من بعيد.!

***

الدكتور صالح الطائي

إذا كُنتَ لا تزال لديك هواية مشاهدة الفضائيات، سوف تلاحظ أنّ المعركة بين مشعان الجبوري ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي تطورت بعد أن خرج علينا السيد مشعان قبل أيام قليلة ليعلن أن الحلبوسي ستتم إقالته من رئاسة البرلمان بعد إقرار الموازنة،

وأن تحالفه مع خميس الخنجر سيعيد العملية السياسية إلى سكة الصواب. في كل ظهور تلفزيوني يطالبنا السيد مشعان بأن ننسى ما قاله قبل أعوام قليلة وكان ابرزها عندما اتهم خميس الخنجر بانه يتحمل مسؤولية ما تعرض له السنة وأن الرجل "قجقجي، مهرب" والقجقجي يقول مشعان " له منظومة سلوك مختلفة" ولهذا كان مشعان يعتقد قبل عامين بأن خميس الخنجر يتعامل مع السياسة بطريقة القجقجية – والكلام لمشعان بالتأكيد –، فما الذي تغير اليوم حتى يخرج مشعان الجبوري ليقول إن ربان سفينة السنة هو الشيخ خميس الخنجر وعندما يُذكّره مقدم البرنامج بحديث "القجقجية" يسخر السيد مشعان الجبوري ليقول بكل أريحية "شنو قجقجي؟ يعني مهرب، والكل اليوم تشتغل بالتهريب" ولم يكتف بذلك بل اعتبر القجقجي والحرامي فخراً لقومه وعشيرته فـ"الناس كانت تكتب غزلا عن الحرامي". في كل ظهور تلفزيوني يذكرنا السيد مشعان الجبوري بأنه مناضل ومقاوم، وأن قناته الرأي التي كانت تعطي دروساً في صنع العبوات الناسفة هي التي أخرجت الأمريكان من عقر دار الرافدين .

في هذا المكان كتبت أنني معجب بالسيد مشعان الجبوري صاحب حزب "الوطن" خصوصاً وهو يجلس في الاستديو يتشنّج كالعادة، ويصرخ: "جميعنا نتحمل المسؤولية، جميعنا أخذنا رشاوى، جميعنا نضحك على الناس، جميعنا زورنا شهاداتنا، لكنه للأسف ينسى أن يقول عبارة مهمة "جميعنا متقلبين".

في معظم حواراته التلفزيونية يعطي مشعان شيئاً من أريحيّته ويمنحنا نحن المشاهدين الكثير من الابتسام، فهو لا يحضر إلى الفضائيات إلاّ وقنبلة إعلاميّة يُخبّئها في جيب سترته، وهذه الأيام كانت قنبلة إقالة محمد الحلبوسي من رئاسة البرلمان.

فيلم "القجقجية" لم ينته بعد لأنه أظهر لنا أن أنصار دولة الفشل أكثر مما نتوقع، وظهر أيضا أن أساطير السادة المسؤولين عن أنفسهم تجاوزت الحد المعقول، وأن مفهوم السيطرة على البلاد والعباد، سيكون بديلاً لمشروع الإصلاح وتقديم الخدمات، وأن حل مشاكل العراق يكمن في إقصاء محمد الحلبوسي وتنصيب خميس الخنجر، والمهم أن البعض يريد لنا أن نعيش عصر استعراض العضلات.

للأسف يتعرّض المواطن العراقي، في هذه الأيام إلى عدد من المحن أبرزها الدولار المتقلب الذي أوهمتنا الحكومة بأنه لن يرفع رأسه من جديد، وأن الدينار سينتصر بالضربة القاضية، فإذا بالمواطن يضرب كفاً بكف، وهو يشهد قفزات الدولار التي لا تختلف عن قفزات السيد مشعان الجبوري.

***

علي حسين

التبريرية من الآليات الدفاعية المعروفة التي ينتهجها البشر للإلتفاف على عدم الإقرار بما إرتكبه من سلوكيات سلبية أيا كان نوعها.

وفي بعض المجتمعات المنكوبة تتسيد هذه الآلية، وتتعزز بتصلدية فولاذية لا يمكن إختراقها، بأن الحال غير ما هو عليه، والبشر كما يرى نفسه لا كما هو واقع حاله المرير.

فالواقع الحقيقي والمعاش خيالي، والواقع القائم يتحقق التعامل معه بإنقطاعية مروعة.

وتجد سيادة الدفاعية المغلقة وعنفوانها، وحضورها الدائم والشديد في التفاعلاات القائمة بين الناس، وبينهم والآخرين من حولهم.

ولهذا تجد الناس تميل بقوة نحو الأنساب والتمسك العشائري والإندساس فيي الغابرات، وإستحضار الماضيات والتعامل مع الأموات على أنهم أحياء، لإرضاء وإقناع النوازع التي تشير إلى أن التبرير هو السلطان، والدفاعية المغلقة من الإيمان.

فلا يمكنك أن تنتقدني أو تشير علي بشيئ أو تحملني مسؤولية ودور في صناعة الحياة، إنها قدر مقدور وفعل مأمور، لا حيلة لي إلا التمسك بأنانيتي وتصوراتي السرابية عن نفسي وأحوالي.

وفي هذا السلوك يكمن العجز والقنوط والتخلي عن العمل والجد والإجتهاد، والإمعان بالتبعبة والذل والهوان، وعدم القدرة على التحدي والإقدام.

والسبب يكمن في الإنفعالية العالية والعاطفة المتأججة التي تشل الأذهان، وتمنع العقول من العمل على مواجهة المشاكل بعلمية وأناة وحلم وإتقان، وإنما هي المصدات والمعوقات والسدود التي تمنع جريان الرؤى والأفكار اللازمة للحياة الحرة الكريمة.

وبموجب هذه الصيرورة التفاعلية تدور المجتمعات في دائرة مفرغة من النكبات والتداعيات القاسية، التي تزداد شدة وإضطراما.

فهل من سبيل للتحرر من قيد الإنغلاقية والإطلاقية البائسة؟!!

***

د. صادق السامرائي

ضرورة التواصل الدائم بين طرفي العمل الموظف والمسؤول مهم جدا في بيئات العمل حتى ينعكس ذلك أثره إيجابيا على العمل، فضعف التواصل بين الطرفين وتقزيم العلاقة في نطاقات ضيقة لها مخاطر عدة حينما تكون مختصرة على سؤال وجواب وتعليمات محدودة.

وإذا توفرت السبل السهلة للتواصل وعقد اللقاءات مع الموظفين والتشارك بالآراء وبرزت صور الاحترام والتقدير والثقة مهما اختلفت المستويات الوظيفية للموظفين أصبحت عقد العلاقة متينة ومتماسكة والعكس صحيح كلما غدت روابط التواصل بعيدة كل البعد صار عقد العلاقة أقرب إلى الانفلات.

هناك عدة صور في بيئات العمل من خلال دراستها نكتشف حجم البون الشاسع بين الطرفين فخذ على سبيل المثال حينما تحارب الاجازات للموظفين بحيث لا يستطيعون أخذها في أوقات محددة وبطريقة منظمة فربما لا يتضرر العمل حينما تأخذ في تلك الأوقات وعندما يمنع الموظف من حقه فهنا يمارس عليه التمييز.

إذا الاجازة حق أصيل للموظف كما أنها منفذ للراحة والتجديد وفرصة بعد التمتع بها للعمل بصورة أفضل وتقديم جهد مغاير، لذا حينما لا نجد خطة إجازات واضحة بالتقسيم أو الدائرة ينعكس أثر ذلك على العلاقة بين الطرفين وتبدأ النفوس بالتنافر وتكثر المشاحنات والتي تفضي لما لا يحمد عقباه.

وما ذكرناه من مثال نقطة في بحر وما سبق يجرنا نحو التساؤل عن تفاصيل تعد جدا مهمة مثل الضغوط التي تعترض حياة الموظف بفعل حياته الشخصية أو بفعل تصرفات المسؤولين وأيضا تفاصيل وجوده بالمؤسسة التي لها انعكاسات على العمل.

فربما على سبيل المثال يحمل الموظف بذاته أفكار واعتقادات خاطئة حينما يقل التواصل وتتنوع التصرفات والسلوكيات السلبية في بيئة العمل وهنا نحن بحاجة إلى إدارة ذات قدرات فذة قادرة على تشجيع الموظف على طرح مكنون نفسه لأن تراكمها والسكوت عنها وكبتها له تأثيرات نفسية على الموظف وحتى على الأداء الشخصي والأداء العام، وهنا قد نلجأ إلى اللقاءات بين الموظفين التي لابد وأن تكون على مستوى عال من الود والسماحة والشفافية فتكون على صورة اجتماعات أو لقاءات أو تجمع خارج نطاق العمل للاحتفال بمناسبة أو تكريم مجموعة من الموظفين.

ما سبق كله يؤدي إلى كسر النمط الروتين اليومي كما تشجع الحوارات في أمور الحياة العادية حتى الموظفين على مصارحة مرؤسيهم لاحقا بمشاكلهم بالعمل.

إذا نحن لسنا بحاجة فقط إلى عمل ومتابعة وتنفيذ وتقييم وهي وظائف الإدارة الاساسية التي لا تتم إلا بها ولكن نحن بحاجة أيضا أن يرافق ذلك كله وعي من قبل الإدارة لأهمية وفاعلية وفعالية التقارب معهم.

أخيرا يجب أن تمد الادارة يدها للموظفين لأن أعمارنا المهنية قصيرة مهما طالت وفقا لمقياس الزمن فأما نكون إخوان وزملاء ورفاق بالمعنى الحقيقي وإما أن نكون مع بعض بالإكراه ونشهد البعض يتحول مع مرور الايام من موظفين إلى مرضى بحاجة إلى علاج بعد أن كان المؤمل منهم انتاجية ودفع الخدمة إلى الأمام.

***

بقلم : هيثم بن سليمان البوسعيدي 

يعتبر أمن السائح أحد الجوانب الرئيسية في موضوع الامن السياحي، لما يشكله (أي السائح) من أهمية في المعادلة السياحية. ويشير إلى رعاية وحماية السائح أثناء السفر وخلال فترة اقامته في البلد المضيف ضد المخاطر والتهديدات المحتملة التي قد تواجهه في الظروف الطبيعية (حوادث: طريق، غرق، سرقة، نصب واحتيال، حريق، فقدان...)، والاستثنائية (الإرهاب، التهديد بالقتل والاختطاف، الاضطرابات السياسية والأمنية، الكوارث الطبيعية من زلازل وفيضانات.. الخ). والحيلولة دون إصابته بأي أذى جسدي أو معنوي، أو إيقاع أية أضرار أو خسائر بممتلكاته الشخصية (حقائب سفر، مبالغ نقدية، بطاقة ائتمانية، جواز سفر، الكمبيوتر المحمول.. الخ).

و هي جوانب أشارت اليها المدونة العالمية لآداب السياحة المعتمدة بموجب القرار (10111) 406 / أي / آر أي اس / الصادر عن الجمعية العامة لمنظمة السياحة العالمية التي انعقدت في (تشيلي – سانتياغو) خلال الفترة 27 أيلول – 1 تشرين الأول 1999. ومن خلال الفقرة (4) من (المادة الأولى) التي جاء فيها: (على السلطات العامة حماية السياح والزوار وممتلكاتهم، وعليها أن تولي اهتماما خاصا لسلامة السياح الأجانب بحكم وضعهم الذي يسهل فيه تعرضهم للخطر. كما عليها أن تسهل استخدام وسائل الحصول على المعلومات والوقاية والامن والتأمين والمساعدة التي يحتاجون اليها. كما ينبغي أن تدان بشدة أية هجمات أو اعتداءات أو عمليات خطف أو تهديد للسياحة والمشتغلين بها والمعاقبة عليها بقوة وفقا للقوانين الوطنية. وكذلك بالنسبة لأي تخريب متعمد للمرافق السياحية أو لعناصر التراث الثقافي أو الطبيعي).

و يشمل أمن السائح أيضا الجوانب الصحية وسبل وقايته من الامراض  والأوبئة (الملاريا، انفلونزا الطيور، التهاب الكبد الفيروسي، انفلونزا الخنازير، نقص المناعة المكتسبة.. الخ) التي قد يتعرض لها أثناء ركوبه وسائط النقل (طائرة، قطار، باخرة، حافلة، سيارة أجرة). أو عند اقامته في منشآت الايواء، أو تناوله الطعام والشراب، أو خروجه بجولات سياحية إلى المتاحف والمناطق الاثرية والمحميات الطبيعية، او مشاهدته للمهرجانات والاحتفالات، أو حضوره إحدى المسرحيات أو أحد الأفلام السينمائية، أو خروجه للتسوق من أحد المولات أو الأسواق الشعبية، أو ارتياده لأحد المراقص أو الملاهي الليلية.

إن تأمين أمن السائح ليس فقط مسؤولية السلطات العامة والأجهزة الإدارية القائمة على إدارة المنشآت والمؤسسات السياحية والفندقية في البلد المضيف، بل هي أيضا مسؤولية السلطات المختصة في البلد الذي ينتمي اليه السائح، والتي ينبغي أن تنبه مواطنها بالصعوبات والمخاطر والتهديدات المحتملة التي قد يواجهها في البلد المضيف، مع ضرورة توفيرها لكافة وسائل العون والمساعدة أثناء اقامته فيه، ومن خلال سفارة أو قنصلية البلد، وعبر وسائل الاتصال المعروفة (التلفون، الشبكة العنكبوتية)، وإصدار بيانات التحذير الضرورية عند الحاجة.

كما على السائح أن يدرس أيضا هذه الجوانب على نحو جيد قبل مغادرته بلده، وأن يحتاط لها ويعمل حسابها، كأن يأخذ اللقاحات المضادة للأمراض والأوبئة إن أمكن، وأن يتجنب الذهاب إلى الأماكن التي يسود فيها التوتر والاضطرابات، أو من المحتمل أن تتعرض للكوارث الطبيعية، وأن يلتزم بالتوجيهات والتعليمات الصادرة بهذا الشأن قدر الإمكان، عملا بالفقرة (6) من (المادة الأولى) من المدونة أعلاه والتي جاء فيها (على السياح والزوار قبل المغادرة مسؤولية التعرف على خصائص الدول التي يعتزمون زيارتها. كما يجب مراعاة المخاطر الصحية والأمنية التي قد تكون موجودة عند سفرهم إلى خارج مكان اقامتهم المعتاد، والتصرف تجاهها بطريقة تمكنهم من تقليل تلك المخاطر على حدها الأدنى).

***

بنيامين يوخنا دانيال

.........................

للمزيد من الاطلاع، ينظر (السياحة والإرهاب) للباحث، مطبعة بيشوا، أربيل – العراق 2011.

من بين الصفات التي تُكسب الاحترام والتقدير والشعبية الكبيرة لكافة الناس والمسؤولين عن الشأن العام منهم على وجه الخصوص، التعفف والنزاهة ونظافة اليد، وغيرها من الصفات النادرة -في البلاد العربية والمغاربية والإسلامية - ندرة المسؤول المنشغل بمشاكل من تولى تسيير شؤونهم من الناس العاديين، المتفاني في خدمتهم، الذي لا يرى في منصبه وجاهة، ولا يتخذ مكانته فرصة لخدمة الذات وتحقيق المغانم الشخصية، التصرفات -التي صقلتها التنشئة السليمة،المنزلية والمدرسية والاجتماعية-التي تُدخل منتهجيها في زمرة الوطنيين الصلحاء، وتعّمق في قلوبهم الولاء والانتماء للوطن والإخلاص و التفاني في حبه، وترّسخ في نفوسهم قيّم المسؤولية الوطنية، وتبعدهم عن عوالم الفساد وآثاره المدمرة لبنيان المجتمع والعاصفة بقوته ومتانته، وتقيهم شرور مظاهره الاجتماعية الغير الأخلاقي المتأصلة في الأفراد والجماعات –إلا من رحم ربي- وتحميهم من الوقوع في سلوكياتها الإجرامية التي يقع في محذورها بعض ضعاف النفوس ومهزوزي الإيمان بالله والوطن، ممن هم في مواقع السلطة -مسؤولين حكوميين وموظفين ومنتخبين - الذين يهدد مصالحهم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ،ويكرهون استثمار الطاقات البشرية ومنح أصحاب الكفاءة ما يستحقون من الامتيازات والمكانة والاحترام والتشّجيع وتقدير إنجازاتهم وتطّوير مهاراتهم، كأهم أس وركيزة للتطور الحقيقي للمجتمعات التي تنقلها من الجمود والتقوقع وغياب المشاركة في صنع الحضارة المحلية، إلى الإنتاجية والإبداع المؤدي لزيادة النمو الاقتصادي في كافة القطاعات.

فإذا كان للفساد كل هذه القدرة على تدمير المجتمعات والعصف بقوتها ومتانتها، فإن الأدهى منه هو مقابلته بالسكوت والتغاضي -الذي لا يقل عنه في الجرم الذي لا يجوز السكوت عنه أبدًا - لما له من آثار سلبية كثيرة على الفرد والمجتمع، التي تصيبه بالانهيار والتدهور، وتفقد أفراده الشعور بالأمن والأمان والاستقرار، وتنشر في صفوفه القلق والخوف والتوتر والاضطراب والغضب وفقدان الثقة بالنفس، وانعدام السيطرة عليها، وديوع الشك في كل العلاقات المجتمعية، وشيوع الكثير من الأخلاق المذمومة التي تبعد أفراد المجتمع عن روح الألفة والتعاون والصداقة وتحول المجتمع إلى غابة لا قانون فيها ولا أخلاق ولا عدالة، ولذلك فعندما يتعلق الأمر بالفساد، ليس هناك حل وسط إلا محاربته بكل جدية، لأن كل تخاذل أو تماطل أو تسويف من أي جهة كانت، فهو دعم ضمني له، وتشجيع لأصحابه، وفتح لأبوابه، و تقوية وتنشيط لمجاله، وإطالة لعمره الذي لا يمتد ولا يعمر إلا إذا تخاذل الشرفاء عن فضح الفاسدين، وتساهل المسؤولين في لجمهم وشكمهم، ما يجعل الفاسدين يأمنون العقاب، ويتزايد عددهم، وتقوى شوكتهم، ويستشري شرهم في جسد الدولة، ويتفاقم خطرهم في جميع مفاصلها، ويتفرعنون في كل المجالات،إلى درجة لا يقوى احد على شكمهم أو الحد من غلواء فضائحهم المعروفة والمفضوحة، والتي تسير بالبلاد إلى الهاوية، كما هو حال الفساد في بلادنا الذي توحشه في كل مكان وبين كافة الشرائح التي تهافتت عليه غالبتها – إلا من رحم ربي- حتى كثر وتكاثر إلى أن وصل إلى حدود لا منطقية ولا معقولة، جعلت المتأمل لحال مجتمعنا، المهتم بهمومه، ليصاب بقدر كبير من الذهول، وتضيع خيوط عقله في زحمة الأجواء المثقلة بغيوم التوتر الخانقة المخيمة عليه من جراء ما يحفل به من سلبيات فساد المال العام العديدة التنوع، الذي لم يتغلغل زعماؤه في المناصب الحكومية والمؤسسات التشريعية التكتلات البرلمانية والأحزاب والجمعيات الخيرية و جمعيات المجتمع المدني، لإخفاء وصمة خزي وعار ما ارتكبوه في حق الشعب والوطن -الذي يعتبرونه شطارة و"فهلوة وقفوزية"- ولكن للإفلات من العقاب حتى يتمكنوا من الحفاظ على امتيازاتها المختلفة، التي أضحى المرء مرغما أمام وطأة قبحها الجلي والمفضوح،ألا يتوقف عن ترديد المثل الشعبي المصري:"يا فرعون مين فرعنك، قال ما لقيتش حد يلمني." والذي ينطبق تمام الانطباق على حال بلادنا التي كثر فيها عدد الفاسدين وتضاعف بين المسؤولين الحكوميين من كل الأصناف والمراتب والدرجات، وارتفع منسوب الفساد بين المنتخبين بكل أنواعهم وتصنيفاتهم البرلمانين ومسيري الجماعات ومجالس العمالات، دون محاسبة أو متابعة، رغم وجود المجلس الأعلى للحسابات وتقديمه لآلاف الملفات التي تدين الكثيرين .

***

حميد طولست

روي عن الامام الصادق عليه السلام (إذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء إلى يوم القيامة)

باستشهاد السيد محمد صادق الصدر (قدس الله سره) فقدنا قائداً لامعاً وأسوةً حسنة يحتذى به في التقوى والزهد والايمان...

حيث ضرب أروع الأمثلة في الشجاعة والتضحية والصبر والثبات، من خلال تصديه لانحراف السلطة الجائرة آنذاك بالكلمة وبذل مهجته في سبيل احقاق الحق واماتة الباطل، وانكار التهميش الذي تعمدته السلطة الحاكمة بممارساتها ضد مكونات الشعب العراقي، ممن يطالبون بحقوقهم المشروعة من حرية المعتقد وحرية التعبير عن الرأي وغيرها من الحقوق.

وقد تجلت أخلاق الأنبياء ومواقفهم في سلوك الشهيد الصدر، مثلاً عندما اباح الملك في زمن النبي يحيى  بن زكريا عليهما السلام  لنفسه الزواج من محارمه أو من لا يحل له تزوّجها مستهين بكافة الشرائع والأعراف السائدة، فنهاه عن ذلك النبي يحيى عليه السلام  وبقى ثابت على موقفه حتى آخر رمق في حياته، كذلك رفض الشهيد الصدر ممارسات السلطة الجائرة في عصره و انتهاكها حقوق الناس ومحاولتها استعبادهم بالحديد والنار، معتمدة في ديمومتها  على  ادوات القتل والقهر التي تمتلكها وعلى دعم أمريكا والغرب فنادى مرار وتكرار بصوته الجهوري (كلا كلا أمريكا..كلا كلا استكبار..كلا كلا استعمار ) إشارة واضحة منه برفض الذل ولاستسلام .

جسد الشهيد الصدر في جهاده الحديث المروي عن رسول الله صل الله عليه واله (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)، ويحتسب فيما واجهه وتحمله من معاناة واضطهاد الاجر عند الله تعالى ولم تأخذه بالحق لومة لائم. وقدم روحه ونجليه قربان لله تعالى من أجل رفعة الدين وخدمة المجتمع، وكان يسير بسيرة جده رسول الله وعترته الطاهره في تقريب وجهات النظر وتوحيد كلمة المسلمين.

سيبقى تاريخه المليء بالتضحيات حاضراً في قلوبنا وذاكرتنا وأنموذجاً يحتذى به في الحياة.. السلام على الشهيد المظلوم محمد صادق الصدر يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.. ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون.. والعاقبة للمتقين..

الكاتب: اكرم سامي فايز

ماجستير إدارة اعمال

قال أحدهم: "الحلم هو الفردوس الوحيد الذي لايطرد منه الانسان". وعلى هذا فمن حق العراقيين التمتع بهذا الفردوس ماشاءوا، بعد أضغاث الأحلام وجملة الكوابيس المرعبة التي مروا بها طيلة عقود من سني حياتهم، فهم ماخرجوا من (ضيم) إلا ولجوا في (ظلايم)، وماكادوا يتنفسون الصعداء يوما، حتى جثمت على صدورهم سنوات طوال أشباح حروب شعواء، وحصارات ضيقت عليهم الخناق، وتكالبات شريرة، وماتناسل عنها من نسب فقر مرتفعة، وبطالة متفشية، وفساد على قدم وساق، وفاقة ومرض وتخلف في مؤسسات البلد، حتى حق فيهم بيت الشعر:

حتامَ أخرج من ياس الى ياس؟

وكم أذوق وأبقى طافح الكاس؟

لا أبلغ الذروة العليا على قدمي

حتى أنكس للوادي على راسي

وهذا دأبهم وديدنهم بسبب خلاف ساستهم المستمر وصراعهم المستميت، لا لخدمة البلد وأهل البلد، بل لاستحواذ مااستطاعوا استحواذه من منافع خاصة، ومآرب تخدم فئات وأحزاب يكنّون الولاء المطلق لها، أما ولاؤهم لبلدهم فقد يأتي عندهم ضمن جدول الأولويات في المرتبة العاشرة او العشرين او حتى المئة.

إن الوزراء الذين يؤدون اليمين الدستورية أمام الله ورئيس مجلس النواب وأعضائه، وكذلك أمام الشعب، سيكون ثواب الله لهم جزيلا إن أصلحوا البلاد وعمروها، وأدوا ما أقسموا عليه على أحسن وجه، وبالعكس من هذا سيكون العقاب مضاعفا، إذ كل فرد من الذين أقسموا راعٍ ومسؤول عن رعيته. وأما الشعب الذي قد يظن ساسته أن ما عليه سوى تحمل سيئاتهم -إن أساءوا- والصبر على ماسيسببونه له من تبعات، فلا أظنه هذه المرة سيأخذ دور المواطن الصابر على سلطان جائر، ولن يكون خانعا وخاضعا لمن يتخذ من منصبه تشريفا، يتمتع بمميزاته ومخصصاته، مستغلا إياه في تمشية أموره الشخصية وأمور حزبه او (ربعه)، واضعا في الوقت ذاته مشاكل المواطن جانبا، ناسيا -لامتناسيا- ان المنصب تكليف، وعليه واجبات لن يكون من السهل التدليس فيها والإغفال عن تأديتها.

إن الواجب الملقى على عاتق الوزراء في حكومة السوداني، يأخذ خصوصية تختلف عن خصوصيات باقي الحقب التي مر بها العراق، وماتلك الخصوصية إلا لأن الوضع الذي وصل اليه العراق وضع خاص، يتطلب من متقلدي المناصب جميعهم الالتفات بكل جد وحرص الى المهام المنوطة بهم، فالبلد اليوم يمر بمنعطف خطير لايحتمل أي أخطاء تزيد الطين بلة، وتجهز على ماتبقى منه، فحينها ينطبق علينا بيت الأبوذية القائل:

أريد الطم بدال القاط.. قاطين

على الباگ الخزينة ولبس.. قاطين

ها يالگلت اسوّي البيت.. قاطين

شجاك وهدمت كوخي عليه

وقطعا سيكون الواجب الأكبر على عاتق رئيس مجلس الوزراء، فهو في حالة تحدٍ كبيرة لايمكن لأحد إنكارها، وعليه تطبيق المناهج والبرامج التي طرحها فعلا وليس قولا او حبرا على ورق، فميادين العمل لجميع الوزارات في محك مع المواطن، والأخير هذا أول المتأثرين بعمل المؤسسات، وأول منظِّر لأدائها، ولايخفى ان الحديث الدائر اليوم بين المواطنين، ينم عن انهم يخشون ان يكون التغيير تبادل أدوار وتغيير وجوه فقط، وهذا مالا تحمد عقباه على الحاكم والمحكوم على حد سواء.

***

علي علي

عن مؤسسة الرحاب الحديثة بلبنان صدرت رواية جديدة للكاتب المغربي الكبير الداديسي اختار لها عنوان "رقصة الفلامنكو" ممتدة على 140 صفحة مقسمة على اثنى عشر فصلا، وهي جزء من مشروع روائي يشتغل فيه الكاتب على ثقافة البحر الأبيض المتوسط (بعد عدد من المؤلفات النقدية) بدأه برواية انتقام يناير التي تلامس الثقافة الأمازيغية وتمتد أحداثها على الخريطة العربية من المغرب إلى الخليج فمصر وسوريا لتعود للمغرب, واتضحت المعالم أكثر في رواية "قهوة بالحليب على شاطئ الأسود المتوسط" وكيف تحول البحر الأبيض المتوسط من بحيرة سلام واستعاض عن بياضه بالسواد وغدا مقبرة جماعية لطالبي الهجرة السرية من العرب والأفارقة ...

اليوم تضيف رواية "رقصة الفلامينكو" لبنة جديدة إلى هذا المشروع من خلال الغوص في التاريخ، والنبش في الحاضر بتوظيف عوالم الأوبئة، حيث لا ينفع مال أو بنون، ويصبح أهم ما يبحث عنه الفلاح المنكوب لحظة صفاء، رواية تنسج للقارئ خيوط حكاية الألم وتأنيب الضمير، من خلال قصة عدنان الغرناطي أستاذ التاريخ الوسيط المسكون بشخصيات المرحلة التي يدّرسها، يتردد على الأندلس ليشفي غليله، يقف على مآثر العرب ويعود لمدرج الكلية كما لو أنه شخصية منبعثة من التاريخ، تعرف في إحدى جولاته بقصر الحمراء في غرناطة على باحثة إسبانية تعِدّ رسالة حول شخصية لسان الدين بن الخطيب، وتجددت علاقتهما بفاس خلال نشاط مغربي إسباني حول نفس الشخصية، وبفندق المرنيين وأزقة فاس تنمو علاقة عاطفية جارفة، رأى فيها نفسه فاتحا وباحثا عن جذوره الأندلسية واسترجاع أطياف الفردوس المفقود في أحضان باحثة تتقن رقصة الفلامنكو. التي تراها مشتقة من عبارة (فلنلهو) ويراها هو مشتقة من (الفلاح المنكوب) لكن وباء كورونا أحال تلك العلاقة كابوسا قض مضجعه، وجعل حياته في وباء كورونا أشبه بمأساة مَثلِه ابن الخطيب أيام الطاعون الأسود، وكرست لديه قناعة أن النتائج تكون حسب نية الشخص ومنطلقاته: أنها لهت وتركته فلاحا منكوبا يندب حظه ويؤنب نفسه، معتقدا أنها نقلت إليه العدوى بعد أن حضرت مباراة في كرة القدم بين فريق فريقها الاسباني المفضل، وفريق إيطالي اعتبرها المتابعون سبب انتشار الوباء في غرب المتوسط، وشبهها البعض بقنبلة هيروشيما..

رواية رقصة الفلامنكو رواية نوعية تتطلب قارئا خاصا، تلقي الضوء على مرحلة الطاعون الأسود بين فاس وغرناطة أيام حكم المرينيين، وكيف تفاعل مثقفو المرحلة كابن الخطيب، ابن خلدون ابن بطوطة... مع الطاعون، وكيف تفاعل عدنان الغرناطي مع وباء كورونا بعد أن تم فرض الحجر الصحي، ليعيش معاناة قاسية يسمع فيها عن إصابة ووفاة أصدقاء وأقارب، وهو يؤنب نفسه على خيانة زوجته، متظاهرا بإصابته بفيروس كورونا، أحداث كثيرة ومتغيرات وصراعات نفسية عاشها البطل خلال فترة الحجر الصحي، تتوالي عليه ـ كما توالت على ابن الخطيب ـ الطعنات وتبقى طعنة القريب قاتلة تصيب الهدف بدقة لأنها تأتي ممن كشفت له كل فراغاتك.

رواية رقصة الفلامنكو حكاية يتشابك فيها الحب بالخيانة، والوفاء بالغدر والظلم بالعدل، والحاضر بالماضي قراءة الرواية وحدها تكشف لك عن تفاصيل منبعثة من تاريخ يشد الأنفاس، لتقدم للقارئ وثيقة عن مرحلتين مختلفين عانى فيها الناس كثيرا، وفقدوا أقارب أمام أعينهم وهم عاجزين عن توديعهم وتقبيلهم قبلة الوداع الأخير.

***

الأمة لم تتخلف وما تأخرت،  أو كما يدّعون بأنها توقفت علميا، وأصيبت بالسكتة الحضارية منذ القرن الخامس الهجري.

فهناك عاملان لا ثالث لهما يتحاشاهما المفكرون ويمعنون بالتحليلات الخالية من القدرات اللازمة للتغيير الإيجابي والإنطلاق المتواكب مع الزمان والمكان.

أولهما داء الكرسي فالأمة أبتليت بالذين ينحشرون في الكرسي ولو لبضعة أيام، ولا يعنيهم من الدنيا سواه، فتكون عقولهم ونفوسهم مرهونة بآليات الحفاظ عليه، والتمتع بالسلطة إلى حين، وهذا السلوك تواصل منذ قرون ولايزال فاعلا في الكراسي المتسلطة على مجتمعات الأمة في دولها.

فالكرسي قيمة كبرى وعليا وفائقة الدور والتأثير، وبموجب ذلك لا توجد حركة وإرادة تفاعلية دون أن تضع نصب أعينها على الكرسي، وأكثرها تباد قبل الوصول إليه وغيرها تباد بعد الجلوس عليه، وبين مبيد ومُباد تمضي عجلة المسير فوق سكة الشرور والويلات والتداعيات الوخيمة.

في مسيرة الأمة إنبثق العصر الذهبي العقلاني العلمي المعرفي عندما رفع رايات العلم عدد من الخلفاء كأبي جعفر المنصور، وهارون الرشيد، والمأمون الذي توّج المسيرة الحضارية بثورات معرفية متنوعة، وإهتم ببيت الحكمة ببغداد حتى أصبحت أول مركز للعلوم والمعارف في العالم، فالأمة توهجت عقولها عندما قادها عالِم متنور.

وبعد ذلك حصل الخواء، فالتداعيات الحقيقية للدور العلمي للأمة بدأ حال مقتل المتوكل (247) هجرية، فالواقع يشير إلى أن الإشراق المعرفي الوهاج إستمر لمدة (112) سنة،  منذ خلافة أبو جعفر المنصور (136) وحتى إبتداء فوضى سامراء (248)هجرية.

ومضى الحال حتى عام (656)هجرية، أي لأكثر من (500) سنة، تمرغت فيها عقول الأمة بما مضى وما إنقضى، ودخلت في دائرة مفرغة متأسنة، تتوحل فيها الأجيال تلو الأجيال، ولا يزال داء الكرسي فاعل في واقعها المعاصر، فأنى يكون الكرسي تكون أحوالها، وما حظيت بكرسي رشيد.

وثانيهما تجار الدين، الذين طوّعوا الدين ليتوافق وأهوائهم وما تريده الكراسي، فهم العمود الفقري للكرسي الفاعل في الأمة، وعبر مسيرتها سوّغوا المظالم، وشجعوا على سلوك السمع والطاعة، وبأن الكراسي أعرف من الناس، ولابد من الخنوع والخضوع، وعدم الإقتراب من العقل لأنه يقوّض أركان الدين، وتحول العلم إلى بدعة سيئة، وإعمال العقل في أي شيئ خروج عن الطاعة.

وخسرت الأمة العديد من عقولها الحضارية وفقا لفتاوى تجار الدين، الذين يمررون إرادات الكراسي ويحولونها إلى طقوس دينية، ويرفعون من شأن الجالس عليها، حتى صار يمثل إرادة الرب، وربما هو الرب وأكثر.

وفي أيامنا المعاصرة إتضح دورهم وتأثيرهم وما يغنمونه من الثروات بإسم الدين، فتراهم يحثون الناس على القبول بالفقر والقهر والحرمان، وهم يتنعمون ولهم جاه وسلطان.

هذان العاملان، لهما الدور الأساسي في تعطيل عقول الأجيال، ومنع الأمة من إستنشاق هواء عصرها الذي تكون فيه، ويخشاهما المفكرون والكتاب، لأن قول الحق والتعبير عن الحرية من الجرائم، التي يحاسب عليها قانون الكراسي ودستور المآسي.

فهل لنا أن نرى بعيون العقل، ونكتب بمداد النور المبين؟!!

***

د. صادق السامرائي

رب الأسرة بحكمته، والمركبة بقائدها، والسفينة بملاحها، هذه المسلمات باتت معروفة، وبنكرانها فإن الاستقامة، تصبح شظايا زجاج، لا يمكن الاستفادة منها، أسوق هذه المقدمة، لما ألاحظه من تخبط وانكسار في سوق العملة، والتذبذب في مسارات المضاربة، بعد أن لوى الدينار العراقي عنق الدولار الأميركي، في لعبة جر الحبل بين العملتين الوطنية والأجنبية.

وبإصرار يُحسب للبنك المركزي، وربانه المحافظ علي العلاق، باتت الإجراءات المتزنة تؤتي ثمارها، برغم سكرات الموت التي تظهر على الدولار في غفلة الأيام، معاوداً الصعود بخجل وقتي، لكنه يترنح، أمام الدينار، بفعل خطوات البنك المركزي المدروسة، التي اتخذها بمحاذاة السوق للتعرف على الإشكالات التي تحصل من أجل وضع السعر باتجاهه الرسمي، وينفذ البنك المركزي حالياً متطلبات الشراء وحاجات المواطنين بأجمعها من الدولار، ما يجعل الخروج عن التسعيرة الرسمية مضاربة غير قانونية، وللأمانة، لو قارنا حال سوق المضاربات اليوم بالأمس، أي قبل عودة العلاق لقيادة البنك المركزي، فالحال تبدو شاسعة في رؤية تعافي الدينار، بما أمكنه من إعلان قوته، فحديقة النجاح لا يصلها المرء من دون المرور بمحطات التعب، لكن صاحب الإرادة القوية لا يطيل الوقوف في هذه المحطات، فالإرادة التي أظهرها البنك في كبح جماح الدولار، هي روح التحدي، فحصل ما أعاد الطمأنينة إلى المجتمع.

استثمار عامل الوقت في التخطيط لمجابهة الهجمة "الدولارية" التي كادت أن تحدث فجوة اقتصادية في المجتمع، ولاسيما عند صغار الموظفين ومحدودي الدخل، عنصر مهم في الخطوات الشجاعة التي اتخذها البنك في الحد من تلك الهجمة، بعد تبلور قناعة كافية لديه بالوقت الذي يحدث فيه الأثر المتابع لنتائج قراراته، وبذلك تأكد عندي أن الإداري الناجح بمقدوره خدمة الوطن، وجذب الجميع ليكونوا عناصر فاعلة في مخرجات القرارات المتخذة وفقاً لنهج إداري مبني على الهدوء المقترن بالجرأة.

درس البنك المركزي العراقي، في تغليب الإرادة الوطنية، من خلال إصدار قرارات ومتابعات ميدانية، أجده درساً مهماً  ونبراساً يجب أن يحتذى به من قبل الوزارات في ما تواجه من معضلات.

وصدق القائل: خير للإنسان أن يكون كالسلحفاة في الطريق الصحيح من أن يكون غزالاً في الطريق الخطأ. نعم.. ومن المهمّ أن نصنع حلماً من الحياة، وأنْ نصنع واقعاً من الحلم.

***

زيد الحلي

وأنا أتتبع الحياة الثقافية منذ سنوات لاحظت نوعا من المثقفين الذين سجنوا أنفسهم في إطار الشهادة والرتبة العلمية وعندما تتأمل في تأثيره تجده خارج مجال الأحداث لا تسمع له صوتا ولا تقرأ له رأيا، فالمثقف الحقيقي هو الذي يتمثل أفكاره و يعيشها ويدافع عن قيم أمته ووطنه ، لا يصادم ما تعارف عليه المجتمع من مبادئ ومعتقدات وثوابت بدعوى الحداثة والتنوير فما أتعس هذا المثقف البائس المفلس الذي يثير الغبار والضجة بحثا عن شهرة ومجد كاذب!..

يبين لنا الدكتور نديم البيطار أهم ميزة تميز المثقف الحقيقي هو ليس الشهادة ولا عدد الكتب التي قرأها بل هو تمثل واستيعاب ما يقرا يقول: "الميزة الأساسية التي تميز المثقف الحقيقي، ليست الشهادات الجامعية العليا، ليست الدكتوراه، وليست حتى عدد الكتب التي يكون قد قرأها، بل هي استيعابه وتمثّله".

وأخطر مرض يمس عقل المثقف المزيف هو النظر إلى نفسه على أنه إنسان غير عادي، يعيش في برجه العاجي، يتكبر على أبناء مجتمعه، بل يتمرد عن كل مبادئ الدين والمعتقد فهو صاحب عقل نوعي مستنير كيف يتبع دين العامة من الشعب؟

يشير الكاتب الأستاذ دفع الله حسن بشير إلى هذا المرض فيقول: "ينظر المثقف الشرقي إلى نفسه على أنه إنسان غير عادي، ولا يشبه عامة الناس في شيء، وفي بعض الأحيان قد يتعالى عليهم بفلسفات محيرة كي يثبت تفوقه وسمو مكانته، فهو يرى في نفسه المنقذ الأول لمجتمعه من السقوط في براثن الجهل والتخلّف، والمدافع الأول عنه أمام السلطة السياسية، ودائما يشاع بين أوساط المثقفين، أن هنالك مشاكل وقضايا أوجدتها المؤسسات السياسية القائمة، أو هي نتاج للتغيّرات الاجتماعية والاقتصادية، وأن الحلول لهذه القضايا يُمكِن استنباطها من المثقفين فقط ولا أحد غيرهم".

ولاننسى في الختام أن هذا المثقف المنتفخ زورا وبهتانا المدعي للتفتح الفكري على ثقافة الآخر مستعد أن يبيع نفسه من أجل حفنة دولارات و الفوز بجائزة تعوض له نقصه الفكري والروحي وانفصامه الشخصي..

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية

شدري معمر علي

........................

المرجع:

1- دفع الله حسن البشير، المثقف الشرقي المخادع الذي أنتجته الكتب، مدونات الجزيرة .

المستشرقون هم علماء غربيون؛ أوربيون، أمريكان وروس يهتمون ويبحثون في الدراسات الشرقية، أي دراسة الشرق من جميع النواحي الدينية، والتاريخية، والأدبية، والاجتماعية، والفنية، والسياسية، والاقتصادية والعسكرية ...

والشرق على العموم ينقسم إلى ثلاث أجزاء أو مناطق حضارية اهتم بها المستشرقون؛ الشرق الأقصى بما فيه اليابان والصين وكوريا، والشرق الإسلامي بما فيه  العالم الإسلامي والعرب، والهند ...

وكان للاستشراق دورين خطيرين، الأول اتجاه الأوروبيين أو الأمريكان الذّين ينتمون إليهم و يكتبون لهم، وبلغاتهم من انجليزية وفرنسية وهولندية وألمانية وروسية واسبانية ...

والدور الثاني اتجاه الذّين يكتبون عنهم من عرب وترك وفرس وصينيين وهنود ويابانيين ...

والدور الثاني هو المهم والأخطر إذ اقتبس العرب وتبنوا أراء المستشرقين الغير المنصفة، وفي بعض الأحيان المعادية لهم ولقيمهم وحضارتهم، والحجّة أن الغربيين أقوياء ويمتلكون أدوات الدراسة والبحث فكان لنتاج المستشرقين أثر خطير على الثقافة العربية الحديثة، وفي كثير من الأحيان كان الأثر مدّمراَ ومغالطاَ...

بينما لم يلتفت اليابانيون والصينيون والكوريون والهنود إلى ما يكتبه الغربيون عنهم، ولا احتفوا به أو بجلّوه، وإنما دائما يتبنون ما يكتبه علماءهم هم عن حضارتهم هم و عن تقاليدهم  الوطنية..

***

بقلم عبد القادر رالة 

وصل الامر بالفرقاء (السياسيين) الى عدم الاطمئنان على ارواحمهم، في المناطق التي يسيطر عليها خصومهم، فالتجأوا الى الخارج لعقد اجتماعاتهم بشان الاوضاع الراهنة في البلاد، نجزم ان الخارج (الدول الداعمة للأطراف المتصارعة) هو الذي شجعهم على ذلك، لإطالة امد الازمة من خلال وضع العراقيل ومحاولة الحصول على منافع لهم، عبر تنفيذ بعض المشاريع المتوقفة او استجلاب اسلحة.

لم يعد هناك مكانا في العالم الا واجتمع به الفرقاء السياسيين والعسكريين والوجهاء والاعيان، ظاهر تلك الاجتماعات حل الازمة الليبية، وباطنها الاستمتاع بالمناظر الخلابة (طبيعية وغيرها) حول العالم والاستحواذ على بعض الاموال ليضمنوا لأنفسهم مستقبلا زاهرا لانهم يدركون جيدا انها فرصة العمر ، فلا رقيب ولا حسيب ولكل منهم ان يستحوذ على الجمل بما حمل.

جيء بالسراج لمدة سنة لتنفيذ نقاط محددة، فاذا به يستمر لأكثر من اربعة سنوات، استطاع خلالها استمالة اعضاء من مجلس النواب، بتعيينهم في السلك الدبلوماسي ومن ثم قدموا استقالاتهم من المجلس ومن ثم تقليل العدد المناوئين لحكمه، وكذا الحال بالنسبة للدبيبة الذي اعلن صراحة تمرده على مجلس النواب ودعا الى خروج مظاهرات في طرابلس مطالبة بإسقاط البرلمان الذي سحب منه الثقة، الذي تودد اليه سابقا من اجل نيل ثقته! تشرذم المجلس ولو يعد له وزنا في الحياة السياسية، فليبيا لاتزال تحت الفصل السابع وبالتالي فان ما يقرره الخارج هو الفيصل.

جميع من في السلطة متشبثون بالكراسي بسبب ما يحضون به من مزايا، واحاديثهم المتكررة بانهم يريدون اجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في اقرب وقت هو مجاف للحقيقة، واعتراض هذا الطرف او ذاك عن بعض النقاط ما هو الا للمماطلة وكسب الوقت، ساعدهم في ذلك ان البلاد لم تعد تحظى بذاك القدر من الاهتمام من قبل الدول المتدخلة في الشأن الليبي.

ربما تغيرت الظروف الدولية بسبب حرب اكرانيا ورغبة الغرب في انهاء الازمة الليبية، واتضح ذلك من خلال تلويح المبعوث الاممي الى ليبيا بانه على المجلسين الاسراع في انجاز الورقة الدستورية والا فانه سيعمد الى تشكيل لجنة اممية تتولى ذلك وتسحب البساط من تحت اقدامهم.

ابوزنيقة، المنتجع المغربي اصبح مألوفا لدى النواب من المجلسين، وفي كل اجتماع يتم تقليل عدد نقاط الخلاف، عندما توجه الدول المتحكمة في الشأن الليبي اللوم للمجلسين، يخرج علينا بعض اعضائهما معتبرين ان ذلك تدخلا في الشأن الداخلي للبلاد.

لكن يبدو ان المجتمعين وجدوا انفسهم امام المثل القائل (وقفت الزنقة على الهارب) وادركوا جدية الاطراف الخارجية في الذهاب الى انتخابات تشريعية ورئاسية نهاية هذا العام على اقل تقدير، وبالتالي اعلنوا بالأمس انهم توافقوا على غالبية نقاط الخلاف ولم يبقى الا القليل، نتمنى التوافق وبأقصى سرعة على نقاط الخلاف المزعومة لكي يعبر الشعب الى بر الامان بعد اكثر من عقد ذاق خلالها شتى اصناف العذاب النفسي والجسدي. 

***

ميلاد عمر المزوغي

أقلام الحقيقة ونكران الذات، المتصدية لآفات الضلال والظلم وإمتهان عقول الناس. أقلام واجهت الجور والطغيان، وإستبسلت بطرحها الذي لا يعرف في الحق لومة لائم.

إنها أقلام أمة جاوزت آفاق الرقاء الأصيل، وأطلقت طاقات العقل، وصنعت الإنسان الحضاري المبثوث في أصقاع الدنيا.

تلك الأقلام مفتاح الوجود، وصوته الرائع الموعود.

تأريخنا يحفل بها وبإنجازاتها وما قدمته للإنسانية، عندما تحدَّت السلوك الطاغي والإرادة الباغية.

ومسيرة الأمة تحفل بأدلة على تلك الأقلام الشجاعة المقدامة الوثابة، التي رفضت ما تراه باطلا، وتمسكت بالحق وتعرف ثمنه الباهض، الذي كلف الكثير منها حياتها.

وتجدنا في زمن الأقلام الخائفة الموظفة، التي تستجدي من أعداء الحرية، وتمالي وتتملق، وتقبع في ديار المعادين للوجود السامي الساطع الأمين، فتساهم  بلعبة القضاء على أجيال الأمة بأقلام أبنائها المسوِّغة للمظالم والعدوان على ذاتها وجوهرها الحضاري.

أقلام يدثرها الخوف ويأكلها الرعب،  تتفادى المواجهة وتقوم بدور الحطب.

لماذا تكتب أقلام لا تمتلك الشجاعة والقدرة على تفنيد الإنحرافات والأضاليل وخطابات البهتان؟!

لماذا تكتب أقلام بمداد الهروبية والرمزية والغموض،  أ لتوقى العدوان والمواجهة، وغضب كرسي متسلط خوّان؟!

القلم الذي يكتب عليه أن يرفع راية الحرية والتحدي والإصرار على صناعة الحياة العزيزة الأبية.

فلا يُعقل أن تتكاثر الأقلام، وتستفحل الآلام، ويعم الفساد والخنوع والإستسلام.

فأية أقلام هذه؟

وأية جهنم تتأجج في بلادٍ عليها أن تتقدم وتعز مواطنيها وتسعدهم، ولا تبدد ثرواتهم وتصادر حقوقهم؟

فلماذا على نفسها جنت بعض أقلامنا؟

هل لأنها موظفة؟!!

***

د. صادق السامرائي

أنتهت الجولة الاولى من انتخابات الرئاسة التركية، بمشاركة قاربت 90% من مجموع الناخبين، والبالغ عددهم 64 مليون نسمة، ممن يحق لهم التصويت في الانتخابات،حيث أشارت النتائج الاولية لتقدم حزب العدالة والتنمية، الذي يقوده الرئيس الحالي، رجب طيب أردوغان بـ49.31 % في حين حصد تحالف الامة المعارض على 35.21% وحصد حزب اليسار الاخضر 10.47% من الاصوات.

تأتي هذه الانتخابات في ظل الاوضاع والمتغيرات السياسية في المنطقة، ولها تأثيرات وتفاعلات متبادلة، وتحديداً تأثيرها على المشهد العراقي، الذي تعقد كثيراً في ظل حكومة أردوغان.. وهذا يجعل هذه الانتخابات، تثير تكهنات واسعة، حول كيفية تأثير نتيجتها على الاوضاع في العراق، سواءً على أقليم كردستان او على المستوى الحكومي والاجتماعي الداخلي..

يأمل مراقبون ان تنتج هذه الانتخابات، نهاية للصراع المستمر بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكردستاني، المستقرين في كردستان العراق، ورغم انها امنية تحمل تفائلا كثيرا، لكنها في الأقل يمكن أن تكون بداية في الأقل..

طبيعة العلاقة القائمة بين كردستان العراق وتركيا، أخذت ملامحها تثبت بعد ان صار هناك، ارتكاز في الحياة الاقتصادية الموجودة ما بين الاقليم والحكومة التركية وياتي من الاستقرار الاقتصادي، أذ أن انبوب النفط يمر من الاراضي العراقية عبر أراضي كردستان الى تركيا، وهذا ما يحقق لها موارد مهمة، خصوصاً وأن تركيا تعد من الدول المؤثرة في الشرق الاوسط، رغم ان عامل الطاقة يمثل عنصر قلق كبير بالنسبة لها، وان ما يمر عبر أراضي كردستان من بوابة جيهان، يعد مرتكزا أساسيا في العلاقة بينهما.

تذكر معلومات أن هناك ما يقارب من 2500 شركة تركية، تعمل في مختلف المجالات، في العراق وخصوصا في أقليم كردستان، سواءً في جانب الاعمار او  غيره من المجالات الاخرى..

هذا يتعبر بوابة للنمو الاقتصادي التركي باتجاه العراق، لوجود هذه البوابة داخل أراضي كردستان من الناحية العملية، وان ما يتم تداوله ماليا، قد يتجاوز  12-13 مليار دولار، ما يعني أن له التاثير الايجابي على سير العلاقة بين العراق وكردستان، وهذت بات محكوماً بطبيعة وفرز نتائج الانتخابات الحالية.

الانتخابات التركية سيكون لها وقع وتاثير على المستوى الاقليمي والعالمي، لما سيترتب عليه من تغييرات كبيرة في العدد من ملفات المنطقة، كالملف السوري والعلاقات الاقتصادية في حوض البحر المتوسط.. كما أن حكم الرئيس التركي أردوغان، يواجه منافسة شديدة من قبل أحزاب المعارضة، مما يجعل الاوضاع الداخلية لتركيا سواءً على المستوى الاقتصادي او السياسي تتراجع، خصوصا مع معارضة قوية في البرلمان التركي، قد تطيح باردوغان في أقرب فرصة، إن نجح بتجديد عهده في الجولة الثانية.

***

محمد حسن الساعدي

يقول القس منير رزق: لماذا نعمل ونتعب، نسعى ونجاهد، ندرس ونتعلم،

لماذا نأكل ونشرب، نلعب ونمرح، نغني ونحتفل

لماذا نحب ونتزوج، نأخذ ونعطي، نكافح ونحارب

لماذا نقبل ونرفض، نقبل الاستقامة، ونرفض الأعوجاج

كل هذ امن اجل الحياة والراحة، ستبقى الراحة مطلب الشرفاء

ستبقى، الراحة، من مطالب البشرالانسان،

ونحن نعلق ونقول:

كلنا نعمل ونتعب، نجاهد ونشقى، ليل نهار، لا نبالي ان خسرنا الوقت، فالوقت زائل دون توقف، كله من اجل الراحة ولكن اي راحة، راحة الجسم حسب، لا ابدا راحة الجسم والضمير،

الراحة ليست هي الهدف قدر ان نكسبها لنريح انفسنا من آهات الزمن والمستقبل وعوز الزمان ان حل بنا بتقصير.

حتى الله عندما خلق الكون والبشرية في ستة ايام ثم استوى على العرش كان يريد الراحة لنفسة والبشرية، ولكن اية بشرية يريد واية راحة لها يريد،؟

لقد افرد في وصاياه للناس راحة الاسبوع، السبت لليهودية، والاحد للمسيحية، والجمعة للاسلام، موسى كان يرعى غنمه والسبت له راحة، وعيسى كان يجلس في بيته ولا يعمل للراحة، ينادي طلابه : تعالوا عندي واستريحوا قليلا من العناء.محمد نبي المسلمين جعل الراحة لصلاة خاصة في يوم الجمعة، راحة نفسية ولقاء به لهم ابدية.

الانبياء يعلمون ان الراحة تجديد لطاقة الانسان كي لا يفقدها وتموت عند تطلعات البشر في الزمان والمكان، فالآلة تحتاج للراحة والتجديد كي لا تستهلك وتتوقف، والانسان يحتاج للراحة كي لا يمرض ويموت، فكم كان الله حكيما حين منح الانسان راحة الاسبوع ليتجدد، فهل من خطط للانسان الراحة والحقوق فرض عليه العذاب والاضطهاد،؟ لا ابدأً انها خدعة الملوك والامراء والحكام ولاغير،

نعم هناك ضرورة للراحة، ولكن ماهي راحة الانسان الاساس،؟هل هي من العمل، هل هي من اجل النوم او في اجازة ممتعة او رحلة خارج الوطن، نعم كل هذا يحتاج لراحة واسترداد القوة والنشاط، هنا تتجلى الراحة البدنية،

الانسان يحتاج لراحة من نوع اخر هي الراحة الفكرية والقلبية والراحة من الهموم والاحزان والظلم الذي يعانيه من البشر الاخر، حكام الظلام،

فالراحة لاتقتصر على الراحة البدنية، بل لكل الوجوه لنستمتع بالراحة الحقيقية،

قول لكل الطالبين الراحة للبشر، أقتدوا بالسيد المسيح ليريحكم من اتعاب الحياة، فهو يناديكم ويقول : تعالوا الىَ يا ايها المتعبون، أنا اريحكم من اتعابكم، تعلموا مني الوداعة والمحبة والاخاء والقلب الرحيم ستجدون راحتكم فانا لا افكر بحمل ثقيل ما دمت مؤمنا بالخالق العظيم، فهل فكر اصحابه وقرأوا ما يرغب ويريد المسيح في الراحة وعدم الاعتداء على الاخرين، وموسى ومحمد مثله كانوا يريدون، وبكتبهم المنزلة ينشرون،

لو فكروا أتباعهم بالذي طلب منهم، لما اعتدى المسلمون على البشرية، بحجة الفتوح والله امرهم ان لا يعتدوا، ولما اعتدت اليهودية على الفلسطينيين وسموها استراد حقوق الموسوية والارض ليست ارضهم، ولما اعتدت المسيحية الهتلرية على الشعوب وسموها حقوقنا القوية، ولما اعتدت الجماعات الاسلامية على الشعوب وسموها نشر اسلام الأكثرية، والله يرفض الاعتداء ونشر الدين بقوة الأكثرية، يقول تعالى :"لكم دينكم ولي دين".

لا، لم اقرأ في التوراة، وفي الانجيل، وفي القرآن، تبريرا لسلب حرية الاخرين وراحة البشرية بحجة نشر الدين، اذن من هو المذنب، هو انسان اللأنسانية.فلا الله أمر، ولا الأنبياء فرضوا حكم القساة على الانسانية،

الاديان هي المعايير، وهي الاوامر الآلهية، كلها براء من الاعتداء بقوة السيف بحجة الدين ونشره بين الاكثرية، لا بل هي: "الحرية والاخاء والمساواة بين البشرية". على المنهج الدراسي ان يعلمنا الصحيح في الدين وما يطلبه من الناس، كي يمنع رجل الدين المستغل الذي لا وجود له في الدين، من استغلال اقوال الله في الانسانية، فالمسئلة في الأديان ليست عقاب وثواب، وجنة ونار، بقد ما هي حقوق وواجبات ذاتية، وشروط الأنسانية في الراحة والمصير النهائية.فهل فهمتها مرجعيات الدين اللاشرعية.

***

د.عبد الجبار العبيدي

هذه قصة واقعية تحكي لنا واقع بعض مؤسساتنا أقصد هنا المؤسسات الصحية بالذات، فكيف يقتلون شاباً في خمس دقائق بإبرة دون قصد أو بقصد؟.. ثم يلجأ ذوو الضحية إلى القانون دون الإستعانة بالعشيرة فيخذلهم التقرير ويقول: لا يوجد أثر لمادة دوائية أو عقاقير في جسم المريض .

دخل الشقيقان إلى عيادة أهلية بالنهروان، وهذه العيادة تتطلب موقفاً من رئيس الوزراء ووزارة الصحة والطب العدلي ومجلس القضاء، فرغم التطور الطبي والتكنولوجي في العالم يموت شاباً بسبب الإهمال والتقصير.. فالمريض قبل أن يموت دخل إلى العيادة وهو في وضع طبيعي بأستثناء وجع في بطنه، ليفحصه الدكتور (….)، وحسب تعبير الشقيق في برنامج تعرضه قناة فضائية محلية فإن “الدكتور أختصاص عام باطنية وأطفال وجراحة”، وهذه أول وجهة من وجهات الخلل، ويتابع الشقيق .. بعد زرق إبرة التحليل مات الشاب مباشرة لأن ” الممرضة التي زرقته الإبرة ليست متخصصة، لذلك لاتعلم أن بعض الأدوية تحتاج إلى مايسمى بالتيست أي التجربة بحقن كمية قليلة في جسم المريض مثل كثير من العلاجات الحسّاسة، كما أن الصيدلية التي تبيع الأدوية للمرضى غير مجازة من وزارة الصحة وموظفيها اختصاص تربية ! لذا يموت الناس اليوم بالقتل العمد بسبب طبيب وممرضة غير مختصين وصيدلية غير مجازة، وحاول الدكتور أن يسعف الشاب وهو ميت دون جدوى، وهنا يبدأ التقصير القانوني والوجهة الثانية من الخلل.. فقد لجأ ذوو الضحية إلى القانون ليتسلّموا التقرير بحالته بعد ثلاثة أشهر، وهذه مدة ليست قليلة بالنسبة لعائلة مفجوعة تنتظر أن تأخذ حقها قانونياً، والتقرير لم يضف شيئاً لهم أو ينصفهم لأنه أثبت أن جسم الشاب خالي من أي مادة كيميائية، والسؤال لو لم يكن هنالك أي مادة كيف مات إذن ؟ كما أنه ذكر وجود آثار علاجية زرق وريدي وعضلي ! . نحتاج إلى نهوص جدّي من الحكومة والوزارة وهيئة النزاهة ونقابة الصيادلة والقضاء لمعالجة هذه المآسي التي بدأت تنتشر، ونحتاج إلى بلد قانون وليس بلد عشائر، فمثل هذه الحادثة تنذر بالخطر وتتطلب محاسبة شديدة، لأن المواطن سيلجأ إلى السلاح والفصل العشائري، فالقانون إذا لم يكن صارماً وقوياً وعادلاً سيتجاهله الناس مثل تعبير البعض ” القانون ميفيد ولاينطي حق اخذ حقي بيدي ”، وهذه العبارة، لو سادت ستهيمن مفاهيم العشائر ونعود إلى البداوة والتخلف والقتل بلا حرج.

***

ابتهال العربي

في المثقف اليوم